موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 10:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2009, 09:32 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي

    Quote:
    موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة
    ''أقول صادقاً ليس لديّ أي إحساس بأهمية ما كتبت، ولا أحس أنني مهم، هذا ليس تواضعاً لكنها الحقيقة، إذا اعتقد الناس أن ما كتبته مهم فهذا شأنهم لكنني قطرة في بحر، قصيدة واحدة للمتنبي تساوي كل ما كتبته وأكثـر''·

    وسيلة بن بشي

    هكذا يختصر الطيب صالح نفسه فهو البسيط العميق، الهادئ الثائر·· كان يختفي وراء سحنته السودانية السمراء ليقول مالا يجرؤ أن يقوله غيره· لقد استطاع عبر تحفته الأدبية ''موسم الهجرة إلى الشمال'' أن يقدم درسا سرديا مهما، لقد امتدت إليها يد الرقابة في التسعينات وصنفت على أنها رواية ''بورنوغرافية''·لقد كانت روايته ''موسم الهجرة إلى الشمال'' التي نُشرت في عام 6691 بمثابة أغنية البجعة التي أطلقها مبكرا وهو المنهك تحت وطأة إعصار بطله الغريب ''مصطفى سعيد''، وعن أناه الآخر الموزع بين قريته الصغيرة وضجيج تلك المدينة الكبيرة· لقد كان هو بكل تفاصيله الفيزيائية وكان الآخر بكل تفاصيله النفسية·
    طفا اسم الطيب صالح فجأة هذا الأسبوع إلى السطح، وكأنه عاد من جديد رغم أن خبر عودته إلى الساحة الإعلامية ليس من أجل إعلان ميلاد أدبي جديد ولكن من أجل إعلان رحيله وكأن موته ميلاد جديد له·
    في تلك المدينة الباردة ظل قابعا كمن ينتظر شيئا، كان ينتظر عودة تلك الذكريات المترامية في حوافي نهر النيل الساحر ليجمع شتاتها ويعيشها كما عاشها على الورق رفقة بطله الوحيد الذي أصبح شخصية ملازمة له· لقد أصبح هذا البطل أكثر وفاء من بطله ''الزين'' رغم أن هذا الأخير فيه من الألفة والسحر ما يجعله أقرب، ولكن كان مصطفى أقرب ربما لأنه كان طاقة يختزن كل ذلك الضياع الذي عاشه الطيب صالح نفسه، لكن مبدع الشخصية ظل يتحاشى الحديث عنها وكأنها هم علق بمخيلته ليطلقه حبرا وينتهي منه، لكن يبدو أن النقاد لا يترددون في حشر أقلامهم للحديث عن هذا البطل وموازنته بشخصية الطيب صالح·
    لعنة الكتابة
    رغم أن الرواية سجلت حضورا أدبيا إعلاميا كبيرا، إلا أن الطيب صالح تجاوز تلك الضوضاء الإعلامية ليعيش همّ الكاتب دون أن يقول شيئا آخر· قال في هذا السياق: ''يحدث لكل الكتاب… كل كاتب تصيبه لعنة رواية واحدة، تلتصق به· أنا أزعم أنني تجاوزت رواية موسم الهجرة إلى الشمال··''·
    هو لم يتحدث على طريقة رفاعة رافع الطهطاوي أو غيره من الكتاب الذين يكتشفون أوروبا أو الشمال بصفة عامة تحدثوا ''بوصفية'' متبلة بالسخرية والطرافة· الطيب صالح تجاوز هذا الخط ليتحدث عن مأساة حقيقية عاشها رجل من قرية صغيرة بالسودان ليكتشف عالما آخر، يكتشف الآخر وهو محمّلا بإرث مترسب في أناه العميق فيجد نفسه في صدام حقيقي يعتمل بداخله حتى يحوله إلى شخص مركب منعزل منزو لا يدرك ما يجري حوله سوى جملة من الأرقام والنظريات الاقتصادية والهوة العميقة التي ظلت تلازمه حتى اختار وجهة النيل· وفي منتصف الطريق في الضفة الجنوبية من النهر ذهب بعيدا·· فكان ما كان·
    اختار أخيرا الروائي الراحل أن يتصالح مع بطله عندما علل أسباب وجوده بقوله: ''لقد كان السودان مستعمرا من طرف الإنجليز وحدث أن وجدنا أنفسنا في نظام تعليم إنجليزي· وإن كان على علاته فهو تعليم ممتاز، إلا أننا وجدنا أنفسنا منذ أن نشأنا نساق في درب جديد ليس الدرب الذي تعلمه أجدادنا، كنا في مواجهة معارف جديدة·· ثم بعد ذلك الغربة في لندن·· والتناقضات·· وموازين القوة المختلة والتراث العربي الضخم، ثم نقارن كل ذلك بأحوالنا الراهنة·· كل ذلك كان حوافز لإيجاد منطق روائي معين لكل هذه التناقضات''·
    ولد الطيب بعد فاجعة أمه بطفلين عام 9291, ليحل مولودا طيبا على قرية سودانية تبركا، عاش هذا القادم الجديد في قرية فلاحية بسيطة تتنسم هواء النيل، وقد حفرت فيه عميقا وهو نفسه يعترف: ''لقد كانت قريتي مختلفة تماماً عن الأمكنة والمدن الأخرى التي عشت فيها، ولا شك أن هذه المنطقة هي التي خلقت عالمي الروائي''· ويؤكد أكثر من مرة قائلا: ''في هذه البيئة بدأت مسيرة حياتي، ورغم أنني تعرجت في الزمان والمكان بعد ذلك لكن أثر البيئة لا يزال راسخاً في أعماقي، وأعتقد أن الشخص الذي يطلق عليه لفظ كاتب أو مبدع يوجد طفل قابع في أعماقه، والإبداع نفسه فيه البحث عن الطفولة الضائعة· حين كبرت ودخلت في تعقيدات الحياة كان عالم الطفولة بالنسبة لي فردوسا عشت خلاله متحررا من الهموم، أسرح وأمرح كما شاء لي الله، وأعتقد أنه كان عالماً جميلا··· ذلك هو العالم الوحيد الذي أحببته دون تحفظ، وأحسست فيه بسعادة كاملة وما حدث لي لاحقاً كان كله مشوباً بالتوتر··''· وهذا التوتر يترجمه بوفاء بطله الرئيسي مصطفى سعيد·
    تابع الطيب صالح دراسته المتوسطة بمدينة ''بورتسودان'' على البحر الأحمر، وبعدها انتقل إلى ''أم درمان''، لمتابعة دراسته الثانوية في المدرسة الفاخرة ''وادي سيدنا'' التي بناها الإنجليز·
    في البداية رغب الكاتب أن يدرس في كلية الزراعة، إذ بدت له ''مسألة رومانتيكية''، كما يقول، لكن سرعان ما هجر هذه الكلية على أساس أن ذلك يكلفه تشريح الفئران والصراصير، وكان ذلك أمرا كبيرا على نفسه المرهفة·
    هسهسة المكان
    وقرر أن يلتحق بالتدريس، ليدرّس اللغة الإنجليزية في مدينة رفاعة في وسط السودان· وبعدها يجد نفسه في مواجهة تجربة جديدة عندما يدخل دهاليز الغربة مكرها في لندن، وكأن شيئا اقتلعه بقوة ورجه رجة شديدة كان لها أثرها في مخيلته الروائية· وقال في هذا الصدد: ''جئت إلى بلد لم أكن أرغب فيه لأعمل عملا هو كذلك ليست لي رغبة فيه··· تركت الأهل والأحباب والدور الفسيحة والتواصل الاجتماعي لأجد نفسي داخل غرفة صغيرة برودتها لا تطاق في بلد غريب بين قوم غرباء''· وكي يقلل شيئا من الفاجعة تزوج من البريطانية جولي ورزق منها بزينب وسارة وسميرة· كتب أول مرة عام 3591 قصة قصيرة بعنوان ''نخلة على الجدول''، وهي تعبير عن حنينه لبيئته الأولى ومسقط قلبه قريته بالسودان·
    وانتظر سبع سنوات لينشر ''حفنة تمر'' ثم ''دومة ود حامد'' لتأتي بعدها روايته الأولى والرائعة التي نشرها عام 4691 تحت عنوان ''عُرس الزين''· عامين بعد ذلك سينشر رائعته التي أصبحت تحفة مهمة في خزانة السرد، روايته الشهيرة ''موسم الهجرة إلى الشمال''، التي ترجمت إلى 65 لغة وتم اختيارها في 2002 من بين أهم مائة رواية في تاريخ الأدب العالمي·
    بعد كتابته هذه الرواية، أصابته لعنة الرواية الوحيدة، وأصبحت هي العالم الذي يعيشه· هو نفسه يعترف بأن روايته تلك لعنة· تجاوز المسألة وأصبح يعيش حياته بين قطر ولندن· ليتولى منصبا دوليا في مقر المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم في باريس·
    وقد تم ترشيحه للمرة الثانية من قبل كتاب سودانيين وعرب للحصول على جائزة نوبل لهذا العام·· لكنه رحل مخلفا وراءه بطله مصطفى سعيد يتيما بين دفتي ''موسم الهجرة إلى الشمال''·

                  

07-15-2009, 09:37 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote: الطيب صالح وأنا.. هواؤنا.. حبر «المجلة»
    رشاد أبو داود

    لو لم يكتب الطيب صالح سوى ''موسم الهجرة إلى الشمال'' لكان أيضا الطيب صالح، ذاك الذي بهرنا نحن الذين كنا نلتهم ما يكتب ونلثغ بما نكتب، نخبئه في دفاتر مشحونة بعنفوان الشباب، أو في أوراق ربما ما يزال بعضنا يحتفظ بها كمن يريد أن يتذكر أول الكلام، لا أكثره نضجا.
    منتصف السبعينات فاجأنا الطيب بالرواية التي حيكت بدراية دقيقة وحكت عن علاقة الشرق بالغرب بأسلوب جريء. فجاءت شخوصه تحكي معاناة الاغتراب. تسرد تفاصيل لم تكن نبشت بذات العمق غير الخجول. أتت من أعماق الجنوب السوداني الريفي إلى ضباب لندن المشبع بالرذاذ الإمبراطوري والدخان الصناعي الذي نظف حياة ونفس الإنسان من القيود السوداء والبقع الباتريركية.
    لكن ابن الجنوب لم ينسَ نفسه في الشمال بل فهمها أكثر، تحاور معها، نظفها واستحق لقب ''عبقري الرواية العربية'' الذي أطلقه عليه كتاب أصدره مجموعة من المثقفين في بيروت العام .1976
    ظل الطيب صالح مؤمنا بأن الأمة العربية ليست عاقراً لكنها لا تعتني بأبنائها. والكثير منهم يبدعون بعيداً عن حضنها لكثرة ما فيه من محروقات وتعرجات اجتماعية وسياسية، ولذلك ''يكون الهدف قريباً، لكننا نتوه عنه ونأخذ الكثير من الوقت لنصل إليه'' كما قال الطيب ذات ندوة.
    ولئن كان الطيب صالح من جيل مسكون بعروبته، إلا أنه استطاع بها ومن خلالها أن يعمق الوجود الذاتي لتحمل شخوصه ليس فقط رؤية للمجتمع العربي بل للوجود الإنساني أيضا، مازجاً بين الإرث العميق والثقافة المحلية القديمة والتقنيات الحديثة العالمية من حيث أناقة اللغة، الغزارة الشعرية، وحدة وعمق الأسئلة. كما في روايته ''عرس الزين''.
    عندما أبدع الطيب صالح رائعته ''موسم الهجرة إلى الشمال'' كان الشباب العربي يغادر أوطانه المقيَّدة والمقيِّدة للحريات، فكانت ظاهرة الغربة والاغتراب مقلقة.. اليوم أصبحت الأوطان نفسها مهاجرة من دون أن تتحرك. اغتربت دونما هوية منذ أن بدأت تفقد هويتها السياسية.
    أحزن على الطيب الذي ألهمنا الثقافة والأدب.. أحزن عليه لأننا التقينا من دون أن نتصافح. التقينا على صفحات مجلة ''المجلة'' مدة سنتين. مقاله في خاتمة المسك ومقالي في أول قاطرة.. وكان الحبر هواءنا.
    سنظل نتذكر الطيب صالح ومحمود درويش ومنصور الرحباني وعبدالوهاب المسيري.. كلهم، كلهم رحلوا في قطار واحد ودوَّت صافرة الحزن.. وما تزال!

    جنى
                  

07-15-2009, 09:51 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    كيف أنسى الطيب صالح

    في الخمسينات والستينات كان لي حضـور في الجانب الادبـي من القسم العربي من اذاعة بي بــي سـي ( بوش هاوس )، حيث القيت بعضا من نتاجي الذي توزع على الوان ادبية متنوعة، وبطبيعة الحال، كنت التقى في الكافيتريا او في اروقة ومكاتب الاذاعة بوجوه معروفة كان لها دورها البارز في تطوير البرامج وشد المستمعين اليها، وذلك لما اتسمت به تلك الكوكبة من ثقافة عامة عالية ولغة عربية صافية ونطق سليم، وصوت رخيم، كالاساتذة ( حسن سعيد الكرمي، ومنير شما، والطيب صالح،والفنان محمود مرسي وماجد سرحان وهدى الرشيد وجمال فارس وسامي حداد ومديحة رشيد المدفعي وايوب صالح وجميل عازر … وغيرهم ) .

    كان الطيب صالح مشرفا يومها على الدراما في الاذاعة، وكان كبار الممثلين المصريين يتقاطرون حوله ويرتاحون لاسلوبه في التعامل من امثال يوسف وهبي، وعباس فارس ومحمود السباع، ومحمود المليجي، وامينة رزق، ومحمد توفيق، وامينة نو الدين، وفاخر محمد فاخروفتوح نشاطي وفردوس حسن، وسليمان نجيب و عبد الوارث عسر وعمر الحريري …الخ

    JPG - 40.6 كيلوبايت
    صورة نادرة في ستديو الدراما في بي بي سي وقد ظهر فيها بعض كبار الممثلين ؛ وقد وقف خلفهم من جهة اليسار الراحل الطيب صالح وهو في قمة فتوته .

    وكنت اجد في بعض ما يتاح لي من لقاءات بمثل هؤلاء النجوم، ضالتي في معرفة نشاطاتهم في الفن والحياة . وكنت كلما اقتربت من الطيب صالح كلما ازدت اعجابا بدماثة اخلاقه وصدقه واخلاصه .

    كان الراحل الاديب و المؤرخ اللبناني ادورد عطية ( وقد كان استاذا للتاريخ في كلية جوردون في الخرطوم ) و مؤلف كتب ( العرب،عربي يحكي قصته، الخط الرفيع، حمار من الجبل، والطليعي الاسود … الخ ) اول شخص يعرفني على الطيب صالح قبل ان يشتهر كروائي بارز . كانت لقاءاتي بالطيب، قليلة نسبيا، ولكن لقاءا مهما منها كان له صداه في نفسي وحببه اليّ: كان ادور عطية قد تعاقد على انتاج روايته ( الخط الرفيع ) في بريطانيا سينمائيا، فأراد ان يستشير بعض ذوي الخبر في الشأن، فكان ان دعا كلا من صديقه الممثل المسرحي والسينمائي المعروف جون ميلز (و كان لتوه قد حصل على جائزة من مهرجان البندقية لعام1960 وذلك عن فلمه الذي نال تقديرا من الجمهور والنقاد

    أو الحان المجد، وكذلك الشاعر خليل حاوي الذي كان يحضر للدكتــــــــوراه Tunes of Glory

    ، والاديب الطيب صالح، وكاتب السطور لتناول طعام العشاء في فتدق ( دي فير ) في ( هاي ستريت كنزجتن )، وحينما التأم الجمع طرح علينا عطيه ما استعصي عليه فهمه من مشاكل صناعة الافلام :، كان اول المتحدثين الفنان ميلز، فأعطى فكرة موجزة عن كتابة السيناريو وصعوبة تنفيذ النص اذا ما كان غير مختص بنوعية الفيلم الذي يريد اخراجه اضافة الى قدرته على ضبط الممثلين من حيث الحفظ والاداء، وكذلك بقية عناصر الانتاج كالتصوير والاضاءة وما الى ذلك …..وبابتسامة جذابة ابدى ميلز اكتفاءه بما قال، عندها تعاقب المتحدثون بنثر ما عندهم من معلومات حول الموضوع، اما الطيب صالح الخبير المتمكن في الاعمال الدرامية فقد شرح بالتفصيل وجهة نظره حيث ركز على جانبين اساسيين هما :ضرورة اختيار المخرج الذي يمتلك خبرة في المجال الذي تدور فيه أحداث الرواية، اضافة وجوب عدم التقتير في ميزانية الانتاج، وضرب على ذلك امثلة واقعية على فشل بعض الافلام بسبب شحة الميزانية على الرغم من متانة القصة وكفاءة الممثلين والكادر التقني . عند الساعة العاشرة مساءا، خرجنا من الفندق، وقد زدت اعجابا بذلك التحليل الدقيق الذي قدمه الطيب في كل ما يتعلق بمجريات واشكاليات أعداد وتنفيذ الاعمال الدرامية على مختلف الاصعدة .

    تميز الطيب صالح بعشقه العميق لوطنه السودان واصالته العربية، كما كان شديد التعلق بقريته كرمكول من اقليم مروى، والذي يطلع على عمق ثقافته وحداثة تفكيره، يتعجب كثيرا من المامه المكثف بكل ما يدور من تفاصيل يومية دقيقة حول اسلوب معيشة وعمل قبيلته الركابية، علما بان احاديثه في هذا الشأن تبتعد تماما عن التعصب والشوفينية،وتتصل كثيرا بايمانه الذي لا يتزعزع والذي يدعو فيه الى وحدة وقوة الوطن وتماسك شعبه . وان عشقه للسودان هذا …، هو الذي جعله يردد مقولته ويؤكدها في كل مناسبة، وموجزها :ان السودان لم يأخذ حقه في الصدارة التي يستحقها عن جدارة وواقع تأريخي وجغرافي وشعبي .و لعل روايتيه ( عرس الزين ) و ( دومة ود حامد ) بخاصة تفصحان عن ذلك الاعتزاز الحقيقي المنصف.

