دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
لماذا أصبح الإمام إرهابياً؟؟ مقالا آخر للدكتور عبدالحميد الأنصاري
|
كنت أود أنشر هذا المقال كجزء من بوست الحوار الذي أجري مع الدكتور عبدالحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة بجامعة قطر، وذلك في إطار لفت نظركم لقراءة هذا الرجل، والذي بلا شك أنني أتفق مع رؤيته، ولكن تفاديا لأهمية الموضوع والمقال رأيت أن أفرد له بوست منفصل، آمل من الجميع مناقشة الأمر بعقل مفتوح. ================================ لماذا أصبح الإمام إرهابياً؟ تاريخ النشر: الأحد13/2/2005, تمام الساعة 01:37 مساءً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة د. عبدالحميد الأنصاري-كاتب قطري-الإرهاب: عقيدة متسلطة، وفكر عدواني، وثقافة كارهة للحياة، ومفاهيم تعصبية، وخلايا تحت الأرض، وتمويل مشبوه، ومنابر محرضة، وبيئة حاضنة، هي حلقات للإرهاب متسلسلة.
كل التحقيقات مع المتهمين، سواء في الدار البيضاء، وفي مصر من قبل، وفي اليمن والسعودية، أو في الكويت مؤخراً، تقود إلي المنبع التكفيري كأصل اعتقادي للإرهاب.
أمير خلايا التكفير في الكويت، شاب لا يتجاوز 29 سنة، عامر خليف العنزي، تخرج في ثانوية الجهراء وحصل علي ليسانس في أصول الدين من شريعة الكويت وبتفوق، وعين إماماً وخطيباً في أحد مساجدها ونال شهادة تقدير من الأوقاف، وهو محبوب وليس له سجل أمني وكان له جمهور يقبل علي دروسه الدينية، قال عنه والده: كان مطيعاً ودوداً وصاحب قيم وحيي ما الذي قلبه إرهابياً؟.. الكويت فصلت 13 إماماً، والسعودية فصلت 1700 لتجاوزهم رسالة المسجد، والأردن نفذت حملة ضد خطباء مخالفين واتخذت إجراءات ضدهم، وتورط إمام مسجد في نيويورك في صفقة صاروخ، ليكشف- عبدالرحمن الراشد، الشرق الأوسط 7/8/2004 حجم الاختراق الذي بلغه فكر التطرف حتي وصل إلي أئمة يُفترض أن يكونوا هُداة مرشدين! وحملة السكينة في السعودية نجحت في إقناع 420 شخصاً بالتخلي عن الفكر الإرهابي وفي صنعاء يُحاكم أكثر من 800 متطرف، وهناك العشرات من الخلايا النائمة تشكل مشاريع إرهابية مستقبلية. تُري ما الذي أصاب شبابنا؟ لماذا يعتنق شبابنا فكر التكفير؟ ولماذا أصبحوا قنابل موقوتة ضد مجتمعاتها؟ ومن أين تهب رياح التكفير علي الخليج الآمن؟
إن الإنسان لا يضحي بنفسه إلا من أجل الغالي والنفيس. ولا يترك الدنيا بمباهجها إلا من أجل حياة أكثر بهجة، ولا يزهد في نساء الدنيا إلا من أجل نساء الجنة، فماذا جعل هؤلاء الشباب يندفعون إلي الموت سراعاً؟ إنه عقيدة التكفير الغلابة . إنه القطعية بإمتلاك الحق والصواب و احتكار الحقيقة واعتقاد أن الآخر المخالف في بطلان وضلال. جذور هذا الفكر المدمر بعيدة غائرة في التراث، نجد بداياتها عند أول ممثل له الخوارج في تكفيرهم وخروجهم علي أفضل مجتمع، ونجدها في محطة أخري تمثلت في ذلك التكالب من قبل الفرق الإسلامية علي تتبع روايات الفرقة الناجية في إدعاء شمولي لكل فرقة أنها الوحيدة الناجية وأن الآخرين في النار، ذلك المنهج الإقصائي له امتدادات في مناهجنا التعليمية الظاهرة والخفية وفي منابرنا الدينية والإعلامية وعبر الشبكة الالكترونية متمثلة في التشكيك في عقائد المخالفين مذهباً أو طائفة أو فرقة فهم في ضلال ونحن علي هدي. وطبقاً- لراشد المبارك- فإن الخلاص يبدأ من تجفيف ينابيع قديمة سقت وتسقي شجرة التعصب والتحامل- الحياة 8/7/2002.
نحن جميعاً مسؤولون عن حماية شبابنا وتأمين مستقبلهم المهدد بالسرقة وعلينا أن نمنع الإرهاب من خطف أبنائنا من أحضاننا الآمنة- إقبال أحمد، القبس 2/11/4- ولا يتم ذلك إلا بتفكيك بنية الفكر التكفيري وعبر استنقاذ مفاهيم دينية سامية: الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من قبضة التفسير الإرهابي المشوه.
ومن ناحية أخري علينا المراجعة وإعادة النظر في كافة الروافد التي تغذي بحيرة التطرف والتكفير التي تتسع يوماً بعد آخر من تعليم وتربية وخطاب ديني وإعلامي وسياسي وثقافي، لتنقيتها من السموم الفكرية: التعصب والكراهية والعنف والطائفية والعناصر الإقصائية والتمييزية سواء ضد المرأة أو ضد المخالف ديناً وعلينا تدريس التاريخ بإيجابياته وسلبياته ونزع الصفة التقديسية والتمجيدية عنه فهو تاريخ بشر يصيبون ويخطئون بما في ذلك عصر الصحابة- رضوان الله عليهم- وسياساتهم وحروبهم وكفاناً تقديساً، وانتفاخاً كاذباً!
علينا تخصيب مناهجنا بالقيم الإنسانية وإعلاء قيمة الإنسان في ذاته انطلاقاً من تكريم الله للإنسان ولقد كرمنا بني آدم .
لقد تساءل خليل حيدر وهو محق: كيف لا يتطرف شبابنا؟ وقال: لا يولد الشباب متطرفاً إرهابياً، ولكن البيئة المحيطة ومن خلال الجماعات المتشددة وعبر الكتب والأشرطة- التي لا تباع ولا تشتري- والمنابر المحرضة تجعله كارهاً للحياة مستعداً للموت في سبيل دولة علي نموذج طالبان أو الخلافة- الوطن 24/1/5.
بعد 50 سنة من التعليم والتحديث، خرج شبابنا علينا، غاضبون كارهون ناقمون. لقد فشلنا، فشل الحل الأصولي والحل القومي معاً. إن نقطة الإخفاق الأساسية في مشاريع التنمية العربية العجز عن جعل الحياة - أمام شبابنا- مكاناً يستحق أن يحيوا فيه، علمناهم أن الجهاد هو الموت في سبيل الله ولم نعلمهم أن الجهاد الحق هو كيف نحيا في سبيل الله- صناعة وتنمية وعمراناً وإنتاجاً ودفاعاً عن الحق والحرية وكرامة الإنسان- وأتصور أن القضية أعمق، بل هي إخفاق شامل للمشروع النهضوي منذ بدايات القرن، إذ أنتج في نهاياته أشخاصاً كصدام وبن لادن والظواهري والزرقاوي وكل الأوضاع المحبطة.
إننا بحاجة إلي قطيعة معرفية شاملة مع تلك الينابيع المسمومة التي لوثت عقول أبنائنا كما فعلت النخبة الألمانية بعد هزيمة هتلر إذ عكفت علي دراسة الأسباب المؤدية للنازية، واكتشفت أن منابع الثقافة الألمانية بأسرها منابع مسمومة وكان لابد أن تسفر في النهاية عن ظهور هتلر ورفاقه وحزبه، ولذلك ضربوابمثل هذا التراث عرض الحائط- حسين أمين، الحياة 7/8/2004- وكما فعلت اليابان عقب هزيمتها إذ رمت بالتراث الامبراطوري وراء ظهرها لتبدأ بداية مختلفة.
ولذلك فمحاولة البعض تفسير الإرهاب بما يحصل في العراق وفلسطين أو بالتواجد الأمريكي أو السياسات الأمريكية في المنطقة أو الضغوط الدولية للتغيير أو اضطهاد المسلمين كما يذهب إلي ذلك دعاة ومنابر وأحزاب دينية أو تبرير الظاهرة الإرهابية بغياب الديمقراطية ووجود المظالم أو ربطها بالضائقة الاقتصادية والبطالة أو حتي تعليلها بالجهل بأحكام الدين أو وصف من يقومون بالإرهاب بأنهم فئة معزولة أو ضالة أو شاذة أو سفيهة أو خارقة أو أنهم حمقي أو مرضي أو مخدوعون من قبل القوي الخارجية والموساد، كل تلك التبريرات أو الأوصاف لا تشكل مدخلاً صحيحاً لفهم الظاهرة الإرهابية ثم علاجها ولو استمر الساسة وقادة الفكر في ترديد تلك الأسباب فلن يحلوا معضلة الإرهاب.
