مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 04:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-08-2009, 08:07 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية

    أعلم أن شهادتي فيك مجروحة يا حبيب

    وأعلم أنك لن ترضى بهذا البوست


    لكني أؤكد لك ولنا بأنني ما قصدت سوى أن
    نوثق لنموذج جديد في الصحافة المقيد برسالته
    المسلح بالعلم والأدوات ولن أذيع سراً لو قلت بأن
    مؤيد شريف يملك ناصية أربعة لغات

    مثلما هو محاور فريد في عصرنا هذا ويتفق معي في هذا
    القول الدكتور عبد الله علي ابراهيم وأعلم أن الكثيرين
    يعرفون هذا عنه

    هو شجاع في طرحه لأفكاره وشجاع أيضاً في الأخذ من أفكار
    الغير دونما عصبية أو جهوية أو حتى دبلوماسيةالسياسي
    (حادثة تسليم شهادة القيد الصحفي)التي أعادها لمن منحوه
    لها وذلك لموقفهم من قضايا الحريات بشكل عام والرقابة على
    الصحف
    وهذا هو منهج من كان بغيتهم الحق لا أحب أن أسميهم العلمانيين
    أو اللبراليين لكن كما قال صلى الله وبارك عليه وآله(الحكمة
    ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها)

    أرجو لهذا البوست أن يكون توثيقاً لكتابات هذا الرائع
    وحافزاً لشباب الصحافة والناشطين في دروب الديمقراطية والحريات


    ودمتم

    (عدل بواسطة عبد الرحيم حسب الرسول on 09-08-2009, 08:10 PM)

                  

09-08-2009, 08:40 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    Quote: هو شجاع في طرحه لأفكاره وشجاع أيضاً في الأخذ من أفكار
    الغير دونما عصبية أو جهوية أو حتى دبلوماسيةالسياسي
    (حادثة تسليم شهادة القيد الصحفي)التي أعادها لمن منحوه
    لها وذلك لموقفهم من قضايا الحريات بشكل عام والرقابة على
    الصحف


    هو ما تقول

    وأيضا

    حمل فكرة البلوق الخاص بنشر المقالات المحذوفة بواسطة الرقابة القبلية


    شكرا لك وله
    ولهذا الوطن الذي لا يتوقف عن إنجاب أمثاله وأمثالك
                  

09-08-2009, 08:59 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: فتحي البحيري)

    مرحبتين
    حبيبنا البحيري


    Quote: هو ما تقول

    وأيضا

    حمل فكرة البلوق الخاص بنشر المقالات المحذوفة بواسطة الرقابة القبلية



    شكراً على الإضافة
    ونرجو أن يكون هذا البوست توثيقاً له
    ومحاولة لتقييم هذه التجربة

    مودتي
                  

09-10-2009, 12:21 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    لا نود الخوض في الجهد الذي يخص مدونة
    الرقابةالصحفية

    بقدر ما نحن نود التوثيق للكاتب
    مقالاته
    تقاريره
    حواراته
    وكل متعلق بشأن الكتابة


    مودتي
                  

09-10-2009, 12:39 PM

عبدالأله زمراوي
<aعبدالأله زمراوي
تاريخ التسجيل: 05-22-2003
مجموع المشاركات: 744

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    نعم نعم نعم عبدالرحيم، أصبت كبد الحقيقة...

    فهو نموذجٌ مشرف ويمتاز بالأدب الجم والمهنية
    العالية والإحترافية. ويعتبر مؤيد في نظري المتواضع "مفخرةُ جيله"
    وأبناء مهنته. مثل هذا الشاب، الذي ولدَ بأسنانه(عيني باردة)
    يحتاج لمن يأخذ بيده في هذا الوقت بالذات، فالوطنُ مسجي على تابوته، ينتظر
    من يواريه الثرى! شخصً ينير له الطريق ويشجعه و يصقل مواهبه المتعددة بخبرته وعلمه
    وصبره ومثابرته (العلم+الخبرة).

    وهذه شهادة يا أخي الكريم، يستحقها الأستاذ مؤيد ولا ضير إن قدمنا
    من حين لآخر جرعات من "حُلو القول" لمن نحبهم، لتكتمل مكارم الأخلاق. فمن لا يشكر الناس،
    لا يشكر الله.

    أدعو الله العلي القدير أن يتم نعمته على مؤيد وغيره وذلك بزوال
    هذا النظام "الغيهب" والذي لا يجد فيه أمثاله (براحا) ليبدعوا وينطلقوا. آمين..

    ورمضان كريم...
                  

09-11-2009, 06:53 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبدالأله زمراوي)

    شكراً زمراوي على المرور

    وننتظر مساهمتك في التوثيق
    لتجربة مؤيد شريف الصحفية



    مودتي
                  

09-11-2009, 08:16 PM

سالم أحمد سالم
<aسالم أحمد سالم
تاريخ التسجيل: 11-19-2007
مجموع المشاركات: 2698

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)



    مؤيد إنسان جدير بالاحترام
    وقلم جدير بالاحترام .. قلم حبره من الواقع والتاريخ
    ليتكتب في قرطاس المستقبل المرجّى

    نأخذ على الصحافة السودانية عدم فتح كل الأفق كاملا
    أمام قلمه الجريء ...

    فليباركك الرب ويؤيدم يا مؤيد

    سالم أحمد سالم
                  

09-11-2009, 11:55 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: سالم أحمد سالم)

    إقليم البحيرات العظمى والسودان... بقع للدم كثيفة ونهايات تتطابق
    مؤيد شريف سراج النور

    نقلا عن صحيفة أجراس الحرية

    يرجع أصل التسمية (البحيرات العظمى) لمجموعة من المستكشفين الأوائل من الانجليز والغربيين من أمثال ريتشارد بورتون (1821 ـ 1890م) وهنري مورتون (1841 ـ 1904م) ، وكانوا قد أطلقوا هذه التسمية علي الاقليم في أثناء مهمة بحثية تهدف للكشف عن منابع النيل . وفي أوقات لاحقة اندثرت هذه التسمية لمصلحة تعبير منقول حرفيا من اللغة الالمانية (inter-lacustre)، إلا أن التسمية القديمة سرعان ما عادت لتجري علي الألسن في أثناء ملتقى نظم في مدينة بوجانبورا، في سبتمبر من العام 1979م ، خصص لمناقشة الحضارة القديمة لشعوب إقليم البحيرات العظمى .

    وتطلق التسمية للإشارة علي رقعة جغرافية واسعة ومتصلة تشمل الأقطار الأتية : تنزانيا ، أوغندا ، الكنغو ، رواندا وبورندي. وتلتقي خصائص إقليم البحيرات مع بعض خصائص السودان التاريخي الجغرافي، من حيث التنوع الاثني الكثيف والمتداخل والعابر للحدود السياسية والتداخلات التاريخية المتجذرة لقوميات عديدة . تُعاد جذور الصراعات والحروب الموسومة بها منطقة البحيرات العظمى تاريخيا – وكما هو الحال في أغلب الصراعات الأفريقية – تُعاد الي عهد الاستعمار وطرائق تعاطيه مع الأوضاع القبلية والاثنية شديدة التعقيد والخصوصية . وبقراءة في تاريخ الاقليم ، نعلم أن دولتي بورندي ورواندا الحاليتين كانتا امارتان قديمتان تقليديتان تتصفان بطبيعة جغرافية بركانية غاية في الوعورة ما وقاهما من هجمات تجارة الرقيق الرائجة في ذاك العهد لتمثلا ملجأً آمناً يقصده الملتاعون والمطاردون ، وبالنتيجة زدادت أعداد سكان الامارتين وتنوعت أصولهم وسلالاتهم ، كما تنقلتا من سيطرة الاستعمارالالماني الي سيطرة البلجيكيين في المرحلة التي أعقبت الحرب العالميةالأولى .

    كعادة المستعمرين ، لم يكن من شواغلهم العمل علي الوصول الي المناطق الطرفية البعيدة عن مراكز تركيز سلطاتهم ومصادر أعمالهم الاقتصادية حرصا علي عدم زيادة منصرفات المستعمرات ، ففضل المستعمرون الاوربيون الاعتماد في إدارة أوضاع الإقليم علي الأقلية التوتسية (رعاة البقر) والمتحدرة أصولهم من (وادي النيل) ، وعملوا علي تسهيل وتسريع إدماجهم في الحياة المدنية والحضرية من خلال توفير التعليم والبعثات الخارجية لأبناء التوتسي واعتمادهم كعماد ومحرك للإدارة الداخلية . في الوجه الآخر ، مثلت الأغلبية من (الهوتو) (أكثر من 85% من مجموع السكان) ، وهم قرويون في الاساس ، لم يألفوا حياة المدن . وعمد المستعمر على تكثيف الارساليات التبشيرية الكاثوليكية هادفا لصناعة اثنية ثقافية طرفية متميزة عن الاثنية الثقافة للمراكز الحضرية المستقرة . لقد أقامت الصراعات والحروب الأهلية في أفريقيا الدليل علي أن نقص التعليم والتهميش الاقتصادي المتعمد أو غير المتعمد ، لا يمنع القوميات المهمشة من الثورة والمطالبة بحقوقها في التنمية والمشاركة السياسية ، وهو الأمر الواقع في كل من رواندا وبورندي ، وهو ذات الأمر المعتمل والدائر في هذه اللحظات في السودان ويمثل جذرا استراتيجيا للصراعات : والأمر هو مطالبة هذه القوميات الطرفية ، هنا وهناك ، بضرورة إزالة النظم السياسية والتراكيب الاجتماعية الاقطاعية القديمة “ sociétés féodales”واستبدالها بصيغ جديدة في الحكم والاقتصاد والثقافة تكون أكثر عدالة وإنصافا لحجومها الطبيعية وإسهاماتها الوطنية .

    في نموذج البحيرات العظمى ثارت الأغلبية من (الهوتو) مطالبة بضرورة إنهاء سيطرة الأقلية في التوتسي وكانت النتيجة تفجرا لأعمال العنف الدامي وحركة تهجير جماعي للتوتسي باتجاه دول الجوار في الكونغو وبورندي ويوغندا . تأتي ظاهرة ما تسمى بالـ"القوميات المتشكك في انتماءاتها" “Nationalités douteuses” كواحدة من أكثر العوامل الملهبة لأوار لهب الصراعات في أفريقيا والمسهمة في امتدادها واتساعها . وتبْرع الأطراف جميعها في استخدام التناقضات الداخلية والخارجية بين هذه القوميات والأطراف المنافسة لها في المقابل ، وفي الحالة الرواندية ، نجد أن المهجرين التوتسي الي يوغندا عُرفت لهم أدوارا في مساعدة يوغندا علي نيل استقلالها وحمل يوري موسفيني الي سدة الحكم ، وفي المقابل تعرف ليوغندا أيضا مساعدات مهمة قدمتها – ربما بدافع التخلص منهم بعد إتمام عملية التحرير – للثوار التوتسي ما مكنهم من تشكيل جيش وطني رواندي علي الأراضي اليوغندية (اي بي ار) والذي استطاع أن يستعيد سلطة التوتسي في رواندا ومنهم يأتي الرئيس بول كاقامي . وعلي المنوال ذاته ، يمكن أن نصف بعضا من مظاهر المأساة المتفجرة في دارفور ، فالصراع فيها لا ينفصل عن تأثيرات بعض أطراف اقليمية لها أدوار واضحة ولا تغيب علي متتبع لمسارات وتطورات الأحداث هناك . تبدو خارطة أطراف الفاعلين أو المتورطين في النزاعات والحروب في النموذجين خادعة وشديدة الغموض ، وقد لا تكون المجموعات الاثنية والموجودة علي واجهة الحروب أطرافا أساسية بقدر ما تكون أدوات تستخدم وتستغل لمصلحة دوائر نافذة وذات علائق مباشرة بالسلطة السياسية .

    أما المجموعات الاثنية (مادة الصراع) فهي في الغالب ليست أطرافا أصيلة في الصراع إلا بالقدر الذي تتبدى فيه مصالحهم المتعارضة أو التي تُصور لهم متعارضة .والسلطة السياسية عادة لا تدخل الي واجهة الصراع إلا مضطرة مرغمة تحت ضغط واقع حرج يتصل بحلفائها أو من أوكلت اليهم تنفيذ توجهاتها من المجموعات الأثنية ، ومما يخدم السياق الوارد نُورد جزءا من كتابة البروفيسور آدم الزين في كتابه : دارفور من الانفلات الامني الي السلام الاجتماعي ويقول فيه : " ... تخلت الدولة عن الحياد المفترض في الدولة القومية “ Etat national “ لتكون حكما في فض النزاعات بين المواطنين . لم تتحول الدولة فقط لتكون طرفا في نزاع القبائل والعشائر بل تحالفت صراحة مع بعض الكيانات لتحارب تلك الكيانات نيابة عنها . فتحولت الكيانات الإقليمية الي مجموعات صديقة وأخرى معادية لها .... من نتائج هذا التسييس القبلي والعرقي ما نشهده في إقليم دارفور اليوم من استقطاب مريع ، وعندما تتنزل للجهلاء وعلي المستويات القاعدية فإنه يعني الاستعلاء العرقي والعداء الانتقامي وهو المسؤول بدرجة كبيرة عن القتال الدامي بين القبائل والعشائر والتي يحكي تاريخها القريب عن تعايش سلمي ومثالي " انتهى .

    من خلال تتبع نوعية الصراعات وأدوار السلطة في سيرورتها ، يتضح أن الصراع علي السلطة والنفوذ يجري في مستويات النخب والزعامات السياسية والتي لا تقيم أدنى اعتبارا لأي معنى من معاني الدولة العادلة ومطلوباتها وتوفير السلامة والأمن والعيش الكريم ، بل إن أغلب هذه الزعامات لا تفهم معنى الدولة ، وإن فهمت عراض مطلوباتها فهي ترى في مصالحها الاثنية وإشعال الحروب والتمترس حول الأوضاع المتفجرة هروبا من الاستحقاقات السياسية والديمقراطية الحقة وأجواء الحريات وحقوق الانسان والتي إن ترسخت وتثبتت أحدثت تغيرات جذرية في خرط السياسة والسلطة وسوف لن تعود هي قطعا ، في ظل المعادلات الجديدة ، باوزانها القديمة .

    التطابق شبه التام والذي تتبعنا مقتطفات منه وبما سمح به حيز الكتابة الصحفية ، يبعث علي الخشية والحذر مما قد ينتظر بلادنا الحبيبة ، وبذات القدر الذي تسببت فيه قذيفة صاروخية استهدفت طائرة الرئيس الرواندي جوفنيال اباريمانا في ابريل من العام 1994م في ايقاد شرارة الفظائع والمقاتل في رواندا ، كادت حادثة طائرة الراحل جون قرنق ، أو لعلها أحدثت ، آثارا مؤسفة . فهل نطمح في الوصول الي (الصيغة) للحلول الشاملة والسلامة ؟ أم أن "طائرة ثالثة" تتسبب – لا قدر الله – فيما هو أسوأ من السيء الحادث ؟ فافيقوا رأفة بالدماء البريئة.
                  

09-12-2009, 00:04 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    حوار مع الدكتور عبد الله علي إبراهيم (1)




    هذه أسئلة وضعها أمامي الصحفي النابه مؤيد الشريف ونشر اجاباتي عليها بجريدة "أجراس الحرية". ولما ارتاحت نفسي للاسئلة الذكية عدت إلي تلك الاجابات أحررها أزيد وأنقص فيها طمعاً في أن أوفيها بياناً حتى تسوغ للقاريء. وهاهي. وأنا ممنون لمؤيد الذي زارني وصبر على هذا الحديث وفرغه من الأشرطة بصبر وحمله من الشفاهة إلى الكتابة ثم الكتابة الأخرى.



    حوار مع الدكتور عبد الله علي إبراهيم (1)

    حاوره : مؤيد شريف





    نقلا عن صحيفة أجراس الحرية




    عناوين الحوار:

    ــ أثمن وأقيم الجهادات المختلفة لأهل الأقاليم في دارفور والشرق وكلها نهضت لأنها تريد أن تكون بعض هذا الوطن كمواطنين.

    ــ واحدة من أكبر متاعب النظام تتصل بانعدام ثقة الناس في القضاء.

    ـــ لا يجب أن نكون علي نموذج من قال طه حسين بلسانه :"أنت شكاء بكاء كأختك الصغيرة".

    ـــ الديمقراطية تحتاج الي صراع من أجلها وأن تحرسها بالجمهرة.

