دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
عثمان محمد صالحين عد الينا فلقد رحل فيصل وراكوبة شعبان باكية
|
عثمان فرحنا حين احتضنت انت فانة وسعيده بعد عقد من الزمان قاس عليك وعليهما وفرحنا حين هيئ الله لك ولست البنات مباركة فانة وسعيدة وحينئذ خرج الينا فيصل فرحا املا في ان تخرج انت الي ساحاتنا قائلا:
Quote: هذا العثمان المتمرد على الادب التقليدي شأنة شان اديبنا الراحل ادريس جماع ونزار قباني انسان كبير قبل ان يكون قاصا او فنانا --- ارجو مخلصا ان تساهم هذه الاستراحة الاسرية الدافئة في اعطاء مزيد من الدفق المعنوي والعاطفي له ليعود لنا اكثر القا وجمالا وتمردا على النمطية والتقليدية |
فرحنا حين من الله علي فانة بالشفاء كل هذا حدث في اسابيع قليلة متسارعة فخرج الينا فيصل فرحا كما لم يكن ابدا والداء اللعين ينهش جسده الضعيف وهو يخفي ذلك عن الكل منذ عام ..خرج يقلل من مرضه شاكرا مقدرا دعوات اهل سودانيزاونلاين يقول :
Quote: أخي ابوبكر وبرضوا البركة في الدعوات دية - أنا مرضي هين بقدر أقاومة بباقي زخم شباب خجول لا يزال يسكن في أطراف جسمي ويساعدني على تجاوز بعض العلل الصحية التي تحدث لي من فترة لأخري بس قلقان على الوالدة لان صحتها العامة لم تكن مظبوطة في السنوات القليلة الماضية وبرضوا سلم لي على ناس عائشة وسحر وعرابي وطمنهم على صحة الوالدة أولا فهي الأهم وعمر كذلك بخير. |
ياعثمان رحل فيصل جسدا قبل ان تخرج الينا.. رحل صابرا عنيدا حساسا خشية ان يعرف احد بمرضه حتي وبعد ان اعلن المرض عن نفسه .. بكاه عمرو حين سمع صوته الواهي .. اليوم تبكيه فانةوفاطمة حجيجة وصالح وكبيرنا محمود يكابد مابه من الام يصبر نفسه والفاتح وعمر وعبدالله ومعتصم وعائشة وسحر وسوزان ومالك وووووكل من اتصلت به ...قال محمود طه "اتي ليكون مع احمدطه" ومتداركا" ليرقد جنب احمدطه" اليوم ياعثمان تبكي راكوبة شعبان وكل الحلة وتفرح المقابر به.... والله ما اتيت هذه الساحة قبل عام الا لاجلك وفيصل ولكن بقيت انافي معية جمع احبك فامتدت بيني وبين سكان هذا المنبر مودة لله ولكما فضل فيها وغبت انت ورحل فيصل ... عد الينا .. اسعد و فرح روح فيصل فهي تسمع وتراقب اللهم اعني .. مابال هذا الحزن يعصرني حتي لا اكاد ان اتنفس عد ياعثمان ...فعودتك تعيننا فيما نحن فيه اليوم
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان محمد صالحين عد الينا فلقد رحل فيصل وراكوبة شعبان باكية (Re: حسام يوسف)
|
الاخ العزيز ابو بكر ..
أحسن الله عزاءكم ..و غفر للاخ فيصل طه و ادخله الجنة مع الصديقين و الشهداء و حسن اؤلئك رفيقأ ..
ابكتني كلماتك للمرة الثانية ..الاولي صباح اليوم في بوستك الاخر .. و كنت اريد ان اكتب شيئأ فما أستطعت .. و الثانية في هذا البوست ..
Quote: والله ما اتيت هذه الساحة قبل عام الا لاجلك وفيصل ولكن بقيت انافي معية جمع احبك فامتدت بيني وبين سكان هذا المنبر مودة لله ولكما فضل فيها وغبت انت ورحل فيصل ... عد الينا .. اسعد و فرح روح فيصل فهي تسمع وتراقب اللهم اعني .. مابال هذا الحزن يعصرني حتي لا اكاد ان اتنفس عد ياعثمان ...فعودتك تعيننا فيما نحن فيه اليوم
|
عظم الله اجركم ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عثمان محمد صالحين عد الينا فلقد رحل فيصل وراكوبة شعبان باكية (Re: abubakr)
|
عثمان ... في يوم كاليوم (الحادي والعشريين) من مايو العام الماضي وشهرنا يوليو 2007 كتب "المرحوم" فيصل لا قرء لك "ثمرة سماوية " حتي تعود بغيرها ومن ذاك الزمان ودعواتنا لك بالعودة حتي رحل ولم تعد ..
Quote:
:Faisal Taha Abubakr باللة أقرأ القصة دية في فضوة ذهنية خالية من الكدر
ثمرة سماوية ! ـــــــــــــ (1)
إستهـوت طفـولـتي القـرويّة ثمرة !. إستحال هـواها عـشقاً . صار العشقُ هـوساً . إستبدّ الهـوسُ فـصار" جنوناً مختاراً" نصبّتُ ـ في إحدى ثوراته ـ الثمرةَ مليكةً أجلستها ـ في مخيلتي ـ عـلى عـرش سائر أنواع الفـواكه التي تذوقـتها وسمعت عـنها آنذاك. جدتي فاطنه هـسن مهيميد، وهي التي أشرفـت على تنشئتي في تلك الأعوام، أدركت ولهي المجذوب وتـفـهّمت دوافعه كما لم يفـعـل أحـدٌ سواهـا .
(2)
كانت بسمة جدتي هي التي توقـظني في الصباحات الباكرة لأيام الأسبوع العادية، أما في أيام الجمعة والعطلات فـكان الصرير الذي يصدره سرير خالي فـيصل ، مسحوباً ( كدت أكتب: مسحولاً) على ذرات الرمـل، هـو الذي يتولـّى ـ غـير متعمّـدٍ ـ هـذه المهمّة وهو يهرب مـن حر الشمس التي تأخذ أشعتها في غـمر الحوش الواسع ، إمّا في إتجاه الظل الرقـراق البيضاوي الشكل والذي تجود به شجرة الليمون المحنيـّة الظهر، بالقـرب من صنبور المياه، أو إلى الظل الآخر الذي يرمـيه الحائط العالي الذي يفـصـل بـيـتـنا عـن بيت أنـّاو شرفـو .
يقـوم خالي بسحب السرير في عجلة واضحة، وعـندما يصل به إلىبقعة ظليلة يرتمي عـلى الفـراش مُمـنـيّـاً نفـسـه بـنـومة هانئة حتى مـوعـد الفـطور ، متضرّعاً في سـرّه ألا تبكـّر أنـّاو بتـول صادق بزيارتها هذه المرّة لتروي لجدتي ، في الفـراندة المواجهة لـبوابة البيت أحداث الطيف العجـيب الذي أقـلق منامها ، متعمدةً ، في كل ذلك، ألا تنخفـض نبرة صوتها ـ(هـكذا كان خالي يفـسّـر، مستاءاً، سلوك جدتي بتول صادق، واصماً نيتها بعلامةٍ سلبية ٍ، الأمر الذي أدى لنشـوء جفـوّة طفـيفة بينهما ردمها،لاحقاً، تـراب الزمن) ـ حتى يسـتيقـظ النائم في وقـت ٍلايجـب أن ينام فـيه الناس إلا إذاكانوا عـليلين ( الحجة المستهلكة الـتي تـتـسـتـر وراء حجابـها جـدتـي بتول صادق و تـبرّر بها سلوكها اليوميّ ).
بعد أن تفـرغ من إعـداد شايها المتميّـز النكهة و الطعم تطلق جدتي سراح الخراف والأغـنام التي تأخذ في الصياح مفصحة ً بذلك عـن تبرّمها وإعـتراضهـا العلـني عـلى طول الحبس الليـلي في الحظيرة، يرافـقـها ـ متضامناً ـ نقـيق الدجاجات الغاضبات يلـّوثن رملة الحوش بالفـضلات التي لاتـنـتهي، ويروق لـهـن الطواف عـدّة مـرّات حول سرير"النائم"، الأمر الذي يعـتبره خالي، وهـو مايزال تحت الغـطاء، حـلقـةً من حلقـات مؤامرة كونية تحاكُ ضد غـفـوته الصباحـية ، مؤامرة عـقـلها المدبـّر: أنّاو بتول صادق وبشرك ٍ من جدتي فاطنه وحيواناتها وطيورها الداجنة وشمس البطانة اللـئيمة أيضاً!، وتقـوم بتسليم السعيةّ لمحمد مَـلـّو راعي البهائم ، وتعيد المعيز والحملان ـ بصعوبةٍ ـ إلى مكانها في الحظيرة، وتكنس الحوش وترتب الأثاث، وعندما ترتدي جدتي ثوب" الكـرب" الأسود، أتبعها إلى الخارج، بلا تردد .
