|
مرض وراثى جميل ينتهى بالسكتة الزوجية..الحب أعمى يقوده مجنون
|
ماهو الحب؟ لا احد يستطيع ان يزعم انه حدد معنى او تعريفا لهذا المرض الوراثى الجميل,يقول امير الشعراء ماالحب الا طاعة وتجاوز وان اكثروا اوصافه والمعانيا وماهو الا العين بالعين تلتقى وان نوعو اسبابه والدواعيا ثم ينتهى احمد شوقى الى قوله: وعندى الهوى موصوفه لاصفاته اذا سالونى ما الهوى قلت مابيا والحب جميل لانه ابن الجمال,ففى الاساطير اليونانية ان كيوبيد هو الابن الوحيد لفينوس من جوبيتر, ولان الحب جميل فهو يجمل كل ما يتصل به يجمل وجه المحبوب مهما صدقت فيه نظرية داروين.ويجمل عيوب من نحب , ويزوق سخافاته, وتختلط فيه الاكاذيب بالاحلام, فلا يعرف الانسان اين اكاذيبه من احلامه. والحب هو القدرة على الضعف مهما كنت قويا وجبارا , وان تستعذب الاستسلام وان تشعر ببهجة شديدة لذلك,بينما كل من حولك يضرب كفا بكف قائلا:لاحول ولا قوة الا بالله. والحب هو الرغبة فى اسعاد انسان اخر بالعطاء بلا مقابل , ولهذا وجد الحب من طرف واحد,ولهذا ايضا لايعرف الانسان لماذا يحب انسانا بالذات, فهو ان وجد لحبه سببا او اخر, فهو ليس حبا, بل مصلحة, وفى ذلك قيل-مثلا-ان المراة ومالها سرعان مايجدان زوجا. والحب مرض وراثى,فيه اوجه شبه كثيرة,من الامراض التى تصيب الانسان, ففيه من امراض القلب سرعة النبض والخفقان, وفيه من امراض العقل عجز المريض عن التكيف والتقدير السليم للواقع الخارجى, وفيه من الملانكوليا او الاكتئاب او الارق وفقدان الشهية, وفيه من السعال ان العاشق لايستطيع كتمانه, وفيه من مرض فقدان الذاكرة ان الانسان يصحو ذات صباح فلا يذكر ولا يدرى كيف ومتى ولماذا تزوج؟ والحب حركة وحياء, لان كل طرف يجرى وراء الاخر, فاذا تم الزواج جرى كل منهما امام الاخر من باب الفرار.ونحن نقول فلان وقع فى الحب, والوقوع فى الحب تعبير مترجم ومنقول عن الاوربيين, فليس عند العرب مثل هذا التعبير, انما كاتوا يعبرون عن حدوث الحب بالقتل, فان احبها فهى قتلته, والشاعر يقول قتللناثم لم يحيينا قتلانا,وهند تقول لعمر بن ربيعة: ما لمقتول قتلناه قود_اى ثار_ وفاتنة ابوفراس الحمدانى تساله:من انت؟فيرد قتيلك. ورغم شيوع تعبير وقوع الرجل فى الحب,فلا يزال قتل المراة للرجل قائما ايضا,ولا داعى للحديث عن الاكياس, والحب ضرورة للزواج, فهو الطريق الى النهاية وخاتمة المغامرة المجنونة. واجمل مافى الحب جنونه,وفى الاساطير الاغريقية ان اله الجنون اشفق على كيوبيد اله الحب عندما راه معصوب العينين فتقدم نحوه يقوده من يده وهكذا اصبح الحب اعمى يقوده مجنون. والحب هو الاكذوبة الوحيدة الرائعة التى تصدقها رغم تكرار انكشافها, وهو اكذوبة تستغرق عادة مداها الزمنى دون ان يستطيع احد انتزاعك منها بمحاضرة او نصيحة, فالانسان لايستطيع ان يتخلص من نار الحب الا بالطريق الطبيعى وهو الزواج من المحبوب.فالنصائح لاتجدى مع العشاق, وقديما قالت العرب:ليس فى الحب مشورة, فالعاشق يسالك الراى متمنيا فى سريرته ان تجارى رايه الذى سوف ينقذه فى النهاية ورايه هو عواطفه, فلا مكان للعقل عند العشاق.