الإسـلام والعـروبـة فـي منـظور حـزب البعـث العـربـي الاشـتراكـي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 00:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حسين يوسف احمد(حسين يوسف احمد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-22-2006, 12:59 PM

حسين يوسف احمد
<aحسين يوسف احمد
تاريخ التسجيل: 08-17-2005
مجموع المشاركات: 4490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإسـلام والعـروبـة فـي منـظور حـزب البعـث العـربـي الاشـتراكـي


    العروبة والإسلام في منظور حزب البعث العربي الاشتراكي

    دراسـة

    لقد سبق للمفكر الفرنسي ( أندره مالرو Andee Malraux ) أن تنبأ بأن القرن الواحد والعشرين ، سوف يشهد يقظة روحية ، ودوراً متعاظماً جديداً للديانات .
    ولكننا لم نكن بحاجة الى إنتظار القرن الواحد والعشرين ، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة كلاماً متزايداً ومتصاعداً ، ومواقف جريئة وثورية ، تعلن عن نفسها تحت راية الإسلام .
    أو من خلال الكنيسة ، في القارات التي تنبعث من جديد ، بعد عهود طويلة من القهر والبؤس والتخلف ، كقارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية .
    إن خصوصية التطور الاجتماعي ، والنضال من أجل الحرية ومن أجل الانبعاث الحضاري ، تتجلى في بلدان هذه القارات ، في صورة مواجهة عنيفة وقاسية للتناقضات الكثيرة والمتشابكة في الداخل ، وللمؤامرات الكثيرة من الخارج ، لذلك فإن حركات النهضة والثورة فيها ، تتعرض من داخلها لعمليات تشويه وتزييف كبرى .
    فباسم الأهداف الكبيرة ترتكب جرائم بحق تلك الأهداف ، لذلك فإن الصحوات الروحية الرائعة عند شعوب العالم الثالث بوجه عام ، تبقى مهددة ، بسبب التخلف والتآمر معاً ، بأن تختنق وبأن تصاب بأمراض التعصب والحقد والعقد التاريخية ..
    وأحياناً بالمفارقات الكبرى ، فقد رأينا نظماً سياسية ، وحركات ، وثورات ، تعلن الجهاد في سبيل الله ، وتقدم نفسها كحامية للإسلام ، ومدافعة عنه ، وعاملة على نشر رايته .
    ولكن لأن معظمها غارق في السياسة ، فقد تعددت مواقفها واختلفت ، واتخذت كل منها الإسلام صورة له .
    أي صورة للواقع المتخلف الموروث الذي يتوزع فيه المسلمون الى طوائف ، بدلاً من أن تسعى لتبديل صورة الواقع تبديلاً يبعث فيه الروح الأصلية في الإسلام : روح المحبة ، والتسامح ، والثورة الديمقراطية والاجتماعية ، والوحدة ، والحوار الحضاري البناء مع العالم أجمع .
    لقد أدرك حزب البعث العربي الاشتراكي منذ أوائل الاربعينات ، وفي وقت كانت فيها التيارات الفكرية ، اليسارية واليمينية معاً تتجاهل أهمية الظاهرة القومية في بلدان القارات الناهضة من جديد .
    إن الانبعاث الروحي لتلك البلدان لا يمكن أن يتم إلا عبر وعيّ لعدة شروط أساسية أهمها :
    ‌أ. أننا في هذا العصر ، نعيش عصر الثورات النسبية ذات الطابع العلمي الحضاري .
    ‌ب. أن الثورات المطلقة التي كان يقودها الأنبياء في الماضي ، والتي كانت ثورات ذات طابع ديني إلهي غالب ، يمكن أن تستلهم في هذا العصر ، ولكن لا يمكن أن يدعيّ إنسان أو نظام ، بأنه يستطيع أن يقوم بها ، إلا إذا كان نبياً أو امتلك سلطة إلهية إطلاقية .
    ‌ج. إن الانبعاث الروحي في هذا العصر لا يأخذ شكله الأصيل إلا في ظل انبعاث شامل للمجتمع . أي انبعاث قومي واجتماعي وثقافي . وكذلك في ظل روح عصرنا ، التي تقوم في الأساس على فكرة الحرية ، وحقوق الإنسان ، وحق الشعوب في التطور والتحرر وتقرير المصير .