نسير سويّـاً ـ يداً بيد ـ في إتجاه الحواشة الواقعة ضمن حزمةٍ مـن الحواشات يُطلقُ عـليها إسم"إتناشرات" ، تمييزاً لها عـن بقـيـّة الحواشات التي تحـمـل هي الآخرى أسماء دالـة : نمرة واحد ، نمرة إتنين، نمرة تلاتة، نمرة أربعة ، نمرة خمسة ، نمرة ستة، سبعات، تمانيات ، حداشرات ، تـلتاشرات و الأملاك .
لاتكـف جدتي لحظةً واحدةً ونحن نقـطع الشارع الذي يقع عـليه بيتنا عـن توزيع تحـية الصباح على المارين. نجـتاز ملعب كرة القـدم فـتـنـتهي عـنده حدود"عـمكة ". نتوغـل في حي" جمي" ثم نمر بحذاء صف النباتات التي تسـّور المدرسة الإبتدائية المختلطة ونخـلّــف وراءنا الـبيوت فـتـتـلـقـانا المـقـابـر.
تصـمـت جدتي ، تتوقـف وهي تقـرأ سورة الفاتحة على الأموات وتطلب مني بالإشارة أن أفعل ذات الشيء فأنصاع للأمر باسطاً كفيّ بطريقة مضحكة وأنا أتـلـفـت ذات الـيمين وذات اليسار دون أن أعـرف بالضبط مالذي يتوجـب علىّ قـوله في تلك الحالة ثم يسـتأثـر بإهـتمامي ـ كمخرج ٍ من الورطة ـ منظر الغربان التي تسـتريح عـلى أغـصان السدرة المنتصبة بين شواهد القـبور. تكمل جدتي طقـوس سلامها الصامـت عـلى الأموات وهي تخص قـبوراً معـينةً بإهـتمام إستثنائي يتجلّى في تركيز البصرعـليها وهي تمسح المقـبرة الساكنة بنظرة عـطفٍ شاملة للتعـساء وتختلج ملامح وجهها الأسمر، وتطفـر من عـينها دمعة تكـفـكـفـها بطرف الـثوب ثم تجذبـني من يدي فـنواصل السير دون أن نتبادل كلمة واحدةً حتى نخرج من دائرة المقابر ونصل إلى الصهريج المحاذي" لـتـرعة إتناشرات " مصدر مياه الشـرب الوحـيد لقـريتـنا آنذاك .
نحيي مهمود بسيوني عامل الصهريج المستوحد في ذلك المكان المهجور و تتبادل معه جدتي حديثاً قـصيراً ثم نقـترب من حافة الـترعة شبه الساكـنة. تنحني جدتي وتخـلع شبشها وتحمله بيدها اليسرى ، تأمرني بخلع حذائي.تنحني ثانيةً لتحملني بيدها اليمنى وهي تخوض في ماء الترعة ـ (القـنطرة بعـيدة) ـ ونغطس، أحياناً، إذا ما صادفـتنا حفـرة عميقة أو كان الماء غـزيراً على غـير العادة.
نخـرج من الترعة ، نسير قـليلاً ونعـبر صفـاً مـن أشـواك " الكـِتـِر" الكـثيفة المتشابكة على يسار الطريق ثم ندخل منطقة الحواشات . عـندما نصل إلى حواشات " إتناشرات " أكون قـد بلغـت رجائي أو أكاد . فـهناك عـلى أطراف جداول" أب سـتة" و" أبـو عـشـرين " ينـتـظرني عالـميّ .
(3)
" الـُـفـُرتـّه " نبتة بريّة ، قـصيرة الـساق، تـنمـو عـلى أطراف جـداول" أب سته" و" أبوعـشرين" ولايهـتم بأمرها إلا الأطفال ، وهي غـير مُـضـِرّة كالأعـشاب الـتي تـتطفـل عـلى المزروعات، و هي الأبعد عـن صفة الجشع ضمن قائمة النباتات التي عـرفـتها عـن قـرب فـصادقـتني و محضـتني موّدتهـا بلا حساب . تتجنب الفـرته الإفـراط في التكاثر كـيلا تزيد أعـباء المزارعية الذين يعـظّمون ذهـد ها الفـطري . يهشون لها عـند مرورهـم ملوّحين بحقـد المناجل السفـّاحة ( تقـطر من شفـراتها اللامعة المتعـطشة للـقـتـل المجّاني دماء" السـِعـدة " و"الهَـمـبرتي") ، مقـتـفـين أثر" الأنكوج" والعشبة الممقـوتة تراوغـهم حـيـناً حتى تجد سكةً للهرب وتندس مضطربة الأنـفاس بين سيـقان الأقـطان وهـي تدرك أن نهايتها قـد حانت، لكـنهاـ كالآخرين ـ تعـشـق الحياة!. يداعـبون وريقاتها و يغازلـونها هـمساً : " وو فـنتي تو، وو مستو" *، فـتشيح بوجهها من فـرط الحـياء، فـيدعـونها تواصل العـيش في سلام مسـتمتعةً بحـمام شمس الظهـيرة دون أن يـتطفـل عـلى عُـريها المقـدّس إنسـانْ .