فلو انه مثلا لمحها مصادفة بجوار رجل اخر فى سيارة مرقت امامه ثم انكرت هى التهمة, فان الموقف سوف ينتهى بان يصدقها ويكذب نظارته التى ينبغى تغييرها او ان يقول: سبحان الله يخلق من الشبه اربعين_انت اجمل واحدة فى الاربعين. ونابليون لم يحب امراة مثلما احب جوزيفين التى كانت تخونه كما تتنفس,وكان يصدق اكاذيبها لانه يريد ان يصدقها, فكل طرف يصدق الاخر بقدر ما يحبه,واذا كان رصيد الحب عنده ضخما تلقى الكذبة_مهما كانت مفضوحة_ بالرضا والقبول,لكنه يرفض الكذبة المتقنة اذا كان رصيد الحب لايسمح.ولكى تدلى بمشورتك لعاشق فهذا يتطلب معرفة كل الحقائق, لكن العاشق عادة يطمس كل الحقيقة او بعضها فيزعم مثلا ان الخلاف نشب بينه وبينها لانه يريد قضاء شهر العسل فى البحر الاحمر وهى تريد الساحل الشمالى, بينما الحقيقة انه تقدم لخطبتها فطرده ابوها لانه صايع. والعاشق_كما العاشقة_يريد كبش فداء لتغطية ضعفه وستر كبريائه, والنموذج المثالى لذلك...هى تلك الحكاية القديمة عن الرجل الذى ضبط حبيبته جالسه على كنبه الى جوار رجل يقبلها فثار وهاج وماج واقسم ان يبيع الكنبه. ولان الحب من الطف انواع الجنون, فليس هناك اسوأ من الانسان الذى يعرف الصواب تماما ويتجنبه, وكل العشاق يتجنبون الصواب لانه عين العقل والعقل يذهب بالحب بعكس الزواج الذى يذهب بالعقل. والحب هو الحب من العصر الحجرى الى عصر الليزر: اللوعة والدمعة..والحنين..والشوق.... والفرحة..والخوف..وسهر الليل وتنهدات المساء.لكن الذى يختلف من زمان الى زمان هو اساليب الحب.. وتقاليد الحب ووسائل اتصال المحبوب بالمحبوب.فلو ان عاشق العصر الحجرى مثلا عرف الورق لجنب حبيبته خطر القاء الاحجار نحوها منقوشا عليها رسائله الغرامية,ولو انه كان يعرف الماس لما اضطرت المحبوبه الحجرية الى ان تشبك ثوبها جلد الغزال بهديته:بروش جرانيت.ولو عاش روميو وجولييت عصرنا, لاضطر شكسبير الى احداث تغييرات جوهرية فى مسرحيته. ان السلم الحريرى الذى كان يصعد به روميو الى شرفة جولييت يعد من اهم المعالم الرومانسية الجذابة والمثيرة فى قصة شهداء الغرام. فماذا يفعل روميو لو كانت جولييت تسكن الدور العشرين فى عصر ناطحات السحاب؟طبعا السلم الحريرى هنا مستحيل, والحل البديل هو ان يستعير روميو كل ليلة سيارة اطفاء, ليستعمل سلمها فى الصعود الى الشرفة, وهذا ايضا غير ممكن ويبقى الحل البديل الثانى هو ان يحل التلفون محل السلم الحريرى وسيلة لاتصال العاشقين وتبادل الهمس والنجوى وآهات الغرام.وليس من شك ان التلفون كان سيوحى الى شكسبير باحداث تراجيدية جديدة,كأن يتلقى السيد كابوليت_والد جولييت_من هيئة التلفونات مطالبة بدفع مبالغ طائلة قيمةمكالمات زائدة عن الحد المسموح به.هكذا نرى كيف ان التطور الحضارى والتكنلوجى,اختراع ناطحات السحاب والتلفون مثلا. يمكن ان يلعب دور مؤثراعلى اسلوب العلاقة بين روميو وجولييت.ونحن الان فى عصر الكمبيوتر الذى حل محله العرافة والبصارة وقارئ الكف. وقد كان العشاق_فيما مضى_يهرولون الى السحرة والمشعوذين ليسخروا الجن فى اخضاع المحبوب, وكان العاشق فى الزمن الغابر تحفى قدماه بحثا عن خروف اشقر طلبه ملك الجن, او دجاجة سوداء لها فى راسها(ميش)اصفر اوحمامه بيضاء يتيمةالابوين, او خنزير اخرس. وكان السحرة يطلبون هذه المستحيلات حتى يظل العاشق هدفا للابتزاز الدائم..فهو عليه ان يقدم قرابين اخرى.الى ملك الجن توسلا واستعطافا حتى يعدل مطلبه من المستحيل الى الممكن وفعلا يتعدل الطلب بعد فترة من حمامه يتيمة الابوين الى ديك ارمل, ويستمر العاشق فى الدفع بسخاء تقربا الى ملك الجن الذى سوف ياتى بالمحبوب اسيرا راكعا على الركبتين.