وقوافل التجار مرت بالرقيق الي الشمال، مواكبا نحو الفجيعة و الضياع..
والخيل تشهق بالسنابك في بحيرات الرمال جوامحا، ترتاد اجساد البقاع..
والطنضب البري مثل شواهد الموتي، يحدق في الطريق وفي الخيال.. تتوسد الحصباء صدر السهل كالجدري ، تطمر ارث اجدادي القدامى الصالحين..
يامجد "نبتا" و"الدقيات" التراث الابجدي .. ماذا يروم العنكبوت خيوطه بين "الطرابيل" "المعابد" و"السباع"
هذي المدينة أقبرت وعفي علي روادها البسطاء ملح الارض والتاريخ...
لاشئ يبقيني هنا مستهجنا من يعرب استنسل الابنوس من زنجية .. نوبية.. شهدت نماء النيل..
تتزاوج الافكار في رحم الشعور فانتبه للنار تصهل في وعاء الليل والصحراء تنصت للصليل
احتاج مفتاحا يفك طلاسم الاشياء في ذاتي، يجرد رمز خارطتتي.. ولون قصيدتي الاولي، يحل سلاسل الازمان يولجني القلاع..
كان انتطاري عند غابات النخيل الصافنات الراعشات مع الوداع, اسطورة تلد الحقيقة عند جرف الليل جسر النيل دسكرة يعفرها التراب..
ومناجم التعدين حافلة تقاسمنا الجريمة والعقاب
والشمس من اكتافها مصلوبة في بردة الانواء تحفل بالقناع...
لاشئ يبقيني هنا
شبقا الي لغة يهذبها نداء الطبل في الغابة استمهر الكلمات من حثل مخلفة تشذبها لناس الحي حطابه تمرق فوقها تعبا بنان الطفل يستجلي عناصرها قتستعصي مدامعه علي خديه صبابه، يدنفني عصير الشمس حين يصل في "البركل" يحجل هدية القربان ساجية علي المذبح.. ترنح ضارب الاجراس يوسع كفة الناقوس بالضرب وأذَن عند باب المعبد الشمسي للحرب، فيا وطنا بكي للناس والرب.. تخلص افعوان الشعر من اسماله جبرا علي النقش وسرج شمعدان النصر بين التاج والنعش..
فياوطنا بلا زمن ويازمنا تراءى خلف أوعيتي بكل شراسة البشر..
فمن تتر الي تتر.. ادرج هجرة الآري الي "سام" وابقي شاهد الاحداث يثبت عصرنا الحجري.. تأكد ايها المصبوغ جلدته بلون فداحة الذكرى.. ثماري تستحيل دما علي ابراجك الكبرى.. وتنبت فوق أوردتي جذور الجرح لا تبرأ
اسعدني ان تنال هذه الكتابة بعض اعجابك ..الا تتفق معي ان موضوعها يتناسب مع الواقع الان وقتها كانت رؤي
ولكنها الآن اخذت شكلا لتجليات موضوع الهوية ...فلو وزعت بصرك في ثنايا هذا البورد ستدرك حجم الماساة ...
الدولة بمفهومها الجغرافي والسياسي ..اصبحت غير موجودة
كرمز ..ومآلاتها المادية في اقصي مراحل انشطارها ...كل
ما أجادته منعطفات الواقع اللحظي من بوادر للسلام في اقصي حالاته كتفاؤل لا نمتلك ضمانات له ...أو اذا كنا نتناوله بشئ من العقلانية والحكمة ...فهي مساومات آنية...مازالت تحمل بين طياتها منجما قابلا للاشتعال في اي سانحة...وفي اي جزئية...من منعطفاته ستنفجر بمجرد ان تلتمس حجارة الاستقطاب ببعضها البعض ...تيارات هلامية ودوامات تشتد ثم تستريح ..لتشتد مرة اخري ..وهي تخلق جزرا من الرمال المتحركة ..وبعض الهدام الذي سوف يجرف كل شئ.
