|
ســــيناريوهات :أدونى عيشة !!
|
صحيفة الرأى العام عدد الجمعة الموافق 26 ديسمبر 2008م _____________________________________________________________________________________________
البداية :
كانت كل الأشياء تسير بصورة طبيعية فى تلك القرية الصغيرة الوادعة التى لا تبعد كثيرا عن المدينة ، (صابر) الذى يعمل موظفاً بسيطاً بإحدى المصالح الحكومية يعيش حالة من الفرحة بعد أن إستقبل مولوده الأول والذى أسماه (مسعود) على الرغم من (الديون) الهائلة التى تراكمت على ظهرة من جراء (الكشف الدورى) على المدام أثناء فترة الحمل ومصروفات عملية الولادة ثم (خروف الكرامة) وتوابعه ، إلا أن شئياً واحداً غير طبيعى قد حدث بعد أن حضرت إليها جارتها (سعاد) حتى (تتحمدل) لها السلامة : - إنتى يا (عيشة) مالا أوضتك دى ريحتا بنزين بنزين ! - بنزين شنو يا (سعاد) شنو كمان البجيب لينا البنزين هنا ؟ - وحات الله (نخرينى) ديل أصلهن ما بكضبو .. كدى شوفى تحت (السرير) ده أكان ما تلقى (صابر) خاتى ليهو جالون ! - صابر لا عندو (موتر) لا (بوكسى)يعمل بالبنزين شنو؟
ياهو بترول :
ما أن خرجت (سعاد) حتى بدات (عيشة) فى جر (نفس طويل) للتأكد مما قالته (سعاد) وقد فوجئت بان تلك الرائحة (البتروليه) تزداد كلما إقتربت من سرير (وليدها) الجديد حتى إذا ما وصلت إليه قامت برفعه وشم القطعة التى وضعت من تحته لتفاجأ بأنها مبتلة بسائل زيتى قد رسم (دوائر) كما الخرائط عليها !
ما أن حضر (صابر) من العمل حتى أخبرته (عيشة) بما حدث حيث قام بمعاينة (القطعة المبتلة) و(شمها) لأكثر من مرة : - الولد ده (بولو) ما طبيعى ريحتو بنزين بنزين ! - من خشمك لى الله ! - يا وليه إنتى جنيتى .. أقول ليكى ما طبيعى تقولى ليا من خشمك لى الله - الله بيدى من الأيد للأيد؟ ما إحتمال ربنا عاوز (يفك) لينا زنقتنا دى ! - يفكها ليكى بى (بول) أقصد (بيربترول) !؟ كدى خلينا نمشى نفحص للولد ده فى أى معمل نشوف الحاصل شنو؟
فى المعمل : - إنت متأكد يا استاذ إنو العينة الأديتنا ليها دى (بول) الولد ده ؟ - كيفن يعنى ما متأكد أسأل المساعد بتاعك ده الأخدها ! - يا أستاذ التحليل بتاع العينة دى بيقول إنو ده ما (بول) ده (بتروووول) ! ولو مغالطنى هسه (أولع) ليك فيهو عشان تشوف بى عينك ! - والله كلامك يا دكتور صاح لأنو مما يجى يتبول قاعد (يصرخ) ! - أكيد لأنو دى مواد حارقه - وبعدين يا دكتور ؟ - لا بعدين لا حاجه دى حالة غريبة جداً وما حصلت قبال كده ! - ونعمل شنو؟ - تمشوا طوالى تشيلو الولد ده وتعملو ليهو فحوصات وأشعه ضوئية عند (أخصائى) عشان بشوف الحالة دى من شنو؟ والكلى بتاعتو سليمة ولا إتأثرت بالموضوع ده !
كانت مشكلة (صابر) بعد أن خرج من معمل الفحص هى كيفية توفير مبلغ من المال من أجل عمل المزيد من الفحوصات الطبية على إبنه مسعود للتأكد من سلامة بقية أعضائه : - وبعدين يا عيشه هسه نجيب لينا ميتين تلتمية ألف عشان نمشى نفحص ونعمل الصور القالوها للود ده من وين؟ - والله مافى حل غير تشوف ليك (زول) تستلف ليك منو قريشات
لم يكن لدى (صابر) حل غير ان يتصل بشقيقه (عوض) والذى يعمل محرراً باحدى الصحف والذى اخبر صابر بانه سوف يقوم بزيارته فور إنتهائه من العمل ويقوم بمرافقته للمستشفى .
