عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس ... بقلم: د. عبد الماجد بوب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 02:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-23-2009, 00:25 AM

اكرم عثمان عبده
<aاكرم عثمان عبده
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس ... بقلم: د. عبد الماجد بوب


    عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس ... بقلم: د. عبد الماجد بوب
    الأربعاء, 22 يوليو 2009 09:16

    "1"



    كان اعدام سكرتير الحزب الشيوعى السودانى، عبدالخالق محجوب عثمان ورفاقه فصلاً مشيناً فى تأريخ القضاء العسكرى وخزياً لمبادىء العدالة فى كل الاعراف وأخذ الناس بظلال الشبهات، وخذلانا لروح التسامح فى حقل العمل السياسى. وقد صدح بتمجيد هذه القيم السودانية العريقة رئيس الوزراء الأسبق محمد أحمد محجوب. ومعلوم أنه وعبدالخالق محجوب قد وقفا على طرفى نقيض فى معترك السياسة والفكر. وصف المحجوب فى كتابه ‘الديمقراطية فى الميزان‘ محاكمة عبدالخالق واعدامه بأنه "مهزلة فاضحة". ومضى يتأسى على العدالة واطلاق العنان لنوازع التشفى: (أقدم نميرى على ارتكاب تصرف طائش، ينم عن الجحود تجاه القوى السياسية والنقابية التى ساندت حكمه ومنحته أسباب البقاء فى بداية عهده. وأدهى ما فى الأمر أن اعدام عبدالخالق محجوب يمثل نهاية عهد التسامح والوفاق فى الحياة السياسية السودانية. لقد عرفت عبدالخالق لمايزيد عن عشرين عاماً. وقد كان انساناً عالى القامة وشجاعاً. وكانت الاخلاق والتقاليد السودانية تأتى فى طليعة مكونات فكره السياسى. وكان اسهامه ملموساً ومقدراً فى المؤالفة بين الخلفية الاسلامية فى السودان وآرائه الماركسية الثورية. وهذا ماجعلنى أصف الحزب الشيوعى السودانى على الدوام بأنه حزب سودانى خالص، لايدين بأى ولاءات لموسكو أو لأى حزب شيوعى آخر.)



    وهذه الشهادة المتجردة لايقدم عليها إلا من هم فى شهامة وانصاف محمد أحمد محجوب. وهى من بين جلائل الاعمال التى خلفها وراءه لكل من يعتبر. خاصة بالنسبة لأجيال الشباب المتطلعين لبناء وطن يتسع لكل الآراء والمواقف السياسية، وبمنأى عن لدد الخصومة الفاجرة وتسعيرنوازع التطرف والتشفى.



    لعل قلة من السياسيين والمفكرين السودانيين منذ بداية القرن الماضى يضاهون ما أنجز عبدالخالق محجوب فى حياته الوجيزة. لم يتعد عبدالخالق السابعة والاربعين عندما أصدر نميرى حكماً باعدامه. وربما لايختلف إثنان بأن القائد الشيوعى كان شهماً وشامخاً فى مواجهة الموت، مثلما كان سديد الرأى، قوى الحجة وثاقب النظر فى مضمار السياسة التى وقف حياته لها. انتهل من مصادر المعرفة الانسانية لم يضره من أى إناء خرجت. فخلال مرحلة الدراسة الثانوية وماقبلها أظهر تفوقاً عالياً وأقبل على دراسة الأدب الانجليزى. فاستظهر أشعار سيلى واليوت وكيتس ومسرحيات شكسبير. وقد شهد أستاذه للغة والأدب الانجليزى (كرايتون) أن عبدالخالق قد بلغ شأواً عالياً يمكنه من تدريس تلك المادة بكل كفاءة.