    وحتى لا نقع في خطأ منطقي شائع ، فنسترسل في الحديث عن العروبة والإسلام ، من دون تحديد لهما ، فإننا نسارع الى القول بأن:
    ( العروبة ) تعني بشكل أساسي الانتساب الى ثقافة ، والى نضال ، ينطلقان اليوم ، من فكرة ( الوحدة العربية ) ، ويؤكدان الانتساب الى شعب كان له في الماضي تاريخ مجيد وهو يعيش اليوم تناقضات التجزئة والتخلف والاحتلال الأجنبي ، كما أنه يتطلع من خلال نظرته الحديثة الى مستقبل حضاري إنساني جديد .
    و( الإسلام ) يعني ( ديناً سماوياً قام على التوحيد ، وحقق ثورة في حياة العرب في الماضي ، وحضارة عالمية إنسانية كبرى ، وهو بالإضافة الى كونه عقيدة دينية روحية ، يمتلك ميزة الشريعة التي تنظم شؤون البشر وفق أحكام السماء ) .
    وقد كانت للبعث نظرته المتميزة الى علاقة ( العروبة والإسلام ) ، هذا الموضوع الذي تعددت فيه النظرات ، كما تعددت الدراسات .
    لذلك فإنه هذه المساهمة تنحصر في الإشارة الى الاتجاهات الرئيسية في تلك الكتابات ، ثم بالتوقف عند منظور حزب البعث العربي الاشتراكي ، وأخيراً في استخلاص النتائج والمؤشرات التي تفتح آفاقاً نحو المستقبل .

    نـواصـل >>>
                  

11-22-2006, 01:16 PM

حسين يوسف احمد
<aحسين يوسف احمد
تاريخ التسجيل: 08-17-2005
مجموع المشاركات: 4490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الإسـلام والعـروبـة فـي منـظور حـزب البعـث العـربـي الاشـتراكـي (Re: حسين يوسف احمد)


    لعلكم تذكرون كيف دخل ( نابليون بونابرت ) مصر عام 1798 ، حاملاً لوحات كتبت فيها آيات القرآن الكريم الى جانب حقوق الإنسان ، كرمز لإلتقاء التراث العربي بالحضارة الأوربية ..
    منذ ذلك الحين ، بدأت الأنظار تتجه الى حقيقة جديدة في النهضة العربية الحديثة ، عبرت عن نفسها من خلال تتابع أجيال من المفكرين ، وفي حركات الإصلاح الديني ، التي بدأت مع الحركة الوهابية (1744-181 فكان مفهوم ( بعث الإسلام ) و ( بعث العروبة ) متكاملين لدى الرواد الأوائل لتلك النهضة .
    ( فجمال الدين الأفغاني ) (1) ، يعتبر ( لغة الإسلام ) وهي ( اللغة العربية ) المعيار الأول ، ويتحدث عن ضرورة ( تعريب الترك ) كرد فعل على سياسة ( تتريك العرب ) في الدولة العثمانية ، لكي تصبح الأمتين أمة واحدة ويزول التعصب القومي تحت راية ( القرآن ) .
    وفي مطلع القرن العشرين ، كان تلامذة ( الشيخ محمد عبدو ) و ( عبدالرحمن الكواكبي ) ، يربطون اليقظة الإسلامية بدور قيادي للأمة العربية .
    وكذلك ( ابن باديس ) الذي كان يعتبر النبي محمد ، رسولاً للإنسانية ، ورجل الأمة العربية في آن واحد .
    وحتى في مطلع الثلاثينات ، نلاحظ ( حسن البنا ) مرشد الأخوان المسلمين في مصر ، يعتبر الطريق للوحدة الإسلامية هو الطريق الى الوحدة العربية ، وهو لا يجد تعارضاً بين ( الدائرة الإسلامية والعربية والوطنية والإسلامية ) .
    ولكننا نلاحظ منذ الثلاثينات وجود تيارات متعارضة في طريقة فهمها للعروبة والإسلام لأن بعض هذه التيارات قد استسلم بسهولة للنظريات التي كانت تطرح نفسها بقوة من خارج سياق النهضة العربية ، فالفاشية ، والماركسية ، والنزعات الاشتراكية والليبرالية والعلمانية ، قد وجدت طريقها الى تلك التيارات بكل ما تحمله من مفاهيم عن القومية والدين والعلاقة بينهما . كما أن التيار السلفي قد تذرع برد الفعل على تلك المفاهيم والنظريات ، واكتفى بالعودة الى الماضي وبالاستسلام لمفاهيمه التي تكونت بدورها خارج اطار المرحلة الراهنة .
    وعلى هذا الأساس ، نستطيع أن نميز ثلاثة اتجاهات رئيسية في المرحلة التي سبقت نشوء البعث وهي :

