باريسيات ٢

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 08:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-13-2009, 08:13 PM

محمد بدوي مصطفى
<aمحمد بدوي مصطفى
تاريخ التسجيل: 08-12-2009
مجموع المشاركات: 442

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
باريسيات ٢

    باريسيات 2
    د. محمد بدوي مصطفى الشيخ
    [email protected]

    هل تتذكرون ما حدثتكم عنه في الحلقة السابقة من باريسيات؟
    سردت لكم، أطال الله في عمركم، عن بداية رحلتي إلى فرنسا (بلاد الجن والملائكة) على حدّ قول الأستاذ طه حسين. شددت الرحال لتلك البلاد الساحرة الباهرة وأنا في سن يافعة قضّة تفتقد لكل ما تحمل لفظة "خبرة بضروب الحياة" من معان. خبرة في العيش في بلاد "تموت من البرد حيتانها"، في بلاد كستها زرابيّ الجليد السرمدي وملافح الصقيع من وشاح أبيض ناصع.
    ثلاثة وعشرون عاما غبت فيها عن وطني ولم تمح السنون الطوال أول صدمة لي مع فرنسا! تهت في مطار شارل ديغول باحثا عن لغة أفهمها وأناس أعرفهم يشدون باذري في محنتي هذه.
    "يا كافي البلا البلد دي مافيها ريحة سوداني واحد"؟
    لحسن حظي وكما حدثتكم في المقال (&#1633;) أنني حظيت بمقابلة "أولاد بلد!" فحلان أسمرانيان يتقدمان أمام أعيني بخطى ثابتة يستشف المرء من أول نظرة لهما بمدى تمرسهما وخبرتهما في السفر والترحال في بلاد الغربة. تقدمت بحذر حاسر الرأس عند بداعة المنظر ومستشفا من ثباتهما طمأنية وسكينة أثلجتا نار قلبي. فتقدمت، كما ذكرت سلفا، على أخمص قدميّ وكأنني على مقربة من فريسته أخشى أن تتلاشى في لمحة ونفس.
    ثوان قليلة والنفس في ولع عظيم تنتظر نشوة اللقاء المنشود على أحر من الجمر.
    - إنتو سودانيين؟
    فما أن سكت حسي بعد السؤال، بدت علامات الدهشة والإستغراب على وجههما!
    عيون مشرأبة، رموش مرتفعة، وفم قد تفتحت مقاليدة لتفصح عن أسنان قد إنتظمت كعقد فريد من الدر!
    - نعم!
    - إنت ود منو؟
    - ود بدوي مصطفى
    - مالك واقف هنا؟ عندك مشكلة؟
    قلت في نفسي، مشاكلي تنوء بالعصبة أولي القوة...
    - نعم، هذه أول مرة لي في باريس، ولا أعرف كيف أحول مبلغ من المال لأنتفع به في رحلتي. أضافة إلى ذلك، فأنا لا أمتلك نواصي اللغة الفرنسة، ولم أر في حياتي المترو على الطبيعة، ناهيك عن ركوبه.