    ـــ يجب أن نخلق الوعي حول الانتخابات وأنها هي المخرج الوحيد والذي بين أيدينا

    مقدمة الحوار:



    حوار مع د.عبد الله علي ابراهيم (1)

    ربما تعرفنا علي د.عبد الله علي ابراهيم من خلال كتاباته السياسية والادبية والثقافية وهي كتابات كثيفة وذات طبيعة "شعبية" في اتجاهاتها وحتى في لونية اللغة المستخدمة ، فالرجل يجنح لاستخدام لغة بسيطة أقرب الي الوجدان الشعبي وإن كانت معقدة في بنائيتها كما يصفها البعض. هذه البساطة ليست قصرا علي الألفاظ إنما هي نمط وأسلوب حياة عنده ، فقد تجده منبسطا يرتشف الشاي في قارعة الشارع يبادل الناس الحديث وتحسه واحد منهم لا يقطعه عنهم قاطع ، يبادلهم الهم ويسمع منهم في عفوية تامة .وجاءت مباغتته للأوساط الثقافية باعلانه المفاجئ لعزمه الترشح لرئاسة الجمهورية ما فجر نقاشات وجدالات اختلفت في حساب جدوى وفعالية الخطوة. دار بيننا هذا الحوار وقلبنا سوية في أوضاع السودان وامتد بنا الحوار لساعات عدة لم نحسبها وهو ما أطال الحوار لاكثر من حلقة . وأتأمل أن نوفق في ذلك



    إذا كان الناس يجمعون علي حراجة الإنحشار الذي يعيشه النظام ، وما ينسحب من هذا الوضع علي الوطن ، وأنت تقول وتصفه بأنه "منعطف ولود!!" ، فما هو باعثكم لهذا التفاؤل ؟

    حاصل ترتيب في البيت السوداني استغرق سنين عددا.، ترتيب داخلي شاق ودموي. ولكنه ترتيب لامهرب منه لبناء وطن مستحق للجميع. وأنا دائما ما أشير إلى أنه عبر تاريخنا منذ الاستقلال، وفي السنين الأخيرة بوجه خاص، اتفقت لنا مجموعة مواثيق في قسمة السلطة وقسمة الثروة . والحق أني لا أنظر اليها كتقسيم مجرد للسلطة والثروة بل أعتبرها خطوات باتجاه نشر المواطنة علي مواقع ومناطق واقاليم كانت مستبعدة من المواطنة وتشتكي من انعدام أثرها في السلطة. أفتكر نحن الان نسير في طريق المواطنة "السابغة" أي الشاملة للجميع. وتم هذا عن طريق صراع عنيف . وأنا أثمن وأقيم الجهادات المختلفة لأهل الأقاليم في دارفور والشرق والجنوب وكلها نهضت لأنها تريد أن تكون بعض هذا الوطن كمواطنين . وأختلف معهم في التكتيكات وأرى أنه كان بامكاننا، وبديمقراطية 1986م، أن نصل الي هذه الغايات بشكل برلماني، بشكل ليبرالي، بشكل سلمي. ولكن أحاطت بهذا الطريق السلمي ملابسات ومتاعب وتفرقت السبل. وما لم نبلغه بالسلم وبالنظام البرلماني بلغناه بالحرب والاقتتال ، وهذا ثمن باهظ ، ولكنه الثمن الذي يتوقع دفعه كل من يريد أن يبني أمة سوية. وأنا افتكر أن هذا سببي للتفاؤل بالوطن الجديد وهو أنه اكتملت عندنا معاني المواطنة السودانية. فالمواثيق المؤدية الي ذلك تحت تصرفنا ، بعضها لم يكتمل في دارفور . ومع ذلك انطبق علينا قول القائل نعرش على كده. فلم تبق سوى مرحلة تشطيب الوطن للجميع. والانتخابات التي قررت دخولها لمقعد الرئاسة داخلة في مرحلة التشطيب. وهي تمثل فرصة للسودانيين أن يختاروا مقاولي تشطيب من الدرجة الأولى. لأنه اذا استمرت الانقاذ، وهي عند الكثيرين فاقد مواثيق أو قادة مواثيق بمعنى بؤس إئتمانها عليها ، ومورطة في تواريخ مذكورة وسلبية ، فستعود حليمة لقديمها. فإذا نحتاج لفتح صفحة جديدة بالانتخابات تأتي بطواقم سياسية جديدة سواء علي مستوى رئاسة الجمهورية أو البرلمانات تكون في حل من تواريخ الحكم القديمة والحزازات القديمة والثارات القديمة والثوابت القديمة. وأهم ما نطلبه من هذه الطواقم أن تتصف بخلق الوفاء بالمواثيق الذي هو لب السياسة وما عداه هرج. ومن الجانب الاخر مفروض علينا دستوريا أن نجري الاستفتاء على وضعية الجنوب فأما انفصال واما وحدة عن طريق الاستفتاء. وهذه سكة خطرة نريد أن ينهض بها الأشداء على الحق منا: رجال ونساء جنوبيين وشمالين في قامة بناء وطن وليس رجال في قامة الكتال من اجله. نقدمهم لأنهم موهوبين في فن التنازل والمساومة وتخطي العقبات بالصبر ورباطة الجأش والتفاؤل بالسودانيين الذين يستحقون كل خير وما وجدوه. وعدة هؤلاء الإرادة الوطنية التي هي كل ما تبقى لنا من الاستقلال الجريح. وهنا مبعث تفاؤلي من أن الاشياء التي تنتظرنا ولود . ولكن كل حامل لجينات الخصوبة والوعد يحمل أيضاً جينات السلبية الاجهاض. امامنا طريقان شتى مستقيم وأعوج. ولا نريد أن نبكت أنفسنا تبكيت المتنبيء لنفسه حين قال: وإذ أهدى الطريقين التي أتجنب.

    هناك رأي آخر قد لا يري في الاتفاقات - والتي تراها بناءاً كاملاً وأساساً صالحاً وما ينقصه فقط هو التشطيب - قد لا يري فيها هذا المعنى ويعتبرها ثنائيات جزئت المُشكل وعمقت النزاعات الطرفية ويستشهدون بأبوجا ؟

    أفتكر أن هذه من ثوابت بعض الناس لتوا فيها وعجنوا فيها طويلاً. هذه ثنائية وتلك ثلاثية وهذه ثلاثية وقدها رباعي. حتاما. ومثل هذه الثابته ما أحرص في دعوة الناس للتخلص منه. فالاتفاق اتفاق وليس إمساكية رمضان. وليس فيها ما يحرم تجديده ومرحلته واستكمالا من مثل استكمال أبوجا بالتعويضات وغيره. العبرة ليست في فساد الاتفاقات التي بيدنا. العبرة في قصر قامة القيادة عندنا التي لا تنهض بالتبعة حتى غايتها. فهي قيادة العودة من الغنيمة بالإياب والشكوى مر الشكوى.

    قيادة أم مؤسسية وآليات للدولة ؟

    البرلمان مؤسسة وقيادة تشريعية ، ورئاسة الجمهورية هي مؤسسة تنفيذية ، والقضاء مؤسسة رقابة وصون. ونحن نريد أن نجدد هذه المؤسسات ونرسم الحدود بينها في حكم ديمقراطي تأخر طويلاً. فعلي سبيل المثال لابد أن نؤمن فصل القضاء واستقلاليته . فالواضح الان ان واحدة من أكبر متاعب الإنقاذ تتصل بانعدام ثقة الناس في القضاء. هناك شبهة أن القضاء لا يزعج الجهاز التنفيذي ولا يعقب عليهً. فأنا مستغرب جداً أنه لم تننشأ بين قضاتنا ثقافة حرية التعبير في أحكامهم مع أن الرقابات المختلفة تأخذ بخناق الصحافة. هناك ظلم سميته "جورا" في مقال أخير. ولما جابهتنا مسألة دارفور لم نجد في قوانينا ما أقنع العالم بأن محاكمنا الوطنية قد أعدت للأ مر أهبته. فمن المحرج أن يتخطانا العالم إلى محاكمه نفر منا لأننا لم نرتب بيتنا القضائي بصورة تسترد إرادة العدل لنا ولا تكون قميص عثمان غربي. وهذا قول عابر يؤكد علي أهمية تامين مسألة استقلال القضاء. وهذه تبعة للاصلاح من أجلها خلقت الانتخابات وتنافس المتنافسون لتحقيق هذا الاستقلال وتأمينه.
    يمكن لك أن تشكو من الثنائيات ما وسعك. وأخشى أن يكون في ذلك مصداقاً لقول طه حسين بلسانه عن نفسه:"أنت شكاء بكاء كأختك الصغيرة". فأترك الشكوى وأبدأ النقد. فقد لاح صباح الفعل بالناس وللناس عبر الانتخابات التي لا يمكن أن تنعقد إلا في مناخ حريات مهما طففتها الحكومة. ولا احد بإمكانه أن يعطيك الضمانة للديمقراطية وبالأخص الحكومة، أي حكومة. فالديمقراطية تؤخذ غلابا وتحرسها بالجمهرة والطبع في نهاية الأمر. المعارضة الرسمية للإنقاذ قطعت أواصرها بالجمهرة وبدأت الشكوى. فأبوجا جاءت ناقصة أو ثنائية ليس بسبب الإنقاذ وحدها بل بسبب الأمريكيين بصورة كبيرة لأنهم أرادوا اتفاقاٌ مع حركة مسلحة غالبة على حساب حركات خافتة لحماية اتفاق نيفاشا مع الجنوب. فأبوجا صناعة العالم القوي الذي كان يمول معارضة التجمع نفسه في القاهرة. فالوعي بنقص ابوجا لا ينبغي أن يقتصر على بؤس الإنقاذ. إنه أكبر من ذلك وهو وعي باستضعافنا، عرباً نحن ونوبة، في ميزان العالم. فمسألة دارفور عولجت في أبوجا لا بقدر أهميتها بل لأنها ستمطر في حفل نيفاشا وتفسد زينتها كما يقول الأمريكيون.
    وهذا سبب لنبعث فينا الوطنية كإرادة نصوبها نحو متاعبنا متمتعين بالنظر الشامل. وهذا سيقودنا إلى تحجيم القانونيين في السياسة العملية. فبعض اسباب غلبة الشكوى في نشاط المعارضة هو سيادة العقل القانوني في ممارسة المعارضين. فالقانوني لا يعتقد في حصول الشيء إن لم يصدر قانون بشأنه أو ان يلغى قانون يحرمه. يضيقون واسع السياسة كممارسة تجترح المعجزات (بما في ذلك الثورة) بتخفيضها إلى فقه تشريع وتشكى من مماطلة في التشريع. هذا مقبول من القانونيين ما ما رسوه في حيز المحاكم والمحاماة. ولكنهم حين ينقلونه بحذافيره إلى ساحة السياسة يصبح بعض آفات مهمة هدت في غير مكانها.

    بالنظر لدولة الحزب الواحد والدولة الامنية القابضة ، أليس من الاجحاف تعليق كل اللوم العنيف علي الاحزاب وتشكيها ونترك حزب الدولة القابض بقوة القمع والسلاح ؟

    دي الشكوى بذاتها وصفاتها .. ده تشكي برضو. الحكومة كعبه يعني حنقول الكلام ده كم مره . فنحن نقوله منذ جاءت في 1989. هل كتب علينا أن نكرر جور الانقاذ كل صباح جديد. دا حدو وين؟ ؟ ده كلام ما يصح. إنتو ما بتزهجوا ...

    اذا ما هو المخرج من "حالة التشكي" في رأيك ؟

    الإنتخابات ثم الانتخابات ثم الانتخابات. الحل هو تحكيم الشعب. فلو جاءت الإنقاذ بالانتخابات شن قولك؟ ننتظر انتخابات قادمة فصراع الديمقراطيين متنى.

    وهل يمكن أن تقوم انتخابات في أجواء من الكبت والاستفراد؟ وهل الاجواء اليوم مناسبة لانعقادها حرة وشفافة ونزيهة ؟

    شكوى برضو. هذه صنعة المحامين فينا. فطالما لم يصدر قانون إيجابي لصالح الشفافية فالإنتخابات مزيفة مقدماً.لا. السياسة غير ذلك. نحن ما ولاد الليلة. ولم تقع مآثر السياسة عندنا في شروط القانونيين للعمل السياسي. نشأنا في اليسار على ضرورة ربط العمل القانوني بالعمل غير القانوني لإنفاذ خطتنا وعلى المساومة في التراجع وعلى العزيمة في الهجوم. نلحف في المطالبة بالقوانين الديمقراطية ولا ننتظرها لنمارس ما نعتقد. وندفع الثمن. ودا مربط الفرس.

    وكيف نخلق الجو ؟

    يجب أن تقول للناس أن الانتخابات هي طريقنا الأقصر إلى حل الأزمة الوطنية العاولة. وحتى لو غفلنا عنها وزورها مزور في (في شرط نيفاشا) فهي أقل وجعاً في الوطن. فقد طال مدى إراقة الدماء. إنتو قلوبكم ما فيها رحمة. والانتخابات كذلك هي الوسيلة الوحيدة التي هي طوع إرادتنا الوطنية. أما بقية المخارج الأكامبوأوبامية فهي ملك مسجل لآخرين. ومن يملك من أمرها شيئاً فليورينا عياناً بياناً أن في طياتها شفاء لوطننا. علينا أن نكون إيجابيين وصادقين وكلنا عزيمة في خلق الوعي بأن الانتخابات هي المخرج الوحيد والذي بين أيدينا . يمكن أن نرجع لحرب التحرير ولكن النسخة التي نراها في دارفور منها على ايامنا هذه فمحزنة ولا تسر عدو ولاصليح. لقد جرب بعض الشماليين هذا الحل وعاد العائد منهم ملوماً محسورا. أنا دعوت دائماً لاسترداد قوى الأمة الحية من من العمال والمزارعين والرأسمالية الوطنية والهامش المدني قاطبة إلى الساحة السياسية بعد تفريغها من المليشيات والمسلحين في الحكومة والمعارضة . ولا سبيل لعودة هذه الجماعات (التي اختطف المسلحون منها السياسة) إلى دائرة السياسة إلا بالإنتخابات. وأعجبني قول السيد الصادق المهدي حين وصفها ب "إنتفاضة إنتخابية". فلن تعود هذه القوى إلى ساحة السياسة إلا بفوهة صندوق الإنتخابات. فقد تأذينا من معشر المسلحين الذين حكمونا أو عارضوا بنا بفوهة البندقية. بالديمقراطية تسمع كلام من يبكيك لا من يشهر البندقية فوق راسك. كفاية.

    هذا يحيلنا الي مسألة أساسية جدا ، وانت تتحدث عن انعدام الفعل لقوى الشعب ، أليست هي نفسها مكبلة بترسانات من القوانين الاستثنائية والاجراءات الاستثنائية أيضا ؟

    يا مؤيد أنا كل ما اخرج بك من الطين تعود بي إلى شكوى القانونيين ؟ كيف يختلف هذا السؤال عن السؤال الذي سبقه ؟

    هذه دليل علي انها حالة مستمرة ؟ألا تؤخذ في الاعتبار ؟ الأصل أجواء طبيعية و...

    الأصل أن تنتزع هذه النقابات من سدنة النظام. وليس هذا بالأمر الطاريء. تاريخ النقابات منذ عهد الاستعمار هو تاريخ استبدال ممثلي الحكومة عن النقابة بممثلين أخيار لمصالح العمال. فهذا هو الأصل في تاريخ هيئة شئون العمال في السكة حديد. اراد الإنجليز أن يكونوا لجان مصلحية بدلاً عن النقابة الي بدأ العمال في الحديث عنها. أراد الإنجليز أن تكون هذه اللجان أداة طيعة في يدهم ويبدو عليهم مع ذلك أنهم استجابوا لمبدأ تمثيل العمال. ورفض العمال هذه اللجان النقابية الزائفة. وكتب الرفيق قاسم أمين "وكشفناك يا نيومن" ليعرى خطة النقابة الكاذبة. وشهدت عطبرة في 1947 معارك جد لإنتزاع نقابة عمالية بحق وحقيق. ولو درست مصطلح "إنتهازي" في سيرة النقابة السودانية لوجدته وصفاً لعمال اختاروا صف المستخدم أو النظام الحاكم على التعبير الشجاع عن مصالح العمال. القصة قديمة لكين مين يقرأ يا مؤيد يا ابني. ولا تقول لي الإنقاذ جاءت بما لا عين رأت من صنوف السيطرة على النقابات بما يتواضع به فعل الإنجليز وعبود ونميري مجتمعين. كضباً كاضب.
    اقول لك كلام. أعرف أن نقابة البوستة (المخصصة) معتصمة منذ أسابيع احتجاجاً على شروط الخصصة التي اضرت بهم. وانعقد خلال هذه المدة مؤتمران حزبيان تاريخيان. هل سمعت يا مؤيد اي قرار لصالح هؤلاء العمال والموظفين من المؤتمرين بغض النظر عن من يسيطر عليها من الحكومة أو المعارضة. لقد أبت نفسي إلا أن أغشاهم لوقت قصير في اعتصامهم واستمعت إلى نقابي منهم حول مظلمتهم بعد تعريفي بنفسي.
    يشكون من سيطرة الإنقاذ على النقابات وتزوير الانتخابات ثم تضرب نقابة ضد الخصخصة البغيضة ولا معين وما زلوا يشكون من الإنقاذ التي وسعت كل شيء وأدخلت النقابات في حظيرتها. ود اسمو كلام. أما المحامون المعارضون فقد أصبح انسحابهم من انتخابات نقابتهم هو غاية همهم.

    تنسحب اعتراضا علي أجواء معينة.

