دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: موقع الشاعر مريد البرغوثي (Re: مطر قادم)
|
في حوار مع الشاعر نقلا عن جهة الشعر مريد البرغوثي: الشعر يسقط اذا وقع في التبسيط خلود الفلاح (ليبيا/بيرن)
يؤرقه البحث عن الشعر المتخفي في زحام حياته الشاهدة على اسماء مدن و شوارع و بيوت شكلت محطات غياب و سفر على عجل. قرأته في منتصف الليل وشدني تميزه في عرض المشاعر المختلفة للانسان الفلسطيني كأنسان. مريد البرغوثي الشاعر الذي وصلني نصه قبل ان ألتقي به ومنحني مهرجان المتنبي الشعري العالمي الفرصة لا لتقيه و اسمعه عن قرب و اتحاور معه.
لا مُشْكِلَةَ لَدَي
أتَلَمَّسُ أحوالي…لا مشكلة لديّ شكلي مقبولٌ. ولبعض الفتيات أبدو بالشعر الأبيض جذاباً نظّاراتي متقنةٌ وحرارةُ جسمي سبعٌ وثلاثونَ تماماً وقميصي مكويٌ وحذائي لا يؤلمني لا مشكلة لدي.
* ذات مرة قلت الشعر ليس ضرورياً اذ يستطيع الانسان ان يعيش دون ان يدخل غاليري، دون ان يقرأ كتاب أو قصيدة. و أنا أسألك لماذا الشعر؟
اقصدان الشعر ليس ضرورة من ضرورات البقاء على قيد الحياة ولكن لا اقول ان الشعر ليس مهما ، بعض الذين يتوهمون ان الشعر مثل رغيف الخبز وكوب الماء يتيحوا لانفسهم انهم يكتبوا أي شيء حجه انه يلبي الحاجة في الواقع الشعر له شروط حماليه مثل أي فن كالموسيقي والنحت والسينما والمسرح والتطاول عليه بحجه نحن نقوم بعمل ضروري للبشرية وان الوطن بحاجة الينا كشعراء مثل هذه التبسيطات اتاحت قول أي شيء تحت عنوان الشعر واتاحة كتابة نصوص رديئة جدا وشكلت ازدحام شعراء في كل مرحلة من المراحل. فأنا اقول ان الشعر مهم جدا و الدليل أكتبه . وبالمناسبة انا متفرغ للكتابة والقراءة منذ سنوات طويلة جدا وقد اخترت ان اخسر خسائر كثيرة واعيا انها خسارات لمجرد احترامي لمهنة الشعر ودفعت اثمان متفاوتة من تشتت عائلي و ابعاد وترحيل ومنفي بسبب الشعر . انا رجل مستقل لا انتمي الي احزاب سياسية واعتقد أن استقلالية فكري ومنهجي الانتقادي فيما اكتب واقول وفيما افعل هو جزء من شعريتي ، فانا اري للشعر دورا خارج أي انه فعل انتقادي بالاساس ، الشعر الذي يقرر ويمتدح ويزخرف الراهن شعر لا يحتاج اليه احد . الشعر عمل انساني فني هام جدا ولكن الشعر لا يحقق نتائج فورية مثلا الجائع ياكل فيشبع ، العطشان يشرب فيرتوي . لكنه الشعر هو مجموعة قيمم جمالية تعمل على جهة الوعي والمعرفة والجمال ويؤدي اثره في التاريخ والزمن ببطء شديد وعبر تراكم الازمنه وتراكم الاجيال . له علاقة بالذائقة العامة والذائقة الشخصية لكل فرد وبالتالي ليس له اثر مباشر اقول لااحد يموت اذا لم يقرا الشعر ولا احد يعيش بمجرد كتابة الشعر انما مع اعترافا بان الشعر ممارسه فنية شرطها الاساسي الجمال والذائقة واستقبال العالم وارساله بطريقة تخص صاحبها ليس فيها تقليد وانشاء .هذه الامور تدخل في جماليات الكتابة وهي التي تصون الشعر ولا تجعلنا نحتاج اليه ثم الي الشعر ليس موجودا في القصائد وحدها هو موجود في السينما والمسرح وفي وجوه البشر وحركاتهم وعاداتهم وفي السجون وفي المقاومة وفي ردود الفعل الانسانيةو في الطبيعة و الطفولة وعلى الشاعر ان يصغي للاصوات الداخلية وللصور التي تتشكل في وجدانه وان ينتبه لصور الحياه. في كل هذه الاشياء هناك شعر.
على المسمار ذاته / على الحائط ذاته / علق الرزنامة الجديدة/ هذا ما تستطيع ان تفعله.