    كانت روايته ذائعة الصيت ( موسم الهجرة الى الشمال ) قد صدرت اول الامر في العددين الخامس والسادس من مجلة حوار اللبنانية عام 1966، فلاقت اقبالا واسع النطاق من لدن النقاد والقراء على حد سواء، وقد دفع هذا لاقبال (دار العودة ) في بيروت الى نشرها في طبعة مستقلة، أكتسحت اسواق الكتاب على امتداد الوطن العربي، لتتلقفها بعدئذ دور الترجمة، حيث أخذت طريقها الى العالم .

    كان اعجابي بالرواية من حيث تفاصيل احداثها ينبع من كوني قد عرفت وعايشت كثيرا من الاماكن التي تتحدث عنها واختلطت كذلك بعدد كبير من الاشخاص الذين يقتربون واقعيا من ابطالها بحكم وجودي في بريطانيا كل تلك المدة الطويلة. لهذا وغيره فقد قرأت الرواية لاكثر من مرة، ثم أبديت وجهة نظري بمقال نقدي مسهب [1] نشرته والقيته اذاعيا، ثم ضمنته بعدئذ، الفصل الخاص بالادب السوداني من كتابــــي

    ( حكاية الادب العربي المعاصر ) [2] ، وقد نال ذلك التقييم ثناءا من الكتاب والنقاد وليعاد نشره في بعض الصحف العراقية والعربية، مما دفع بالطيب أن يتصل بي هاتفيا ويقدم لي شكره وامتنانه .

    هنا لابد من اقتباس ما كتبته في حينه من فقرات ركزت على جانبين اساسيين، يرتبطان بصيغة ونسيج وحبكة الرواية من جهة، وبالجوهر الذي عالجته من خلال افكار منوعة متداخلة تماسكت فيما بينها لتصل الى الغاية الحقيقية التي هدفت اليها : ــــ

    ( …….. وفي هذا المجال لابد لنا من تناول نموذج حي للآدب الروائي السوداني الجديد، وهذا النموذج يتمثل بشكل واضح ومثير في رواية ( موسم الهجرة من الشمال ) للأديب السوداني البارز الطيب صالح …

    في كثير من الاحيان تنفلق في كبد السماء شعل ذات الوان زاهية، تبدأ من منطلق الصوت، ثم تنتشر حزما فخيوطا تتباعد بعد حين لتختفي في المجهول، هكذا تترآءى لي رواية الطيب صالح الملحمة ( موسم الهجرة الى الشمال )، انها تثبت اقدامها في ارض منبتها اول الامر ثم تعود لتتحرك في مساحات واسعة من الامكنة والازمنة . تنتقل معانيها على جمل خفيفة الحركة، مباشرة في المعنى …من كلام بسيط يتسامر به ابناء الريف، … الى حديث مثقف الفكرة، عميق العبارة، موزون الكلمة يدور بين صفوة من أولئك الذين درسوا ثقافة العصور، وآداب وفنون وفلسفات الامم ……….

    الحوار ذكي ينساب بلا تكلف او تأطير، وانما بتخطيط ووعي ومتابعة دقيقة للبناء الدرامي والعضوي للرواية كلها، واللغة تخدم الشخصية ولا تبتعد مطلقا عن فلك ومدار محورها، اي لاتلتقط الشوارد بل تنبعث بأصالة من صميم الحدث مثل لحن هارموني التوزيع .

    والرواية بعد هذا وذاك، مزيج من الاعتراف الكامل المنسق لانسان بلغ تلك الذروة من الثقافة، اعتراف يتعدى التدرج الزمني الرتيب ليصل الى مراحل متفرقة من الزمن، تتقارب وتتباعد بحسب الانتقالات الذهنية، مرورا بذكريات الامكنة ….

    في هذه الرواية يبرز اهم لون من الوان البناء الدرامي، : السرد القصصي،، انسياب الحكاية، التداعي النفسي، الحوار المتنقل ما بين الواقع، حينا والذكريات احيانا، ولكن الرواية لاتهتم في ذات الوقت بكلاسيكية التسلسل المعتاد في البناء الدرامي، لافي الحبكة والسرد والايقاع والعرض والعقدة والحل النهائي … الخ

    لقد استطاعت رواية الطيب صالح، ان تجسد امامنا و باحكام لاعفوي، بطلها كنموذج حي للريفي وقاد الذهن، مشتعل الذكاء . تتلقفه ثقافات العصور، فيجيد هضمها ويحولها الى مادة تبهر الآخرين أو تحيلهم نارها رمادا او جثثا ممزقة، ثم تصير منه اسطورة خارقة تمثل اكثر مما تعني، وتكذب اكثر مما تصدق، .. وذلك حينما تريد ان توقع السذج في المصيدة . لقد استطاعت الرواية كذلك، ان تحرك مجاميع شخوصها بمهارة واختيار وتتبع طبيعي، لايفتعل الحوادث ولا الحوار، وانما يسوقها باطار صادق ومنطقي :

    فمحجوب، والعمدة وسعيد التاجر، وود الريس، وجين موريس، وبكري، وبروفيسور ما كسويل، والحاج احمد، وآن همند، وبنت مجذوب، وحسنة بنت محمود، كل هؤلاء يتحركون في افلاكهم، … حول انفسهم وحول الآخرين، كالشهب والنجوم والاقمار، احاديثهم تنبع من شخصياتهم، والكلام الذي يرددونه يتصل بوثوق تام بأشخاصهم وبالارض التي يعيشون عليها .

    ان رواية موسم الهجرة الى الشمال، سيمفونية موسيقية، رائعة التركيب والاداء في الادب السوداني الحديث، وملحمة شعرية عالية النفس، انسانية اللمحات .)

    كان آخر لقاء لي بالطيب صالح في فندق ميليا المنصور، لمناسبة انعقاد مهرجان المربد الشعري عام 1989،، كان مرحا كعادته ومتواضعا في اسلوب تحاوره . لقد لفت نظري ونحن نجلس في كافيتريا الفندق، نقده المباشر لكثير مما القي من قصائد في تلك الاماسي الشعرية التي كانت تنظم في قاعة مؤسسة المسرح والسينما المقابلة للفندق . وكان مما ركز عليه ولا انساه ابدا (تفاهة المواضيع، وركاكة اللغة ، وتدني مستوى الخيال الشعري ، مع رتابة في الالقاء )، وقد لاقى هذا الايجاز في التعبير تأييدا وتقديرا من لدن الجالسين الكثر . حينما تفرق الجمع الحاشد من حولنا، و لم يبق من الجالسين على المائدة، غير عبد الوهاب البياتي،الفريد فرج، سعد اردش، الطيب صالح، ووجدها البياتي فرصة ليقترح الابتعاد عن برتكول البرنامج الصاخب ونتوجه الى غرفة في الطابق الثاني تطل على دجلة مباشرة مخصصة للدعوات الصغيرة لنتناول ما لذ وطاب و لنواصل فيها احاديثنا .رحب الحاضرون بذلك …. وكانت سهرة ممتعة تشابكت فيها الاراء النقدية، بالذكريات التي عطرتها احاديث الطيب عن ابعاد وتأثيرات عمله في اليونسكو وبخاصة في منطقة الخليج . ثم توزعت الحوارات الآنية على بساط واسع من الشعر و الفن التشكيلي والموسيقي اما الدراما الاذاعية والمسرحية فقد صال فيها فارسها القدير سعد أردش، فامتدت تلك السهرة الثقافية الى ساعة متأخرة من الليل الغارق بأنوارمشعة متهادية آتية الينا من الضفة الاخرى حيث متنزهات ابي نؤاس . وانها لذكريات عطرة تنثنا بأحاديث من رحل من أؤلئك الافذاذ، او من ينتظر من جيل ما زال يزخر العطاء

    رحم الله الطيب صالح بقدر ما منح الانسانية من جهد وابداع


                  