    لا تنسحب حتى تكتب عند الناس منسحباً. تنسحب لتستعد للجولة الثانية. فالنقابيون المعارضون ينفقون الفترة بين الانتخابات في حالة بيات مهني وسياسي. فدائماً تفاجئهم نقابة فتحي خليل بالانتخابات وهاك يا شكوى. فالمعارضون لا ينتهزون فرصة ما بين الانتخابات لخلق رأي عام حول الإصلاح القانوني واستقلال القضاء وديمقراطية القانون لا بطق الحنك في ندوات مبعثرة هنا أو هناك. بل بسلاسل لنشر كتب عن هذه القضايا وسمنارات بل ومراكز للبحث في متاعب المهنة وآفاقها. فقد انحل معهد التدريب والإصلاح القانوني بجرة قلم ومحامي المعارضة غائبين عن ساحته جملة واحدة. الشاهد أن المحامين المعارضين حين ينسحبون لا يعودون لإنتخابات العام الجديد داعين إلى وعي مبتكر بالقانون وبالمهنة يجذبون به أهل المهنة على الحق. فهم يعودون يمضغون سياسة محضة كممثلين للمعارضة. لا يأتون اصالة عن انفسهم كأهل مهنة للعدل والانصاف بل ككادر معارض من نوع العشرة بقرش.
    لابأس في الانسحاب ما دعت له الدواعي التكتكية. لكن لا تجعل منه سيرة.

    أين ترى جذر النزاعات والصراعات في السودان؟

    أولاً أنا أفتكر أنها صراعات مشروعة . لا أبدأ بالتحسر منها. وجذرها في أن في القومية الشمالية السودانية (التي ابتدرت الحركة الوطنية وافتصرت عليها لزمن طويل) نجحت في مسألة التحرر الوطني واطاحة بالانجليز لكنها فشلت في انجاز الخدمة التالية والمتمثلة في عمل إلفة في هذا البلد. فمدار الحركة الوطنية الشمالية (وحركة الخريجين خاصة) السودان النيلي المشبع بتراثه العربي الاسلامي. فقد كان من أحب شعارات هذه الوطنية أنها: (أمة أصلها للعرب ودينها خير دين يحب). فحين تتحدث عن العلاقات الأزلية مع شعب أخر فهو عن مصر وحين تنفعل بالمحن في العالم تحظى فلسطين مثلاً بقصب السبق. وحين آل الحكم بالاستقلال لهذه الجماعة لم تنتبه لوجود لغات اخرى وعقائد أخرى وعلاقات أزلية أخرى. فمثلاً العلائق الأزلية للجماعات السودانية عديدة. فقد اتضح بالتدريج أن للغرب علاقة أزلية بشاد وأن للشرق علاقة أزلية بأرتريا وهكذا. فالسودان ذو علائق أزلية لا ذا علاقة أزلية. وهذا باب رحب في التنوع السياسي. لقد جاءت هذه العلائق العديدة إلى الساحة السياسية بإطراد دخول الأقوام السودانيين غير الشماليين ساحة الممارسة السودانية.
    لم تحسن حركة الخريجين سياسة تكوين الأمة- الدولة حين التزمت بما نشأت عليه من تقاليد ووجهات. ولكن سرعان ما اقتحمت قوى نسميها بالهامش ساحة السياسة تباعاً. وسارعت أخطاء صفوة الخريجين هذا الاقتحام العنيف. فقد هزت سياسات هذه الصفوة حياة الهامش فأجبرتهم على النزوح والتسيس بصورة إثنية لا قومية. فحتى قيام نظام 17 نوفمبر 1958 مثلاً وقف الانجليز حائلا دون دخول اي استثمارات رأسمالية الي مناطق جبال النوبة لتجنيبهم الانفتاح على الشمال العربي المسلم في ما عرف بسياسة المناطق المقفولة. وبدخول نظام 17 نوفمبر بدأ المعاشيون من الأفندية والضباط في شغل استثماري فتحت الحكومة لأجله أراضي جبال النوبة في هبيلة وغيرها بغير شرط أو وازع. وسهل لهم البنك الزراعي الاقتراض لأجل مشاريعهم. بل وجدوا تشجيعاً من البنك الدولي الذي رأى في مشاريع هؤلاء المستثمرين الآلية منارة للحداثة في ظلمات الهامش البدائية. هكذا بدأ إزعاج هؤلاء القرويين الأمنين لاقتصادياتهم المعيشية الطبيعية باتجاه المدن لتتشكل لهم فهوم جديدة ووعي جديد بالحق والظلم. ولذلك فبالامكان أن نعزي ما تسمى بحروب السودان الأهلية لمثل هذه السياسات الجشعة التي تدثرت بثوب الحداثة. فالريف السوداني غاضب على الحكم غضباً مشروعاً. واختلفت مع قادتهم في التكتيك العنيف لا في مشروعية طلبهم للعدل من ظالميهم. فكنت أنقد الحركة الشعبية في أنها لم تعط الديمقراطية أو البرلمان فرصة يزم رفضت أن تكون طرفا في برلمان 1986م وكان بامكانها ان تكون القوة الوحيدة في البرلمان ضامنة ديمقراطيته وعدله . وافتكر أنه ما زال للديمقراطيين منا في الشمال والجنوب نقداً مستحقاً للحركة الشعبية التي لم ترم بثقلها إلي جانب القوى الديمقراطية لتمكين الديمقراطية. بل انتهت إلى جذبها هي نفسها إلى ساحة الوغى. وحرب النظام الديمقراطي حرب سهلة.
    صفوة القول إن لهذه النزاعات المشاهدة أصولاً مادية وتاريخية. فقد حصرت الحركة الوطنية الخريجية خيالها في الشريط النيلي ولم توفق إلى تضمين الهامش في خطابها او ادائها. وما تزال ترى هذه النزاعات كأوجاع مؤقتة أو مملاءة من الخارج. فهي قد تضطر إلى عقد اتفاق أو آخر مع زعمائها ولكن ما في القلب في القلب وتعود حليمة إلى قديمها. وهذا طريق الأشغال الشاقة في بناء الوطن فمتى نختصر الطريق إلى وطن حر سالم ديمقراطي.

    هل تتحدث عن قومية شمالية أم ...(مقاطعاً)..

    أنا أسمي الحركة الوطنية التي أدمنت الفشل بقومية الشماليين بقواها من الأفندية البرجوازية الصغيرة وأهل الإرث الطائفي والقبلي . وفي الجانب الاخر أجد حركة العمال الوطنية وهي طاقة سياسية وخيال سياسي بخلاف وطنية القوميين الخريجين. وضربت دائماً مثلاً بتهافت الخريجين على السودنة حتى نسوا الجنوبيين منها أو كادوا. وأنظر في الجانب الآخر للعمال يطلبون من الحكومة الوطنية الأولى تطبيق مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي لرفع مرتبات المستخدمين في الجنوب إلى وضع الشماليين. وكانوا يريدون السوية في الوطن لرفع تمييز الإنجليز للشماليين على الجنوبيين من حيث الأجر. وفعلوا الإنجليز ذلك لسوء ظنهم ب" الزنج" الذين إذا كثرت نقودهم سكروا وأفسدوا في الأرض. ، الحركة العمالية كانت واعية أن المسألة ليست في ان "تكبر كومك" ، بل في أن تتنازل عن كومك أو أن تقتسم كومك . وفي حال أنك لم تقم بذلك سيكون الاستقلال مفخخا بهذه المظالم التي صنعها الانجليز وسترثها وتصبح هي أنت مع أنك لم تقم بها أول مرة. وهذه ما حدث . وأصبحنا الاستعمار الذي لم ير صفوة الهامس مثله استعماراً حتى في المستعمرين الإنجليز. إن جريرة حركة الخريجين وصفوة الإرث كبيرة. ولم نبدأ بعد في فهمها على وجها الأكمل وبخاصة حين نعممها لتصبح عاراً لكل الشماليين لا لقوى من قواهم. فقد تركت الحركة الوطنية العمالية إرثاً كريماً في العلائق مع الآخر يتغاضى عنه الكاتبون العجولون.

    كيف يمكن أن نفسر الاستعدادية العالية من العنف والمتصف بها النظام الحالي ؟

    علينا أن نجيب أولاً على سؤال كيف يقاس الظلم ؟ وقياسا علي ماذا ؟ لماذا نخص نظام الإنقاذ بالاتصاف بالعنف العالي ونتغاضى عن نظم الفريق عبود والمشير نميري. أفضل دائماً أن أرى نظام عبود ونظام النميري وهذا النظام كنظم متصلة غير منقطعة في مادة العنف. ووصفتها من قبل بأنها جميعا خرجت من "نقتيف" واحدة. وجذر المسألة في القومية الشمالية الخريجية التي لم تستطع أن تبني الوطن بشكل عادل ومنصف. وما أن ينقلب الهامش عليها حتى يتدخل الجيش بالانقلاب لحماية بيضة الوطن . ويستمر في حكمه لست سنوات أو 17 عاما أو 20 عاما بشريعة واجبه في حماية وحدة البلاد . في رأئي لا بد من الربط بين هذه الأنظمة الثلاثة حتى نقيم سياساتها علي نحو أكثر عمقاً نتعرف به على سياسة الفئات الاجتماعية الحظية في الشمال . معلوم أن جميعها نظم عنيفة . ولكن المعارضة الضريرة للإنقاذ تميز بينها مع ذلك. فنظام عبود يا سلام موية بس ونظام نميري والله مش بطال لكين ديل جونا من وين ديل. وقاعدتهم في هذا التمييز بسيطة. فالنظام الأعنف الورانا جديد ما كان على بال هو النظام الذي يواجههم لساعتهم التي هم فيها. وحين يأفل هذا النظام الفظيع يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذا تبسيط وربما ضيق خلق ولكنه ليس من السياسة في شيء. فالسياسي والمواطن ليسا ملزمين ب "العزل" بين النظم المؤذية. فحتى لو كان بين النظم المؤذية نظاماً خف ضرره فتفسير ذلك في بطنه لا في منشأ العنف وتطبقاته وما يتحقق له منه. ما الذي يجبرني كمواطن على قبول الظلم الخفيف دون الظلم الثقيل. لا هذا ولا ذاك. التمييز بين الظلمة من حيل المعارضة وتأجيجها لأنهم يريدون لنا أن نعارض النظام القائم بشروطهم لا بوعي يحاكم كل تلك النظم المستبدة محاكمة تاريخية نهائية. وربما حاكم هذا الوعي أحزاب المعارضة حساباً أعسر.

    عبود لم تكن له حربا دينية معلنة تصنع شرخا اجتماعيا كبير ؟

    هذا غير صحيح . من فرض يوم الجمعة عطلة علي الجنوبيين بدلاً عن الأحد ؟ من فرض عليهم دخول المعاهد العلمية كرد على مدارس التبشير؟ أول تمرد أو حركة سياسية لوليم دينق وجوزيف ادوهو تجمعت سحبها احتجاجاً على هذه الإجراءات الثقافية. وسميتها في موضع آخر ب "البلدوية" والأشارة إلى السيد علي بلدو مدير الإستوائية الذي هو أول من استخدم الدولة كجهاز للتبشير بدينه طمعاً في حل المعضلة السياسية التي واجهها.


    ما قصدته أن عبود لم يصل مرحلة أن يقول أن الجنسية السودانية هي لا اله الا الله وأن وثيقة السفر السودانية هي محمد رسول الله (ص) ؟

    أنت أيضا تميز بين عبارات من يظلمك بفرض تفسيره لدينه عليك. ولماذ اتسامح مع عبود لأنه لم يقل شئياً قالت به الإنقاذ مع أنه سبقهم إلى كومهم في تديين الدولة.

    أنا أميز الفعل الاكثر ضررا علي وحدة البناء الوطني ووحدة المجتمعات المتنوعة ؟

    ليس هذا من النباهة في شيء. أن تقول من يضرالبناء الوطني أكثر هو الملام . من أعطاك حق اسقاط العفو عن الذي أضر ذلك البناء على خفيف. هناك وحدة في هذه الأضرار لا ينبغي التغاضي عنها بأسباب معارضة سياسية يخدم "العزل" بين النظم المستبدة عاجلتها المعارضة فتنسى مقتضى النظر السياسي والتاريخي السديد. فبين النظم موضوع حديثنا وحدة في التراكيب هي الأجدر بعنايتنا. اما مقادير ضررها فهذا حديث لا نفع منه. أنا شخصياً لا أحتمل أن يؤذيني نظام أذى خفيفاً كان أم ثقيلا.
                  

09-12-2009, 00:13 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    الحلفة الثانية

    حوار د.عبد الله علي إبراهيم (2)




    كيف تصف الطريق إلى "انتفاضة وعي" بإمكانها أن تبطل حروب التجارة السياسية والاقتصادية المقنعة في السودان وتفتح مسارات جديدة لحلول مغايرة؟




    عن طريق ما اسماه الفيلسوف الإيطالي قرامشي "تشاؤم الفكر وتفاؤل العزيمة". بمعني أن نشعر بالطمام من أفكارنا التي أوردتنا مورد التهلكة المشاهدة. أن يحس كل منا أن حمار فكره قد وقف في العقبة. أن يعيد النظر كرتين في ثوابته. فكل ما ثبت استعصى على الريح فأنكسر. وكثيراً ما كررت قانون الحفر الأمريكي لوصف فساد الفكر عندنا. فالقانون الأمريكي يقول إذا وجدت نفسك في قاع حفرة فأول ما عليك عمله أن توقف الحفر. وقد كتبت كتابي "بئر معطلة وقصر مشيد" عن إفلاس الفكر السياسي السوداني لتحذير الحافرين في الحفر أن يتوقفوا ختى لا تذهب ريحهم. ومجاز البئر والقصر قرآني كما هو معروف. وصف به الباريء كيف تنضب البئر التي بنت القصر بينما تظل حيطانه مشيدة إلى يوم قريب. أما الشق الثاني من عبارة قرامشي فهو ما أحاوله بخوضي انتخابات الرئاسة. فقد أردت تدشين ممارسة سياسية إيجابية (شاقة وربما مستحيلة ولكن ارجوك ألا تساعدني بالإشفاق عليَّ لأنك ربما اسرفت في الوصاية. ساعدني بوجوه أخرى عديدة). وقصدت من ترشيحي أن يكون رافعة لقوى التجديد والمخاطرة في فكرنا. نسترد بها السياسة من الهرج ونزيل آثار عسكرة الحياة المدنية ونبني جسورنا ببعضنا البعض نحو إلفة في الوطن. فتفاءلوا بالوطن تجدوه. و انتفاضة الوعي هذه تخلص من الفكر إلى العمل ومن العمل إلى النهضة نستبدل بها دورة الفكر الخبيثة التي تترواح بين "القطيعة" في النظام القائم التي تدمنها صفوة النادي اليساسي ونصحه على طريقة "نصحتهم نصحي بمنعرج اللوى". وهي دورة يظن المصابون بها أنهم أبطال مجهولون وما عرفوا أنهم متورطون كبار في النظام. فقد لا يكونون في واجهة النظام أو متمتعين بوظائفه ولكنهم هم مثله أيضاً مفردة من ثمار التراكيب الاجتماعية والثقافية والطبقية التي خرج منها النظام. إنهم والنظام في هذه الرحلة الخطرة في الوطن. ولربما كان هذا هو سبب عقم معارضتهم المتخيلة حتى بلغت عقدين من الزمان والجايات أكتر من الرايحات. أردت بترشيحي تجديد العزيمة للتغيير بفكر متشائل (متشائم متفائل في نفس الوقت) كما جرت العبارة.




    كتبت كثيرا عن فكرة الترابي وخلعت عليه صفة "المجدد" من بين صفات اخرى . فكيف تحاكم نموذجه ، ما كان منه وما آل اليه ، في الحكم ؟




    أولا لم يأت الترابي للسلطة في 1989 بطريقة شرعية . وحتى في عهد نميري جاءها بمصالحة وبعد فشل تجربة العنف والغزوة. اما المساومة فلا غبار عليها لولا ان الترابي حين عقدها لم يلتزم باشراط المساومة. فانت لا تساوم في جوهر دعوتك . فلم تكن قوانين سبتمبر الإسلامية التي فرضها النميري في 1985 أصلاً عنده. فقد اكتفى قبيل صدورها بصورة متدرجة لتطبيق الشريعة اقتصرت على " مواءمة القوانين السائدة بمقتضيات الشريعة " كان هذا حجم طموح الحركة الاسلامية وسقفها. وقد استخف النميري بجهود اللجنة التي طابقت بين القوانين والشريعة حتى أنه لم يعرضها على جمعيته التشريعية. وانقلب عليها بليل. وجاء بقوانين سبتمبر التي حرص ألا يعرف الترابي عنها شيئاً قبل إعلانها على الملأ. وكان يلزم أن يكون للترابي عند هذه الخادثة حديثاً ولم يفعل. فتحمل وحركته وزر قوانين جرى تصميمها لتمديد أجل نظام كان يترنح نحو النهاية. لقد ميزت الترابي كمفكر إسلامي لم يسعفه المؤمن القوي أو الحنيف لخدمة الحرية كغاية وفرض. فقوله في معرض كشفه لملابسات انقلاب 1989 إنه ذهب إلى السجن بينما سار البشير للقصر سيلاحقه أبداً بوصفه عبارة شاذة وشغل استغماية لا يجدر براع مسئول عن رعيته. وأتذكر لي مأخذاً قديماً على حرفته السياسية. فقد رفعته إلى مسرح كلمته المعروفة في ندوة أكتوبر 1964 التي اشترط الحرية لمسألة الجنوب. وما أن دخل البرلمان بعد الثورة ختى دعا إلى دستور إسلامي لم يراع فيه شرطه الحرية في معالجة أمر الجنوب الذي لم تجر انتخابات في أكثر دوائره بسبب انفراط الأمن فيه. أنا معجب بمشروعه التجديدي الإسلامي ووجدت فيه مرونة لمن أراد من موقعي في اليسار أن يكون يسارياً مسلماً لا مجرد يساري يحترم الإسلام كعقيدة. ولا زلت أعجب كيف لم يجد مشروعه هذا سياسياً فيه يزكيه للناس بالصبر والموعظة الحسنة. وأنا معجب بنفاذ بصيرته في بناء حركته في كتابه عنها الذي وصف فيه نهجها وكسبها. ولما لم يبن الترابي سياسته على التزام الحرية انتهى إلى ما هو إليه الآن غبيناً من حيران جفوه أوزعيماً على قسم صغير من حركة لم تعد شيئاً مذكورا.




