دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
حميد...ومحاولة لفك طلاسمه
|
كان الأخ العزيز وزميل الأيام الجميلة ورفاق ورفيقات الحرف، القاص الأديب فيصل عباس، قد جاءنا بهذه الدراسة العميقة، والتي أرى -وهذا رأي شخصي- قد أعمل في أعمال الشاعر الصديق محمد الحسن حسن سالم، كثير من أدوات النقد بحرفية عالية، حاول منها الدخول إلا براحات وعوالم حميد الجمالية، ويقيني أن نص حميد المفتوح على فضاءات غير محدودة بأفق السياسي الضيق، وشخصيته ذات الكاريزما الصوفية، ونقاء العارفين بالله وعمال بلادي. وأستغربت أن هذا البوست رغم قيمته العالية، إلا أنه لم يرشح للصعود إلى ما بعد الأرشفة.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: nadus2000)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
حميد ثروة الشعر وثورته
أو محاولة لفك طلاسم حميد
" كل أمة تزهو بشعرائها وتزدهي بهم ؛ لأنهم لسانها الناطق وضميرها الحي المعذب ، فالشاعر إنسان مرهف العاطفة ، متقد الإحساس ، واسع المخيلة إحساسه بالأشياء يختلف عن الآخرين فما لا يثير الإنسان العادي يولد لدى الشاعر آلاف المعاني ، لذا فالشاعر هو إنسان خارق للعادة. كما أن الشاعر إنسان مرهوب الجانب تخشاه الملوك وتخطب وده السلطات ويحبه الجمهور ، فما قد يفعله الشاعر ببيانه ولسانه ما لا تقوى عليه السلطات بكل إمكاناتها وقدرتها وكم من ممالك هدمتها ألسن الشعراء وكم من بيوت هدتها أبيات الشعراء ، وكم صدح الشاعر بما عجزت عنه الجماهير وكم تحركت من أجلهم ، والشاعر إنسان معذب على الدوام لأنه يحمل هم الأمة كلها ويحمل وزر كلمته وحده ، فكم شاعر قطعت كلمته عنقه وكم شاعر غنى لوطنه فنفاه هذا الوطن عنه ، وكم شاعر صدح للمجتمع فعاداه المجتمع لأنه واجهه بعيبه".
أن أكتب عن حميد هذا لا يعني أن اقرع طبول الحرب ضده وأثير السخط عليه ، وأيضا لا أريد أن أنفخ أبواق الدعاية له وأكيل له المدح بما يستحقه وما لا يستحقه ؛ ذلك لأنني لا أحمل له أي تحيز مسبق فأنا لم ألتقِ به قط إلا من خلال أبياته ، ولم أناقشه أبدا إلا بواسطة مفرداته . كما إن أعماله - التي سوف أناقشها في هذه الدراسة - وصلتني بطريقة أبعد ما تكون عن الطريقة الشخصية.
حميد من الشعراء الرافضين لواقع المجتمع الساعين لتغيير هذا الواقع ، وهو من جيل الشعراء القلة الذين ابتعدوا عن الغناء لذاتهم وغنوا لأوطانهم ومبادئهم أمثال أحمد مطر وأمل دنقل ، إلا أنه يختلف عنهم في الكتابة بالعامية دون الفصحى وعدم طباعة أيٍ من أعماله في كتاب يحمل اسمه وسنتناول هذا الأمر بشيء من التفصيل فيما بعد إن شاء الله.
عندما أردت الكتابة عن حميد كنت بين خيارين هل أتناول قصائده واحدة إثر الأخرى كـ( ست الدار ، الضوء وجهجهة التساب ، السرة بت عوض الكريم ، كرويات ، سكة السفر الحزين ، ...الخ ) ؟ أم أتناول السمات العامة لكل أعماله ؟ ولأن لكل خيار إغراءاته التي لا تقاوم صعب علي الاختيار وأخيرا أستقر رأيي على تناول السمات العامة لقصائده مع عودة لبعض القصائد بشيء من التفصيل
وقد نهجت في الكتابة عن حميد منهجاً قد لا يكون هو أفضل الطرق في تناول القصائد حيث تناولت في حميد عدة ملامح كالملامح الدينية ، والملامح الرمزية ، والمرأة في شعر حميد ، والملامح الاشتراكية ، وملامح متفردة في شعر حميد ، وموافقات حميد لشعراء سابقين ، والحكمة في شعر حميد ... الخ ولست ازعم بهذا إن هذه هي افضل الطرق للتناول بل أنها قد تكون طريقة تفقد النص بعضا من مميزاته ولكن كان القصد من هذا هو معرفة بعض الجوانب التي سلطنا عليها الضوء آملين أن نوفيها حقها دون أن نفقدها ولو قليلا من معناها العميق فإن أصبنا فالحمد لله وإن جانبنا الصواب فعسى أن يكون خطأنا بمثابة تحذير لمن يتناول حميد بالدراسة لكي لا يقع في ما وقعنا فيه من أخطاء ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: nadus2000)
|
الملامح الدينية في شعر حميد : إن حميد في شعره يتحدث إلى مجموعة من الأفراد إذن لابد له من أن يستصحب معه أعرافهم وتقاليدهم ولا يجب أن يهمل المعتقد الديني كعامل مهم ومؤثر في حياة الأفراد ، فرؤية حميد للدين إذا تأملناها وجدناها رؤية عميقة من حيث التناول والفهم ، ولم يذكرها لمجرد إقبال الناس عليه أو خوفا من أن ينعت باللادينية وحميد أخذ أجزاء كثيرة في شعره من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وسيرة وأقوال صحابة وإذا أردنا أن نتصفح بعض هذه النواحي في شعره نجدها كثيرة فخذ مثلا في قصيدة "الضو وجهجهة التساب" المعروفة باسم (البحر) إذ يقول حميد : والضو شطب جهة اليمين من حجا إلى أن آمنين وبيَّن بي دمو البسملة وبي خط خلاويهو المكعوج والحرف واضح تخين بي دم وطين الضو كتب فوق باب أمير المؤمنين " ما ضر بيت أبي لهبْ لو ظلَّ بين المؤمنينْ لـو جاء فينا ما ذهبْ يا مسلمين بغير دينْ" ومضى اسمو بين قوسين (غضبْ) والمية أوووو كاللظي رمت الدهاليز والأوض بس فضل الباب العظة
إننا إذا نظرنا إلى سيرة المصطفى (ص) لا يخفى علينا التشبيه الشديد لهذه الأبيات وحادثة المقاطعة بين قريش وآل عبد المطلب التي كتبت في الصحيفة وعلقت في داخل الكعبة وكانت كلها ظلما وجور فأكلتها الأرضة كلها ولم تترك إلا كلمة " بسمك اللهم" ، فإذا نظرت إلى هذه الأبيات مرة أخرى أليست هي نفسها أن يسقط البيت كله إلا الباب الذي سجل فيه الضو ما يريد كأن البيت هو صحيفة قريش بكل دهاليزه وغرفه أما الباب فهو كلمة الحق الوحيدة بما سجله فيه الضو مثل كلمة "بسمك اللهم". والأدبيات نفسها تحمل رمزية شديدة فالضو لم يشطب الفعل رفضاً للدين ، إنما شطب التظاهر والتفاخر بالمظاهر الدينية فهو عندما شطب (حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً... أدخلوها بسلام آمنين) لم يشطب الدين إذ أنه (بيَّن بي دمو البسملة) لكي تكون بداية ما يريد أن يكتب فهو يجعل الضو ذو خلفية دينية تعرف الدين جيداً (بي خط خلاويهو المكعوج )ويوضح لماذا فعل ذلك بـ(يا مسلمين بغير دين) واستخدام كلمة مؤمنين له دلالة عميقة إذ أن بيت لبي لهب لا يضر إذا ما كان بين المؤمنين الحقيقيين ولكنه بين مسلمين اسماً فقوله تعالى يفرق بين الإيمان والإسلام : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان إلى قلوبكم ) فالفرق بين الإيمان والإسلام هو الفرق بين الدين والتظاهر بالدين . وهو عندما يتحدث عن المنادين بالدين لغرض أو مدعيي التدين يقول ليفضح ممارستهم التي يتسترون بالدين لفعلها:
فِقرا تغش الله وتخش بيتو وتسرقو ورا العشا
أنظر كم من الملامح الدينية في هذه الكلمات على قلتها "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون" فالدين الذي لم ينهى هؤلاء عن الغش والسرقة بعد صلاة العشاء ليس ديناً حقيقياً كما يقول وضاح عثمان عبد الجليل : يا مؤمنين .... لو كان دا دين .. تبت أيادي المسلمين تبت أيادي الما بيكفر ويطرش هتاريش اليمين
إذ أن الدين في نظر هؤلاء هو ممارسة الشعائر فقط دون اعتناقها اعتناقاً فعلياً ، وحميد يرفض أن يكون الدين عباءة يلبسها اللابسون لغرض في نفوسهم ونفوسهم لم تتشبع بأهداف الدين النبيلة فالله ليس حكراً على أحد بل هو سميعٌ لكل من دعاه قريبٌ لمن يلوذ به والدين غنى عن ترف المظاهر فخذ قول حميد في قصيدته كرويات مخاطباً أحد الذين يخادعون باسم الدين: يا متلبك في الأدران ... الحجـر الأسـود مـاهو البروة وماها الكعبة مكاوي تجيها ... حين ينكرفس توب التقوى ومافي خرط للجنة تودي وما في خطط ممهـورة برشوة والمشروع الديني الخـالص ... ما محتاج لدراسة جدوى ويات من قال "يا رب" من قلـبو ما رد الخالق دايما "أيوة" أقوى ولف بشكيرك فوق الراس النشف غيرك لا تستهوى
فهذه هي الطريقة الظاهرية للدين إذ يكون الحجر الأسود عبارة عن صابونة ، والتقوى إنما هي ثوب قابل للاتساخ والكي بعد أن "يتكرفس" ، فالدين ليس ثوبا يتسخ فيخلعه الإنسان في الكعبة المشرفة ليغسله بالحجر الأسود ، أما الكعبة في وجهة نظر هؤلاء إنما هي مكوة تزيل "الكرفسة " في هذا الثوب ، أما مشروع الدين فهو واجب من الله لا يحتاج لدراسات الجدوى من قبل الحكام ليتبينوا الربح والخسارة فيه ، والله لا يستمع إلى بعض العبيد ويتجاهل البعض الآخر (ويات من قال "يارب" من قلبو ما رد الخالق دايما "أيوة" ؟) لأن الله تعالى يقول :"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي .." والرسول (ص) يقول :" أدعو الله وأنتم موقنون بالإجابة " وحميد في نظرته للدين لا يعمد إلى النظرة الضيقة أو ينظر إلى الشعائر التي هي عبارة عن مظهر دون جوهر ، بل يعمد إلى الجوهر وينفذ إليه كنفاذ الضوء من الزجاج دون أن يكسره أو يخدشه ، ففي قول حميد في قصيدة الضو وجهجهة التساب انه لا يريد أن يصلي ويقرأ القرآن كالغناء ... بل يريد أن يستحضر جلال الموقف ولوازمه من طهارة القلب والجسد ، وطهارة القلب بحسن المقصد وطهارة الجسد حسية بالنظافة التي تعذرت لأن مكان قضاءها قد ذهب مع طوفان البحر ثم يستحضر الحمامة التي بعثها نبي الله نوح لتعرف هل يبست الأرض أم لا فيخاطبها قائلاً: صلاية قرآن غير غنا صل ياحمام قدامي أنا غرقان لي في أنجاس لي هنا ما شال مراحيضنا البحر طفَّح زفارات كم سنة بي إيش أتوضأ وأغتسل ؟ بي إيش يا ربنا ؟؟
ففي مرارة التساؤل تلمح الحوجة ولكن إذا علمت أن الضو في هذا التساؤل كان وهو في لجنة الفيضان لعلمت أن السؤال ليس لحوجة المياه فالمياه موجودة ولكنها ليست صالحة كما أن إدعاء الدين وشعائره موجودة ولكن هل هي صالحة ونقية أم أنها كالمياه التي غرق فيها حتى رأسه ولم يجد رغم ذلك الماء الذي يجعله طاهراً للوضوء؟ أما في قصيدة الحرية فتلمح قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" كلكم لآدم وأدم من تراب " في قول حميد الذي قدم السلام الذي هو المرادف للإسلام ، كما ذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرؤ ما نوى " فطريقه بياض النية كما قال ، والأروع أن الخطاب في القصيدة ليس موجها لفرد معين أو جماعة معينة بل لكل ابن آدم: إنساني شعوب تتسالم ...... نتسـالم بي حنية على نخب الود نتنادم ...... لا جنس ولا لونية لا عرق لا آهـنتقادم ....... سكتنا بياض النية مش كلنـا مـن آدم ؟ ...مش آدم أبو البشرية؟ السجـن إذن يترايم ........نبنيه قـلاع ثورية مد كفك يا بني آدم .........حرية سـلام حرية
بالرغم من روعة التناول في هذه الأبيات ورغم أن حميد اتجه فيها إلى لزوم ما لا يلزم حيث قيَّد نفسه بقافيتين إحداهما في صدر البيت والثانية في عجزه إلا أن السمة الواضحة هي ربطه في الصياغة الأبيات للسبب الديني ومن ثم يعقبه الهدف الذي من أجله صاغ القصيدة : مش كلنا من آدم ؟ ..... مش آدم أبو البشرية السجن إذن يترايم ....... نبنيه قـلاع ثورية مد كفك يا بني آدم ........حرية سـلام حرية
وتظهر كذلك اللمحة الدينية واضحة في شعر حميد في قصيدة من القصائد التي لم تلق شهرة واسعة كالسرة وست الدار والجابرية رغم أنها ممتلئة بالكثير من المعاني الجميلة وهي قصيدة "البحث عن ذاكرة لوطن مفقود" وفيها يقتبس حميد من الآيات القرآنية التي نزلت في استشهاد الصحابي الجليل مصعب بن عمير خير فتيان مكة في الجاهلية والإسلام وتحض على الثبات على المبدأ حيث يباشر حميد صياغة معنى بهذه الآية حيث يصوغ عليه كلمات تطابق المعني حينما يقول : فينا من روَّح فدايتك .. وفينا من لا زال … وفينا ما في من بدل لرايتك
أليست هي نفس الآية :" ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ". كما إنني ألمح في قول حميد في قصيدة "مصابيح السماء الثامن" حينما أراد حميد حث الجمهور إلا أن يتمثل قصة السيدة أسماء بنت أبي بكر عندما جاءها ابنها عبد الله بن الزبير حينما حاصره الحجاج في مكة فذهب إلى أمه يستشيرها فقالت له :" بئس العبد أنت إن كنت تدافع عن الباطل فقد أهلكت نفسك وأصحابك ، وإن كنت تدافع عن الحق فامضي لما مضى له اخوتك " فقال:" يا أماهـإنما أخشى التمثيل بجثتي فقالت قولتها المشهورة :" إن الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها ". فتمثل حميد قولها في قصيدته حيث يقول : "ما ضر من بعد الغرق جوف الضحية إذا إنشرق ؟"
ثم يحض نفسه على مواصلة ما بدأه قائلاً: يا سيفي هوبي على الكتل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: nadus2000)
|
واصل يانادوس
اطلعت على هذا البوست طشاش طشاش ، ولم اتمكن من طباعته للاطلاع عليه بتأنى . كما تعلم
ان النصوص الطويله يصعب متابعتهااسفيريا خاصة لمن هم فى سننا.
شكرا لاتاحتك لناهذا الدراسة مرة اخرى وشكرا اولا واخيرا للاستاذ فيصل عباس ولحميد
والتحية لك ولابنوسه والعيال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: Sabri Elshareef)
|
Quote: ففي قول حميد في قصيدة الضو وجهجهة التساب انه لا يريد أن يصلي ويقرأ القرآن كالغناء ... بل يريد أن يستحضر جلال الموقف ولوازمه من طهارة القلب والجسد ، وطهارة القلب بحسن المقصد وطهارة الجسد حسية بالنظافة التي تعذرت لأن مكان قضاءها قد ذهب مع طوفان البحر ثم يستحضر الحمامة التي بعثها نبي الله نوح لتعرف هل يبست الأرض أم لا فيخاطبها قائلاً: صلاية قرآن غير غنا صل ياحمام قدامي أنا غرقان لي في أنجاس لي هنا ما شال مراحيضنا البحر طفَّح زفارات كم سنة بي إيش أتوضأ وأغتسل ؟ بي إيش يا ربنا ؟؟ |
نادوس سلامات لمن قريت النص .. عجبني جدا تبسيط نهج المتصوفه اعلاه .. رغما عن ان النص يحتوي علي تأويلات اخري لكن لم يخطر ببالي ان الشرح يمكن ان يحتمل ذلكـ التفسير شكرا حميد وشكرا فيصل وسأعود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: خدر)
|
الأخت العزيزة نانا شكرا لهذا الحضور الباهي، هنا وهناك، وسعيد بك.
الصديق العزيز صبري شكرا، وهكذا دائما تقرأ بعمق، وتأتينا به.
الأخ (الماعادي) خدر أعتقد أن جماليات هذا العبقري،تكمن في نصه المفتوح على كل إحتمالات القراءة، ولكنه حتما تؤدي بك إلى الصاح .
| |
|
|
|
|
|
|
مواصلة: الملامح الدينية في شعر حميد (Re: nadus2000)
|
وحميد يقسم الناس إلى فئتين لا غير ... فئة تأخذ الدين وسيلة للوصول إلى رغباتها وغاياتها دون أي إيمان حقيقي بهذا الذي تنادي به ، بل هو درع تستتر به من الناس وهذه الفئة محسوبة على الدين تضره ضرراً بالغاً أكثر من الذين يجاهرون بعدائهم للدين ، والفئة الثانية فئة مخدوعة بوهم الاعتماد على الغير في رفعة حالهم وليس للدن مكانة عندهم فهو يقول على لسان ست الدار: واتذكرت كلامك لي اتذكرت كلامك لي ... إنو في ناس لاعبين بالدين ... وناس لا عبابا الأمريكان
وهو بهذا لا يبتدع بدعة جديدة في النظرة العامة التي كانت سائدة عن الدين والرأسمالية ، رغم أنه هنا يقف بصورة غير واضحة مع الدين فهو ينزه الدين ويجعل الخطأ في الذين يطبقونه فيقول (ناس لاعبين بالدين) وليس الدين هو الذي يلعب بالناس ، بينما ذكر أن الرأسمالية هي التي تلعب بالناس. وفي قصيدة السرة بت عوض الكريم يقول : من بعد ما انبلج الفرج من ضيقا ... خدعوها بي حيلة كتاب رفعوهو فوق سن الحراب ________________________________________
وهي إشارة واضحة لما حدث في الفتنة الكبرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وخدعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري في رفع المصحف على أسنة الرماح عندما كاد جيش علي أن ينتصر وما أعقبها من انقسام بين صفوف ابن أبي طالب ووجود الخوارج الذين خرجوا عليه لا تخفى على أحد ، وحيلة رفع المصاحف على أسنة الرماح هي الحق الذي أريد به باطلا لذا نجد أن حميد يرمز إلى خديعة الشعب بنفس طريقة الحق الذي أريد به باطلا. والجانب المسيحي في الدين نجد أن حميد لا يتجاهله بحكم انتماءه للدين الإسلامي إذ يقول حميد: اشتكيتك لي القمر لما أنسام السحر الرياحين والزهر شهدوا لي عليك يا إخية جاء القمر سواك برية وباعتزاز في إبرة حية صاح في جمعنا يا برية من يكن من غير خطية ......... وقم رميتك بالتحية
فهو يأخذ قول السيد المسيح عليه السلام حينما قال :" من كان منكم بغير خطيئة فيرمها بحجر" ، فهو في هذه القصيدة يشكوها بشكوى واضحة بشهودها وحكمها ، فالحكم هو القمر والشهود أنسام السحر والرياحين والزهر ورغم الشهود فإن القمر يبرئها من التهمة المنسوبة إليها آخذاً قول السيد المسيح :" من كان منكم بلا خطيئة فيرمها بحجر" فيتجرأ هو ويرمها ولكن ... بالتحية وحميد يورد ذكر الكثير من الأنبياء في قصائده ، وتجد إشارات جمة لقصص الأنبياء بما يتوافق وحال القصيدة التي ذكرها حميد وهو بهذا يلقي في أذن المتلقي ألوانا شتي من الخلفية الدينية ففي قصيدة البحث عن ذاكرة لوطن مفقود يقول: (يوسف) الفي الجب يمرق ضاربا ريقة اليلقي قوت روقي أكنك .. واللا كنك .. تاوقي في البحر الخرافي .. (يونسك) في ياتو حوت سمَّ ينده جوفو حافي .. وهطينا علي الأثافي …. وهبي نارك لا تموت يا حمامة غار (محمد).. يا خيوط العنكبوت
ففي أبيات قليلة كهذه نجده يذكر سيدنا يوسف عليه السلام وقصة إلقاءه في البئر ، ويذكر سيدنا يونس عليه السلام وهو في جوف الحوت ، وكذلك يعرج على قصة الهجرة لرسولنا الكريم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه في الغار مع الحمامة والعنكبوت ، والقاسم المشترك لكل هذه القصص التي حدثت للأنبياء نجد الانقطاع التام عن العالم فالبئر والحوت والغار هم من أكثر المناطق خفاءً وعزلة في الأرض ، وإذا ما ذكر أحد هؤلاء الأنبياء عليهم السلام ففور السماع تتبادر إلى الذهن القصة بكامل حذافيرها. ثم وفي نفس القصيدة يأتي حميد لذكر قصص بعضا من الصحابة الإجلاء ومنهم من ذكره بالاسم أبو ذر أو بالقصة كمصعب بن عمير أو قصة سارية وعمر بن الخطاب فيقول:
فينا من روَّح فدايتك .. وفينا من لا زال … وفينا ما في من بدل لرايتك وانتي في ذات السكوت !!! التراب يتشهي حنك .. السحاب عابر يفوت واللا يكمد للعيون بالغبار غمة وسوافي وأنتي يا آخر المرافئ يا أم وجوداً صار خرافي في صحاريك داخ غفاريك .. من برد زمنو الرعافي دون كواريك .. مات واتاريك غبتي بي كل المرافئ يا لساريك .. لاك موافي لا كمان قادرين نسيبك نمشي في الزمن المجافي ما عهدناك عاد تخافي
أما ما لا يريده حميد فهو جعل الدين وسيلة من الوسائل لكسب الدنيا وإلا هجر الدين سوى كان الدين الإسلامي أو المسيحي أو غيره ، فحميد في نظرته للأديان لا يفرق بينها بل يعلم أنها جميعها أديان الله وهو في نظرته للممارسات غير الصحيحة باسم الدين نجد غضبه للإسلام نفس غضبه للمسيحية وفي نقده للدينين بمنظور واحد فحين يقول : إلا يا .. آخ … ما لقينا الجوامع مستباحة .. والمصلين صر جنب الكنائس جالبا دينا !! والمدينة تبيع عوينا !!! لي النخاسية الغرب لي اللحاسية وعقب تشتري آفات الرعب _________________
فحتى في نقد حميد للممارسات باسم الدين نجده لا ينسى تنزيه الدين من النقائص ، فالجوامع وقع عليها فعل الاستباحة من المصلين الذين لم يراعوا حقوق الدين فهم كلهم عليهم الجنابة (صر جنب) ، أما الكنائس فهي تعرض دينها للبيع وربما تكون هذه إشارة لممارسة قديمة هي بيع صكوك الغفران ، كما في استفظاعه لهذه الممارسات يقرن بها بيع الأبناء لتشتري بها أشياء هي من باب الآفات المرعبة . وحميد أيضاً يقول في قصيدة السرة بت عوض الكريم في نفس الغرض منزها الدين جاعلا هذا الظلم من الذين يتحدثون باسمه فيقول:
ظلم الحُكم ياهو الظلم كان من جوامع كان كنيس يبرا السما ...يبرا محمد سيدي يبرا المسيح
فحميد يقرن البراءة من هذا الظلم لله ولرسله فقوله يبرأ السماء يقصد بها تنزيه الله تعالى من الظلم ، وحينما يقول يبرأ محمد سيدي يبرأ المسيح فهو في حقيقة الأمر ينزه الرسل والأديان من الظلم حتى وإن جاء من مكان ممارسة هذه الأديان وعلى يد من يتبعونه وباسم هؤلاء الرسل عليهم السلام ، وليس ذلك فقط فخذ قوله عندما افترض أن الدين فقد جوهره عند الناس وصار التعامل بالقشور ففي هذه الحالة يكون الحال: تختا الدراويش الضريح .. يسكن خلاوينا الجنون يهجر جوامعنا الإله يا نورا آه .. تطرح غيوم الشوق تئن .. تشرق تموت خيل .. كلمة الحق التناهد في الشفاه يعقر بسيمة الصح مع لوبي الجروف تغرز ضريعات الحروف ينشف مراح الأمسيات .. تتمطق الأرضة المروق والأغنيات اللّي الشروق .. والأرض والحب والمطر تتضهب تتوه .. _________________
فأي ضياع اكثر من ذلك إذا فقد الدين القدرة على غسل دواخل الناس؟ ونجد أن حميد ينزه الدين من أغراض كثيرة وأخطاء ارتكبت باسمه فهو يرى أن الدين برئ من هذه الوجهة بل ويدافع عن الذين لديهم الجرأة لمواجهة الأخطاء فهم في الغالب أناس شرفاء ولكن دفعهم للخطأ ومجابهته جعلت الناس أو أصحاب الأغراض تثير ضدهم الزوابع وتتهمهم في أنفسهم لينشغلوا بالدفاع عنها دون الدفاع عن الحق فحميد عندما جعل الضو يبكي في قصيدة البحر لم يكن البكاء الذي يصدر عن الرجل بكل عنفوانه هو بكاء الألم أو بكاء الحاجة بل هو بكاء القهر إذ يقول حميد : الضو بكى بكى ما بكى بكاهو حس الطائرات بكاهو قدرتو تنتهي بكاهو يرجى المعجزات بكاهو يقنع بالرحيل بكاهو ما كان الشدر ... ما الطير وما كان النخيل بكاهو كيف سد شبر... من موية يصبح مستحيل بكاهو يلغط في البحر ... والغيرو يشرب سلسبيل بكاهو البينضم في الغلط ... يا قالو ملحد يا عميل
فالضو رجل لا تهمه الثروات المادية فالشجر الذي يموت في الفيضان والسعية التي غرقت والنخل الذي هاجر عنه كلها أشياء لا تجعل الضو يبكي بل يبكيه ضياع بلاده والفرقة التي تحدث بين الشعب والحكام فعامة الشعب تعاني الأمرين (يلغط في البحر) والحكام في ترفهم ولذاتهم (والغيرو يشرب سلسبيل) وأيضا يبكيه أن الذي يتحدث عن الغلط تكال له التهم الجاهزة فهو إما أن يجرد من الدين أو يجرد من الوطنية فهو إما ملحد أو عميل ، وإذا تساءلنا عن علاقة حديثه هنا بالدين وكيف نفى عن هذه التهمة نجده يقول في الأبيات التي بعدها مباشرة على لسان الضو : بكاهو آه .... ما هو الإله يا دكة السلطة ودخانا وشملتا _________________
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: nadus2000)
|
شكرا يانادوس على فتح نفاج حميد
وهو القائل مساويكك في دبابه اباريقك في دبابه وعاد لمتين في دبابه ياغافل عن الدنيا ومقطع بينك اسبابا لاجايب خبار اهلك ولا خبارك في زول جابا
وهو القائل
في إحدى الجزائر والعيش موضنين صياد عن شمال وصياد عن يمين ماشايفين بعض ساعة قرصنه نشنو نحو طائر غرقان في غناه والطائر نفد وطلقة داك...في ... ده
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: Elmosley)
|
الأخ أبي عزالدين البشرى
شكراً، للزيارة والترقية لملازم أول بنجمتك المضيئة، وأتابع (دويمياتك).
الفنان العمدة هلا بالطلة والحرف الأنيق، وليتك تعتبر هذا البوست محفز للولوج إلى حنايا عالم هذا الصوفي، المتعبد في محراب الجمال والثورة. دخول أن على ثقة بأنك تملك مفاتيحه وأدواته.
فناننا الموسيقار الموصلي
دائما أقول ليتهم عرفوك، وتعلموا منك هذه المثابرة على خلق الجميل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حميد...ومحاولة لفك طلاسمه (Re: nadus2000)
|
كما تفضلت بإن المتينين في نظر حميد هم صنفين لا ثالث لهما، يتجسد هذين الصنفين في مقطع شعري صغير يا متلبك في الأدران الحجر الأسود ماهو البروة وماها مكاوي الكعبة تجيها يوم يتكرفس توب التقوة ما المشروع الديني الخالص ما محتاج لدراسة جدوى!!!!!!!!!!!!
فالمشروع الديني الخالص هو مشروع السودانيين البسطاء، ذلك المشروع الذي لم يلوثه زيف السياسة وانتهازية الطفيليين. لك التحية للفت الإنتباه والتحية لشاعرن الكبير حميد، الشاعر الأغبش المناضل، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة الكلمة لتحطيم أصنام السياسة السودانية وانتهازيي السلطة وتجار الدين.
| |
|
|
|
|
|
|
|