    وبنفس النهم عكف على قراءة الشعر العربى. وكان شديد العناية بتجويده. وقد ذكر شقيقه الدكتور محمد محجوب أن عبدالخالق وقد تصادف أن قضيا فترة اعتقال فى سجون مختلفة، أرسل اليه مجموعة من الكتب من بينها البيان والتبيين والحيوان للجاحظ وشرح ابن عقيل ومتارات أخرى من عيون الشعر العربى. وكل من تسنى له الاطلاع على وقائع محاكته عبدالخالق فى عهد الحكم العسكرى الأول (1964 -1954) يقف على عنايته باللغة مثل عنايته بالافصاح عن افكاره. كتب الأديب الراحل الطيب صالح : (الواقع أننى كنت معجباً بعبدالخالق كسودانى نابغة.)
    ترك عبدالخالق أثراً عميقاً فى مناحى عديدة. أصدر ترجمة لكتاب ‘الأدب فى عصر العلم‘ للمؤلف هيمان لى. وأسهم وهو لم يزل طالباً فى جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة) مع نخبة من المثقفين السودانيين فى إصدار مجلة ‘أمدرمان‘. وبعد عودته إلى السودان تولى الاشراف على عدد من الاصدارات الحزبية والعامة. فاصدر مجلة ‘الفجر الجديد‘. وكانت بمثابة تخليد لذكرى مجلة الفجر لصاحبها عرفات محمد عبدالله. وأصدر عدد من المؤلفات إستهلها فى عام 1957 باصدار كتاب "نحو آفاق جديدة". وملأ الافق بانتاجه الفكرى شحذاً واستنهاضاً لعزائم الشباب فى معركة الاستقلال والتحرر من التبعية الاقتصادية للدول الرأسمالية. وظل هاجسه الاكبرقضية التنمية بمحتواها الاجتماعى العادل لفئات وطبقات الشعب الفقيرة.



    آلف عبدالخالق بين قدرات عالية فى حقل الفكروالسياسة والعمل فى تنظيم فئات العاملين. وكان معلماً بارعاً تدربت على أيديه أفواج من قادة المزارعين والعمال والمثقفين والمهنيين. وفى أكثر من مناسبة أوردت طرفاً من انطباعات الكاتب الفرنسى جاك ليكوير الذى زار السودان، والتقى قادة اتحاد مزارعى الجزيرة. وحمل عنهم انطباعات عميقة فكتب عن قدراتهم فى تنظيم المزارعين وتوعيتهم بمصالحهم وأساليب التفاوض والقدرة على استخدام سلاح الاضراب. وذكر بأنه ذهل عندما أخبره المزارعون بأنهم لايعرفون القراءة والكتابة وأنهم توسلوا الى وعيهم الطبقى على أيدى المحترفين الشيوعيين الذين وفدوا الى قراهم واقاموا بينهم وتقاسموا معهم ‘الملح والملاح‘. وقد أسدى الاستاذ كامل محجوب عملا مقدرا باصدار كتابه ‘تلك الايام‘ وهو عبارة عن توثيق لنضالات اتحاد مزارعى الجزيرة.


