د. عبد الحي يوسف: ظروف البلاد ومرحلة الاستضعاف الذي نحن فيه لا يسمح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 01:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-14-2009, 03:25 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. عبد الحي يوسف: ظروف البلاد ومرحلة الاستضعاف الذي نحن فيه لا يسمح

    حوار مع شاب: مازق التفكير التكفيري.. (1 - 3)
    هل تسعف قوالب الفقه القديمة في تكييف الواقع السياسي المعاصر؟

    بقلم: سليمان صديق علي

    اصدرت هيئة علماء السودان كتيباً من تأليف د. عبد الحي يوسف بعنوان (حوار مع شاب) ومن موضوعات الكتاب واسئلته يبدو انه محاولة لمناقشة افكار المتشددين الاسلاميين من الشباب وبالرغم من اهمية الموضوعات التي تناولها الحوار الا ان المرء يعيب علي منهج الكتيب انه حاول ان يعالج مشكلة التطرف الاسلامي بذات المنهج السلفي التجريدي التبعيضي الذي يقوم عليه التطرف وهو منهج تخفيه كثافة النصوص وغزارة علم المؤلف بالتراث غير ان معادلة التوفيق التي يقوم عليها سرعان ما تنهار امام الشباب المتشدد لان خياراتها مبنية على تقدير المصلحة وفقه الضرورة والتأويل الذي يستبعده البعض ففي اجابات المؤلف (الحدود والتعازير قد لا تقام علانية بل في نطاق محدود - اعني في السجن - لان ظروف البلاد ومرحلة الاستضعاف الذي نحن فيه لا يسمح باكثر من ذلك) (والدولة تقاوم ما استطاعت الى المقاومة سبيلاً) ويقول: (لا شك ان الناظر في حال هذه البلاد - على ايامنا - وما نتعرض له من ضغوط خارجية وداخلية لكون الكفار يشاركوننا فيها مع كثرة المنافقين ومرضى القلوب يجد مندوحة لأولى الأمر في الاخذ ببعض الاقوال الميسرة التي تدرأ الفتن وتحفظ المصلحة) وفي تنظيم الحفلات الغنائية: (فالقانون انما وضع لتنظيم امر يرونه جائزاً باجتهاد سبقتهم اليه جماعات من اهل العلم ومثل هذا لا يكفر فاعله) وليس الأمر - على رأي المؤلف - اختياراً اصيلاً في منهج الاصلاح المتدرج الذي يضرب له العلماء المثل بتحريم الخمر الذي قابل المولى عز وجل بينه وبين الرزق الحسن في الآية (67) سورة النحل ثم اشار في الآية (219) من سورة البقرة الي ان اثم الخمر اكبر من نفعها وأمر المسلمين بعد ذلك بألا يقربوا الصلاة وهم سكارى في الآية (34) من سورة النساء حتى قطع الشرع بتحريمه في الآيتين (90 - 91) من سورة المائدة واعتذر الكاتب للحكومة عن (الديمقراطية الشركية) بقوله: (وحسبنا انه ليس في الدستور مادة تنص على ديمقراطية البلاد لهذا المعنى الشركي)، وقال ايضاً عن عدم النص على شرط الاسلام في الدستور لمرشح رئاسة الجمهورية (وقد اعتذر واضعوه بانهم اغفلوه كتحصيل حاصل خلوصاً من ضغوط دولية ومحلية).
    وقال عن اتفاقية نيفاشا: (وقعت في ظل ضغوط صليبية وغياب اسلامي حيث حصل الاستفراد بالمفاوضين الذين يمثلون السودان مثلما حصل في حالات مماثلة مع الفلسطينيين واهل البوسنة وغيرهم ممن وقعوا في صراع مع الكفار) وكأن من وقع هذه الاتفاقية لم يبن ذلك التوقيع على اختيار اصيل من خيارات الفهم الاسلامي علماً بأن معظم ما ورد في الاتفاقية قد ظلت الحكومة تعرضه منذ مفاوضات ابوجا الأولى واتفاقية السلام من الداخل قبل ظهور هذه الضغوط والضرورات ويرى المؤلف ان الاتفاقية (قد لا تكون هي الصورة المثلى لحل النزاع ولا هي الحالة المرضية لنا - معشر المسلمين - لكنها حصلت في ظروف كان الجيش فيها بحاجة الى التقاط انفاسه).
    ربما كان الاجدر بهيئة علماء السودان ان تدير الحوار حول منهج التفكير والاصلاح الذي يرتضيه هؤلاء الشباب والذي يتميز بالسلفية المتطرفة والتجريد والتبعيض والعجلة، فالسلفية المتطرفة فهي تضع اقوال السلف واجتهاداتهم في مرتبة النص على الرغم من ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) علم اصحابه ان يميزوا ما بين الرأي يراه هو كبشر وبين الخبر يرويه عن ربه كما تكلم العلماء عن اجتهاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في تفصيل الوحي وتنزيله ومراجعة الوحي لبعض هذه الاجتهادات وتكلم المتحدثون عما ليس تشريعاً من اقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) وميز علماء الاصول بين اقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) التي تصدر عنه تبليغاً للرسالة وتشريعاً للامة وبين ما يصدر عنه على سبيل العلم والخبرة البشرية والدراية والتجارب الانسانية، وما يصدر عنه من احكام بين الناس يتبع فيها البينة والحجة واقوال وافعال الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذه التي لا يمكن ان نقسمها - كما يفعل البعض - الي شؤون الدين والدنيا والمعاش لان علماء المسلمين قد اجمعوا علي ان المسلم يتدين بأمور الحياة كلها سواءً كانت شعائر مسنونة أو غير مسنونة ويبتغي وجه الله بصلاته ونسكه ومحياه ومماته وكل شؤونه، فاذا كان ذلك كذلك فلماذا يصر بعض المتشددين السلفيين على ان ينزلوا اجتهادات السلف وتفسيراتهم منزلة النص الذي يجتهدون حوله ويفسرونه ويفصلونه؟.
    واما التجريد فهو الذي يخرج النص والاجتهاد من سياغه الظرفي ويحسب ان الدين لا صلة له بالجغرافيا أو السكان أو مصالح الناس ويهتم هؤلاء الشباب بالسنة - ببيان القرآن وتفصيله - أكثر من اهتمامهم بالقرآن مصدر الاصول والكليات وهو الذي يوقع هؤلاء الشباب في التجزئة والتبعيض ومن ذلك ايضاً اصرارهم على ان المعرفة الدينية مصدرها الوحي وحده علي الرغم من ان العلماء يقولون ان علم الله موجود في كتابه المقروء (الوحي) وكتابه المفتوح وهو كتاب الكون وسير الامم السابقة ودواعي الايمان المغروسة في نفوس الناس الى ذلك تشير الآيات التي تتكلم عن العلم والهدى والكتاب المنير، وان عجلة هؤلاء الشباب واضحة في اعتسافهم تنزيل احكام الشريعة الاسلامية على الواقع وعدم اعترافهم بتدرج الاحكام وتدرج الانتقال والترقي في سلم الايمان والتقوى.