    بعضنا يصف مشروعهم في الحكم بـ "إسلام القشور":نموذج اسلام ألوان دهانات واجهات المحال التجارية ولبس الظاهر دون الجوهر ، وليس هو بالمشروع العميق الذي يخلف اثرا راسخا علي المجتمعات ، فاين مصدر الحيوية في الحركة والذي تحدثت وكتبت عنه ؟ هل الامر فقط متعلق بشخص وكاريزما الترابي ؟




    لا. كان للحركة الإسلامية وما يزال مكانها في السودان المستقل عن الاستعمار. وبخاصة أن الاستعمار ليس مجرد نظام سياسي أو اقتصادي وإنما حركة تبشيرية دينية ايضاً يطمع في حمل من استعمرهم على عقيدته أو على سوء الظن في دينهم على الأقل. فلإسلام إذاً مضاد حيوي ثقافي لا غنى عنه ضد مهمة الاستعمار التبشيرية. ولكن كريزما الترابي وعزائمه هي التي تنزلت بالدعوة والحركة إلى أرض الواقع. من الجهة الأخرى فإن الذي صبغهم بالإسلام الذي وصفته هو مسارعتهم غير الرشيدة ولا الماكرة (بالمعنى القرآني الذكي) لتطبيق الشريعة. فقد وصفت لك في إجابتي الماضية كيف أن الإسلاميين ذوي السابقة المعروفة في محاربة الاستبداد قد حالفوا في أخر أيامهم المستبد خصماً على عقيدتهم أو كانوا هم من استبد بالانقلاب. فالانقلاب ابتذال. فبه تبدو الفكرة التي لم يأذن بعد وقتها دانية القطوف. فلا يواليها صاحبها ولا يصبر عليها بنقص الأنفس والثمرات حتى تلقح العقول والأفئدة وتقع موقعها في التاريخ مستريحة ومريحة. وقد بينت في كتابي عن البئر المعطلة والقصر المشيد كيف أن دعواهم لتطبيق الدستور الإسلامي منذ الاستقلال قد افقدتهم الحس بالتاريخ ومنازل العقائد من الناس والحياة. فلم تبلغ الحركة الإسلامية فقها الجريء عن المرأة كفاحاً. فقد احتاجت للحركة الشيوعية لتخرج من الفقه أكثر معانيه نصرةً للمرأة. فقد ضنوا على الشيوعيين أن تتحرر المرأة على يدهم كما كان الحال المشاهد في الخمسينات فغاصوا في بحر فقه الإسلام وجاءوا منه بما اجتذب النساء فأصبحن ناشطات في الحياة والسياسة على محجة الإسلام. وهذا نوع من التمرغ في الخصم يقويك لأنه لايقتلك. كانت الحركة الإسلامية من بعد جهادها في أكتوبر قد تهيأت لقفزة كبرى. وكان الترابي هو من تغرب وتأهل وضحى ليقودها في سكة القفزة الكبرى. وصارع التربويين في الحركة ممن أردوا لها أن تكون جماعة تتربى فكراً بمعزل عن السياسة حتى يأتي يوم أن تخرج للناس بالحق. وصرعهم بحجة أن السياسة هي التربية الأمثل ومن جافاها نقصت تربيته.




    إلى أي مدى تعتقد أن "مشروعه" للسلطة ملائم ومتسق والمزاج السوداني والخصوصيات الدينية عند المجتمعات السودانية ؟




    للمجتمع السوداني أمزجة تاريخية. وخصوصياته التاريخية عديدة. ففي عهد الفونج اتسع للزبالعة المظنون أنهم باطنية مترخصون وخصومهم المتحنبلة الذين شنوا عليهم حرباً طويلة. واتسع للتقوى الصوفية ولتقوى الشرع الدقيق. وكان هذا مدار كتابي "الصراع بين المهدي والعلماء".هذا من جهة. أهم من ذلك كله أن لا نعطل بمثل عقيدة المزاج والخصوصية اجتهاد من يريد أن يخرج عنها إلى سكة أخرى في الدين. وها ما حاولته الحركة الإسلامية في سياق ابتلاء المسلمين بالحداثة. فخلافاً للحداثين في بلاد الإسلام أرادت الحركة الإسلامية في السودان (وهي واحدة من أذكى تلك الحركات) أن تاسلم الحداثة لا تحدث الإسلام. وهذا مطلب جديد للمسلمين ولا غبار على الاجتهاد فيه ولا يحق لمعترض أن يقول لهم إنهم بذلك إنما يخرقون ما اتفق لنا من مزاج وخصوصية. ألم ينه الإسلام نفسه عن الإنكفاء على ما وجدنا عليه أباؤنا؟ وأقول عرضاً إن القائلين بهذا المزاج المستقر الثابت للإسلام السوداني إنما يجترون قولاً قديماً للقس ترمنغهام في كتابه "الإسلام في السودان" الصادر في 1946. وقد لا نتوقف عند صفة الكاتب ولكن عام 1946 موغل في القدم يا ذووي الألباب




    اليس في تطبيع فساد وافساد الدولة واستشراءه علي نحو غير معهود بالمرة ، اليست هذه وضعية او ثقافية سياسية طارئة وجديدة ؟




    أراك تصر ان تخص الانقاذ حصريا بهذه الاشياء . في مثل عمرك كنت أعتقد أن نظام عبود هو الذي أفسد واستشرى فساده وورانا جديداً ما كان على بال. مثل العقيدة المعارضة التي جاءت في سؤالك قد تصلح في باب مقاومة النظم موضوع الحديث ولكنه لن ينفعنا إذا أردنا لبلدنا النهضة فينعتق من ربقة تاريخ لفساد في الدولة أطول عمراً من الإنقاذ. وكان يضيق بي معارضو الإنقاذ الرسميين حين أقول بذلك. فهم كارهون للإنقاذ لا يريدون أن يشركوا بها أحداً. ويظنون بمثل قولي الظنون مثل إنني أخاف الإنقاذ أو اتزلف لها. وكنت اقول لها حين أضع الإنقاذ في مسلسل الحكومات عندنا فأنا إنما أكرهها بحق وحقيق. كراهية فقه وعلم ونظر وعزيمة. فطريقتي في النظر إلى الإتقاذ كأعلى مراحل النظم المستبدة التي عرفناها حتى الآن مما أكشف به جذور التركيبات الاجتماعية والطبقية الفكرية والثقافية التي ولدتها كما ولدت سابقاتها. وهذا منهج يأخذني من التركيز الأعمي على فضح نظام سياسي قائم إلى فضح هذه التراكيب في المجتمع والاقتصاد والثقافة التي ظلت تستنسخ النظم الجائرة منذ الاستقلال. الذين يقولون بان الانقاذ جاءت بما لم يسبقهم اليه الاوائل يريدون اعتقالنا في مشروعهم المعارض الذي يقتصر على تغيير الحرس في النادي السياسي ولا يريدوننا ان نفكر في مشروع معارض افضل بمعنى أن يطوي النظم المستبدة جميعها في جناحه لينفذ إلى تراكيبها المستبدة النشطة المستقرة. هذا من نخاع السياسة.




    كيف تصف ما حدث ويحدث في دارفور؟




    هو نزاع معقد جدا . مثلاً هو ذيل من ذيول الحرب الباردة. فوفرة السلاح في الإقليم التي جعلت النزاعات دامية كثيرة الضحايا ترجع للمواجهة الأمريكية القذافية في أوائل الثمانينات. أقول لك حاجة. انفق القذافي ليؤمن مصالحه في تشاد نحو إثنين ونصف بليون دولاراً في الأسلحة وانفقت أمريكا لصالح حلفائها ومن حلفائها مبلغ بليون جنية. وصار السلاح شائعاً حتى قدرواأن بالولاية قطعة سلاح لكل بالغ من الرجال. وأرخص هذا بسعر السلاح في المنطقة حتى قدر أحدهم في الثمانينات ثمن الكلاشنكوف في أسواق دارفور بنحو 75 دورلاراً. ولما كثر الموت نتيجة لهذا السلاح تعذرت الديات التي كانت تكبح لفداحتها العدوان. وأصبح دفعها يؤجل مما يوغر صدور أهل الضحايا. فاصبحت مجالس الصلح زي بعضه لأنها لا تفصل في الخصومة فصلاً نهائياً يبدا به أطراف الصراع صفحة جديدة. صراع ألأفيال الحرب الباردة (القذافي المدعوم من السوفيات وأمريكا) وطأ الحشائش ونشفها. فقد اضطرت جماعات تشادية لدخول السودان هرباً من شيء أو طمعاً في شيء فهزهزت نظم دارفور السياسية وربما استخدمها النظام لمآرب سياسية عاجلة. الحكاية طويلة. وتناولتها في كتابي "اصيل الماركسية: المقاومة والنهضة في ممارسة الحزب الشيوعي". ونقدت فيه من حلل الأزمة في دارفور بالنظر إلى العرق أي الثقافة بردها بصورة بسيطة إلى عدواة العرب والزرقة. فقد نظرت إلى أساس النزاع المادي في نظم تاريخية لتملك الأرض في دارفور في ظروف طحن الجفاف والتصحر جماعات لم تجد بداً بغريزة الحياة من خرق أعراف ذلك التملك. كما نظرت في المناشيء الرأسمالية في دارفور التي ابطلت الإتيكت الريفي بين الرعاة والمزارعين لأن كل أمريء بما ملكت رهينا فأغلق الباب على نفسه ولنفسه فقط. لعل أعقد جوانب قضية دارفور هي مسألة قيادة الصفوة المتعلمة لها على خطة حرب التحرير. ولم نخضع هذه القيادة لمبضع النقد. وقد سلمنا لها بالقيادة على جمهرة دارفور بغير فرز. بينما نبه الدكتور آدم الزين إلى أن لقضية دارفور جانبان. فهي ضد تهميش المركز لدارفور كما أنها صراع أثني بين الدرافوريين حول الموارد. والصفوة المتعلمة معنية يالنزاع مع المركز كما ورد في كتابهم الأسود. ومطلبهم عبارة عن صدور طبعة دارفورية متأخرة للسودنة. وقد اضطربوا كثيراً في الماضي بين تحالفات مختلفة مع المركز. فهم مع حزب الأمة الذي حصد دوائرهم الانتخابية دائماً أو مع الإسلاميين الذين فارزوا بأول دائرة جغرافية في 1965 بدارفور. كما تحالفوا مع مايو وانتفعوا من الحكم الإقليمي. ولم يظهروا أبداً تعاطفاً مع اليسار والدعوة للدولة العلمانية التي يلحون عليها حالياً. ربما كان مناسباً الآن أن يجري هؤلاء القادة نقداً ذاتياً لهذا التاريخ مع المركز الذي ضيعوا فيه لبن الدولة المحايدة تجاه الدين القائمة على الماطنة. من الجهة الأخرى سلمنا لهم بالقيادة على أهلهم بشأن النزاع الأهلي الداخلي. وهم أبعد ما يكون حسساً به. وقد نقدهم الدكتور شريف حرير بصورة صائبة حين قال إنهم استخدموا "القبيلة" للجاه الإنتخابي الإقليمي وضد المركز الظالم ولكن غاب عنهم دائماً أن "القبيلة" كيان محلي لا يصح أن تحمله محامل في العدواة يصعب التراجع منها للعودة للعيش الآمن في السياسة المحلية. فجمهرة كادحي دارفور تعكر وتصفو. تحارب جيرانها ثم تخلد إلى السلم لأن هذا منطق العيش هناك. ولكن الصفوة التي تسنمت القيادة من الإدارة الأهلية وكبار القبيلة لا تخضع لهذا المنطق. وتبرر ذلك بجعل الأولوية لحرب المركز حتى يستجيب لمطالب دارفور جمعاء. إن معاناة جمهرة دارفور المشاهدة نجمت من مثل هذا الزيغ في القيادة. ولكن ربما كانت اقل القضايا وضوحاً (من جهة البحث لا الإدانة) في مسالة دارفور هي قضية العرب فيها عامة ورحل البادية الشمالية الصحراوية فيها المعروفين ب" الجنجويد" خاصة. فقد تعاورتهم سنوات المحل الطويل الطارد. فاصبحوا عملياً بلا وطن صغير. وشاركهم الزغاوة في هذه المحنة الوجودية. ولكنهم حلوا مشكلتهم بطرق الهجرة والتأقلم مع البيئات الجديدة. أما عرب أبالة الشمال فقد اضطروا إلى حلف سيء السمعة مع الحكومة لكسر "عصيان" حركات التحرير في دارفور بما أسماه أليكس دي وال "قمع العصيان بأرخص قيمة". فهذا كان كل ما بوسع الحكومة عرضهم عليهم كمواطنين ضاقت بهم ديارهم وعز فيها المعاش. وأفسدوا بذلك قضيتهم في نظر العالم وهي قضية هم فيها ضحايا نظم طبيعية وبشرية (بما فيها من صدوهم عن حواكيرهم) حكمت تملك الحواكير في دارفور. ويحدق شبح مسألة عرب دارفور الآن بالمساعي القائمة لتوفيق الأوضاع بدارفور نحو التسوية الشاملة . . .




    هؤلاء العرب عبر التاريخ كانوا حلفاء للسلطة في المركز فكيف يمكن ان نفهم انهم علي الدوام الطرف الأضعف ؟




    لا يعني هذا أنهم بغير متاعب لا بد أن توضع على طاولة أي مفاوضات وبوضوخ. فلا يصح أن ندير لهم الكتف السياسي البارد بمؤاخذات مثل ما نسب إليهم من تجمع عربي قرشي أو نحوه. نعم كان بعضهم حلفاء للحكومة في "تعريبها" للسياسة العسكرية في الجنوب ثم دارفور. ومنهم من حالف القذافي في مشروعه للتمكين العربي المضلل. ولكنهم أيضاً ضحايا هذه السياسات. وينبغي أن ننظر إلى ما هو أبعد من هذه المشاهد للوقوف على متاعبهم التي ربما أملت عليهم هذه الأحلاف سيئة السمعة. فهم مثل البدو جميعاً اقل الناس حظاً في التعليم والخدمات قياساً بالمزارعين. وهذا ربما ضيق فرصهم في الحوكمة المحلية والقومية. علماً بأن دارفور هو إقليم سادت فيه صفوات الزرقة دائماً. ومن الحصافة أن لا نحجبهم عن التسوية في دارفور بالنظر إلى أحلافهم التي ربما كانت أحلاف مضطر أو فقه ضرورة. ربما كرهنا هذه الأحلاف التي قوت حكومة مركزية لا نحبها. ولكن السلام المستدام لدارفور يقتضي أن لا يكون عربها خارج المعادلة وإلا بذرنا بذلك تيراباً لفتنة جديدة. المسألة كبيرة يا مؤيد. ولكن الله يكبر العقول لنستوعبها ونحتويها بالبحث كما بشر بذلك الدكتور آدم الزين بدلاً عن الفتنة.
                  

09-13-2009, 12:52 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    الاستاذ الصديق عبد الرحيم

    أشكر لك اهتمامك بالمحاولات المتواضعة للكتابة

    وإن كنت في بداية طريق طويل

    واشكر أساتذتنا الكرام زمراوي وسالم لحسن الظن

    وتمنياتي لكم جميعا بالتوفيق وكل الخير

    تحاياي واحترامي
                  

09-14-2009, 00:39 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: مؤيد شريف)

    الحبيب المؤيد
    شكراً على المرور
    ونرجو متابعتكم للبوست
    ورفده بروابط المقالات حتى تعم الفائدة


    مودتي
                  

09-14-2009, 07:19 AM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    الإحترام والسلام


    وجدت في بعض أعمال مؤيد شريف أصول وأشكال الحياة الأربعة الإقتصاد والسياسة والإجتماع والثقافة.
    وفي بعض اعماله وجدت خيط التقدم من التاريخ إلى الحاضر والمستقبل
    وفي بعض اعماله وجدت التقديم الذرب للموضوع والتحديد المناسب لبعض معضلاته والإستشراف المفيد لبعض وجوه تغييره وإحسانه
    وفي بعض أعماله وجدت المعلومة الجديدة والتحليل الموضوعي واللغة الوازعة واللغة المطمئنة
    وفي بعض أعماله وجدت التواضع والأسلوب الموجب في النقاش القائم على تثبيت المتفق عليه قبل تثبيت المختلف
    وفي بعض اعماله وجدت جهد المتعلم وإنتقادية المثقف
    وفي بعض اعماله الخاصة وجدت خفة الأدب ممزوجة بر صانة الكتابة الصحافية ورصانة  الأدب ممزوجة بخفة الصحافة
    وبين هذا وذاك وجدت في أعماله طبيعة الشخص المنظم والمدبر صاحب النظر

    وهو بهذه الصفات الأولية أميز في جيله بأن يسقى العلم والخبرة سقاية الضوء للإبصار وسقاية البصر للإدراك.

    وأشفق عليه من دلهمات الكتابة ومسغباتها وعجيج الحاكمين ضد حرياتها .