بالصورة والقلم :
ما أن عاد صابر من (الفحص) حتى دق باب الشارع ليفاجأ ولدهشتة بشقيقه عوض ومعه (مصور) الصحيفة التى يعمل بها وهو يحمل كاميراته حيث وجدها فرصة للقيام بسبق صحفى يتناول فيه هذه الحالة الفريده من نوعها جحيث قام بعمل ريبورتاج صحفى مكتمل عن الحالة مدعمة بصورة من تقرير معمل التحاليل الذى أشرف على فحص العينة ! لتخرج الصحيفة فى اليوم التالى وعلى المانشيت الرئيس لها العناوين التالية : طفل يتبول (نفطاً) ..الطب يؤكد غرابة الحالة ... حيث جاء فى تفاصيل الخبر : فى حالة تعد من أغرب الحالات على الإطلاق شهدت قرية (الرهيفة التنقدا) إخراج الطفل مسعود صابر مسعود لكميات من (النفط) عند التبول وقد تمت متابعه حالته للتأكد من ذلك حيث تم إجراء التحاليل اللازمة والتى أثبتت أن ما يتبوله الطقل مسعود هو (نفط) خالص ! مما حير الأطباء والإختصاصيون . وقد رافق الخبر صورة لوالد الطفل (مسعود) وهو يحمل (جالون نفط) من إنتاج فلذة كبده الوحيد !
إنتشار الخبر :
تدافعت وكالات الأنباء وكاميرات الفضائيات على قرية (الرهيفة التنقدا) متجهين صوب منزل (مسعود) لتوثيق الحالة وبثها للمشاهدين فى أنحاء العالم المتفرقه وأصبح منزل مسعود قبلة للزوار من مختلف الأرجاء .. ذاع الخبر بسرعة فى قرية (الرهيفة التنقدا) والقرى المجاورة لها مع إنطلاق شائعة تقول أن فى ذلك السائل البترولى الذى يتبوله الطفل مسعود قدرة على شفاء جميع الأمراض بعد أن أكد حاج (عمران) الذى يسكن قريباً من منزل (صابر) والذى أصيب بالعمى نتيجة الرمد الذى أصيب به فى طفولته بأنه قد أصبح يرى بوضوح بعد أن (قطر) منه قليلا على عينية كما أكدت فى الوكت نفسه (حاجة الرضية) ان نوبات (الأزمة المزمنة) قد تركتها بمجرد أن قامت (بشم) تلك الماده الزيتية ، احتشدت النسوه امام منزل (صابر) يحملن (مواعين) و(كرستالات) من مختلفة الاحجام للحصول على ذلك السائل الزيتى أملا فى معالجنهم من العقم والرطوبه وهشاشة العظام كما تواجد بعض الرجال أملاً فى أن يقضى لهم ذلك السائل على علات أخر ، غير أن كمية الإنتاج قد كانت ضئيلة لا تكفى كل تلك الكمية من المنتظرين مما جعل إنتظارهم يطول .
وإنهالت العروض :
لم يمر يومان من نشر الصحيفة لخبر حتى توقفت فى عصر ذلك اليوم عربة فارهة سوداء يتبعها عددا من العربات ترجل منها أشخاص ذوى سحنات غريبة يرتدون (البدل الكاملة) وربطات العنق والأحذية اللامعة :
- فى الحقيقة نحنا شركة تنقيب (ما وراء البحار) وعاوزين نستثمر (حقول) مثانة (مسعود) لمدة خمسين سنة - (فى دهاء) : معليش لكن بس هسه طلعو من هنا شركة تنقيب (ما وراء الأنهار) وإتفقنا معاهم وكده ! - ناس (ما وراء الأنهار) ديل نحنا بنعرفهم كويس (الأوفرز) بتاعتهم تعبانه – يصمت ثم – هم أدوكم كم وشروط العقد شنو؟ - (كمن يفكر) : والله هم قالو خمسة مليون دولار - فى السنة؟ - (يفاجأ) : أيوااا أيوااا فى السنة ! بس نحنا قلنا ليهم شوية ! - طيب أنحنا بنديكم ستة ! - خلاص أدونا فرصة نفكر !