* كتابك منتصف الليل نص و احد يجمع بين النثر و السرد القصصي. اليس كذلك. برايك كيف يمكن للشاعر ان يعيد بث الحياة في أشياء مألوفة ، مكررة أو لنقل خلق دهشة ما؟
إحدي تعريفات الشعر عندي أن تخلق المدهش من المألوف وإن تجد تناقصات في الحياة بمعني قد تكون الأمور العادية لها أهمية بينما الأمور التي تسمي كبري ليس لها هذه السطوة التي نظنها. عين الشاعر تصور الأشياء ليس كما ينبغي لأنها تحذف وتضيف للمشهد ما يجعل منه أخر صيغة جمالية تلفت الحواس وتجعها تنتبه مستعيدة القدرة علي الادهاش. هذا كله جهد في الكتابة لا يمكن أن يتم الإبخبرات عالية في التعامل مع الشعر بصفته عمل حقيقي وبالتالي لا يمكن الكتابة عن أي شيء في العالم عن أي وجه عن أي مصير عن أي عاطفة عن أي قرية عن أي حركة جماعية أو فردية عن أي حاسة من الحواس المهم الا نكتب المألوف الشعر ليس أن نقول الدنيا كما قيلت سابقا أن نقولها كما لم تقل أبد وهكذا يحاول الشعراء إعطاء شكل لمشاهد الحياة التي لا شكل لها.
* ليلة لا تشبه الليل_ أين تذهب في مثل ليل كهذا _ صلاة الى زيوس. هذه الثلاثية الشعرية اهي كتابة الموت ام هي محاولة ارجاءه لزمن اخر أم هي كتابة الحياة بشكل جديد؟
كل ما نكتبه في هذه الحياة مداده الحياة حتى الكتابة عن الموت ما هو الا زاوية للحديث عن حياتنا التي تتعدد فيها اشكال موتنا فالظروف الكارثية الضاغطة وظروف الطوارئ الممتدة التي نعيشها كأن يكون عندك صراع منذ قرن على فلسطين لم يحسم ودماء تسفك ومأسي الهزائم العسكرية التي المت الديكتاتوريات التي تحكمنا والطغيان الذي نعيشه هذه الضغوطات قد تؤدي الي كتابه ما هو موجع ، كتابه الغياب ، كتابة الفقد ، كتابة الموت ، نحن في الواقع نتحدث عن هذه الحياة ايضا. هذا التصنيف قصيدة موت وقصيدة حياة ليس له وجود. هذه القصائد موجودة في ديواني ما قبل الاخير ( زهر الرمان ) هذه القصائد متجاورة في الديوان مادتها اشكال عديدة ، متفاوتة للموت ولكن طرق كتابتها مختلفة . ليلة لا تشبه الليل قصيدة تصور بالكاميرا طفل يخرج من قبره يجتاز شوارع القرية ويطرق باب اهله وكله رغبه في الرجوع اليهم والي فراشة بدل التراب يمد يديه لمصافحتهم فلايلتفتوا و يمر مثل ظلال متقاطعة. هي محاولة لكتابه قصيدة سريالية عن لقاء وقع اصفه بانه وقع تماما وهو لم يقع على الاطلاق فهي قصيدة ما بعد واقعية . اين تذهب في مثل ليل كهذا. قصيدة سردية والثانية قصيدة تحاور زيوس كبير الهه الاغريق تلومه على ما يقع في ارض الناس من موت متكرر وهي قصيدة جزء منها نثري وجزء منها موزون المتضمن حوار مع زيوس هي حوار البشر مع المسئول عن مصائرهم ،حوار متخيل وهذه النصوص لا اسميها ثلاثية وانما ثلاث محاولات لكتابة كيف نري في حياتنا ما يحيط بنا من موت
هل نستطيع القول أن القاسم المشترك بين هذه القصائد يتمحور في الموت و الغياب ؟
هي محاولة لكتابة الفقد ، محاولة لكتابة الخسارة أننا نعيش قرن كامل من الخسائر علي كل الأصعدة ولكن كيف تكتبين ذالك و في نفس الوقت تقومي بالمهمة الفردية التي هي تجنب التفجع ما تحاوله هذه القصائد هوان تكتب شكل غير مألوف ، ظاهرة الموت التي هي أكثر شيء أصبح مألوف عند أي مجموعة بشرية خاسرة ومهزومة .لا أريد أن أتحدث هنا عن بناء القصائد ولكن الشعر عموما يسقط إذا وقع في التبسيط أو الكليشيهات أو في قول الشيءكما قيل ألاف المرات سابقا ففي الشعر يحب أن تبدو الأشياء وكأنها تقال للمرة الأولي .