    فكيف لي بعد كل هذا التلكلك والتجهج والتسكع والتسربع أن أقدر على حجز فندق بسيط وغير غال في أحدى ضواحي المدينة؟
    كيف أمتطي التاكسي؟
    وكيف أصف له المكان وباي لغة؟
    علما بأن الفرنسيين، كما يُزعم عنهم في الأعتقادات الشعبية في أروبا، لا يطيقون الحديث باللسان الإنجليزي أو بالسنة أخرى خارجة عن لغتهم البديعة التوقيع والسلسة الموسيقى. قلت لنفسي إذن الإنجليزية هي المخرج من هذا المأزق! بيد أن إنجليزيتي كانت إنجليزية سودانية لا يمكن فهما إلا في السودان!
    كيف أذهب ألى مدينة ليون؟
    المدينة الثانية في فرنسا من حيث الأهمية ثقافة واقتصادا، والتي أتيت قاطعا بحورا من أجل الدراسة في جامعاتها العريقة.
    كان أبي يمتلك شركة لتصدير الجلود، تعمل مع الأقطار الأوروبية. ذات يوم اقترح لي والدي، بعد أن لاحظ مرارا أنني مولع بلغة فكتور هيجو وبلزاك.
    - ينبغي عليك أن تدرس دباغة الجلود لتطوير الشركة في المستقبل القريب ولكي يمكننا تسويق منتجاتها في السوق المحلي والخارجي.
    - سوف ارسلك إلى ليون، فلي صديق فرنسي كان وكيلي فيها، فتدرس دباغة الجلود!
    - يا له من أمر مثير!
    - أدرس مع حسنوات من البيض، وأجادلهن في امور العلم والمعرفة وأكلمهم بلسان فرنسي مبين؟
    كل هذه الأشياء لم تداعب ذاكرتي بتاتا، لكنها قد طرقت ابوابها بين فينة وأخرى. فكل شاب قرأ موسم الهجرة إلى الشمال يحلم أن يكون مصطفى سعيد ليوم واحد!

    لقد حفزتني بنت عمي مها الشيخ على المجئ إلى ليون. مها كانت مبعوثة من قبل وزارة الخارجية، لدراسة اللغة الفرنسية بليون. كنت أملك رقم هاتفها بالحي الجامعي اليكس. هذا الحي الليوني الأخضر القريب من موناستير الفورفيير، الذي احتضن كثير من الأصدقاء من الدول العربية. فكانت تتوافد عليه نخبة من الطلاب السودانيين من قسم اللغة الفرنسية بجامعة الخرطوم ممن حظوا بمنحة إلى فرنسا، جنة الله في أرضة، كما كانوا يزعمون.
    بحثت في قراطيسي عن رقم التلفون وعثرت عليه بعد جهد جهيد في آخر ركن من "شنطة حمزه" التي كانت تمتطي يدي اليمنى. سألت نفسي:
    - كيف أتلفن؟
    - هل هناك كباين للتلفون كالتي بمصر؟

    کان السودان وقتها يفتقد لمظاهر حضارية مثل هذه!
    - ما هو مفتاح المدينة الداخلي؟
    - ما هو رقم غرفتها في الحي الجامعي؟
    - كيف أتفاهم إن لم تطلع لي هي بنفسها على الهاتف؟

    يا للمصيبة ويا لهولها!

    هل تعرفون، عادة عندما يسافر الخواجات إلى مكان ما، إن صغُر سنهم أم كَبُر، فهم يعدون العدة لأسفارهم ويجهزون لرحلاتهم أحسن تجهيز: الخرائط لمعرفة المناطق، دلائل اللغة لاسيما وأن كانت الوجهة المنشودة "بلدا طيره عجم".
    إن من ضروريات أدب الأسفار حمل الملابس الملائمة لكل أحتمالات الطقس المتوقعة،
    سماع النشرة الجوية والبحث عن معلومات مناخية دقيقة عن الجهة المقصودة.

    لكن يا سادتي أخوكم "خرج برأس حنين". فأدب الأسفار كان بالنسبة له "لفظ أعجمي" كما يقول الألمان عند الإستنكار: يعني بالعربي الفصيح كده "لا تحضير ولا يحزنون".

    فخرج الشاب اليافع المخلوع في قلبه، من قلب المطار، الى أرصفة سيارات الأجرة المکتظة بالناس اللاغبش والسيارات الفارهة باحثا عن تاكسي يقله من المطار إلى باريس. ففور خروجه شعر بلسعة عقارب البرد الباريسي متسللا سمها الثلجي إلى دواخل عظام "الأمرقيقة" الأمدرمانية. سارية فيها من عظم إلى آخر كالسم النقوع،
    فسلمت أمري لله!

    إنتظروني في الحلقة القادمة!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de