دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
المحظور مما ينبغي ادراكه في وثائق دارفور : حسن عبد الوهاب
|
المحظور مما ينبغي ادراكه في وثائق دارفور: جذور الازمة (7)
هل تفاهمت الدول الكبري بتنسيق مع المتمردين علي صفقة لاستقلال دارفور كمدخل لتفكيك السودان؟ دارفور مسألة انسانية تحولت الي موضوع عنصري يدين الافارقة ويبرز تفوق الاوروبيين
حسن عبد الوهاب
الامم المتحدة حتي لا نلقي القول علي عواهنه نورد هنا علي سبيل المقارنة الفارق الصارخ في تعامل الامم المتحدة ومبعوثيها مع ثلاث قضايا افريقية هي ما يحدث الان في الكونغو وما سبقه من احداث في ليبيريا وسيراليون ونعرض ابعد من ذلك لوقائع معالجة المنظمة الدولية لقضية كوسوفو كقضية ارووبية وسنستعين هنا بالمقالات التي كتبت في وسائل الاعلام الغربية التي تشن هجوما علي السودان لا قبل لقطر آخر به وتغض الطرف تماما عن السوابق الاوروبية.. تقع جمهورية الكونغو علي الحدود الجنوبية الغربية للسودان وتشكل مع تسع دول اخري الجوار المباشر للسودان ـ ما الذي يجري الآن في الكونغو بالمقارنة لما يفترض انه حادث في دارفور؟ قالت ديرشبيغل في 2004/5/26 منذ بدأت الحرب في الكونغو مات 4 ملايين ونصف من السكان وهذا اعلي رقم في صراع بعد الحرب العالمية الثانية وقالت مجلة شتيرن في 2005/3/10 منذ عام 1999 تدور الحرب الاهلية في اقليم ايتوري بين قبيلتي الهيما والليندي وبحسب تقديرات الامم المتحدة فان سبعين الفا من الهيما الرعاة طردوا من مساكنهم والذين لم ينفذوا اوامر العصابات المسلحة قتلوا سواء كانوا اطفالا او نساء او شيوخا وفي تقرير صدر من هيومان رايتس ووتش في 2005/3/7 ذكرت ان القوات الحكومية والثوار اغتصبوا عشرة الاف امرأة وطفل منذ بدء الصراع عام 1999 ولم يقدم احد منهم للمحاكمة وقالت منظمة اطباء بلا حدود انها استقبلت منذ حزيران (يونيو) 2003 حالات اغتصاب تصل الي 2003 (لاحظ هذا الرقم الغريب) وقد سجلت الحالات في مستشفاهم في مدينة بونيا وروت مجلة دي تسايت في 2005/3/17 ان منظمات المجتمع المدني قدرت حالات الاغتصاب بعشرة الاف حالة وان 4 ملايين ماتوا منذ بدء الحرب عام 1999 وهذا اعلي رقم بعد الحرب العالمية الثانية، واضافت لكن احدا لا يتحدث عن هذا في بروكسل (مقر الاتحاد الاوروبي) ولا برلين وتساءلت الصحيفة: صحيح لماذا يهتمون بالكونغو علي اي حال؟ ولكنهم يصبون وافر سخطهم علي السودان. واجابت الصحيفة: ان ثروات الكونغو تنهب من الاجانب، ففيه يوجد الكوبالت والذهب والجواهر والنحاس، وقد وصل عدد الذين اجبروا علي الرحيل من مساكنهم الي سبعمائة الف. ونشرت الهيرالد تريبيون في 2004/8/16 صورا لالاف القتلي وقال وزير الخارجية الالماني في مجلس الامن ان المجلس يدين هذه المذابح البربرية ويطالب باجراء تحقيق متكامل يفضي الي تقديم مرتكبيها الي العدالة ومنع الهجوم علي المدنيين اذ كان اغلب الضحايا من النساء والاطفال وفي ذات التاريخ 2004/8/16 قالت ديرشبيغل وهي تعلق علي هذه المذبحة اقتحم المهاجمون معسكرا للاجئين اقامته الامم المتحدة في قاتومبا وقتلوا مئة وستين من النساء والاطفال داخل المعسكر وهؤلاء الضحايا هم من مجموعة البانياليفا التوتس اما المهاجمون فقد كانوا من عساكر الهوتو الذين شاركوا في حرب الابادة في بروندي عام 1993 والسبب ان التداخل بين القبائل يجعلهم يتجولون بين بروندي والكونغو ورواندا وقد اتهم رئيس بروندي نديازيا المجموعة الدولية بانها تغض الطرف عن هذه المذابح وقال انهم ظلوا يطالبون الامم المتحدة منذ عام 1993 بنزع اسلحة الهرتو لكن مطالبهم اهملت ولم ينظر اليها وقالت الواشنطن بوست 2004/9/2 ثلاثة ملايين قتلوا في الخمس سنوات الماضية ولكن احدا لا يهتم بذلك ومئتا الف من الشيشان يعيشون في معسكرات اللاجئين وثمانمئة الف هربوا من بروندي الي الدول المجاورة لكن الولايات المتحدة لا تهتم بأي من هؤلاء .
كانتونات الكونغو
وفي تقرير بثته رويترز علي ذات المذبحة 2004/8/17 قالت شنت قوات حكومية متمردة هجوما علي بوكافو قتلت فيه المدنيين واحرقت سوق المدينة ونهبت من البنك المركزي مئة الف دولار، واغتصبت النساء. ان ميليشيات تأتي من رواندا واوغندا وبروندي كل يشن حربا لصالحه وان مجموع قتلي الحرب بلغ ثلاثة ملايين في السنوات الماضية اذا كان الضجيج حول الابادة الجماعية في دارفور لغرض انساني فهل اهل الكونغو من فصيلة القردة؟ لكن ديرشبيغل عدد رقم 2004/20 بتاريخ 2004/5/10 اوردت التفسير التالي الذي يؤكد ان الاطماع الدولية والنهب المنظم لثروات الامم هو المحرك الاساسي للسكوت عن هذه المآسي التي وصفتها جهات صحفية متعددة بأنها (حرب ابادة) جماعية ـ قالت المجلة ان نهبا منظما يدور الان في غابات الكونغو حيث تسود الحرب والفوضي.. ويشارك في هذه الحرب لنهب الثروات لصوص من امم الارض كلهم تداعوا من بريطانيا والمانيا وروسيا واليونان ولبنان بالاضافة الي عملائهم المحليين. هنا توجد ثروات لا حصر لها من التانثال المستخرج من الكوبالت والكوتلان وهو معدن لا يمكن اذابته الا في درجة حرارة تبلغ 1996 سنتغريد ويعتبر البنتاغون في اعلانه الصادر عام 1975 التانثال سلعة استراتيجية شديدة الاهمية والخطورة فهو يستخدم لتصنيع الصواريخ عابرة القارات ولهذا فهو باهظ الثمن. ان 80% من احتياطي هذه السلعة موجود في الكونغو وفيه ايضا ثروات ضخمة من الذهب والفضة والزنك وتعتبر الجواهر كنزا مفتوحا للناهبين القادمين من خارج الحدود حيث يكسب الضابط في الشهر الواحد عشرين الف دولار بينما يكسب المهربون الاوروبيون ربع مليون دولار في الشهر . وتضيف المجلة في كشفها لهذا النهب المستمر ان هؤلاء القادمين من وراء البحار بالاضافة الي المجموعة المتحالفة معهم يلتقون جميعا في عرقلة الجهود لايقاف الحرب الدائرة هناك والتي تتيح لهم هذه الفرص الواسعة للكسب.. هؤلاء قسموا الكونغو الي كانتونات (حواكير) متعددة تسيطر كل مجموعة علي واحدة منها بينما يموت المواطنون من الجوع والحرب. ان رحلة النهب تبدأ من الطائرات التي تحلق فوق بوكافو المدنية التي دار فيها القتال اخيرا (تشير المجلة الي المذبحة الي اوردناها من قبل) حيث تقف ارتال من الشاحنات تنتظر دورها في افراغ شحنات متعددة من هذه الثروات التي تنقل من هناك فورا الي اوروبا ــ ويحدث هذا علي الرغم من ان الامم المتحدة ارسلت عشرة الاف من جنودها ذوي القبعات الزرق . الجدير بالذكر ان في الكونغو اكبر قوة في العالم لحفظ السلام تابعة للامم المتحدة ورغم ذلك طالب الامين العام بزيادتها الي 10.800 وهو الحد الاقصي المسموح به وبالمقارنة لصمته المريب عن احداث الكونغو نقلت رويترز تصريحا له اوردته صحيفة القدس العربي بتاريخ 2005/2/9 جاء فيه ان السودان يرفض القبض علي المسؤولين عن الفظائع في