أزمة دارفور وسحابة هارون الرشيد !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 01:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة فيصل الزبير(Faisal Al Zubeir)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-12-2007, 09:41 AM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أزمة دارفور وسحابة هارون الرشيد !

    هذا التحليل لازمة دارفور كتبه الزميل هاشم كرار ، رئيس القسم الدولي بجريدة الوطن القطرية، مع بدايات انفجار الازمة 2003 ، وصدق التحليل حول تطوراتها تماما كما يجري الان وهي تتطاول وتتدول لتؤثر في غرب افريقيا باسرها !



    صراع المركز والأطراف

    صراع المركز والأطراف
    أزمة دارفور وسحابة هارون الرشيد
    بقلم: هاشم كرار
    "هذه أسوأ كارثة إنسانية في العالم" ذلك كان توصيف المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن، إذ هو يتدخل سريعا جدا في أزمة دارفور -غربي السودان-، ويصدر قراره الحاسم الذي يهدد الخرطوم بعقوبات إذا لم تلتزم الجدية لاحتواء هذه الكارثة، خلال ثلاثين يوما. هذا التدخل في صراع داخلي، والذي تم -لأول مرة- بمثل هذه السرعة في تاريخ الأمم المتحدة، أثار شكا في أوساط كل الذين لا يرون في المنظمة الدولية -في ظل «اللانظام» العالمي الجديد- إلاّ مخلب قط للغرب، لتمرير مخططاته، وتحقيق أطماعه، ورسم خريطة الطريق، لعالم ما بعد سبتمبر/أيلول (القيامة الأميركية). شك أولئك قد يكون «معقولا» لكن ما ليس معقولا من أولئك على الإطلاق، أنهم وفي الوقت الذي يحصد فيه الموت أرواح عشرات الآلاف من البشر لكأنما يريدون -بهذا الشك- أن تظل الأمم المتحدة، كما كانت ذات تاريخ طويل: مجرد منظمة بيروقراطية سلحفائية مترهلة وشائخة. مجرد منظمة لا دور لها سوى الإعراب عن الأسف، وكيل عبارات الاستنكار، والشجب، والإدانة.

    أزمة دارفور صناعة سودانية
    هنا، يجيء القول إن أحد أهم أسباب هذا التدخل الأممي السريع، هو أن الأمم المتحدة -التي لا يزال ضميرها مثقلا بعذاب تثاقلها في التدخل في البحيرات- لا تريد أن تثقل ضميرها بعذاب تثاقل آخر هو في هذه المرة في دارفور، تلك التي قالت عنها تقارير دولية إنها تشهد جرائم مروعة، من بينها القتل بالجملة، والاغتصاب والتطهير العرقي، وحرق القرى، والمطاردة الشريرة إلى ما وراء الحدود. «أهل الشك»، أولئك الذين يرتكنون دائما إلى نظرية المؤامرة، انذهلوا عن هذا السبب الأهم، والذي هو بين جملة أسباب موضوعية أخرى، لهذا التدخل السريع، المثير للشك. أكثر من ذلك، انذهل أهل الشك، هؤلاء، عن حقيقة (تاريخية)، وهي أن أزمة دارفور، ليست أزمة جديدة وهي -بالتالي- ليست من صنع الآخر (جاك أو جون)، وإنما هي من صنع السودانيين أنفسهم، أولئك الذين أدمنوا الفشل، منذ الاستقلال، في ابتداع نظام حكم «عادل» و«جامع» لبلد بمساحة قارة، كثير الاختلاف. السودان بلد كثير الاختلاف، بتنوعاته المدهشة: تنوعاته اللسانية، والعرقية، والدينية، والثقافية وحتى المناخية وهو -بهذا الاختلاف البديع- كان يمكن أن يصبح وطنا بلون قوس قزح، إذا ما كان السودانيون قد ابتدعوا النظام العادل والجامع.