إجتماع عائلى : ما أن نما إلى علمها تلك العروض المليونية التى إنهالت على صابر حتى عقدت عائلة ( صابر) بقيادة الحاج (أبوصابر) إجتماعا مطولاً لمناقشة تقسيم عائدات (البترول) بحسبان أنه لولا (أبوصابر) لما كان (صابر) وبالتالى لما كان (مسعود)
- شوف يا صابر يابنى حكايت (التعاقدات) الغمتى غمتى دى ما بتنفع معانا لازم تكون فى شفافية فى الموضوع ونحنا أسياد الشئ نعرف الحاصل شنو؟ - والله يا حاج أنا بتعامل بمنتهى الشفافية وآخر شركة دى قالت إنو يكون عندها أحقية (حقول) المثانة دى لمده خمسين سنة ويدونا مقابل كده (ستة ألف دولار) ! - لكن نحنا سمعنا حاجه غير كده - يابوى الناس كلها بقت (مغرضة) وطابور خامس - أها واخوانك وأخواتك ديل ح تديهم كم فى المية ؟ - خمسة فى المية كويسه يا حاج؟ - خمسة فى المية بس؟ دى تعمل ليهم شنو؟ - هم يا حاج أصلو ولدوهو معانا ؟ ما نحنا الطلعناهو !
عيشة ما رضيانه : ما أن إنفض إجتماع الأسرة لتقسيم عائدات البترول حتى وجدتها عيشة فرصة (للنقة) معترضة على نسبة الخمسة فى المية : - هم قايلين (إتوحمو بيهو) وإلا (حملو بيهو) تسعه شهور؟ قال شنو؟ خمسة فى المية دى تعمل ليهم شنو؟ والله (دولار) واحد كتير عليهم ! - كمان يا عيشة خليكى شوية (حنينة) الناس ديل تعبانين وما صدقو إنو تطلع ليهم (ثروة) زى دى ! - والثروة دى طلعت برااااها كده ! - أفرضى ما طلعت برااها كده وإنتى تعبتى فيها كمان ده ما معناتو غنو (نلغفا) برااانا ! - والله والله يا صابر كان كان قلت ليهم (العرض) الصحيح القدمتو لينا الشركة كان أنا مت من الزعل - هو أنا عوير أقول ليهم العقد الصحيح بى كم ؟ - لكن أها لو بعدين قالو ليكا ورينا ليهو ! - دى عاوزة ليها درس عصر ؟ (عقودات البترول) دى كوووولها فيها (عقد) يشوفو الناس ( وعقد) بالحبر السرى !
إتفضل معانا : - إنت صابر أيوب - أيوة - مش برضو إنت أبو الولد بتاع البترول ده !؟ - أيواا - طيب إتفضل لو سمحت معانا - إتفضل وين؟ - ح تعرف بعدين – فى لهجة آمرة- جيب كمان معاك الولد و(أمو) ! - لكن .. - مفيش حاجه إسمها لكن ... نفذ الكلام البنقولو ليك ده لم تمض دقائق قليلة حتى كان صابر ووليده مسعود وزوجته عيشة داخل السيارة الفارهه التى تنهب بهم الأرض نهباً صوب المدينة لتصل بهم إلى أحد المبانى حيث تم أخذ صابر إلى أحد المكاتب بينما تم إحتجاز (عيشة وإبنها) فى الهول المفضى إلى المكتب :
- كمان بتتخابر مع جهات أجنبية؟ - (فى إندهاش) : ياتو جهات سعادتك ! - عاوز كمان تبيع لينا بترول البلد دى بدون ما تكلمنا ! وكمان عاوز تعمل فيها عصاية قائمة وعصاية مدفونة ! وتعمل عقد (سرى) وعقد ما بعرفو شنو داك ؟ - لكن يا سعادتك ... - لكن شنو؟ كمان قاعد توزع فى (النسب) سااااكت بى مزاجك؟ - والله بس أنا دقست ساكت لكن نسبتكم محفوظة ؟ - نسبتنا ؟ نحنا كمان بتاعين نسب؟ - كيفن يعنى سعادتك؟ - شوف نحنا لا بندى زول (نسبة) لا بنشيل من زول (نسبة) ! - ما بتدو زول نسبة دى أنا عرفتها سعادتك لكن ما بتشيلو من زول نسبة دى كيف ! - ح تعرفا هسه !
يلتفت إلى شخص يجلس بجانبه يمسك بقلم وورقه ثم يخاطبه فى لهجة آمرة :
- أكتب عندك : - تمت مصادرة حقل (مثانة) الطفل (مسعود صابر أيوب) لصالح الدولة - (فى خنوع) : خلاص طيب وكت شلتو (البترول) أدونى (عيشة) !!!
|
|
|
|
|
|