|
المعارضة { خلف الكواليس } الجزء الرابع
|
تطرقت فى الاجزاء السابقة من المقالات الى العوامل التى تسببت فى عرقلت و فشل العمل المعارض و خاصة الخلافات التى كانت تحدث من حين الى اخر بين الحزبين الكبيرين { الاتحادى و الامة } و التى اثرت على الفعاليات المعارضة الاخرى . فقد حملت الاحزاب الكبيرة خلافاتها القديمة حتى داخل الاجتماعات التى كانت تعقد فى هيئة القيادة و الامانة العامة و المكاتب الاخرى . مثال لذلك عدم حضور بعض الاجتماعات الهامة او تغيب ممثل احد الحزبين عن تلك الاجتماعات و عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه فى ذلك الاجتماع بحجة ان ممثلهم لم يكن حاضرا او فى بعض الاوقات و عندما يحضر جميع الاعضاء لا تجد القرارات التى تم التوصل اليها اى مجال للتنفيذ. و حتى بعد مقررات اسمرا 1995 فى مؤتمر القضايا المصيرية لم تخف حدة الخلافات و كنا نتوقع الوفاق و التقريب بين و جهات النظر و وحدة الخطاب و لكن بعدت الشقة مما جعل الوفود التى تتحرك لشرح القضية السودانية فى المجالات المختلفة اقليميا و عالميا تتكون من كل حزب على حدة ضاربة بمقررات القضايا المصيرية عرض الحائط مما اضعف و قلل من مساندة و مساعدة الاشقاء و الاصدقاء للعمل المعارض . فى اواخر التسعينات من هذا القرن و بلتحديد فى ادارة الرئيس الاسنق { كلينتون } قررت التخلى عن دعم الاحزاب الكبيرة و حتى الحركة الشعبية بعد ان دعمت العمل المعارض بمبلغ 50 مليون دولار وفكرت جديا فى و ضع العميد عبدالعزيز خالد فى اجندتها ليكون البديل القادم للتغيير المطلوب رغم ان الخلاف الوحيد الذى واجه ذلك الخيار هو استبدال عسكري بعسكري اخر و التشكيك فى توجهاته السياسية التى تميل الى المعسكر الاشتراكى حسب التقارير و التحريات التى وردت من مصادرهم بشانه . و من الاسباب التى عرقلت مسيرة العمل العسكرى المعارض و ادت الى نسفه بعد ان اصبح فى تلك الفترة الامل و الرجاء الذى ينتظره الشعب السودانى و بعد ان سيطرت قوات التحالف السودانية بقيادة العميد عبدالعزيز خالد عليه بعملياتهاالمتواصلة و حتى تحريرها لبعض المناطق الحدودية فى شرق البلاد و كان هذا العمل الثورى قمة النضال المسلح الذى و للاسف الشديد لم يستوعبه و يدرك قيمته الثورية حتى القائمين عليه . فبعد ان اثبت ذلك العمل الشامخ وجوده و اخذت اعداده فى ازدياد مطرد رغم العراقيل و المكايدات و الضربات التى تلقاها من بعض الفصائل و التنظيمات المعارضة داخل التجمع المعارض و الذى نقاتل معه فى خندق واحد الا ان المقاتلين كانوا اكثر عزما و اشد صلابة و اعمق ايمانا بما يقومون به من ثورة حضارية كانت ستحدث تغييرا هائلا لا فى السودان وحده بل فى القارة السمراء بكاملها . و لكن كما اسلفت فان القايمين بهذا العمل لم يكونوا فى المستوى الثورى المطلوب و اعتقد بعضهم ان الغاية هى تغيير النظام فى الخرطوم و كفى . و لم يقراوا و يتعمقوا فى ادبيات و ابعاد تلك الثورة التى التف حولها مئات المقاتلين على مختلف مستوياتهم التعليمة و الثقافية بالمثل كما حدث فى بدايات الثورة المهدية و لكن القادة اصابهم داء السلطة مبكرا . كتبت مزكرة و تقييم للعمل الثورى العسكرى من { 17} صفحة و قدمته للاخ { ابوغسان } العميد عصام ميرغنى و اطلع عليه العميد عبد اعزيز خالد نفسه و لكن للاسف الشديد لم يجد الاهتمام او الدراسة الوافية المطلوبة و ربما اخذ طريقه لسلة المهملات عن قصد او اهمال لا ادرى . و نعود للاسباب التى عطلت العمل العسكرى و خاصة داخل قوات التحالف السودانية . فقد ظهرت مجموعة { المؤتمر} التى تضم بعض المدنيين المثقفين و المتخصصين و الذين انضموا الى قوات التحالف فى فترة سابقة و اخذت تلك المجموعة فى التشكيك و التقليل من العمل العسكرى و ان العسكريين انفردوا و سيطروا على التنظيم و تم اهمال الشق السياسي داخل التنظيم و حاولوا بث الخلافات بين العسكرييين و المدنييين و لكنهم لم يفلحوا فى ذلك لاننا كنا نعطى المقاتلين محاضرات و ندوات و جرعات تنويرية عناهداف و مبادئ قيام التنظيم و ان البندقية ليست هى الغاية من هذا العمل الثورى العظيم و لكن هنالك غايات و اهداف اخرى وراء البندقية من ضمنها تحرير الانسان السودانى من الجهل و الفقر و المرض و القيود و الممارسات الظالمة والاستبدادية التى مورست فى حقه منذ الاسقلال و حتى الان و العمل على بناء سودان جديد يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه و يتساوى فيه الجميع على مختلف اديانهم والوانهم و لغاتهم و ثقافتهم داخل المليون مربع و تحكمهم الحقوق والواجبات المتساوية .. و اللبو علينامنظمات حقوق الانسان. بعدها ظهرت محاولات التشكيك لبعض الخصوم و المندسين داخل صفوف المقاتلين فى ادارة العمل العسكرى و انه توجد تجاوزات و تصفيات و معاملات غير انسانيةو لكنهم ايضا لم ينالوا اغراضهم . ومن حماية و تامين العمل الثورى للذين يقراؤن ادبيات الحركات الثورية التى قامت فى مختلف ارجاء العالم هنالك ضوابط و قوانين ميدانية صارمة ضد اؤلئك { المندسين} و الخونه اللذين يبثون سموم التخاذل و الاحباط و سط المقاتلين و لابد من معاملتهم باقسى و اقصى ما يمكن من الجزاء و العقوبة و هذه ثورة لا تهاون او تفريط فى مساراتها او طرق تقدمها . هذا فيما يختص بالجزاءات التى تحدث فى الميدان و هى كما قلنا ضمانة امنية للعمل العسكرى الثورى و حماية لاستمراره و تقدمه . اما فيما يختص باستشهاد بعض قيادات الميدان امثال الشهيد المقاتل { اسد الميدان } العميد عبدالعزيز النور فان استشهاده كان نتيجة عملية قرحة اجريت له بمستشفى باثيوبيا رغم انه فى نفس الوقت كان مريضا بالملاريا و لا يقوى علىاحتمال مثل تلك العملية و لكن قرر الطبيب الذى اشرف على فحصه على اجرائها مما تسبب ذلك فى استشهاده . كان استشهاد { اسد الميدان } قاصمة الظهر للعمل الميدانى و خسارة فادحة للمقاتلين فقد كان الشهيد رمزا لا يستهان به و مثالا يحتذى و سط المقاتلين فى تواضعه و بساطته و شجاعته و كفاءته فى ادارته للعمليات بجانب ايمانه بالقضية التى استشهد من اجلها و كان يعرف ابعاد هذا العمل الثورى و كنا نتناقش دائما فى تصورنا لهذا العمل الفريد و مواصلته و الوصول به الى اقصى المدي و توسيع و انتشار الثورة الى جميع انحاء البلاد و جعل الحلم حقيقة وواقع تاريخى و حضارى و كان رحمه الله مصدر ثقة و حب و احترام بين المقاتلين و المثل الذى تعلقوا به و الحماسة التى تدفعهم للانتصار فى العمليات التى يقومون بها وكان فقده بالنسبة لى عظيما و جرحا غائرا لم يندمل حتى الان . اما استشهاد المقاتل العقيد جعفر رابح فقد كان بسبب الاهمال و عدم السرعة فى معالجته فقد اصيب بمرض اضعفه قبل ذهابه للميدان و عاوده ذلك المرض مرة اخرى و هو فى المعسكر اضافة الى اصابته بحمى الملاريا و لم يتم اسعافه و العناية به بالمستوى المفروض لا ادرى ان كان ذلك عن قصد او اهمال لاننى لم اكون فى الميدان فى ذلك الوقت و لا استطيع ان اقر بما حدث فان بعض الظن اثم و الشهادة للذين كانوا معه فى ذلك الوقت . فقد كان استشهاده مصيبة مفجعة و ضربة مؤلمة اثرت فى العمل الامنى فقد كان متخصصا فى مجال عمله الامنى و شارك بفعالية فى بعض التحقيقات و التجاوزات الامنية التى حدثت فى الميدان رغم قصر مدة خدمته به . و كان بحق فقدا عزيزا و خاصة لى شخصيا فقد كان نعم الاخ و الصديق الذى هون على كثيرا من هموم الغربة و النضال و شاركنى العناء و المعاناة و { قليل الفرح } الذى كنا نسرقه و سط الاحزان . الارحمه الله و اسكنه فسيح جناته . اما فيما يختص باستشهاد المقاتل العقيد سليمان ميلاد فلم اكن بالميدان