    أ. ( الاتجاه الديني ) الذي كان يركز على الطابع العالمي للإسلام ( L’universalisme ) وعلى ( الفكرة الإسلامية ) أي الايديولوجية الدينية ، التي تعتبر تعاليم الإسلام تغني عن أية أيديولوجية أخرى .
    فشريعته هي شريعة السماء ، وهي صالحة لكل زمان ومكان ، وهي تغني عن الشرائع الوضعية التي هي من صنع البشر ، والإسلام دين ودولة والفكرة الإسلامية موجهة للناس أجمعين .
    لذلك فإن القومية تتعارض مع الطابع العالمي للإسلام .
    وقد تطور هذا ( الاتجاه الديني ) تطوراً متزايداً ، نحو مواقف أكثر سلبية من العروبة ، وباتجاه الفصل بينهما ، كما أن هذا التطور سار في طريق توظيف متزايد للمفاهيم الإسلامية توظيفاً سياسياً ، ونحو تأثر أكثر وضوحاً بتيارات فكرية إسلامية خارج الوطن العربي . كأفكار المفكر الإسلامي الهندي ( المودودي ) ، وكالخمينية في إيران ، التي كان تأثيرها السياسي أقوى من تأثيرها الديني ..
    فقد انعشت التيارات الدينية ، إلا أنها طرحت أمامها نموذجاً للحكم الإسلامي ، لم تتوفر فيه عناصر التعبير عن الصورة المشرقة للإسلام .
    لذلك فإن حصيلة تأثير الموجه الخمينية قد انحصر في دفع التيارات الإسلامية في الوطن العربي باتجاه المزيد من العنف ، وباتجاه المزيد من معاداة الاتجاهات التقدمية ، والابتعاد عن العروبة ، والانتقاص من أهمية البعد التاريخي لعلاقة العروبة بالإسلام ، الذي يرجع الى عام 610 م عندما بدأ الرسول دعوته داخل المجتمع العربي ، وأطل على الإنسانية من خلال نضال كانت أدواته ولغته ومحيطه ، عربية ، وكانت فيه فكرة التوحيد الإلهية مقترنة بتوحيده للمجتمع العربي .
    كما كانت فكرة الإله الواحد طريقاً لتوحيد الأمة بالإنسانية ..
    وقد ذهبت الدوافع ( الشعوبية ) أي المعادية للعرب الى حد إنكار ذلك كله وتصوير المرحلة العربية السابقة للإسلام بأنها مرحلة ( جاهلية ) أي مرحلة ضياع تام ، وعماء ( Cahos ) مطلق وإنها لم تكن تجمع سوى الجهل والضلال والكفر .
    وأن الإله قد اختار الجزيرة العربية ومجتمعها ، لحكمة إلهية ، ولتحقيق معجزة تفوق تصور البشر .
    وقد تأثرت الكتابات ذات الطابع الديني الخالص بهذا المنطق الذي لا يقيم وزناً للتحليل الاجتماعي والتحليل التاريخي .
    لذلك لم تهتم بدراسة المرحلة السابقة وتناقضاتها ، وكيف قدم الإسلام لتلك التناقضات حلولها . ولا بالعلاقة التي تربط النبي بمجتمعه ، وبمعاناة شعبه ..
    ولذلك أيضاً لم تتمكن التيارات المختلفة للاتجاه الديني أن تعترف أو أن تكتشف عناصر إيجابية في المرحلة الممهدة للإسلام ، لأنها كانت تنطلق من نظرة لاهوتية ظلت تحاول جاهدة أن تدعمها بتفسيرات ذات مظهر علمي أحياناً ..
    ولكنها شأن كل فكرة ( سابقة للتجربة ) ، وقناعة متبلورة خارج اطار البحث الموضوعي ، لم تتمكن من رؤية المسار التاريخي والحضاري للعروبة والإسلام واكتفت بأن تطلق أحكاماً مطلقة وغير موضوعية ، وبخاصة في حق العروبة ، والعلاقة بين العروبة والإسلام .
    ‌ب. أما الاتجاه الثاني الذي نتبين جذوره في المرحلة السابقة لنشوء البعث .
    فهو ( التيار القومي ) المتعصب للقومية كرد فعل على محاولات الانتقاص منها والتقليل من شأنها . وقد أخذ طابع الدفاع عن العروبة وعن دور العرب في نصرة رسالة الإسلام والنهوض بأعباء الجهاد من أجل انتصارها وتبليغها للأمم الأخرى .
    ولهذا الاتجاه القومي بعد تاريخي يصعد الى القرن التاسع الميلادي عندما قام أدباء ومفكرون أمثال الجاحظ بالتصدي للحركة الشعوبية في العهد العباسي .
    بيد أن الاتجاه القومي في الثلاثينات من القرن العشرين ، قد تأثرت بالنزعات العرقية التي برزت في الأيديولوجية القوية في أوربا ، وبخاصة الحركة النازية .
    لذلك انصب اهتمام الاتجاه القومي العربي على إبراز أهمية البعد القومي للإسلام ، سواء من حيث لغة القرآن أو كون النبي محمد عربياً أو كون الجيل الأول للإسلام هو جيل عربي وكون المجتمع الذي ولد فيه الإسلام هو أيضاً مجتمع عربي ، وأن المعارك الأولى للإسلام هي داخل هذا المجتمع العربي والانتصارات الأولى هي انتصارات العرب على أنفسهم حتى استطاعوا أن يقوموا بنشر رسالة الإسلام في العالم .