    له التحية ولهمك به يا حسب الرسول الثناء
                  

09-14-2009, 07:30 AM

احمد العربي
<aاحمد العربي
تاريخ التسجيل: 10-19-2005
مجموع المشاركات: 5829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Al-Mansour Jaafar)

    حقا
    حقا
    حقا

    عبد الرحيم والحضور البهئ

    والمحتفى به
    لكم السموات
    والفرح دوما

    اجمل الود
                  

09-14-2009, 03:48 PM

هشام الطيب

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 1708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: احمد العربي)


    درس الجـابون : ليس الحل في الإقتراع
    مؤيد شريف
    صحيفة السوداني :الإثنين 14/سبتمبر 2009م العدد 1375


    خالص التحايا
    الأستاذ عبد الرحيم
    وضيوفك الكرام
    أ.مؤيد شريف صحفي متميز
    وهو نموذج حقيقي للمهنية والإحترافية العالية.
    لك الإحترام والتقدير ياصاحب ..
                  

09-18-2009, 12:06 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: احمد العربي)

    الأخ الكريم أحمد العربي

    كل عام وانتم بخير

    وشاكرا شعوركم الطيب

    ولك التحية والتقدير
                  

09-15-2009, 05:47 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Al-Mansour Jaafar)

    أستاذ المنصور

    توقفت كثيرا وقرأت ما كتبتم أكثر من مرة

    ليس زهوا أو فرحا

    بل تدبرا ومحاولة للفهم والإعتبار والإستفادة

    تحاياي


    ولازلت أحفظ فضل أكاديمي لكم .. لا يبرح الذاكرة.
                  

09-15-2009, 03:28 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: سالم أحمد سالم)

    Quote: مؤيد إنسان جدير بالاحترام
    وقلم جدير بالاحترام .. قلم حبره من الواقع والتاريخ
    ليتكتب في قرطاس المستقبل المرجّى





    سالم أحمد سالم
    لك أجمل التحايا
    وشكراً على هذه الطلة البهية
                  

09-14-2009, 05:36 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: فتحي البحيري)

    أستاذ البحيري

    أعتذر عن السهو غير المقصود وعدم ملاحظتي لمداخلتك الكريمة

    وأصحح فقط أن فكرة المدونة كانت للدكتور مهدي محمد خير وتثنية وتسمية احمد أمين

    ردا للفضل الى أهله

    تحاياي أستاذنا الكريم
                  

09-14-2009, 09:09 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: مؤيد شريف)

    اذا عرف السبب بطل العجب!

    مؤيد شريف، منطلقا من وهمة انو مهني ومحترف، الراجل سمن علي عسل مع الكيزان!

    عشان وهمة المهنية المتخيلة هذه، الزول استقال عديل من المنبر بي حجة كون مستوي المنبر دون مستواه كمحترف صحافة!

    قرقرقرقرقرقر!

    اكيد الزول شايلو حمار نوم!

    هناك تزاكي واضح من اذلام النظام، حيث الاستئناس للحيوانات المتوحشة، لتصبح اليفة كما القطط المنزلية، يتم هكذا!

    يالها من حيلة للاحتواء والتطويع بحق!

    ليه بنقول كده؟

    لانو اصلا مافي صحافة في السودان اوبالتالي مافي حاجة اسمها مهنية او احتراف بالمعني المتداول في الثقافات الاجترحت هذه المعايير، المفاهيم والقيم!

    نعم هناك مناشير في سودان الابادة، تسمي "جرايد" مثلا، وهذا كل ماهناك!

    ليه كده؟

    لانو الشرط الاساسي لي ميلاد صحافة كسلطة رابعة غير متوفر ولن يتوفر في ظل دويلة اقلية صاغها الغازي بما يخدم مصالحه، المتمثلة في اشعال محارق الابادة بما يكفي لتقسيم السودان او اعادة احتلالو من جديد!

    نعم في غياب دولة اساسها المواطنة، ديمقراطية، لادويلة ابارثيد، لايمكن الحديث عن دستور ودولة مؤسسات من ضمنها الصحافة او الاعلام كسلطة رابعة يحترف امثال مؤيد العمل فيها وفق معايير وتقاليد معروفة ومرعية.

    لهذا ماغريب تطفو علي السطح نماذج مؤيد شريف البدارو التطبيع بي وهمة مهنية لاوجود لها الا في خيال امثاله!!

    فيا تصادم عديل كده، يابطل تسويق للتطبيع بي اسم المهنية المفتري عليها.
                  

09-14-2009, 09:24 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)

    Quote: كيف تصف ما حدث ويحدث في دارفور؟

    هو نزاع معقد جدا . مثلاً هو ذيل من ذيول الحرب الباردة


    اعلاه نموذج لي طريقة تفكير المحتفي به كمحترف، وماهو الا احد "خضر دمن الجلابة" بلمعو فيهو الكيزان من امثال حارق البخور صاحب الخيط هذا!

    قال النزاع، اي الابادة بي لغتنا، ماهو الا نتاج للحرب الباردة، قال!

    قرقرقرقر!

    طني في "اجراس الجلابة" اقصد اجراس الحرية، من قولة تيت ابدا ماخاب!

    يكفي رئيس تحريرا الجلابي وراق، الافني عمرو يحارب في الحركة الشعبية مستعديا عليها كلاب نظامو الجلابي، بحجة انها ضد الثقافة العربية، لتدور الايام ويتربع علي كرسي صحيفة محسوبة علي ذات الحركة المعادية للعروبة الفي خيال هذا الجلابي الجهوي الما بعيف الاكل في ذات الصحن الهو بصق فيهو في السابق ولايزال من حيث طريقة التفكير!
                  

09-14-2009, 10:05 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)



    التحية للصحفي الموضوعي والملتزم مؤيد الشريف ...

    احيي جهده وشجاعته واحترافيته ،،،

    نتابع شقه لطريقه في عالم الصحافة بكل اهتمام وتأييد ...

    شكراً لك ولتوثيقك ،،،

    ولا عزاء للطشطاشة ...
                  

09-15-2009, 05:58 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)

    عمنا بشاشا

    كيف حالك؟

    معليش خليني أقول انو (الحدة) دي ما مطلوبة منك

    ويبدو انك خلطت بين السؤال الذى طرحت على الدكتور واجابته عليه !

    وهذا لا يمنعني من موافقتك الراي على أهمية دولة المؤسسات والقانون

    بل وتقديري لك من واقع ان جل مداخلاتك هنا لا تفتر من التذكير بأهميتها وضرورتها .

    أما موضوع دارفور ... فأرجو أن تراجع العنوان التالي :

    http://moyed-sharif.blogspot.com/2009/08/29-2006.html

    وفيه تجد شهادات لضحايا أعمال القتل الواسعة هناك . مستقاة منهم مباشرة .. عملت على ترجمتها ونشرها هنا في بوست الاخوان انور كينغ وانور ادم ...

    وأرجو ان نكون على قدر أمانة القلم وشرف الكلمة .. ولا نكون من الذين يخفون ويزيفون ويخونون الأمانة وحق الضحايا في العدالة ....

    تحاياي
                  

09-15-2009, 06:13 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: مؤيد شريف)

    مؤيد شابٌ نابه يشق خطواته بثقة نحو مستقبل كبير بإذن الله.كاتب متمكن وذكي وشجاع ويحضر لعمله جيدا ولديه علاقات جيدة، ومع تراكم المزيد من الخبرة والعمل في مضمار الصحافة سيكون واحدا من فرسان الصحافة السودانية.
                  

09-15-2009, 07:40 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)

    Quote: وماهو الا احد "خضر دمن الجلابة" بلمعو فيهو الكيزان من امثال حارق البخور صاحب الخيط هذا!



    الأخ بشاشا
    شكراً على المرور
                  

09-15-2009, 09:03 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    Quote: واحدا من فرسان الصحافة السودانية


    قرقرقرقر!

    درق سيدو خالد عويس

    الراجل قالو عليهو مهني، تطلعو فارس يالعشائري؟

    المحترف لايعرف ترهات حشو عاطفي متخلف كهذا، ولكن نقول شنو ده سقف وعي جربندية الجلابة!

    اكيد جيت داخل مدفوع بالغيرة مش التربيت علي كتف مؤيد شريف!

    نعم غرضك تقول "نحنا هنا" باعتبارك اكبر محترف جلابي او كده حسب المفاهيم العجيبة المتداولة في اوساط حمبرات الجلابة!
                  

09-16-2009, 10:06 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)

    و
                  

09-17-2009, 02:33 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)

    الأخ بشاشا
    رمضان كريم !!

    أعتقد أن كلا منا يمكن أن يطرح رأيه في الآخرين بكل احترام وأدب دون الحط من شأن الآخرين.وأعتقد أن من الواجب أن تقرأ ما كتبته أنا بحق الأخ مؤيد بعقل مفتوح دون أن تسقط عليه اكليشيهاتك الجاهزة حول الجلابة وما إلى ذلك.
    الكلام هنا كلام تقييم مهني وأعتقد أنني يمكن أن أقيم زملائي وزميلاتي الصحافيين بعد مسيرة نحو 14 أو 15 سنة من العمل الصحافي منهم 10 أعوام في أكبر المؤسسات الإعلامية في الشرق الأوسط وحول العالم.
                  

09-17-2009, 11:05 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: خالد عويس)


    صناعة الدولة الطائفية الكاملة

    مؤيد شريف

    أزعم أنه سيأتي يوم يتوق فيه السودانيون لعودة النظام السياسي التقليدي القديم علي علاته التي يعلمها الجميع ، فالدولة السودانية تمر اليوم بمرحلة "دولة المليشيات" أي دولة ما بعد النزاع الدامي وما قبل الدولة الطائفية الكاملة ، حيث تفرض صيغة للتسوية يجني بمقتضاها أطراف النزاع مكاسبا ذاتية تكون في الغالب خصما علي التشكل النهائي للدولة القومية الجامعة .

    إنعدام الثقة التام وتشكك كل طرف في نوايا الطرف الاخر دفع بكل طرف للاصرار علي الاحتفاظ بسلاحه وتشكيلاته العسكرية حتى بعد إقرار التسوية خارج إطار شرعية الدولة ، فالسلاح أصبح اليوم الضمانة الأقوى والوحيدة لتحقيق المطالبات والأهداف . واذا ما عدنا بالذاكرة قليلا الي الوراء نجد أن النظام السياسي القديم كان فيه من البراح التنظيمي والسَعة القومية حتى لدى طائفتي الانصار والختمية ما ضمن صبغةً قومية علي الرغم من التنامي المضطرد للعامل القبلي والجهوي كأحد عوامل الجذب والانتماء الحزبي .

    التسوية التي تعقب فترات النزاع الدامي الطويل ليست دائما حلاً أمثلاً ونهائيا ، بل قد تكون التسوية ذاتها باعثا مستحدثا يضاف لأسباب النزاع والاحتراب . ففي أوقات ما بعد التسوية يسعى كل طرف من أطراف النزاع لتثبيت مكاسبه والبرهنة لمناصريه علي أن التسوية حققت أهدافهم ومصالحهم بأكثر من الاخرين . ونموذج التسوية السودانية(CPA) تحسبه الحركة الشعبية تصفية لمشروع الانقاذ في الوقت الذي يرى فيه المؤتمر الوطني التسوية كاحتواء معقول للحركة. واذا ما كانت التسوية نتاجا لحالة فقدان الثقة التي تسبقها ، فان حالة انعدام الثقة لا تكبحها البنود الموقعة ولا الضمانات الدولية ولا حسن النيات المعلن والمتبادل واستمرارها وتأثيرها علي مراحل ما بعد التسوية أمر وارد ومرجح سيما وأن طبيعة التسوية تجنح لتأخير الحسم في المسائل الخلافية الجذرية وتغض الطرف عن جذور الازمات ويمكن أن نستشهد هنا باتفاق الطائف اللبناني والذي عبر تعبيرا تاما عن حالة التسوية التي تعقب فترات الحروب الدامية ، فالحرب الاهلية في لبنان أفرزت واقع سيطرة المليشيات وبعد سنوات من الاقتال الدامي التقى فرقاء لبنان علي صيغة الطائف والذي وضع نهاية للحرب الأهلية وكرس لمبدأ الدولة الطائفية كاختيار اخير ووحيد وهلل الجميع للاتفاق فالرغبة في التعلق "بقشة الطائف" للخروج من بحر دماء الحرب الأهلية وفظاعات المليشيات كانت مسيطرة علي الجميع وأعمت الجميع عن عمق الازمة . والطائف أجاب في الأساس علي مسائل التمثيل السياسي الطائفي ، وأُس الأزمة ليس في من يحكم ، وانما في كيف يحكم ، فالطائفة تسعى لضمان التمثيل المُرضي لها في أجهزة السلطة لا لتحكم من اجل الحكم فقط وإنما لتنزل مشاريعها السياسية بكل ما تتضمنه من توجهات عقدية وحضارية علي واقع الدولة وسياساتها بالاطراف الخارجية . وبعد أن أُقتيد اللبنانيين الي الصيغة الطائفية في محاولة للهرب من عبثية وجنون المليشيات فانهم اليوم ، وبعد أزمة الحكومة الأخيرة المتواصلة بانسحاب الوزراء الشيعة وأزمة فراغ سدة الرئاسة ، بدأت تعلو اصواتهم أكثر من أي وقت مضى بضرورة مراجعة الصيغة الطائفية والتي طَبّعت لسيطرة الطبقة الطائفية المحدودة بتبرير التمثيل الطائفي ودفعت بلبنان كلعبةٍ في ساحات السياسة الاقليمية والدولية تتقاذفها الأقدام ويسعى كل طرف إقليمي ودولي لتسجيل النقاط من خلالها في مرمى خصمه في الوقت الذي يظل فيه زعماء الطوائف اللبنانية من علي الخط يرقبون صافرة النهاية أملا في الدخول الي الملعب وجني ثمار لعب الغير .

    واذا كان دائما ما يؤخذ علي الحالة اللبنانية أنها طائفية بامتياز ، فان الحالة السودانية صارت علي أسوأ من ذلك بسبب التغيرات الهائلة والمتسارعة في شكل الدولة وعلاقات الأطراف ببعضهم البعض كنتيجة طبيعية للأحداث الكبرى والتي فيما يبدو أن الكثير من السودانيين لم يتخيلوا بعد مدى ضخامتها حتى الان! ، فالاحساس العام بما حدث ويحدث من تغير جذري ونهائي في شكل الدولة السودانية لا يرقى لمستوى الحدث ونتائجه الاسوأ والتي لن تستثني أحدا ، فالسودان الشمالي الجغرافي بدأ دوره التاريخي في لملمة شعث وفسيفساء الحالة السودانية يصاب بالعطب بسبب حشره من خلال مشروع للسلطة يدعي تمثيله للشمال الجغرافي ليصبح احد اطراف النزاع ويفقد أهليته التاريخية التوحيدية بعد أن كان (مفاعلا) يتجمع فيه وقود السياسة والمجتمع السوداني العريض، وهذا ما لا يتوافر في الحالة اللبنانية فالعامل الديمقرافي فيها يبدو أخف وطاة لاسيما وأن مسيحيي لبنان لايزالون يشكلون الضامنة للحد الأدنى من حالة التوازن الوطني بتفرقهم بين الاكثرية والمعارضة وتنوع البعد الايديولوجي لديهم : فبعضهم يبدو عروبيا مقاوما وملتزما بقضايا الصراع العربي باكثر مما يبدو عليه كثير من أهل سُنة لبنان ، وبعضهم الآخر غارق في هوى الغرب وحضارته ومتحفظ علي عروبة لبنان المُكلفة وداعيٍ لفصله عن محيطه المُكلف والعودة به لنموذج الحيادية السويسرية . هذا التفرق المسيحي أتى خصما علي التمثيل المسيحي في مقابل الطوائف الاخرى وتُعد أزمة فراغ سدة الرئاسة الاخيرة والمتواصلة ، في وجه من أوجهها ، واحدة من مظاهر عدم الاتفاق المسيحي ـ المسيحي . وبالعودة للوضع السوداني فان السودان الشمالي الجغرافي يُراد له أن يعبر بشكل كامل ويتماهى مع السلطة وتوجهاتها في مواجهة تظلمات ومطالبات الأطراف بعد ان عُمد لتلبيس الصراع أبعاداً دينية وعرقية ومناطقية مصطنعة ولا أصل لها في الجذور التكونية للأزمة بهدف الهروب من الاستحقاق الأساس والحلول المطلوبة.

    تفاجأ الجميع باستفحال الأزمة وتبعثر أوراقها وتفرقها وصولا للملعب الاقليمي والدولي وأصبح الطائفيون المحليون في تماثل والحالة اللبنانية : يجيدون الفرجة وشيء من ردود الافعال وكثير من الطاعة . ومن لطف الله أن السلطة لم تنجح ، بشكل كامل ، في أن تتمثل الشمال الجغرافي : فكثير من ساكنيه يدركون عدالة المظالم واضطراب معايير التمثيل والحكم في النظام السياسي السوداني ، الا أن المعضلة تبقى في غياب آلية التعبير والتاثير المصادرتين ومحاولات التزييف للوعي الجمعي وتثبيت نوعية الصراع وأخذ الجميع الي المجهول المعلوم .