    لقد أوقف عبدالخالق حياته لاشاعة الوعى بين سواد الناس. وتمكن ببراعة ويسر من إنزال افكارالماركسية العصية الى الارض وجَعلها فى متناول اليد. ولم يتوقف حتى ساعة اعدامه من اعمال الفكرللخروج بالوطن من وهدة التخلف والحرب الاهلية واقامة الدولة السودانية على أساس سيادة القانون والتبادل السلمى للسلطة. وفى هذا الصدد سعى عبدالخالق الى الحفاظ على وحدة الصف الوطنى. ولم تكن الخلافات الفكرية تقعده عن اقامة التحالفات السياسية كيفما تسنت. فقد عمل مع قادة الحزب الوطنى الاتحادى لرأب التصدع الذى أصابهم بعد الاستقلال. وسارع قبل ذلك وبعده للعمل مع الامام عبدالرحمن المهدى والامام الصديق المهدى لنيل الاستقلال وتثبيت اركان الحكم المدنى. كذلك أورد مولانا ابيل الير فى طيات مذكراته أن عبدالخالق محجوب سعى للتنسيق معه ومع عدد آخر من الزعماء الجنوبيين لحماية نظام الحكم الديمقراطى. وانعقدت بينه وعدد من المثقفين من مضارب فكرية مختلفة صداقات ممتدة من بينهم الاجلاء بابكر كرار وعبدالكريم ميرغنى والامير عبدالله عبدالرحمن نقدالله. وفى واقعة ذات دلالة ومعنى ذكر الدكتور عبدالله على ابراهيم أن عبدالخالق محجوب والدكتورجعفر شيخ ادريس التقيا فى طريق العودة الى بيوتهم فى ام درمان. وكانت مايو (1969) فى أوج ملاحقتها للاخوان المسلمين والدكتور جعفر من بين قادتهم آنذاك. فتحدث اليه عبدالخالق بدافع الاشفاق وحثه بأن يتوخى الحذر فهولاء الشبان (المايويون) لن يتورعوا عن أى حماقات بحقكم. ويذكر عبدالله أنه سمع هذه الرواية من الدكتور جعفر شيخ ادريس نفسه. ومهما يكن من أمر الخلافات السياسية والفكرية كان عبدالخالق عميق الايمان بأن "الرجل الشريف يحارب الفكرة بالفكرة!". ولم تقتصر صلاته على قادة الحركة السياسية فى السودان. فقد تعززت بينه والرئيس جمال عبدالناصر جمال عبدالناصر صداقة وطيدة. وكان عبدالخالق من انصار التجربة الناصرية التى رفعت شعارات التحرر والعدالة الاجتماعية لسواد المصريين، ومبدأ الاعتماد على النفس. كذلك توطدت صلاته مع قادة حركة التحرر الوطنى فى اليمن الجنوبى والبحرين وجنوب افريقيا والكنغو ‘كنشاسا‘. وفى أوساط الحركة الشيوعية الدولية احتل عبدالخالق مكانة مرموقة حتى تبدلت الامور بعد تردى الصلة مع رفاقه السوفيت بسبب موقفه من نظام مايو.
    لقد فقد السودان باعدام عبدالخالق محجوب واحداً من أميز أبنائه وأشدهم نكراناً للذات. اختاراً طريقاً شاقاً ووعراً لم يتوان عن المضى فيه الى نهاية الشوط حيث انسدل الستار على حياته الحافلة فى الثلث الاخير من ليلة 28 يوليو 1971.



    سنواصل فى حلقات لاحقة القاء الضوء على سيرة ومسيرة هذا المفكر والقائد السياسى البارز. وألتمس من كل من بحوزته معلومات وثيقة الصلة بأن يدفع بها الى مجال التداول. وهذه أمانة هيأنا الظرف للوقوف عليها ووضعها فى متناول كل المهتمين بوقائع التاريخ السياسى الحديث فى السودان.



    استشهد عبدالخالق محجوب فى الساعات الباكرة من يوم 28 يوليو 1971 ولم يتجاوز عمره السابعة والاربعين. وكأنه بوعيه الباطنى قد حسب لذلك الرحيل العاجل حساباته. ينهب الارض نهباً فى مشيته. ويركض حيث يمشى سائر الناس لادراكه العميق بقيم الوقت والنظام والعمل الدؤوب. وكان ديدنه أن العمل هو واجب اليوم، وكل يوم. كان ‘بانورامياً‘ فى رصده للأحداث. يرى الأشجار والغابة فى آن واحد. وكان بارعاً فى التقاط الفكرة النيرة وتحويلها الى خطة لعمل نافع. ولايستهجن شيئاً مثل استهجانه وتأففه من استعارة النصوص الجاهزة من معين الفلسفة الماركسية وحشرها حشراً فى واقع بلادنا المعقد. وكان عميق الايمان بقدرات الجماهير، نصيراً للعمال والمزارعين بحسبانهم السواد الاعظم للشعب وصانعى خيراته.



