كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
مقال اعجبني لصديقي الروائي القاص الناشط النوبي حجاج ادول " النيل والنخيل في الأدب النوبي"
|
Quote: النيل والنخيل في الأدب النوبي
النخيل حكايته حكاية النوبيين، فهو يشرئب بطوله الفارع على ضفتي النيل كله. ووسط المساحات الخضراء الضيقة، وأيضاً داخل بعض أفنية البيوت النوبية الشاسعة. والحصاد البلحي عند النوبيين عيد وأي عيد. وقد بين لنا خليل قاسم في روايته "الشمندورة" مبلغ ألم الطفل حامد, أعطته الحكومة ثلاثون جنيهاً مقابل مائة وخمسين نخلة! أي عشرين قرشاً للنخلة! والأفندي المطربش موظف الحكومة يقول لهم: الفلوس شحيحة والأزمة متحكمة والجنيه ليس قليلاً. أي أنه يحاول تبرير الظلم الفاضح بحجّة الأزمة الاقتصادية العالمية. فيقول عمدة إبريم: ليتهم يعوضوننا عن النخلة بجنيه! إن قول العمدة هنا يبين حال ونفسيه النوبي المنكسر. علماً بأن النخيل النوبي كان من أجود النخيل عامة. وفي موسم حصاد السباطات تتحول القرى النوبية إلى خلايا نحل تدمدم بالحركة والبركة. يصعد المقلمون سيقان النخيل العالية, رجال مهرة وقليل من السيدات. يَحِشُّوا العراجين المثقلة بالبلح المتعدد الأنواع والألوان فتسقط أرضاً في دوي. الأطفال يلتقطون البلح الذي تناثر وحدات ثمينة. النساء يقتسمن أنصبتهن من كل نخلة فالميراث متداخل. يتشاجرن أحياناً. التجار الصعايدة بمراكبهم وحميرهم وأوعية الكيل والأكياس عظيمة الاتساع. المساومات الحارة والمناورات. البلح حصاد ينال قسم كبير منه بقال النجع مقابل ديون له طوال الموسم. النقود نادرة. ولا تصل ليد أحد من النوبيين إلا من له العدد الوفير من النخيل فيبيع للصعايدة مقابل ريالات ضئيلة. ومن هذا الحصاد الموسمي تكون مؤونة البيت. فيأكلونه طوال العام رطبا ومجففا ومربى وعسل. ومنه تكون خمرهم "العرقي" وهو خمر الصعيد الرئيسي كله. عرقي كاسح ملهب. وهو يساعد شبابهم على الإبداع رقصا وغناءً في الأعراس الملحمية. وحتى في حفلات المديح الصوفية تكون رائحة العرقي فائحة من بعض الأفواه الشابة. والعرقي يساعد على كسر رتابة الحياة. والملاحظ إن شرب الخمور يتكاثف في إفريقيا كلما توغلنا جنوباً. ويبقى أحياناً من بيع محصول البلح وفراً بسيطاً يتم نثره في حفلات تزويج الأولاد والبنات. ومن جريد النخيل يصنع سريرهم "العنجريب - آنجريه" ومن فلق النخيل تُعَرَّش أسقف الحجرات وأجزاء من الأحواش الواسعة, هذا في المناطق غزيرة أشجار النخيل. ومنه بعض أجزاء من السواقي والشواديف النوبية. ومن الجريد الطري تصنع الأطباق الملونة الشهيرة والحصر المزركشة. والسباطات تُصَنّع منها ثمانية أنواع من المكانس كل نوع لغرض معيّن. الخ. شجر النخيل بطوله الفارع مطلا على الزراعات والنيل، بقيمته كغذاء ومدر دخل وصناعة. يكون محوراً ثانيا في البيئة النوبية التي تتداخل في نفوس ناس النوبة. ولو أنك تخيلت خطاً يبدأ من أسفل سباطة النخلة ويمر على أطراف شواشي الجريد ليستدير لأسفل السباطة في الجانب الآخر للنخلة، لوجدت نفسك ترسم عمامة النوبي ملتفة بوجهه! أما الجذع فهو جسد أغلب النوبيين النحاف قبل الخزانات والتهجيرات. ولك أن تتخيل نخلة وقد نهضت سباطاتها وامتدت للجانبين, أليست صليباً فرعونيا؟ أليست هي علامة عنخ الفرعونية والتي نطلق عليها بالنوبية آنج. أي الحياة. وتعلم أن عنخ بالفرعونية هي الحياة! وفي النوبة توجد قراءة لاسم الفرعون الشهير توت عنخ آمون، ربما تكون قراءة تعسفية. فالنطق الصحيح حسب التفسير النوبي هو: تود آنج آمون. تود أو تو حسب السياق, معناه الابن. فنقول "توماس". أي الابن الطيب وهو اسم قريتي النوبية. ونقول على قرية أخرى "تونجالة" وآنج هي تسمية الحياة. أما آمون فبالنوبية والأمازيغية التي هي لغة قبائل البربر في المغرب معناها المياه. فيكون معنى اسم الفرعون هو: ابن ماء الحياة. وأغلب الدارسين الأكاديميين بما فيهم النوبيين يرفضون هذه القراءة. ونفس علامة عنخ تتشابه كثيراً - بالقليل من التجريد- مع خطوط حلوى عروس المولد التي نأكلها في المواسم. فالقرص الكبير خلف العروسة هو دائرة التي يشكلها الجريد. وثنية يدي العروسة في وسطها هي سباطات البلح. وفستانها الذي يتسع كلما هبطنا أسفل هو جذع عنخ وجذع النخلة. ولا ننسى أن فستان العروس في أغلب أنحاء العالم وحتى الآن يكاد يتطابق مع فستان عروس المولد, مع علامة عنخ الفرعونية التي هي آنج النوبية البلحية. ومع فستان الجرجار التي ترتديه النوبية حتى الآن.وشجرة النخيل شجرة مباركة لها قدسيتها. وهي التي آوت إليها ستنا مريم البتول, وقد التقط إبراهيم فهمي هذا الملمح المقدس في قصته بالغة الروعة "لغة الأحِبّـة",وهي من مجموعته الأولى (القمر بوبا). وجعل النخلة بالنسبة لبطل القصة الشاب، جعلها الوثيقة التي حفر على ساقها ثالوث مُوَقّر.. (حفرت على الساق, اسم الله, واسم أبي, واسم بيتنا في القبائل) وجعل أبا الشاب الذي يحكي القصة, جعله يشبّه بنات قريته بالنخل الحقيقي. أما الغرباء قاطنين المدن، فهم نخل كاذب, نخل بلاستيك. وكاتب هذه الأسطر في قصة (الرحيل إلى ناس النهر) وأيضاً في مسرحية (ناس النهر) والتي أنبتها من نفس القصة, جعل نخلتي العشق هما البديلان الموضوعيان عن العاشقين صيام وآشا. وبيّن كيف أن بُعد النخلة الكبيرة التي تمثل صيام، يؤدي لسقوط النخلة القصيرة التي تمثل آشا, فهي تستند عليها. والنخلة عنده متواجدة بثقل في مسرحيته (إغراق عنخ). ولا ننسى إن أول عمل أدبي نوبي باللغة العربية هو (ظلال النخيل) لمحمد عبد الرحيم إدريس. وقد اختار هذا العنوان من قصيدته التي هي بنفس الاسم (ظلال النخيل). ويقول في قصيدته المذكورة.. يا ظلال النخيل قد كنت محرا با لقلب جمّ الهوى والخشوع أسعدته مني الصبا حانياتٍ جُثّما تحت حانيات الفروع واحتوته الأحلام تحنو عليه خرّداً تحت باسقات الجذوع فإذا ما عدا الزمان وأورى جمرة الشجو في حنايا الضلوع وتفقدت في الهجير ظلالا هن برد لقلبي المفجـــــوع لم أجدها واحسرتا غير ذكرى سبحت فوق لجة من دموعي! وفي قصيدته ”النخلة" يقول.. هو النيل غناك لحن الخلود وطاف يُقبّل منك القـــــــدم وأمعن من وجده في السجود وقد نال منه الجوى والألم! والشاعر المطرب الملحن سيد جاير كتب ولحن وغنى بالنوبية أغنية "حنينه" يحكي وقد ذهب "بالوابور" باخرة البوسطة, في رحلة إلى النوبة بعد الغرق. فقال:- ووجدت بجانب الجبل بعض النخيل وكانوا في النهر يحتضرون ممسكين ببعضهم قالوا لي.. بلغ سلامنا وتحياتنا إلى أهلنا وأصحابنا الذين تركونا نغرق ولا من مغيث! حجاج أدّول
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مقال اعجبني لصديقي الروائي القاص الناشط النوبي حجاج ادول " النيل والنخيل في الأدب ال (Re: قرشى محمد عبدون)
|
صحبى الجميل الحجاج ادول صديق لى يجئ كان من الاسكندرية نتلاقى ونتحدث نحمى ونبكى غربة طالت به وغربة طالت بى اهدانى مرة مجموعة قصصية كانت احدى قصصها تحكى عن وردى الفنان محمد وردى حيث يتصافى الناس على ايقاع صوته يا لحجاج ادول ويا لابراهيم فهمى رحل ابراهيم فى عز الصبى كان فتى هادئا يجئ الى حيث نلتقى فى قهوة البستان حديثه هادئ ورقيق كانت له قصة اسمها "سلمى " اهدانى اياها ضمن مجموعته القصصية الاولى وبعدها بعدة ايام حلق الى بارئه جاءنى حزينا صديقه القبطى الذى كان يسكن معه فى الغرفة البائسة قال لى "ابراهيم راح مش حنشوفو تانى يا سلمى " وبكينا فى السرادق الذى نصبه اصدقاء ابراهيم فهمى فى القهوة حيث لم يكن له من احد سوى اخته فاطمة التى كانت فى الصعيد حينها رايت الاسى فى عيون اهل اسوان من الذين اجتاحهم السيل الذى لم يبق ولم يذر من الذكريات حتى كان لى صديق مهندس نوبى كلما التقينا كان يبكى على عالم عاشه وضاع منه يا للحسرة على كل ماذهب فلن يعوضه كل مال الدنيا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مقال اعجبني لصديقي الروائي القاص الناشط النوبي حجاج ادول " النيل والنخيل في الأدب ال (Re: قرشى محمد عبدون)
|
قريبي الباشمندس ابوبكر.. تحياتي.. رائع مقال الأديب النوبي الحاج ادول متعه الله بالعافية .. فهو كثيرا ما يلفت إنتباهنا بحسه الأدبي العميق .. لأشياء تمر في حياتنا عادية دون أن تستوقفنا.. وإن كانت هنالك ثمة إضافة فهي عن موضوع ( العرقي ) الذي إشار إليه .. فالكثيرون يظنون أن رواج تقطير العرقي في بلاد النوبة كان هدفه الشرب والمتعة .. وقد عثرت على معلومات تفيد بتصدير بلاد النوبة لكميات كبيره من (العرقي).. بصوره خاصة لمصر الإسلامية ومنها لبقية العالم.. وقيل أن ذلك ورد أيضا ضمن بنود إتفاق البقط( بقـّد ).. فالعرقي المقطر كان يمثل درجة عالية من خلاصة مادة الكحول.. وكانت تستخدم هذه المادة في السابق للإضاءة .. ذلك قبل إكتشاف إستخداماته العلمية الأخرى .. أما المشروب الذي كان يصنع بغرض الشرب فهو ( الداكاي) او النبيذ.. وكانوا يشربونه معتقا أي بعد دفنه لشهور وسنوات في باطن الأرض .. ولعل جذور فنيات صناعة النبيذ الذي إشتهرت به فرنسا وإيطاليا فيما بعد .. يعود فيما يبدو للطريقة التى كان يتبعها أسلافنا.. ومثلما سرقت حضارات العالم المختلفة إختراعاتنا وعملت على تطويرها ونسبتها إليهم .. كالترس ( حلقة الساقية ) والعجلة وهي التي إستخدمها الفراعنة في عرباتهم الحربية .. والمركب الشراعية التى كانت هندستها هي أساس صناعة السفن البحرية القديمة .. أيضا لازالت تقوم هندسة التقطير على تلك النظرية والطريقة التى إبتدعها اسلافنا.. شكرا على إطلاعنا على هذا المقال.
| |
|
|
|
|
|
|
|