لك التحية مرة اخري
08-13-2006, 03:27 PM
Adil Osman
Adil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208
هذا شعر جميل. جميل بمعنى العمق واكتناه التاريخ وعلاقته بالحاضر وقت كتابة النص. تلك الصحراء لا تنبت الا الشعراء والحالمين بالثورة. رغم المدفون فى رمالها المطويات طية فوق طية مثل كسرة فى طبق. طابق فوق طابق من الحضارات والمآثر. يا بركل. يا كوش. يا فرعون السودان! والعام تسعين من ذاك القرن. قرون اخفت مآثر وحضارات ونيل شاهد صامت منذ كانت الدنيا وكانت البلاد التى تقتل عاشقيها!
Quote: 1990-6-8 منعم ابراهيم- السودان -كسلا
اتمنى ان نقرأ لك اكثر واكثر يا منعم ابراهيم.
08-14-2006, 02:25 AM
Sidig Rahama Elnour
Sidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420
Quote: ولكنها الآن اخذت شكلا لتجليات موضوع الهوية ...فلو وزعت بصرك في ثنايا هذا البورد ستدرك حجم الماساة ...
والله صدقت يا منعم ليس البورد وحده بل السودان كله
تنعم علي ظروفي بزيارات متعددة لمدن كثيرة سنويا في السودان... فاري ان روح الجهوية... و القبلية... قد طغت علي كل شئ... و بدات تحرق كل قيم التنوع و التلاقي و التالف.. و المحبة و التعايش
لكن صارت خواطرك في عام 90 و اقعا منذ زمن انها مصيدة وضعتها الانقاذ فاصطادت معظم الناس بما فيهم مثقفينا
شكراً منعم على هذا النص الشفاف الذي يعبر مستصحباً حيرة الخاص (التساؤل الشخصي حول مكوننا الثقافي والنفسي) الى سؤالنا العام (الهوية). وأدهشني النص لجماله، عمقه وعذوبته وحضوره وهو بالمناسبة أول تجربة قراءة لنص يخصك، تحياتي.
08-14-2006, 07:16 AM
Adil Osman
Adil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208
الأستاذ عادل عثمان شكراً لبوصلتك التي لاتخطي وكأنها قرنا إستشعار تتحسس أماكن الإبداع فمنعم معروف بتغلغله في المفردة حتى تشيح جزلانة بالمستحيل ومنعم يصيغ الكلمة ويركب صهوة القصيد بقفزة من قلمه المترع كلمات منعم حاضرة ومعبرة وتشق طريقها للقلوب بلا رتوش لكني نصوصي الفقيرة الى ربها لاترقي لان تكون نصوصاً كنصوص منعم شكراً لك على ذلك رغم أني ظلمت منعم بتغولي على بوسته وتشويش جماله
08-23-2006, 03:13 AM
Sidig Rahama Elnour
Sidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420
((شكراً منعم على هذا النص الشفاف الذي يعبر مستصحباً حيرة الخاص (التساؤل الشخصي حول مكوننا الثقافي والنفسي) الى سؤالنا العام (الهوية). وأدهشني النص لجماله، عمقه وعذوبته وحضوره وهو بالمناسبة أول تجربة قراءة لنص يخصك، تحياتي.))
العزيز عبد الحميد
لك ان تلومني اذا شئت لقد غفوت وبصري حجبته الابالسة عن هذه المداخلةالرائعة...هي الخيرة كما قلت بين الخاص والعام ...تلك التي تركز طعم الخوخ الي اي جهة يميل التذوق ..الي طعم المانجوالاستوائي...أم الي تفاحة الخط البارد...المكون النفسي له الاثر البالغ ...التماهي النزوع الي سطوة القهر الشاخصة في الوافد الجديد ..المكون الثقافي ترمح فيه الذاكرة ...برغم النسيان أو التناسي..تخرجت زوجتي وهي مخرجة ...بعمل مسرحي ...مؤلفه سوري ..اسم العمل لمعة الحرية...المؤلف مؤنس الرزاز...تخيرت له رؤي اخراجية استهدفت فيه موضوع الهويةالسودانية..تناولت شخصية عنترة بن شداد ..ذلك البطل الاسطوري ...من ملمح مختلف ... كنموذج أولي للشخصية السودانية...أب عربي ..وام حبشية..(السودان من بلاد الحبشة آنذاك )
عاش حياته عبدا من وجهة النظر الثقافية لابيه ...وخائنا من وجهة النظر الثقافية لامه.. امتلك كل مقومات الحرب ...السيف والكلمة...لكنه وظف تلك القدرة وافني حياته...متطلعا لهوية زائفة..وأنثي جندت له بعناية لاستقطاب سيفه فقط ...ضد ثورة العبيد...فاصبح فاقدا لارادة التغير ...وساقطا بين موجتين للهوية...كما هو حال النص يطرح نفس الاسئلةالدائرية والمستمرة لموضوع الهوية.