    الأمم التى رزقت حظاً من الرشد تولى عنايتها بتراثها وبصناع الأحداث الكبيرة فى تاريخها. وعبدالخالق محجوب، بهذا المعنى حرى بالاعزاز. فقد وقف موقف الند للند مع زعماء الطوائف الدينية وأسهم مع رفاقه فى تأسيس حزب من نوع جديد يستند الى الولاء لفئات وطبقات المجتمع العاملة. ويتوسل لاهدافه بمنهج قائم على العلم ودراسة القوانين الباطنية للمجتمع السودانى. وقد سعى مبكراً الى التأكيد على حماية التجربة الديمقراطية رغم هناتها لاستيعاب واقع بلادنا بكل زخمه وتناقضاته. ولم يكف عن الدعوة الى اعتبار قضية التنمية مفتاح الحل لاستكمال وصون استقلال السودان.



    ولد عبدالخالق فى يوم 27 سبتمبر 1927 فى أسرة ضمت ثلاثة اشقاء هم عثمان وعلى ومحمد. الى جانب شقيقاته آمنة وهدى وفاطمة. ووالده محجوب عمل فنياً فى مصلحة البريد والبرق. وكان وثيق الصلة بالطائفة الختمية وراعيها السيد على الميرغنى. كما نشأت بينه وعرفات محمد عبدالله مؤسس مجلة الفجر الثقافية، صداقة عميقة. وكانت دار محجوب عثمان ملاذاً لعرفات بسبب الملاحقة الدائمة له بواسطة قلم المخابرات الانجليزية. وفى مستقبل أيامه سعى عبدالخالق الى تكريم ذكرى عرفات بأن أسس مجلة ثقافية وسياسية بعنوان ‘الفجر الجديد‘. وكان والده – محجوب عثمان – نشطاً فى الأوساط السياسية والرياضية فى مدينة أمدرمان ومن بين مؤسسى نادى الهلال الرياضى وعضواً فى لجنته التنفيذية.


    عاش عبدالخالق سنيه الأولى مابين دار الاسرة فى حى السيد المكى وحى أبى رووف بين أبناء عمومته من آل الكد مؤسسى مدرسة أبى رووف الفكرية. ودرج على قضاء نهاية الاسبوع هو وأشقائه لدى جدتهم آمنة بت على فى حى العرب. ومثل بقية أترابه لعب كرة ‘الشُراب‘ مع صديق طفولته الجنيد صافى الدين الذى التحق بفريق المريخ فى وقت لاحق وصار من نجومه المرموقين. وربما لذلك صارعبدالخالق مريخى الهوى. وكان قطب فريق المريخ ‘شاخور‘ يردد لاصدقائه بأن عبدالخالق "مريخابى على السكين، لو لم ينصرف الى السياسة!"
    كتب الراحل الدكتور محمد محجوب عثمان أن عبدالخالق كان مولعا بحضور المناسبات الدينية مع شقيقه الأكبر عثمان. تستثيرهم التراتيل الدينية وايقاع الدفوف والطبول المنبعثة من زاوية الطائفة الاسماعيلية. وكانت من أعظم المناسبات التى ينتظرها الصغار والكبار بفارغ الصبر، حولية العارف بالله، اسماعيل الولى. وكذلك أمسيات المولد النبوى الشريف الحافلة التى صارت ملاذاً ومتنفساً بعد هزيمة ثورة 1924 والخواء الذى أصاب الحياة الاجتماعية والثقافية.