الذين قاموا بتلك الأعمال هم أبناؤنا وهم أبناء بررة لتربيتنا وثقافتنا وتعليمنا ومناهجنا وأيضاً لخطابنا الديني والإعلامي والسياسي. ولن يفيدنا - شيئاً- تكرار القول- الإرهاب لا دين له ولن يغنينا - أيضاً- ترديد اسطوانة حادثة أوكلاهوما، والألوية الحمر ولا الزرق ولا حكاية المتعصب اليهودي الذي قتل رابين كل ذلك لا يجدينا ولن ينفعنا ولا يعفينا عن المسؤولية، وكما يقول الذايدي في مقالة قيمة مؤخراً- الشرق الأوسط 8/2- أهل الدار أولي بإصلاح دارهم، وصاحب الجرح النازف لن يرقأ دمه أن يوجد شخص آخر ينزف مثله كما أن تلك الحوادث الإرهابية عند الآخرين كانت استثنائية ولم تشكل ظاهرة كما هي عندنا تمتد عبر ساحتنا العربية والإسلامية كلها تفجيراً وقتلاً وتعبر القارات لتؤذي غيرنا، ودائماً وراءها أناس من أبنائنا يجمعهم فكر عدواني واحد حتي قال الراشد في عموده الذي أغضب الحقيقة المؤلمة أن كل الإرهابيين مسلمون.. ثم أضاف: وليس كل المسلمين إرهابيين - الشرق الأوسط 4/9-.
جمال خاشقجي له مقال متميز عن الإرهاب- الوطن 8/2 قال فيه: لنحلل الصورة ونفككها، ولنأخذ أحد الذين وقعوا في الفخ، سنجده ضحية رغم أنه مجرم شرعاً وعرفاً، شاب ناجح، طموح، وفوق ذلك متدين، مهتم بأمر المسلمين، يغار علي حرمات الله، يرتضيه أي أب زوجاً لابنته، ولكنه أيضاً شاب غاضب وكلنا غاضبون، إلا أنه تنكب عن الطريق وعبر عن غضبه بمنهج متطرف كفر به المجتمع ورفع السلاح بناء علي فتوي تجيز له الخروج، وهو الأمر الذي يجب أن يلاحظه العلماء الذين يكررون القواعد الإسلامية المعروفة من تحريم الخروج وكأن هؤلاء لم يسمعوا بها.
إن الإرهاب هو غبار تراثنا كما يقول أحد القراء في الشرق الأوسط وعلينا أن ننفضه عبر إشاعة البهجة في حياتنا بالانفتاح علي الثقافة والفنون وتكريس الفكر الحر وغرس قيم التسامح وكرامة الإنسان والأخوة الإنسانية وإنصاف المرأة وتمكينها من حقوقها كاملة لتشارك في ترقية وتهذيب السلوك المجتمعي فمجتمع لا يسمح للمرأة بدورها السياسي والاجتماعي لا ينتج إلا ذئاباً بشرية.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لماذا أصبح الإمام إرهابياً؟؟ مقالا آخر للدكتور عبدالحميد الأنصاري (Re: nadus2000)
|
Quote: ومن ناحية أخري علينا المراجعة وإعادة النظر في كافة الروافد التي تغذي بحيرة التطرف والتكفير التي تتسع يوماً بعد آخر من تعليم وتربية وخطاب ديني وإعلامي وسياسي وثقافي، لتنقيتها من السموم الفكرية: التعصب والكراهية والعنف والطائفية والعناصر الإقصائية والتمييزية سواء ضد المرأة أو ضد المخالف ديناً وعلينا تدريس التاريخ بإيجابياته وسلبياته ونزع الصفة التقديسية والتمجيدية عنه فهو تاريخ بشر يصيبون ويخطئون بما في ذلك عصر الصحابة- رضوان الله عليهم- وسياساتهم وحروبهم وكفاناً تقديساً، وانتفاخاً كاذباً!
علينا تخصيب مناهجنا بالقيم الإنسانية وإعلاء قيمة الإنسان في ذاته انطلاقاً من تكريم الله للإنسان ولقد كرمنا بني آدم .
|
| |
|
|
|
|
|
|
شكرا لك نادوس (Re: nadus2000)
|
شكرا لك نادوس
ذكرتنى بمقال (( شجرة نسب الغول)) كتبه الفنان و الناقد عبدالله بولا ردا على الطيب صالح عندما كتب مقاله الشهير ""من أي أتى هؤلاء""
لقد كتبت بوست عن الهوس الدينى وضرورة مساعدة الأبناء و البنات وتجنيبهم الوقوع فى براثنه بعنوان الهوس الدينى كارثة الكوارث واعتقد ان هذا الموضوع لم يجد النقاش الكافى على أهميته فناس البورد مشغلوون بأشياء أخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
|