    العنف الدامي والمتواصل والذي مارسته حركات أو ثورات الاطراف في مواجهة السلطة وكل ما هيأ لها أنه منتمٍ اليها وما تلاه من عنف زائد مارسته السلطة بما يتعدى أثره الحركات المسلحة وما أرتكبه الجميع من فظائع غذت ما في النفوس من غبن وأكثر وغيرها من أسباب عديدة تحتفظ بها الذاكرة الخلفية وتستدعيها في أحيان كثيرة تتصل بالغياب التاريخي لمبدأ التنمية الاقتصادية المتوازنة واحتكار التمثيل السياسي كلها عوامل تسرع من نشوء النموذج الطائفي الكامل للدولة السودانية وإقصاء أدوار الاحزاب القومية (المعتلة في الأصل بسبب تطاول عهود الشموليات ) وحملَ الكل للعودة الي النزعة البدائية والتلحف بالقبلية والجهوية والمناطقية ، وليس هناك أغلبية صامته في مناطق النزاع كما يصور البعض فالاهوال التي عاشتها مناطق النزاع حتمت علي كل فرد أن يميل وينتمي لمكونه الاقرب وليس أقرب من القبيلة في هذه الحال ملجأً.

    بعد أن كان منتظرا انتقال الطبقة السياسية من أيدي الطائفية التقليدية والدوغمائية التاريخية لصالح القوى الحديثة والنخبة الجديدة بتشكيلاتها المختلفة والمتنوعة ، عادت بنا بوصلة الأحداث المتراجعة لسيطرة الثوار الميدانيين للمليشيات ما فرض سمات جديدة وأصول مستحدثة للصراع ونوعية الادارة السياسية له وما أكد أيضا تعسر وإستحالة ولادة النموذج الحديث للدولة السودانية القومية المنتظرة ، وكما نجحت الطبقة السياسية الطائفية الضيقة في لبنان في إخضاع الوعي الجمعي للعامة لواقع اختياراتها السلطوية وتفضيلاتها الذاتية ، فان الوضع في السودان بدأ يأخذ ذات المنحى ووضعا مشابها فالجميع ذاهب باتجاه تشكيل الولاء المطلق ذو الابعاد المتعددة عرقيا ومناطقيا وإضعاف دور الاحزاب القومية وصناعة الدولة الطائفية الكاملة .
                  

09-18-2009, 08:45 AM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: خالد عويس)

    الاخ الكريم الصديق عويس

    وانت الغني عن التعريف

    وتظل من القلائل الذين كسروا أطواق المحلية واستطاعوا الخروج لفضاء الإعلام العالمي وتمثيلنا خير تمثيل وتشريف.

    تحاياي
                  

09-18-2009, 05:13 PM

Bashasha
<aBashasha
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 25803

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: مؤيد شريف)

    Quote: الاخ الكريم الصديق عويس

    وانت الغني عن التعريف

    وتظل من القلائل الذين كسروا أطواق المحلية واستطاعوا الخروج لفضاء الإعلام العالمي وتمثيلنا خير تمثيل وتشريف.


    قرقرقرقرقر!

    الاعلام العالمي، هتة واهدة كده؟

    زي ما قنا، شعب "طيب" بحق!

    اولا حكاية صحفي، محترف "بي معاييركم طبعا"، علي الاقل مفهومة.

    اما عالمي فهذا مضحك بحق!

    افهم شهيراو مشهور ولكن مش عالمي!

    نعم مافي قاضي عالمي او برلماني عالمي...الخ!

    لانو المؤسسات دي خاصة بالدولة ذات السيادة المحددة، وهذه المؤسسات بالفهم ده، محلية بطبعها او ماعالمية ياعالم!

    نجي لي ظاهرة مجندي الامبريالية العربية من امثال درق سيدو عويس هذا:

    طيب، هل لاقاكم صحفي شامي ولامصري ولا سعودي، يعمل في الايام مثلا؟

    ولا قطري يعمل في صحيفة تشادية مثلا؟

    طبعا كقاعدة، لا!

    طيب ليه ذنوجة الجزيرة والعربية والشرق الاوسط من امثال عويس استثناء؟

    لانو علاقتنا احنا كدولة بمحيط غزاتنا العرب، استثنائية!

    نعم السودان الحالي برز للوجود كنتاج للعلاقة الاستعمارية الامبريالية مع العالم العربي.

    نعم مصالح غزاتنا العرب هي الحتمت الصياغة الحالية للسودان، كحديقة خلفية ومستعمرة عربية، اوكلوامرها لذنوجة يتوهمون انفسهم كعرب وهذا طبيعي او مطلوب، كاساس لانجاز مهمة ابقاء السودان كذيل وتابع ذليل للغازي العربي!

    اذن وبناءا عليه، ومن باب احكام الهيمنة علي المستعمرة العربية، ومن باب الخدمة المثلي للمصالح الاستعمارية للعرب في السودان يتم تجنيد امثال "البازنجر" عويس والباشبوذغ الكتبي مثلا، كجنود في جيش الصحافة الامبريالية العربية!

    بخلاف انو مستعمرة العرب في السودان، سوق ضخمة لبضاعة الاستلاب!

    لهذا قالو بيروت تطبع والخرطوم تكتفي ب "لهط" الامباز اياهو!

    الدارس لتاريخ اعادة احتلال السودان يدرك الدور المحوري لمجندي لواء مكدونالد من السودانيين، في تلك المعركة!

    اذن امثال عويس هم مجندي لواء مكدونالد الجديد في الجبهة الاعلامية، للامبريالية العربية حيث عملية اعادة الاحتلال لحاسوب دماغ ذنوجة السودان، عمل يومي، يؤدونه هؤلاء علي اكمل وجه!

    هذا ما كان من امر "عالمية" خدمات امثال عويس، من حيث وجهةنظر، طرحنا، المختلف جذريا عن المتداول في ملجة الاستلاب هذه !
                  

09-18-2009, 11:17 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: Bashasha)

    بشاشا
    والله إني لأرثي لحالك وأدعو الله أن تعقل وتخلع عنك هذه النظارة المعميّة التي تجعلك لا تنظر للعالم كله إلا من خلال هذا الثقب الضيق.يا أخي قبل التصنيف والادعاء المعرفي راجع على الأقل كتابات وكتب وأعمال ومقالات من تناقش لتكون على بينة بدلا من أن تنكب على وجهك في كل مرة دون أي حذر أو يقين.

    فتك بي عافية ياخوي.
                  

09-19-2009, 00:42 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: خالد عويس)

    السودان ومصر .. كلٌ يبحثُ عن أمانٍ في غير مكانه.
    مؤيد شريف
    [email protected]

    تصيبني مصر المجتمع بكثير حيرة ودهشة في أحيان كثيرة . فمصر المجتمع تبدو غاية في الحيوية والتفاعلية الواعية بقضاياها ، الكلية منها والتفصيلية . وكل يوم هي في وقفة إحتجاجية ، وإضراب عن العمل ، ومقيمة لـ"مساطب" وسلالم لنفث السخط والتعبير عن الرأي والمواجهة – حد الإصطدام – بمصر الرسمية . ما تقدم من توصيف لمصر المجتمع لم يأت نتاجاً للأزمة المالية المائلة أثارها ، أو الإنسداد السياسي المستمرة والمتسعة إحتقاناته ، بل هو حالة وُسمت بها وعُرفت عبر تاريخها القديم والحديث . ومبعث ُ الحيرة في أن حيوية واعية علي هذا القدر الذي تعين كان منتظراً منها أن تُحصل مُخرجاً مقبولا ، مستقراً غير مأزوم في النظام السياسي والتموضع الإقليمي والدور الدولي لمصر القُطر المعلومة مّيزاته التفضيلية في الجيوسياسة ، وإرث التاريخ ، وقبل كل ذلك ، المجتمع العضوي والحيوي.

    تبدو مصر ، المنظومة الشاملة ، مأزومة اليوم في عُمق العظم بأكثر من أي وقت مضى . ففضلا عن أنها تنفجر سكانياً في مساحة لا تتعدى 6% من مساحتها الكلية ، تستورد مصر ما يفوق نصف إستهلاكها من طعام الاستهلاك اليومي . وتعودنا ، نحن في السودان ، من مصر – الرسمية منها علي أقل تقدير – أن تجيء إلتفاتتها تجاه السودان بالمقدار الذي يعكسُ درجة التأزم الداخلي فيها ، أو ما قد تجره أوضاع السودان ، والتي ليست بأفضل حال ، عليها من تأزمٍ جديد . ولازالت مصرُ تفتقد لرسم خطوط واضحة لعلاقة ستراتيجية ثابتة تجاه أوضاع متقلبة في السودان ومصالحهما المشتركة . وتكتفي مصر ، في الاثناء ، بالإكثار من إستخدام أفعال الشعور : إذ هي (تحذر) من إنفجار أوضاع السودان ، (وتخشى) من تدفق جديد لسيول اللاجئين وزيادة عبء الثلاثة ملايين لاجئ هناك ، (وتخاف) قيام دولة جديدة في جنوب السودان ، (وترتعب) مما قد يصيبها حال تناقص مناسيب المياه بدخول عضو جديد وحصة جديدة ، (وتتحسب) من أن تصبح حدودها والسودان مستباحة لجماعات شتى ؛ تختلف في العناوين والأهداف والصفات ، غير أنها تلتقي في إيذاء مصر والإضرار بأمنها واستقرارها ، ومصرُ (تشجع) الجنوب علي أن يظل جزء من السودان ولا يذهب الي حال سبيله .

    ليس من المصادفة في شيء أن تبدأ مصاعب مصر مع بلدان حوض النيل في أثيوبيا ثم دول البحيرات في جنوب الحوض حول موضوعات إعادة النظر في إتفاقية تقسيم حصص المياه ، أو ما هي مزمعة من مشروعات سدود علي المجرى الاثيوبي ، في أوقات تأزم الخرطوم وتراجع ثقلها في الأوساط الافريقية علي نحو مريع وغير مسبوق . فالتجربة برهنت علي أن أي ضعف يعتور النظام في الخرطوم وأدواره فيه ضعفٌ لمصر وخياراتها المتاحة في مواجهة دول الحوض الأخرى .

    إذن ، بالامكان القطع أن وجود نظام سوداني مستقر وصاحب وزن وثقل وتأثير في محيطه الإقليمي هو مصلحة مصرية مباشرة وأساسية من واقع ما تحتاجه مصر من معاونة سودانية لمواجهة المد المطلبي المتصاعد لدول الحوض الجنوبي والشرقي . وقد يكون مشروع ربط الشبكة القومية للكهرباء في السودان بنظيرتها الاثيوبية واحدة من هذه الأدوار التي تأملها مصر من السودان . والتسريبات في هذا الشأن ، علي قلتها ، تنم عن محاصصة غير معلنة يكون هدفها النهائي التقليل من مشروعات اثيوبيا علي المجرى ، وهو الأمر الذي ستترتب عليه ، في حال حدوثه ، تراجعات مقلقة لمصر في مناسيب المياه .

    مؤشرات شتى تعزز الظن في أن مصر الرسمية تعكف الساعة علي مراجعة مواقفها من الأزمة السودانية الشاملة . وبداية ، اُستشف هذا "التململ" المصري في أوقات مبكرة عندما صرح السفير علاء الحديدي الناطق باسم الخارجية المصرية قائلا : " تعمل مصر علي عكس المخاوف السودانية الي الغرب . كما ونتحدث الي الخرطوم بأن ليس في إمكانهم رفض جميع المطالبات التي تطرح في مواجهتهم .." ويبدو أن مصر سئمت لعب دور "ساعي البريد" والذي تحاول الخرطوم حملها عليه . وكثيرة هي المرات التي سعت فيها مصر ، وبدفع وإيعاز من الخرطوم ، للتوسط لدى الرئيس الفرنسي المنصرف جاك شيراك ملتمسة منه التوسط وإستخدام مكانة فرنسا لدى الرئيس التشادي ديبي إتنو في محاولة لاقناعه رفع يده عن حركات ثوار دارفور وقطع خطوط إمدادها الخلفية ، وما لم تنجح فيه مصر مع جاك شيراك ، قطعاً ، لن تحقق فيه تقدما مع نيكولا ساركوزي . وبالوصول الي ذروة عَرض الأزمة السودانية الشاملة ، ولا أقول جوهرها ، بصدور مذكرة توقيف رأس النظام في الخرطوم والصادرة من الغرفة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية ، وجدت مصر نفسها أمام واقع جديد لابد من التعامل معه علي نحو مختلف . فلم يعد مجدٍ ، بالنظر للمصالح المصرية المباشرة ، الإكتفاء بإطلاق المجاملات الإعلامية وإظهار الدعم المطلق للنظام في الخرطوم ، في ذات الوقت الذي تتدحرج فيه الأمور بإتجاه الهاوية لتتحول من ثم المصالح المصرية الكبرى في السودان ، بل والإقليم ، لمجرد تساؤل حائر مبهم ..!!

    وخلاصة ما يمكن أن يُقال : أن كل طرف في السودان ومصر يبحثُ عن أمانٍ في غير مكانه . أمان عزّ عند الطرف الآخر . فمصرُ لن تنفعها أراضٍ يحترب أهلها عليها وتسيلُ دمائهم غزيرة إختلافاً عليها . ومصرُ ليس يكفيها أن تكون الأولى من بين البلدان المنشأة لقنصلية في جنوب السودان ، أو أن تُقيم محطات لتوليد الكهرباء ، أو مشفاً مركزيا ، أو معهدين للتعليم الفني أو أن تتعهد توفير التدريب والتأهيل للكوادر الطبية والادارية في الجنوب . وكذا السودان ، إذ لم ولن تُنجده تدخلات وتوسطات مصر لدى المجتمع الدولي لأجل فك الخناق عن النظام المنحشر في الخرطوم ، فمصرُ اليوم يتآكل دورها ولا يكفيها ما تجده من وقت وجهد لمجاراة ومسايرة أزماتها الداخلية المتفجرة . ما ينفعهما ، اليوم وغدا وبعد غد : أن يعملا ، علي عجلٍ ، علي إعادة الإعتبار للإنسانين السوداني والمصري وإعادة بث الثقة فيهما من خلال فتح أشرعة الحريات حتى يدخل الهواء النقي ، "وتسليك" قنوات المشاركة الحقيقية ومسارات العدالة الاجتماعية والاقتصادية والإنصاف بسيادة القانون ولجم سياسة المال الفاسد ومال السياسة المفسد . وإن لم نفعل فأذنوا بتيارات الوعي القادم . وهو – الوعي القادم – أعتى من أن تسده الأيدي المرتعشة ، وإن قبضت علي الزِند وبه تسلحت ...
    17/5/2009
                  

09-19-2009, 00:47 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)


    عندما نصنع من المقاتل ..... نُسكاً وقرابين لذواتنا


    مؤيد شريف

    ليس أهون من أن تُستدعي الكراهية ، وأن تجد من يتبضعها ويمشي بها بين الناس وينفخُ فيها شيئاً من تصنع الدين وهواجس الناس وخوفهم . وليس أعذر من غرس الحب ، والسلام ، والإخاء ، وأن تُبدع ما يجمع الناس . والكراهية غرسٌ من عمل الشيطان خبيث ، والمقاتل شتلٌ من ذات الغرس قميء ، والحب صنع الله في خلقه ، والسلامة لنا وللغير أمرُ الله وشرعته : وما يزال المؤمن في فسحة من أمره ما لم يصب دما ) صدق نبي الرحمة ورسالة السلام . والناسُ ، كل الناس ، لا تجد أعز أو أثمن من عقائدها تُريق دونها الدماء ، فإن أصبتم ، اليوم ، منهم دما ، أصابوا هم ، في الغد ، منكم دماء ، والله لا يهدي القوم الظالمين ، وكلكم ظالم لأهله وظالم لنفسه .

    خطاءٌ آثمٌ قلبه من يباهي نفسه بقنص الأنفس وحصد الأرواح وتطبيع الكراهية ، ومشاءٌ بالفتنة من يترصد من كلام الله الرحمن الرحيم ورب الناس ما يفرق به بين الناس ، ومريضُ النفس من يستثير في الناس غرائز نائمة ؛ عفا الله عن موغظها وخدامها ومتعهديها ، وحمى الله المحمولة إليهم من شرها المستطير .

    ليس من الله ما يفعلون ، وإن به يدعون ، فمن يُحي ويخلق ويبدع ويحب الجمال لا يستقيم أن يُعاد إليه قبح ما يصنعون ، إنهم قوم يقولون علي الله ما لا يعلمون ، والي الله مرجعهم ومرجعنا فينبأنا أينا مهتد وأينا ضالون ...
                  