    وأن الإسلام لا يمكن أن يفهم من الداخل فهماً عميقاً إلا من خلال هذه الوحدة بين العروبة والإسلام . فالمطالبة بينهما تكاد تكون أساس نظرة الاتجاه القومي الى العلاقة بين العروبة كقومية وبين الإسلام كدين .
    على أن بعض تيارات هذا الاتجاه القومي ، كانت قد ذهبت من جهة أخرى نحو المبالغة في التركيز على العامل القومي ، الى درجة اعتبر معها الأستاذ ( زكي الارسوزي ) المرحلة التي سبقت ظهور الإسلام بمثابة العصر الذهبي للعروبة .
    وذلك على النقيض مما كان يطلق عليها التيار الديني اسم ( الجاهلية ) .
    فقد أبرز التيار القومي بعض الحقائق الإيجابية لهذه المرحلة ، من حيث تألق الشعر ، وبلوغ اللغة العربية قمة نضجها في التعبير عن عبقرية الأمة ، ومن حيث الفضائل الخلقية التي اتسمت بها حياة العرب ، والنزعة الفنية ، وتطور الظاهرة الروحية بعد انتشار الديانتين السماويتين ، اليهودية والمسيحية في الجزيرة العربية ، والتعبير المبكر عن تطلع الشعب العربي الى الوحدة بقيام التحالفات الكبرى بين القبائل ، والتي قام على رأسها ملك العرب منذ عام 328 ميلادية أي قبل ظهور الإسلام بثلاثة قرون .
    كما أن الاتجاه القومي يبرز أيضاً ما كان في مجتمع المركز أي مكة ، من ازدهار اقتصادي وتجاري قبيل الإسلام ومن اتصال حركة القوافل التجارية بالحضارات المجاورة آنذاك .
    وكذلك من قيام حكومة في مكة ومجلس للشورى ومن تلاحم بين الابعاد الاقتصادية والثقافية والدينية ، في مواسم الحج وأسواقه التي كانت تقام حول البيت الحرام قبل مجيء الإسلام .
    فالدين في مفهوم هذا الاتجاه القومي الخالص لم يكن سوى تعبير مضاف عن عبقرية الأمة العربية التي كان مجتمعها مهيأ دوماً لظهور الديانات السماوية المتعاقبة ، ولحمل رسالتها الإنسانية . فالظاهرة الروحية بهذا المعنى ليست سوى جزء من محتوى الظاهرة القومية العربية . وهو الجزء المعبر عن إنسانيتها .
    ‌ج. بالإضافة للإتجاهين ، الديني والقومي ، شهدت المرحلة كتابات تأثرت بالفكر الماركسي ، ركزت على البعد الاجتماعي على حساب البعدين ، الديني والقومي .
    واكتفت بالكشف عن التناقضات الاجتماعية في المرحلة السابقة لظهور الإسلام ثم خلال انتشاره ، وعبر مراحل تطور الدولة العربية فيما بعد .
    فالى جانب الصراع بين القبائل ، اهتمت الدراسات الاجتماعية بابراز البعد الطبقي لهذا الصراع ، سواء بين القبائل الغنية – كقبيلة قريش – والقبائل الأخرى .
    أو فيما بين البطون العشرة التي كانت تتألف منها ، حيث كان رؤساؤها ( السادة ) ( الأغنياء ) هم الذين يؤلفون حكومة مكة ، التي كانت تضم طبقات متوسطة وفقيرة ومعدمة وعبيداً ..
    فقد نحت هذه الاتجاهات الاجتماعية منحى التركيز على العامل الاقتصادي الى درجة غابت معها صورة الإسلام كدين وكذلك صورة الأمة ، واعتمدت أحياناً في تفسيرها للإسلام على عبارة كارل ماركس التي تصف الإسلام بأنه دين الصحراء .
    ولم تر من الأمة غير قبائل متصارعة فالعروبة والإسلام في نظرها ( بني عليا ) للقاعدة الاقتصادية وهما أيديولوجيتان رجعيتان تعيقان تطور المجتمعات العربية والإسلامية .
    والغريب أن الكتابات الاجتماعية ذات الأصول الماركسية الأممية قد إلتقت مع الاتجاهات الشعوبية التي تنطق من مواقع عنصرية طائفية ، ركزت على العامل الاجتماعي واستغلته في التحريض على الثورة ضد الطابع العربي للدولة الأموية .
    ومن أجل القضاء على ما تبقى من سلطة للعرب في الدولة العباسية .
    فعندما ظهر البعث في مطلع الاربعينات من هذا القرن ، كانت الأيديولوجيات الدينية والقومية التقليدية والماركسية ، تتقاسم الرأي العربي حول الموقف من القومية ومن الدين .
    وقد كان للبعث موقف نقدي من هذه الاتجاهات والتيارات الفكرية ، اعتمد فيه على منهج جديد من التحليل يعتمد التعددية والتداخل في عوامل التحليل التاريخي والاجتماعي والحضاري .
    وعلى نظرة علمية شمولية للعلاقة بين ماضي العرب وحاضرهم ، وعلى منظور حضاري يتجه نحو المستقبل ، ويأخذ بعين الاعتبار التناقض الأساسي الذي يعاني منه المجتمع العربي في المرحلة الراهنة : وهو الانقطاع الحضاري المزدوج مع التراث الحضاري القومي ومع حضارة ذا العصر ، ومن جهة ، ثم حاجات المرحلة التاريخية الراهنة ، التي هي مرحلة انبعاث حضاري جديد .