    http://www.rayaam.info/News_view.aspx?pid=353&id=24923
                  

08-14-2009, 03:26 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عبد الحي يوسف: ظروف البلاد ومرحلة الاستضعاف الذي نحن فيه لا يسمح (Re: عبدالله عثمان)

    الشباب .. وقضايا المدافعة والجهاد
    أ.د. حسن مكي محمد أحمد

    في الأسابيع الماضية زينت الصحافة اليومية صفحتها الأولى بصورة الشباب الأربعة الذين حكم عليهم بالإعدام لاشتراكهم في مقتل الدبلوماسي الأمريكي جراندفيل وقد كان الخبر مؤلماً ومزعجاً ، لأن المقتولين سواء أكان الدبلوماسي الأمريكي أو سائقه أشخاص أبرياء في نظر القانون، كما أن هؤلاء الشباب تبدو عليهم سمات الصدق والإخلاص ولكن ارتكبوا فعلاً كبيراً في التقدير ناتجاً عن مرجعية ثقافية وفكرية وروحية ويمكن تلخيص حجتهم بأن أمريكا عدو صائل ويجوز التعريض للعدو الصائل حيثما وجد ، إذن فقضية هؤلاء الشباب ضد سياسة أمريكا الخارجية لأنهم يرون أن سياسة أمريكا الخارجية أساس مشاكل السودان، وأساس مشاكل العالم الإسلامي وأن تحالف أمريكا مع إسرائيل هو اس البلاء، وربما كان هذا صحيحاً، لكن قبل الدخول في أبعاد قضية هؤلاء يجب الانتباه بأن هؤلاء الشباب ينتمون إلى اسر سودانية معروفة كما أن هؤلاء الشباب شباب نابه وقد زرت أسر بعضهم وعلمت أن بعضهم كان مقبولاً في جامعة الخرطوم ولكن لأشواقه الحركية والجهادية قطع دراسته في كلية الهندسة جامعة الخرطوم لينتمي للمؤسسة العسكرية ويتابع ترقياته وأشواقه ويعبر عن مرجعياته. وقد قلت لامهات هؤلاء الشباب بأنهم يستحقون أن يحكموا السودان لطهارتهم ونبلهم ولاهتمامهم بالقضايا العامة ولكن ها هو القدر يسوقهم إلى حيث اختاروا ، والشباب شعبة من الجنون .
    هؤلاء الشباب ضحايا وليسوا مجرمين وربما كان أصعب خيار يواجهه رئيس الدولة أن يوقع علي هذه الأحكام لأنه من ناحية يعرف صدق هؤلاء الشباب حسب مرجعيتهم ورؤيتهم لأن هذه ليست جريمة وإنما فعل سياسي لأنه ليس المقصود منها نهب مال أو إنتهاك عرض ولكن توجيه رسالة حادة لأمريكا، ولكن هذه الرسالة تعمل في ثناياها جريمة هدر لأرواح مواطن أمريكي ومواطن سوداني ولا يمكن تحميل هؤلاء الأبرياء جريرة السياسة الأمريكية الخارجية بل ربما كانوا من الرافضين لها خصوصا أن القتل كان عشوائياً ولم يكن إنتقائياً لأنهم خرجوا لاصطياد من يرونه يحمل علامات العدو الصائل، والعدو الصائل في الفقه الإسلامي هو العدو المعين الذي يدمر البلاد والعباد ولكن من له الحق في التصدي للعدو الصائل؟ ومتى يكون الجهاد وأين يكون الجهاد وما دور الإمام والسلطة في ذلك؟، هذه الاسئلة كلها ربما قامت على هؤلاء الشباب. وهم يندفعون في هذا الأمر ، ثم إنهم في إندفاعهم في هذا الأمر قد يكلفون البلاد والعباد ما لا تطيق وقد رأينا أن النبي «صلى الله عليه وسلم» قد حرم على إتباعه حتى الدفاع على أنفسهم في مرحلة من المراحل كفوا أيديكم حينما نزل القرآن قائلا «كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة » فهذه القضية يجب أن يضعها من هو ملتزم بشروط المواطنة وما فيها من مبايعة ضمنية للحكومة وإمامها.
    ومن ناحية أخرى أين يكون الجهاد؟ هذه قضية .. وهل سيصبح السودان ساحة لمجابهة أمريكا مع فوارق القوى وفوارق الموازين؟ وهل من المصلحة أن يتحول السودان إلى ساحة قتال ومجابهة على حال أفغانستان والصومال لأن جغرافية الجهاد مهمة في تحديد فرضية الجهاد وقد رأينا سيدنا عمر بن الخطاب يأمر سيدنا عمرو بن العاص بألا يمضي بالمسلمين فيما وراء غزة إبان فتح مصر حتى لا يهلك المسلمون في جغرافية لا يعرفون ما خلفها ولا يعرفون تعقيداتها وتركيباتها.
    ثم سؤال آخر: هل الجهاد فريضة مطلقة نادت بها كل مجموعة إسلامية وحسب مرجعياتها ألا يقود ذلك إلى الفوضى؟ ، وقد رأينا نموذجاً من الفوضى في ثورات إسلامية على مدار التاريخ الإسلامي نتيجة لفوضى الفتوة ونتيجة لفوضى المرجعيات .
    ومن ذلك فإن هذه القضية قضية مركبة ومحزنة لأن هناك أمريكا الدولة التي ستمضي في استراتيجياتها وتمضي في سياستها الخارجية العدوانية لأن الإستراتيجيات في النهاية إنما هي خطط طويلة المدى وهي خطط صماء بمعنى أنها تسير صوب أهدافها وليس لديها مشاعر أو أحاسيس غير حسابات اقامة وتنفيذ الخطة ولا يهمها مقتل الدبلوماسي الامريكي جراندفيل أو سائقه أو غيره، كما أنها ستضغط لتنفيذ الأحكام .. ومن ناحية أخرى ، إن هناك أسراً مكلومة وحزينة فهي أسر القتلى وهناك أسر اشد حزناً واشد ألماً وهي الاسر التي تعرف طهارة ابنائها وتعرف هدفهم وتعرف اخلاصهم وتعرف درجة متابعتهم لتنزيل الأحكام الربانية على تصرفاتهم وسلوكهم بحسب ما يفهمون وبحسب ما يرون، وهنالك هؤلاء الشباب الذين الآن من المؤكد أنهم يحترقون في زنازينهم ويرفعون أياديهم صباحاً ومساء إلى الله سبحانه وتعالى أن يتقبلهم ويتقبل تصرفاتهم، كما أنهم يدعون على أمريكا وعلى أعداء الإسلام، إذن هذه قضية معقدة ومركبة وودتُ أن مساحتها لم تكن القضاء وإنما الدبلوماسية ، وخطاب أوباما الأخير الموجه للعالم الاسلامي دعا الى الحوار مع العالم الإسلامي، وفي رأيي لو أن أمريكا تريد الحوار فإن الطرف الآخر المعني بهذا الحوار ليسوا حكام العالم ولا الجماعات المتأمركة الإسلامية لأن هؤلاء في صف أمريكا ولكن المعني بالحوار والذي يجب أن يكون مطلوباً للحوار هو المقاومة في فلسطين والمقاومة في باكستان والمقاومة في العراق والمقاومة في أفغانستان وفي الصومال والمقاومة على مستوى العالم الإسلامي .. باختصار الذي يجب محاورته هو الذي ينظر لأمريكا كعدو صائل وأن حواراً غير ذلك حوار لن يؤدي المطلوب لأن المحاور الآخر مسلم من وجهة نظر أمريكا جزئياً أو كلياً والمطلوب للحوار الآن هو الرافض لوجهة نظر أمريكا على اختلاف درجاتهم منهم الرافض بقلبه ومنهم الرافض بلسانه ومنهم من خرج عن طوره وحمل السلاح وهؤلاء أولى الناس بالحوار، وأمريكا تعرف أبوابهم وقيادة العالم الإسلامي تعرفهم لأنهم موجودون إما في السجون أو مطاردون أو في الكهوف، ومن الغريب أن معظم العقول الإسلامية على امتداد العالم الإسلامي لولا التقي ولولا الخوف لقلت إن هؤلاء يمثلون مقتضى الظرف ومقتضى المرحلة وأن كان ذلك كذلك فعلى أمريكا ومن يديرون أمريكا من نخب ومفكرين وقادة أن يتجهوا بالحوار حيث ينبغي أن يكون أو ستزداد ساحات المواجهة والحرابة .. والله أعلم.

    والسلام ...

    http://www.rayaam.info/Raay_view.aspx?pid=598&id=45463
                  

08-14-2009, 03:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. عبد الحي يوسف: ظروف البلاد ومرحلة الاستضعاف الذي نحن فيه لا يسمح (Re: عبدالله عثمان)

    [size=150]
    بُوكُو حَرَامْ! ..... بقلم: كمال الجزولي
    الجمعة, 14 أغسطس 2009

    كما السودان، أو أيُّ بلد أفريقي آخر، على وجه الخصوص، يتسم بتنوُّع تكويناته الهويويَّة، فضلاً عن عوامل التهميش، والتناحر الطبقي، والتنمية غير المتوازنة، وما ينتج عن ذلك من توترات عرقيَّة وثقافيَّة ودينيَّة، ظلت نيجيريا المكوَّنة من 300 مجموعة إثنيَّة مختلفة، والتي استقلت عن بريطانيا عام 1960م، تشهد انبثاق مختلف أشكال التعبير عن طموحات هذا التنوُّع، بما يتفاوت بين أدنى ظواهر التململ المجتمعي، وبين أقصى درجات العنف المسلح الذي لا يبقي ولا يذر، في ظروف العجز التاريخي لدولة ما بعد الاستعمار، مثلما في جُلِّ هذه البلدان أيضاً، عن استيعابه باستراتيجيَّات سياسيَّة ملائمة.

    هكذا، وبرغم الفارق، لم تكن حركة (بيافرا) التي حاولت فصل الإقليم الواقع جنوب شرقي نيجيريا كدولة للإيبو مستقلة عنها (30 مايو 1967م ـ 15 يناير 1970م)، والتي أسدلت القوَّات الحكوميَّة ستارها على مشهد الشوارع الغاصَّة بمئات الجثث المنتفخة، المتفسِّخة، تتطاير حولها أرتال من النسور والذباب، هي أوَّل الانفجارات في نيجيريا، كما أنه، وطالما ظلت حالة العجز الدَّولتي عن تلبية هذه الطموحات تراوح مكانها، فلن تكون آخر هذه الانفجارات حركة (بوكو حرام) التي قضي عليها، وعلى زعيمها محمَّد يوسف، في شمال نيجيريا، بذات الأسلوب، إبان تمرُّدها لخمسة أيام خلال الأسبوع الأخير من يوليو المنصرم، والذي راح ضحيَّته 800 من القتلى، مسيحيين ومسلمين على السَّواء!

    نيجيريا، المنتجة للنفط، تعتبر البلد الأفريقي الأكثر كثافة من جهة السكان، إذ يبلغ تعدادهم 140 مليون نسمة، نصفهم مسلمون يعيش أغلبهم في الشمال الفقير، حيث تنشط وسط إثنيَّة الهوسا الغالبة شبكات دعويَّة على صلة ما بحركة الاسلام السياسي في المنطقة، على عكس الجنوب الغني الذي تقطنه أغلبيَّة مسيحيَّة من إثنيَّة اليوروبا، والجنوب الشرقي الذي يقطنه مسيحيون صرف من إثنيَّة الإيبو.

    و(بوكو حرام)، بلغة الهوسا، تعني، حرفياً، (التربية الغربيَّة حرام)، وتعني، مجازاً، (طالبان نيجيريا)، بجامع التطرُّف الديني، وكراهيَّة الغرب وثقافته، من طلاب لم يطل بهم أمد الابتعاد عن مقاعد الدراسة، لكنهم يعتقدون أنهم مبعوثو العناية الإلهيَّة لإقامة ملكوت السماء، كما يتصوَّرونه، على الأرض! ورغم أن هذا التأويل للعبارة قد يوحي بعلاقة عضويَّة وثيقة بين (بوكو حرام) وبين (طالبان) أفغانستان وباكستان، ورغم أن الحركة النيجيريَّة تستلهم، بالفعل، نهج طالبان، ويصلي أتباعها في مساجد خاصة بهم، ويطيلون اللحى، وترتدي نساؤهم الحجاب، إلا أن أغلب الباحثين والمحللين يستبعدون مثل هذه العلاقة العضويَّة. ورغم أن مصادر الحكومة النيجيريَّة ترجع تاريخ ظهور الحركة إلى العام 1995م، إلا أن مصادر مستقلة، بحسب تقرير للـ AFP في 1/8/09، ترجع هذا التاريخ إلى العام 2002م، حيث أسَّسها محمَّد يوسف، في مايدوغوري عاصمة ولاية برنو، بعد أن جمع حوله، في البداية، مئتين من الرجال والنساء، ثمَّ ما لبث العدد أن ارتفع إلى آلاف الأنصار، قبل أن ينتقل بهم، في 2004م، إلى قرية كاناما، لينشئوا قاعدتهم، ويشنُّوا هجماتهم على مراكز الشرطة، في حالة من الهياج المعادي للدولة، ويعيثوا تخريباً في المباني الحكوميَّة، والمدارس، والكنائس، بهدف تأسيس (دولة إسلاميَّة طاهرة)، ومنفصلة، في المناطق الشماليَّة!

