دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
قصة قصيرة....لمعاوية البلال
|
تكتسحنا نشوة عارمة فنطفو على فرح ليس له حدود , وأنا بين أحضانك يا كمال ... أتمرغ على صدرك النحيل وأغازل لحيتك الكثيفة , وأنت ما زلت ممسكا بيدى تداعب نداوتها , وترنو الى وجهى بعينك العميقتين ...تكشف سر البهاء والرجولة الكامنة فى دواخلك الشفيفة ..., بدأت تحدثنى عن سر المسافات وضرورة طيها والغابات وجدوى دخولها , ننجز رصاص أشجارها ونترك الأزهار تغسل الغبار عن نداها , نهزم الهزيمة والجوع والمدن الخائبة . أنت تبالغ يا كمال ... كفى بى مجدا وانشراح ... فانى لا أحتمل كل هذا البهاء ... فأنا أنثى مسربلة بالبساطة وقليل من كبرياء ليس فى مقدورى مقاومة مساء كهذا ارتديناه سرا واختبأنا فى حديقة لنجمة جنوبية بعيدة تشع فينا ما تشع بعض من ضوئها وكثير من أشجار قلت يا كمال سوف تنمو وتتسع لتشملنا وتدخل بنا ظلالها ومتاريسها تشعل المدى حريقا ونزحف به ... نزحف به على دمنا ... يا الله ... يا الله عندما قلت دمنا ... تماسك ضعفى واذدت التصاقا بك ... وغازل شعر صدرك الخشن نهدايا ... فأولجت السبايب فى مسامى واتسعت مساحة الأعشاب فينا وتمطينا ...تمطينا ... سقيتنى حفنة ماء تقطرت فى أحشائى قطرة فقطرة , وتركنا الصمت والريح واشتعلنا بالفرح وعانقت ارتعاشك.. "هذه أرض الشعر والممكن وابنتى اسمها آمال .,.. سنهدم وسنبنى وسنخضع الشمس ذاتها لارادتنا ... وسنهزم الفقر باى وسيله " انها الوسيلة القصوى التى اختارتك وباركتها ... جاءت بقدر حجم الأزمة يا كمال ... مباركة يداك والمدى الذى احتواك وأنت بعيد عنى ... تمارس عشق الأشجار الأخير. *********************** أطالع الوجوه الحزينة فى الزحام ... ألمحك فى وفى الدروب الأزقة الكاكية وفى ظهيرة الموصلات ... فى الأمطار التى فقدت حيادها فى الأطفال و المدن الهامشية المحاصرة بالجوع والملاريا ... فمتى تأتىالينا ... يا كمالنا يا كمالى وانت بين أشجار السواتر ... تعال وزاوج حضورك الذى تكثف فينا ألا تريد أن تعيش الحياة بقوة كما كنت تقول لى دوما ... *********************** تعرف بالأمس اتهمت صديقتى نازك حبيبها , الشاب الممعن فى الهدوء والرزانه بأنه انفعالى وكثيرا ما يرعبها ... هكذا بررت لا مبدئيتها وحملت حقيبتها وهاجرت الى دول النفط والدولار لتسبح فى بحار اللذة والتكنلوجيا مع زوج متخم . وقد اتهمت علاقتى بك يا كمال بأنها مبنية على الأوهام والأحلام السخيفة , وسألت عن جدوى الارتباط بحبيب مشاكس مثلك يهوى الشعر والوطن الممزق واتهمتك بأنك مجرد " دون كيشوت " تريد تغيير عالم مهيكل بالطغاة والجوعى البائسين . هكذا انا اعيش فى انتظارك بين تباريح اشواقى وذاكرتى التى تنفتح على فضاءات زمان ممعن فى النداوة والألق احتوتنا معا .. وبين تساؤلات الا خرين الذين حولى وسخريتهم منى , يحاولون عبثا اسقاط سطحيتهم وسخطهم على علاقتى بك ... و أنا حين تشدنى أحلامى بك أيها الحاضر البعيد الى آخر مدى فى عزلتى .. فما من شىء بقادر على أن يمنعنى من أن أبحث عنك وأنتظرك حتى أراك من جديد...كما أعتدت أن أراك نحيلا كصفصافة ونقيا كحلم أبيض يأتينى فى الصباحات الندية .. يوقف نشيج وحدتى .. يمسد ضفائر عزلتى بأصابعه الطرية ويملأ فراغ روحى بعشق لذيذ... أجل يا كمال انتميت اليك والى عالمك المذهل يوم قبلتنى واهديتنى مديح الظل العالى ... ولا أنسى يوم أنشدت على مسامعك قصيدة " هى أغنيه ..