"ويبلغ الأمر بولاية الخرطوم ان يتجول أفرادها على دور صحف الخرطوم ليلا وفى أيديهم فتوى بأن تحصيلات شرطة المرور غير قانونية... وأن الولاية لا نصيب لها في هذه الإيرادات... والصحف من لم يقبل النشر مجانا منها وجد حظه من قيمة الإعلان."
شرطة المرور... هل تخلع الأبيض اليوم؟
الجدل حول قانون شرطة ولاية الخرطوم دخل منعطفا خطيرا... ولكن الملاحظ أن هذا الجدل لم يكن جدلا قانونيا يصطرع فيه مستشارون قانونيون من الطرفين... ولا حتى جدلا سياسيا تتحاور فيه وحوله السلطات الاتحادية والولائية حول حق ولاية الخرطوم فى سن قانون تفرض به ولايتها على شرطة الخرطوم... مسلسل تطور هذا الجدل ومساره ينحو بعيدا عن السياسة.. ويزج به فى نفق ضيق اسمه المال..! والقصة بدأت حين اطلق مدير عام الشرطة تصريحه الشهير عبر الزميلة (الوطن) محذرا من المساس بمركزية الشرطة... وردت ولاية الخرطوم بتصريحات مماثلة... وتصور المراقبون حسنو الظن فى مؤسسات الدولة أن المؤسسات ذات الصلة والمعنية بمسألة فك الاشتباك بين السلطات الاتحادية والولائية ستتدخل بموجب نصوص اتفاقية السلام الشامل وفى الوقت المناسب لحسم هذا الجدل بموجب الدستور... والذى يعلي دون مواربة من قدر القوانين الاتحادية أمام القوانين الولائية... ولكن ذلك لم يحدث مما دفع بمدير الشرطة ليخطو خطوة عملية... فكان قراره بسحب أفراد الشرطة من كافة نقاط الجبايات... وقد كان ظن حسنى الظن ايضا أن القرار يستهدف مصلحة المواطن... ولكن اتضح لاحقا ومن تطور الأحداث أن القرار لم يكن إلا معركة واحدة فى حرب طويلة...!
وتتوالى الأحداث عاصفة... ولاية الخرطوم التى أسقط فى يدها جراء هبوط إيراداتها من الجبايات تنطلق نحو سن قانون محصلته النهائية شرطة تحرس جباة الولاية...
ثم الولاية تفتح النار على إدارة المرور (ربما لأنها وحدها القوة التي لا يتمنطق أفرادها بمسدسات) ويبلغ الأمر بولاية الخرطوم ان يتجول أفرادها على دور صحف الخرطوم ليلا وفى أيديهم فتوى بأن تحصيلات شرطة المرور غير قانونية... وأن الولاية لا نصيب لها في هذه الإيرادات... والصحف من لم يقبل النشر مجانا منها وجد حظه من قيمة الإعلان.
والحرب تدخل اليوم مرحلة جديدة حين تعقد إدارة المرور مؤتمرها الصحفي (ما لم تتدخل المؤسسات أو العقلاء) ولسان حال إدارة المرور ربما يقول لسلطات ولاية الخرطوم (الأبيض ليس دائما رمز السلام)...!!!
الواقع أن شرطة المرور من أكبر محصّلى الجبايات الذين عرفهم المواطن ، فمنذ إبتداع السيد اللواء الأنيق عادل سيد أحمد للتسويات الفورية ، بات المواطن لا ينجو أبداً من سعار رجال المرور الذين يحملون دفاتر جباياتهم لإستدرار و إستحلاب المال من جيوب الغلابة سائقى الحافلات و سيارات الأجرة ، حتى لقد صاروا نجوماً يشار لهم ببنان الحنق و الغيظ واللعنات ، مثل الضابط سارة مثلاً( سارة الضارة ) كما يسميها الناس ، و التى كانت ترابط فى منطقة صينية أزهرى و من ثم تبدأ حولاتها الإنتقامية . و من الطريف أن بعض أصحاب العربات المخالفة ، كعدم الترخيص مثلاً ، أو عدم حيازة رخصة قيادة كانوا يبدأون يومهم بدفع إيصال الغرامة أو المخالفة، و من ثم يعملون " بمزاج رايق " ، الغريب أن كل هذه الجبايات لا يعرف أحد أين تذهب حقيقة ، فهل هى ترسل للخزينة العامة ، أم تذهب لجهة ما لا يعلمها إلآ الله و المتنفذين فى الإنقاذ . فى خطابه الذى أعقب قرارات رمضان الشهيرة ، و التى أطاحت بعرّاب الإنقاذ الدكتور الترابى ، ذكر البشير و هو فى غاية الغضب ، "أن رئيس الجمهورية يصدر قرار ... اصغر عامل قبانة يكسرّوا !!! " فى إشارة للإزدواجية التى كانت تعيشها الإنقاذ ، والواقع أن الرئيس كان قد أصدر قراراً بإلغاء كافة الجبايات التى تؤخذ من البضائع فى عبورها من و إلى مختلف جهات السودان ، لكنه لم ينفّذ . ( إستغربت أن تغضب هذه التفصيلة الصغيرة البشير وقتها لدرجة أنه قد ساقها كأحد مبررات قرارات حل البرلمان )!!!!!!!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة