|
الشاعر والمسرحى قاسم ابوزيد.. فى حوار مع الصحافة
|
صادر فى 6-9-2005 الشاعر والمسرحي قاسم ابوزيد في حواره مع (الصحافة): فعاليات العاصمة الثقافية المسرحية تعاني من سيطرة الذهنيات القديمة المؤسسات الدرامية منغلقة وتحترف آليات الموات والكساد حاوره: ربيع يوسف الحسن * دعنا نتخلص من المقدمات والحواشي ولننفذ للمتن الثقافي مباشرة متمثلا في الفعاليات الثقافية التي ترعاها امانة الخرطوم عاصمة الثقافة 2005م، تحديد الفعاليات المسرحية؟ - دعني ابدأ بالعام نافذا منه الى ما رميت ، اقول: ان الملاحظة الاولى على مجمل الفعاليات الثقافية لهذه الامانة انما تعاني من عدم قدرتها على الانعتاق من العقلية القديمة التي ظلت تدير الثقافة في هذا البلد... واعني تلك العقلية التي ما فتئت تفرغ الحركة المسرحية من دورها ومحتواها الاجتماعي والتنويري اللذان لن يتحققا ما لم يوكل الامر للجماعة المسرحية وليس كما يتم الآن.. فالامانة اوكلت امر التنظيم والتخطيط لرجل واحد هو علي مهدي وبعيدا عن الحديث عن قدرات الرجل او عدمها نحن هنا نتحدث عن مبدأ وفلسفة الادار ة التي نختلف معهم فيها اختلافا اصيلا وجوهريا ، اذ نؤمن بالتعددية والتجديد والمؤسسية اي تعدد الاشخاص وتجديد الافكار والمؤسسية معني وليست مبان، سواء كانت دور عرض او اماكن للمشاهدة من مسارح وغيره وهذه ان وجدت فذلك عظيم..! * رغم تحفظي على بعض حديثك بسبب انني ارى ان الرجل - علي مهدي - صاحب مؤسسات بل هو مؤسسة الا انني اريد الحديث معك حول اسباب فشل ادارة الفعاليات المسرحية بالرغم من وجود المؤسسات التي يمثلها علي مهدي كاتحاد الدراميين السودانيين مثلا، او مسرح البقعة او الـ (iti) ....؟ - واضح ان هناك مؤامرة ضد المسرح وعي لها من يقوم بها ام لا - هذا امر آخر - فحين لا تجد تدريبا وحين لا تقام ورش عمل وحين لا تشهد سمنارا او مؤتمرا حيث لا تجد كل ذلك وتجد فقط مهرجانات واحتفالات تدرك ان الامر غير بريء خاصة اذا كنت تتفق معي في ان المسرح ليس عرضا يؤمه اناس ثم ينفضون . المسرح يا اخي هو كل ما ذكرت من تدريب وورش... الخ.. ثم عرضا مسرحيا .. اظنني اجبت لك عن سؤالك حول فشل الفعاليات المسرحية .. فشلت باختصار بسبب غياب ما ذكرت. اما فيما يخص تحفظك فأنا اذكرك بحقيقة ان لا اتحاد ولا غيره موجود اصلا وانما هناك كيانات يسيطر عليها افراد معينون يديرونها وما يتفق ومصالحهم المرتبطة بالسياسي والآني تدعمهم وتحميهم الدولة لقصر نظرها. * تأكيدا لحديثك حول التركيز على فكرة المهرجان (الملمة) مقابل اهمال الورشة كقالب آخر يمكن ان يستوعب الفعالية المسرحية لذلك الأمر ملتبس عندي فنيا واجرائيا امر المهرجان المسرحي الاخير مهرجان البقعة الذي تم برعاية كاملة من الخرطوم عاصمة 2005م، والالتباس سببه اننا نعلم البقعة مهرجانا مستقلا منذ اربعة اعوام .. لماذا في رأيك لم يقدم المهرجان الاخير باسم الاتحاد بدلا عن البقعة؟ - قلت لك ان هناك مؤامرة يستخدم لتنفيذها رجال محددون لهم القدرة على اداء الدور بمقدرة عالية فجزء من الصحة والعافية هو وجود مؤسسات فاعلة وقوية لها القدرة على انتزاع الحقوق لذا التباسك هذا يفضي الى الوعي والانتباهةا لحقيقة ان كلا من الكيانين الاتحاد ككيان اهلي جماعي والبقعة ككيان فردي انما كليهما يديرهما ويرأسهما علي مهدي والذي هو نفسه من اوكلت له الامانة العامة للخرطوم 2005م، امر وملف المسرح في عامها هذا وهنا انا لا استغرب ان ينسب الرجل شرف المهرجان لمؤسسته الخاصة بدلا عن الاتحاد. * استراتيجيا اتوقع ان الدولة تعي ان هذا العام بكل التحولات والمشاهد السياسية والاجتماعية التي يشهدها العالم اجمع انما هو عام يجب ان تنظر للثقافة عموما والمسرح بغير النظرة والرؤى السابقة فما الاشكال برأيك؟ - ارجع وأؤكد لك ان الاشكال الاكبر هو الوسيط الذي ينتخب من هذه الدولة واعني بالوسيط الكادر الفني الذي يشغل المسافة ما بين الفعالية الثقافية وما بين السياسي هذا الوسيط الذي لا يعي التحولات والمستجدات التي تفضلت بذكرها فهو يشتغل الآن مستصحبا كل الارث والتقاليد التي اكتسبها من زمان الانظمة الشمولية والاحادية وبالتالي هو بنيويا غير ديمقراطي المنهج والتفكير وبالتالي هو يفتقد لأهم شرط في العملية الثقافية. * حديثك عن الشرط الثقافي فضلا عن الكادر الفني يجعلني انفذ مباشرة لبنية المؤسسات المسرحية الاكاديمي منها والمهني وحتى الاهلي... ما لها وما عليها ؟ - هناك ملاحظة مهمة جدا ، سودانية، تتمثل في ان السوداني يرى ان مؤسسات الدولة حكر له وذلك بمجرد تنصيبه على رأسها فنجده يمارس مباشرة سياسة من تحب ولا تحب ، وشاهد على ذلك ما ظلت تعانيه الموسيقي والدراما منذ عام 1980م، حيث لم يتم اختيار الخريجين الاصلح للتدريب والتدريس بل ظلت الكلية بحسبانها المؤسسة الاكاديمية المسرحية المناط بها التغيير تفضل الانغلاق بدلا عن الانفتاح الحر والشفيف وتفضل الاقصاء بدلا عن استيعاب الاصلح والاجدر وهو نفس الامر الذي يعاني منه المسرح القومي والفرقة القومية واتحاد الفنون الدرامية.. جميعها مؤسسات تراهن على النهوض بالكادر الايدولوجي بغض النظر عن الكفاءة والجدارة بالوظيفة والمنصب... وهنا ابعث برسالة عاجلة للدكتور سعد يوسف الذي تولى قريبا منصب عميد كلية الموسيقى والدراما ان يدعو لإقامة مؤتمر اكاديمي جامع يشارك فيه كل خريجي الكلية بمختلف تخصصاتهم وان يدعوا معهم الرموز الاكاديمية والثقافية للمجتمع وذلك للاتي: اولا: مراجعة المقررات والمناهج والمطلوبات الدراسية للكلية مقارنة بكليات مثيلة تساير التحولات المجتمعية والعلمية وتواكبها حتى ترتبط الكلية بحاجيات الانسان الحقيقية. ثانيا: للوقوف علي طبيعة الكادر الاكاديمي الذي نؤكد على انه جاء بسبب انتمائه السياسي، والايدولوجي والمزاج الشخصي للعمداء السابقين ومن ثم مواجهة هذا الكادر في المؤتمر بالخريج المختلف والمتعدد. ثالثا: البحث عن امكانية تأهيل الكلية من ناحية معدات واجهزة ومباني للتدريبات فهي تفتقد لكل ذلك فلا مكتبة الكترونية ولا اخرى مسموعة/ مرئية بشروط حديثة ولا استديو يخصها ولا معامل حاسوب ولا لا ...الخ. رابعا: اخيرا وليس آخر المؤتمر لتقديم مقترحات اكاديمية وعملية تبحث عن امكانية انفتاح الكلية علي الخارج عبر صيغ عديدة ابسطها تطوير مشاريع التخرج حتى تصبح مهرجانا مسرحيا يخص الكلية تستطيع ان تدعو له الجميع بدلا عن خجلها من هذه المشاريع. اخي ربيع هذا الحديث ينطبق على جميع المؤسسات التي ا شرت اليها فهي في ر أيي تعاني من غياب المؤتمرات التصحيحية والاكاديمية تحترف في الوقت نفسه الانغلاق والاقصاء وآليات الموات والكساد... * مشكلة اختيار الوسيط هذه ترمي بظلالها على التمثيل السوداني خارجيا.. اعني المهرجانات والمشاركات الخارجية؟! - الفترة السابقة شكلت مجموعات موالية للنظام ومقربة لأصحاب القرار وهي المجموعات التي حظيت بشرف تمثيل السودان خارجيا رغم عدم تمثيلها للمبدع السوداني ورغم افتقادها للشرط الفكري والجمالي والتاريخي ، كما ان ما تقدمه من اعمال يفتقد تماما ملامح العرض السوداني لا .. نصا ولا اداء ولا اخراجا، رغم كل ذلك ظلت هذه المجموعات هي التي تمثل السودان خارجيا.. ودعني اذكر لك حقيقة بهذه المناسبة فنحن حرمنا من مهرجان القاهرة 92 ومهرجان بغداد المسرحي في نفس العام اذ كنا مرشحين لتمثيل السودان بمسرحية اربعة رجال وحبل ووجدنا من العراقيل ما وجدنا ولولا وقفة د. عبدالله حمدنا الله الذي كان يشغل منصب رئىس في مجلس ادارة الهيئة القومية للثقافة والفنون لولا وقفته الشجاعة لما تسنى لنا المشاركة في مهرجان بغداد المسرحي حيث استقبل العمل استقبالا نقديا مشرفا وصفقت له كل الوفود العربية كما نشرت عنه اقلام عربية جادة دراسات في السودان الحديث ومجلة الخرطوم كذلك لا انسى شهادة المخرج العراقي العالمي عزيز خيون الذي وقف مصفقا ومهنئا وشاكرا بقوله: (نشكر الشباب السوداني لتقديمهم هذا العرض المتميز) مع العلم ان هذا العمل رفض هنا بدعوى انه موغل في العامية !! اين نحن بالله عليك من اعمال تمثل السودان كمأساة يرول للمخرج السوداني العالمي السماني لوال.. وغيره من المسرحيين السودانيين الجادين؟ وليّ مثل ذاك الزمان واصبحت المشاركات الخارجية سببا لتشويه صورة المسرح والبلاد خارجيا. * في رأيك ما الذي يجب فعله لتصحيح فلسفة المشاركات الخارجية؟ - لابد من قيام مهرجانات ومنافسات محلية وقومية لكل ولايات السودان ، ولابد من استكتاب كتاب مميزين امثال ذو الفقار حسن عدلان ، عبدالناصر الطائف ومصطفى احمد الخليفة وغيرهم من الكتاب الجادين ، وما اعنيه بالاستكتاب هو الدعوة المحددة تجاه المشاركات الخارجية وتوفير شروط للكاتب مختلفة تضمن الجودة وتغطية الحاجيات الملحة لهذا الكاتب لا كما يتم اعتباطا وبقرارات فردية غير مؤسسة وغير ديمقراطية، هذا فضلا عن ضرورة عقد لجان محايدة ومتعددة واقامة ورش عمل وتدريبات محلية وولائية واستقطاب خبرات اجنبية في المجال العملي والتنظيري ، كل ذلك من الممارسات الجادة هو في رأيي الحل لمشكلة المشاركات الخارجية. * الا تتفق معي ان التصحيح والنهضة يحتاجان لتبديل موقف المثقف الرافض لمبدأ المشاركة في فعاليات الخرطوم 2005م، سيما وان هذا الموقف في مستوى من مستوياته سلبي يكتفي بالاحتجاج والفرجة... ما هي الاسباب الموضوعية لعدم مشاركتك المسرحية في هذا العام كمثقف طليعي ومبادر؟ - للامانة انا اقول انه تم الاتصال وذلك لاخراج مسرحية ضوء البيت كعمل يرون فيه الجدة والاختلاف وحتى انهم تناقشوا معي في امكانية اتصالهم بالاديب الطيب صالح بغية دعوته على شرف العرض ولكن نسبة لاختلافنا والذي يسمونه اختلافا ماليا واسميه اختلافا فكريا ومنهجيا لم يتم الاتصال بي رغم انهم كانوا قد برمجوا العمل ضمن فعاليات الشهور الثلاثة الاولى لـ 2005م، واختلافنا هو ظاهريا كما قلت ماليا باعتبار اننا وضعنا الميزانية ومستحقات الممثلين والفنيين والتي لم تتجاوز 8000 دينار سوداني لمجمل العرض فنيات واجور بروفات وغيرها .. لكنهم استكثروا المبلغ باعتبار انهم درجوا علي اعطاء مبلغ محدد لكل الفرق المسرحية بغض النظر عن طبيعة العمل وحجمه ومتطلباته الانتاجية وهنا يتجلى الاختلاف المنهجي والفكري بيننا فنحن لا ننظر للمسرحيات كشيء واحد وثابت من الناحية الانتاجية فلا يعقل ان تعطي مثلا مسرحية عدد ممثليها خمسة او ثلاثة نفس المبلغ لمسرحية عدد ممثليها عشرة او خمسة عشر.. وهي للأسف الفلسفة التي في رأينا اضرت بشكل العرض المسرحي في فعاليات الخرطوم عاصمة الثقافة 2005م، فقد اصر مسؤولي ملف المسرح - الوسطاء - على هذه الفلسفة وذلك حتىفي مهرجان البقعة المسرحي الاخير فالمهرجان المفترض فيه صفة التجريبية وطموحاته نحو عرض غير تقليدي انتهوا منه باصرارهم علي اعطاء المجموعات المشاركة مبلغا زهيدا وهو الفين دينار للعرض وكأن العرض يا اخي قميصا او سلعة محدد سعرها الشيء الذي اطر مجموعات العمل على تقسيم هذا المبلغ بين احتياجاتهم من بروفات وفنيات واجور وغيرها من مستلزمات الانتاج فكانت النتيجة ان جاءت العروض باهتة وفقيرة السنوغرافيا والجماليات ناهيك عن فقرها الفكري... لهذا الاختلاف الفكري والمنهجي رفضنا المشاركة بشروطهم التي في رأينا شروط تضر بالعملية المسرحية نفسها فمثل هذا التفكير لا يبحث عن مسرح من اجل المسرح والمجتمع وانما هو تفكير تحركه فكرة (الملمة) والبهرجة التي ذكرنا ناهيك عن فكرة توزيع (الكيكة) المضمرة في ثنايا هذا التفكير. الحركة المسرحية في السودان ظلت طوال تاريخها تنشد مسرحا سودانيا يعالج القضايا ويقدم حلولا تستشرف المستقبل، باعتبار ان الفنون من الادوات التي يغير بها المثقفون الوجه القبيح للحياة وفي اطار الخرطوم عاصمة الثقافة العربية استبشر المسرحيون خيرا وهم يمنون انفسهم بموسم مسرحي زاخر، الا ان صوت المسرح السوداني كان خافتا في خضم التظاهرة. حول خفوت صوت المسرح وغياب التأثير المطلوب لما هو مسرح التقت (الصحافة) بالمخرج قاسم ابوزيد وحاورته حول فقر وضعف الحركة المسرحية في اطار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، حيث تطرق في الحوار الى اشكاليات التنظيم وغياب المؤسسات الحقيقية التي من شأنها ان تقدم مسرحا منفعلا بقضايا الجماهير ويمكن له ان يلعب دورا في التغيير والنهضة فكان هذا الحوار: اصبحت مشاركاتنا الخارجية وسيلة لتشويه صورة المسرح السوداني خارجياً!
|
|
|
|
|
|