    تدرج عبدالخالق فى مراحل التعليم التقليدى حيث ألحقه والده بخلوة ‘الفكى‘ اسماعيل. انتقل بعدها الى مدرسة الهداية الأولية ومؤسسها المربى الكبير الطاهر الشبلى – والد نقيب المحامين الأسبق أمين الشبلى – وواصل خطواته فالتحق بمدرسة أم درمان الوسطى ثم مدرسة أم درمان الثانوية. وهنا كانت بداية تعرفه على الفلسفة الماركسية بتأثير بعض معلميه البريطانيين. وتزامن ذلك مع انتصار جيوش الحلفاء على النازية الألمانية وبداية التحول الديمقراطى على نطاق العالم بما فى ذلك المستعمرات فى افريقيا. وتوافقت دول العالم على تأسيس منظمة الأمم المتحدة فى عام 1945. وفى السودان تزايد نفوذ المؤتمر العام للخريجين وانبثقت من صفوفه مجموعات المثقفين التى هرعت للعمل تحت مظلة طائفتى الانصار والختمية.



    جلس عبدالخالق لامتحان الشهادة الانجليزية ‘كيمبردج‘. والتحق بكلية الخرطوم الجامعية لأمد وجيز. وقد سعى والده بمعاونة صديقه الشاعر الوطنى أحمد محمد صالح لابتعاثه الى انجلترا لمواصلة تعليمه. إلا أن عبدالخالق فضَل مواصلة تعليمه فى جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً). ودرس الأدب الانجليزى. الا أنه تعرض لمطاردة الشرطة المصرية وسجن مع عدد من رفاقه من الشيوعيين المصريين والسودانيين. وكانت مصر فى مرحلة مخاض عسير مابين أحزاب منقسمة على نفسها من جهة، وسطوة القصر على مجريات السياسية والطاعة المطلقة لبريطانيا من جهة أخرى. وفى المقابل برزت الى الوجود مجموعات صغيرة عدداً ولكنها شديدة التأثير على مجريات الاحداث فى مصر حيث تنافست حلقات الماركسيين المنقسمة على نفسها مع جماعة الاخوان المسلمين بزعامة الشيخ حسن البنا.



    انخرط عبدالخالق فى النشاط المعادى للاستعمارمن خلال عمله فى صفوف الحركة الديمقراطية للتحرر، وهى منظمة ماركسية. وأسندت اليه مسئولية القضايا المتعلقة بالسودان. الى جانب ذلك ظل حاضراً ومتابعاً لنشاط الدارسين السودانيين فى مصر بهدف التأثير على مجريات الامور نحو استقلال السودان. وظلوا على صلة بالوفود الحزبية التى توافدت على القاهرة من حين لأخر لمتابعة المفاوضات الدائرة بين حكومتى بريطانيا ومصر بشأن مستقبل السودان. وشنت مجموعات الطلبة السودانيين فى مصر هجوماً عاتياً ضد اتفاقية صدقى باشا رئيس وزراء مصر ووزير خارجية بريطانيا بيفن. وعمل عبدالخالق مع نفر من المهاجرين النوبيين يتقدمهم عضو حركة حدتو الماركسية عبده دهب. وأصدرت هذه المجموعة مجلة ‘أم درمان‘ ومن أبرز كتابها أحمد زين العابدين وعبدالماجد أبوحسبو اللذان توليا مواقع قيادية فى الحزب الوطنى الاتحادى فى وقت لاحق، وكذلك عزالدين على عامرأحد مؤسسى الحزب الشيوعى السودانى وقادته.



    عمل عبدالخالق فى قيادة الحركة الديمقراطية للتحرر الوطنى (المصرية). وهنالك توثقت صلاته بقائد الحركة هنرى كوريل. وهو من اليهود المصريين الذين انخرطوا فى نضالات الشعب المصرى. ويرى البعض أن وقوف يهود مصر فى قلب حركة التحرر الوطنى أمراً مثيراً للتأويل والظن فى مصداقية حركة ‘حدتو‘ التى أسسها هنرى كوريل. وكأن هؤلاء لم يقفوا على اسهام الشيوعيين اليهود فى مقاومة فكرة ‘أرض الميعاد‘ واقامة الدولة اليهودية فى أرض فلسطين. وقبل ذلك سخر كارل ماركس من فكرة القومية اليهودية وكتب "ان قومية اليهود هى قومية التاجر، قومية رجل الأعمال". وهنرى كوريل هذا اتخذ موقفاً مؤيداً لاستقلال السودان بلا قيود.


