|
أزمة الانتخابات ....انتخاب الأزمة !!؟؟(1)
|
أزمة الانتخابات ....انتخاب الأزمة !!؟؟(1) د. عبد الرحيم احمد بلال ما ان وقعت اتفاقية السلام وحدد فيها تاريخ الانتخابات الا ونشر التفاؤل اشرعته واسعة فى الساحة السياسية وخاصة بين احزاب المعارضة التى ترى ان وزنها الحقيقى ستحسمه الانتخابات، وحينئذ ستفلح فى ملء شبكاتها باصوات الناخبين من قواعدها السياسية والاجتماعية الواسعة بالمقارنة مع قواعد المؤتمر الوطنى الذى يسخر من هذه الاحزاب وتسخر هى منه فى ذات الوقت لانه يستمد قوته من السلطة والثروة التى اتاحتها له هذه السلطة. ولكن بدأت التساؤلات تحاصر ضبابية النص حول الانتخابات فى اتفاقية السلام الشامل والذى جعل من تقديرات اتفاق وتوافق الشريكين شرطا لاجرائها. وتحولت التساؤلات الى تشاؤم حول اجراء الانتخابات والبيئة السياسية والاجتماعية اللازمة لها لتكون حرة ونزيهة وعادلة. فالانتخابات الحرة النزيهة العادلة هى الطريق الى التبادل السلمى والديموقراطى للسلطة والتحول الديمقراطى تمدد التساؤل وطالت الهموم الكتاب والصحافيين الذين يشيرون بلا انقطاع الى الازمة والحالة المتردية التى لن تكون بيئة صحية حاضنة لانتخابات ديمقراطية وحرة ونزيهة. فالازمة مركبة امنية وسياسية واجتماعية واقتصادية. ففى جانبها الامنى تنتشر وتتقاتل المليشيات والمجموعات المسلحة وتروع المواطنين فى المدن كملكال والفاشر وحتى الخرطوم. وكذلك فى كردفان واعداد افرادها يبلغ عشرات الآلاف وأسلحتها عشرات اضعاف اعداد افرادها . لذلك قد تنسف صناديق الذخيرة صناديق الانتخابات حتى ولو كانت محروسة بقوات دولية! وفى الساحة السياسية لا نرى إلا تشظيا وتشتتا وركوضا وعجزا. هل ستكون ندوة حزب الامة التى شاركت فيها قيادات حزب الامة والمؤتمر الشعبى والحزب الشيوعى والتى انعقدت فى يوم الاربعاء 27 ديسمبر 2006م بدار حزب الامة بامدرمان بداية للتغلب على هذا التشظى والتشتت؟ نتمنى ذلك!. وفى الجانب الاجتماعى تسحق العطالة الشباب والنساء والرجال، مما يجعل من الشباب كتلة لا مبالية فحسب تحقيق اجرته احدى الصحف نجد بين كل خمسة من الشباب واحدا فقط، يولى الانتخابات اهتمامه، ويعقد العزم على المشاركة فيها. وفى الاقتصاد تنحسر وتتدهور صادراتنا غير البترولية التى كانت عصبا وسلسلة فقرية لاقتصادنا قبل ( هوجة) البترول وتزداد معدلات الفقر بالرغم من معدلات النمو الكمى العالية التى يفخر بها السياسيون القائمون على امر الاقتصاد متجاهلين الدمار الاجتماعى الذى يحيق بالاغلبية العظمى من الشعب ثم هناك الفساد والافساد الذى احتل فيه الوطن منزلة متقدمة بين الدول. فهل من جامح له حتى لا يطال صناديق الانتخابات فيتحول الدولار والجنيه الجديد الى بطاقة انتخابات سارية المفعول لا يحدها تاريخ صلاحية؟ هذه هى البيئة السياسية والامنية والاجتماعية المأزومة التى ستجرى فيها الانتخابات أن لم ينصلح الحال. لقد تكررت الفعاليات حول الانتخابات ولكنها تحبس نفسها فى القانون والاجراءات واللوائح دون الولوج فى الشرط الاساسى للانتخابات الحرة النزيهة العادلة وهو البيئة السياسية والاجتماعية والامنية لاجراء الانتخابات. من هذه الفعاليات كانت ورشة عمل حول الانتخابات بعنوان:« القانون والاجراءات» التى انعقدت بتاريخ يوم الاحد 17 ديسمبر 2006م بقاعة الشارقة والتى نظمها مركز دراسات السلام والتنمية بجامعة جوبا، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الالمانية والمعهد الدولى للديمقراطية بجنوب افريقيا. قدم فى الندوة الورقتين الرئيسيتين خبيران اجنبيان، احدهما ايمن ايوب من المعهد الدولى للديمقراطية بجنوب افريقيا، والآخر الدكتور هروشكا من جمهورية ألمانيا الاتحادية. كانت ورقة ايمن ايوب طويلة وضافية وعميقة، تركزت على النظم الانتخابية فى حين ان الخبير الالمانى تناول اجراءات الانتخابات بتفصيل. لقد تطرق ايوب الى المحاور الآتية فى ورقته النظم الانتخابية واهميتها والنظم الانتخابية ونظم الاحزاب السياسية والسياق السياسى والاجتماعى، اى البيئة الاجتماعية والسياسية والمعايير الاساسية فى تصميم النظم الانتخابية والتى يجب الأخذ بها كما يرى مقدم