|
Re: ندوة: مآلات اليسار السوداني (منبر الشباب الديمقراطي-مركز الدراسات السودانية) ... (Re: معتز تروتسكى)
|
الأخ تروتسكي ... تسلم,
وتعلم أن اليمين السوداني ضالع في متن مجتمعنا ومحيطه, وكان له الأثر الراجح في صياغة أوضاع السودان سياسيا وإجتماعيا وثقافيا ووجدانيا, وهو يمين يملأ شباكه ونخاعه وتلافيفه من مرجعيات مجتمعنا التاريخية, كالدين والقيم والأخلاق ... فهو لا يعبأ بمنظور قومي عقلاني عصراني , وأخال أن كل رهانه على إستحصاد السلطة والثروة وجعلها وقفا عليهم, دون أن أضع فواصل بين ملل اليمين وعلى إختلافها, فهي في تقديري في نهاية المطاف متفقة على الجوهر { السلطة } وربما تختلف في التفاصيل... وليس أقل مما قلت تجربتهم جميعا في الحكم, وحيث نعلم منطلقاتها ومآلاتها, أقصد أن هنا سانحة لمضايرة اليمين ووضعة خلف منضدة واحدة بحسبان التاريخ والتجربة والمرجعيات المشتركة.
أما يسارنا ... فحاله أسوأ من يميننا, لأنه لم يناهض الأوضاع السالبة آنفة الذكر, بموجبات وتقاليد ومناهج من ذات طينة الشعب ومن ثنايا أزماته التاريخية, ليلتحق من ثم إلتحاقا خلاقا وعميقا بوجدان الشعب وبقضايا الوطن, إنما إختار الآيدلوجيا والتماهي الشمولي مع مشروعات خارجة عن النص السوداني وتواقيعه على الأرض السودانية, فحل يسارنا غريبا ... وما يزال ... والأسوأ ... أن قدرتهم على التعلم والتغيير والمواكبة أبطأ من يميننا... تصدق!!! وهذا تغريبا ما جعل الهوة سحيقة بين الواقع والطموح, بين الحاضر والمستقبل, بين إحتمال هبوط الحكومة وصعود المعارضة.
ينبغي أن نعود أدرجنا إلى اليسار السوداني الإجتماعي, والذي هو مناهض بطبعه وتقاليده للتخلف وراغب في التوالي مع مستحضرات العصر والحفاظ على القيم النافعة في مجمعنا, وإقصاء المعيق منها, هو يسار ينبغي أن نعيد البحث عنه في ثنيات الأروقة الإجتماعية السودانية البسيطة, المبتدئة من القرية ... فالذين يسعون فيها لإنشاء مدرسة أو مستشفي أو تخطيط أو أي خدمات كانت, فهم لبنة من يسارنا, وفي المدن كذلك ينشطون لوجه الله وخدمة للناس, وفي دهاليز الخدمة المدنية تجدهم حضورا ضد الظلم والتهميش والمحسوبية, وفي نطاقات الثقافة تجدهم يستمطرون أفئدتهم شعرا وقصا وهوى للحب والعدل والتعافي والتقدم... ليس هناك آيدلوجية تحدهم أو تلهمهم ما توفروا إليه, إنما هي أحاسيسهم الإنسانية في إلتئآمها بقضايا المجتمع وبقصة الوعي وبتحباب السودان.
فيسارنا الإجتماعي أعرض وأوثق من المنابر الحزبية الزاعمة لتمثيله, بل وأكثر تقدما وقبولا في سياقه الإجتماعي من أي كيان سياسي كان... فهذه أراها الحقيقة الأولى حين النظر لمآلات اليسار السوداني ... أو هنا يمكن أن يكون المبتدأ ... حتى نغني أنفسنا { مقدما } عن أيهم الأنفع ليسارنا... الماركسية أم العروبية الإشتراكية أم الثورية الجفارية أم ... أم ... أم... فيسارنا بداخلنا وبكامل حيويته, فقط ليتنا نعيد إكتشافه وإحقاقه ... وبكل تواضع فكري وأمانة يقتضيها الوطن.
... مع فارع تقديري
| |
|
|
|
|