|
صلاح عووضة يكتب : لا يستقيم الظل والعـــود اعوج
|
هل يستقيم الظل والعود اعوج؟! * بعض الذين درجوا على مهاجمة الحكومة باستمرار من حملة الاقلام البارزين لم يفتح الله عليهم يوماً بعبارة واحدة يستشف منها ايمانهم بالديمقراطية التعددية ونبذهم للشمولية الآحادية.
* انهم يبدون وكأن لا اعتراض من جانبهم على طبيعة النظام السياسي الذي تدار بموجبه شؤون الدولة ولكن اعتراضاتهم تنصّب على ما يرون انها اشكالات تحدث في ظل النظام هذا دونما مبررات موضوعية حسب رأيهم.
* فاذا حدث انتهاك لحقوق الانسان مثلاً يبدي الكتاب هؤلاء انزاعاجاً - وكتر خيرهم على ذلك - دون ان يتنبهوا الى حقيقة ان مثل الانتهاك هذا هو القاعدة في ظل الانظمة الشمولية وان ما عداه هو الاستثناء.
* وكذلك الامر حين ينزعجون جراء تنامي ظاهرة الاختلاسات .. أو ظاهرة كبت الحريات .. أو ظاهرة الصرف البذخي وتبديد موارد الدولة .. أو ظاهرة التعتيم على الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية مع اطراف خارجية .. أو ظاهرة .. أو ظاهرة «تطنيش» الرأي الآخر وتسفيهه.
* امثال الكتاب هؤلاء هم ذوو نوايا طيبة «رايح عليها الدرب».
* وكذلك الامر حين نجد رجلاً اقتصادياً طيباً مثل عبد الرحيم حمدي ولكنه يريد ان يزرع بذرة اقتصاد السوق الحر في تربة شمولية لا تعرف من معاني الحرية إلا تلك التي يطلق فيها المسؤول يده يفعل ما يشاء.
* فحمدي .. وبعد أن نسيناه في خضم الاحداث .. عاد ليذكّرنا مرة اخرى بانه مهندس سياسات التحرير الاقتصادي، وان السياسة هذه هي الافضل من بين نظيراتها في العالم اجمع، وان الخصخصة - باعتبارها جزءاً من سياسة السوق الحر - هي اجراء ضروري لانعاش الاقتصاد.
* ودفاع السيد عبد الرحيم حمدي عن الخصخصة تحديداً هذه الايام يجيئ على خلفية شروع الحكومة في بيع اصول النقل النهري والذي كان حتى قبيل مجيئ الانقاذ شيئاً «يهز ويرز».
* وما ذكرنا له وزير المالية السابق .. وما تذكّرناه به .. لا جديد فيه .. الجديد والمثير في حديثه هذه الايام - حسب «السوداني» - هو نفيه شبهة المساس بالسيادة الوطنية عن سياسة الخصخصة كما هي متبعة في ايامنا هذي وذلك خلافاً لما نبّه له سياسيون واقتصاديون كثر لا ينظرون الى الامور بمنظار حمدي السياسي نفسه.
* فقد قال بعض اهل السياسة والاقتصاد هؤلاء ان كل ما تمت خصخصته في ظل النظام القائم هذا آلت ملكيته للقطاع الخاص الاجنبي الامر الذي يعد انتقاصاً للسيادة الوطنية.
* وقالوا ان الخصخصة - باعتبارها افرازاً من افرازات السوق الحر - لا تصلح إلا في ظل انظمة يحتكم فيها ألى تنافس سياسي حر.
* وقالوا ان ما يجري من عبث في السودان تحت شعارات الخصخصة لم يتمخض عنه إلا فساد ومحسوبية و«بلاوي» لا صلة لها بدنيا الخصخصة كما يعرفها العالم الديمقراطي.
* فلماذا اذاً يصّر حمدي - ومن شايعه - على اجترار النهج الليبرالي ليقتطعوا منه ما يلائمهم «اقتصادياً» ويتركون ما لا يلائمهم «سياسياً!!»؟!.
* فاذا كان يعجبهم مبدأ ان يكون التنافس حراً في مجال الاقتصاد فلماذا لا يسعون الى تعميمه على مجال السياسة ايضاً علماً بان واضعي المبدأ هذا الذي يعجبهم اشترطوا بان يؤخذ كله أو يترك كله لانه لا يصلح وجه منه في غياب الوجه الآخر؟!.
* لماذا «كنكشة!!» هناك ليس فيها «نفس» و«برطعة!!» هنا ليس لها حدود؟!!.
* الاجابة على الاسئلة هذه لا تحتاج الى اجتهاد أو «درس عصر».
* انها الاسباب نفسها التي تجعل بعض حملة الاقلام يصوبون سهام نقدهم تجاه اخطاء من تلقاء الحكومة ولكنهم يغضون الطرف عن «طبيعة!!» النظام نفسه الذي تُرتكب في ظله الاخطاء هذه.
* والعود اذا ما كان اعوجاً فان ظله لا يستقيم.
|
|
|
|
|
|