    ولئن كانت ولايات الشمال الكبرى، كبرنو وكانو وزاريا، قد عرفت الإسلام، على يد الدعاة الفولانيين، منذ القرن الرابع عشر، فقد خبرت برنو، بالذات، السلطة المستقلة قبل ذلك بوقت طويل، حيث كانت مهداً لإمبراطوريَّة كانِم برنو التي تأسست على ضفاف بحيرة تشاد عام 850م. وفي 1086 اعتنق حاكمها، آنذاك، ماي بن عبد الجليل، الإسلام، وأقام مركزا للدراسات الإسلاميَّة، فصارت، منذ ذلك الحين، مركزاً للتعليم الإسلامي في نيجيريا. كما قاد عثمان دان فوديو، في 1804م، حركة أفضت، في 1808م، إلى تأسيس خلافة إسلاميَّة في الجزء الأكبر من شمال البلاد، وهو الجزء الشمالي الشرقي، وعاصمته سوكوتو. وظلت تلك الخلافة تبسط سلطانها هناك حتى عام 1903م، حيث أطيح بآخر خلفائها، وقتل، على يد المستعمرين البريطانيين. ومنذ 1960م ظلت مناطق الشمال في نيجيريا مسرحاً للعديد من الانتفاضات الإسلاميَّة التي تولى الجيش النيجيري سحقها.

    وإذن، فحركة (بوكو حرام)، مؤخَّراً، على تطرُّفها وعنفها، ليست خارج هذا السياق التاريخي لتعبيرات المسلمين النيجيريين عن أشواق التميُّز الهويوي، كمعادل موضوعي للتطلع إلى العدالة الاجتماعيَّة. لذا، ورغم أن أكثريَّة مسلمي نيجيريا لا تشاطر الحركة أفكارها المتطرِّفة، إلا أنه من الطبيعي في هذا الإطار، وفي ظروف اختلال ميزان السلطة والثروة بين الجنوب والشمال، وبقدر ازدياد عنف الجيش وأجهزة القمع الحكوميَّة، أن يزداد، رويداً رويداً، تعاطف قسم معتبر من هؤلاء المسلمين مع هذا النوع من التنظيمات الدَّاعية لإقامة دولة دينيَّة مستقلة، خصوصاً مع التمدُّد اللاحق للاضطرابات إلى ولاية بوتشي الواقعة على بعد 400 كيلومتر جنوب غربي مايدوجوري، وارتكاب أتباع الحركة المسلحين بالمدي، والمناجل، والقنابل، وبنادق الصيد محليَّة الصنع، أعمال شغب في عدة مدن، الأمر الذي سيهدِّد، عاجلاً أم آجلاً، وحدة نيجيريا الوطنيَّة، وسلامة أراضيها، ويفتح الأبواب على مصاريعها أمام (الأجندات الخارجيَّة!) الطامعة في ثرواتها.

