|
قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع
|
بقلم / أحلام اسماعيل حسن
بعد إيه ...
وأطير تحملني أجنحة أشواقي إلى واحتي الخالدة حديقة الشاق فأجدها كعهدي بها جميلة خلابة يظللها الغمام وتجود عليها المساء برذاذ خفيف استنشق نسيمها العليل وأنا واقفة أمام زهرة فريدة ذات لون أحمر ممتزج باللون الزهري. تمازج اللون الأحمر باللون الزهري يمنح هذه الزهرة أسرارا من التفرد والغرابة والجمال. نظرت إلى قطرات الندى المسكوب على تاج هذه الوردة فبدا لي ليس ندى مثل كل ندى الورود لكنه قطرات من الدمع فاضت من الوردة ذاتها. وردة جميلة تدمع أزاهيرها؟ يا لهذه الروعة والبلاغة الشجية. في هذه الوردة يمتزج الجمال بالشجن كتمازج اللونين الأحمر والزهري. عطر هذه الوردة طغى على عطور ورود وأزاهير حديقة العشاق وأفرد على قلبي وقلوب زوار الحديقة غلالة من الحزن الشفيف. عطر يدغدغ الوجدان ويوقظ الشجن من مكامن عميقة من خلف أستار الماضي البعيد. زوار الحديقة قد تأثروا بنسمة الشجن التي أيقظها عبير هذه الزهرة فأرى مسحة الحزن في أعينهم ممزوجة بضياع الأمل.
يحملني العطر المفعم بالإحساس فأرحل بعيدا إلى ماضٍ بعيد، ماضٍ سبق ميلادي. أفتح عيوني على هذا الماضي وأرى نفسي وأنا في صالون أبى اسماعيل حسن في منزلنا المتواضع في حي السجّانة. أرهف سمعي فأسمع نقرشات عود. إنه عمى محمد وردى وهو يدندن بالمطالع الأولى من أنغام أغنية "بعد إيه" ثم انظر لبقية الزوار في صالون أبى فأرى جوقة هادئة من الموسيقيين والملحنين من ذلك الزمن الأخضر، إنهم أعمامي حسن بابكر، خليل احمد، عربي، علي ميرغني، فتاح وغيرهم. كانوا في حضرة ميلاد اللحن الجديد يستمعون بكل وجدانهم ويضيفون نغمة من هنا ونغمة من هناك. آه لقد تذكرت الآن! فبعد أن ولدتني أمي وكبرت قليلا وصرت طفلة كنت أعدو داخل الصالون بين هؤلاء الأعمام الذين كانوا يتواجدون كثيرا في صالون أبي. في هذه اللحظات تذكرت أيضا أن أبي اسماعيل قال لي ذات يوم إن أعمامك هؤلاء قد شهدوا وشاركوا في ميلاد معظم ألحان أغنياتي .. كانوا مثل القديسين لا يعرفون ما هي الأنانية .. يطورون لحن الأغنية بصورة جماعية ولا يهمهم بعد ذلك أن يخرج اللحن باسم المطرب أو المحن صاحب اللمسة الأولى في اللحن. آه عرفت الآن لماذا خرجت إلينا درر أغنيات ذلك الزمن الأخضر مترعة الأنفاس والمواهب، وعرفت الآن لماذا كتب الخلود لهذه الدرر الفريدة مثل درّة "بعد إيه" قلادة في نحر الزمان.
كتب اسماعيل "بعد إيه" خلال فترة انفصاله عن أمي فتحيه، تلك الفترة التي شهدت أغزر إنتاج اسماعيل من أغنيات اللوعة والخصام والعتاب التي نزفها أبي لفراق حبيبته. ميلاد أغنية "بعد إيه" كان، بالتأكيد، قبل ميلادي أنا! بعد الفراق سافر أبي إلى القاهرة وكان في ظنه أن السفر سوف ينسيه محبوبته أو ربما يلهيه عنها إلى حين تخف أحزانه وتهدأ لوعته. لكن جرح اسماعيل كان أعرض وأطول وأعمق من أن يداويه السفر والبعاد. كيف كان له أن ينسى وهو الشاعر المرهف سنوات حبهما الطويلة وهما في أوج الشباب والغرام الجامح؟ كيف ينسى وقد توجا حبهما بالزواج، تلك البداية السعيدة التي يتمناها كل عاشق. بعد الزواج استسلم الزوجان المحبان لبداية فترة خضراء تراودهما أحلام من السعادة التي لا تنتهي، لكنها كانت فترة جد قصيرة بحساب السعادة والزمن. فقد عصفت رياح الخلافات الحادة بين أسرتيهما الجارتين اللتين كان يفصل بينهما جدار. كان الزوجان عند مبتدأ السعادة ليفاجئهما خبر الخلافات. رياح الخلافات العاتية بين الأسرتين اقتلعت خيمة الغرام فتطايرت الأغصان التي جمعاها لعش الحياة. آه لو تعرف الأسر والآباء والأمهات مقادير الحزن الذي يقذفونه في قلوب أبنائهم وبناتهم بسبب الخلافات الأسرية التي يدفع ثمنها الأزواج والأحباب من أبنائهم وبناتهم .. هل لهذا يا تري بكت وردة "بعد إيه" وعبق عطرها مشاعري ومشاعر زوار حديقة العشاق بهذا الشحن؟ هل لهذا يا ترى تخضّب هذه الأغنية مشاعركم عبر الزمن وتوقظ فينا الرغبة في البكاء لسبب غائر في ماضينا نبين أو لا نستبين ملامحه؟
تبددت آخر ذرة أمل، فغادر أبي اسماعيل حي السجانة والسودان كله في تلك الرحلة إلى مصر. لكن بدلا عن النسيان نبح وريد الهوى بمزيد من الخفقان في قلبه الشاعر. ففي الطريق إلى القاهرة كتب اسماعيل أغنيته "لو بهمسه" التي بث فيها اسماعيل لوعته من على بعد آلاف الأميال. ثم عاد اسماعيل من القاهرة بعد أن هاج البعاد في قلبه كامن الغرام بدلا عن أن يداويه. عاد اسماعيل إلى منزله في نفس الحي ونفس المنزل ونفس الجدار الذي يفصله عن قلبه. ويتراءى لي اليوم أن حائط الجيران قد تضخم في نظر أبي فأصبح أعرض وأضخم من سور الصين العظيم!
لكن قلب المحب الصادق يقتحم القلاع والحصون المضروبة حول المحبوبة! ففي بداية أمسية شتوية حمل أبي نفسه وذهب إلى منزل أسرة أمي وطرق الباب! قابله خالي مصطفي بجفاء. حاول أبى أن يقنعه بان يرد إليه فتحته، فإذا بخالي مصطفي يغضب في وجه أبي ويتهمه بالتشهير بفتحيه وأسرتها من خلال أغنياته. فالسودان كله في ذلك الوقت كان يتغنى بأغنيات اسماعيل ويتحدث عن قصة فتحيه واسماعيل! كانت مقابلة قصيرة وعاصفة. وعند الباب كانت القنبلة التي زلزلت كيان أبي اسماعيل. فقد قال له خالي قبل أن يودعه أن فتحيته قد خطبت لقريب لها وأنها ستتزوج قريبا. غادر اسماعيل منزل أسرة فتحيته مثقل بأحزانه الكئيبة. مشى وجسده الناحل ينوء تحت أطنان من الحزن. كان يحدث نفسه .. أن تخاصمني ممكن .. لكن أن يعرّسوها لرجل آخر هذا غير معقول ولا يمكن يكون معقول.
في أثناء سيره تتقاذفه الأحزان والهواجس ونيران الغيرة، سمع صوتا يناديه. فقد لحقت به نعمات صديقة فتحيته وابنه خالتها التي نقلت الي اسماعيل أن فتحيه تعتذر عما بدر من أخيها وأنها مازالت تحمل حبك في قلبها ولكنها أسيرة أهلها وأخيها. كانت صدمة اسماعيل بخطوبه فتحيته لكانت أكبر من كل الاعتذارات. لم يكن اعتذارها ورسالة حبها تعنى شيئا أمام تلك الظروف. قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري!
بعد أن غمره الليل بدأ بعض الهدوء يتسرب قليلا قليلا إلى روح اسماعيل، وأخذت الكلمات تتقارب وتتشكل .. بعد ما ودرت قلبي جيت تصالحني .. جيت تشكي .. جيت تبكي؟ اعتذارك ما بفيدك .. أنا خلدّتك بشعري في زمانك. ويتملك غضب المحب قلب اسماعيل: أنا أستاهل وضعتك في مكاناً ما مكانك .. روح! الغدر بى نفسو ما ببكوا عليه. وينقلب الغضب إلى سخرية ليثبت لها أنه لم ينكسر .. جيت تايب ياحليلل .. الفؤاد ملكوهو غيرك .. ضيعوك .. ودروك إنتَ ما بتعرف صليحك من عدوك.
ويتقلب الغضب إلى ذكرى أليمة لأيام الحب والسعادة القصيرة .. أنا أصلي عهد العُشْرهَ ما اتنكّرت لى. ثم ينقلب كل شيء إلى دعاء حار من القلب المفجوع .. ربي يعدل ليك سبيلك .. ومناي في الكون عديلك .. ونهاية الخير مصيرك.
وهكذا ولدت أغنية "بعد إيه" وعليها خطوط حمراء وزهرية من دم قلب اسماعيل. آه عرفت الآن لماذا تحمل وردة المستحيل هذين اللونين، وعرفت لماذا يجري على خدودها الندى من الدمع. كلما سمعت هذه الأغنية ينتابني إحساس بأنني اغرق حتى أكاد أموت ثم أعود فأتنفس من جديد وتعود لي الحياة. أفتح عيني ثم ألقى نظره أخرى إلى زهرة "بعد إيه" والتفت فأرى العائد وهو يتأمل تلك الزهرة، فأقول له أيها العائد من الماضي البعيد لتعيد لنفسي الرجاء أنت دعوة استجاب لها الله فجئتني لترسو على شواطئ أيامي التي احتضنها الجفاف لتعيد إلى شبابي وتهدى لوجهي الابتسام ومعك عرف قلبي السكينة والسلام ومعك لا أقول بعد إيه بل أقول يبقى الأمل ما بقيت الحياة. قال لي: عندما أنظر إلى هذه الوردة العجيبة الباكية أقرأ في دمعتها الندية كبرياء اسماعيل العاشق الذي علم العشاق الكبرياء وانتقل بهم من العويل والندب إلى عتاب المحبوب ومغالبة معارك الأسر ورغبات الآباء والأمهات التي تفتح أخاديد الأسى و ..
يتوقف عن الكلام ليمسح دمعات ندت عن عيوني، ثم يقول: انظري إلينا يا حبيبتي أنظري فقد عدنا بدرا بعد سنوات انشطر فيها قمرنا إلى هلالين. ما أعجبه من تطابق .. الفراق يعيد نفسه والحزن يعيد نفسه واللقيا تعيد فينا نفسها مثلما عاد اسماعيل إلى حبيبته فوجدها كما أجدك على توحيد الهوى .. اسماعيل حسن ومجنون ليلى والمحلّق غلبهم الشعر فغلبهم السكوت ولم يروا في ذلك تشهيرا بالمحبوبة .. وأنت وأنا غلبنا الذي غلبهم فبحنا ما الجرم في ذلك؟ .. نعم يا حبيبتي طال بنا الفراق بحساب الزمن سنين عددا لكن لا يوجد فاصل .. عامنا الذي مضى لا يفصله فاصل عن بداية عامنا الجديد هذا .. والحروف لا يفصلها فاصل .. فعندما تلتقي الحروف تولد الكلمات.