    نـواصـل باذنـه تعـالـى >>>
                  

11-22-2006, 01:34 PM

حسين يوسف احمد
<aحسين يوسف احمد
تاريخ التسجيل: 08-17-2005
مجموع المشاركات: 4490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الإسـلام والعـروبـة فـي منـظور حـزب البعـث العـربـي الاشـتراكـي (Re: حسين يوسف احمد)


    لقد تأسس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947م ، بعد مرحلة طويلة من التحضير الفكري والنشاط التنظيمي والنضال في صفوف المثقفين والعمال .
    وقد كان مؤسس البعث الأستاذ أحمد ميشيل عفلق قد أكمل دراسته الجامعية في السوربون واختص في التاريخ وأطلع مباشرة على التيارات الفكرية المعاصرة ، وكان الشاغل الرئيسي بالنسبة إليه ، وللجيل الذي ينتسب إليه ، شاغلاً نضالياً وحضارياً بقدر ما هو شاغل فكري .
    فقد كان يتحسس مشاكل الأمة بكل أبعادها القومية والاجتماعية والثقافية والروحية ، وكان يصطدم بنقص الأجوبة التي كانت تقدمها الأيديولوجيات الدينية والقومية والاجتماعية في مرحلة الثلاثينات .
    وكان الهم الأول هو اكتشاف الطريق الى الحرية والى التقدم الأصيل .
    وفي ضوء هذه المعاناة الفكرية والنضالية تتحول حب الوطن ، والاعتزاز بتراث الأمة الروحي والحضاري ، والاعجاب بالأفكار التقدمية لعصرنا ، الى ينابيع متكاملة في انضاج ( أيديولوجية عربية ) ، تستند الى موقف تقدمي من الماضي ، وموقف ثوري من الحاضر ، وموقف حضاري من المستقبل .
    ووفق هذا المنظور ، حدد البعث العلاقة بين العروبة والإسلام .
    ‌أ. فهي ليست علاقة ( تضاد ) :
    فالنص الوارد في كتاب ( في سبيل البعث ) للأستاذ عفلق يقول (2) :
    (( كان التفكير السطحي قبل ظهور حركتنا ، يوحي أو يوهم بوجود تضاد بين القومية وبين هذا التراث الروحي بحجة الحرص على العلمانية . ولكن وجدنا أن لا تعارض بين العلمانية وبين الاعتراف بما يغذي روح حضارتنا من تجارب ماضي شعبنا الغنية )) .
    وفي هذا النص انتقاد للمفهوم العلماني التقليدي الذي يكتفي برد الفعل على النزعة السلفية ، دون أن يأخذ بعين الاعتبار أهمية التراث القومي والروحي للأمة ، كمحرك حضاري للنهضة العربية الحديثة .
    وعلى هذا الأساس ، يحدد البعث نظرته العلمانية الجديدة من خلال النص التالي (3) :
    (( العلمانية التي نطلبها للدولة ، هي التي بتحريرها الدين من ظروف السياسة وملابساتها ، تسمح له بأن ينطلق في مجاله الحر في حياة الأفراد والمجتمع ، وبأن تبعث فيه روحه العميقة الأصيلة التي هي شرط من شروط بعث الأمة )) .
    ‌ب. ثم أن العلاقة بين العروبة والإسلام ، ليست علاقة دمج :
    وهذا يتضح من خلال النصوص المتعددة التالية (4) :
    (( الدولة الدينية ، كانت تجربة في القرون الوسطى ، وتجربة انتهت بالفشل ، وكلفت البشرية كثيراً من الجهد والدماء ومن المشاكل ، وحدثت تقريباً في أوقات متقاربة ، في البلاد الإسلامية وفي أوربا المسيحية )) ..
    (( البعث حركة قومية تتوجه الى العرب كافة على احتلاف أديانهم ومذاهبهم ، وتقدس حرية الاعتقاد ، وتنظر الى الأديان نظرة مساواة في التقدير والاحترام )) .
    ‌ج. العلاقة إذن حسب منظور البعث هي علاقة استقلال من جهة ، وتكامل من جهة أخرى :
    فالعروبة والإسلام ، مستقلان من حيث أنهما ( قومية ) و ( دين ) . ولكنهم متكاملان باعتبارهما ثورة شاملة على الواقع ، تتجاوز كلاً من الاطار الديني الخالص والاطار القومي الخالص الى الأفق الحضاري الإنساني الجامع لهما .
    فقد نظر البعث الى الإسلام من خلال كونه ( ثورة شاملة ) ، والنص التالي يوضح ذلك (5) :