الورقة. كان تركيز الورشة على الاجراءات للنظم الانتخابية بخياراتها الآتية: نظم الاغلبية الانتخابية، نظام الانتخاب النسبى والنظم المختلطة، وتركيبة ورقة الاقتراع وتحديد الدائرة الانتخابية والجوانب الادارية ومنها توزيع مقرات الاقتراع وضوابط تسمية المرشحين وتسجيل الناخبين والجهاز الادارى للعملية الانتخابية وكيفية تصميم اوراق الاقتراع، وكيفية فرز الاصوات. وقد تناول هذه القضايا التنظيمية والاجرائية كذلك الخبير الالمانى كما قلنا بالتفصيل. وبالرغم من اهمية البيئة السياسية والاجتماعية فى العملية الانتخابية، إلا انها لم تجد الاهتمام اللازم والمساحة الكافية فى الورشة. فقد غلب الاهتمام فيها بالاجراءات ولعل السبب فى ذلك ان الخبيرين اجنبيان لا يريدان ولا يريد منظمو الورشة الخوض فى البيئة السياسية الاجتماعية. ذكر ايمن ايوب فى تناوله للسياق السياسى الاجتماعى، وفى صفحتين فقط الاطار الديمقراطى كشرط للانتخابات الحرة النزيهة. ومن المعروف ان الانتخابات الحرة والنزيهة هى الطريق الى التبادل السلمى والديمقراطى للسلطة، ولذلك فهى من اهم مرتكزات الديمقراطية وخصائصها. وبجانب الاهتمام الكبير بالاجراءات فى الورشة، فقد تناول ايمن ايوب فى ورقته المعايير الاساسية فى تصميم النظم الانتخابية والتى تمس البيئة السياسية والاجتماعية. وهذا جزء هام يرتبط بعنوان مقالتنا «ازمة الانتخابات.... انتخاب الازمة». ففى هذا الجزء الهام يذكر كاتب الورقة عشرة معايير هى: اولا تحقيق التمثيل فى الجوانب الاربعة الجغرافى، التوزيع الايدلوجى، الواقع الحزبى السياسى، وما يعرف بالتمثيل الوصفى الذى يضمن فى تركيبة الهيئة التشريعية التركيبة الكلية للامة- القطر بتمثيل المرأة وكافة الاعمار (كهلة وشباب) وأغنياء وفقراء. والتوزيع الدينى واللغوى العرفى او القبلى للمجتمع؛ ثانيا: جعل الانتخابات فى متناول الجميع وذات معنى للجميع، ونسأل ما هو معنى متناول الجميع، وهل الموضوع هو موضوع متناول فقط؟ أم تعبير حقيقى عن المصالح والآراء. مثلا بأن لا يتحول الدولار أو الدينار او الجنيه الجديد كما قلنا إلى بطاقة انتخابات؛ وثالثا تحقيق المصالحة، بمعنى ان يصير النظام الانتخابى اداة لادارة الصراعات الدائرة فى المجتمع ؛ ورابعا تمكين السلطة التنفيذية من التمتع بالاستقرار والعمل بكفاءة باقناع الناخبين بأن النظام الانتخابى عادل وان الحكومة ستصير قادرة على تشكيل اغلبية برلمانية، وخامسا اخضاع الحكومات للمساءلة؛ سادسا اخضاع الممثلين المنتخبين للمساءلة؛ سابعا تحقيق تحفيز لتشكيل وفاعلية الاحزاب السياسية ؛ ثامنا تحفيز المعارضة التشريعية والرقابة؛ تاسعا جعل العملية الانتخابية عملية مستدامة تأخذ فى الاعتبار قدرات البلد المعنى الادارية والمالية وتوفير الكفاءات البشرية الملائمة للقيام بمهام الادارة الانتخابية، وتوفير الموارد المالية الكافية للقيام بالعملية الانتخابية من خلال الميزانية الوطنية حتى وان ساعد بعض المانحين فى تمويل العملية الانتخابية، الشئ الذى لا يضمن استدامتها؛ عاشرا: اخذ المعايير الدولية فى الاعتبار على ان تشمل المعايير مبادئ الانتخابات الحرة والنزيهة والدورية، وتضمن حق الاقتراع العام وسرية الاقتراع وممارسته بعيدا عن الاكراه او القسر والتزام مبدأ مساواة قوة الصوت المخول لكل ناخب مع باقى الناخبين، اى لا تمييز بين الناخبين ومبدأ التمثيل العادل لكافة المواطنين وحقوق المرأة والمساواة مع الرجل وصيانة حقوق الاقليات والاخذ بمتطلبات ذوي الحاجات الخاصة الخ. ان الاخذ بالمعايير الدولية يضمن الاعتراف بالهيئة التشريعية المنتخبة وبالحكومة التى تاتى نتيجة لها. ان هذه المعايير التى تشمل شروط ونتائج الانتخابات تستلزم الحوار الوطنى والوفاق الوطنى عليها كى يتسم نظامنا الانتخابى بالشرعية والقبول ولتأتى الانتخابات بالنتائج المرغوبة والمبتغاة لتأسيس ديمقراطية مستدامة. هل سنتقاعس عن هذا الحوار والوفاق؟ فتأتى الانتخابات انتخابات للأزمة وإعادة انتاجها؟.
©2004 Alsahafa.info. All rights reserved. Best viewed with Internet Explorer 4.0, Netscape 4.0 or above with a resolution of 800 X 600
|
|
|
|
|
|