رجفت مفاصل روحي من سحر كلامه الذي حوّلني إلى نفحة عطر هائمة في سماوات حديقة العشاق و .. هاكم رائعة أبي اسماعيل
بعد إيه
بعد إيه جيت تصالحني بعد إيه
بعد ما ودرت قلبي الكنت فيه
ليه جيت تشتكي .. ليه جيتا تحكي ليّا ليه
اعتذارك ما بفيدك..ودموعك ما بتعيدك
العملتو كان بإيدك .. وأنا ما لي ذنب فيه
*****
أنا خلدّتك بشعري في زمانك
يا ما غنيتك وكان كلو عشانك
كان جزاى منك صدودك وهوانك
أنا أستاهل وضعتك في مكاناً ما مكانك
روح! .. الغدر بى نفسو ما ببكوا عليه
******
جيت تايب يا حليلك .. والفؤاد ملكوهو غيرك
ربي يعدل ليك سبيلك
وكلْ مناي في الكون عديلك
ونهاية الخير مصيرك
أصلي عهد العشره ما اتنكرت لى
*******
ضيعوك ..ودروك
إنت ما بتعرف صليحك من عدوك
استغلوا الطّيبه في قلبك
وبى اسم العواطف خدعوك
وحتى من كلمة حنانن وودادن حرموك
الله ياخد ليك حقوقك ويجازي الظلموك
يروي أصدقاء اسماعيل الذين عاصروه أثناء محنة الفراق أنهم لم يروا أبي على تلك الدرجة من الحزن لا قبل فراق حبيبته ولا بعده. كان ساهما حزينا شارد البال تلفه غمامات من الحزب كمن فقد نصف روحه وجفّت في صدره الرغبة في الحياة ومتعها. أنا لم أرى ذلك الحزن الذي سبق ميلادي، لكني رأيت أبي اسماعيل على نفس تلك الدرجة من الحزن يوم أن باع مزرعته في الباقير التي اشتراها الدكتور منصور خالد. كانت المزرعة جزء من اسماعيل وكانت ملاذه ومعبده ومهبط وحيه وملتقى صداقاته ومتحف ذكرياته ومعظم تاريخه .. كانت المزرعة قطعة من روحه، وعندما اضطرته ظروف الحياة القاسية لبيعها كان قد باع كل ذلك ... فقد كان أبي رجلا محدود الدخل من عامة مستورة الحال، أو الطبقة الوسطي كما يسمونها. لكننا كبرنا أنا وإخوتي الثمانية فكبرت نفقاتنا, وزيادة على ذلك كان صالون أبي مفتوحا على طول ساعات اليوم يرتاده يوميا العشرات من ضيوف اسماعيل وعشاق فنّه، فكان أبي وكل أسرتنا نكرم وفادتهم ونقوم على خدمتهم بكل ما نملك من محبة. وفي تلك الفترة ارتفعت الأسعار ارتفاعا مجنونا. ما كان في وسع رجل كريم مثل اسماعيل غير أن يبيع ما يملك، فوقع السهم على المزرعة. وبعد البيع دخل اسماعيل في غيابات الحزن وشرد الذهن والأمل المكتوم داخل قلب مرهف .. إنه الموت بعينه
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: الطيب شيقوق)
|
Quote: كان الزوجان عند مبتدأ السعادة ليفاجئهما خبر الخلافات. رياح الخلافات العاتية بين الأسرتين اقتلعت خيمة الغرام فتطايرت الأغصان التي جمعاها لعش الحياة. آه لو تعرف الأسر والآباء والأمهات مقادير الحزن الذي يقذفونه في قلوب أبنائهم وبناتهم بسبب الخلافات الأسرية التي يدفع ثمنها الأزواج والأحباب من أبنائهم وبناتهم .. هل لهذا يا تري بكت وردة "بعد إيه" وعبق عطرها مشاعري ومشاعر زوار حديقة العشاق بهذا الشحن؟ هل لهذا يا ترى تخضّب هذه الأغنية مشاعركم عبر الزمن وتوقظ فينا الرغبة في البكاء لسبب غائر في ماضينا نبين أو لا نستبين ملامحه؟ |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: rummana)
|
Quote: جيت تايب يا حليلك .. والفؤاد ملكوهو غيرك
ربي يعدل ليك سبيلك
|
و الله انت جميل جمال اسماعيل حسن و طرب وردي و لقد اخترت اكثر الاشياء التي لا استطيع ان اصف لك مدي حبي و عشقي و تاثري بهذه الاغينة والتي كلما اسمعها ازداد شوقا و تحنانا للزمان الماضي و الذي فيه حقا كان الغناء و الشعر و كان الذوق في الاختيار .
و قد سمعت يوما الاستاذة احلام في برنامج تلفزيوني قالت رغم ان الفراق بين ابي و امي كان مؤلما لنا و لكني تمنيت لو يطول لان خلاله كتب ابي اورع ما كتب فاجمل الشعر الذي كتبه اسماعيل حسن كان في هذه الفترة العصيبة من الفراق العائلي و الحقيقة ان الحرمان يجعل البركاني العاطفي يثور و تفجر عنفوانا.