لك التحية وارجو تقبل اعتذاري
08-14-2006, 01:16 PM
عبد المنعم ابراهيم الحاج
عبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691
العزيز صديق رحمة ...ياصديق المنبت...هذا النص يعمق الرؤيا ويصيبنا بالرعب..كما قال الاستاذ عادل ..تتمضهر الرؤيا اكثر بعد عشرة سنوات هي الفترة بين النصين...الآن فقط (انتبهت الي مناجم التعدين حافلة تقاسمنا الجريمة والعقاب)...الا تعتقد بانها اصبحت المحرك الاولي للاشياء المسكوت عنها ..فتجلي صراع الهوية ليصل الي اقصي مراحله كصراع نتائجه هذه الابادات الجماعية التي طالت كل اجزاء البلد..وما زالت مستمرة ..والافكار مازالت فطيرة وغير ناضجة ...فالمركز ما زال مسيطرا ..ومستقطبا لعناصر الهامش.
08-15-2006, 04:48 AM
Sidig Rahama Elnour
Sidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420
عبدالمنعم يا صديق المسافات القديمة النصوص ملح تداوي الجروح ... لكن أخفاق مختلف الأشكال والنماذج السياسة وفشلها في الممارسات ساهم في تحولات الوطن (الايديو ـ ثقافية) بمنعرجات خطيرة وبرز مفهوم الصراع القبلي كنتيجة لممارسة السلطة التي لاتغيب الهامش عمداً فحسب بل تدعوه وتحرضه على القتال لإكتساب مستحقاته وإلا فالحرمان نتيجةٌ حتمية .. فكيف تكرس حكومة لمثل هذه الممارسات وتحلم بأن تعم بإستقرار ... هذه نبتا وتلك كوش ... نسترجع ملامحها ... نصّدر حقيقتها حتى يعم السلام بلادنا الجريحة
08-14-2006, 12:18 PM
عبد المنعم ابراهيم الحاج
عبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691
((هذا شعر جميل. جميل بمعنى العمق واكتناه التاريخ وعلاقته بالحاضر وقت كتابة النص. تلك الصحراء لا تنبت الا الشعراء والحالمين بالثورة. رغم المدفون فى رمالها المطويات طية فوق طية مثل كسرة فى طبق. طابق فوق طابق من الحضارات والمآثر. يا بركل. يا كوش. يا فرعون السودان! والعام تسعين من ذاك القرن. قرون اخفت مآثر وحضارات ونيل شاهد صامت منذ كانت الدنيا وكانت البلاد التى تقتل عاشقيها))
العزيز عادل عثمان
لك التحية وكل الود
العمق الذي تراه في هذه الكتابة هو نفس المطرقة التي تجلدنا علي سندان الغفلة...او الانتظار او التماهي مع ثقافة تصادرنا حتي من حق الاستمتاع بهذا الابنوس هذا السديم الذي تتجلي فيه الاشياء ...فكل امواج اللون لا تاخذ ملمحها بدونه...وهو الذي سيسحب الكون الي عمقة في آخر الزمن كما شاءت به ...نظرية الثقوب السوداء في قراءتها الاخيرة (الكون في قشرة جوز) للعالم الذي تربع علي كرسي الاستاذية وعلي كرسيه المبرمج (استيفن هوكنز) ....الزيف يلامس كل شئ حتي التاريخ نفسه لم تسلم صفحاته ...انهم يؤرخون للسلطة...فيظل الهامش بلا تأريخ يذكر الا من خلال تتبعنا له من خلال دراسات مستقلة ..وبعض الاثر الابداعي ...نعم هي قرون تخفي تحتها تاريخ ورمال تحتضن حضارات ....والصراع علي ناقة جذبها المرعي الي سافنا الجنوب ...احتفينا بها ونحرنا زرافتنا.
08-14-2006, 02:02 PM
غادة عبدالعزيز خالد
غادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة