|
القذافي وإهانة السودانيين !
|
القذافي وإهانة السودانيين ! بقلم هاشم كرار سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 4/5/2005 5:58 م هاشم كرار - القذافي وإهانة السودانيين !
السودان منقسم حول القرار الدولي (1593) الذي ينص على محاكمة المتهمين بجرائم حرب في دارفور‚ امام المحكمة الجنائية الدولية: «التجمع المعارض» رحب بالقرار‚‚ ورحب به بالطبع متمردو دارفور‚ ومتمردو الشرق‚ ورحبت به احزاب‚ ابرزها حزب المهدي‚ ورفضته احزاب‚ ابرزها حزب الميرغني الذي يتزعم التجمع «المرحّب» ! من هنا‚ يبدو وصف الزعيم الليبي معمر القذافي للقرار بأنه «مهين للسودانيين»‚ هو وصف لا محل له من الاعراب‚ ذلك ببساطة لانه وصف فيه تعميم‚‚ هذا أولا‚‚ ولأنه وصف‚ كان يظن السودانيون ــ الذين مع القرار ــ او الذين ضده‚ ان آخر من يطلقه هو العقيد القذافي !
لا يشك السودانيون‚ في ذاكرة «العقيد»‚ بيد انهم ــ ايضا ــ لا يقبلون من احد ان يشكك في ذاكرتهم الجماعية‚‚ تلك الذاكرة‚ التي ما تزال تختزن كيف ان «العقيد» رضخ ــ بعد طول سنين من الرفض ــ وساق اثنين من مواطنيه المتهمين بتفجير لوكربي عبدالباسط المقراحي والامين خليفة فحيمة‚ الى لاهاي‚‚ حيث محكمة الجزاء الدولية‚
نسأل الآن «العقيد»: لماذا «رضخ»؟
ونسأله: أولم تكن في محاكمة ليبيين خارج ليبيا‚ اهانة للشعب الليبي‚‚ واذا ما كانت الاجابة بالايجاب‚ فلماذا اذن قبول هذه الاهانة؟
«التنظير» سهل‚‚ لكن مواجهة «العقوبات» الدولية‚ امر «صعيب»‚
ذلك ما يدركه القذافي‚ او ذلك ما ادركه القذافي‚ الذي «رضخ»‚‚ والذي يحاول الآن ان يقبض ثمن «رضوخه»‚‚ شمّة هواء‚ بعد طول عُزلة دولية‚ كان اول المتضررين منها الشعب الليبي‚ وليس نظام «الفاتح من سبتمبر» !
وصف «العقيد» للقرار «1593» بالمهين للسودانيين‚ في ذات الوقت‚ الذي اظهر فيه هو رضوخا لقرار مماثل‚ يظهر ان العقيد يكيل بمكيالين في القرار الواحد‚‚ او في القرارين المتشابهين‚‚ هو يكيل بمكيال «التنظير»‚ بما يتسق والقذافي «الذي كان ثوريا» ويكيل بمكيال «الواقعية» بما يتسق وسياسة الامر «الدولي الواقع» !
السودان لا يحتاج لـ «تنظير»‚‚ ولا يحتاج لـ «منظرين»‚ وهو لا يحتاج ــ بالطبع ــ الى ثوريين‚ وفيه من ارتبطت الثورة فيه بأغلظ الايمان !
السودان يحتاج الى «الواقعية»‚‚
ويحتاج الى «الواقعيين»‚‚ ومن بين هؤلاء قذافي ما بعد تسليم المقراحي وفحيمة‚ وليس قذافي ما قبل ذلك !
«القذافي الاخير»‚ بات اكثر الناس ادراكا‚ لتعقيدات‚ ومضاعفات سياسات «القذافي الاول»‚ خاصة فيما يتعلق بـ «الثورية» في مواجهة القرارات الدولية‚‚ ومن هنا‚ كان حريا بالقذافي ان يقدم النصح للحكومة السودانية‚ بعدم «مناطحة» الشرعية الدولية‚ خاصة في مثل هذا الزمان الذي لم يعد فيه «فيتو»‚‚ الزمان الذي استمسك فيه العرب بالقول المأثور «انج سعد فقد هلك سعيد»‚ اكثر من استمساكهم ببيت الشعر المقبور:
تأبى الرماح اذا ما اجتمعن تكسرا
واذا ما تفرقن تكسرت آحادا !
هذا زمن «الشرعية الدولية»‚ سواء قلنا بأن هذه الشرعية «ناقصة» او منقوصة»‚‚ او لا وجود لها على الاطلاق‚‚ وسواء قلنا ان هذه الشرعية تكيل بمكيال واحد‚ او تكيل بمكيالين‚
هذا ما فهمه صدام‚ وهو في «جحر» بقرية العوجة‚
وهذا ما فهمه بشار‚ وفهمه لحود‚‚ وكان قبل صدام قد فهمه سلوبودان ميلوسوفيتش‚ فلماذا يريد القذافي للبشير الا يفهم كل ذلك‚ ولماذا يريد للسودانيين باثارته لاعصابهم وحميتهم «التاريخية» بوصفه «المهين»‚ ان يذوقوا الامرين: مرارة نظام ينتهك شعبه‚‚ ومرارة عقوبات دولية‚ وعزلة !
السودانيون لا يقبلون «الاهانة»‚‚ وأولى الاهانات ان يعتبروا ان تسليم نفر منهم تحوم حولهم اتهامات ارتكاب فظائع‚ وجرائم حرب للعدالة الدولية‚ «اهانة»‚
ذلك ما فات على القذافي «المُنظِّر» ولم يفت بالطبع على القذافي الواقعي جدا‚ ان لم اقل «الراضخ» !
|
|
|
|
|
|