العلاقة مع المكان
* الامكنة، الشخوص ، الذكريات ، التفاصيل اليومية تشكل جزء من ذواتنا. كيف تصف علاقتك بهذه الاشياء و انت من عاش متنقلاً بين مدن عدة و بيوت عدة؟
نحن أبناء تفاصيل حياتنا اليومية ما حياتك اذا لم تكن هي التفاصيل التي تحدث لك منذ الاستيقاظ في الصباح الي الخلود إلي النوم هذه التفاصيل يوما بعد يوم سنة بعد سنة تشكل شخصيتك وتشكل مفاتيح علاقتك بالعالم بالمكان الذي انت فيه بالأماكن التي ترددينها، بالوحدة التي تتعاملين معها ، بالاصوات التي تضغين اليها، باساليب البشر في التعامل معك .العين البشرية تري وتلتقط وتنتبه وتحاول ان تستعيد ماترى وتعيد كتابته عبر القصيدة اوالسينما او المسرح . نحن ابناء شئوننا التي تبدو عابرة ولكنها تبقي اثرا يشكل شخصياتنا و الشاعر يلتقط هذا الهامشي والعابر والبسيط يتوقف عنده ويتعمق فيه . ليس لي علاقة حميمية بالمكان على الاطلاق فهذه العلاقة انعطبت منذ زمن في العام 1967 لم استطيع الرجوع الي مكاني الاول رام الله وعشت في حوالي 30 بيتا مرغما عليها جميعا وبالتالي الخوف في فقد مكاني عودني الا اتشبت به. اخشي التعلق بالاماكن واحيانا اخشي التعلق الشديد بالاشخاص لان دائما هناك احساس بانني سافتقدهم وهذا منبعه احساسي بانه ليس هناك مكان دائم لشخص مثلي وعندما جاءت الفرصة لرؤية رام الله بعد ثلاثين سنة كانت تجربة مختلطة فيها البهجة بالمرارة. . أقول دائماً ان الحياة تستعصي على التبسيط و ليس كل منفي في عودته حل و ليس كل من يعيش في وطنه لا يشعر بالغربة.
التعلق بالاماكن يؤدي الى الالم لاي شخص مثلي. عموما أنا عايش في الوقت و ليس المكان. عشت سنوات طويلة لست قادراً على تحديد اين أعيش و أين اذهب، طردت من مصر لمدة (17 ) عاما اضافة الى ( 20 ) عاما كنت محروما من دخول عمان. ومنذ العام 1982 لا أدخل بيروت. تنقلت في مدن عدة و عشت في بيوت لا أنتقي أثاثها ، فناجينها، ملاءات سريري. كنت فقط أربي النباتات أتعلق بها و حين أضطر للمغادرة أهديها للاصدقاء. في كل مرة أغادر بلد أخذ معي الثوابت كالقواميس و المراجع فقط.
* منتصف الليل حياة كاملة لتجربة الانسان الفلسطيني ، مشكلاته اليومية، مشاعره المختلفة، دمج العالم الخارجي بالعالم الشخصي. ماذا تقول.؟
لا أستطيع أن أقيم الكتاب ، أستطيع أن أصفه بأنه عبارة عن ديوان شعرفيه قصيدة واحدة هي منتصف الليل هذه القصيدة تصور رجل في منتصف ليلة تفصل بين عامين تحديدا في الساعة الثانية عشر في ليلة رأس السنة يجلس علي حافة السرير ونافذته مفتوحة تبدأ القصيدة بأنه يمزق الرزنامة التي علي الحائط يمزقها ويلقي بها من النافذة ويقول أريد أن انسي هذا العام الكئيب وسأتذكر الأشياء البهيجة التي تخصني ثم تبدأ هذه الأوراق الممزقة بإعادة تشكيل نفسها وتدخل من نفس النافذة علي غير ترتيب والقصيدة هي علاقته بما يري علاقته بما يقتحم عالمه في هذا المساء المحدد في منتصف الليل وطبعا كل العناصر التي تداهم هذا الشخص تأتي معها موسيقي تخصها ولغة تخصها. أقول كل التفاوت الذي يمكن أن تقدمه الحياة نجده مترجما بالمفردات وأجوائها كما يتفاعل معها بطل القصيدة .
عندما بدأت هذا الكتاب لم أكن بصدد كتابة قصيدة طويلة ولكن بدأت أصف هذا الشخض جالسا في منتصف الليل ممزق الرزنامة ولم أستطيع التوقف كلما داهمه مشهد تابعه مشهد اخر و مستسلما لمسودته و استمريت في الكتابة لمدة عامين وأنا أتابع العلاقة بين هذا الشخص والنافدة المفتوحة التي يدخل منها عالم أخر يعيد بنائه عبر القصيدة . منتصف الليل تجربة مختلفة عن تجاربي السابقة هذا الكتاب نص واحد بمعني أنا لا أتوقف عند شكل واحد وكلما أشعر أنه هناك طريقة أتقنها في الكتابة أهجرها إلي سواها الشاعر كلما حاول الإقتراب من حلول لكتابة قصيدة يجد نفسه يحاول طول العمر ويموت دون أن يجد حلول كافية لمعضلات الكتابة صدقيني كل ما أحلم به ألا أكفى عن المحاولة.