" الــفـرتـّه " نـبـتة ، عـفـيـفـة، ألـيـفـة، خجـولة، متواضعـة ، وديعة، حنونة، مسالمة وصبورة كجدتي، تـطرح أثمارها الصغـيرة الصفـراء وتـغـلـّـفـها ــ خـشـية الغبار والحشرات وأشعة شـمس البطـانة ونظرات الكـبار الحارقـة ــ بخـمار ِ وريقـات ٍ رهـيفة ٍ و ناعـمةٍ ، وتـنـتـظـر، طوال الـيـوم، مـقـدم الأطفـال .
.إنـها نـبـتـتي أنا : مليكة طفـولـتي القـرويّة الـبهـيجة ، نـداء السعادة المـقـبورة في جبّانات إحـن المهاجـر و مراراتها، معـشوقـتي الأولى وحـلـمي الأخـيـر!
(4) قـبيل موعـد الفـطور تكون جدتي قـد فـرغـت من تنظيف الحواشة فـنسلك طريق العودة محـملـّـيـن بحزمة كـبيرة مـن " الهـمبرتي" وجيوبى ملآى بالُـفـُرتـّة . (5)
اُرغـمـت على مـفارقـة القـرية عـندما حضر والداي في إحـدى العطلات الصيفـية وأخذاني من كـفـالة جدتي ـ جـثةً تكـفـّـنـها الدمـوع ـ إلى حيث يعيشان في محطة" الحصيره" الواقعة على خط سكك حديد السودان، في المسافة بين" الحواتة " و" قـلع النـحل ". حرمـتـني سُـكـنى المكان الجديد من جدتي وقـريتي . حرمـتـني من طعـم الفـرتة أيضاً. كانت الحصيرة محطة قاحـلة لا تـنـبـت تربـتها شـيـئاً خلاف الذرة البيضاء والحمراء و" التمليكة" و" التبش" وأعـشاب أخرى عـديمة النفع لم تـستأثر بخيال طفـولتي، فـلم أتوقـف عـندها كثيراً ولم أكترث لـتـدوين أسـمائها في دفـتر تلك الأعـوام .
عانيت من غـياب جدتي، وعـذبني" الفـطام الـُمبـكـّر" مـن عـذوبة طعم الـُفـُرتـّه . هـذا الغـياب و ذاك الفـطام إنطبعـت آثارهـما المهـلـكة عـلى صفـحة روحى إلى الأبد ( أعـتقـد أنهما كانا الـسبب الرئيسي في أن الشـيب بدأ يغـزو شعـرى وأنا تحـت سـن الخامسة عـشر، لا العامل الوراثي كما تـزعـم والدتي سعيده أهميد طه). في الأمسيات الطويلة ـ بلا تلفاز أو برنامج للتسلية ـ عـندما تحل الكآبة ونحن نـتمـدّد على العناقـريب في فـناء الحوش الضيّـق تحـت سـماء الحـصيرة الرمادية المكـفـهـّرة ، كان صدري يـموج بالحـنين. كنت أستحي من أحزاني فأحاول إغـراقـها في بطن" الماعـون"المزدان بعددٍ من الأهـلـّة الزرقاء والمترع باللبن الحليب الذي كنا نكـثر من شربه في تلك الأعوام( كنا نمتـلك حظيرةً عامرةً بالأبقار)، لكن الحيـلة الطفـولية الساذجة لم تنطلي عـلى أحد، إذ كانت الأحزان صعـبة الـمراس وفـضائحية السلوك : تتمرّد على قاع الماعـون لـتطفح فـوق رغـوة اللبن كاشـفة بذلك سّري و فاضحة حزني فـيزداد إرتباكي و يتعاظم خجلي .
أسـلمت والدتي أمرهـا لله بعد أن فـشـلت ذخيرتها المكنوزة من حنانالأمومة في تعويضي عـن غـياب جدتي، أما" الـُـفـرتـّه فـقـد أرغـمـني جـفـاف الحـلـق المزمن عـلى الإنكسار والإستسلام ، مسـتبدلاً ولهي المجذوب بطعـم " مـنقـة" الحواتة الذائعة الصـيت في تلك الناحية ، وحلاوة البطيخ الذي ينمـو في رمال سنار وتجلبه اللواري السفريّة وهي تشـق قـلب الحصيرة في طريقـها إلى المدن الكـبرى . ألـف طلعتي سائقـو و" مساعـديّة" تلك اللواري المحـمـلة بالبطيخ والذين أدركوا مأساتي دون أن يطلعهم عـليها أحد ، وأشـفـقـوا علي طفـولتي المكروبة وحفـظوا إسمي وإعـتادوا إنتظاري حافـياً في الهجـيرلأشـتري بطيخة " روسمان" أترنح من ثـقـلها وضخامتها وأنا أحملها سعيداً إلى البيت. لكـنه كان خـداعاً للـنـفـس و تعـويضاً قـسرياً مؤقـتاً وبائسَ الحصاد ِ لثمرةٍ سماويةٍ فاتـنةٍ لاتـعـوّض!. (6)
تقـدمت بي سنوات الطفـولة فـدخلت المدرسة الإبتدائية في تلك المحطة الخَـلـويّة. وتمكنتُ من حفظ العديد من السور القـرآنية بينها سورة عبس. لسببٍ ما إرتاح لها فـؤادي . كـنت أتـلـو السورة عـدّة مرات في اليوم وأرددها أثناء الصلاة وفي كثير من الأحيان : ( هـكذا) من باب تزجـية الوقـت !. وأتعجل تلاوة السورة كيما أصل إلى الآيات (وحدائق غـلبا وفاكهة وأبّا. متاعاً لكم ولأنعامكم)، فـيطلق خيال الطفـولة لـُمهره العَـنان، فأرى بوضوح كل ما سيحدث في يوم القـيامة ( إذ ما كـتـب الله ) لي دخول الـفـردوس مع الموعـودين والمبشرين والشهـداء : أبصرت الحاجب رضوان يحرس بوابة الجـنة الموصدة ممسكاً بكوكاب ـ ( لم تخـتـلـف بوابة الفـردوس في مخـيـلـتي الطفـولـية آنذاك عـن بوابة بيتنا الحديدية الضخمة ، لكن بوابة بـيـتـنا الريفي على تواضع مظهرها الخارجي و دنـيـوية المواد التي صُـنعـت منها، تـتـفـّوق على بـوابة الجـنة بإمتياز كونها لاتـوصَـدُ في وجوه الضيـوف و الزائرين حتى وقـت متأخر من الليل، والأهم : لـيـس لها حاجـب يحرسها بكوكاب !) . إستقـبلني رضوان بإبتسامة بشوشة وخاطبني، لدهـشتي، بلغة عشيرتي. كان مزاجه في تلك الساعة معتدلاً فـسألني بلكـنة شفـوقة إمتزج فـيها الهزل بالرأفة والسخرية : وواسمان مهيميد سالهين، ساوو قـوسه إر هـِدو تون داري ؟ *، * ثم حـشى جـيـوبي وملأ طرف قـميصي و"مُـخلاية" الكتب والدفـاتـرالمدرسـية بالُـفـُرتـّة التي تنموعـلى ضفاف الكوثر، تذوقـت واحدة منها فـوجدتها تعادل من حيث الشكل والحجم وعذوبة الطعم الـُـفـُرتـّة التي تنموعلى أكتاف الجداول وبطون"السَرابات"التي تـفـصّـد حواشات روحي، وتثمر في سكـينةٍ وطمأنينةٍ تحت شمس البطانة القهّـارة، وهي تنتظر عـودتي !. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هامش : *وو فـنتي تو، وو مستو : ياأيتها التمرة الجميلة. ( تجنبت الترجمة الحرفـية دامجاً العبارتين في عـبارة واحدة تفـيد المعنى الإجمالي ) *وواسمان سالهين ساوو قوسه إر هـِدو تون داري ؟: من أين جئت يااسمان مهيميد سالهين وأنت بهذه الشناعة؟ .
|
| |
|
|
|
|
|
|
|