هى أغنية .." فعلقت على القائىالمرتجف ... الملى ء بالشجن الندى ... " اتقولين الشعر يا لفرحته لو عرف الخبر " , وفاجأتنى بموعد مساء اليوم التالى لتقرأ لى " فارس الرمال " وانا كنت فى غاية النشوى أتوسد أحضانك وانت تحدثنى عن ما صار به "اندرو باولا " الزعيم الشماسى وخرجت الشماسى" هذه من شفتيك مسربلة بضحكة خفيفة ... يا لها من أمسيات يا كيمو , أتذكر يوم أهديتنى كتاب " التاريخ والوعى الطبقى " لجورج لوكاش , وافهمتنى جدل العلاقة بين السياسة .. والاقتصاد ... وبين الفكر والتاريخ والجسد والروح وركزت على هذه العلاقة الاخيرة بعد ان اكدت كثير على جمال جسدى ووصفته بانه" جسد كبحر ... جسد كغيم .. لا تكمله الحقول ولا يضيف اليه المدى شيئا "... * ستأتين ... يا نجمة . تألقت بالخجل لحظتها وأومأت لك بانى سآتى . * اذا أرينى عينيك اولا . لماذا ؟ لكى أرى فيهما ان كنت ستأتين ام لا ؟. أتيتك سرا أنا الانثى الغارقة فى تقمص جدتها . أتيتك مشحونة بأيدولوجية التفاحة, كنت يومها خائفة وبى وجل ... بى قشعريرة ... لا ادرى ما كنهها ... بى شيى ء يمكن ان تسميه ... لا ادرى ... ولكنه .. شيى قابع بين السكون والانفلات ... شيىء كنشوى ... لا ادرى ما سوف يحدث .... ولكن كنت قابلة لتكيف مع كل شيىء يفجر انسانيتى ويكمل دائرة انعتاقى وأعتمدت عليك وبك توكلت ... واندحت ... أندحت حتى دلفت بجرأت لم أعتادها ووجدتك مستلق على السرير . لم تكلمنى و لكنك أحتضنتنى فى ذلك الصباح الباكر ... يا الله ... يا الله .. أنعتقت يومها من سلطة الجسد لحظة بدأت أتحرر شيئا ... فشيئا من ملابسى , كلما تعرى جزء ... قبلته و باركته بوله صوفى , أقمت عليه محراب للعشق والحياة , أثناء ذلك كنت تتلو ببعض الشعر ... أظنه للجنوبى "شوقى بذيع " ... يا الله ... يا الله ... " للبنفسج أن يعرش فوق صدرك ... للصنوبر أن يقلدك السهول ... ولك الخيار بأن تتمم خصرك الامواج .. أو أن ينتهى فى الماء .. نادى البحر يلقى عصاه .. نادى الارض تكتمل الفصول " وبدأت تقبلنى من الجبين حتى الاصابع مارا بكل الالتواءات و أنصاف الدوائر ... صيرتنى آله أسميتنى أفروديت ...عشتار بابل ...يا الله ... يا الله انت تبالغ ... وأحتضنتنى و أحتويتك ... قبلتنى مرة أخرى فعتركت بك ... " ولم أجد شجرا يشاطرنى الحبيب فأحترقت " فى يوم ذهبت الى معرض تشكيلى , شدتنى لوحة محتشدة بأناس أشبه بالهياكل العظمية .. يهيمون فى دروب المتاهات والعدم .. ولكن ثمة أمل أخضر كالغابات الرصاصية سوف يأتى , قمحى كصحارى شاهدته بعيد خلف اللوحة .. وقريبا كالوريد .. كأنت يا كمال .. وريثما أعالج عناصرها فاجأتنى يد صديقك " دانيال أكوج " .. وخرجنا معا الى الحديقة الملحقة بمبنى المعرض , وبدأ يسألنى عنك ووصفك بأنك "الشمالى الجديد ...الشمالى الذى نريد" .. وتحدث كثيرا عن وطن يمارس الانتحار اليومى .. وقال انه الان يعمل مدرسا فى احدى المدارس التى تستوعب الطلاب النازحين وتركته يلعن الجوع والحرب الاهلية . رجعت يومها الى المنزل متأخرة وتحملت ثورات أمى وهيجانها , وحرمت على الخروج مرة أخرى كعادتها , ولكنى سوف اخرج وبعدها أضعها امام الامر الواقع ... هكذا تجرى علاقتى بأمى , تمنعنى من الخروج ولكنى اخرج . تفرض على بعض الواجبات المنزلية . أنجزها بسرعة واحيانا باهمال وبعدها أغلق باب غرفتى على . بينما أمى تصيح وتلعن بنات هذا الزمن " المطاليق " وتهددنى برفع الامر ل أبى الذى الذى سوف يقطع لحمى " حتت ... حتت " على حد قولها . ************************************** أنتظارك تمطى يا كمال .. فمتى تأتى الينا .. يا جودو .. أنتظارك تشظى ... متى تأتى يا كمالى .. يا كمالنا .. الطيور التى سافرت فى مساءات الجسارة ما رجعت .. ما .. ما رجعت .. ما رجعت *نشرت فى جريدة التلغراف السودانية عام86/87 الملف الثقافى الذى كان يشرف عليه عضو المنبر الحر الان (تراث)
(عدل بواسطة مطر قادم on 02-24-2005, 04:04 PM) (عدل بواسطة مطر قادم on 02-24-2005, 04:07 PM)
|
|
|
|
|
|
|
|
|