اكرر سعادتي باختيارك الجميل .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: موسي عيسي)
|
أختي الفضلى رمانة
Quote: (ومال حيعرفوها بنت اسماعين حسن كيف؟ :)) |
والله يا استاذة وجدت هذا المقال بالصدفة وقد صادف هوى في نفسي لا سيما وانا الذى يسكننى عشق هذه الاغنية .
Quote: الكلام اللي بعد "بعد ايه" موضوع كبير بين كل حين وحين يعرض للنقاش من غير حلول عملية وحاسمة. ما هي مسئوليات الدولة ممثلة في وزارة الثقافة في حماية كنوز السودان من الفنانين والمبدعين من نوائب الزمان والاحزان؟ |
الكثير الذى لم يوثق قد اندثر والكثير من الموثق لم يجد العناية والاهتمام .
لك منى اطيب الامنيات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: الطيب شيقوق)
|
اخي الجميل موسى عيسى
تحياتي واشواقي
وQuote: الله انت جميل جمال اسماعيل حسن و طرب وردي و لقد اخترت اكثر الاشياء التي لا استطيع ان اصف لك مدي حبي و عشقي و تاثري بهذه الاغينة والتي كلما اسمعها ازداد شوقا و تحنانا للزمان الماضي و الذي فيه حقا كان الغناء و الشعر و كان الذوق في الاختيار . |
لقد وافق شن طبه فانا يا العزيز يسكننى عشق كلماتها ولحنها ولا احتمل سماع نهاياتها
Quote: و قد سمعت يوما الاستاذة احلام في برنامج تلفزيوني قالت رغم ان الفراق بين ابي و امي كان مؤلما لنا و لكني تمنيت لو يطول لان خلاله كتب ابي اورع ما كتب فاجمل الشعر الذي كتبه اسماعيل حسن كان في هذه الفترة العصيبة من الفراق العائلي و الحقيقة ان الحرمان يجعل البركاني العاطفي يثور و تفجر عنفوانا. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: فيصل محمد خليل)
|
اخي الوجيه موسى
تحياتي
Quote: و الله انت جميل جمال اسماعيل حسن و طرب وردي و لقد اخترت اكثر الاشياء التي لا استطيع ان اصف لك مدي حبي و عشقي و تاثري بهذه الاغينة والتي كلما اسمعها ازداد شوقا و تحنانا للزمان الماضي و الذي فيه حقا كان الغناء و الشعر و كان الذوق في الاختيار . |
الله يخليك يا زعيم - انا يا العزيز أيضا يسكننى عشق هذه الاغنية للدرجة التي لا احتمل انتظار نهاياتها- ظنى انها تخاطب وجدان جيل عاصر زمان ميلادها .
وQuote: قد سمعت يوما الاستاذة احلام في برنامج تلفزيوني قالت رغم ان الفراق بين ابي و امي كان مؤلما لنا و لكني تمنيت لو يطول لان خلاله كتب ابي اورع ما كتب فاجمل الشعر الذي كتبه اسماعيل حسن كان في هذه الفترة العصيبة من الفراق العائلي و الحقيقة ان الحرمان يجعل البركاني العاطفي يثور و تفجر عنفوانا. |
صحيح فقد قالتها هذه المبدعة صراحة حينما كتبت :-
Quote: كتب اسماعيل "بعد إيه" خلال فترة انفصاله عن أمي فتحيه، تلك الفترة التي شهدت أغزر إنتاج اسماعيل من أغنيات اللوعة والخصام والعتاب التي نزفها أبي لفراق حبيبته. ميلاد أغنية "بعد إيه" كان، بالتأكيد، قبل ميلادي أنا! بعد الفراق سافر أبي إلى القاهرة وكان في ظنه أن السفر سوف ينسيه محبوبته أو ربما يلهيه عنها إلى حين تخف أحزانه وتهدأ لوعته. لكن جرح اسماعيل كان أعرض وأطول وأعمق من أن يداويه السفر والبعاد. كيف كان له أن ينسى وهو الشاعر المرهف سنوات حبهما الطويلة وهما في أوج الشباب والغرام الجامح؟ |
