|
Re: عطبراوي... يفرض نفسه ضمن قائمة من الكتاب العرب المميزين. (Re: nadus2000)
|
أثناء بحثي في الإنترنت لإعداد مادة البرنامج، تعثرت بهذا الكاتب وهذا المقال ضمن مقالات منتقاة بعناية لكتاب عرب تم إنتقاؤهم بعناية أيضاً، فلو تعرفون كم كانت فرحتي كبيرة بأن يكون هذا "الأتبراوي" هو زميل المنبر وهو الذي لا حظ كثيراً منا عمق الفكر وسلاسة اللغة، فإليكم أحد مقالاته المنشورة هناك: ========================================================================= على هامش مأساة أبليس 000 ما مصير جماعات الاسلام السياسي في حال اسلمت امريكا!!؟؟ عبد الخالق السر [email protected] 2004 / 11 / 19
"الشهيد" قصة طريفة وجميلة كتبها توفيق الحكيم تحمل الكثير من الدلالات التي تصب في ما نحن بصدد التطرق إليه في هذا المقال000 يقول الحكيم في هذه القصة أن إبليس قرر ذات يوم أن يتوب إلى ربه وأن يرجع عن أثمه ليكرس نفسه لعمل الخير والسير على الصراط المستقيم، فذهب إلى شيخ الأزهر ليتوب على يديه ويدخل بإرشاده في الدين الحنيف فدار الحوار التالي بين إبليس وشيخ الأزهر: "00 إيمان الشيطان؟؟ عمل طيب ولكن 00 - ماذا" أليس من حق الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجا؟؟ أليس من آيات الله في كتابه الكريم : "فسبح بحمد ربك واستغفره أنه كان توابا"؟ هاأنذا أسبح بحمده واستغفره ، وأريد أن أدخل في دينه خالصاً مخلصاً وأن أسلم ويحسن إسلامي وأكون نعم القدوة للمهتدين!!
وتأمل شيخ الأزهر العواقب، لو أسلم الشيطان ، فكيف يتلي القرآن؟ هل يمضي الناس في قولهم : "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟!" لو تقرر إلغاء ذلك لاستتبع الأمر إلغاء أكثر آيات القرآن 000 فان لعن الشيطان والتحذير من عمله ورجسه ووسوسته لما يشغل من كتاب الله قدراً عظيماً 000 كيف يستطيع شيخ الأزهر أن يقبل إسلام الشيطان دون أن يمس بذلك كيان الإسلام كله؟!!0 رفع شيخ الأزهر رأسه ونظر إلى إبليس قائلاً: انك جئتني في أمر لا قبل لي به 000 هذا شيء فوق سلطتي، وأعلى من قدرتي، ليس في يدي ما تطلب 000 ولست الجهة التي تتجه إليها في هذا الشأن0 - إلى من أتجه إذن؟؟ ألستم رؤساء الدين؟ كيف أصل إلى الله إذن؟ 00 أليس يفعل ذلك كل من أراد الدنو من الله؟ أطرق شيخ الأزهر لحظة 00 وهرش لحيته ثم قال: - نية طيبة لا ريب ! 000 لكن 0000 على الرغم من ذلك أصارحك أن اختصاصي هو إعلاء كلمة الإسلام، والمحافظة على مجد ( "**"الأزهر ، وأنه ليس من اختصاصي أن أضع يدي في يدك00000000" **** إن أدنى محاولة لتمثل هذا الخيال الخلاق وسحبه على مجمل تجربة جماعات الإسلام السياسي المعاصرة قد يعيننا على كشف فداحة الواقع الذي يقبع فيه القوم والذي يسعون من خلاله باستماتة لانتزاع شرعية وجودهم0 وانطلاقاً من ذات الخيال حق لنا أن نشرع "افتراضاً" في تصور ما سيؤول إليه الوضع في عالمنا العرب – إسلامي فيما لو أسلمت أمريكا وتابت وأنابت أمرها إلى الله ورسوله محمد (ص) دون غيره من الرسل0 ليس ذلك فحسب، بل استطال بها الأمر حد التطرف في التوبة بحيث أنها تبنت المذهب الحنبلي وذلك بوصفها – أي أمريكا- أعجمية ولا قبل لها بتبني مذاهب تعزز من قيمة العقل وتأخذ بالرأي وفقاً لمقدرة تامة بتعقيدات اللغة العربية وتصاريفها وتأويلاتها0 اذاً السؤال هنا: كيف يكون وقع مثل هذا التصرف غير المتوقع من قبل جماعات الإسلام السياسي؟ وكيف لها أن توطن نفسها للتعامل معه؟ هل ستعم الفرحة هذه التنظيمات بدخول "الشيطان الأكبر" حظيرة الإسلام؟ وبالتالي ستنتظم الصفوف لتجاوز مربع الانتظار الذي يقبعون فيه بحجة المجاهدة؟ والاتجاه بقوة لتفعيل الاجندة الاجتماعية، الثقافية الاقتصادية والسياسية المؤجلة بحكم ضرورات هذه المجاهدة؟ أم ستأخذهم المفاجأة كما تجلت بوضوح في ارتباك وحيرة شيخ الأزهر إلى الدرجة التي تجعل حساباتهم ترتبك ويتحسسون بقلق ووجل مستقبلهم ومصيرهم إذا هذا القرار غير المتوقع كلية من الشيطان الأكبر؟؟!!!0 قرائن الأحوال تعزز من تبني السيناريو الأخير المفضي إلى رفض التوبة جملة وتفصيلاً لأنه ببساطة تمثل أمريكا "كعب أخيل" الذي تستمد منه هذه الجماعات مشروعية وجودها بعد أن فشلت على أرض الواقع في تبني أي مشروع حقيقي يخرج الأمة بأسرها من أزماتها 0 بل العكس من ذلك باتت على مدى عقود طويلة من الزمن "تبرطم" بتمتمات وتعويذات من شاكلة "الإسلام هو الحل" أو "الحاكمية لله" دون أن يصحب ذلك أدنى تصور منهجي أو رؤية فلسفية تتسق مع الواقع الحياتي المعاصر وتستمد حلولها من القدرة على معالجة اشكالاته بقدر تمسكها برؤى ميتافيزيقيا مشبعة بروح الأساطير والحلول السحرية هي مجمل ارث قرون الانحطاط الفكري للحضارة الاسلامية0 وإذا كان مجمل بضاعة هذه الجماعات مزيج من الشعارات الفضفاضة والخطاب "الديماغوجي" بتفريعاته الوعظية، التهيجية والعاطفية0 وبما أنه خطاب "تخديري" فهو لسوء الحظ يجد رواجاً لدى القاعدة بحكم أنه يخاطب المألوف والمتوارث من معارفها كما أنه بقادر على أن يبعث قدراً من النشوة والتوازن النفسي في مثل هذه الظروف من الانحطاط الذي تعيشه الأمة الاسلامية0 ومما يزيد الأمر تعقيداً هو تلك القدرة الاقتصادية المتنامية التي تتمتع بها هذه الجماعات في مقابل العجز التام للأنظمة السياسية الحاكمة للقيام بدورها اتجاه مواطنيها والانصراف بدلاً عن ذلك إلى قمعها وإفقارها كما هو ماثل على أرض الواقع، مما يظهر هذه الجماعات بمظهر المنقذ الأسطوري صحاب الحلول الإعجازية للاشكالات الحياتية المتفاقمة 0 كما أن استبداد هذه الأنظمة وفسادها ورهنها الكامل لارادة الأمة للهيمنة الأمريكية الإمبريالية يعطي هذه الجماعات ذات الحلاقيم الواسعة وضعاً بطولياً زائفاً لا يتسق مع حقيقة إمكانياتها على أرض الواقع0 وما هو جدير بالذكر أن كافة ما تبشر به هذه الجماعات للخروج بالأمة من النفق هو التبشير بحل الهي لكافة مشاكل البشرية - تمتلك كل واحدة من هذه الجماعات دون غيرها من الأخريات "فضلاً عن العالمين" أسراره وفك رموزه!!0 وما على "الغوغاء" من البشر إلا التسليم بذلك وانتظار ذلك بعد القضاء على الشيطان الأكبر و"عبدته" ووقتها على طريقة "المصباح السحري" ستمتلئ الأرض "فجأة" عدلاً بعد أن ملأت ظلماً وجوراً!!0 يتم ترديد ذلك بشكل مبسط ومنتظم دون المرور بعناء "كيف" وما هي الآليات اللازمة لتحقيق ذلك0 ومرد الأمر في هذا الصدد هو "وببساطة" شديدة أن هذه الجماعات لا تمتلك في الأصل برنامج دنيوي يتأسس على عبقرية الإنسان في التغلب على إشكالياته الحياتية والسعي لتطويع الظروف الطبيعية لأن ذلك مرتبط أساساً بالعقل العدو الحقيقي لهذه الجماعات الميتافزيقيا0 إذن البديل لا محالة في الحلول السحرية وانتظار المعجزات التي لن تأتي (بنص الحديث الشريف)0 ولما كان الأمر يتعلق بوجود هذه الجماعات وتعزيز مصالحها التي تكونت بمرور الزمن كان لابد من التحايل وابراز فروع الفروع والعمل على تضخيمها وصبغها بنوع من المصيرية يتبدى معها "ظاهرياً" أن في حلها حلول لكل المشاكل والأزمات التي يمر بها المسلم المعاصر0 إذا لا عجب أن يتمحور الدين في فقه الحيض وفضل إطالة اللحية ولبس الجلباب "الباكستاني" وحكم لبس البدلة أو الكعب العالي0 وتقبع قضايا الحريات والإصلاحات السياسية والاجتماعية والتعليمية على هامش الهامش طالما أنها في مرتبة النوافل!!0 ومما لاشك فيه أن اللواذ من مثل هذه القضايا المصيرية هو نتاج موضوعي للفقر الفكري والمعرفي لهذه الجماعات وانكفائها على المرجعية الدينية الكلاسيكية بغية تطويعها والسعي "اعتسافاً" لعصرنتها بغية الحصول منها على حلول سحرية لاشكالات الواقع المعاصر0 ولكن واقع الحال ينبئ أن المحصلة الوحيدة التي تحققت لهم هو نجاحهم الأكيد في شل قدرات المجتمع والعمل بقوة على تنميطه وتجهيله مما يفسر هذا الصمت الحاد اتجاه تهشيمهم المنتظم للأمة0
ومن سوء حظ هذه الجماعات أن الفرص التي توافرت لها على الصعيد العملي لامتحان خطابها على أرض الواقع قد ساهمت تماماً في تعريتها وأبانت على مستوى لا يقبل اللبس جهلهم التام بأبجديات الواقع المعاش وقصر نظرهم واستطالة تهويماتهم، خصوصاً فيما يتعلق بمفهوم الدولة الدينية التي بشروا بها الناس طويلاً0 ولعل في تجربة الإنقاذ بالسودان وطالبان بأفغانستان وباكستان إضافة للمملكة العربية السعودية يكشف بجلاء أن هذه الأنظمة "الثيوقراطية" هي الأسوأ مقارنة بأسوأ الأنظمة الشمولية والديكتاتورية التي عرفتها الشعوب الاسلامية0 فنظام مثل "طالبان" مارس تهشيماً لكل أسس الدولة المدنية الحديثة مراهناً – حسب خطابه- على مشروع "دولة المدينة"، فكانت النتيجة ديكتاتورية دينية مارست سحلاً وتنكيلاً بالخصوم وفرض ممارسات في غاية التسلط مثل إرغام الرجال جميعا على تبني اللحى ومنع اللبس "الإفرنجي"0 أما فيما يخص النساء، فقد مارست طالبان وأداً لهم لم يسبق له مثيل منذ الجاهلية0 فقد أقفلت المدارس وتفشى الجلد والرجم والحبس داخل المنازل0 ثم أخيراً تبين للنظام الحاكم أن دولة الإسلام المزعومة لا مفر أمامها غير اقتصاد متين تستمد منه الاستقرار0 ولأن ذلك لم يكن في حسابات "دولة المدينة" فقد تم تبرير الاعتماد على "الأفيون" كمصدر أساسي للدخل في محاولة للخروج من الأزمة، وهو حل بالتأكيد لا يحتاج إلى دولة دينية!!0 أما نظام الإنقاذ في السودان فيصدق عليه القول بأنه "باع الترام" للمسلمين والاسلام0 فبعد أن تنادى القوم وأتوا من كل فج عميق لدولة الإسلام الفتية التي أنذرت "معسكر الشرك" – أمريكا – روسيا قد دنى عذابها- فإذا بها تبيعهم بالجملة والقطاعي، ويتحول شعارها إلى "الأمريكان الليكم توسلنا"0 أما على مستوى الداخل فقد مارست تهشيماً للبنى الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية بشكل لم يسبق له مثيل0 كما كان وجودها ايزاناً بتصدع القيم وانهيار منظومة السلوك لصالح ثقافة قطاع الطرق والمافيا!!0 أما الدولة السعودية فيكفي أنها في زماننا هذا تمثل دولة "القبيلة" الوحيدة بامتياز0 و يحتاج التصدي للغبن الاجتماعي فيها إلى مجلدات0 أما وضع المرأة على وجه الخصوص فهو الأسوأ في العالم بشهادات منظمات حقوق الانسان0 والسعودية رغم إمكانياتها الضخمة إلا إن انسانها خارج دائرة الفعل والفضل يرجع في ذلك للذهنية الدينية المسيطرة على مقاليد الأمور هناك0 فعلى سبيل المثال لا يمكنك تجد مائة محاسب سعودي فيما يمكنك بسهولة الحصول على مائة ألف منهم حاصلون على الدكتوراه في الفقه بتفريعاته أو في مذهب ابن حنبل أو موطأ مالك00الخ0 وهذا يفسر إلى حد ما ذلك الاعتماد الكلي على الأجنبي0 ولا ينتهي الحديث دون التطرق لباكستان محمد علي جناح والتي فضلت الانفصال عن الهند في سبيل قيام الدولة الدينية المزعومة فكان المنتهى انفصالاً بين أخوة الإسلام أثمر "بنغلاديش" واضطرابات سياسية لا تكاد تنتهي حتى تبدأ حتى انتهى بها الأمر في ظل الجنرالات إلى ابن مطيع للإمبريالية الأمريكية في يومنا هذا0
خلاصة الأمر، ومن خلال هذا السرد يتضح بجلاء أن الجماعات الإسلامية لم تسع يوماً لأن تكون البديل الحقيقي للنظم السياسية المتعفنة في العالم الإسلامي وذلك وفق رؤى وبرامج منهجية تستلهم حلولها من الواقع المعاش بقدر ما كان سعيها الدؤوب لأن تكون بديلاً تلفيقياً يجد نفسه في التعالي على الواقع وفي التهويم والخرافة والاقتيات من نظرية المؤامرة وصناعة العدو حتى وان لم يوجد ، وتضخيمه بحيث يكون البدء والمنتهى – إن وجد- كما في حالة أمريكا0 ومن هنا حق لنا أن نفترض ونتساءل في نفس الوقت: ما هو مصير جماعة الإسلام السياسي لو أسلمت أمريكا!!!!0 هوامش: ** صادق جلال العظم (نقد الفكر الديني) ص 85-86
| |
|
|
|
|
|
|
مآلات دولة -الطهارة الفرعونية ... وظاهرة الوهابية كافراز حتمي (Re: أبنوسة)
|
مآلات دولة -الطهارة الفرعونية ... وظاهرة الوهابية كافراز حتمي عبد الخالق السر [email protected] 2004 / 9 / 25
مدخل: كان مفهوم الطهارة الفرعونية – وما زال- قائماً على مفهوم العفة حتى وان استبان خطل الفكرة بمرور الزمن وثبت عكسها. وعلى ذات النسق يمكن تجيير تجربة الانقاذ من حيث أنها تجربة طهرانية "المشروع الحضاري" أعادت بشكل مأساوي انتاج كل بنيات التخلف الاجتماعي ، الثقافي ، السياسي فضلاً عن أنها للمفارقة هدمت كل أركان الاخلاقي الذي هو من المفترض أن يكون البنية الاساسية لأي مشروع طهراني. وها نحن هنا نسلط الضوء على "السلفية" كظاهرة متنامية ذات صلة وثيقة باعادة انتاج كل ما هو مأساوي.
سيظل الفكر السلفي عموماً والوهابية كأحد أبرز فروعه هماً أصيلاً ومنغصة حقيقية وخنجراً في خاصرة الأمة الإسلامية وعثرة نهوضها في ظل هذا التخلف المريع الذي تعيشه مجتمعاتناً لأنه البيئة الخصيبة لنمو مثل هذا الفكر والذي لا يستمد أصلاً وجوده أو عافيته إلا في بيئة متخلفة اجتماعياً وبالتالي حضارياً، وليس في ذلك غرابة إذا علمنا أن الوهابية نفسها ليست سوى ثقافة بدوية في لبوسها الديني. وهذا ما يفسر استهداف الوهابية للمجتمعات المشابهة في ظروف التخلف وانتشار الأمية والجهل بالدين نفسه. ومما لاشك فيه أن المجتمعات المتخلفة تكون المرأة فيها أكثر قطاعات المجتمع تضرراً وتأذياً من نتائج هذا التخلف، وتكون اكثر استعداداً نفسياً للخضوع، وعندما يتعلق الأمر بالديني هذه المرة فهي تبدي ارتياحاً نفسياً لأن القهر هذه المرة يأتي من السماء وليس من الإنسان كما اعتادت سابقاً. وبالطبع هذا النوع من التفسير الساذج لا يتأتى إلا من إنسان لم تتوفر له سبل الوعي الحقيقي بإنسانيته المهدرة على مر الازمان. ولذلك يبلغ بها الأمر مبلغ أن تقوم بدور المغفل النافع (إن صح التعبير) في تحمل عبء تكريس دونيتها وتجهيلها في ظل حماستها غير المشروطة للمذهب الذي نجح تماماً في السيطرة عليها حد إلغاء العقل 0وهذا يمثل أكبر انتصارات المذهب السلفي والذي يعاني هو أيضا عقدة دونية مستفحلة من العقل والوعي الحقيقي وهي مناطق لا يجيد الاقتراب منها لأنه يستشف فيها هزيمته وتراجعه، لذا نراه يستبطن كراهية عميقة لكل ما هو حضاري أو علمي، وهذا يفسر لنا احتقاره للتعليم الوضعي وخصوصا العلوم الإنسانية ، وليس سراً انه يصفها بالمكروه دينياً إن لم يجاهر في بعض الأحيان بحرمتها0 وليس هذا بمستغرب على أي حال، بل الأصح أن هذا يتفق ضمنياً ويتسق مع منهجه المؤسس على تغييب الوعي وإلغاء العقل0 لكن الطريف في الأمر أنه وللمفارقة كثيراً ما يحتفي بمنتجات العلوم الوضعية التي يحرم اتباعه من الاقتراب منها (سيارة، موبايل، سكن مريح 000 الخ)0 ولا ننسى بالطبع في زحمة (تابهواته) التي لا حصر لها أن يبدي كثيرا من التناقض والمفارقة المضحكة خصوصاً فيما يسميه الاقتداء الحرفي بأفعال النبي الكريم، فمثلاً: يصر على اللحية والسروال القصير وطريقة الآكل واللبس تأسيا به، ثم لا يلبس أن يقفز دون مبرر مناسب إلى تأويل حداثي لا يتفق مع نهجه الحرفي النقلي في التفسير، من شاكلة ركوب السيارة بدلاً من الفرس أو الدابة كما كان يفعل النبي وقتها، والسكن الفاخر والمكيفات عوضاً عن الخيمة كما يحدث في ذلك الزمان!!0 هذا الارتباك المفاهيمي والافتقار إلى الخيال الخلاق يجعل من الوهابية مذهب قابل للانقراض ما لم تتوفر أسرار بقائه في المجتمعات ذات البيئة الموغلة في التخلف والبدائية والتي يكون الإنسان فيها على صلة واهية بحاضره ودينه إن لم يكن منقطع فعلياً بحكم كثير من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية0 المتتبع للتغلغل الوهابي في كثير من المجتمعات المتخلفة في العالم الإسلامي ومنها بالطبع مجتمعاتنا يجد أن الأثر الاقتصادي كان وما زال عاملاً مهماً في تنامي مدها خصوصاً مقدرتها على استهداف مناطق الفقر والجهل التي يكون الإنسان بجانب الظرف الاقتصادي غير منتج فعلياً بحكم تواضعه المعرفي والتعليمي كآلية مهمة من آليات هذا العصر0 وغنياً عن القول أن المذهب الوهابي مذهب إقصائي بالفعل يستند في وجوده على إلغاء الآخر وجوديا أو معنوياً وذلك ما يفسر استبطان العنف والفظاظة في تعاطيه مع الأشياء وفي حالة ضعفه الانطواء وخلق الجيتوهات الخاصة به، وفي هذه الحالة يكون أشبه بالتنظيمات الماسونية، لا يسمح لأحد من غير اتباعه بالاقتراب0 وهو يغذي أفراده بمخزون وافر من الكره للآخر المخالف لمنهجه، ويستوي في ذلك المسلم من غير المسلم، وهو لكي يستمد التوازن من عزلته وغربته كان لابد أن يثمن من هذه العزلة ويعزيها إلى تمسكه بدينه ، ويبحث لها عن معادل ديني وكان أن نجدهم يكثرون ترداد الحديث القائل في ما معناه: (ولد هذا الدين غريباً ،وسيأتي عليه زمان يكون فيه غريباً ، فطوبى للغرباء)00 هكذا إذا هم المعنيين دون خلق الله من المسلمين حسب تفسيرهم واحتكارهم للحديث00 والحقيقة كان من المفترض أن يقودنا هذا إلى التطرق لموضوع الحديث وإصرارهم على بلوغه مرحلة النص المقدس (القرآن الكريم)، لو لا أن المقام لا يسمح، وان كان هذا موضوع يستحق الطرق، ولكن نعد بذلك في وقت آخر0 وهذا التنامي ذو الصلة المادية يفسر لنا لماذا لم تعلن الوهابية عن وجودها خارج الجزيرة العربية إلا بعد ظهور البترول وما استتبع ذلك من دعم قوي من قبل السلطة السعودية للمنظمات الوهابية سنأتي لاحقاً لاسبابه 0فالشاهد أن المجتمعات الإسلامية خارج الجزيرة العربية لم تظهر عليها دلائل المظهر الوهابي من عباية نسائية وبرقع أو لحية مسترسلة وسروال قصير إلا باحتكاك أفراد هذه المجتمعات بأهل الجزيرة العربية إبان الطفرة البترولية وما وفرته من فرص عمل لأفراد هذه المجتمعات الفقيرة، وكان أن تم تسخير أكثرهم (بعد أن تمت المزايدة عليهم في دينهم) لنشر المذهب الوهابي في ديارهم – وهم في جملتهم من عاطلي المواهب والقدرات - بعد أن أغدقوا عليهم دون حساب. ولعل حسن الترابي يدين بفضل هذه الأموال في تدعيم أركان تنظميه عندما نجح بذكاء شديد في استثمار هذه الأموال الخليجية وتحويلها لصالح دعوة تنظيمه . ويدخل ضمن هذه الدائرة تنظيم الجهاد الارتري وكثير من الفصائل الصومالية المتناحرة 0 ما نود استخلاصه بدقه هو أن الفكر الوهابي لا يستند على منطق وقوة حجة في دعوته وحشده للاتباع بقدر استناده على الدعم الهائل الذي توفره له الدولة0 أما لماذا الإصرار على هذا الدعم الهائل لنشر مثل هذا المذهب الماضوي؟ فهذا ما تصعب الإجابة عليه قطعياً، ولكن بقليل من التأمل والتحليل يمكن الوصول إلى نتيجة مفادها أن ما تم هو جزء من مؤامرة أمريكية لتكريس تخلف منطقة مصالح استراتيجية لا يمكن السيطرة عليها بالكامل إلا من خلال تجهيل وتغييب مستمرين لوعي أهلها، وكان أن وجد النظام الحاكم وأمريكا من خلال شراكة التبعية والانتهازية التي تربط بينهما أن أفضل وصفة للإبقاء على جهل المنطقة هي تلك الوصفة السحرية التي تشكل نسيج المذهب الوهابي – مزيج من العادات البدوية بغطاء ديني – مستثمرة واقع الشراكة الفعلي القائم بين السلطة الحاكمة والوهابيين. بالطبع كانت أمريكا ترمي إلى بعيد حين ثمنت هذه الشراكة وعملت ما وسعها لترسيخها في محاولة للكسب بأكثر من جهه. فمن ناحية تمثل الوهابية حملة مجانية غير مكلفة لتخلف الدين الإسلامي ممثلة في انتهاكاتها المريعة لحقوق الانسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص ومكرسة لبيئة محنطة غير منتجة وتبعية في افضل أشكالها، خصوصا وان العالم الغربي لا يكلف نفسه كثيرا ليعرف الفرق بين الوهابية والإسلام وأنها ليست سوى فكر ديني وليست الدين نفسه بأي حال من الاحوال . ومن جهة أخرى يظل المجتمع أثيراً لسيطرة الثقافة الوهابية المعادية لكل آليات التطور الحضاري بما يضمن لأمريكا والغرب مجتمع ذو تبعية مستدامة خصوصا وان آثار الحضارة لحقته بشكل أو بآخر وجعلت منه مستهلكاً حد الإدمان لمنتجاتها. وهذا يفسر لنا الدعم الذي قدمته أمريكا سراً لنظام طالبان الظلامي (النسخة الآسيوية للوهابية)عبر وسيطها باكستان حتى تربعوا على سدة الحكم في أفغانستان ليقدموا أبشع نموذج إسلامي سر له الغرب وأمريكا أيما سرور . وليس ما حدث بعد 11 سبتمبر لطالبان والسعودية إلا رد فعل تكتيكي لا يمس الاستراتيجي في علاقة أمريكا بعناصر الاسلام السلفي وأن كان رد فعل الصدمة يشيء بغير ذلك. ربما يكون للتحولات السياسية الكبرى بعد الحادي عشر من سبتمبر أثر واضح للتوتر القائم اليوم بين النظام السعودي والتيار الوهابي ممثلا في جناحه المتطرف حتى وصل الحال الى ما نشاهده عبر الفضائيات من اقتتال واحتراب ينذر – ان لم يكن حدث فعلا – بقطيعة نهائية بين الحليفين، والا مر على أية حال هو نوع من سوء التقدير من جانب التيار الوهابي وهو على كل حال يتفق تماماً مع ذهوله عن الواقع وغياب أي عامل فلسفي يمنهج حركته. وحتى هو في هذه الحال نجده لا يتورع في الاتيان بالتناقضات التي تكشف من جهه جهله الفاضح عوضا عن تبيان منهجه التدميري في تغيير حركة المجتمع الاسلامي نحو الافضل وما تلكم المذكرة التي رفعها بعض الاصلاحيين في المملكة السعودية لولي العهد والمتضمنة بعض الاصلاحات الدستورية ورفع مستوى حرية التعبير والنظر بعين الاعتبار لحقوق المرأة السعودية حتى انبرى شيوخ الوهابية ممثلين في هيئة كبار العلماء يستنكرون ذلك ولا ينسوا بالطبع أن يصبغوا عليه صبغة دينية حين وصفوا المذكرة بالمنكر وأصحابها بالخروج على الجماعة وأهل السنة!!!! فتأمل!!؟ هذا في الوقت الذي يشن تيارهم الخارج والمصطلح عليه "بالقاعدة" حرباً على الدولة السعودية بحجة أنها تتحالف مع الطاغوت الامريكي ضد الاسلام والمسلمين.. وبالطبع لا يمكن أن يصدر مثل هذا النوع من الارتباك المفاهيمي الا من جماعة الغت عقلها تماماً واصبحت أثيرة بالمطلق للفكر القروسطي السني المتشدد. نقول هذا ونحن نعي جيداً أن مثل هذه التيارات لم تقوم الا بالدور المرسوم لها تماماً في تكريس الدونيىة والتخلف كما يبين التاريخ الاسلامي عبر مراحله المختلفة. والمؤسي حقاً وفي ظل هذه الاوضاع العربية – الاسلامية المأساوية يظن الكثير أن مثل هذه التيارات "واسعة الحلاقيم" بوسعها أن تشكل خلاصاً أبدياً يجمع بين نعيم الدنيا وجنة الآخرة في ظل اتباعه. ولأنه ظاهرة اقتصادية كما أبنا لا يتردد في أن يبعث باشارات خادعة تعزز من مثل هذا الاعتقاد حين يغدق على مثل هؤلاء مسهماً آنياً في حل بعض معضلاتهم الحياتية ومن باب أن تلك أولى ثمرات التوبة والرجوع الى الله!!!. ولعل ذلك النهج الاستغفالي هو ديدن كل الحركات الاسلامية المعاصرة وتحديداً حركات الاسلام السياسي ولعل "الجبهة الاسلامية" ممثلة في نظام الانقاذ خير مثال ساطع لذلك حين مكنت كل مقدرات البلاد لاتباعها ومن والاهم كاحدى الاستجابات السريعة من العلي القدير لهم أو ليس هو القائل في محكم تنزيله "ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يرى" .. هذا دون التطرق منا للشق التالي من الآية لأن "برغماتية" القوم لا ترى الى الكسب الصراح !!!!!. الشاهد الآن لكل مراقب أن هناك تنامياً مؤسساً لظاهرة الوهابية في القطر ولعل ابرز ملامح ذلك هو هذا التنامي في النساء المنقبات وتلك المحلات التي تبيع الجوارب والبرقع منتقلين بواقع ثقافي- اجتماعي مصحوبا بقدسية الدين الى واقع آخر لا يمت لبيئة هذه الثقافة البدوية بأي صلة سوى تلك "الدوغمائية" المهووسة والتي ترى في نموذجها نموذج دولة المدينة الطهراني – كما هو متوهم في مخيالهم الجمعي- . والمفزع حقاً أن بيئتنا الاقتصادية- الاجتماعية اليوم هي أخصب مكان لتنامي هذا المد الوهابي. فالاحباط المسيطر نتيجة الفشل السياسي- الاقتصادي وآثاره الاجتماعية والثقافية على تماسك البنية الاخلاقية للمجتمع هي أكبر محفز لتناميه وتغلغله مستصحباً كل آليات جهله واشكالاته الاجتماعية- الثقافية المستعصية والتي يئن من وطئتها المجتمع الوهابي الأم والمتمثلة في الانهيار الاخلاقي بشكل عام فضلاً عن تخلف المجتمع رغم توافر فرص نهوضه. يمثل هذا المقال مجرد اشارات محذرة لما هو آت وخيم يزيد من عثرات هذا الوطن المنكوب أصلاً والمستفيض عذابات لا تتوخى المزيد.
18/7/2004
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عطبراوي... يفرض نفسه ضمن قائمة من الكتاب العرب المميزين. (Re: Raja)
|
بالامس القريب جمعتني جلسة مع احد الادباءالسودانين النادرين الذين يكتبون في الصحافة السعودية وقد جاء في معرض حديثنا اسم الاخ عبد الخالق السر عطبراوي وللحق اقول فان الرجل في شهادة يشكره عليها الاخ عطبراوي قد تحدث عن عبد الخالق حديثا مميزا وانه الان يتربع علي صدر هذا المنتدي (الجامع) كاكثر المميزين حضورا وابداعا في الكتابة الموضوعية المقنعة (المهضومة) ... وقد قال لي انه حتي تعليقاته علي البوستات الاخري لا يضيعها ويعطيها حقها الوافي من القراءة والمتابعة .
اعجابي الشخصي بالرجل لم اخفيه يوما حتي عندما اختلف في الرؤية معه الا انه يجبرك علي قراءته الي اخر سطر بنفس لهفة السطر الاول
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عطبراوي... يفرض نفسه ضمن قائمة من الكتاب العرب المميزين. (Re: nadus2000)
|
شكرا أبنوسة علي هذا الوفاء ، واسمحي لي بأن اشاركك إحساس الامتنان بهذا التميّز الذي يُنتَزع انتزاعا ، في وسطٍ ثقافى قليل الإلتفات لتميّزٍ يأتي من السودان !!
والاستاذ/ عبدالخالق السر ( عطبراوي) ،بالفعل، من الكتّاب المميزين الذين يجيدون الإمساك بموضوعهم مثار الكتابة ، ويسيرون بسلاسة فكرية واسلوبية أخّاذة، ليصـلون بالقارئ الي " بـَرِّ المعلومة الموثوق بها والتحليل المقنع .
تعرّفنا علي كتابات الاخ عبدالخالق ، من خلال موقع " سودانايل " ، حيث تناول العديد من الموضوعات السودانية الحيوية ، محلّلا للإستشكالات التي نغوص في رمالها ، بالذّات النّمط التّديني ذي النهج الوصائى والطرائق التعسُّفية في فرض " وجهة نظر" دينية لفئة معينة علي الكافة ، وإلآ اعْتُـبرت هذه الكافة " مارقة من الدين بالضرورة"
تواصلت اهتمامات الاخ " عطبراوي " الفكرية ،كذلك، في بحث قضايا مجتمعه المهجري في (ملبورن) ، لنقرأ له بعض المقالات الرصينة حول المشاكل المجتمعية التي يحياها " المهجّرون بـِنقلهم " سيئ طرائقهم الثقافية والإجتماعية" والتعصـُّب لها ، علي الرغم من " اختيارهم " السابق، واستعدادهم للولوج في سياق مجتمعي جديد ، أتوه بكل رحابة ، بل في رغبة وعزمٍ شديدين ؛ ولكنّّ أغلبهم قد نكصوا وتدمدموا وجعلوا اصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا علي انغلاقيتهم الماحلة !!
كتابات وتحليلات الاخ " عطبراوي " بهذا المنبر الحر ، وكذلك ، مداخلاته ، تتّسم بالقدرة المعرفية اللآفتة ، ممّا يكون لها ابلغ الأثر في توصيل المعلومة التنويرية المراد إيصالها في كل يُسر ..
تهنئاتي للأخ عبدالخالق بهذه التميّز ، وأمنياتي له بالتوفيق ،،
والتحايا والود للجميع ،،/
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عطبراوي... يفرض نفسه ضمن قائمة من الكتاب العرب المميزين. (Re: محمد أبوجودة)
|
الاخوة ندوس وأبنوسة وكل المتداخلين الكرام ..
حقيقة اننى أهنىء الأستاذ عبد الخالق السر - بل أننى واثق انه عندما اختير من بين الكتاب الممتازين ، فانه قد نال هذه الدرجة عن جدارة وليس عن طريق الصدفة أو المجاملة .. فللأسف لم تأت الفرصة السانحة .. أو قد فاتت علينا .. أن نعطيه حقه من الثناء على كتاباته ومداخلاته .. والحقيقة تقال اننى و منذ زمن ليس بالقصير ، أتابع كتابات الأستاذ عبد الخالق - أجده يعبر تعبيرا صادقا - لا يتنازل عن الحقيقة مهما كانت النتائج .. فان من أسباب نجاح الصحافى ، هو الصدق والأمانة .. وللأسف قلما نجد هذه الصفات فى كتابنا وفى صحافتنا هذه الأيام - لأن كل صحيفة.. وأغلب الصحافيين أصبحوا مسيسين .. ينتمون لحزب ما .. يدافعون عن أشخاص أو جهات معينة .. وان كانت الحقائق واضحة وضوح الشمس .. الا أنهم .. ينفونها.. من أجل التعتيم .. لأن لهم مصلحة أو مصالح فى ذلك .. وهكذا تصبح مهنة الصحافة مهنة مأجورة ..وغير أمينة .. ولكن .. ما يهمنا فى الموضوع .. أننا نتشرف بوجود كاتب همام بيننا ..يحترم قلمه .. ويجبرنا على احترامه ..
فلكم من ألف تحية يا أستاذ عبد الخالق السر .. ونيابة عن كل أعضاء هذا المنبر .. نقول لكم ألف مبروك .. والى الأمام .. وفقكم الله لما فيه خير الجميع ..
ودمتم ..
عمك العجوز
أرنست أرجانوس جبران
| |
|
|
|
|
|
|
|