دارفور وحكومة السودان نفذت بعض الاجراءات وتجاهلت اخري... القتال مستمر والمسؤولون عن الجرائم الوحشية لا يعاقبون ودعا عنان حلف الناتو والاتحاد الاوروبي للتدخل عسكريا في ازمة دارفور لكن تصريحاته انتقدت في ليبيا العضو المؤسس للاتحاد الافريقي واعتبرها عمرو موسي غير منطقية.. وقال انها تدعو للشكوك حول موقفه من الازمة التي تعالج من الاتحاد الافريقي . ونسوق ابعد من ذلك تعليقات اخري للتدليل علي الفارق في التعامل بين موضوع دارفور وما يحدث في الكونغو وتورط جنود الامم المتحدة ومبعوثيها في ارتكاب جرائم كانت المهمة الاساسي التي ارسلوا من اجلها ان يمنعوا حدوثها فاذا هم ضالعون في ارتكابها.. قالت فرانكفورتر الجمانية بتاريخ 2005/3/7 اتهم مسؤولون وليم سونغ مبعوث الامم المتحدة في الكونغو الامريكي الجنسية مرات عديدة بأنه لم يفعل شيئا ازاء الاعتداءات الجنسية من جنوده ضد المواطنين الكونغوليين فقد ارتكبوا حالات اغتصاب فظيعة ضد بنات قاصرات وكانوا يشجعون الدعارة بدفع الدولار.. وقد ورد هذا في تقرير بعد تحقيق اجراه احد مبعوثيها هناك. واضافت فراكفورتر روند شاو 2005/3/5 في اقليم بوكافو الواقع شرق الكونغو كان جنود الامم المتحدة يتفرجون عندما كان الثوار ينهبون ويغتصبون البنات الصغار وبعضهم كان يستخدم الطعام للجنس وقالت برلين مورجن بوست 2005/3/8 نقلا عن تقرير صادر من منظمات حقوق الانسان ان القوات الحكومية والثوار اغتصبوا عشرة الاف امرأة وطفل فقط منذ ان بدأ الصراع في الاقليم الشرقي لكونغو عام 1998 ولم يقدم احد للمحاكمة. ان ثروات الكونغو تنهب من الاجانب من الكوبالت والنحاس والذهب والفضة والجواهر بينما مات في الحرب 4 ملايين وهو اعلي رقم بعد الحرب العالمية الثانية .. الواضح ان التركيز علي السودان هو لصرف النظر عن نهب الكونغو واستغلال الدول الاوروبية لموارده. اما في البلقان حيث توجد قوة امن دولية من 33 قطرا فان الامن فيها ما يزال مفقودا تماما وهناك مافيا تكسب ارباحا هائلة من التجارة حسب رواية ديرشبيغل 2004/5/29 ووصف الناتو مهمته بأنها ناجحة علي الرغم من الهجوم علي الجنود الامريكان وتتهم القوة الدولية الشرطة المحلية بأنها تتعاطف مع الزعيم الصربي الفار رادوفان كاراديتش الذي يعتبر بطلا قوميا هناك وقد اشتكي قائد قوات حفظ السلام الدولية كلاوس راينهارد انه كلما طلب مساعدات انسانية بعثت له اوروبا عوضا عن ذلك جنودا. والاصرار علي ارسال الجنود هو لابتزاز اموال المنظمة في الكسب نظرا للاجر الضخم الذي يتقاضاه الجندي. ويتكرر الاتهام علي القوات الدولية وعجزها عن حماية المواطنين في اكثر من مجال ويسري ذلك كله علي الذين اتهمتهم الهيرالد تريبيون 2004/7/27 بفشل ذريع في حماية الاقلية الصربية في كوسوفو في اضطرابات حدثت في اذار (مارس) 2004 وقتل من جرائها 19 قتيلا و900 جريح.
عساكر الامم المتحدة
وكانت افتتاحية مجلة ويست افريكا 2000/5/28 لاذعة في هجومها الذي اوردت فيه نماذج متعددة لهذا الاخفاق في سيراليون وقالت ان عساكر الامم المتحدة لا هم لهم غير الكسب المادي اذ يتعاطي الفرد منهم 137 دولارا في اليوم. اما البيروقراطيون فهم اكثر اهتماما بتلميع سجلهم الوظيفي ولا يدركون الاحداث حولهم. وتساءلت كيف يمكن ان يؤدي العساكر دورهم بفعالية وهم يتلقون تعليماتهم من دولهم وليس من قائدهم الذي عينته الامم المتحدة في سيراليون لحماية السكان وحفظ السلام؟ ووصفت مجلس الامن بأنه ليس اكثر من ناد لملاسنات الدول الكبري والاعيبها السياسية. وفي مقالة في نفس المجلة بعنوان تطويع المارد قال الصحافي البريطاني كينسلي لينغتون من المؤسف ان الامم المتحدة لجأت الي نيجيريا لانقاذ المواطنين من الفظائع التي يرتكبها الثوار . ولقد صحبت الاضطرابات في الحرب الاهلية في ليبريا وسيراليون فظائع تجل عن الوصف فقد كانت الجبهات المتحاربة تحرق القري وتفتك بالمدنيين وتقطع اوصال من يعترضها ايا كان. وشاهدنا علي كافة الفضائيات المدنيين يتظاهرون في الشوارع طلبا للتدخل الامريكي البريطاني وهم يرفعون صور بوش وبلير. ذلك ان فريتاون عاصمة سيراليون اسسها الانكليز سنة 1808 وجعلوا المستعمرة محمية لهم اما ليبريا فقد اسس عاصمتها فروقيا العبيد الذين اعتقوا عقب الحرب الاهلية الامريكية وقرار الرئيس ابراهام لينكولن بالغاء الرق. وكان ان عاد هؤلاء واستقروا نهائيا هناك. وللبلدين ارتباطات وثيقة بالولايات المتحدة وبريطانيا وواصلت المجلة استعراضها للاحداث لقد ارسل المواطنون رسالة انسانية واضحة لبريطانيا لانقاذهم من فظائع الحرب بالتدخل العسكري وفض المنازعات بالقوة وقالت ان بلير لا يمكنه ان يتناسي ماضيه الاستعماري. لقد خلقتم هذه المستعمرة ولسيراليون علاقات وثيقة ببريطانيا.. ان المواطنين يثقون بكم ويتوسلون اليكم للمساعدة بالتدخل لفض المنازعات فلا تخيبوا رجاءهم.. وتكررت نفس هذه الرسالة من شعب ليبريا الي الرئيس بوش الذي كان اسطوله الحربي يقف علي ساحل المحيط ولا يفعل شيئا بينما الاف المواطنين يقتلون . ان الفظائع التي ارتكبت في البلدين وفي كوسوفو تجل عن الوصف ويستحيل بأي شكل من الاشكال مقارنتها بما حدث في دارفور.. هل عثر المحققون علي مذابح جماعية في دارفور بعشرات الاف من الضحايا كما هو الحال هناك؟ واذا تجاوزنا الاثارة والتشويه الاعلامي الذي اصبح سهما اساسيا في موضوع دارفور بغرض تهيئة العالم لتدخل دولي علي ذات النحو الذي تم في العراق فالسؤال هنا: اذا كانت المسألة شأنا انسانيا غرضه الحفاظ علي حماية المواطنين لماذا احجمت بريطانيا وامريكا عن حماية شعبي البلدين رغم توسلاتهم المتعددة وروابطهم التاريخية؟ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يطالبون حكومة السوادن بتسليم مواطنيها الي محكمة لاهاي.. وهنا يبرز سؤال آخر: ان عشرات من قادة الصرب لم يلق القبض عليهم حتي الان رغم مرور عشر سنوات علي امر اعتقالهم وهم المتهمون بجرائم ضد الانسانية ومن هؤلاء رادوفان كاراديتش الذي ظل مختفـــــيا في بانيا لوكا عاصمة جمهورية الصرب التي لا تزيــــد مساحتها عن 25.0530 كم وبالرغم من وجود قوات امن من الامم المتحدة والناتو والمجموعة الاوروبية ويبلغ عددها سبعة الاف من 33 دولة. التفسير الذي يقوله الالبان ان كاراديتش يعرف اسرارا لا يراد لها ان تطفو علي السطح ويقارنونه بصدام حسين .. وفي ذات الشأن قالت صحيفة القدس العربي 2005/4/6 اعلن الرئيس السابق لهيئة اركان الجيش الصربي باكوفيتـــــش انه يفضل الموت علي تسليم نفسه لمحكمة لاهاي لماذا لا تصر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا علي اعتقال هؤلاء مثل اصرارها للتدخل ولو بقوة السلاح للقبض علي ما تصفهم بزعماء الجنجويد في السودان؟ وبمساحة دارفور التي تعادل سبع مرات مساحة فرنسا؟ . ان عدالة الدول المطالبة بمحاكمة زعماء الجنجويد في لاهاي هي في مساواتها بين متهمي الصرب ومتهمي دارفور وعلي ذات الشاكلة في المقارنة بين صدام حسين ورئيس يوغسلافيا السابق سلوفودان ميلوسوفيتش ـ ظهر الاخير امام المحكمة بكامل اناقته بينما عرض صدام حسين وهو يرفل في الاغلال وفي حالة ازدراء لا حدود لها لمركزه السابق كرئيس للعراق! لماذا لم يطالبوا بارساله الي لاهاي؟ الجواب في الاسرار الخطيرة التي يحتفظ بها ومن الخير ان يحاكم في العراق امام قضاة يعادونه ولا يعادون المحتلين ويمكنهم طي الاسرار اذا افلتت منه.
