|
سيناريوهات : الذبيح الســــمين
|
صحيفة الرأى العام عدد الجمعة الموافق 28 نوفمبر 2008م _____________________________________________________________________________________________
عم (خضر) موظف على أعتاب المعاش يعمل (أمين مخازن) بإحدى المصالح الحكومية ، لديه خمسة ابناء موزعون على مختلف المراحل التعليمية ، جاء إلى العمل فى ذلك اليوم منهكا كعادته ، تناول طعام الغداء مع زوجته وأبنائه ثم سرح ببصره يعيداً مما جعل (صفية) زوجته تسألة : - مالك يا حاج سارح كده فى شنو؟ عندك مشكلة فى الشغل؟ لم يجيبها (خضر) إذ لم يستمع إلى سؤالها وهو على تلك الحالة من الشرود ، فقامت بتكرار السؤال : - معقولة بس ؟ شنو السرحة الطويلة دى ؟ شايل هم العيد وإلا شنو؟ - أييا ... والله بفكر فى مصاريف العيد والخروف ! - وكمان ما تنسى العيد ده جاى أول شهر وعمك (سيد أحمد) سيد البيت بيكون عاوز الإيجار بتاعو ! - ما هو ده المجننى ذاتو يا صفية .. هسه لمن ندى عمك (سيد أحمد) ده الإيجار.. البفضل من الماهية شنو؟ - وما تنسى كمان ! - أنسى شنو؟ - (آدم) سيد الدكان قال ليا ماشى البلد يعيد هناك وعاوز حسابو ! - شنو يعنى أسرق انا؟ أجيب من وين ؟ طيب أنا لمن أدى (الأمة) دى كوووولها تعريفه ما ح تفضل من الماهية ... أها نشترى الخروف من وين يعنى؟ - هى بفت على الخروف؟ أولادك ديل ليهم سنتين هدوم جديدة ما شافوها ! - أها والعمل فى رأئك شنو يا صفية؟ - إتصرف - إتصرف ؟ يعنى أشيل ليا (كلاش) أمشى البنك (الأهلى) وإلا أمشى (أربط) للناس فى الشوارع - شوف يا حاج هدوم الأولاد الجديدة دى ما مشكلة ممكن يعيدو بى أى حاجه لكن الخروف ده أنا ما بلعب فيهو .. أخواتى ديل كووولهن رجالهن قاعدين يضحوا ليهن إشمعنى أنا ؟ أودى وشى منهن وين؟ هنا إنتهز (حمادة) أصغر أطفال خاج (خضر) الفرصة : - يا بوى إنت ما عاوز تجيب لينا خروف الضحية؟ - هو فى ضحية أكتر منى ؟!!
أصيب عم (خضر) بإكتئاب حاد مصحوباً بصداع (نصفى) إستلقى على ظهره ينظر إلى سقف (البرنده) المتآكل ، راح فى (نومة) مليئة بالكوابيس المرعبة لم يفق منها إلا على صوت ( كامل) وهو يطرق باب الحوش قائلاً : - شنو؟ يا خضر ما منتظرنك (بالضمنة) مالك الليلة ؟
تمطى (خضر) وهو ينظر نحو (باب الشارع) وقال مخاطباً (كامل) : - دقيقة بس ألبس واجيكم
ما عارفين حاجة :
ما أن رأى أفراد الشلة الذين كانو ينتظرونه وهو يتجه نحوهم حتى بادرونه بالعليقات : - طبعا ضارب النوم يا مرتاح !! - طبعن لازم تنوم يا مرطب ما يكونو أدوكم حافز العيد - ده نوم بتاع زول ضامن الخروف !!
ما أن وصل عم (خضر) إلى حيث يجلس الحميع تتوسطهم تربيزة الضمنة حتى تهالك جالسا على (البنبر) : - والله إنتو ما عارفين حاجه ساكت ! - كيف؟ - والله نحنا بننوم من الغلب ساااكت ... عليكم الله دى حالة ينومو فيها لو ما غلب ساااكت - مالك تحمد الله .. (أمين مخازن) وموظف قدر الدنيا المشكلة نحنا (الحرفيين ديل) ! - موظف مين ومخازن أيه يا جماعه هو فى أتعب من الموظفين فى البلد دى هسه ... هسه ربع البصل حصل 25ألف واحد يقول ليا مرتباتنا زادت كم ؟ - (وهو يقوم برص الضمنة) : إنت يا (خضر) ياخوى عاوز تاكلنا (حنك) ساكت وإلا شنو؟ هسه فى ذمتك دى ما أدوكم حافز العيد عشان تشترو الخروف ؟ - إنتو يا جماعة جنيتو؟ حافز شنو؟ هو المدراء والمسئولين الفوق ديل (السفريات) والبدلات والموبايلات بتاعتهم بتخلى ليها قروش عشان يدوها حوافز للموظفين ؟ كدى بالله خلونا نلعب لينا (طابق) طابقين وخلونا من السيرة دى !
الذبيح السمين : عاد عم (خضر) من (الضمنة) بعد أن قاربت الشمس على المغيب وجد (صفيه) وقد قامت بقش (الحوش) وفرش (السرائر) ، تذكر انه لم يقم بقراءة صحيفتة المحببة التى أحضرها معه ذلك اليوم والتى منعنه تلك (النومة) من قراءتها ، أدخل يده تحت (المخدة) قام بسحبها ، لم يصدق خضر عينية وهو يرى الإعلان على زواية صفحة الجريده : (ما تشيل هم ... نحن نوفر لك خروف العيد) ! شعر بنوع من الراحة .. أمسك جهاز المبايل وأدار أحد الأرقام الموجودة على الإعلان بعد أن هب واقفا وذهب إلى ركن قصى حتى لا يستمع إليه احد : - ألو شركة (الذبيح السمين) ؟ - (صوت أنثوى رقيق) : معاك شركة الذبيح السمين ... أى خدمة؟ - والله بس فى الحقيقة يعنى أنا قريت الإعلان بتاعكم الفى الجريده وعاوزكم توفرو ليا خروف للعيد كدة - طيب يا أستاذ لو ممكن تجى علينا فى الشركة عشان نطرح عليك الخيارات الموجوده - وشركتكم دى وين؟ - نحنا فى تقاطع شارع حيزب بن عكرمة مع شارع سفيان بن أبى الصلت المتفرع من شارع شيبة بن المغيرة !
فى الشركة : وهو يتجه إلى مبانى الشركة لم يكن (خضر) يتخيل أنه سوف يدلف إلى داخل مبنى بهذ الأناقة والفخامة ، صورة خروف (بالححم الطبيعى) تزين حائط صالة الإستقبال كتب تختها بخط جميل (عزيزى المواطن : ما تشيل هم ) ، عددا من (الفتيات الأنيقات) يجلسن على (كاونترات) كتبت عليها (خدمة الزبائن) وأمامهن بعض الأوراق (التعريفية) عن نشاط الشركة ، إتجه لإحداهن : - شوف يا أستاذ أساسا الخرفان بتاعتنا دى خرفان للتصدير ... ناس الشركة ديل قالا قبل ما يقومو يصدروها ا يقوموا يطلعوا ليهم منها قرشين حلوين وكمان يكسبوا ليهم شويتين (أجر) فى (الناس) (الغلابة) ويفرحو ليهم (أولادهم) شويه وكمان (يستروهم ) مع جيرانهم وأقاربهم ! - والله كلكم بركة - أها يا حاج إنت (عاوز) ياتو (صيغة) ! تأجير وإلا (توصيل) وإلا (تصوير) ؟ - لا أنا عاوز تهليل ..... أقصد تأجير .. ولا أقول ليك كدى أشرحى ليا فى الأول (الصيغ دى) - أيواا يا أستاذ ... أول حاجه صيغة (التأجير) دى نحنا بنأجر ليك الخروف بنظام الساعة بعدما تكتب لينا (إيصال أمانة) بى تمنو كأمنية وبنوصلو ليكا لحدت بيتك وبنديك معاهو (العلف) بتاعو ويوم (الوقفة) - بالليل أو فى اليوم العاوزو بتجى نفس العربية تشيلو ! - الكلام ده كده لكن ما بجى؟ - كيف ؟؟ - أها بعد الأولاد شافوهو ولعبو معاهو وناس الحلة شافوهو وسمعو صوتو معقولة يوم العيد فجأه يقومو ما يلاقوهو ؟ شنو أقول ليهم فتح الباب شرد ؟ - لا لا يا استاذ نحنا عاملين خدمات إضافية مقنعه جدا وعاملين حساب لأى حاجه - كيف؟ - الناس الح يجو يشيلو منكم الخروف ح يجيبو ليك كيس فيهو شوية (دم )عشان (ترشو) قدام الباب .. وكمان زياده على كده ح يجيبو ليك (جلد) و(راس) و(ضلافين) وإتنين كيلو لحمة ونص كيلو (مرارة) ونص كيلو (كمونية) عشان الفطور بتاعك يطلع (كااارب) ! - لااكن هسه .. الجلد والراس والضلافين واللحمة والمرارة والكمونية ديل زايد الإيجار ما بكونو قريب من تمن الخروف ؟ - لا لا يا استاذ ... أول حاجه الجلد والراس والضلافين ديل برضو ح نأجرهم ليك وح تجى العربية آخر اليوم تشيلهم - أها طيب واللحم و المرارة والكمونية ؟ - أها ديل ح نبيعهم ليك (قدر ظروفك) ... يعنى عاوز ريع كيلو .. تمن كيلو .. خمسين جرام .. حسب جيبك ! إنت بس جهز نفسك وتعال - أجهزا كيف؟ - تجيب لينا (إيصال أمانة) كضمان للخروف والبطاقة الشخصية وتملأ الفورم ده وتجيب معاك قروش الإيجار ! - الحاجات دى كوولها معاى هسه - كان كده يا أستاذ أمشى لمسئول المبيعات الفى الكاونتر داااك بكمل ليك الإجراءآت مندوب المبيعات : - (أمامه على المكتب عدة كاتلوجات عليها صور الخراف) : شوف يا حاج الخرفان العندنا دى تلاته فئات .. عادية وفاخرة ومميزة ... أديك الكتالوج بتاع ياتو فئة ! - أكيد العادية هو أنحنا كان ناس (فاخر) كان جيناكم - (يسلمه أحد الكتلوجات) : خلاص طيب إنت بس شوف صورت ورقم الخروف العاوزو وحددو - (يضع أصبعه على صورة خروف) : كويس قول رقم 46 الأسود بأبيض ده ! - ده يا أستاذ إيجارو الساعة بى ألف جنية ! - الساعة بى ألف ؟ هو أصلو (أتوس) ! - يا حاج إنتا عاوزو مجانن ؟ اليوم كلو بى 24 ألف ! يعنى لو أجرتو يومين بى 48 ألف بس ! - خلاص قول يومين ... يوم الوقفة واليوم القبلو ... - وخ تشترى ليهو قش بى كم؟ - (فى دهشة) : وإشترى ليهو قش ليه؟ أنا سيدو - لا لا يا حاج القضية مش كده .. ما إنت لازم تورى الناس إنك سيدو ومشترى ليهو قش ؟ - خلاص قول قش بى الفين جنيه ! - يا استاذ أقل حاجه الخروف بتاعنا ده بياكل قش بى ألفين فى اليوم يعنى عاوز ليكا قش لليومين ديل بى أربعه ألف وخلى بالك نحنا ما خايفين إنو الخروف ده تحصل ليهو حاجه أو يموت من الجوع عشان نحنا خرفاننا دى (مأمنين) عليها، بس إنت الح تدفع (تمنو) الفى وصل الأمانة ! - خلاص طيب قش بى أربعه ألف بى أربعه ألف تانى فى شنو؟ - تانى إيجار الجلد والراس والضلافين ده ثابت عشرة ألف ! بس ورينا حاجات الفطور بتاعتك ! هنا تذكر خضر (شلة الضمنة) كامل وأستاذ عباس وأسطى الطاهر المعلم عوض والشيخ و ... تذكر (نسابتو) وقرايبو ... ... ولم بفق إلا على صوت الموظف : - يا أستاذ أنا منتظرك ... عندنا قلوب وكلاوى وكمونية وكبده بالإضافة للحم أها نديك شنو؟ - جيب إتنين كيلو لحم ونص كيلو من كل حاجه من الحاجات التانية دى ! - (وهو يكتب فى ورقه أمامه) : خلاص يا أستاذ امشى الحسابات أدفع بعد ما تملأ لينا الفورم ده الفيهو عنوان البيت ورقم الموبايل وخت لينا صورة من بطاقتك ووقع لينا على إيصال الامانة ! لم تأخذ الإجراءآت وقتا طويلا قام (خضر) بتسديد جملة الحساب التى (طلعت) خمسة وتسعون ألف جنيه وخرج من شركة (الذبيح السمين) وهو فى غاية الإرتياح بعد أن ضمن (خروف) العيد (المؤجر) وكمان معاهو (فطور كااارب) !
الخروف وصل :
بينما كان خضر مندمجا مع الشلة فى لعب الضمنة عصر ذالك اليوم إذ رن هاتفه الجوال : - الأستاذ خضر - أيواا معاى منو؟ - معاك (شركة الذبيح السمين) .. نحنا قريبين من البيت جايبين ليك الخروف ممكن توصفو لينا - إنتو هسه وين؟ - نحنا قدام الجامع القدامو العمارة البيضاء التحتها الجنريتر - لا خلاص كده وصلتو تب بس لفوا على يدكم الشمال ح تلاقو دكان (مكوجى) نحنا البيت البعدو طوااالى بيت جالوص بابو أصفر .. قدام للناس البتلعب فى الضمنة دى ! لم تمض دقائق قليلة حتى شاهد خضر البوكس داخلا نحو الشارع فقام بنرك اللعب فى حركة لا شعورية وإتجه صوب البوكس وهو يؤشر لهم نحو المنزل ، ما أن توقف البوكس حتى هرع الأطفال نحوه يتجمهرون وفتحت الأبواب تستطلع الأمر بينما كان الخروف مربعا عل (الضهرية) يصدر أصواتا متتابعه ،. - (خضر) : أيوه بس أربطوهو فى (الحنفيه) ديك ! - (حمادة) : يابوى ننزل القش بتاعو من البوكسى - (صفية) : أريتو خروف السرور يا يمة ينتحى (خضر) بالشخص الذى قام بإخضار الخروف جانبا ويهمس له قائلاً : - أها باقى الحاجات متين؟ - شوف يا أستاذ صباح العيد الساعه تلاته .. ح نمر عليك بالعربية نجيب ليك (كيس الدم) عشان ترشو والجلد والراس والأضالفين ومعاهم حاجات الفطور الطلبتها ! ونشيل منك الخروف ! - لا خلاص كويس بس ما تخلو الصباح يصبح !