    (( الإسلام عند ظهوره هو حركة ثورية . حالة الثورة هي حالة واحدة لا تتجزأ . وهي قبل ألف سنة وبعد ألوف السنين : الثورة واحدة . لها نفس الشروط النفسية . ولها نفس الشروط الموضوعية أيضاً الى حد كبير . ولذلك من الطبيعي جداً أن يكون أقرب الناس الى الإسلام فهماً وتحسساً وتجاوباً هو الجيل الثوري . الجيل الثائر على الفساد . لأن لا دين مع الفساد والظلم والاستغلال . فالدين الحقيقي هو دوماً مع المظلومين ومع الثائرين على الفساد )) .
    ‌د. فحالة الثورة هي التي تجعل العلاقة بين العروبة والإسلام عللاقة تكامل ، بالرغم من استقلالهما .
    ولذلك رأي البعث في هذه العلاقة خصوصية متميزة لا تتوفر لا في التجارب التي دمجت الدين بالقومية ، ولا في تلك التي باعدت وفصلت بينهما . لأن المسألة في الحالتين بقيت علاقة بين ( قومية ) من جهة و ( دين ) من جهة أخرى .
    أما على صعيد العروبة والإسلام فإن ما يجمع بينهما بالرغم من استقلالهما ، فهي حالة الثورة التي تتجاوز القومية والدين الى بعث الوجود الذاتي والموضوعي للإنسان ، وللمجتمع الذي يعيش فيه ، من أجل تحقيق رسالة إنسانية .
    وعلى هذا الأساس وجد البعث أن المعنى الذي يفصح عنه الإسلام بالنسبة الى العرب في هذه المرحلة التاريخية المعاصرة ، يتمثل فيما يؤكد عليه النص التالي (6) :
    (( المعنى الذي يفصح عنه الإسلام في هذه الحقبة التاريخية الخطيرة ، وفي هذه المرحلة الحاسمة من التطور ، هو أن توجه كل الجهود الى تقوية العرب وأهدافهم ، وأن تحصر هذه الجهود في نطاق القومية العربية )) .
    فالمحركان التاريخيان للنضال العربي ينبغي أن يتكاملا في تحقيق مشروع الانبعاث الجديد . فالعروبة ثورة شاملة معاصرة ، كما كان الإسلام ثورة شاملة في الحياة العربية قبل خمسة عشر قرناً .
    وكلاهما يشكلان حياة متكاملة صاعدة للعرب في طريق المشاركة الإنسانية في الحضارة ، فالإسلام ، كما تقول نصوص البعث (7) ، قد كان ( حركة عربية ، وكان معناه : تجدد العروبة وتكاملها ) .
    وكانت رسالة الإسلام تعني بالدرجة الأولى ( خلق إنسانية عربية ) .
    لذلك فإن مفهوم البعث للقومية يتسم بالبعد الإنساني وبالبعد الروحي ، جنباً الى جنب مع ابعاده الاجتماعية والديمقراطية والقومية ، لأنه مفهوم حضاري يتنسد الى منظور ثوري علمي شمولي .
    وعلى هذا الأساس ، كان رفض البعث المزذوج ، للتعصب القومي وللتعصب الديني ، وللنظرة الأممية ، التي تتسلح بالدين أو بالأيديولوجية الماركسية ، لغرض نظرة شمولية ونموذج واحد وبسط امبرياليات جديدة على البشر . ومصادرة الحرية والتجاوز على حقوق الإنسان .
    أي على روح الحضارة الحديثة التي تتفق مع روح الديانات والحضارات الخالدة في التاريخ .
    وهذا يتضح من خلال النص الآتي ( :
    (( فهمنا للعروبة يختلف كثيراً عن المفاهيم التقليدية .. لبقومية المغلقة المتعصبة أكبر خطر علينا ، لأنها تغذي الفروق وتمزيق وحدة الشعب .
    لقد وجد في البلاد العربية من تبنى النظرية النازية ، وصور العروبة بأنها مقتصرة على نوع معين وعدد معين من الناس ، وأنها تفاخر واستعلاء على الآخرين .
    وطبيعي أن يحدث هذا رد فعل وأن تشعر الأقليات ( الأثنية ) بأنها مهددة بوجودها أمام مثل هذه القومية ، كالأكراد والآشوريين والأرمن .. فنحن أحوج ما نكون الى مفهوم صحيح للعروبة نقدمه للعالم وللحضارة وللتفكير الإنساني .. إننا فسرنا قوميتنا بالاشتراكية وبفكرة الحرية )) .
    وهكذا فإن الثورة ( الوحدة والحرية والاشتراكية ) التي ينادي بها البعث ، تحتم على البعثي أن تتوافر فيه شروط صعبة جداً وتكاد تكون متناقضة فيما يتعلق بتقرير العلاقة بين العروبة والإسلام . فهو كما يقول النص التالي (9) :
    (( البعثي حرب على كل تدجيل باسم الدين ، ولكنه في الوقت نفسه ، يعرف حقيقة الدين وحقيقة النفس الإنسانية أي هي إيجابية ، قائمة على الإيمان .. فعندما يحارب الرجعية عليه أن يتذكر دوماً أنه يؤمن بالقيم الإيججبية والقيم الروحية ، وإنه إنما يحارب تزييف القيم ولا يحارب القيم نفسها )) .
    العروبة والإسلام في منظور البعث تعبيران متكاملان إذن عن ثورتين تاريخيتين حضاريتين تجدان بالرغم من اختلاف الظروف والمرحلة انهما تنبعان من منبع واحد هو استعداد الأمة العربية المتجدد للمشاركة الإيجابية في المصير الإنساني .
    هذا فضلاً عن كونهما تجابهان مشكلات أساسية متشابهة في الجوهر .
    فثورة الإسلام التي كانت ثورة على التجزئة والتخلف والسيطرة الأجنبية في المجتمع العربي – وهي الثورة المطلقة التي قادها نبي – تجد نفسها من جديد أمام الموقف التاريخي نفسه الذي جعل من العروبة بعد خمسة عشر قرناً ثورة على التجزئة والتخلف والنفوذ الأجنبي ضمن واقع العصر ومنطق الحضارة الحديثة .
    فعلاقة ( الاستقلالية والتكامل ) بين العروة والإسلام ، علاقة من طراز جدلي حي ، فالإسلام قد خرج من العروبة ليصبح أفقها الحضاري ، وسماءها الروحية ، ولتبقى هي ، قاعدة انطلاقه وتجدده .
    وقد تأكد جوهر هذه العلاقة من خلال التطور التاريخي الذي سار فيه المجتمع العربي وكذلك فيما كان يطرح أيضاً خلال المراحل السابقة من علاقة بين ( الحكمة والشريعة ) من إتصال وانفصال ، وبين ( الدولة والرسالة ) وبين ( القومية والدين ) ..
    ففي مراحل النهضة والصعود ، كانت علاقة ( الاستقلالية والتكامل ) تتشابك وتأخذ شكل ( وحدة ذاتية وتطابق موضوعي ) .
    في حين انها كانت تميل في فترات النكسات الى التصدع والافتراق .
    لذلك كلما كانت الدولة العربية تبتعد عن رسالتها كانت تقترب من النكسة الحضارية .
    وكذلك كلما طغى التيار الشعوبي المعادي للعروبة ، واختلت المعادلة بين ما هو عام في الإسلام وما هو عربي فيه ، تعرضا معاً الى نكسة حضارية .
    وعندما حلت التجزئة السياسية في الوطن العربي ، كانت التجزئة الطائفية قد طغت ، وتحولت الفرق الإسلامية التي كانت أشبه بمائة زهرة تتفتح في عهود الازدهار التي مر بها المجتمع العربي ، الى القوقعة ، تتنافس وتتصادم ، كما كانت القبائل في مرحلة ما قبل الإسلام .
    فالانبعاث الروحي والحياة الروحية لم تعد ممكنة التحقيق إلا في ظل النضال الموحد من أجل الحرية والتقدم الحضاري والوحدة التي تجمع العرب حول هدف حضاري إنساني ، يساهمون من خلاله مع تجارب النضال الأخرى في العالم ، ومع شعوب العالم في بناء عالم جديد ، بنظام اقتصادي جديد ، وبعلاقات دولية قائمة على أسس التكافؤ والعدل ، وعلى الإيمان بقدرة الإنسان على التغلب على معيقات بناء إنسانية جديدة .
    لقد وجد المشروع الانبعاثي الذي طرحه البعث منذ أربعة عقود كتصور متكامل لبعث الأمة العربية في المرحلة التاريخية الراهنة ، صدى إيجابياً في التجارب العربية التي جاءت في مراحل الخمسينات والتينات ، كالتجربة الناصرية ، والتجربة الجزائرية والثورة الفلسطينية ، لأنها بالرغم من أنها لم تنطلق من مفهوم تقدمي للعروبة ، ومن نظرة ثورية الى الإسلام ، ومن نظرة أصيلة الى علاقة العروبة والإسلام ، فإنها تأثرت بتصور البعث لهذه العلاقة .
    وبهذا الوضوح المبدئي ، والكثافة الروحية ، استطاعت تجربة البعث الثورية في العراق ، أن توقف خطر الموجه الرجعية التي ركزت عدوانها عليه .
    لأن تلك المبادئ التي أطلقها البعث قبل أكثر من أربعين عاماً ، قد تجسدت في تجربة حية صاعدة وفي أجيال حضارية جديدة ، وإنسان جديد ، ولأن ما فيها من كثافة روحية ومن استلهام لروح العروبة والإسلام يزودانها بقوة تاريخية .