09-19-2009, 00:51 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    الهُدهودة الموءودة أنفاساً وجسدا

    مؤيد شريف

    ما تنشأنا عليه في السودان أن المرأة هالة من قداسة تمشي علي قدمين ، يُحرم أن تُنتهر أو تُمس مساً خفيفا. والأنصار من أهل السودان علي وجه التخصيص يعرفون نعتاً للمرأة بـ(الشريفية) يزيدُ من وقارها ويرفع من مكانتها ويوجب إحترامها وتقديرها . وحالة "التقديس" هذه لا تتصل أو تُوقف بعمرٍ قد بلغته أو مكانة علمية أو إجتماعية قد تحصلتها أو حتى نسباً قد عُقد لها ، إنما هي حالةٌ مبدئية وتربية متوارثة وسلوك راتب ، فهي من حيث هي مخلوق كريم وسامي في تنحيه عن الرجال يستوجب الوقار والتحسب لمشاعره والإيفاء بحقوقه .
    والدنا ، علي ما كان يتصف به من هدوء وحلم وروية ، أفاء الله عليه من وفير ظل رحمته ، لم يك يتبدى الشرر من عينيه سوى ان جاءته (شريفيته) الصغيرة باكية تشكو من أحد منا تجرأ "وداس ليها علي طرف" فهي عنده ، وكل النساء ، وكما علمنا ، (نعمة من الله) والنعمة لا (ترفس) ولا تُضام ، بل تُرعى باحسن حال ؛ اذ هي سرٌ من أسرار الخالق وقد برأها شفيفة يكاد الضوء أن ينسل من عليها لما وراءها . وهي نبتةٌ دُعينا لريها وإنباتها فغداً لجذعها فروع ولظلها متفيأين .
    وتتبدى مكانتها عند أهل السودان حتى في مسماها ؛ فهي عندهم (الآمنة) ولا يجوز أن تُمس سلامتها عاطفة أو جسدا ، وهي( ست الجيل ) لما تقطره من حكمة وفطنة ، وهي (الملكة ) لما تحوزه من روح للقيادة ومطلوباتها ، وهي (النعمة) بأن سخرها وألهمها الله أن تنعم علينا بنعم البنين والبنات ، وهي (الحياة) فان توارت وارتحلت خلفت وراءها ضياعا واضطرابا يصيب بنيها وحزناً مقيما عند محبيها .
    ما نشهده ونعاينه هذه الأيام من حوادث غريبة وظواهر شاذة وتفنن في إبتكار طرق الإعتداء علي المرأة وإمتهان كرامتها يؤشر أول ما يؤشر الي إنهيار منظومة القيم والتي كانت تمثل دعامات مهمة في عملية حفظ توازن وسلامة المجتمع ، كما أن الأزمة الشاملة والتي تعيشها بلادنا في مستواها الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والأخلاقي ....لا تنفصل عن ما نشهده من تراجع وتحلل في القيم الفردية والجماعية . فما الذي يمكن أن يُنتجه واقع للعنف والتحارب والتقتيل وثقافة لإراقة الدماء غير مثل هذه الظواهر المستحدثة والصادمة ؟؟
    الطفلة ، الهدهودة الصغيرة والطفلة العمين والتي أسلمت روحها بعد أن تخلى المجتمع وتخلينا جميعنا عن واجبنا في التنوير وإقتلاع الظلام بجهالاته ،، أسلمت روحها بعد أن زُفت طفلة لاهية ولاعبة لمسخٍ أسموه "عريساً" وما كان في حقيقته سوى مصاصاً للدماء ونهاباً للارواح .... أحتبست انفاسها بيديه وأحكم خناقها آثماً حتى جحظت إحدى عينيها وكأنها أرادت أن تقول لنا : ما بال أعينكم في مواضعها ولا ترى ؟؟
    ومن قبل الهدهودة الموءودة أنفاسا وجسدا كانت سناء الموسومة ظلما وعُتها ، وقبلها طفلة مختونة خلسة ونازفة وموءودة أيضا ،، ومُرام التي هزت مأساتها النفوس.... وما خُفي أعظم ....
    توالي وتتابع هذه المآسي يدلل علي أن المجتمع والذي كنا نفاخر به لم يعد هو ذاته . وما يسميها د. ابراهيم النور بـ (الحضرية الملتبسة) فعلت فينا فعلتها ولازالت تفعل ،، وعملية (ترييف) المدينة وافراغ الريف من ساكنيه مستمرة ومضطردة الزيادة ما ينبئ بأن القادم أسوء من الخالف ، والمدينة عندما تنوء بحملها وتحوي فوق طاقتها واحتمالها من البشر ومحمولاتهم المنقولة والمكنونة لا تنفجر أنابيب صرفها ومياهها فقط ، بل تنفجر فيها أولا حزازات الطبقية ومظالم المحرومين وأخلاق قاطنيها ..وقبل أن تفيض مجاريها بالمياه الآسنة تفيض روحها ويسكنها الشيطان .
    السلطة التي تتعامى عن أزمات الناس وكربهم الشديد وتنصرف لملهاتها وتشتغل بامتيازاتها هي سلطة آثمة ومُوجدة للمآسي،، المجتمع الذي يكتفي بالفرجة والونسة ولا يحرك ساكنا من تلقاء نفسه مجتمع آثم ومساهم في المأساة ،، الفتاة التي تتخلى عن حقها في التعليم لتُزوج قاصرة آثمة أسرتها في حقها وحق أطفالها من بعدها ،، الأسرة التي تشوه بُنيتها ختانا آثمة في حق بُنيتها وحق زوجها وحق أبنائها من بعدها ،، الأسرة التي تعرضُ بُنيتها سلعة في (سوق الله أكبر) لمن يدفع أكثر آثمة في حق نفسها وحق بُنيتها وحق أطفالها من بعدها ....
                  

09-19-2009, 00:54 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    ملمح لانهيار السودان
    نُشر المقال على صفحات (أجراس الحرية) تحت عنوان معدل!! (حراك سياسي نخبوي)
    مؤيد شريف

    ما كان من تلاقٍ وتعاهد بين أطراف المعارضة علي تشكيل جبهة وطنية متحدة في مواجهة الحزب الحاكم والذي دارت وانعقدت جُل لقاءاته في المركز العام لحزب الامة القومي نفسه يعزز الظن ان لم يكن يقيم الدليل علي أن الخطوة التي قام بها منفردا حزب الأمة القومي أو ما يسمى بـ (التراضي الوطني) وحزب المؤتمر الوطني ليست عملا أوليا وتجهيزيا كما يحاول حزب الأمة أن يصور ،، بل هو خيار متخذ وخطوة استراتيجية مقطوعة لتحالف بعيد الأمد وواسع الاهداف من حزب الأمة ،، فالحزب بزعامته المحنكة والعارفة بخبايا الأمور تدرك أن (التراضي الوطني) وبمجرد اقراره والحزب الحاكم يعني فعليا تحرك حزب الأمة ومغادرته لقواعد المعارضة بتنوعاتها باتجاه قواعد الحزب الحاكم ما يخلق واقعا حرجا في صفوف المعارضة يجعل من عودة حزب الأمة للاصطفاف معها في حال تعثر (التراضي الوطني) أمر فيه نظر .

    دعوة حزب الأمة لأطراف المعارضة للالتحاق به عند منعطف الحزب الحاكم لا تخرج عن كونها (غزومة مراكبية) فالتنازلات الكبرى التي قدمها حزب الأمة والمتصلة بكارثة دارفور ونقص اليات وضمانات التنفيذ بجداوله الزمنية الملزمة اضافة للتوقيت غير الموفق لتراضيه والحزب الحاكم في الوقت الذي تتعرض فيه الحريات العامة والصحفية علي وجه الخصوص لهجمة شرسة ومتواصلة دع عنك عدم صدور أية اشارات ايجابية حتى وان كانت أولية من النظام فيما يخص بالاسراع في تعديل (كمشة) القوانين المقيدة للحريات والغير متوافقة والدستور الانتقالي بالتشاور والتراضي مع القوى السياسية ؛ بسبب كل ما تقدم من تنازلات من حزب الأمة والتي لا يقابلها أي نوع من التنازل الجاد من الحزب الحاكم لا يتوقع أن تنظر المعارضة بجدية لدعوة حزب الامة لها بالالتحاق بتراضيه الوطني والوطني.. فهل يرى الحزب وامامه في كل ما تقدم من فراغات خلفها تراضيه لمماً لا يكترث لها ؟؟!!.

    يقفز هنا سؤال مهم : لماذا آثر حزب الأمة التخلي عن ما كان مضمر ومعمول له من تحالف عريض وكافة أقطاب المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم ، بل والالتحاق طواعية بالحزب الحاكم ؟ لا شك أن هذا الموقف كان نتاجا لقراءة سياسية خاصة بالحزب وزعيمه ، وربما وضعت في حسبانها ما هو مطروح من مشروع للسودان الجديد وما صادفه من زخم وتأييد وقد تكون لهذه القراءة دخولاً علي مناطق خافية ومعتم عليها...

    الانتقادات العلنية والمعلنة والتي بادر بها السيد الصادق بوصفه لمشروع السودان الجديد بالمشروع الغامض أو كونه مشروعا للفتنة شكلت في حد ذاتها انحيازا مبكرا وميلا باتجاه الحزب الحاكم علي ما فيها من انتقاد واضح وبين لمسلك الحركة الشعبية واختياراتها السياسية ويبدو أن الحزب الطائفي وصاحب الوزن الأثقل في قوى السودان القديم قد حزم أمره بان في تجذر وترسخ وسيطرة مشروع السودان الجديد ضررا قد يلحق به وبوزنه وبوجوده وهذا تقدير ، في تقديري، قد يصح ، في حال التزام كل الأطراف بما هو معلن من مشروع وبرامج ، فهما حقيقة مشروعان متقابلان ومتعارضان طبيعةً .

    ارتكازا علي ما سبق يلوح سؤال آخر : ما هو الشئ المستجد أو الطارئ في علاقة حزب الأمة بالوطني وقارب بينهما ؟ أوليس في مشروعيهما تعارضا؟ في تقديري المتواضع لا توجد فروقات كبرى وذات دلالة في المنشآت والمنطلقات الفكرية للجانبين وان وجدت فروقات واضحة في شكل التفكير والسلوك السياسي فهي عائدة للتوجهات القيادية الباحثة عن فرز وتمييز الأوجه وكل ذلك يأتي في سياق التنافس السياسي فكلا الطرفين يمتلكان مشروعا عقائديا للدولة الدينية مع فارق في التفصيل هنا وهناك ؛ وان كان الاخوان يدعون لها انطلاقا مما يسمونه باستلهام التراث الاسلامي واعادة بعث الصحوة فالأمة يدعو لها أيضا من خلال شرعيته الأساس في الطائفة (الانصار) وليس (الأمة) الحزب ، والأمة في جذره التكويني لا يسعه التخلي عن شكل من أشكال الدولة الدينية وان عمد علي (تطعيمها) ببعض مسحات تحديثية .
    اذن ،الطرفان يمتلكان مصلحة مباشرة وحيوية تجمع بينهما في الابقاء علي قضية علاقة الدين بالدولة ملتبسة ومثار جدل وعراك متصلين ودائمين ، فبها ومن خلالها واعتمادا عليها يتحشدون ويحشدون مناصريهم ويوجدون زخما لمشروعهم السياسي ، علما بأن أكثر القوى المعارضة لهم في أقصى اليسار السوداني لا ترى ضيرا في أن تكون الشريعة مصدرا من مصادر التشريع ولا يحسبون ذلك تنازلا منهم لصالح القوى اليمينية بل يرون فيه مسايرة وليونة أمام الاحتياجات الخاصة بالتركيبة المجتمعية بتراثها وميراثها . هكذا نخلص الي أن مسألة علاقة الدين بالدولة لا تمثل نقطة جذرية للخلاف بين الأمة والوطني ، وما درجت عليه الانقاذ في سنواتها الأول وحتى الي وقت قريب من انتقاد وصل لغاية العداوة والمواجهة مع ما يسموها بطائفية حزب الأمة لم تكن سوى محاولة لصناعة وايجاد وتوهم العدو ، فتصورهم لـ(مشروعهم) الاسلاموي لا يستطيع أن ينمو ويتمدد الا من خلال "مواجهة" وخلق عدو وان كان متوهما وغير حقيقي ، واثبتت التجربة أن عدائهم للطائفية كان يدخل في سياق المناورة السياسية وصناعة الضد لضمان التواجد واستمرار التجييش الشعبي.

    يتضح مما سبق أن الصراع في جذره انما هو صراع حول شكل الدولة ودرجة اكتساب الحريات والحقوق فيها ، فالقوى اليمينية في طائفية السودان القديم التقليدية والطائفية الجديدة في الاسلام السياسي تريد من خلال طرحها الخاص وتصورها الغير مكتمل التخلق في أساسه لما تسميه بالدولة الاسلامية وما تسميه أحيانا بالثوابت واحيانا أخرى بقطعيات الشريعة أو تحت أي مسمى آخر للاستهلاك السياسي تريد أن تكبح جماح الانطلاقة المرجوة باتجاه دولة الحريات والحقوق الكاملة ، والتاريخ يقف شاهدا علي أن ذات القوى لم تدخر وسيلة من دكتاتورية صريحة عسكرية كانت أم مدنية متلبسة أو أي شكل مدعى به للدولة الاسلامية الا وانتهجتها بهدف تأخير أو اعطاب الانطلاقة المرجوة نحو الدولة الديمقراطية والتي لو قدر لها أن تتحقق علي نحو معقول أو في حد أدنى ستمثل تهديدا جديا علي قوى السودان القديم الطائفية وقوى الطائفية الجديدة ، حيث أن الحراك الاجتماعي والذي يتوقع أن يعقب تجذر دولة الحريات والمساواة والقانون والانفتاح يمكن أن يستحيل ثورة اجتماعية هادئة في تحركها المجتمعي ومزلزلة في مخرجاتها علي واقع الاوزان السياسية للقوى الفاعلة ، سوى أن نتيجة مماثلة لا يتوقع أن يُسمح لها بالتمظهر في مرحلة تشكُلية هي الأدق والأخطر في تاريخ السودان السياسي والاجتماعي كالتي تمر بها بلادنا في هذه الأوقات.

    الطائفية ، والتي يبدو ، وبعد دخول الجميع في دوامة العنف والعنف المضاد وأحداث أمدرمان الاخيرة المؤسفة ، اكتمال لبناتها في نظامنا السياسي والاجتماعي لهي من أشد الأمراض السياسية فتكا بمستقبل الشعوب واستقرارها ، والازمات الطائفية لا تنتهي الا لتبدأ من جديد ولا منطق يحددها ولا مرجعية عقلانية يمكن أن تحكمها سوى منطق التسوية والتسوية فقط هي السائدة والممكنة ، ففي لبنان علي سبيل المثال رفضت الموالاة أن يُنصب زعيم التيار الوطني الحر وأحد أهم أقطاب تحالف المعارضة وحزب الله العماد ميشيل عون رئيسا علي لبنان ، فعاد عون ورفض لزعيم تيار المستقبل سعد الحريري أن يُنصب رئيسا للوزراء (واحدة بواحدة) ، هكذا هو منطق الاشياء في النظام السياسي الطائفي ؛ حيث يُغيب تماما مشروع الدولة في الوقت الذي فيه تتمدد وتتعزز مشاريع الطوائف استنادا علي دعم المحاور الاقليمية والمشاريع السياسية الدولية . وليس أكثر من النظام الطائفي غموضا وعبثية ، فبعد أن تقاتل الفرقاء في شوارع بيروت وسقط قرابة الثمانين ضحية وبدا المشهد وكأنه منزلق لا محالة باتجاه الحرب الأهلية الشاملة ، كانت بضع ساعات من الضغط الاقليمي والدولي كافية لا للتوصل الي حل وانما لاقرار تسوية جديدة للتسوية!!.. وأسوأ ما في النظام الطائفي أن الناس معه لا تملك الا أن تُزيف ارادتها بيدها وباختيارها ، فالانتماء فيه هو انتماء أولي بدائي ينزع للعرق والطائفة ولا يعرف بخلافهما محددا .

    كما أن اتفاق الدوحة الاخير والذي حسبناه جميعا نهاية للمأساة والتقاتل يقول عنه العارفون في لبنان أنه أسوأ من الطائف ، وان كان الطائف قد رسخ للطائفية بمقدار فرسخ ودعا للتقليل منها مستقبلا فاتفاق الدوحة رسخ لها بألف فرسخ باعتماده لقانون الانتخابات المعروف عندهم بـ ( الأقضية ) وهو قانون يجذر ويثبت للهيمنة الطائفية علي الواقع السياسي اللبناني ويضيق فرص المستقلين في الوصول للتمثيل النيابي الا من خلال محاصصة طائفية ما واتفاق مسبق يرضى عنه الشيخ او الزعيم وبشروطه لا يناكفه في ذلك أحد!! ما يعني أن الأزمات القادمة ستكون أشد حدة من السابقة ، ولبنان الأزمة منعته وحبسته مؤسسته العسكرية وقائدها المُجمع عليه من الانزلاق الي الفوضى والانهيار ،، فاين نحن من تلك ومن ذلك؟؟. وبعد كل هذه الدروس المجانية والتي يمنحنا اياها النظام السياسي الطائفي في لبنان تجدنا نندفع ونهرول بوعي من البعض واختيارهم وانقياد من آخرين باتجاه رسم الشكل النهائي للدولة الطائفية في السودان !!!..

    ما يحدث الان من حراك سياسي هو حراك سياسي نخبوي وفوقي ومنبت ومنعزل بدرجة كبيرة عن واقعه المجتمعي والقاعدي ، والا فكيف أمكن لحركة الاخوان المسلمين أن تدخل في العمق الاستراتيجي للطائفتين التاريخيتين !!، انها لعمري احدى أهم المنحنيات والتي سيكون لها ما بعدها ، فحالة الغموض والتعتيم المتعمدة تخلق اضطرابا وتشتتا في القواعد الشعبية ما يجعلها عرضة في أي وقت ومرحلة للاستغلال الطائفي والمذهبي ودفعها لاشعال الحريق وبداية التقاتل علي الهوية. وقد بدأت فعليا أولى مراحل الحريق القادم بعد أن اكتملت عملية زراعة التخويف والترويع من الآخر (ان لم تقتله قتلك) وهي مرحلة متقدمة جدا ومسمار صدئ لا يعقبه سوى التقيح والتقرح ، وبعد أن اتضح أن لا مؤسسة للدولة يمكن ان يجتمع شتاتنا عليها أو حولها ولا حتى شخصية يمكن ان نُجمع عليها . ويوم ان ينكب وينكفئ الناس علي ذوات مكوناتهم من دون تعقل فهذه طائفية كاملة وبغيضة وخطرة ،كل ما تبقى بعدها هو أن تُنتزع الفتيلة ويبدأ الحريق راسما ملامحا من قصة تفتت وانهيار السودان الحديث....
                  