ابيل الير ومحجوب محمد صالح
في نهاية العام الماضي اقامت منظمة فريدريش ايبرت احتفالا ضخما في برلين كرم فيه علمان من رجالات السودان.. ابيل الير المحامي الذي شغل في عهد نميري منصب نائب رئيس الجمهورية والصحافي المؤرخ محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفة الايام السودانية ومنحا جائزة الدفاع عن حقوق الانسان ـ وعلي شرف المناسبة نظمت ندوة عن السودان واحداث دارفور كان الحضور فيها كثيفا جمع الوزراء والسفراء والصحافيين والمهتمين من كافة الملل والنحل بقضايا السودان. وتحدث في الندوة الي جانب المحتفين بهما جيرهارد باوم مقرر الامم المتحدة لحقوق الانسان في السودان وشن باوم هجوما علي السودان ظل يواصله حتي الان علي كافة الاصعدة المرئية والمسموعة والمقروءة وطالب باوم بتدخل عسكري فيه من قوات حلف الاطلسي والامم المتحدة والجيش الالماني ـ وفي فترة الحوار عقب المتحدثين اذن لي بالحديث فوجهت لباوم ثلاثة اسئلة: 1 ـ الحديث عن التدخل العسكري باسم الانسانية تحول الي مجرد مزايدات سياسية مبالغ فيها افرغه من معناه، الا تري انه صار عملا انتقائيا يرتبط بالاجندة الدولية دون ادني اعتبار للمساكين الذين يفترض ان الغرض الانساني موجه لهم؟ 2 ـ متي كان التدخل العسكري بدعوي الانسانية خيرا في اي دولة استهدفها واشير هنا الي الصومال وافغانستان والعراق وكوسوفو؟ 3 ـ لماذا لم تطالب الامم المتحدة والمناصرون للتدخل العسكري بالتدخل في الكونغو الجارة المباشرة للسودان ومن قبل ليبريا وسيراليون.. مواطنو هذه الدول كانوا يتظاهرون بالآلاف مناشدين الرئيس بوش للتدخل لانقاذهم من الحرب التي طحنتهم وما جرته عليهم من مآس تفوق اضعاف ما يحدث في دارفور؟ وما يحدث الان في الكونغو مأساة فظيعة تجل عن الوصف. كانت اجابة باوم صريحة جدا، قال نعم كان التدخل العسكري ناجحا، انظر ما حدث في ليبيا!! وهنا ضجت القاعة بالضحك، ولما استيقن باوم انه انزلق في شأن حرج استدرك قائلا: نعم، نعم كان ناجحا في جنوب افريقيا!! ومرة اخري علا ضجيج المستمعين بالضحك والهمهمة ولكنه واصل قائلا: ماذا فعل الافارقة لاسقاط الابارتهايد؟ نحن هنا في اوروبا الذين اسقطناه، الافارقة لم يفعلوا شيئا! تذكروا المقاطعة التي فرضناها نحن، هم لم يفعلوا شيئا . بانتهاء الندوة تحلقنا كسودانيين كما جرت العادة حين نلتقي، نساء ورجالا، وفجأة دخل علينا طالبان وطالبتان المان قالت متحدثة منهم في انهم دهشوا لتحويل شأن انساني كما في دارفور الي رأي عنصري يدين الافارقة ويبرز تفوق الاوروبيين ووجهت الطالبة الثانية الحديث الي مجموعتنا، ارجو ألا تكون نظراتكم معممة فهنا ايضا من يصارع العنصرية ويرفضها ويقف الي جانب الدول المستضعفة. وكانت تشير الي اجابة باوم علي اسئلتي ووضعها في استقطاب اوروبي ـ افريقي. شكرناهم كثيرا علي آرائهم وقلنا لهم المهم ألا تستغل قضية دارفور لتحقيق اهداف في صالح الاجندة الدولية واطماعها واهل دارفور احوج الناس الآن الي اساسيات الحياة ولا يفيدهم مثل هذا الحديث الذي لا يخدم قضيتهم في شيء. علي ان ما نشرته بوستون غلوب الامريكية 6/4/2005 كان توجها آخر يؤكد كيف توظف قضية دارفور في المحاور الاستراتيجية دون ادني اعتبار لمسبباتها او سبل معالجاتها. قالت الصحيفة تحت ضغط متصاعد من الطلاب تتجه جامعة هارفارد الي بيع مبلغ يقدر بــ4،4 مليون دولار في شركة البترول العينية ذات الارتباط الوثيق بالسودان في وسائل النفط لأن الولايات المتحدة تتهم الحكومة السودانية بارتكاب جرائم حرب في دارفور. لقد