الان الكمبيوتر يؤدى المهمة بشكل اخر وعلى اسس من العلم اذ يشبع نزعة التطلع الى الغيب عند العاشق,فيقدم اليه تنبؤات مدروسة عن الطرف الاخر,او رد فعله ازاء تصرف معين,كما يقدم الاستشارة والنصيحة, واهم من هذا كله اصبح الكمبيوتر يقوم بمهمة الخاطبة.وقد اثبت الكمبيوتر فى البلاد التى لاتركب الافيال انه قادر بالتغذية العلمية السليمة على حل اعقد المشكلات..سواء اكانت شخصية او عاطفية ام متعلقة باختيار شريك الحياة.وفى بلاد تركب الافيال قد يتحول الكمبيوتر الى نسخة من ام عبده الخاطبة التى كانت تخفى نصف الحقيقة عن العروسين, فيتم تغذية الكمبيوتر بكل ما يغرى طرفا الزواج من الطرف الاخر, ومبروك فتقبض الاتعاب, مثال ذلك ان تسال العروس الكمبيوتر عن العريس المرشح للزواج منها؟ فيعطى لها الردود التالية ويخفى الحقائق الموجودة بين قوسين: هل هو عدوانى يمكن ان يرفع يديه اذا فقدت يوما اعصابى_بالعكس انه شديد الوداعة واذا فقدت اعصابك فانه لن يرفع يديه(الا لحماية وجهه) -هل هو مطيع؟وهل تتوقع ان يطيعنى؟ -جدافقد كان متزوجا من قبل(خبرة 10 سنوات) تعنى انه ليس من النوع العنيد المتعب حاد الذكاء؟ -لا.هو غير حاد الذكاء(بدليل انه مقدم على الزواج) تقصد انه بليد الفهم؟ اطلاقا.(فهولم يطلب الاطلاع على صورتك بل على مفردات ثروتك) هل له ماض؟ هو مثل كل رجل يقيل على الزواج له ماض طبعا(وليس له اى مستقبل) هل هو نادم على ماضيه؟ كلا.(فسوف يندم عليه بعد الزواج) هل هو متفائل ام متشائم ام مكتئب؟ كلا انه لم يكتئب بعد, وهو يستقبل كل شى بتفاؤل(ويتزوج كل مرة بابتسامة) تعنى انه لايعانى القلق والخوف من المجهول؟ الى حد ما, فالقلق مرض العصر, وشى طبيعى ان يشعر الانسان ببعض الخوف من المجهول(الاكياس البلاستيك) ومثلما يتلقى الكمبيوتر اسئلة صعبة فان له احيانا ردودا صعبة, مثل ذلك الفتى الذى عرض على الكمبيوتر تفاصيل كاملة عن اربع فتيات من زميلاته وطلب الى الكمبيوتر ان يختار منهن واحدة تكون على نقيضه تماما حتى يكمل كل منهما الاخر.فرد الكمبيوتر: تسنطيع ان تختار اى واحدة منهن, فكلهن فى منتهى الذكاء ورغم ان الكمبيوتر حقق الكثير من الزيجات الناجحة وادلى باستشارات رشيدة فان له احيانا_لسبب او لاخر_تجاوزات قد تؤدى الى متاعب, مثلا زوجة عرضت مشكلتها على الكمبيوتر قائلة:عندما افتش جيوب زوجى كل ليلة خلال نومه اعثر على صورة قصاصة من صحيقة بها خبر يقول:رجل يقتل زوجته لانها تفتش جيوبه,ترى هل ينوى زوجى قتلى حقا؟ ورد الكمبيوتر هناك احتمال ان يفعل ذلك بعد هذه الانذارات, لكنه رجل متوحش اذ ينوى قتلك بهذه الطريقة واسرعت الزوجة ترفع دعوى تطلب الطلاق مستشهدة بالكمبيوتر, وتوجه الزوج الى نفس الكمبيوتر ليستوثق من ادعاء الزوجة.. ورد الكمبيوتر على الزوج قائلا: ان اصرارك على وضع قصاصة الجريدة عن الزوج الذى ذبح زوجته فى جيبك يوضح عزمك على قتلها بهذه الطريقة المتوحشة.لماذا لاتكون انسانا وتقتلها برصاصة؟ وسوف يذهي عصر الكمبيوتر لياتى عصر الحب . الكيميائى!!فما دام جسم الانسان عبارة عن كيمياء وكهارب, فكل احلام الحب ممكنة التحقيق!!!! للكاتب احمد رجب بجريدة صوت الامة العدد157 الصادر فى 1-12-2003
(عدل بواسطة مطر قادم on 09-02-2005, 12:39 PM)
|
|
|
|
|
|