    نـواصـل >>>
                  

11-22-2006, 01:41 PM

حسين يوسف احمد
<aحسين يوسف احمد
تاريخ التسجيل: 08-17-2005
مجموع المشاركات: 4490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الإسـلام والعـروبـة فـي منـظور حـزب البعـث العـربـي الاشـتراكـي (Re: حسين يوسف احمد)


    وفي ضوء ذلك كله ، نستطيع أن نستخلص ثلاثة نتائج رئيسية :

    1. أن المساهمة الرئيسية للبعث في موضوع العروبة والإسلام تتركز في الأفق الحضاري ، الذي جعل نظرته تربط الماضي بالحضار وبالمستقبل ربطاً حياً صاعدا وتقدمياً .
    وكذلك في كون هذا المنظور الحضاري ، قد مكن البعث من أن يكتشف في التيارات الثلاثة التي سبقته ، الدينية والقومية والاجتماعية ، حقائق إيجابية جوهرية كانت تضيع وسط الموقف المغلق لكل منها ، والذي كان يجعل منها حقائق متعارضة في حين انها حقائق متكاملة .
    ‌أ. فالتيار الديني ، كان يتميز بالتأكيد ، على الحقيقة الدينية وعلى كونها أساسية في حياة البشر . وعلى الدور المتميز للإسلام في حياة العرب وفي حضارتهم .
    ويشدد على الأصالة ، ويحارب الاغتراب الفكري والنفسي والروحي ، ويكشف عن عمق الخلل الروحي في حياتنا المعاصرة .
    ب. والتيار القومي ، كان بدوره يمتلك ميزة التعبير عن هوية المجتمع العربي وعن شخصية الأمة وعن عبقريتها ، وعن التناقض الأكثر خطورة في حياة العرب المعاصرة ، وهو ( تناقض التجزئة ) ، ويشدد على هدف الوحدة العربية ، وعلى أهمية العامل القومي في حياة الشعوب في هذا العصر وفي نضالها من أجل الحرية ومن أجل تحقيق الشخصية وشق طريق التقدم الأصيل .
    ‌ج. كما أن التيار الاجتماعي ، الذي كان يضم الاتجاهات الماركسية والاشتراكية والعلمانية ، كان أيضاً يتميز بإبراز خطر ( التخلف ) كظاهرة اجتماعية وحضارية سلبية ، ومعيقة لتطور المجتمعات الخارجة من المرحلة الاستعمارية وكذلك بالتشدد على أهمية التفاعل مع الحضارة المعاصرة ومع روح العلمية والثورية التي تميزها .
    وقد كان اكتشاف البعث للحقائق الإيجابية الثلاث تلك ، بمثاية انتقال من مرحلة رد الفعل الى مرحلة التفاعل والحوار الإيجابي البناء .
    ومن خلال هذا الموقع بقى البعث يشدد على أهمية تكامل هذه الحقائق ، كشرط أساسي في امتلاك القوة التاريخية المتكافئة مع حجم التحديات التي تواجه نهضة الأمة العربية في هذا العصر .
    2. النتيجة الثانية التي نخرج بها ، وهي أن صورة العروبة وصورة الإسلام في حقيقتهما الجوهرية ، الحضارية ، وكعامل دافع للنهضة والتقدم والتحرر ، ما تزال تصطدم بعوامل الضياع في الواقع العربي .
    أي عوامل التجزئة والتخلف ، وبالمخططات المعادية للنهضة العربية وبدوافع العنصرية والعقد التاريخية والمصالح ، وأخطرها هي المخططات الامبريالية والصهيونية .
    لأنها تركز عداءها على العروبة والإسلام لتعطيل مفعولهما كمحركين حضاريين بأساليب مختلفة . فتمزيق المجتمع العربي ، وتحريك الدوافع الطائفية وتعميق الخلافات والحساسيات ، وخلق الفتن ، واصطناع الأزمات والمشكلات ، وزرع العراقيل في النضال العربي ..
    كل هذه العوامل الداخلية والخارجية التي تأخذ في هذه اللحظات ، شكل محنة قومية ، هي في الوقت نفسه امتحان تاريخي لنهضة طبيعية لشعب عريق في الحضارة أمام تحديات كبيرة تعمل في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ .
    فالمسافة بين حقيقة الأمة العربية وبين واقعها الراهن سائرة رغم كل شئ نحو التقلص لأن حقيقتها أقوى من واقعها .
    وهي تمر في مرحلة تحول تاريخي حتمي تأخذ فيها النكسات معنى الدروس العميقة ، والدوافع المنبهة الى الخلل فالوعيّ العربي ينمو مع نمو الشعور بعوامل الأزمة ومع الإدراك المتزايد لخطورة التحديات الراهنة .
    3. النتيجة الثالثة التي نستخلصها ، هي أن موضوع العروبة والإسلام لا ينحصر في اطار العلاقة بين ( القومية والدين ) بالنسبة الى العرب بل أنه يمتد على ثلاثة أبعاد رئيسية :
    ‌أ. فهو أولاً يتعلق بالسؤال الذي طرحته النهضة العربية قبل قرنين من الزمن .. من نحن ؟ وما معنى الانتساب الى العروبة والإسلام في هذه المرحلة من التاريخ ، وضمن واقع العالم المعاصر ، وباتجاه حركة التاريخ نحو المستقبل ؟ .
    ‌ب. ثم أنه يتصل بطبيعة فهمنا للعلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل . أي بمنهج الفكر الذي يلتزمه في تحليل الظواهر وتعليل أسبابها وعواملها ، هل هو منهج لاهوتي أم فلسفي أم علمي أم هو منظور حضاري شمولي ؟
    وأخيراً ، فإن موضوع العروبة والإسلام يرتبط أيضاً بنظرتنا الى ماضي الحوار الحضاري بين العرب وبين العالم . هذا الحوار الذي كان فعلاً وتفاعلاً وصراعاً وتكاملاً في آن معاً . وبالتالي فإنه لابد أن يتصل بنظرتنا الى المستقبل .


    إنتهـت الدراسـة وأتمنى أن تجد حظها في النقاش !!!!!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de