09-19-2009, 00:57 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    الثـورات الكـذوب

    مؤيد شريف

    يقال أن حزم المبادئ والمفاهيم الحديثة والمتمحورة حول الدولة الوطنية ومجموع الافكار المستجلبة من الغرب والمتصلة بموضوعات الحريات العامة والخاصة والمساواة والتي حملها الينا المثقفون المتغربون أو رياح الفضاء المفتوح ، يقال أن مجموع ما سبق ايقظ المجتمعات العربية من ثباتها العميق وازاح القناع عن الجذور الايدولوجية للاستبداد التاريخي المتطبع في المنطقة العربية وأن هذه المفاهيم المستحدثة للعلمانيين والليبراليين وقوى المجتمعات الحية الاخرى استطاعت أن تهز الأرض تحت اقدام الطبقة الاستبدادية التاريخية المتسعة وتضعف من قوتها وتُعريها أمام شعوبها وتقلص من مساحات الشرعية التاريخية المعيبة والتي طويلا ما استندت عليها الانظمة المسيطرة والقابضة ،،، ويمكن أن يكون ما تقدم صحيحا لو أننا نعالج واقعا خاضعا للطبعيات وفيه شيء من نظام راسخ ، واقع فيه سلطة شرعية ومستمدة من شعوبها ، واقع فيه مجتمع تسنده تجارب التاريخ، وبالنظر الي الواقع العربي ،بتعميم غير مخل ، فاننا نصطدم بواقع السلطة الثورية الفاقدة للشرعية ومجتمعات تُقعدها السلطة قسرا عن القيام بادوارها الحقيقة ومقعدة ذاتيا بتمسكها بعلاقات الاليغارشية القبلية والعشائرية ونظمها المجتمعية القديمة والمضطربة . والتغيير الاجتماعي تحدثه ،قصرا ، السلطة السياسية بثوراتها الفجائية وتدخلاتها الحادة وايدولوجياتها الاحادية ، وما تصنعه من تغيير يظل دائما سطحيا وغير راسخ ، فالتغيير الحقيقي في عالم اليوم المتعدد لا تصنعه قيادة ما وتنزله الي شعوبها ، بل علي العكس من ذلك بان توجده القاعدة وتتبناه لحاجات ملحة لديها وتعمل به ومن خلاله علي ايجاد القيادة من بين صفوفها وهذه هي الحالة الحقيقية لما يمكن أن نسميه بالثورة .

    كثير مما اصطلحنا علي تسميتها بالثورات العربية لم تكن ثورات حقيقية بطبيعتها وممارستها ومالاتها بقدر ما عبرت عن حالات تغير وتبدل في مواقع السلطة من مجموعة عسكرية لصالح مجموعة اخرى أو من طبقة مسيطرة لصالح طبقة موازية ومشابهة ولا اختلافات ذات دلالة بينها ، وهذا لا يعمينا عن بعض نماذج الثورات القاعدية والتي أسهمت في اشعالها قوى المجتمع الحية والفاعلة من فلاحين وعمال لاسباب موضوعية ومسائل وطنية ملحة تتصل بحالة السيطرة الاجنبية والرغبة في التحرر ؛ وهذا النوع الاخير وعلي الرغم من نجاحه في انهاء حالة السيطرة الاجنبية الا أنه جعل من السلطة محور اهتمامه ولم يعمل للانتقال من حالة الثورية منقوصة الشرعية الي شرعية التفويض الوطني ، وسريعا ما تتحول الثورة المحررة وبفضل زهو الثوار بما يشاهدوه من حشود مؤيدة لهم الي حكاما مستبدين وقمعيين يصنعون لانفسهم طبقة واسعة ومتسعة من العسكريين والمتعلمين ورجال الاعمال والمال لتتكرس حالة من السيطرة الكاملة لهم .

    كلمة "ثورة" والتي كثيرا ما نستخدمها في قاموسنا السياسي العربي هي في غالبيتها كانت حركات وعصيانات مسلحة متلفحة بالايدولوجيا الكاذبة ، وكان أن وجدت لنفسها واقعا مأزوما ومناخات اجتماعية وسياسية متضعضعة تُغري بالوثوب علي السلطة ولا تنطبق عليها ، باي حال من الاحوال، الدلالة اللفظية لكلمة "ثورة". وبسبب الاستخدام الايدولوجي والسياسي المغرض للكلمة ضاعت معانيها الحقيقية ودلالاتها المقصودة وغامت وسط ضباب كثيف من خطابات السياسة المسطحة والموجهة .

    الثورة التي أعني يمكن ان تتمثل في التحولات التدريجية الواعية في النظام الاساس لشرعية الدولة ونظامها الاجتماعي بدفعٍ من مجتمعات هاضمة وساعية بالتجربة والتاريخ ؛ وعندها فقط يكون الاثر الايجابي للتغير راسخ وجيد التثبت في الواقع الاجتماعي ، فما كان من تغيير لم يكن فجائيا أو حادا أو عنيفا وانما بادرت بايجاده قوى من خارج دائرة الحكم المصلحية ؛ ومما سبق لا يمكن ان تكون الثورة فعلا عسكريا أو أمنيا مرصعا ببريق الايدولوجيا المضل والمفرط في خطابات الحماسة والتحشيد ووعود التغيير دون امتلاك لادوات التغيير ، وانما يكون التغيير فعلا واعيا ومتدرجا منبته القاعدة وتستوعبه الجماهير لمصلحة مباشرة ومكاسب متوفرة . أما ما درجنا علي تسميتها بالثورات فهي لم تكن في حقيقتها العميقة سوى حركات للسلطة والسيطرة وجدت في الايدولوجيا رئة تمكنها من زفر حرى رغباتها السلطوية وبعد ان تطاولت بها السنون في السلطة وامتدت ببعضها لفترات طويلة تصل الي نصف قرن واكثر من ذلك وأنها استهلكت خطابها الايدولوجي واستنزفت قدراتها الخطابية التسكينية ولم تعد الاوضاع كما كانت بتغير معطيات الساحة السياسية الداخلية والخارجية أضطرت لتغيير ادواتها ووسائلها فتخلت عن الايدولوجيا ولجات للقبضة الامنية والبوليسية معلنة القطيعة مع "مبادئها" الاولى والتي ادعت تفجرها دفاعا عنها لتنحرف كثير من "الثورات" الي مشاريع للسلطة الطبقية والقبلية والطائفية لا تكبحها حتى ايدولوجيتها المصطنعة ، وبعضها رفع شعارات اليسار ورددها ليل نهار وسمح في ذات الوقت بالاحتكار الاقتصادي واستغلال الطبقة العاملة لمصلحة قططه السمان ،، ومنها من أدعى مشروعا اخلاقيا حضاريا فعرفت مجتمعاتهم في عهدهم تفسخا اخلاقيا كما لم تعرفه في عهد من قبلهم ..

    خلاصة القول أن ما اصطلحنا علي تسميتها بـ " الثورات؛ مجيدة كانت او ظافرة او مباركة " ما هى الا "خوازيق " تاريخية جثمت علي صدورنا زمنا طويلا كرست فيه لسلطتها المطلقة وعلقت ثوارنا الحقيقيين وأصحاب الفكر علي المشانق حقيقية كانت أو معنوية واستزرعت الجهل بالتعليم والجهل الاستغبائي والمصلحية الجشعة وأعادت ولازالت تعيد عقارب الساعة الي الوراء بعيدا ....

    صحيفة أجراس الحرية
                  

09-19-2009, 01:02 AM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    قراءات في كوارث الجغرافيا وفشل مشاريع السلطة في إدارة التنوع في السودان


    مؤيد شريف

    وصف الجنرال الفرنسي روجي ترانكيي في كتابه " الوقت المبدد " "le temps perdu" الأوضاع في الكنغو إبان خضوعها للاستعمار البلجيكي بأنها "كارثة جغرافية حقيقية" فالبلاد كانت تفتقر للبنية التحتية من طرق ووسائل اتصال كما وان الشعب الكنغولي يتكون من 200 اثنية مختلفة في اللغة والتقاليد والعادات ودرجة التحضر " وكل اثنية هي جاهلة بالأخرى ما دامت لا تناصبها العداء" . وأورد أيضا في كتابه ذو القيمة التاريخية ،بأن تركز المعادن والثروات الطبيعية في إقليم كتانغا وخاصة النحاس ، مثل كارثة جغرافية حقيقية تسببت في إحداث فتن وأحداث كبرى ولازالت الكنغو تعيش الأزمات المتلاحقة إلي يوم الناس هذا ، وإذا ما كانت كوارث الجغرافيا في الكنغو تقتصر علي الصراع التاريخي علي الموارد والسلطة فان كوارث الجغرافيا في السودان تأخذ أبعادا أوسع وأعمق ، فأقدار التاريخ فرضت علي السودان أن يمتلك موقعا جغرافيا في قلب القارة الإفريقية ومشرفا علي البحر الأحمر مما جعله مقصدا ووجهة تاريخية لهجرات كبرى ، هجرات شكلت واقعا مميزا للتنوع وتحديات جسام لإدارته ، فأديان وأعراق وثقافات إفريقيا تداخلت وتمازجت مع العناصر العربية ومحمولاتها وحدث التبادل الفريد في كل شيء حتى الأديان في ظاهرة لازالت مبحثا للباحثين .
    هذه " الخلطة " الإنسانية بكل تفاصيلها واتجاهاتها وكيفية التعامل معها ، شكلت التحدي الأكبر للسودانيين منذ لحظات الاستقلال الأولى ، وفي رأي فان الارتماء المبكر لنخبة المثقفين في أحضان أصحاب النفوذ الديني التقليدي وتفضيلهم للطريق الأقصر للوصول إلي السلطة اعتمادا علي الكتل البشرية المغيبة لزعماء الطوائف التقليدية ، علي أن يبدأوا أولى خطوات النضال للتوعية وإرساء الأساس البنيوي للدولة القابلة للحياة والقادرة علي ضمان استمراريتها وتطوريتها في شروط أفضل . هذا الارتماء شكل الخطيئة الأولى التي أنزلت خيارات الدولة السودانية من جنان الاستقرار والتطور إلي أرض الماورائيات والأزمات .
    الأثر السلبي لتداخل الديني بالسياسي ليس وليدا لمشروع الإنقاذ للسلطة كما يعتقد الكثيرون ، فسياسات الطوائف الدينية التقليدية فرضت التزاما مطلقا لخيارات السياسة والمجتمع وإغلاقا لمساحات التنوير وتسببت في حالة من الجمود السياسي الطويل والذي انعكس سلبا علي المجتمع فكان أن تبدت فراغات السياسة التي تمددت وتغولت عليها طويلا طموحات العسكر المنفلت ، وظهرت فراغات المجتمع والتي ملأتها دعاوي القبلية والعنصرية .
    جمود الحراك الاجتماعي وانعدام الفعل والتفاعل بين المكونات المحلية صاحبة الثقافات المحجمة أو تلك التي تدعي لنفسها خصوصية من نوع ما لثقافتها ، تسببت في ردة فعل الانكفاء والانعزال ، فالانكفاء كان ردة فعل الإقصاء والتغييب في جميع مستوياته في ظل غياب لدور الدولة التي انشغلت بمشاريعها المدعاة للسلطة . الانكفاء الذي مارسته المكونات المحجمة لم يكن انكفاءاً محضاً فالمكونات المعزولة أو المنعزلة ضربت حولها "سياجا ثقافيا " في محاولة منها للحفاظ علي خصوصيتها وصد كل مظهر وافد ، والخصوصية مثلت لها جدار الصد وخط الدفاع الأخير فهي لا تتنازل عنها حتى وان انتقلت لبيئة مغايرة ومحيط مختلف ، وهي ترى في الثقافات الأخرى تهديدا لوجودها وترى فيها تمظهرا كاملا للدولة فأدوات الدولة تستخدم في بثها وترسيخها ، الخروج من أجواء الانكفاء والعزلة والتجرؤ علي المطالبات كانت مرحلة لاحقة للاضطهاد والخروج بالمطالبات بداية جاء كنتيجة لتراكم قصور أدوار الدولة وتفاقم الأزمات الداخلية بالإضافة لأدوار مجموعات من المتعلمين المنتمين للمكونات المحجمة والتي عركت أجواء السلطة والنفوذ من خلال أدوارا محددة ومحدودة أوكلت لها فأرادت أن تضطلع بادوارا أكبر وأكثر تأثيرا في إطار مماحكات ومحاصصات السلطة .
    لجوء السلطة ومكونات الهامش معا لاستخدام خطاب " مناطقي ، قبلي ، عنصري " يعد فشلا وتعبيرا عن حالة الخواء الفكري وانعدام الرؤية التي تعيشها كافة مواعين السياسة السودانية علي اختلافها ، فالمشاريع الفكرية المدعاة من قبل الأطر السياسية ،حاكمة أو معارضة ، لا تعدو أن تكون إما ملء للفراغ أو بحثا عن إطار اشمل للانتماء وكسب التأييد والدعم. وحتى وان توفر المشروع الفكري لإطار سياسي ما فان النكوص ، أو الإتيان بما ينسف الأساس المنهجي للمشروع الفكري المدعى يدلل علي سطحية تبني المشروع وعدم اختبار سماته والاوضاع الخاصة للبيئة التي يراد استزراعه فيها ، ودليلنا علي ما سبق التحولات الكبرى في اتجاهات السلطة السودانية : فسلطة عسكر وتكنوقراط النميري تشقلبت وتخبطت بين اليسار واليمين زمنا طويلا وسلطة الإنقاذ لازالت تبدي مواقفا متناقضة ومتضاربة من الأساس المنهجي لمشروعها توحي بفض المشروع والتحول لسياسات "اليوم باليوم" .
    مسألة الاستغلال السياسي والتكتيكي للأبعاد الدينية والعرقية وإقحامها في الصراع هي الأحدث والأكثر خطورة علي الإطلاق علي مصائر البلاد ككل ، فالأبعاد الدينية المستغلة ليست مكونا أساسيا عند جذور الأزمة والصراع ، وهذا ما أقر به أحد أكبر منظري الإنقاذ الدكتور غازي العتباني في محاضرة ألقاها في مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية في العام 1996 وقال نصاً : "ومن المعلوم أن طبيعة الحروب سياسية واقتصادية في المقام الأول ولذلك فهي تستوجب حلاً سياسياً ...." . أما الأبعاد الدينية والعرقية المقحمة فيتم اللجوء إليها لأنها سهلة التناول ولا تحتاج لخطاب فكري. وأيضا بسبب مقدرة الخطاب الديني والعرقي في حشد العامة وخلق اصطفافاً سريعاً وضخما خلف العواطف والمتهيآت لا الأفكار . وخطورتها تكمن في أنها تُنزل الصراع إلي مستويات دنيا وقاعدية ، قد تنحى فيها مجريات الأمور علي غير ما يُتوقع ، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بنهايات ومالآت الصراعات القاعدية ، فالقادة يملكون أن يحيلوا صراعاتهم إلي القاعدة متى ما شاءوا ، ولكنهم لا يملكون استرجاعها وإعادة الأوضاع لطبائعها متى ما شاءوا .
    حروب الهامش والأطراف التي تفجرت في كنف مشروع الإنقاذ للسلطة لم تكن تعبيرا جديدا عن حالة التململ وان اتخذت أشكالا أكثر عنفية ، فتململ الأطراف قديم قدم السلطة في السودان ، إلا أن التفجر العنيف كان نتاجا للتوجهات المرفوضة لمشروع الإنقاذ للسلطة . والجديد الذي يمكن ملاحظته هو التأييد الواسع الذي أصبحت تتمتع به حركات العصيان لمشروع السلطة في مناطقها والتي شكلت لها خزانا بشريا أمن لها إمكانية استمرار القتال . وفي ظل غياب الرؤية وامتلاك الأدوات القادرة علي إيجاد الحلول وتحت ضغط المجتمع الدولي آثرت السلطة الجلوس للتفاوض علي مضض والاستمرار في سياساتها الهادفة لاستغلال التقاطعات العرقية والاثنية ورفضها التعامل الجاد مع جذور الأزمة وتفضيل التسويات المنفردة وهذا توجه جد خطير وقد يفاقم مستوى التأزم ويضيف أبعادا أخرى للنزاع أكثر خطورة ، ويبدو أننا في الطريق الي وضع مشابه إن لم نكن قد بلغناه حقيقة وواقعا.

    صحيفة صوت الأمة
                  

09-20-2009, 12:16 PM

عبد الرحيم حسب الرسول
<aعبد الرحيم حسب الرسول
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤيد شريف نموذج المهنية والإحترافية العالية (Re: عبد الرحيم حسب الرسول)

    كل عام والجميع بألف خير
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de