أطيب الاماني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: الطيب شيقوق)
|
Quote: يروي أصدقاء اسماعيل الذين عاصروه أثناء محنة الفراق أنهم لم يروا أبي على تلك الدرجة من الحزن لا قبل فراق حبيبته ولا بعده. كان ساهما حزينا شارد البال تلفه غمامات من الحزب كمن فقد نصف روحه وجفّت في صدره الرغبة في الحياة ومتعها. أنا لم أرى ذلك الحزن الذي سبق ميلادي، لكني رأيت أبي اسماعيل على نفس تلك الدرجة من الحزن يوم أن باع مزرعته في الباقير التي اشتراها الدكتور منصور خالد. كانت المزرعة جزء من اسماعيل وكانت ملاذه ومعبده ومهبط وحيه وملتقى صداقاته ومتحف ذكرياته ومعظم تاريخه .. كانت المزرعة قطعة من روحه، وعندما اضطرته ظروف الحياة القاسية لبيعها كان قد باع كل ذلك ... فقد كان أبي رجلا محدود الدخل من عامة مستورة الحال، أو الطبقة الوسطي كما يسمونها. لكننا كبرنا أنا وإخوتي الثمانية فكبرت نفقاتنا, وزيادة على ذلك كان صالون أبي مفتوحا على طول ساعات اليوم يرتاده يوميا العشرات من ضيوف اسماعيل وعشاق فنّه، فكان أبي وكل أسرتنا نكرم وفادتهم ونقوم على خدمتهم بكل ما نملك من محبة. وفي تلك الفترة ارتفعت الأسعار ارتفاعا مجنونا. ما كان في وسع رجل كريم مثل اسماعيل غير أن يبيع ما يملك، فوقع السهم على المزرعة. وبعد البيع دخل اسماعيل في غيابات الحزن وشرد الذهن والأمل المكتوم داخل قلب مرهف .. إنه الموت بعينه |
أحلام إسماعيل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: عبدالرحيم أبراهيم العبيد)
|
الاخ الكريم الاستاذ الطيب شيقوق
لك التحية والاكبار علي هذا البوست الانساني الرقيق الذي يوثق لعمران ادبي وفني كان مهندسه الراحل الخالد اسماعيل حسن .. ولعل اقيم ما في هذا التوثيق انه جاء من (بز أمه) .. فمن النادر ان يوثق ابن لابيه بهذه الصراحة والصدق والدقة كما فعلت ابنة الراحل الخالد .. وهذه بذاتها علامة فارقة لهذا البوست تحمله الي صدارة الكثير مما كتب عن ادبائنا وفنانينا وعن القصص الحقيقية لكثير من الاعمال الخالدة في الشعر العربي عموما ..
عرفته في اواخر خمسينات القرن الماضي وانا مولع بالشعر والادب وفن الغناء .. ورغم ان صلتي به لم تتوثق الي العمق الذي يستوجبه قدر اعجابي به الا انني كنت اعكس له هذا الاعجاب علي الاقل مع كل عمل جديد اما بزيارة مكتبية او بمحادثة تلفونية ..
كنت بالامس اسمع (بعد اية) في سيارة زوجتي ونحن ذاهبان لزيارة اخت لي في المستشفي .. وخيم علينا كالعادة صمت وجلال وانقطع حديثنا حتي بعد ان انتهت الاغنية .. وبقيت امامي صورة اسماعيل بقوامه النحيل ونظراته الحزينة ابدا والتي كانت تعري شرخا بالغا في قلبه لايفصح هو عنه ابدا ..
اخذته بسطحية المعجب فاستكبرت شيطان شعره .. ومازحته مرارا واصفا شيطانه بانه (ابن فتلة) فكم من مرة تسببت اغنية له في ان اقطع صلاتي لاسمعها ثم اعود لاكمال صلاتي ..
لم يخطر لي ان شعره شيء سوي خيال فنان يجيد مخاطبة الاحاسيس .. ولكن اصالة الحزن في عينيه كانت مثارا لشك لايبلغ اليقين ان بالرجل شيء من جراح .. فسألته يوما علي استحياء ان كان لشعره جذور في الحقيقة فصمت وغامت عيناه بشيء كالدموع فاحترمت صمته ولم اعد لسؤاله ..
