|
تباً لعهد السنسرة..!
|
خط الاستواء عبد الله الشيخ تباً لعهد "السنسرة"! حين تعلن الحكومة رفع الرقابة القبلية عن الصحف فهي لا تُنعم ولا تعطي هدية لأحد، وإنّما هي تتراجع عن خطيئة سلب حق دستوري؛ كيف نفهم أن الحكومة صادقة في نواياها بعدم العودة إلى رقابة الرأي الآخر إذا كانت تزعم- من خلال قرار المحكمة الدستورية الأخير- أن الرقابة القبلية (ضرورة لاتقاء خطر الكلمة)؛ فقرار المحكمة الدستورية يعطي الرقابة صفة قانونية.. وما الذي يحد من جنوح الحكومة عن أي طارئ من طوارئ الإنقاذ المعروفة إلى الرجوع إلى (السنسرة)؟.. مهما يكن، لابد أن نستبشر بهذا الإعلان رغم إدراكنا أن الحرية لا يمكن أن تأتي كعطية من هؤلاء (الملوك الذين إذا دخلوا قرية أفسدوها)؛ الحرية لا تعطى، لكنها تؤخذ، وليس هنالك أحد من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين.. تنسمنا هواء الحرية في حيز الصحف المكتوبة منذ أمس (في غيبة رقيبي)، فقد كان رقيباً مزاجياً، يستطيع أن يزور في الإصباح وفي الغبوق.. كان الرقيب هو رئيس التحرير الفعلي في بعض الصحف، وكانت كثير من الصحف يحكم موالاتها للإنقاذ لا تحتاج (تطوعه الكريم) بتوضيب الصفحات للنشر!.. كنت حتى وقت قريب أقارن بين الرقابة القبلية المفروضة علينا وبين زائرة سيدنا المتنبئ. تلك الملاريا التي لا تزور إلا في الظلام.. ولأنّ الرقيب كان يزورنا ليلاً فقد رأيت أن المتنبئ لم يلامس أحواله كلها، فالرقيب يمكن أن يأتي في كل وقت.. وبما أنني أعتقد أنّ الحكمة لا تغادر المتنبئ أبداً فقد اكتشفت ببصيرة المجرب أن المتنبئ وهو يورد هذا اللفظ (ليس تزور إلا في الظلام) قد لامس وضعية الرقيب في كل الأحوال) لأننا لا نعيش حالياً في معية (السمحة نوارة فريقنا)!.. نحن نعيش في ليل أرخى سدوله!.. نرجو ألا تعود الرقابة.. وحتى لا تعود الرقابة علينا أن نمارس الحرية بمسئولية.. وأن تتعلم الإنقاذ كيف تستفيد من الرأي الآخر.. حتى الذين على رؤوسهم قنابير يدركون أنّ الحكومة قد تضع تدابير وإجراءات أخرى لا تقل خطراً عن عمايل الرقابة القبلية.. الحكومة تستطيع جرجرة الصحفيين إلى المحاكم، ويمكنها الجنوح نحو تفاسير خاصة جداً لميثاق الشرف الذي مهره رؤساء التحرير بتوقيعاتهم.. لكن دعونا نجرب.. فقد تعتدل أجواء الإنقاذ، قد تكون لديهم رغبة في التطبيع مع الشعب السوداني.. من حقهم علينا أن لا نحرمهم من حقهم فى ان يتغيروا .. و.. (لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم).
|
|
|
|
|
|