صارت قضية دارفور من القضايا التي يهتم بها الطلاب كثيرا ولان الصين تشارك في دعم صناعة النفط في السودان غير عابئة بالوضع الانساني هناك . واشارت الصحيفة الي ان هارفارد لم تقطع علاقاتها سابقا مع جنوب افريقيا في فترة الابارتهايد بالرغم من الضعوط التي قام بها الطلاب آنذاك ودعموها بالمظاهرات والاضراب عن الطعام.. وعندما دعا الطلاب الي قطع العلاقات مع اسرائيل قال مدير الجامة لورنس سمرز طلب مثل هذا هو من معاداة السامية وهذا هو قصد الداعين اليه ! واذا كانت هذه هي التوجهات في المؤسسات التعليمية بما حوته من طموحات الشباب فكيف كان مسار الدول خاصة من قضية ارسال المهتمين من درافور الي محكمة الجرائم في لاهاي؟ القرار الذي اجازه مجلس الامن يوم الخميس اول نيسان (ابريل) 2005 كان هو الثالث الذي وقع ضد السودان في اسبوع واحد. ولا احسب ان قضية اخري ايا كانت خطورتها قد ظفرت بهذا الاهتمام من قبل المنظمة الدولية.. ووصف القرار بأنه حل وسط بين الاقتراح الفرنسي الذي يطالب بتسليم المتهمين الي المحكمة والرفض الامريكي الذي يستثني فقط مواطنيه من اي محاكمة دولية بدعوي انها قد تتحول الي شأن سياسي يستغل ضدهم. لقد اماطت الصحيفة في نفس هذا المقال اللثام عن الاستغلال الذي تمارسه الدول الكبري بهذه المنظـــــمة الدولية للضغط علي الدول الصغري وتحرير سياساتها مدعية الدفاع عن حقوق الانسان.. قالت الصحيفة ان القرار صدر بعد (لت وعجن) دام 11 ساعة بين امريكا وفرنسا واضافت كان التنازل الرئيسي الذي قدمته فرنسا للولايات المتحدة هو الفقرة التي تعفي مواطني الدول التي تساهم بقوات في مناطق النزاع من المثول امام محاكم خارج وطنهم واضافت الصحيفة: وسبب هذا التنازل مشكلة وحرجا لفرنسا لانها كانت هي نفسها تطالب باعفاء قواتها من اي مساءلة دولية خارج فرنسا حدث ذلك عندما ارتكبت القوات الفرنسية فظائع لا حد لها في مأساة رواندا ـ لكنها مع بريطانيا وامريكا يقودون الآن هذه الحملة العاتية علي السودان عندما رفض تسليم مواطنيه للمحاكمة خارج الحدود.. من يحمي الدول المستضعفة من سياسة القوة والحقد ايا كان الظلم الذي يترتب عليها؟ وحول الدور الفرنسي في مأساة رواندا نشرت صحيفة تاغس تسايتونغ 2005/4/7 ملفا كاملا طالبت فيه وفقا لمصادر صحافية وقانونية وسياسية داخل باريس باجراء تحقيق حول الدور الحقيقي لفرنسا الذي ما يزال مواربا عن الانظار ومشاركتها في المذابح التي حدثت فيها وقال كاتب المقال فرانسوا ميسار رفع بعض الروانديين الذين نجوا من مذابح رواندا قضايا جنائية ضد جنود فرنسيين قاموا باغتصاب نساء في معسكر للاجئين في منطقة زياروشيسي بدلا من ان يقوموا بحمايتهن وقال المحامي لورا كوري انه سمع من المدعين قصصصا فظيعة حول ما قام به الجنود الفرنسيون وقدم محامون من المنظمة الدولية للحقوق القانونية ضد الجرائم المرتكبة ضد الانسانية دعاوي قانونية ضد القوات الفرنسية التي ارسلت الي رواندا بتفويض من الامم المتحدة عام 1993 جاء فيها ان القوات الفرنسية لعبت دورا اساسيا في الابادة الجماعية التي ارتكبها الهوتو ضد التوتسي فقد وفروا للمعتدين سلاحا ومناطق آمنة واشار المدعون انهم يملكون الدلائل علي ان الدور الفرنسي هناك كان مناقضا تماما للادعاء بأنهم انقذوا الارواح وحموا الروانديين من القتل واكدوا واقعة حدثت في 26 حزيران (يونيو) 1993 وعد فيها العساكر الفرنسيون التوتسي الذين لجؤوا اليهم بحمايتهم واودعوهم في معسكر في منطقة بيساري جنوبي غربي رواندا ولكنهم ذهبوا وتركوهم هناك وفي