وانقطع نبض اشجانه لما علمنا من فرقة بينه وبين وردي .. ولم ينجح الاخرون فيما نجح فيه وردي فخبأ البريق وحلت مكانه اخبار بيع المزرعة واشعار منشورة في الصحف مشبعة بخضرة الزرع ونضرة الطبيعة في ارياف الشايقية ومختومة بوجه (حد الزين) الذي ارخي عنده سدوله حتي ذهب في الخلد فبكيناه في مهاجرنا ولم تألف مسامعنا كثيرا من الغناء بعده ..
ليس لي ان اتحدث عن تخليد وتكريم رسمي له ولاسرته فذلك امر ميئوس منه وقد ظل الخالدون من ادبائنا وفنانينا ومبدعينا لا ترفع لهم الرايات ولا يخلد اثرهم الا في صدور الاوفياء والمحبين من ابناء شعبهم .. قولوا ما شئتم فلن تسمعكم وزارة ثقافة ولا غيرها ..
لك اخي الطيب احترامي وللابنة العزيزة احلام اسماعيل حسن تقديري ورجائي ان تواصل التوثيق لوالدها الخالد .. ويبقي يصدري حب (لاسماعين) اجترة واستعيده بالاستماع لاغنياتة الخالدة والتركيز في صورة الحزن النبيل بعينيه تولد في نفسي شوقا متجددا لزمان لا يعيده الشوق اليه ..
عمر علي حسن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: الطيب شيقوق)
|
العزيز الصادق سلمان
كيفك انت يا الحبيب - ليك طولة فالف مرحب بالعودة
Quote: ولكن ياعمي الطيب دون كشف اوراق ماهو هذا المكتوب بالأحمر الذي كان في نفسك الكريمة |
يا بني من منا لا يحمل اسرار
حكى لي صديقي احمد حماد ادريس الخبير الاقتصادي ان الحاجة فلانة قد وافتها المنية في القرية وعند ذهابه لتقديم العزاء صادف جده العمدة حجر ممسك بدقاقة الراكوبة وهو يبكي رغم انه - اى احمد حماد - لم يعلم باي علاقة قرابة او حتى علاقة خاصة بين العمدة والمرحومة . وبعد فترة اكتشف ان العمدة كان مهيم بحب المرحومة ولكن من كان يعلم ..........؟ حاشى وكلا لا حد كان يعلم .
بالله خلي الطابق مستور فلكل منا ليلاه التي تبكيه
لك منى عميق الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قال لها اسماعيل: بعد إيه، ثم أدار ظهره وواصل السير .. إلى أين؟ لا يدري - توجد دموع (Re: الطيب شيقوق)
|
New Page 1تحية طيبة بالطيب: شاغلناك بي هناك في بوست خاص لجميع العاملين في دول الخليج ( توجد بلاوي) بس ما جيت معقب المقال رائع جداً ... جداً ... وإسماعيل حسن شاعر فذ إستطاع أن يسير بخطى ثابتة ويصبح رقما مهما في خارطة الغناء السوداني ... ولكن غريب أمره في عدم تعامله بشعرة معاوية ولما في الغالب يقطع خيط الأمل مع من يحب؟ ولماذا دوما الحسرة مع من يحب - إلا النذر القليل من أغانيه؟ وبمناسبة خلي الطابق مستور ... حكى لي قريب أيضاً انه كان برفقة جد لنا (فاق التسعون)... للسلام على زيارة بعض الأهل حينما حضر من البلد وحينما خرجا من الدار ... طلب منه جده أن يمنحه عشرة جنيه (زمن كانت بتساوي 20 استرليني) ... وهما خارج البيت .... آب الجد راجعاً لوداع إمرأة عجوز في الدار مجدداً بالرغم انه ودعها ولم يكن يوجد غيرها ... فمنحها العشرة جنيه ... وحينما خرج قال لحفيده وهو يداوي جراح الماضي... مهدياً حفيده وحزنه بسمة مردداً ... (دي زمان كنت بحبها ...!!!) بس القسمة ما تمت ... يا ترى الحب في زمنهم كان كيف؟ ... ولو ده واحد مننا هل سيتذكرها بعد مضي هذه السنين ... أدناه أغنية بعد إيه ...إهداء لأهل السودان بمناسبة توقيف يوتيوب بسبب الخجة ...
| | |
| |