و لم اشهد تلك الحادثة و لكننى علمت من مصادر موثوق بها ان ما حدث كان نتيجة خلاف بينه و بين احد المقاتلين و الذى كان الشهيد يقسو عليه و يعامله بطريقة اقضبته و استفزته و فى احدى المرات حدثت مشادة بينهما مما حدا بالمقاتل باشهار سلاحه نحوه و اطلق عليه النار فارداه قتيلا . و قد تم التحقيق فى ذلك الحادث بواسطة لجنة تم تكوينها بواسطة القياده من المفترض ان تكون اجراءاتها ضمن الوثائق و المستندات الخاصة بالتنظيم . كما لم تمكننى الظروف من العمل مع الشهيد سليمان ميلاد عن قرب لتقييم ادائه فى فترة وجوده بالميدان . هذا باختصار ما حدث لؤلئك الشهداء قادة الميدان و دار حول هذا الموضوع من لغط و مزايدات و اتهامات حول تصفيتهم و تحريض بعض المقاتلين للنيل منهم فقد تكون هنالك منافسات و احقاد و اضغان و مكائد و عدم استلطاف او قبول و لكنها كانت فى القلوب و لا يدرى ما بداخل القلوب الا علام الغيوب و لكنها لم تصل الى مرحلة التصفيات و العداء الصريح الواضح فكل العمل كان فى .بداياته و كنا نحتاج لمجهودات و مقدرات بعضنا البعض رغم كل ذلك و كان الطريق امامنا لازال طويلا و شاقا . و كانت الحرب بين الاشقاء { ارتريا و اثيوبيا } القشة التى قصمت ظهر البعير و كانت ارتريا هى الدولة التى فتحت لنا ابوابها على مصرعيه للعمل المعارض بشقيه السياسى و العسكرى و كانت تمدنا بالتعيينات و الاحتياجات الادارية و المساعدة العسكرية فى بعض الاحيان و عند قيام الحرب بينهما تقلصت تلك المساعدات شيئا فشيئا حتى توقفت . و كانت امكانيات و موارد دولة ارتريا الاقتصادية ليست يالقدر الذى تحارب بها و تدعم العمل المعارض فى نفس الوقت . ورغم ان الدائرة الاقتصادية فى قيادة التحالف كانت تدعم العمل العسكرى الا ان العمل العسكرى و بذلك الحجم يحتاج لدعم دولة و ليس لدعم افراد . و قد اصبح العمل العسكرى فى محنة حقيقية و خيارات صعبه ما بين الاستمرار او التراجع او ايجاد جبهة او دولة اخرى يرتكز عليها . وقد تم طرح البدائل و الخيارات على الهياكل التنظيمية المختلفة داخل التنظيم و اقرت الاغلبية استمرار العمل الثورى و الاكتفاء { بنصف البلحة } و ما يتم الاستيلاء عليه من العمليات العسكرية و الاكتفاء بحماية الظهر للاخوة الارتريين. لم تكن بقية الفصائل المقاتلة باحسن حال مما كنا عليه فقد عانت من تلك المستجدات التى طرات على الساحة الاقليمية و ما سببته من تداعيات رمت بظلالها على العمل المعارض كله . و بينما نحن فى تلك الظروف القاسية الحرجة اذا بالبروف تيسير محمد احمد و كان رئيس الدائرة السياسية يقنع العميد عبد العزيز خالد بانه وجد الحل المناسب لاخراج التنظيم من ورطته التى استحكمت حلقاتها بالانضمام الى الحركة الشعبية بكل التنظيم { هياكله التنظيمية و مقاتليه } و بدون الرجوع لاعضاء التنظيم و مقاتليه لاخذ رايهم فى هذا الحل السحرى و عقد العميد عبدالعزيز خالد و الدكتور جون قرنق مؤتمرا صحفيا فى اسمرا يعلنا فيه انضمام قوات التحالف السودانية للحركة الشعبية بدون قيد او شرط . تخيلوا ؟ .. سنواصل لاحقا .. و لنا عودة ..
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: المعارضة { خلف الكواليس } الجزء الرابع (Re: د.نجاة محمود)
|
الاخت د. نجاة محمود سلامات . و كل عام و انت بخير كتبت 5 مقالات بعنوان { الحراك السياسى بين الاقلية المنظمة و الاقلبية المبعثرة } فى سودانيز اون لاين { مقالات و تحليلات } و 4 مقالات بعنوان { المعارضة خلف الكواليس } ايضا فى سودانيز اون لاين { المنبر العام } و يمكنك البحث عنهم والاطلاع عليهم فجميع المقالات متصلة ببعضها و قد سالنى كثير من الاخوة و القراء نفس السؤال . يلا فتشى و { البفتش بلقا } و لسه { الحبل طويل و متين } . مع تحياتى .. و لنا عودة
| |
|
|
|
|
|
|
|