07-15-2009, 09:59 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote: الطيب صالح:
    ثنائية الصمت والرحيل
    شكيب كاظم /بغداد
    يوم اصدر الروائي السوداني الطيب
    صالح، عمله الروائي الشاهق )موسم
    الهجرة الى الشمال( منتصف
    الستينيات ) 1966 ( فضلاً على بقية
    أعماله القصصية والروائية: )دومة ود
    حامد( و)عرس الزين( و )بندر شاه( و
    )مريود( استقبلت اعماله تلك وخاصة
    روايته )موسم الهجرة الى الشمال(
    استقبالاً حميماً قل مثيله فكان مما كتبه
    رجاء النقاش الناقد المصري المعروف
    )لم اصدق عيني وانا ألتهم سطور
    اعمال الطيب صالح، وانتقل بين
    شخصياته النارية العنيفة النابضة
    بالحياة، واتابع مواقفه الحارة
    المتفجرة، وبناءه الفني الأصيل الجديد،
    على الرواية والقصة العربية، لم اتصور
    انني اقرأ اعمالاً كتبها فنان عربي شاب،
    ولم اتصور ان رواية "موسم الهجرة الى
    الشمال" الناضجة الفذة فكراً وفناً قد
    أخذتني الى مرتفعات عالية من الخيال
    الفني والروائي العظيم، وأطربتني
    طرباً حقيقياً بما فيها من غزارة شعرية
    رائعة(. والذي نشره في كتابه )أدباء
    معاصرون(.
    كما اثنى عليها وتقبلها بقبول حسن
    الناقد السوري المعروف محيي الدين
    صبحي: )كان اهم أثر أدبي صاعق طلع
    علينا به الطيب صالح "موسم الهجرة
    الى الشمال" وهي رواية محيرة أنى
    توجه اليها الباحث، كما انها مكتنزة،
    متلاحمة، مشوقة، وداكنة ، وفيها أخيراً
    قدر كبير من الاسئلة عن كنه الشخصية
    الانسانية، ولكنه الانسان في التأريخ،
    ولكنه الانسان في مجتمعه وكنه
    الانسان في مجتمع غير مجتمعه )...(
    إلا انني لن اهتم بكل هذا إلا بالقدر الذي
    يكفيني لاضاءة الزاوية الخاصة التي
    اجدني مدفوعاً الى تركيز الانتباه عليها
    وهي زاوية الفاجعة في اللقاء
    الحضاري، فقد لاحظت ان كل رواية
    تتعرض للقاء حضاري تنتهي بفاجعة
    تقوم على سوء التفاهم..(.
    تراجع دراسته الموسومة ب)موسم
    الهجرة الى الشمال: بين عطيل وميرسو(
    المنشورة في كتابه )ابطال في الصيرورة:
    دراسات في الرواية العربية والمعربة(
    الصادرة طبعته الاولى عن دار الطليعة
    بيروت عام . 1980
    وكتبت عنها مقالة نقدية نشرتها جريدة
    )التآخي( يوم الاثنين 14 ذي القعدة
    1975/11/17 وسمتها ب)الطيب /1395
    صالح.. طاقة قصصية مبدعة( قلت فيها:
    تحس وانت تقرأ للطيب صالح، انك امام
    طاقة قصصية خلاقة ومبدعة، ومنشأ هذا
    الاحساس تمكن الطيب صالح من أداته
    القصصية ومن رشاقة عبارته، لابل
    شاعريتها ومقدرته الفائقة على شد
    القارئ كذلك يحس من يقرأ له انه امام
    قاص كبير، وليس امام قاص دخل هذا
    العالم منذ مدة ليست طويلة و...( ان
    اروع ما كتب لحد الان هي روايته )موسم
    الهجرة الى الشمال..(. ولقد كتب عن
    الطيب صالح نقاد عديدون، وطبعت
    اعماله طبعات عدة، وقرأه ملايين العرب،
    فضلاً على ترجمة روايته هذه الانكليزية.
    كنت دائماً اسأل نفسي لماذا توقف الطيب
    عن الكتابة؟ هل توقف حقاً ام كتب ما رأه
    غير جدير بالنشر؟ او كتب ما وجده لا
    يصل الى مصاف ما كتب او ان
    يتجاوزه؟.
    كثير من المبدعين الذين يبدأون حياتهم
    الابداعية بما نستطيع تسمية ب)مفخرة
    الموسم( غالباً ما يتوقفون عن الكتابة او
    الابداع، اذ يجدون هذا الذي يكتبونه لا
    يضاهي ما كتبوا او يوازيه او يحايثه،
    من هنا ظهر اصحاب الواحدة في التراث
    الادبي العربي، وما قصيدة ابن زريق
    البغدادي في وداع بغداد يوم غادرها
    ملتاعاً نحو بلاد الاندلس، التي كانت
    مهوى الافئدة ومسرح التأنس بعد بغداد
    بخافية عن اذهان الدارسين، فضلاً على
    قصائد اخرى ، وفي عصرنا افتتح
    الشاعر المحلق حامد حسين آل يونس
    ابداعه الشعري بقصيدة رائعة اسماها
    )امرؤ القيس.. والعذارى( وتقع في
    اربعين بيتاً، نوع فيها قوافيها من الجيم
    الى اللام الى الراء فالباء صور فيها
    بشعر جزل جميل وافيق ما ذكرته كتب
    التراث العربي عن مجون امرئ القيس
    وتبذله مع بنات قومه ممن كن يستقين
    الماء من غدير جلجل وكيف سطا على
    ملابس الحسان، حسان كندة اللواتي قد
    ارتسمن في ماء الغدير في تلك الهاجرة
    الصحراوية، واشترط عليهن كي يعيد
    اليهن ملابسهن ان يخرجن اليه عاريات
    ولا نعلم مدى صحة هذه الرواية، لكن
    ليس بمستغرب ان يصدر مثل هذا
    التصرف عن امرئ القيس الملك الضليل
    وبودي ان انقل للقارئ بعض ابيات هذه
    القصيد التي كنا نحفظها عن ظهر قلب
    ايام الفتاء والشباب.
    ازف الترحل فالمطهمة العتاق الهوج
    تسرج
    والفاتنات الهيف سكرى الدم تبسم
    للمدجج
    واطل فرعاها وما خجلا على الكفل
    المرجرج
    والناهد البطر المكوز دائم الوثبات أهوج
    وحسان كندة جئن بعد الركب ماء غدير
    جلجل
    فرمين بالحبرات واستسلمن للماء
    المسلسل
    * * *
    الماء.. آه الماء يهصرهن في رفق فيثمل
    ووراءهن فتى يذوب جوئ بمخبئه تململ
    خطف الثياب وعاد يطفح بين جانحيته
    مأمل
    وأطل عن كثب وأورد مقلتيه.. ألذ منهل
    * * *
    خرج العذارى من ثنايا الماء يثنين
    الضفائر
    والشمس تلثم كل مكتنز شهي العطر نافر
    واذا الفتى يبدو ويرسل شدقه ضحكات
    فاجر
    * * *
    عطفت اميرتهن.. والنهدان في الصدر
    اشراباً
    )
    يأبى لحقاً إلا الخروج اليه عارية.. فتأبى
    حتى اذا هزئى الخليج بكل عاطفة وقربى
    خرجت تعثر بالحياء كسيرة النظرات
    غضبى
    تهتز والجسد العري.. غدا لناظريه نهبا
    لكني على كثرة مداومتي قراءة الشعر لم
    اعثر على اية قصيدة لحامد حسين آل
    يونس، ليضاف هذا الشاعر الى رعيل
    اصحاب الواحدة، ترى من يعرف عنه
    شيئاً؟ او قرأ من شعره شيئاً؟ اعود
    لأقول: لقد اعاد الى الاذهان، تساؤلي
    السابق عن سبب توقف الطيب صالح عن
    الكتابة وخاصة تلك المقالات التي ربحبت
    اثر رحيله في لندن يوم الثلاثاء 8 شباط
    2009 لفشل كلوي ودفنه في قريته مروي
    بالسودان، وانا ارى ان الطيب صالح ما
    مات في هذا اليوم بل مضى على موته
    اكثر من اربعين سنة، لقد جاءت ميتته
    هذه لتسجل موته طبياً، اكلينيكياً في
    حين غادرنا هذا القاص والروائي المبدع
    منذ منتصف ستينيات القرن العشرين
    يوم فجر في ذائقتنا اعماله الابداعية
    الراقية لقد كانت قنبلة الموسم ومفخرة
    تلك الايام ليبقى الطيب صالح يمضي
    ايامه كما يمضيها الناس الاعتياديون
    موظفاً في القسم العربي بهيئة الاذاعة
    البريطانية، مسؤولاً عن قسم الدراما،
    وقدم لنا نحن المستمعين اعمالاً باهرة
    على شكل مسرحيات وتمثيليات ثم ذهب
    الى دولة قطر ليكون موظفاً ضمن موظفي
    وزارة الاعلام فيها فغادر الطيب التفرد
    والابداع.
    يوم توقف الناقد المبدع والرصين مؤيد
    الطلال عن الكتابة قلت له: كثرة هم الذين
    يعملون في القطاع الذي انت فيه لكن قلة
    من يملكون قلم مؤيد الطلال وابداعه
    وفراسته النقدية ، والناس والقراء
    بحاجة الى ابداعاته كذلك فالموظفون
    كثرة كاثرة لكن اندر من الكبريت الاحمر
    من يملكون موهبة الطيب صالح في
    القص او السرد الروائي، لكن الطيب اثر
    الصمت المدمر والسكون المضجر،
    وحرمنا متعة ان نجول في عوالمه مع اني
    اعزو السبب الى انه بدأ مشغله بهذا
    العمل المدوي الصاعق، فما عاد بمكنته
    تجاوزه او الاتيان بما يقاربه فناً وألقاً
    وتفجراً ودوياً وصعقاً.. ومعذرة يا
    الطيب صالح وانا ابوح بمكنونات
    صدري المكلوم، لاننا بعد ان خسرناك
    ابداعاً ومبدعاً عدنا لنخسرك كياناً
    وجسداً.
                  

07-15-2009, 10:09 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    أحمد عبدالمعطى حجازى
    الطيب صالح الذى فقدناه ووجدناه!

    الجمعة، 27 فبراير 2009 - 02:27
    Bookmark and Share

    لا أستطيع أن أطمئن إلى وصف للعلاقة التى كانت تصلنى بالطيب صالح، كنت أحمل له شعورا قويا بالإعجاب والمودة لا يمنع من وجود أسئلة واستفسارت ظلت فى الهامش معلقة بلا جواب، ولعله كان يبادلنى هذا الشعور.

    إقبال متبادل، هو مزيج من الفرح التلقائى والمجاملة المحسوبة، لكنه مشروط دائماً بوجود مناسبة تجمعنا مع غيرنا فإذا افترقنا فليس هناك ما يدعو أياًّ مناَّ لأن يبادر بالسعى للقاء، إلا فى مرات قليلة دعانى فيها مع آخرين للعشاء فى منزله حين كنا نسكن باريس معاً، ودعوته معهم كذلك رداً على دعوته.

    غير أن إعجابى به ككاتب كان أعمق من أن تعبر عنه هذه العلاقة التى كانت تبدو، فى الظاهر على الأقل، علاقة اجتماعية أكثر من أن تكون علاقة شخصية.ولا شك أن علاقتى بالطيب صالح الكاتب غلبت علاقتى بالطيب صالح الإنسان، وربما كان هذا بسعيه هو وإرادته إذ كان يفضل أن نفتقده فى الحياة لنجده فى الكتابة، وقد تحقق له هذا أخيرا كما لم يتحقق من قبل، فقدناه لنجده!.

    والواقع أنى عرفت الطيب صالح متأخرا عشرين سنة أو تكاد، عرفته فى أوائل الثمانينيات فى باريس التى قدم إليها من قطر حيث كان يحتل منصبا مرموقا ليعمل فى منظمة اليونسكو، وكنت قد سبقته إلى مدينة النور ببضع سنوات فى رحلة طالت دون قصد، إذ عرضت علىّ جامعة باريس أن أعمل بها، فظل العام يحملنى للعام حتى أكملت فيها سبعة عشر عاماً.

    فى ذلك الوقت كان هو قد تجاوز الخمسين ببضع سنوات، وكنت أتقدم إليها، فبينى وبينه مسافة لا تزيد ولا تنقص، تصلنى به بقدر ما تفصلنى عنه، وفى تلك السنوات عرفته شخصياً بعد أن ظللت أقرأ عنه وأتابعه من بعيد، منذ أخذ اسمه يتردد فى أواسط الستينيات حين نشر روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» فى مجلة «حوار» التى صدرت فى بيروت، وشاع فى أوساط المثقفين المصريين والعرب عامة أن المخابرات الأمريكية تمولها، ولهذا قاطعنا هذه المجلة، ورفضنا النشر فيها عندما جاء إلى القاهرة يدعونا لذلك رئيس تحريرها الشاعر الفلسطينى توفيق صايغ، وقد ثبت لنا بالفعل من تحقيق صحفى نشرته «النيويورك تايمز» أن ما أشيع عن «حوار» صحيح، وأنها كانت إحدى المجلات التى تمولها المخابرات الأمريكية وتستخدمها فى مناهضة النظم الاشتراكية ومحاصرة الحركات الثورية، وقد توقفت «حوار» عن الصدور بعد نشر هذا التحقيق، ومات رئيس تحريرها كمدا، وفى ظنى أن الذين شاركوا فى تحريرها كانوا بعيدين عن مصادر تمويلها.هذه الملابسات كان لها أثرها السلبى فى علاقتنا بالطيب صالح وبأعماله الروائية التى تأخرت قراءتنا لها أو قراءتى أنا شخصياً سنوات عديدة.

    «موسم الهجرة إلى الشمال» نشرت لأول مرة سنة 1966 لكن لم أقرأها إلا فى أوائل الثمانينيات بعد أن ترجمت إلى الفرنسية وإلى لغات أخرى عديدة، وأصبحت حديث القراء والنقاد العرب والمستعربين.

    لا أذكر الآن إن كنت قرأتها قبل أن أتعرف على الطيب صالح أو بعد أن تعرفت عليه، لكنى متأكد أن الرواية فتنتنى إلى الحد الذى أصبحت هى طريقى لمعرفة الطيب صالح على حقيقته، ولاتزال كذلك حتى الآن، إنها مرجعى إليه حين أبحث عنه، ولا شك أننى أجده فيها أكثر ما كنت أجده فى الحياة. لقد عرفت الطيب صالح من خلال روايته أفضل مما عرفته معرفة شخصية مباشرة، وقد يبدو هذا غريباً بعض الشىء، «فموسم الهجرة إلى الشمال» ليست سيرة ذاتية، ووجوه الشبه الموجودة بين بطل الرواية وكاتبها موجودة أيضاً بين البطل وكثيرين من الشبان العرب الذين تعلموا فى أوروبا وأقاموا فيها، وقد سئل الطيب صالح حول ما يربطه ببطل روايته فنفى أن يكون هو إياه، لكنى بالإضافة لوجوه الشبه الظاهرة الصريحة، أرى وجوه شبه خفية مستترة يوحى بها الكاتب، ويستخدم فى الحديث عنها رموزاً وكنايات نستشعر وجودها، ونفهم ما تدل عليه وتشير إليه، دون حاجة لتوضيح أو تفسير، وفى هذا تلعب ثقافة الطيب صالح الشعرية دوراً أساسياً، وفى نيتى أن أعود للكتابة عنه، وعندئذ سيتسع أمامى المجال لأشرح ما قلته عن العلاقة بين بطل الرواية وكاتبها الذى جرد من نفسه ثلاث شخصيات، فهو البطل محور أحداث الرواية، وهو الراوى الذى يحدثنا عن البطل، وهو الكاتب الذى كتب الرواية ورسم صورة بطلها، ورسم صورة راويها، ورسم نفسه فى الصورتين كما هو فى الواقع أو كما يتمنى أن يكون، لكن هذا الكلام لن يكون واضحا إلا فى مقالتى القادمة التى سأخصصها للرواية وحدها، وحسبى أن أوضح فى السطور الباقية إشارتى السابقة لثقافة الطيب صالح الشعرية. لقد بدأ الطيب صالح طريقه بمحاولات فى الشعر لم يواصلها لسبب لا أدريه، واكتفى من الشعر بقراءته وحفظه والتمكن من اللغة عن طريقه، والشعر هنا ليس الشعر العربى وحده، واللغة ليست العربية فحسب، بل الشعر فى كل لغة، وخاصة فى الإنجليزية التى كان يعرفها معرفة جيدة.

    هكذا كان الطيب صالح يفاجئ أصحابه بما يحفظه من مطولات غير مشهورة، وليست مما اتفق الناس على حفظه أو الاستشهاد به، وإذن فقد كان يقرأ كثيراً، ويختار لنفسه، ويحفظ ما يختار فإن قرأه لك وجدته رائعاً، وحسدته أو غبطته على حسن اختياره، وسألت نفسك: كيف أمكن لصاحب هذه الروح الغنائية أن يكون كاتبا؟ هذا التروبادور البدوى، هذا الشاعر الجوال كيف أمكن أن يكون روائيا؟.

    الشعر ثقافة، والرواية ثقافة أخرى، وأكاد أقول إن كلا من هذين الفنين حضارة قائمة بذاتها، الشعر غناء، والرواية كتابة، يمكن للشاعر أن يكون بدوياً يرحل فى الزمان، ولا يكاد يرى المكان، يكتفى بنفسه وينطق، بلسان روحه، أما الروائى فهو ابن المدينة، ابن الزمان والمكان، يعيش مع الآخرين، ويحفظ تواريخهم، ويقتفى آثارهم، والسؤال: كيف استطاع الطيب صالح أن يؤلف بين الروحين وبين الحضارتين، بين بوادى السودان التى جاء منها: العمارة، وكلكة، وكباسة، وبين لندن، وبيكاديللى، والتايمز، وهايدبارك؟ امرئ القيس، وأبى نواس، والمتنبى، والمعرى من ناحية، وشكسبير، وإديث ستويل، وباخ، وبتهوفن من ناحية أخرى؟.والإجابة بسيطة، فقد جعل الرواية قصيدة، وجعل القصيدة رواية.
                  

07-15-2009, 10:20 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    رحيل الطيب صالح

    صحيفة 26سبتمبر

    د. محمد عبده يماني

    ورحل الاديب الفذ والرجل الصادق الاديب والروائي الرائع والرجل الذي تعد بصماته الادب السوداني والعربي واوصلت اصواتنا الى العالم الغربي والشرقي حتى قلت يوما وانا اتحدث الى مجموعة من الادباء في فندق الدوشستر في لندن ان هذا الرجل حملنا قلمه وتخطى بنا الاطار العربي حتى قرأ له بعض الادباء في الغرب بعضاً من انتاجه الاصيل وخاصة «موسم الهجرة الى الشمال»، ولقد جلست الى هذا الرجل الانسان كثيراً وفرحت بخلقه وادبه وقدرته على العطاء وعمقه حتى شعرت في وقت من الاوقات -وقلت هذا لمجموعة من الادباء حضروا معنا- .

    ان الطيب صالح كان يستحق لو اننا خدمناه وروجنا لعطائه لينال جائزة نوبل للاداب التي فاز بها اديبنا المبدع الاستاذ نجيب محفوظ.. فكلاهما فارس هذا الفن، ولكن الطيب صالح لم يعبر عن الرواية السودانية كما فعل الاستاذ نجيب محفوظ في ابداعه في مجال القصة والرواية المصرية، ولكنه كما فعل الاستاذ نجيب محفوظ في ابداعه في مجال القصة والرواية المصرية، ولكنه نقل صوراً عميقة وعبر عنها في لغة ادبية سامية ومعالجة روائية بديعة اعجب بها الناس، كما اعجبوا بكتابات الروائي الكبير الاستاذ نجيب محفوظ ورفاقه، لكن لا احداً ينكر ان الطيب صالح كان هو نافذة من هذه النوافذ الواسعة والمضيئة والتي اطل بها ادبنا فيما بيننا وبين بعضنا وفيما بيننا وبين الغرب، والطيب صالح الذي ولد في كرمكول على ضفاف النيل وكانت ثقافته قرانية ثم صار حتى درس وتخرج في كلية العلوم بجامعة الخرطوم وعاش جوانب من قسوة الاستعمار الانجليزي وعنفه، وكانت ميوله كما يقول عنه اساتذته ومعاصروه هي ميول ادبية جريئة، وكان يتابع بكل اصرار جهوده للتعبير عن مكنونات نفسه وعمل بالقسم العربي بالاذاعة البريطانية، وكان قد عمل بالاذاعة السودانية والتحق بهيئة اليونسكو بباريس، ولست هنا في مجال استعراض لتاريخه ولكني اوافق على ان هذا الرجل الطيب صالح كان امة ادب وادب امة، وكاتب عبر عن الامة بصدق ورحل الى نهاية رحلة الشمال فغادر بعد ان ادى واجبه كاملاً واحترمه كل من تعامل معه، وقد شكرت للاخ الرئيس عمر البشير ورجالات السودان عنايتهم بتكريمه ونقله ليدفن حيث كان يتوق دائماً الى مسقط راسه فجزاهم الله خير الجزاء.
    واحسب ان الطيب صالح بلا شك هامة من هامات ادبنا العربي ورجل مبدع حتى تم اختيار روايته «موسم الهجرة الى الشمال» ضمن افضل مائة عمل روائي في تاريخ الانسانية، وكنا نستغرب ونحن نجلس اليه عدم اكتراثه بكل تلك الجوائز والمقولات.. فقد كان دائماً يعبر في تواضع «انا لا اعتبر نفسي مهماً وارجوا ان لا تنظروا الى هذا كتواضع ولكنها الحقيقة» وعندما اقول ان الطيب صالح كان نافذة مضيئة للادب العربي على الغرب قصدت ان نتذكر ان بعض انتاجه وخاصة «موسم الهجرة الى الشمال» قد ترجمت الى عشرين لغة وحتى اقدم ادباء في اسرائيل على ترجمة هذا العمل الى اللغة العبرية وربما لا يعرف ذلك الا قلة من الناس المتابعين لقضية انتشار الادب العربي في العالم، وهو رجل كله خير وبركة ومن حسن حظه أنه اختارت له امه اسم الطيب فهم يتفائلون هناك بان هذا الاسم يعني انه رجل بركة ووالده محمد صالح صحبه ابنه كمزارع، وقد اثرت في حياته حياة القرية وبيئتها، ونقل طيبته واصالته عن ابيه.
    رحم الله الطيب الانسان فقد كان يملأ قلبه وعقله هاجس الادب وحرص في مراحله الاولى ان يصارع لدخول كلية الاداب ولم تساعده الظروف ولم يتمكن من ذلك ولكنه عبر عن هذه الرغبة بطرق اخرى، وعندما كنت التقي بالحبيب الطيب صالح في لندن اشعر بعدم راحته ولا رغبته في الاستقرار بها وانه دوماً يحن ويتوق الى ضفاف النيل، وكنت اشعر بارتباط هذا الانسان ببلده ووطنه، وهذا الوطن العربي الكبير، وكنت كلما اجلس اليه افاجأ بكمية القراءة التي يقراها، وبحثه الدائب عن الانتاج الجديد في الادب والرواية، وقد ذكر لي انه في بداياته كان يرتبط بالمسرح -رحمه الله- فقد خلف زينب وسارة وسميرة، وكان الطيب قد تزوج من زوجته السيدة جولي وانجب منها البنات، ومن ظواهر بروزه المبكر انه كتب قصته «نخلة على الجدول» ولم ينشرها، ثم كتب «حفنة تمر» و«دومة ود حامد»، وكما يقول الاستاذ طلحة جبريل في حديثٍ عنه ان هذه كانت بمثابة الميلاد الحقيقي لاديب عالمي، ثم «عرس الزين» التي ظهرت عام 1966م، وفعلاً اتفق مع كل الذين نظروا الى رواية موسم الهجرة الى الشمال بان البطل فيه ملامح الطيب وكأنه لجأ الى صور حقيقية عبر فيها عن التيه الذي كان يعيش فيه.
    ونحن هنا في السعودية كما يقول صفوة من الادباء عن هذا الانسان انه كان له عناية بالادب والادباء في السعودية وكان يأنس لهم، وله بصمات ولقاءات جادة في الخليج في الاحتفالات الثقافية، وقد ضحكت وانا اقرا تعابير الاخ الدكتور تركي الحمد وهو يشاغب كعادته ولكنه يقول الحق في اننا لا نكرم ادبائنا ولا مفكرينا الا بعد ان يموتون، واكرر ان هذا الرجل كان ممن يستحق فعلاً ان ندفعه ونقدمه للعالم، ولا يزال في عالمنا العربي رجال يستحقون التكريم قبل فوات الآوان.
    رحم الله الصديق الاديب الطيب صالح وتغمده برحمته واسكنه فسيح جناته وانا اشهد انه كان رجلاً يحب الله ورسوله، ويحترم الناس ويحترم الحوار، وقد كانت لقاءاتي في الاشهر الاخيرة معه في لندن والتي ادركت فيها جوانب مما يعانية وكأّن المنية قد انشبت فيه اظفارها، ورغم معاناته فقد كان صابراً على مرضه ومحتسباً الاجر عند الله تعالى.
    وختاماً فرحمك الله ايها الانسان الطيب والاديب الطيب على كل ما قدمت من عمل طيب، واشهد انك كنت اديباً صادقاً وروائياً فذاً، واسأل الله ان يخلفك خيراً في اهلك وبناتك وكل من تحب، وخالص تعازينا لاسرتك وبناتك: زينب، وساره، وسميره، وعزاؤنا في كل ذلك انها سنة الله في عباده، وان كل انسان الى فناء، وقد حدد ربنا هذا المنهج يوم علّمنا في الاية الكريمة: «كل نفسٍ ذائقة الموت» ..و«انا لله وانا اليه راجعون».

    < وزير الاعلام السعودي الاسبق
                  

07-15-2009, 10:22 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    خواطر حول أثرهما الجميل.. عربيان بهيان من أفريقيا
    سمير عطا الله
    الاربعـاء 12 ربيـع الثانـى 1430 هـ 8 ابريل 2009 العدد 11089
    جريدة الشرق الاوسط
    الصفحة: الــــــرأي

    لم ينتم الصادق النيهوم في ليبيا إلى أحد، وإنما أثار حول نفسه إعصاراً لطيفاً من الشغف الثقافي. غاص في الأعماق في عالم عربي مسطح. أحب مغنية أميركية تدعى جوان باييز لأنها غنت للعدالة. وأحب ستيفن بيكو ونيلسون مانديللا. وأحب الكتب وجعلها حياته ومثواه. ومثله ظل الطيب صالح خارج كل الأطر والمربعات والمثلثات والمستطيلات الضيقة والخانقة. وفوق هودج من الكتب ترحل في الروح وفي الجسد. وحاول، ليس أن يصلح السودان، بل أن يكون إصلاحياً فيه.

    في كتابه «وطني السودان» نقرأ رحلة الطيب صالح الطويلة مع الخيبة الكبرى. اقرأ ما كتب قبل ربع قرن وكأنه يرسم صورة اليوم: «إن العلاقات بين الأمم ليست لعباً وشطارة، ولكنها بشر يتعامل مع بشر، وعقول تحاور عقولا، ومصالح تعطي وتأخذ، وحضارة تلاقي حضارة». يتساءل أين ذهب السودان الذي مضى، الذي كان فيه «خدمة مدنية يضرب بها المثل في الكفاءة والنزاهة، ونظام تعليمي بني على أسس متينة، ومعهد للتربية في بخت الرضا، ليس له نظير في أفريقيا باستثناء مصر».

    لا يطيق الطيب صالح أن يأتي سوداني عملا لا يليق بصورته وسمعته. وعندما يتحدث عن سقوط جعفر محمد نميري يقول: «كان يظن أنه يحسن صنعاً. كان سودانياً كسائر السودانيين. الذين يعرفونه يقولون إنه رجل دمث وديع خجول. وهو أمر يبدو غريباً في إنسان ضرب جزيرة أبا بالقنابل وشنق عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ، وقتل صديقة الحميم الذي مكن له في الحكم، فاروق حمدنا الله، وقتل الرجل الشيخ محمود محمد طه. إنه حتماً لم يرد شيئاً من هذا أن يحدث. ولكن هذه الأمور تبدأ صغيرة ثم تكبر، وشيء يقود إلى شيء، فإذا بالرجل الوديع الخجول يتحول إلى سفاح».

    ثم يستدرك قليلا، واضعاً كل اللوم على شهوات العسكر: «لو أن أخانا جعفر محمد نميري لم يذعن لذلك الإغراء الفتاك، إغراء المجد والخلود، ولم يستيقظ مبكراً ذلك اليوم بالذات ولم ينتزع الحكم من أهله، لعله كان ينتهي به الأمر قائداً للجيش ثم يتقاعد قرير العين».

    إلى اللقاء

                  

07-15-2009, 10:25 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    خواطر حول أثرهما الجميل.. حتى الساعة توقفت
    سمير عطا الله
    الخميـس 13 ربيـع الثانـى 1430 هـ 9 ابريل 2009 العدد 11090
    جريدة الشرق الاوسط
    الصفحة: الــــــرأي

    يجلس هذا الطيب الآسر الفكر، النبيل التفكير، في مطار الخرطوم العام 1988 ويتأمل في حال البلد الذي يحب: «آه أي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن لو صدق العزم وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل». لكن أي عمل في هذا اليوم من 1988. مطار متجمد الحركة برغم الحر. والناس طوابير لكنها لا تنتظر شيئاً ولا تأمل شيئاً. والطائرات لا تهبط إلا لماماً. وإذا هبطت لا تقوم من جديد. والسودانيون مسافرون مهاجرون إلى أي مكان.

    في مطار الخرطوم، في يوم من 1988، يمرَّ الوقت فارغاً ومملا: «يدهمني الحزن الآن، في هذه الصالة الرثة، في هذا المطار القميء، في هذه المدينة المهملة، في هذا الوطن الحبيب اللعين». حتى اسم بلده يبعث فيه غصة. لقد سمي السودان بعد الاستقلال لأن زعماءه لم يتفقوا على رأي «ويا ليتهم عادوا إلى الاسم القديم، سنار (....) إن اسمه لا يعني لأهله شيئاً، فما السودان؟ مصر مصر واليمن يمن والعراق عراق ولبنان لبنان، ولكن ما السودان؟ لقد أطلق المستعمرون هذا الاسم على كل تلك الرقعة الممتدة من حدود الحبشة شرقاً إلى غاية بلاد السنغال غرباً».

    حتى ساعة يده توقفت في الساعة 4.50 من يوم 21 أيلول 1988: «لا توجد ساعة في هذه المحطة. وساعتك وقفت بتأثير قوة غامضة تصيب الحركة بالشلل في هذا المكان، وكأن الزمن فرس رهان زلت به القدم وهو يكاد يبلغ نهاية الشوط. عشر دقائق فقط وتصبح الخامسة، لكنها لن تكتمل وسوف تظل هكذا معلقة إلى الأبد بين التمام والنقصان».

    كنت أتمنى ألا أتوقف في رحلة العودة إلى فكر الطيب ونبله وخلقه وقضاياه البسيطة وثقافته المتعددة والغامرة. لكنني أخشى دائماً من الإطالة في مثل هذه المسلسلات. وأخشى أكثر أن يخيل إلى أحد أنه ليس لدي ما أكتب فجعلت أستعير. لكنني طالما غبطت هؤلاء القوم على سعتهم العظيمة. الصادق النيهوم الذي كان متجدداً مثل موج المتوسط في أفريقيا. والطيب صالح الذي لم يكن ما هو أعظم منه سوى تواضعه. وكثيرون سواهم من عرب الثقافة والفكر والشغف، الذين فضلت بلدانهم أن يموتوا بعيدين على ضفاف البحيرات. ابعدوا عن الموج.

                  

07-15-2009, 10:27 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    خواطر حول أثرهما الجميل
    سمير عطا الله
    الثلاثـاء 11 ربيـع الثانـى 1430 هـ 7 ابريل 2009 العدد 11088
    جريدة الشرق الاوسط
    الصفحة: الــــــرأي

    لا أدري ما هي وجوه المقارنة الأدبية، لكنهما كانا، بالنسبة إليَّ، متشابهين على نحو لا أستطيع تحديده إلا من رؤية شخصية، أو بالأحرى رؤية شخصانية حميمة، مشاعرية، وليس فيها شيء من الموضوعية المفترضة، أو المزعومة في النقد. كان كلاهما من بلد هو أبعد البلدان عن بلدي. واحد، وُلد في سوق الحشيش في بنغازي، وواحد ولد في إحدى قرى النيل. كلاهما هاجر إلى أوروبا ليكمل دراسته. وكلاهما مات مريضا فيها. واحد في جنيف، على ضفاف البحيرة التي أحبها. وواحد في لندن، على ضفاف التيمس الذي أحب. كلاهما تزوج أوروبية. الأول، فنلندية، رُزق منها بأولاد، لكنها بقيت في هلسنكي فيما عاد هو إلى بلده ليهاجر منه. وبقي أولاده في هلسنكي أيضا. وكل ما كانوا يعرفونه عن والدهم، أنه رجل عظيم وجميل وباهر وأن الناس في بلاده تهوى كتاباته. الثاني، تطبعت زوجته بطباعه وطباع بلده وتعلمت كيف ترمي قرنا إضافيا من الشطة على صحن الفول. وأدرك أولاده أن الأب ليس رجلا شهيرا فحسب، بل هو أيضا رجل منخرط، ملتزم، يحب جلدته وبشرته ولا يضايقه شعره الأجعد الذي يبدو مثل عمامة سرية تحت عمامته البيضاء. الأول سألته صاحبة الغرفة التي استأجرها في ألمانيا: «ما هذا الذي على رأسك؟». وقال في أدب جم: «هذا الذي على رأسي يا سيدتي هو شعري». فاعترضت الألمانية البدينة بكل جدية: «لا. لا. هذه مكنسة». فقال ضاحكا في وداعته: «كيف لم أنتبه إلى ذلك كل هذا العمر؟».

    كان كلاهما وديعا، على نحو غير مألوف. وكان كلاهما واسع الصدر بلا حدود، ووسيع الآفاق، والثقافة، بلا أي حد. وكان كلاهما ساحر الحضور، آسر الحديث، تعابيره في الكلام في ثراء تعابيره في الكتابة، حماسي وطيب ومحب ومتسامح وقلبه في عينيه الإفريقيتين وفي ضحكته الملازمة، كأنما هو مغنٍّ. وضحكته جوقته. لم أكن أعرف كم أحب الصادق النيهوم إلى أن أدركت أنني بعد ذلك اليوم سوف أذهب إلى جنيف ولن أجلس لأصغي إليه يتحدث في الفلسفة وأريك فروم وسقوط العالم العربي والأدب الألماني المقارن. ولم أكن أعرف كم كنت أحب وأقدر الطيب صالح، إلى أن غاب. ومنذ سنوات وأنا أعيد قراءة كتب الصادق، وأحملها معي بديلا للأدوية وبديلا للأغاني وكشيء من صور العائلة. وقد زادت حمولة حقيبتي بعد غياب الطيب صالح. بلح من بنغازي ومسك من كردفان. العطر الأنبل في ليبيا والسودان.

    إلى اللقاء.

                  

07-15-2009, 10:31 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote:
    موسم الهجرة إلى السودان!
    عطاء الله مهاجراني
    الاثنيـن 03 ربيـع الثانـى 1430 هـ 30 مارس 2009 العدد 11080
    جريدة الشرق الاوسط
    الصفحة: الــــــرأي

    عاد الطيب صالح إلى وطنه الأم إلى الأبد!

    مثل مصطفى سعيد، عاد الطيب صالح إلى السودان ـ تحديدا الجنوب ـ ليحيا على أرض دافئة، وتحت شمسه الساطعة،

    في الواقع، بات صالح جزءا من الأرض، وتحول إلى شعاع شمس قوي.

    عندما أنصت إليه في بداية الأمر، تركز اهتمامي على موسيقى كلماته. وتميزت نبرته بقوة الفولاذ، ونعومة الحرير. في أول الأمر، استرعى انتباهي نبرة حديثه، ثم بدأت ألتفت إلى الكلمات.

    لقد تميز الطيب صالح بامتلاكه «آن»!

    وهذه الكلمة في الفارسية لا يمكن ترجمتها. على سبيل المثال، يقول حافظ شيرازي: «المحبوب ليس من يملك شعرا أو وجها جميلا، وإنما المحبوب الحقيقي هو من يملك آن! ورغم أنه من السهل تفهم كلمة آن، يبقى من المستحيل وصفها. إلا أن الصوفية الإسلامية قدمت تعريفا خاصا لهذه الكلمة على النحو التالي: آن هي سر مقدس يدرك ولا يوصف.

    أعتقد أن هناك أربعة مستويات من الـ«آن» في نثر الطيب صالح: (أ) موسيقى ونبرة الكلمات. (ب) الكلمات ذاتها. (ج) المعنى. (د) التركيب. وأعتقد أنه في إطار الأدب العربي، تعد رائعة الطيب صالح، «موسم الهجرة إلى الشمال»، واحدة من أفضل الأمثلة.

    على سبيل المثال، تحمل العبارة الأولى في روايته نبرة موسيقية خاصة، «عدت إلى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة»،

    وتأتي هذه الجملة الأولى لتحدد النبرة العامة للعمل وتشرح للقارئ حبكة القصة.

    ويظهر صوت موسيقى الهجرة من الشمال إلى الجنوب. ويبدو العمل بأكمله أشبه بصورة موسيقية! مثلا، يقدم الطيب صالح مصطفى سعيد على النحو التالي:

    «ونظرت إلى ذراعيه فكانتا قويتين، عروقهما نافرة، لكن أصابعه كانت طويلة رشيقة، حين يصل النظر إليهما بعد تأمل الذراع واليد، تحس بغتة كأنك انحدرت من الجبل إلى الوادي».

    وبوجه عام، تبدو الرواية أشبه بمعرض للرسومات، ويظهر ذلك في نبرتها وموسيقى كلماتها، حيث بدأنا نتعرف على مصطفى سعيد، من خلال الصورة المرسومة له. وأصبحنا نعرفه ليس فقط عبر صفاته الجسدية، وإنما كذلك عبر روحه العميقة، ما يعني أن الطيب صالح، درس كل كلمة كتبها، بل ربما امتد تفكيره في بعض الأحيان إلى الحروف ذاتها، ونبرة الحديث. وعندما أتحدث عن النبرة، أتعمد التمييز بين النبرة الداخلية والأخرى الخارجية، وبينما تشير الأولى إلى الجسد، ترتبط الثانية بالروح.

    تعد النبرة أشبه بخيط غير مرئي، يشد الكلمات ببعضها بعضا. مثلما الحال مع القرآن الكريم، الذي قال عنه طه حسين: «إن القرآن ليس شعرا ولا نثرا، إنه القرآن!»، أود اقتباس هذا الوصف في الحديث عن الأعمال النثرية للطيب صالح. فهذه الأعمال تتميز بطابع نثري خاص يختلف عن النمط المعتاد الذي نقرأه، على سبيل المثال، في روايات نجيب محفوظ. من الصعب التوصل إلى النبرة الخاصة.

    والمؤكد أن «موسم الهجرة إلى الشمال» ليست قصيدة، لكنها أشبه بآخر أعمال النثر الشعري لمحمود درويش.

    عندما أقارن بين الأعمال النثرية للطيب صالح ومحمود درويش، أشعر بوجود نبرة متألقة بأعمال درويش، لكن تبقى بساطة أسلوب الطيب صالح، فريدة من نوعها.

    وحسبما قال القديس توماس الأقويني، فإن الرب بسيط على نحو مطلق. عندما يحاول درويش، زيادة بساطة أعماله الشعرية والنثرية، تتخذ شكلا مغايرا عن المعتاد. مثلا، انظر إلى قصيدة «أحن إلى قهوة أمي...» إنها رائعة! وفي الواقع، تمس هذه القصيدة أعماق أرواحنا، وتشعر وأنت تقرأها وكأنك تجلس إلى جوار والدتك تتحدث إليها، بينما تنهمك هي في إعداد فنجان من القهوة لك، تحمل على وجهها ابتسامة وتنظر في عينيك.

    أعتقد أن الطيب صالح، نجح بالفعل في أن يمس أرواحنا، فعند قراءة الرواية ينتابنا شعور بأن مصطفى سعيد، صديق لنا، أو شقيقنا. نشعر وكأنه جزء من أرواحنا. ونحيا على الأبد برفقته. ومثلما أكد راوي القصة، من المستحيل نسيان مصطفى سعيد. أمعن النظر في هذه الجملة الواردة ببداية الرواية: «أنا أحن إليهم وأحلم بهم.. ذاك دفء الحياة في العشيرة فقدته زمانا في بلاد تموت من البرد حيتانها».

    تحمل هذه الفقرة كلمات ومعاني مبهرة، وتبدو وكأنها تتدفق داخل الرواية مثل الجداول العذبة، التي تصب في المحيطات.

    وفي ثنايا الرواية، لم نشعر بموت الحوت جراء البرد فحسب، وإنما أيضا استمعنا إلى: «حتى يئن الحجر ويبكي الشجر ويستغيث الحديد..» (ص. 120).

    لقد ابتدع الطيب صالح، عالما جديدا بكلمات جديدة. ويبدو كما لو أن كلماته تحمل في ثناياها سرا مقدسا، ذلك أن كل كلمة منها تحمل ظلا، ولكل كلمة بعد غير مرئي. ويبدو كما لو أنك ـ كقارئ ـ عليك المشاركة في كتابة الرواية!

    في الحقيقة، العمل بأكمله أشبه بأحجية يتعين على القارئ جمع أجزائها! على سبيل المثال، لا نعلم اسم الراوي. كما أن لمصطفى سعيد مجموعة متنوعة من الشخصيات، بعض منها لا ندركه، مثل الأوقات التي يبدو وكأن الراوي ومصطفى سعيد، هما ذات الشخص.

    كما أننا لا نعلم اسم القرية، التي تدور حولها الرواية! فما هو اسم تلك القرية الصغيرة الواقعة على ضفاف النيل؟

    من خلال بعض الوصف الذي ورد بالرواية، يمكننا تخيل هذه القرية، مثل: «القرية الصغيرة عند منحنى النيل..» (ص.11). «تلك القرية الصغيرة عند منحنى النيل» (ص. 72). «قرية المغمورة الذكر على النيل» (ص. 79).

    ربما كنا نحن الراوي الحقيقي! وربما كانت تلك قريتنا. هل يمكن القول بأن القرية والراوي رمزان للبشر والوطن الأم؟

    إننا نتعرف على الغرب والشرق والجنوب والشمال اعتمادا على النيل، فهو نبع الحياة، ومعنى الحياة، والوجهة التي يقصدها مصطفى سعيد، والراوي. كما أن القرية الصغيرة تقع على ضفافه، ما يعني أن النيل أشبه ببطاقة الهوية داخل الراوية، فهو البداية والجهة المقصودة. باختصار، النيل هو خط الوعي الرئيس في «موسم الهجرة إلى الشمال».

    في الحقيقة، من المستحيل الشعور بالنيل بدون وجود موسم الهجرة! مؤخرا، قرأت كتاب «النيل في الشعر السوداني»، للمؤلف فتح الرحمن حسن التني. يحوي الكتاب الكثير من القصائد حول النيل، علاوة على بعض القصائد التي وضعها شاعر النيل، حافظ إبراهيم. لكن النيل كائن حي فعلا في «موسم الهجرة إلى الشمال». ودعوني أقول إننا نبدو في هذا العمل وكأننا جزء من النيل، ذلك أننا نشارك الراوي ومصطفى سعيد مشاعرهما. ونسبح في النيل، متجهين شمالا أو جنوبا، شرقا أو غربا! في الواقع، يحيطنا النيل من كافة الجهات.

    ومن المستحيل وصف السودان دون ذكر الطيب صالح. ومن العسير للغاية التعرف على الاستعمار، خاصة بوجهيه الاجتماعي والثقافي، بدون قراءة روايته. على سبيل المثال، يقول الطيب صالح: «حين جيء لكشنر بمحمود ولد أحمد، وهو يرسف في الأغلال بعد أن هزمه في موقعة اتبرا قال له: «لماذا جئت بلدي تخرب وتنهب؟» الدخيل هو الذي قال ذلك لصاحب الأرض، وصاحب الأرض طأطأ رأسه ولم يقل شيئا، البواخر نحرت أرض النيل أول مرة تحمل المدافع لا الخبز، وسكك الحديد أنشئت أصلا لنقل الجنود، وقد أنشأوا المدارس ليعلمونا كيف نقول نعم!»

    أما «نعم» تلك فلها قصة أخرى!

                  

07-15-2009, 10:34 PM

طارق جبريل
<aطارق جبريل
تاريخ التسجيل: 10-11-2005
مجموع المشاركات: 22556

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: موسم الهجرة إلى العالم الآخر :''الطيب صالح''·· لعنة الرواية الوحيدة!وسيلة بن بشي (Re: jini)

    Quote: ''أقول صادقاً ليس لديّ أي إحساس بأهمية ما كتبت، ولا أحس أنني مهم، هذا ليس تواضعاً لكنها الحقيقة، إذا اعتقد الناس أن ما كتبته مهم فهذا شأنهم لكنني قطرة في بحر، قصيدة واحدة للمتنبي تساوي كل ما كتبته وأكثـر''·



    الجملة دي تحديدا يا جني لم انسها قط
    لانني كنت حاضرا هذا اللقاء وبعد ان تغدينا هو وطلحة وانا
    بدأ يسترسل وانا اصبت بوجوم غير عادي حينها
    هذا الرجل الذي اقام دنيانا بهذا التواضع الجم
    ولحسن حظي التسجيلات لا زالت معي اعتبرها كنزا ثمينا



    رحم الله شيخ الطيب
    كان رجلا يجبرك ان تحبه
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de