لا أدري إلى هذه اللحظة - التي أكتب فيها - ماهية الوضع القانوني والاعتباري لـ (الرابطة الشرعية لعلماء ودعاة السودان).. ولا أعرف إن كانت صفة (الشرعية) الواردة في الاسم تحمل في مقتضاها نفى الشرعية عن الروابط والكيانات الأخرى، واقتصارها في الذات، أم لا..؟ ولا أدري وجه الاختلاف بين هذه الرابطة ذات الصفة (الإحاطية) وهيئة علماء السودان.
التساؤلات حول هذه الرابطة تصبح ضرورية ومهمّة ولازمة كذلك، لأنّ صوتها في الفترة الأخيرة بدأ في الارتفاع.. وآثار بصماتها على الواقع اليومي بدأت في الظهور.. فقد بَلغ هذا الصوت مداه، بالمطالبة التي رفعتها الرابطة بحل الحزب الشيوعي، وضرورة حظر نشاطه السياسي في البلاد، ودعوتها الجهات الأمنية بوضع الشيوعيين في جحورهم حمايةً للمسلمين..!
وقالت الرابطة إنّ من فتاويها عدم جواز زواج الشيوعي من المسلمة، وإنه لابد من تطليق زوجته المسلمة عنه، وإلاّ كان نتاج زواجهما أبناء زنا.. وإن الشيوعي كافر وإن صام أو صلى..!
وهذه الفتوى - التي قيل إنّها قديمة - جاءت مُتزامنةً مع اشتعال الخلاف في منطقة الجريف، عند اعتراض بعض الجماعات السلفية على افتتاح دار للحزب الشيوعي بالمنطقة..!
إذاً السؤال المهم إذا كان الموقف من الحزب الشيوعي السوداني بهذه الدرجة من الوضوح العقدي، لماذا لم يتم الجهر به إلاّ في ظل الخلاف المحدود على افتتاح دار صغيرة للحزب بالجريف؟ ولم يتم إعلان هذا الموقف عند افتتاح المركز العام للحزب في الخرطوم«2» كابينة الإلحاد..؟!
اختيار هذا التوقيت لإعلان مثل هذه الفتاوى يعظم المخاوف من أن تصبح الفتوى الدينية سلاحاً من أسلحة الخصومة السياسيّة والفكريّة تُحفظ في الأدراج عند التهدئة، وتُشهر في وجه الخصوم عند النزاع..!
هذه الطريقة في إصدار الفتاوى التكفيرية تقدح في مبدئيتها وقصدها وجه اللّه.. فأحكام اللّه لا تراعى في الجريف وتهمل في الديم..!
وربما يصبح السؤال الأهم.. مَنْ في القائمة التكفيرية السوداء للرابطة الشرعية غير الشيوعيين، لم يَأتِ أوان تحديدهم بالإسم بعد..؟! أم أنّ المحدد الزمني للإعلان ستتحكّم فيه اعتبارت أخرى تقتضيها المصالح المرسلة..؟!
هذه الرابطة سبق وأن قادت الحملة التكفيرية الشرسة ضد الراحل المقيم الأستاذ محمد طه محمّد أحمد، وجاءت الى محكمة القسم الأوسط بالخرطوم، تحمل كفن ود جنقال.. وسبق لبعض رموز هذه الرابطة أن قاموا بتكفير الدكتور حسن مكي على إفادات أوردها في حوار صحفي من كتاب الطبري.. وسبق أن قاموا بتكفير الدكتور حسن الترابي على آراء فقهية أدلى بها.. (من لم يأتِ اليوم سيأتي غداً)..!
من الأوصاف الموفقة في توصيف الأفكار التكفيرية وصفها بأنّها ذات طبيعة ارتدادية، يطلقها الشخص بيقين قطعي، فترتد إلى صدره.. ذلك حينما تكبر ظنون الإخوة المخالفين ويخرج من الصف الخارجون.. هذه مسيرة طويلة ذات مشاهد متشابهة من زمن الخوارج الى جبال أفغانستان وأودية العراق وطرقات الصومال.. ومسجد أنصار السنة بأم درمان..!