غياب الحماية الفرنسية داهمهم الهوتو وقتلوا المئات منهم ـ وفي دعوي اخري من المنظمة الفرنسية انقاذ الحياة قال رئيسها فرانسوا ايكسافير: لقد كانت القوات الفرنسية مشاركا اساسيا في الابادة الجماعية التي حدثت في الكونغو فهي التي دربت هذه القوات اثناء تفويضها من الامم المتحدة وكان الحرس الجمهوري الرواندي رأس الرمح في المذابح التي ارتكبت ضد التوتسي وكانت فرنسا حليفا اساسيا للرئيس هايل بابا ويمانا الذي ساهم في توسيع الابادة الجماعية حتي مقتله في 1994/4/6 . ونقل تقرير الصحيفة من كتاب صدر في شباط (فبراير) الماضي في باريس قال مؤلفه المحامي الفرنسي جيرالد دي لابراديلا انه استمع لروايات من روانديات احياء كن ضحايا حالات اغتصاب من جنود فرنسيين . وقدمت فرنسا اسلحة للجيش الرواندي في الوقت الذي كانت فيه المذابح تتسع وفي عملية اطلق عليها الجيش الفرنسي المصطلح العسكري Operation Turquioise ونقل الي باريس عدد من الوزراء والقادة الذين شاركوا بالفعل في المذابح في الوقت الذي كان الغطاء المضلل هو اخلاء الاوروبيين الذين كانوا في رواندا وارسالهم الي اوطانهم واضافت الصحيفة ان محكمة نشطة تعمل الان لكشف الدور الحقيقي لفرنسا في مذابح رواندا وتسعي لرفع دعاوي علي شركات السلاح التي فاقمت من هذه المأساة.
تفكيك السودان
وهكذا تتحالف هذه الدول الكبري للتغطية علي جرائمها وتنقلب في ذات الوقت لابتزاز الدول الضعيفة لمجرد شبهة مماثلة وهذا هو الذي دعا بريطانيا ان تتبني في مجلس الامن القرار الفرنسي 1593 الذي يطالب الحكومة السودانية بتقديم المتهمين بجرائم حرب في دارفور الي محكمة العدل الدولية في لاهاي.. خاصة وان القرار ظل يخضع لدورات من التعديل واعادة التعديل لكن الجدل حوله لمدة 11 ساعة في الجولة الاخيرة يعكس ان التفاوض كان ابعد من مجرد تنازل في مسألة دارفور.. كان التفاوض علي ذات الشاكلة التي تمت قبل اكثر من قرن في فشورة مع استثناء حالة الحرب انذاك. انه صورة مجددة لتأمين مناطق النفوذ في تفاهم لا يضر بمصالح الجانبين ويقلل التنافس بينهما خاصة وان ما يجري في دارفور يؤثر بشكل مباشر علي تشاد بحدودهما المشتركة ووجود قاعدة فرنسية وتأثير فرنسي ضخم علي سياسات مستعمراتها السابقة في مالي والنيجر والكاميرون. ان موارد السلاح الرئيسية تضخ الي المتمردين عبر هذه الدول. ويعيد هذا التفاوض ما حدث اثناء الحرب العالمية الاولي 1914 ـ 1918. كانت دارفور تحتفظ بعلاقات كونفدرالية مع باقي السودان في امارة الخليفة عبد الله التعايشي وظلت تحافظ عليها من بعيد حتي ضمها الانكليز رسميا الي السودان عام 1916. ويلاحظ ان الفرنسيين آنذاك استغلوا اضطراب الاوضاع هناك بعد ان قتل الانكليز سلطان قبيلة الفور علي دينار فحاولوا استمالتهم خاصة وان الحدود مع تشاد (83.000) كم لم تستقر رسميا حتي عام 1936. والسؤال الهام هنا: هل تفاهم الجانبان بتنسيق مع المتمردين علي صفقة لاستقلال دارفور كمدخل لتفكيك السودان؟ واشير هنا الي مشاركة شديدة الاهمية قرأتها مديرة الحوار في برنامج شؤون الساعة من اذاعة لندن الذي ناقش قضية دارفور في الاسبوع الاول من نيسان (ابريل) 2005. قالت مديرة الحوار ان الرسالة وصلتها من الولايات المتحدة ويبدو من مضمونها انها اكبر من مجرد مشاركة عادية ولكنها فوق ذلك تعبر عن خطة سياسية جهزت لاعادة تشكيل المنطقة كلها.. وصفت الرسالة حكومة السودان بأنها اصولية مغلقة التفكير عاجزة التنفيذ وان السودان بقبائله ودياناته وثقافاته المتعددة يستحيل حل قضاياه ما لم يجزأ وتقلص مساحته الواسعة! وكنت قد اشرت من قبل الي اجابة وزير الخارجية الالماني فيشر علي سؤال مجلة شبيغل حول ما اذا كان اضطراب الاوضاع في دارفور سيؤدي الي انفصال دارفور وكان رده انه يأمل الا يحدث ويشير ذلك الي ان احتمال حدوثه وارد.. واهم من ذلك ان ضم دارفور الي السودان وتجزئة المنطقة التي تشمل حزام السودان الاوسط تزامن في ذات الوقت الذي وقعت فيه بريطانيا وفرنسا اتفاق سايكس بيكو 1916 الذي قسم البلاد الشام وكان المقدمة الحقيقية مع وعد بلفور لانشاء الدولة العبرية 1948. 7
ارسل هذا الخبر الى صديق بالبريد الالكتروني نسخة للطباعة ____________________________________
عن القدس العربي ـ 10 اغسطس 2005
Ref: AlQuds AlArabi (10-Aug.-2005)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: المحظور مما ينبغي ادراكه في وثائق دارفور : حسن عبد الوهاب (Re: Munir)
|
Quote: ولقد صحبت الاضطرابات في الحرب الاهلية في ليبريا وسيراليون فظائع تجل عن الوصف فقد كانت الجبهات المتحاربة تحرق القري وتفتك بالمدنيين وتقطع اوصال من يعترضها ايا كان. وشاهدنا علي كافة الفضائيات المدنيين يتظاهرون في الشوارع طلبا للتدخل الامريكي البريطاني وهم يرفعون صور بوش وبلير. ذلك ان فريتاون عاصمة سيراليون اسسها الانكليز سنة 1808 وجعلوا المستعمرة محمية لهم اما ليبريا فقد اسس عاصمتها فروقيا العبيد الذين اعتقوا عقب الحرب الاهلية الامريكية وقرار الرئيس ابراهام لينكولن بالغاء الرق. وكان ان عاد هؤلاء واستقروا نهائيا هناك. وللبلدين ارتباطات وثيقة بالولايات المتحدة وبريطانيا وواصلت المجلة استعراضها للاحداث لقد ارسل المواطنون رسالة انسانية واضحة لبريطانيا لانقاذهم من فظائع الحرب بالتدخل العسكري وفض المنازعات بالقوة وقالت ان بلير لا يمكنه ان يتناسي ماضيه الاستعماري. لقد خلقتم هذه المستعمرة ولسيراليون علاقات وثيقة ببريطانيا.. ان المواطنين يثقون بكم ويتوسلون اليكم للمساعدة بالتدخل لفض المنازعات فلا تخيبوا رجاءهم.. وتكررت نفس هذه الرسالة من شعب ليبريا الي الرئيس بوش الذي كان اسطوله الحربي يقف علي ساحل المحيط ولا يفعل شيئا بينما الاف المواطنين يقتلون . |
!!!!!!!!!!!--
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المحظور مما ينبغي ادراكه في وثائق دارفور : حسن عبد الوهاب (Re: Munir)
|
Quote: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يطالبون حكومة السوادن بتسليم مواطنيها الي محكمة لاهاي.. وهنا يبرز سؤال آخر: ان عشرات من قادة الصرب لم يلق القبض عليهم حتي الان رغم مرور عشر سنوات علي امر اعتقالهم وهم المتهمون بجرائم ضد الانسانية ومن هؤلاء رادوفان كاراديتش الذي ظل مختفـــــيا في بانيا لوكا عاصمة جمهورية الصرب التي لا تزيــــد مساحتها عن 25.0530 كم وبالرغم من وجود قوات امن من الامم المتحدة والناتو والمجموعة الاوروبية ويبلغ عددها سبعة الاف من 33 دولة. التفسير الذي يقوله الالبان ان كاراديتش يعرف اسرارا لا يراد لها ان تطفو علي السطح ويقارنونه بصدام حسين .. وفي ذات الشأن قالت صحيفة القدس العربي 2005/4/6 اعلن الرئيس السابق لهيئة اركان الجيش الصربي باكوفيتـــــش انه يفضل الموت علي تسليم نفسه لمحكمة لاهاي لماذا لا تصر الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا علي اعتقال هؤلاء مثل اصرارها للتدخل ولو بقوة السلاح للقبض علي ما تصفهم بزعماء الجنجويد في السودان؟ وبمساحة دارفور التي تعادل سبع مرات مساحة فرنسا؟ |
| |
|
|
|
|
|
|
|