    مع ذلك فإن النظام النيجيري الذي ما برح يحدِّق في أرنبة أنفه، لا يبدو مؤهَّلاً فكرياً، حتى الآن، للانتباه إلى أن منبع هذا الخطر كامن في ما هو أكبر من محض الترتيبات الإداريَّة الأمنيَّة! فقد قال علي مودو شريف، والي ولاية برنو، في اجتماع ضمَّ الزعماء الدينيين والقبليين، في عقابيل الأحداث الأخيرة، إن "عدم إحكام الرقابة!" هو الذي سمح للداعية المتطرف محمد يوسف بجمع الأتباع، وقيادة التمرُّد! وإنه "من المؤسف أن القانون الذي كان موجوداً لم يطبق؛ وهذا الاسترخاء هو الذي مكن محمد يوسف من إلقاء هذا النوع من الخطب وإثارة المتاعب"! ولذا "ينبغي إعادة تشكيل هيئة الدعوة للتأكد من أن رجال الدين المؤهلين والموثوق بهم هم فقط هم الذين يُسمح لهم بالقاء الخطب في المساجد والأماكن الأخرى!" (رويترز، 3/8/09). كما صرَّح مسؤولون آخرون بأن "التدقيق" سيجري "بصورة متأنية" في "اختيار" رجال الدين المسلمين، لمنع تكرار مثل هذا التمرُّد الطائفي (المصدر).

    تلك خطة سلطويَّة/إداريَّة/أمنيَّة تنضاف، بامتياز، إلى عناصر الأزمة، لا إلى علاجها. فما تحتاجه نيجيريا، بالأساس، هو تغيير راديكالي يؤسِّس لنظام جديد في ما يتصل باقتسام الثروة والسلطة، نظام يرفع الفقر والغبن عن كاهل الطبقات المعدمة، وهي أكثريَّة الشعب، في الشمال المسلم والجنوب المسيحي، سواء بسواء؛ وبدون هذا التغيير الاقتصادي السِّياسي لن ينجح أيُّ ترتيب مهما كان منطق القوَّة الماديَّة الذي يستند إليه، وستكون النتيجة، حتماً، وبالاً على البلاد كلها، والشعب بأسره. أما ما تحتاجه الجماعة المسلمة نفسها، في المقام الأوَّل، فهو نهوض أقسام متقدِّمة منها بأعباء تجذير الوعي المغاير بأن سبب المظالم ليست الثقافة الغربيَّة، وأن (العدالة الاجتماعيَّة) ليست صنواً لـ (الانفصال) وإقامة (الدَّولة الطالبانيَّة)؛ وأن (الإسلام) ليس نقيضاً لـ (التساكن) مع (الآخر) في إطار من (الوحدة الوطنيَّة)؛ وأن واجب صون (وحدة الوطن) والذود عن (حياضه) و(سلامة أراضيه) يرتقي، في الظروف الدوليَّة الراهنة، إلى مصاف (المقدَّس)؛ ولعلَّ ذلك، تحديداً، هو ما ذهب إليه السيد الصادق المهدى، على وجه الخصوص، حين حاضر جمهور المسلمين النيجيريين بكادونا، في مطلع الألفيَّة، بالاستناد إلى خبرة المنازلة الفقهوفكريَّة التي ظلَّ تيَّار الاستنارة الإسلاميَّة (الوحدوي) يخوضها ضد التيَّار السلطوي (التفكيكي) باسم الاسلام في بلادنا، سواء خلال سنوات النميري الأخيرة، أو بعد عودة هذا التيار للدفع باتجاه نهاياته القصوى في مطالع تسعينات القرن الماضى، محذراً إياهم من مغبة التطبيق القسرى والانفعالى للشريعة الاسلاميَّة على حساب (وحدتهم الوطنيَّة)، مهما جاءهم من يزيِّن لهم ذلك! وضرب المهدي لهم مثلاً من تجربة النميري، قائلاً: "لقد استقدم نميرى، فى سبتمبر 1984م، ضمن احتفاله بمرور عام على تطبيقه الوحشى للشريعة الاسلاميَّة، بعض الضيوف من العالم الإسلامى الذين (هنأوه) على (إنجازه)، ".. ولكن بعد سقوط نظامه دعوت فى فبراير 1987م علماء ومفكرين من كلِّ أنحاء العالم الاسلامى .. ليأتوا ويراجعوا مغامرة نميرى الاسلاميَّة، وبعد أن درسوها قالوا إنها معيبة فى جوهرها وصياغتها وتطبيقها" (من محاضرة له بكادونا، تحت رعاية جمعيَّة المسلمين فى نيجيريا فى 30/6/2001م ـ "الصحافى الدولى"، 22/7/2001م).

    [/size]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de