    كانت مصر فى تلك الأيام مرجل يغلى بسبب تصاعد أصوات المصريين والسودانيين معاً للمطالبة باستقلال بلديهما من ربقة الاستعمار البريطانى. وظلت قضية السودان بما فى ذلك مستقبل المديريات الجنوبية من بين محاور الاستراتيجية البريطانية. الأحزاب السودانية تنازعتها الولاءات بين وحدة وادى النيل من ناحية والارتباط مع بريطانيا على نحو ما مثلما أقدمت عليه بعض المستعمرات البريطانية فى وقت لاحق.
    أمضى عبدالخالق فترة دراسته فى مصروهو فى قمة نشاطه الفكرى والسياسى. وتعرض لملاحقة شرسة واعتقال أضر بصحته واضطره للعودة الى أهله وموطنه ليواصل عمله الدؤوب فى تمتين الحركة السودانية للتحرر الوطنى التى تولى قيادتها وهو لم يزل شاباً نضراً فى مقتبل العمر. بينما تسابق قادة المؤتمر العام للخريجيين لاحتلال مقاعد أمامية فى صفوف الأحزاب الموالية لطائفتى الختمية والانصار والأكثر قرباً من الوصول الى سدة الحكم بعد أن صار استقلال السودان قاب قوسين أو أدنى. وانحازت قلة من المثقفين الى شعارات التحرر والديمقراطية والعدالة. هذه الجماعة اتجهت للعمل على استنهاض طبقات الشعب وجذبها الى حلبة النضال لانتزاع استقلال السودان, وهكذا برزت للوجود الجبهة المعادية للاستعمار. وسوف نسعى لالقاء الضوء على برنامجها السياسى فى الحلقات القادمة. وفى قلب هذه الحركة لعب عبدالخالق محجوب دوراً رائداً جدير بالرصد.

                  

07-23-2009, 00:52 AM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس ... بقلم: د. عبد الماجد بوب (Re: اكرم عثمان عبده)

    من امتع ماقرات مؤخرا
    شكرا لك اخى اكرم
                  

07-23-2009, 04:43 AM

Badreldin Ahmed Musa
<aBadreldin Ahmed Musa
تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 1467

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس ... بقلم: د. عبد الماجد بوب (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    اكرم

    سلامات

    اولا، مرحب بيك

    وشكرا على نقل هذا المقال الممتاز عن القائد السوداني الفذ الشهيد عبدالخالق محجوب رحمه الله، وعبرك

    الشكر لدكتور بوب الذي كتب المقال.

    سيرة الابطال الشيوعيين وتضحياتهم مصدر الهام لكل من يريد ان يقدم شيئا للشعب، ومصدر لمعرفة فنونهم

    في القيادة و العمل مع الاخرين برغم الاختلاف في الفكر للنهوض بالسودان.
                  

07-23-2009, 04:50 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الخالق محجوب ... أحب السودان فأحبه سـواد الناس ... بقلم: د. عبد الماجد بوب (Re: Badreldin Ahmed Musa)

    سلام يا اكرم
    وتحياتي

    Quote: وكان اسهامه ملموساً ومقدراً فى المؤالفة بين الخلفية الاسلامية فى السودان وآرائه الماركسية الثورية. وهذا ماجعلنى أصف الحزب الشيوعى السودانى على الدوام بأنه حزب سودانى خالص، لايدين بأى ولاءات لموسكو أو لأى حزب شيوعى آخر

    هذه شهادة يظل الشيوعيين السودانيين يعتزون بها
    لك شكري
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de