بعد ذهاب (البوكس) وعودة خضر للشلة - أيوااا وعامل لينا فيها ما أدوكم حوافز ... وما عارف تجيب خروف العيد من وين؟ - والله يا جماعه أمبارح بس المدير قرر يجيب لى كل موظف خروف ويخصموهو من المرتب ! - بالله أدوكم ليهو بى كم؟ - والله شوفو (الفئة) العادية دى .. أقصد الخرفان العادية بتاعت الموظفين دى (الساعه) اقصد الخروف بى ... 250 الف ! - يعنى هسه (تانى يوم) نجى نفطر عندك ونضرب الشيات ! - (فى ذهول) : تانى يوم شنو يا جماعه أنا ح أضبح أول يوم ! - لا لا مافى طريقه (كامل) ده حلف بالطلاق إنو يضبح أول يوم ونجى نفطر عندو - لاااكن ... - لا لكن ولا حاجه ما عندك مع الطلاق ده طريقه إنت أضبح تانى يوم !!
تمديد : لم يكن هنلك أى طريقه لخضر سوى أن يعود إلى الشركة طالبا تمديد فترة الإيجار لأربعه وعشرين ساعه أخرى - يا جماعه أنا الزول الحاجز الخروف رقم 46 - مرحب بيك - الحقيقه أصلو يعنى حصلت ليا ظروووف كده - الخرووف مااات - لا لا ما مات لكن .. - لكن شنو؟ - عاوز أمدد فترة الإيجار يوم زيادة عشان عاوز أضبح تانى يوم فى العيد - عاوز شنو؟ تضبح ؟؟ - لا لا ما ليكم ... لا ما عاوز أضبحو .. الكلام ده ما ليكم لى ناس الضمنة - ناس منو؟ - لا إنتو بس خلونى أنا عاوز أمدد يوم تانى وبس - قلت ليا خروفك رقمو كم؟ - 46 - الفئة ياتا - العادية - يمسك بالكيبورد على جهاز الكمبيوتر ويقوم بإدخال البيانات ثم : - معليش يا حاج الخروف ده ما ح نقدر نمدد ليهو عشان (محجوز) وفى زول أجرو ح نوديهو ليهو بعد ما نشيلو منك ! (طيب أيه العمل) قالها خضر فى داخلة وهو يزفر زفرة حارة لم يستطع التحكم فى خروجها وبدت عليه علامات الأسى والحيرة ، الشئ الذى جعل الموظف يقوم بترك الكيبورد ويسأله عن الأمر ، تردد خضر قليلا ثم قام بسرد القصة للموظف الذى بادره: - طيب يا حاج القضيه كان كده ما محلولة؟ - محلولة كيف يعنى؟ - نأجر ليك الراس والجلد والأضالفين يوم زياده بس !
بعد أن نام الجميع وعم الحى الهدؤ ظل خضر يوم الوقفة بالليل مساهراً مترقباً (بوكس) شركة الذبيج السمين الذى سوف ياتى فى ( الساعه الثالثة )من أجل تسليمهم (الخروف) وتسليمه بقية الأشياء المتفق عليها لإجراء (التمثيلية) ، أقتربت الساعه من الثانية صباحا لم يستطع خضر مقاومة النعاس من فرط الإجهاد حتى أنه لم يستمع إلى صوت بوكس (شركة الذبيح السمبن) وهو يقف أمام المنزل وطرقات (المندوب) الخفيفه التى صدرت من الباب ،كما أنه لم ينتبه إلى صوت (صفية) وهى تنده على جارهم (عبدو الضباح) ، لقد كانت نومة (تقيلة) لم يستيقظ منها (خضر) إلا على صوت صفية وهى تقول له : - قوم يا حاج الفطور جاهز والله خروفك ده فيهو جنس (مرارة) !!
|
|
|
|
|
|
|
|
|