    الشواهد التاريخية

    لقد كانت أزمة السودان، تلك التي ولّدت كل أزمات (التمرد) في الأطراف: الجنوب والشرق والغرب، هي في هذه «المركزية» في الوسط، القابضة بحزم على الثروة والسلطة والمحرضة باستمرار لـ (المهمشين) طلاّب «العدل والمساواة»، حتى بالكلاشنكوفات الراعفة. شهدنا ذلك في الجنوب، وشهدنا ذلك في الشرق، ونشهد ذلك -الآن- في دارفور، حيث الكارثة الأسوأ في هذا العالم، وفقا للأمم المتحدة. أزمة السودان، تلك التي تتهدده بتآكل «الأطراف»، ليست هي أزمة (صُنعت خصيصا للسودان). إنها أزمة أي دولة/إمبراطورية كثيرة الاختلاف، بعيدة الأطراف، مركزية في نظام الحكم. كانت تلك، -هي مشكلة الدولة الإسلامية التي امتدت، وتباينت ألسنتها وأعراقها بالفتوحات- ولكن برغم ذلك ظلت فلسفتها في (توزيع السلطة والثروة) مقولة هارون الرشيد، وهو ينظر إلى سحابة عبَرت سماء قصره «أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك». وكانت تلك، هي مشكلة الإمبراطورية العثمانية، ومشكلة الإمبراطورية التي ما كانت لتغيب عنها الشمس -ثم غابت-، وكانت تلك هي مشكلة الاتحاد السوفياتي، حين ظلت القبضة الحديدية على السلطة والثروة في روسيا وكانت تلك هي مشكلة يوغسلافيا، ونيجيريا (بيافرا)، وهي لا تزال مشكلة إثيوبيا مع (أقليات الأطراف). مهما يكن فأزمة السودان في الأطراف ليست وقفا عليه، وهي ليست أزمة جديدة. كانت تلك هي أزمته في الجنوب، ثم هي الآن، في دارفور والشرق، وهي ربما غدا أزمته في الشمال. وهذه الأزمة، كانت، ولا تزال، ولن تنفك في غياب (النظام الجامع)، هي في هذه المركزية القابضة.
    صحيح إن نظام الحكم -الآن- في السودان، هو نظام فيدرالي (ولائي)، لكن الأصح إن هذه الفيدرالية، ليست سوى فيدرالية من ورق، ذلك لأن السلطة الحقيقية لا تزال (مقبوضا عليها) في الوسط. تماما مثلما كانت تلك السلطة كلها في قبضة نميري، أول من ابتدع النظام اللامركزي في السودان، تحت شعار (أنا اللامركزية).

    نيفاشا أطفأت حربا وأشعلت أخرى

    أزمة دارفور -كما قلنا بذلك- ليست أزمة جديدة، إنها أزمة قديمة تعود للستينيات. التي أخمدت فيها الحكومة المركزية بقوة السلاح حركة منظمة (سوني)، بدعوى أنها حركة عنصرية، انفصالية (بغيضة) منذ الستينيات، ظلت نيران دارفور متوقدة تحت الرماد، إلى أن شبت قبل ما يزيد عن العام بقليل، وتسعَّرت، وارتفعت «ألسنتها» لتتحدث إلى العالم كله، بالكارثة. لماذا نيران دارفور في هذا الوقت بالتحديد؟ الوقت الذي توشك فيه الحكومة السودانية والحركة الشعبية بزعامة قرنق (متمردون) على وضع النهاية -في نيفاشا- لأطول حرب أهلية في العالم. مرة أخرى، الذين يستطيبون باستمرار الارتكان إلى نظرية المؤامرة العتيقة، سيهربون كعهدهم من تحمل المسؤولية بإلقائها على «متآمرين»، لكن هؤلاء ينسون أو يتناسون عمدا أن هؤلاء المتآمرين -إن كان هناك ثمة مؤامرة- هم «الإطفائيون» الحقيقيون لنيران الشمال والجنوب في نيفاشا، سواء كان ذلك بالجزرة، أو بالعصا. هؤلاء الإطفائيون، ربما تورطوا في الظن بأن أزمة السودان هي فقط أزمة بين الشمال والجنوب ومن هنا كان سعيهم الحثيث لإنهاء هذه الأزمة بـ(بروتوكولات نيفاشا). وربما كان ظنهم ان «سلام السودان» في كلياته لن يجيء إلا بترتيب الأولويات، وما الأولوية عندهم إلا لإطفاء نيران الحرب اللعينة، تلك التي التهمت ما يقارب المليونين من القتلى، وشردت أكثر من هذا العدد بكثير، وأهلكت البنية التحتية، والموارد في الجنوب، وأثرت على التصاعد بمعدلات التنمية في الشمال.
    مهما يكن، بذرت «نيفاشا» التي أطفأت حربا بذور حروب أخرى للمهمشين في الشرق، والغرب، أولئك الذين وقر في وعيهم أخيرا، أن التوزيع العادل للسلطة والثروة في الأطراف لا يجيء إلا عبر فوهة البندقية. والمثال الحي نيفاشا. من هنا، صدرت رصاصة دارفور، ولولا أن «المركز» في السودان هو مثل أسرة آل بوربون الشهيرة -تلك التي لم تتعلم شيئا- لكان من الممكن أن تسكت هذه الرصاصة بغير الرصاص، بعد أن تعلمت من حرب الجنوب وبعد أكثر من عشرين عاما أن الرصاص لا يمكن أن يُسكت الرصاص، وإن طال الزمن. وبدلاً من أن تدير الحكومة السودانية أزمة دارفور بذهن مفتوح على نهاية حرب الجنوب، راحت تديرها بذات الذهن الذي انفتح على بداية تلك الحرب اللعينة. راحت تديرها بالتجييش. أسوأ من ذلك كله راحت الحكومة السودانية تستعمل طرفاً من أطراف الصراع على الموارد الشحيحة في دارفور (القبائل العربية) ضد المتمردين وهم من قبائل الفور والمساليت والزغاوة، الزنجية لإخماد «التمرد». من هنا أخذ الصراع بعدا عرقياً خطيرا جداً، في إقليم حدودي تتداخل فيه الأعراق، ويستنجد فيها كل عرق بالآخر، في معركة البقاء على قيد الحياة.
    أطول معركة في التاريخ الإنساني لا غرو إذن أن نجد تلك القبائل الزنجية الثلاث (الزغاوة والفور والمساليت) التي وجدت نفسها بين مطرقة الحكومة وسندان (الجنجويد) تستنجد بامتداداتها في تشاد، وفي أفريقيا الوسطى وتستنجد بالعرق الزنجي في عمومه في هاتين الدولتين وفي النيجر ومالي و .. و .. كان منطقيا أن يتدفق المقاتلون إلى دارفور، وكان منطقيا أن يتدفق السلاح، وكان منطقيا أن تكون «الكارثة» أسوأ كارثة إنسانية في العالم.

    تدويل الأزمة
    ما يحدث -الآن- في دارفور، يتجاوز بتعقيداته ومضاعفاته، هذا الإقليم السوداني الشاسع، إلى منطقة غرب أفريقيا، التي تعاني أصلا من اضطرابات هنا، وهناك. حركات تمرد على حكومات، وحركات قتال عرقي. إزاء ذلك كله هل كان يمكن للمجتمع الدولي -ذلك الذي لا يزال يعذبه تثاقله في التدخل في أزمة البحيرات- أن يظل يتفرج على سيناريو آخر، شبيه بذلك السيناريو الذي تسبب في أسوأ مذبحة في التاريخ المعاصر؟ الذين يريدون ذلك، لا يعرفون تعذيب الضمير على المستوى الفردي، والجماعي، والذين يريدون ذلك لم يفتحوا نوافذهم، وعيونهم، ليروا كيف أن العالم كله قد تغير، بعد سبتمبر/أيلول وبن لادن والبرجين، ولم يدركوا من هنا، إنه في ظل الحرب الكبيرة على الأرهاب، لا مكان للحروب الصغيرة، حتى وإن تحصنت هذه الحروب، بما كان يعرف قديماً بالحدود الوطنية. سقطت حدود السودان إذن وتدخل المجتمع الدولي، وتدوَّلت بالتالي أزمة دارفور (أفريقيا ودوليا) ووجدت الخرطوم -في النهاية- أن حل هذه الأزمة لن يكون سودانيا وبالرصاص بأية حال من الأحوال. تلك خيبة أخرى للسودانيين، أولئك الذين عجزوا لأكثر من عشرين عاما عن أن يسكتوا الرصاص في الشمال والجنوب، حتى إذا ما تدخل الغرب بثقله لحل الأزمة انصاعوا صاغرين. الآن ارتفعت أصوات -من بينها أصوات سودانية- تقول إن الحل في بروتوكولات نيفاشا، تلك التي يمكن أن تعتبر أنموذجاً لحل كل أزمات الأطراف في السودان. وما بروتوكولات نيفاشا -في النهاية- إلا توزيع عادل للسلطة والثروة. ولا توزيع عادل لهاتين إلا في ظل نظام «فيدرالي». الآن ولئن كان السودان -هذا الممتد، كثير الاختلاف- قد أضاع منذ الاستقلال الفرصة التاريخية، يمكن أن يكون بديعا بتنوعاته المدهشة، فإن الفرصة الأخيرة لا تزال ممكنة. غير أن إمكانية اغتنام هذه الفرصة، لن تتأتى إطلاقا، طالما ظل «الوسط» يقول لكل سحابة تعبر سماءه، ما قاله هارون الرشيد لتلك السحابة المشهوره، التي عبرت سماء قصره: أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك.

    _______________
    كاتب وصحفي سوداني

    الجزيرة نت

    (عدل بواسطة Faisal Al Zubeir on 04-12-2007, 09:47 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de