رأم الله الحزينة
سرديتك رأيت رام الله أنستطيع القول عنها اعادة اكتشاف رام الله التي غادرتها منذ ما يقرب الثلاثين عاماً؟ هذه أحد أشكال قراءة الكتاب و لكنها أيضاً كتاب الثلاثين عاما بدون رام الله. رأيت رام الله هو كتابة عمر كامل خارج المكان و كتابة المكان بعد القدرة على رؤيته مرة أخرى و لاحظي الاهمية للاسم رأيت رام الله و ليس عدت الى رام الله لان ماحدث انه وجدت رام الله ماتزال رغم كل الحديث السياسي عن اتفاقيات و سلطة و طنية و انسحابات و سيادة مازالت تحت الاحتلال بل فلسطين كلها تحت الاحتلال. أرى في في السلطة الوطنية الفلسطينية كل أشكال السيادة الفردية للوزراء و المهمين و لا سيادة للفلسطيني على الاطلاق. و هذا مشهد مرير و موجع. كما تعلمين كل الاتفاقات التي و قعتها السلطة الفلسطينية مع اسرائيل لا تلزم الا الفلسطيني ، هذا الاتفاق المفبرك في السياسة لا يلزم الاالجانب الاضعف.
عدت الى بئر عسانة بعد هذا الزمن. كيف استقبلتك؟تسألين كيف استقبلتني للاسف وجدتها كما هي بينما المفروض ان تكون أصبحت مزدهرة و كبيرة بمعنى أصبحت مدينة فيها أماكن للعمل و مسرح و دور سينما. لكن الواقع يقول مازالت قرية، مازالت كل ملامحها كما هي و هذا ما يفعله الاحتلال انه يعيق تقدم المكان.
قال المغناطيس لبِرادة الحديد أنتِ حُرَّةٌ تماماً في الاتجاه إلى حيث ترغبين!
* أدب المقاومة، أدب النكبة هذه المصطلحات هل أوجدها التقسيم النقدي أم هي مجرد تسميات فرضتها ظروف معينة مرت بها الاوطان و كيف يقف المثقف امام هذه التصنيفات ؟
يقف النقد امام التصنيف عندما يعجز فاسهل شيء ان تقومي بالتصنيف ، فمثلا تصنيف الاجيال شيء تافه جدا ، القصيدة العربية ظلت محافظة على شكلها ( 15 قرن ) أي 500 سنة ثم تغيرت في منتصف القرن العشرين الان يزعمون ان كل خمس سنوات ، ربما كل عشر سنوات وربما كل سنتين هناك حساسية جديدة في الشعر العربي وهناك شكل جديد . هذا كلام ليس صحيح سببه الكسل النقدي داخل كل شاعر هناك حساسيات تتصارع داخل كل حقبة زمنية هناك تماثل وتشابه وهناك ايضا افتراق وتناقض في التجارب التي نقرأها الشاعر نفسه لا يكتب نفس القصيدة طول عمره ولا يقدم نفس الاجواء ولا نفس الحلول الكتابية لابد ان تتغير الحلول وتتغير اسئلته كشاعر ومحاولاته للاجابة على اسئلة الكتابة. وبالتالي هذا التقسيم لا اقره علي الاطلاق واضحك من أي ناقد يقسم الشعراء الي اجيال على ذلك سيكون عندنا مائة حساسية شعرية في قرن ثم التصنيف الجغرافي مثل شعر فلسطين وشعر ليبي وشعر سوري أقول نحن نكتب باللغة العربية ونحن ابناء هذه الثقافة وعلى الشعر العربي الا يتبع النقاد في تقسيماتهم وكانه لابد ان تكون هناك ملامح لكل قطر ثم لكل مدينة ثم لكل قرية ان تصغير الشعر على الصعيد الجغرافي أي اقطار برأيي هذا التقسيم برلماني أيضاً تقسيم الشعراء على العلاقة بالموسيقي شعراء النثر ، شعراء العمودي ، شعراء التفعيلية هذا التقسيم انتهي في اروبا من ( 200 سنة ) . المهم كل قصيدة يجب ان تبرر شكلها ، ومنطقها الداخلي الخلاصة هذه التقسيمات هي تنمية للكسل النقدي المحض ولا اعيرها أي اهتمام على الاطلاق .
| |
|
|
|
|
|
|
|