رغم أن دعوة تكفير الحزب الشيوعي لم تستطع إعادة سيناريو شوقي والمعهد العلمي بأم درمان، لكنها جدّدت سؤال الدين بالنسبة للحزب العتيق، الذي ظل باعتراف سكرتيره العام محمد إبرهيم نقد، طوال تاريخه يهرب من مهمة الوصول الى إجابات نهائية في موضوع الدين، إجابات تقنع العضو وتلقم العدو..!
رُب ضارة نافعة.. بعيداً عن الضغط والابتزاز التكفيري.. قد يدفع ما حدث الحزب الشيوعي بأن يقدم رؤية واضحة ومتماسكة تحدد موقفه من الدين، وألا يكتفي برد الاتهامات الإلحادية بأدوات النفي فقط.. فهي في كثير من الأحيان تعجز عن إسعاف المواقف..!
بالرغم من تثميني لمقال الصحفي ضياء الدين بلال في عرضة للاحداث الاخيرة و طرقه بقوة علي اسئلة هامة حول بيان الرابطة الشرعية لعلماء و دعاة السودان من حيث التوقيت و الاسباب و ما ستذهب اليه الامور إلا ان خلاصة المقال في تقديري المتمثلة في الدعوة المُبطنه لحض الحزب الشيوعي لتوضيح و دفع الإتهام حول موقفه من الدين لم يجانبها الصواب بنص المقال نفسه الذي إستبسل صاحبه في تفنيد دعاوي التكفير و مُسبباتها خاصة وإن الحزب الشيوعي هو الثابت في فورمولا الكاتب و الحركات التكفيرية هي المُتحركـ
ما رأيكم دام فضلكم ؟
09-03-2009, 01:25 PM
خدر
خدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188
والله يا خدر كنت عاوز افرد بوست لمقال ضياء الدين واعتقد انه مقال غير موفق ابدا اولا عنوانه غريب وغير موفق ويعطي ايحاءات مش لذيذة ثانيا دعوته مبطنة وغير موفقة فيما يتعلق بطلبه ان يوضح الحزب موقفه من الدين!، فليس على الحزب الشيوعي اثبات النفي ، اي ليس عليه ان يثبت انه ليس ملحد لأن الدين المقصود هنا ليس هو "علاقة الدين بالسياسة" او العلمانية ودونها، فهذا موقف يواجه جميع الاحزاب السودانية في معرض الصراع السياسي في السودان. واظن الاحزاب المعارضة حاولت حسمه في مقرران نيروبي "علاقة الدين بالسياسة". اما الدين المقصود هنا في مقال ضياء الدين فالمقصود به "التدين" اي الايمان من عدمه أو الالحاد والايمان . وهذه مسألة قديمة متجددة اعتقد ان الاخوة في الحزب الشيوعي تجاوزوها منذ زمن بعيد.
Quote: إلا ان خلاصة المقال في تقديري المتمثلة في الدعوة المُبطنه لحض الحزب الشيوعي لتوضيح و دفع الإتهام حول موقفه من الدين لم يجانبها الصواب
رؤيتك اخى خضر صحيحة لخلاصة مقال ضياء الا انه يبدو انه صاغها بحسن نية و هو يظن انه يحسن للحزب الشيوعى السودانى. هذه هى مشكلة الكثير من شباب الكتاب الذين لم يعاصروا اى من الديقراطيات قصيرة العمر التى مرت كالنسيم على بلادنا. لهذا كان وقع الكلام قاسيا على (المخضرمين) الذين لا يمكن ان يخطر بذهنهم ان يكون هناك ثمة تساؤل عن دين ما لمنظومة احتماعية كالحزب (ايا كان الحزب) و لنا عودة
09-03-2009, 05:14 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481
أنتو يا ناس الحزب الشيوعي... غيروا أسم الحزب ده وريحونا بالله...
ما معقول حجوة أم ضبيبينة دي...كل يوم السعودية ولا أفغانستان ولا الصومال ترفد ليها زول، يجي يعمل لينا غاغة بحزبكم ده!
الأحزاب في كوريا هنا بتغيّر أسمها كل قبل إنتخابات...عشان تتخلص من التركة السابقة، والشعب السوداني مُصاب بالزهايمر... ترانا قاعدين نلوك في أسم المؤتمر الوطني، والجبهة الإسلامية بكل أفعالها وجرائمها والخ...فص ملح وداب...غير موجودة إلا في "أوساط المثقفين"!
المهم...
09-03-2009, 05:15 PM
AnwarKing
AnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة