دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
رحلة العمر..و مشوار السنين
|
اسعدنى تماما ان يكون اختيار عنوان هذا البوست من قبل اسرة الاستاذة ممكونة فلها ولاسرتها الميمونة عاطر الثناء واجل التقدير.
بسم الله نبدأ :-
ملء السنابل تنحني بتواضع ... والفارغات رؤوسهن شوامخ
(تعتريني حالة من الانجذاب الى الوطن سائحاً في معيتكم في مستقبل ماضيه الذي استشرفته واعدته نبضاً في وجداني وقلبي وتصورا في ذهني وعقلي رؤية أسعد كثيراً أن أشاطركم حقوق ملكيتها وأعباء التفكر والتدبر فيها وتمثلها والصبر على غرسها وانتظار حصادها ... عِبئان لا يطيقهما إلا الرواد العائدين من (دور) المستقبل لقيادة ظعائنهم إليه ليشاركوا جميعا في تنمية أرضه وأهله الطيبين ليغسلوا عنهم أوضار العجز التي غشت وجه شعبنا الوضئ وتبعث فيه قدرته على التمام من جديد) الدكتور محمد يوسف ابو حريرة
(ولعل الاحتياج الدائم لعمر الطفوله وزمن الصبا والعمر والتجارب والمراحل تاخذ الانسان فى تجوال ملزم وتتشتت فى سماء الكون احاسيس الالفه والامان..وذلك الطهر البراءه...وذكريات الطفوله والدراسه لن تنمحى من خيال الذاكره ابدا..حتى تفاصيل الاشكال قد تغيب الاسماء لكن هنالك اسماء حفرت فى اخاديد الذاكره لن تنمحى..ويبدا الطواف الذى فى اجتراره يمنح دعشات تلك الانسام ويجدد خلايا الروح ويوصل مسافات العمر ليبقى ذلك الارتباط هو حلم الخيال الامانى والاحلام..وكل منا يريد ان يعود الى زمن الطفوله ورفقة الصبا عله يستطيع تعديل واصلاح مدى الرؤيا فى مستقبل عالم مضطرب..لان امان اللحظه وقتها كان قائما على احساس ذلك الامان فى البيت والحله والقريه والطريق والمدرسه ..وكان تلك رياح الزمن الجميل..) عصمت العالم
أعزائي / أهلنا الطيبون كانوا زمان بيعتقوا ليك بت عمك من تتأتى ( المتاتاة هى اول حركة للطفل على رجليه) بقولوا دى من الآن حقت فلان وتانى مافي حد بيقرب ليها وكانت بت عمك دى تحبس معاك الطير في البلدات وتطلع معاك في الحاحاية ( الحاحية لاهلنا الما بيعرفوها راكوبة صغيرة بيعملوها جوة البلاد بعد العيش يلبّن عشان يطلعوا فيها الوليدات والبنيات ويحاحو الطير من العيش اما بالصياح او بالفرطاق والفرطاق بيعملوهو من الزعف يشبه سوط العنج عندما تضربه بيعمل صوت زى الصاقعة بهوّب الطير) وعادة تمشى انت ومعاك اخواتك وبنات عمك حتى المعتوقة ليك لمحاحات الطير وبنكون شايلين لينا مخلاية فيها كسرة حامضة وحلوة معاها زيت وبصلات بس ودى في الخلاء الحاجات دى احلى من البيتزا والكنتاكي ليها طعم لذيذ يا اهلي . مرات أنا بشيل معاى كراس المذاكرة بحب دائما اشيل الاناشيد بتاعة الجغرافيا البتقول :-
في القولد التقيت بالصديّق انعم به من فضل صديق ووكذلك - من هناك قمت للجفيل ذات الهشاب الناضر الجميل وطوالى انا بنشد وصوتى حلووو زمان حتى كنت بلحن الأناشيد لاخواني في المدرسة ولا انسى أن اجمل لحن قدمته هو لانشودة ( طائر يشدو على فنن .....)
كنت بحب سورة الفجر وليال عشر والضحى والليل إذا سجى وحفظت سورة الإنسان ذات الإيقاع الجميل قبل أن تدرس و كنت أرتل بصوت عالي وأنا في الحاحاية واخواتي يتلون خلفي و كنّ يحفظن القران بدون مدرسة .
وا حسرة الجيل الذي لم يدرس من تلك المناهج الحلوة . كنا نترنم بالاناشيد في الخلاء بصوت عالي وأخواتي وبنت عمي( معتوقتي) بيشيلوا معاى كورس وهم في الحاحاية والصوت بهوّب الطير وبيطير من الزراعة بيمشى بعيد ويعود تاني تاني .
بعد الدنيا تبقى عصر بنمشى نجمع العنكوليب والتبش والبامية ونشيلها في المخالي ومرات نلقى لينا حميضات قايمات بروس عشان نفرّح الاطفال و يتلقونا مــن طرف الحلة مبسوطين وفرحانين . بس الاطفال كانوا ما بطلعوا من طرف الحلـــــــــــة بعيد لانهم سامعين في الدماسات ( الزمن بين المغرب والعشاء) السوابح والشواطين بيطلعوا . بطرف حلتنا في عرديبة كبيره من زمن جدودنا الزمااااااااااااااان بسموها المدقة عشان بالليل قالوا بسمعوا الشواطين فيها بيدقوا حاجة زى البن والعرديبة دى انا لحدى هسه ما بقدر امشى تحتها بالليل . وقت الصبان ( انقطاع المطر) ناس حلتنا بتجمعوا بالنهار تحت ظل العرديبة دى وبيتلوا القران وبسوا كنيش كنيش ( بليلة عيش) وبيعملوها كيمان كيمان للاطفال عشان ربنا يجيب المطر.
اها يا اخواني انا كبرت شوية وشامة بت عمى كبرت شوية . انا بقيت في رابعة اولية في السلم التعليمي الزمان ( يا حليل زمن رابعة اولية زمان الخريج منها افهم من حامل شهادة الدكتوراة اليوم وخطاطين الواحد اكان كتب ليك سطر تعاين ليهو يمين وشمال من جماله) . فزت في الامتحان وقالوا بودونى مدينة القويسي (ده اسم مدينة الدندر القديم الموجود الان على خريطة العالم وبتلقوهو في القوقل ايرس حاليا ) وكمان قالوا بسكنوني الداخلية مع اولاد البندر النضاف كانت الداخلية بتجمع اهلنا اولاد قبيلة رفاعة ومعاهم اولاد السوكى وكركوج بلد الشريف محمد الامين وكساب السكن فيها زمان الشاعر اسماعيل حسن ايام كان بيعمل في مشاريع ناس ابو العلاء عندنا هناك . اتحزمت واتلزمت وابوى حاج مضوى اكان عنده عربيه تيمس . قال للسواق دور اها ركبنا انا وابوى وعمى ابو شامة – معتوقتي- بقدام ودورنا . العربية أكان فيها لحافي الجديد وملاية جديدة واشتروا لى اول مرة في حياتي صباعين معجون ابو وردة وزمان كنا في الحلة بنسوك بالشاو والاراك مسواك الرسول (ص) . المسافة كانت كلها عشرة كيلو من حلتنا البردانة لمدينة القويسى وكانت عيون الاهل تزرف الدموع على فراقي وامى اسبوع ما أكلت وخالاتى وعماتي واقفات جنب العربيه يبكن ويعصرن لى بحنية الريال و الشلن في جيوبي والحبوبات الكنت بنــوم معاهن بهبابي الصغير المفروش بالبرش الدقة برضو بيبكن لانى كنت اكثر الاطفال سماعا لحجاويهن واكثرهم رعبا من بعض احاجيهن متل ود النمير وود ام بعلو والدودو وكنت بترسل ليهن في الهجعة للدكان اجيب ليهن زيت المسوحة وجاز اللمبة والكبريته .
السواق زمان كان نضيف ومهندم زى مدير الجامعة اليوم وما بجالس الا الموظفين الكبار . اها دور وانا بعاين ليهو بدور كيف وبعشق كيف وبفرمل كيف واتمنيت لو بقيت سواق كمان . السائق زمان كان ما بدوهو الرخصة الا يشتغل مساعد عربيه عشرة سنوات حتى يتعلم يفك الماكينة ويحل ويربط اى جهاز في العربية وكمان يتعلم كيف يجامل الناس . رخصنا زمان في الخارج ببدلوها طوالى بدون تردد .
اها وصلنا المدينة وقالوا يفطرونى ويودونى الداخلية فطرنا زيييييييييييييين ومشينا على الداخلية . بوابة المدرسة كبيرة ومحروسة وما بخلوك تدخل الا بعد إبراز شهادتك الدخلت بيها . طلعت الشهادة والحارس عاين فيها وعاين لى وعاين في ابوى وعمى وابتسم وقال اتفضلوا معاى . تبعناهو ودانا مكتب المسجل (زمان المدارس الوسطى فيها مسجلين زى الجامعات هسه )
المسجل قرا الاسم ولقيناهو عنده قوائم لتوزيع الطلاب على الداخليات التلاته (الدندر والرهد وعطبرة) ولقيت نفسي في داخلية الرهد و اى داخلية كان عندها رئيس وهو عادة اكبر طالب فيها . المسجل نادى رئيس الداخلية وقال ليهو استلم عندك الطالب ده وقال لابوى وعمى انتظروا هنا ولدكم بيمشى وبيجيكم . مشيت الداخلية و كان في داخلية كل حاجة جاهزة لحافي رجعوهو لاهلي وادونى سرير سمّح مفروش ومعاهو بطانية انجليزية من الصوف ودولاب ملابس ومكتبه . رجعت لابوى وعمى وودعتهم وانا ابكى (كلها عشرة كيلو)
كان من ضمن الطلاب الذين تم قبولهم معى من اهلي اخي ابن عمي دكتور البدرى بابكر احمد (امبلي) والذى لديه مسيرة حياته الخاصة من البادية الى لندن حيث يعمل الان طبيبا للنساء والتوليد ببريطانيا . كنا كابناء قرية واحدة نمثل مجموعة تتميز بثقافة فريدة داخل المسرح المدرسي . كنا نحاول ان ننأى بانفسنا عن ابناء المدينة الذين يقيمون معنا في الداخليات وكان لدينا راى في طريقة حديثهم وملبسهم وسلوكهم . كان هاجسنا الوحيد ان نكون في غرفة واحدة وقد كانت بداية المواجهة مع ادارة الداخلية هو كيفية ايجاد غرفة تجمعنا لوحدنا .
لم تبدا الدراسة وقتها بصورة منتظمة في بداية العام الجديد لان الحشائش كانت تغطى مساحة كبيرة جدا من حرم المدرسة وقد جرت العادة علـــى ان تستنفر طاقات الطلاب للنظافة في بداية العام وكان لايسمح لاى طالب ان يخرج من سور الداخليات الا بعد الحصول على اذن من الرئيس العام للداخليات ولفترة زمنية تحدد من قبل الرئيس . كان همنا في الايام الاولى هو الذهاب الى السوق لشراء ملابسنا وكانت المتعة في الخروج تتمثل في امكانية مقابلة بعض من الاهل الذين ياتون للسوق اما للتسوق او لعلاج مريض في مستشفى المدينة او للحصول على عمال للعمل في مشاريع اهلنا الزراعية ومجموعة من اهلنا تاتي المدينة لشربة عبار او عبارين من المريسة وعادة تعود هذه المجموعة الأخيرة الى القرية في العصريات وكنا نجلس تحت سنطة ظليلة في لحظة عودتهم الى القرية مرورا بمدرستنا لنشاهد هولاء وهم عائدون يترنحون يمينا ويسارا ونجد فيهم ، رغم انهم هكذا ، حنان الأهل وربما يتبدد جزء من مآسي الغربة بمشاهدتهم وربما يكونوا وقتئذ مادة للحديث عنهم إلى أن يتوارون عن أنظارنا . كنا ننظر لعصافير الخريف تشقشق على اغصان الشجر ونلومها في البقاء هنا في المدينة طالما لديها الحرية والحركة للذهاب الى الريف .
في الساعة الثامنة مساء يوم الجمعة الموافق للأول من يوليو لعام 1969 م رن جرس الصفرة إيذانا بحلول ساعة وجبة العشاء . كنا وقتئذ لابسين( كاجوال) عراقي ساكوبيس شفاف بلون ابيض ناصع و سراويل طويلة وطواقي مطرزة باليد . كان أبناء المدينة يلبسون الأردية والقمصان الجميلة وأحيانا بناطلين مصنوعة من مادة الترلين الأملس خالص . كان هاجسنا هو كيف نتعلم لبس الأردية ورباط الأحزمة بل حتى كيف نكشف عن ساقينا .
كانت وجبة العشاء دسمة للغاية فيها الخبز وفيها العدس وفيها الفول وفيها الجبنة وفيها الطحنية والمربة . حسبناه يوما لاستضافتنا ولكننا أدركنا أخيرا أن الحال ستبقى هكذا . كانت بالفعل لحظة فرحة يبدد سعدها تارة العودة بذاكرتنا للريف وللوالد و الأم كيف لهما ان يجدا من ينش أغنامهما من الصباح الى المدرسيب ( محل تجمع أغنام القرية ) من سيرسلا صباحا لشراء السكر والبن ومن سيجدا ليحمل الماء على ظهر الدابة إلى عمال الزراعة ومن يحمل الكورة (نعومة) وهى مليانه بالسمن النقي لشيخ الطريقة ليعود بها مليانة محاية تكف العين وتدفع الاذى وتفتح الذهن ومن يلحظ ناقتهم الولودة وهى ترعي باطراف القرية ومن يسجل لهم اسماء النساء اللائي يشترين الزعف- تجارتهم الرئيسية منذ اكثر من خمسين عاما وحتى يومنا هذا – ولا يدفعن كل أو بعضا من القيمة ومن ومن ... بعد العشاء مباشرة عدنا لعنابرنا التي كان تضاء بالفوانيس وقتذاك . كانت حركتنا ليلا مابين العنابر والحمامات لكثرة الثعابين في ذلك الموسم (الدرت) فالارض طينية سوداء عادة يتصدع صطحها محدثا شروخا دافئة تمثل بيئة ممتعة للثعابين لا سيما الوشاش وابي درقة وغيرها من الحيوانات السامة ولهذا كنا نلزم اسرتنا في انتظار الساعة العاشرة مساء حيث يرن جرس النوم ليحرم بعد ذلك اى طالب من التحرك من سريرة الى اى موقع اخر . انتابنا احساس بكراهية للمدرسة وللمدنية وللتمدن وكان كل همنا محاولة الهروب ( الفزيز) من هذه البيئة لنعود لحياتنا الطبيعية في الريف حيث لا قيود على الحركة ولا تحديد لساعة النوم . تعودنا في الريف ان نسهر مع اخواننا نلعب هو لبب وشليل وين راح والرمة الحباسة دقوها في راسها لنعود بعد ذلك للنوم مع حبوباتنا في عناقريب القد الوهيطة .
اشرقت شمسنا رتبنا امورنا و لبسنا الاردية المصنوعة من الكاكي التخين والاقمصة الناصعة البياض كان منظرا ننظر فيه بكثير الحياء والكثير من الالم لكنه داء المدنية الذى صار شرا لابد منه .
رن جرس الطابور ليصطف جميعنا في اربعة اشرطة ترتدى زي واحد الرداء والقميص . كان الطلاب في قمة الانضباط . كان يتوسط الطلاب استاذ طويل القامة يرتدى اجمل الملابس ربما يكون اكبر شخصية شهدتها في حياتي وقتئذ.
بعد التمام انصرفنا بهدوء تام الى الى قاعات الدراسة . كانت مكتملة البنيات . لأي منا كرسيه ودرجه وما بينها مساحات مهولة . كنا نتلفت يمين وشمال داخل القاعة فوجدنا انفسنا محاطين بابناء البندر .
دخل علينا مدير المدرسة احسسنا فية الهيبة والجبروت . حيا الجميع وبدأ حديثه بتقديم خلفية عن المدرسة . احسست فيه شموخا وهو يتحدث عن انجازاتها في السنين الماضية كانت تضاهي كاب الجداد ولم تخرج قط عن قائمة العشر الاوائل من مدارس السودان كافة . حكى لنا كيفية انشائها وعلمنا ان للامبراطور هيلاسلاسي دوره المقدر في تاسيسها قال لنا المدير:
كان هيلاسلاسى من حكماء القارة كان متواضعا يحب مخالطة العامة والبسطاء وكان كثيرا ما يزور الدندر فى رحلاته للصيد ..وفى احدى زياراته للدندر كان مسار موكبه - بالشارع الوحيد بالمدينة - فى طريقه للمجلس الريفى ومن ثم لمنزل الناظر يوسف العجب ويمر الموكب بالمسجد الذى كان مبنيا من القش فاصدر ضابط المجلس توجيهاته بازالة المسجد واعادة بنائه بعد انتهاء الزيارة ، واظن ان الضابط هو الريح الامين، فغضب عبد الماجد فرج - من مواطنى الدندر -غضبة مضرية واستل المسلول مدافعا عن حرمة المسجد وتمت تسوية الموضوع وذلك بان يقوم المجلس بتغطية كل المسجد بقماش الدمورية وزن عشرة واعطت المسجد شكل قبة رائعة الجمال ومنذ تلك اللحظة بدا التنفيذ فى بناء المسجد بالمواد الثابتة . لقد تمت الدعوة لجميع قبائل رفاعة لتناول الغداء مع جلالة الامبراطور فى قرية البردانة (قرية الطيب شيقوق) وكان يوما مشهودا وتبرعت قبائل رفاعة بعدد مائة بعير لجلالته . تاثر الامبراطور تاثيرا كبيرا بهذا التبرع وطلب من الناظر يوسف العجب ان يوافيه باحتياجات المنطقة العاجلة فكان رد الناظر باننا فى حاجة الى مدرسة ومستشفى وتبرع هيلاسلاسى بالمئة ناقة واكمل عليها ما تبقى من اموال وكانت بحق اعظم هدية للمنطقة لم نجدها حتى من حكامنا الوطنيين . والزائر لمدينة الدندر اليوم وفى شمال المدينة وشمال السكة حديد مباشرة يشاهد مبنى المدرسة الوسطى ومبنى المستشفى وكانهما ديدبانات واقفة لحراسة ذلك السهل الخالى من التخوم والمعالم.. لم تكن الثنائية بين المدرسة الوسطى والمستشفي عبثا بالنسبة لي . فالمستشفي هي الوحيدة وما زالت في منطقة لا تقل مساحتها عن دولة الكويت . كانت المستشفى تجاور المدرسة الوسطى وتطل عليها من جهة الشرق والإنداية من السافل لتكتمل أضلاع المثلث بثالثة الاسافي وكان الشارع الرئيسى مملوك على الشيوع بين رواد المستشفي والانداية وعادة يكون دائم الحركة حتى ساعات الصباح و يمر به القاصدون الدواء والمتشوقون للمريسة والارزونا والعسلية ومستلزماتها المرخص بها ....... قبل قوانين سبتمبر 1983. ثمة فئة أخرى من الرومانسيين والرومانسيات الذين يجدون في حرم المستشفى مساحة ارحب للتلاقي والتلاطف فأما أن يكونوا قد رتبوا للتلاقي هنا سلفا أو كان اللقاء مجرد صدفة ، في رحابها ، تصلح أن تكون بادرة لعلاقة قد تكون مستدامة أيا كان الشكل المستدام الذي يتراضى عليه الطرفان ...... كنا نذهب للمدرسة عند الصباح وبعد انتهاء الحصص نعجل الى الصفرة لما بها من طعام لم نجده عند اهلنا الا في مناسبات الاعراس وربما احيانا في السمايات . لم نكن ندري ان حليب البقرة المرئي وسمنة البخسة ( بضم الباء) التى تصنعها امهاتنا ، ولحمة عبد الجليل ، والدواجن التي تلتقط من حب الذرة والسمسم والدخن المشتته في حيشاننا تحتوى على مادة غذائية اجود واصح من الجبنة الهولندية والمربة البلجيكية وما كنا ندري ان وزارة التربية والتعليم بعد التشاور مع وزارة الصحة قد اختارت اغلب اغذية الداخليات لما تحتوية تلك الاغذية من مواد تقلل من عنفوان الرجولة .....
بعد تناول وجبة الغداء يعود اولاد المدينة عادة الى عنابرهم للراحة اما نحن فنذهب للجلوس تحت ظل السنطة المجاور لشارع المستشفي علنا نقابل او نشاهد اى من اهلنا قادما من المستشفى او الانداية . كان الفاصل بين الشارع والمدرسة سور من السلك الشائك ولذا كنا نلحظ حركة المارة ونميز ملامحمهم . وكنا لا نبادر بالسلام على اى عابر الا بعد ان يبادر هو بالاقتراب من السور ومناداتنا وذلك لاننا نعلم بان الطالب وهو مصنف هكذا – ومهما كان الوضع المالي لاسرته - يعنى طالب العلم الذىمن واجب اهله ان يجودوا عليه بعطاياهم عله يتخرج ويرد الجميل في الوقت المناسب .
وقد لاحظنا ان القادمين من الانداية يتميزون بالسخاء الينا اكثر من غيرهم و ادركنا ايضا ان ذلك لم يكن لعدم اتزان في التصرف وانما لان الحياة علمتنا ان كرم وشهامة ومروءة هولاء قد تصل الى حد تنكيس الراية او قلب الصحن ( تنكيس الراية كناية على الجود الفائت حده لدرجة استحواذ كل مافي الانداية والتكرم به لكل من وطأت قدماه تلك البقعة) ( وقلب الصحن كناية على رفض ابي العريس النقطة والنقطة هى الخته في كشف العرس) لقد كانت مجالس البهجة اكثر ثراءا بالادب والشعر ولا غرو فاغلب من صنعوا تاريخنا الادبي والثقافي والفنى قد تشكلوا في تلك المجالس وصاروا اسماءا في حياتنا .
كان الفنان زيدان ابراهيم في اوج سمعته الفنية لا يشدو الا لاسر الراسمالية الوطنية وقتذاك والتي صارت اليوم اثرا بعد عين امثال ابي العلاء وخليل عثمان ومحمد احمد ملاح و وعبد ربه في بورتسودان والنفيدى وهو وقليلون من الذين لم يهزهم ريح التغلبات السياسية ربما لان لديهم اجهزه للانذار المبكر .....
لقدر درجت ادارة مدرسة الدندر الوسطى على اقامة احتفالات لاستقبال الطلاب الجدد على خشبة المسرح وكان لديها من فائض الاموال المخصصة لها ما يكفي لتغطية نفقات دعوة كبار الفنانين السودانيين من الخرطوم الى الدندر . ولا ننسى ان فاتورة الفنان القادم الينا تقدر بمقدار المسافة وما اذا كان الطريق معبدا ام ترابي . وحتى ان كان ترابي فان موسم الرحلة مهم جدا في زيادة او تخفيض تلك المصاريف . فالطريق الينا من الخرطوم تزيد وعورته في اعقاب موسم الخريف مباشرة لكثرة المجاري التى يسببها اثار الجمال او التراكترات ابان موسم الامطار . وليكون الدندر جاذبا لهولاء الفنانين فقد كان الاغراء الذي يقدم من قبل المدرسة هو ، بالاضافة الى المبلغ المهول المتفق حوله ، زيارة حظيرة الدندر التي تعتبر الاكبر من نوعها في العالم من حيث المساحة وطبيعة الحيوان البرى المتواجد آنئذ .
تمت دعوة وجهاء المدينة لحضور ذلك اليوم التشريفي وبالطبع فان المقاعد الامامية للحفل تخصص للناظر يوسف العجب ناظر عموم قبيلة رفاعة الشرق والمقربين اليه الذين اعتاد التشاور معهم في كل كبيرة وصغيرة امثال الحاج محمد عبد الرحيم والحاج فضل الله والعمده حجر جد الاستاذ احمد حماد ادريس الذى يتواصل معنا على دوام بكتاباته عبر هذا المنبر والحا ج الطريفي من قرية نور الجليل وهذا الاخير هو جد الشهيدة التاية ابو عاقلة الطريفي التى اقتالتها رصاصة الامن الاثمة بجامعة الخرطوم في عام 1991 .
استهل الحفل بكلمة من ناظر المدرسة مرحبا فيها بناظر القبيله ورفاقه وجميع الحضور ويكون خطابه بمثابة تقرير سنوى عن انجازات المدرسة خلال العام المنصرم . بعد انتهاء كلمة الناظر تمنح الفرصة لناظر القبيلة ليحيي فيها ناظر المدرسة سليمان محمد احمد المنصور رحمه الله وبقية المعلمين وجميع الحضور وبعد انتهاء كلمة الناظر يغادر الناظر ورفاقه الحفل دون الانتظار لسماع الاغاني ولانهم يعتقدون ان مشهادة الفنان وهو يتمايل تقلل من شانهم .
اعلن المايكرفون بداية الغناء وتقدمت فرقـــة الاوركسترا واخذت تعزف اغنية باب الريده انسد واكثر ما اعجبني فيها المقطع البيقول ( تمر ايام وتتعدى بالصورة الرائعة التي يطوع فيها زيدان صوته) ويقيني ان اغلب ابناء ذلك الجيل تشجيهم هذه الاغنية وتعود بذاكرتهم الى اجمل محطات مسيرة حياتهم .
بعد ذلك ظهر الفنان الشاب الانيق زيدان والذى يوحي لك شكله وتوحي اليك هندمته بانه فنان بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وقد كان مبتهجا وكانه في دمشق وقاصرينا اعجبه الحضور الذى كان يتمنى ان يشاهد فنانا يسمع صوته على الدوام في الاذاعة ولكن لم يراه الا في هذا الحفل . انحنى زيدان محييا جمهوره وكان التصفيق لا التهليل !! يهز جنبات المدرسة الاربعة .
كنا نحن ابناء الريف اكثر جسارة من ابناء المدينة في اقتحام المواقع الامامية من المسرح بعد ان انصرف الوجهاء وناظر المدرسة . اخذ ابناء المدينة يتمايلون مع الاغنية وهم في كراسيهم وكنا نلحظ ذلك باستغراب . كان طلاب الصف الرابع اكثر انضباطا والصف الثاني والثالث اكثر تهريجا .
بدأ الطلاب الصعود بلا حياء الى حلبة الرقص وكان ابناء السوكى وسنار واقارب المعلمين من الطلاب - الاكثر تمدنا - هم الاكثر ابداعا في فنونه خاصة رقصة رجفة الكتف ( الحت) وكان بعض من الجالسين يصرخون في الراقصين يلا ( حتو ) وحتو تعنى زمان (زيد من ايقاعك الرقصى) ونحن نعاين ساى مبسوطين لكن !!!!! لاننا شعرنا باننا قد بدانا نُحاصر بمفاهيم المدينة .
انتهى الحفل الجميل ولا ندرى كيف الترتيب لراحة الفنان لينام هادئا من كثرة الباعوض هناك الذى لم تق منه حتى الناموسيات لاسيما وان الفنان المبتهج !! يحتاج لاكثر من طلعة للحمام ليلا.
لم يكن ناظر قبيلة رفاعة – يوسف العجب - يولي اهتماما بزيارة اى فنان لمدينة الدندر شانه في ذلك شان بقية زعماء الادارة الاهلية في السودان . كانوا يهتمون بزيارة الروؤساء والسياسين ويصرفون على استضافتهم الغالي والنفيث وينادون لاستقبالهم عمد ومشايخ ووجهاء المنقطة . وكان اكثر العمد نفوذا وقتذاك العمدة محمد بشير ابو جن والعمدة الجعفري عمد قبيلة الحمدة والعمدة حجر عمدة قبيلة القواسمة والعمدة محمد الامين الزلغم عمدة الحلاويين . وكان من الشيوخ الشيخ المقبول و الشيخ عبد الغنى شيقوق شيخ قرية البردانه التى تعتبر اكبر قرى منطقة الدندر ويسكنها ما لا يقل عن 8 الف نسمه ينتمون لجد واحد ولحزب سياسي واحد هو الاتحادي الديموقراطى ويعرف عن هولاء التطرف في مناهضتهم لنظام الادراة الاهلية ويعود هذا الى ارتفاع عدد الخريجين فيها . من هولاء الخريجين دكتور امبلي عبد الله عجب نائب والى ولاية سنار سابقا ومولانا امبلي بابكر احمد رئيس الجهاز القضائي لولاية سنار حاليا ودكتور طه امبلي اختصاصي النساء والتوليد والاستاذ بجامعة امدرمان الاسلامية والباشمهندس ابراهيم احمد البشير شيقوق ( ابراهيم شخصية) ودكتور البدري بابكر الذى يعمل طبيبا ببريطانيا حاليا . يشتهر اهل هذه القرية بالملاحة وسرعة البديهة وتحمّل الشدائد اذ يعمل عدد لا يستهان به من شبابها الذين لم يجدوا حظا في التعليم في الزراعة في موسم الخريف والطوب على شاطي نهر الدندر وكذلك الخروج في مجموعات للعمل في الفحم في منطقة الدماذين لانعدام غابات الطلح والهجليج في منطقتهم .
اما الوجهاء الذين اعتاد الناظر دعوتهم لاستقبال الرؤساء فهم المرحوم مبارك عبد القادر الخبير رجل البر والاحسان وهو رجل حاضر في ذاكرتي بالكثير من المواقف الرائعة . يحضرني ان قاضى المديرية زار مدينة الدندر للوقوف على تشكيل المحكمة الشعبية بالدندر وقد ورد اسم المرحوم مبارك عبد القادر الخبير من ضمن المرشحين لعضوية المحكمة وقد حاول أن يناي بنفسه عن عمل القضاء لانه يعتقد ان ( قاضيان في النار وقاض في الجنه ) وفي وقوله (ص) (لو علمتم ما في القضاء لما قضيتم في بعرة ) . و بعد محاولات مضنية قبل العم مبارك ، على مضض ، ذلك التكليف .
كان القانون الجنائي السوداني المطبق وقتها هو قانون 1925م . ووفقا لاحكام ذلك القانون فان المواقعة الجنسية بين الرجل والمراة الراضيين البالغين وغير المتزوجين لا تعد جريمة ولا يحاسب عليها قانون الا اذا كانت ماسة للحياء العام .
رتب العم مبارك جميع اوراقه ليجلس على كرسي القضاء وكان يظن ، من فرط عفته وبراءته ، ان القضايا التي تنظرها المحكمه هي قضايا نزاعات الاراضى والسرقات والتلف والمشاجرات . لقد نادى حاجب المحكمة على اطراف اول قضية تعرض على العم مبارك الخبير وقد كانت الشاكية امراة والمتهم رجل . وعادة تبدا المحكمة بسؤال الشاكية لعرض قضيتها . ادعت الشاكية انه في يوم كذا حضر اليها المتهم وطلبها في نفسها مقابل مبلغ طراده ( 25 قرش) وبعد الانتهاء طالبته بالمبلغ الا انه تمنع عن السداد . احتار العم مبارك من طبيعة الشكوى وخر ساجدا على طاولة المحكمة واصابعه في اذنيه ولملم جميع اوراقه وغادر المحكمة بلا عودة .
كان الحاج محمد عبد الرحيم لحكمته وادبه ورزانته هو مستشار ناظر القبيلة . يحكى عنه انه عندما قرر النميري الغاء نظام الادارة الاهلية واقالة زعماء القبائل من مناصبهم ان قال للناظر لا تكترث ، سيدي ، لهذا القرار فانت كالوادى ان امطرت السماء وسالت ماؤه فهو وادي وان امسكت السماء ماءها ولم تمطر فهو ايضا هكذا.
كان عمنا يوسف كسلا - طيب الله ثراه - القطب الاتحادي الديموقراطى - اكثر مواطنى الدندر شراسه في مواجه الناظر يوسف العجب غير ان الاخير كان يحبه ويحرص على دعوته في كل المناسبات . والراي عندى هو ان زعماء القبائل هم اكثر حكمة ودبلوماسية مع من يجاهرون بمواجهتهم ومناصحتهم .
مضت عشرون يوما ونحن على عامنا الدراسي وكان اليوم العشرون يوم خميس وهو اول يوم يسمح لنا فيه الخروج لقضاء عطلة نهاية الاسبوع مع اهلنا بعد ان كان الاسبوعان الماضيان من حظ طلاب داخليتي الدندر وعطبرة . كانت تغمرنا الفرحة ونحن نرتب لزيارة اهلنا الذين يقيمون على مسافة عشرة كيلو فقط من مدينة القويسى . كنا اكثر حرصا على عدم اضاعة ثانية في المدينة من الساعات المخصصة لنا لقضائها مع اهلنا في الريف . لم نجد عربة لتقلنا الى اهلنا ولم يكن في وسعنا الانتظار فقررنا السفر على رجلينا بشارع التقاطع وهو اقصر شارع بين المدينة والقرية عصي على العربات لتقاطعه مع نهر الدندر في اكثر من منعطف . وقد كان توقيتنا مناسبا لان مياه نهر الدندر التى تنحدر من الهضبة الاثيوبية كانت وقتئذ داخل حظيرة الدندر على بعد 120 كيلو من القرية وربما يستغرق اسبوعا يمر خلاله بقري الدندر الواقعة على ضفته الشرقية و هذه القري ابقرة ونور الجليل ( قرية الشهيدة التاية ابو عاقلة الطريفي) وام عقرب وود التاي ودبركي والملاسي وام ضهير والتكمبري والدقاق وود دودة وحلة فايدة وود ابو تفه وام دمور والتكينة و عمارة مشايخ الابيضاب حيث القطب الديني الذى يسلك عليهم اهلنا الطريقة القادرية وهي اى العمارة هي البقعة المباركة التى يلتقي في مسيدها جميع سكان هذه القري ايام الاعياد . وقرية ود منصور وحيواء -حيث يوجد اول كبري يربط بين الشرق والغرب -ومنها مدينة الدندر .
اما قرى الدندر الغربية التى يمر عبرها نهر الدندر فهي ابقرة غرب والشبعانة وعبد البنات ودرابة وبيضاء وام نمل وابو هشيم ( وقد كانت خدمات التلفون تصل لهذه القرية من اوائل الخمسينات ) و ابو البنات وحلة بلة وكامراب وخميسة وود بابو ونجم الدين وعمارة ود الصديق وكسيد وكاكوم (دى فيها فلاتى كارب بيكتب للنسوان عشان ما يعرسوا فيهن تاني وانا من ضحاياه ) وقرية اللويسة والبردانة (ام القرى) ثم قرية التكينة ومنها مدينة الدندر .
يخرج مواطنو هذه القري عادة لمشاهدة مياه نهر الدندر وهى منحدرة في طريقها لتلتقي بمياه النيل الازرق في قرية الربوة شرق واد مدنى . وعادة يقل تفاؤل اهل اى قرية ، بخريف وافر الخيرات، عندما تاتيهم مياهه نهارا وهذا سبر توارثوه من الاجداد .
هنالك قرى تابعة لنظارة الدندر ولكنها تقع شمال المدينة اشهرها جهة غرب نهر - ام عرديب والسريفة ( قرية الاستاذ احمد حماد ادريس) والقلة وجليدات واخرى شرقه اشهرها ام حنطور وحدية وطابت حلة الشيخ السماني .
اغلب سكان هذه القري ينتمون الى قبائل رفاعة (القواسمة والحمدة والحلاويين والغلاتيين والعقليين) بالاضافة الى الكواهلة والصواردة والضبانية الذين ينتمى اليهم الشيخ محمود ود زائد الذى تنسب اليه (تومات ود زائد) واحسب انهماهجليجتان معمرتان موجودتان في منطقة شمال شرق القضارف .
خرجنا من الداخلية و لا بد لنا من دخول سوق المدينة لشراء بعض هدايا الاطفال مما وفرناه من الخمس وعشرين قرشا – مصاريفنا لثلاث اسابيع . كنا اكثر ميولا لشراء حلاوة (بلي) لانها تباع بكميات مهولة وباقل تكلفة وترضى اكبر عدد من الاطفال الذين يستقبلونا فرحين بعودتنا اليهم . كان كبارنا من النساء والرجال لا يرجون منا الا عودتنا سالمين واسعادنا لاطفالهم بحلاوة بلي . فمن اعطيت ابنه حبة منها وهرول فرحا لابلاغه بها فقد نلت رضاه بل ربما رضاء كل افراد الاسرة .
بعد شراء حاجياتنا تحركنا راجلين الى القرية . كان الطريق عبارة عن دوداب تصله اشعة الشمس فاترة وربما لا تصله احيانا لانه محمي منها بالاشجار الضخمة التي تتصافح هاماتها في رؤسنا و نمشى فيه وكاننا نمشى داخل الانفاق . كنا نجد حبات اللالوب والنبق متناثرة على الطريق ناكل منها الجزء الذى لم تكن عضته القرود والكاكي (ابلانج) . وما كنا نابه لتجميع شيئ من هذه الثمار لاطفال اهلنا حتى لا نبدد عشمهم في اسعادنا نحن القادمين من المدينة بخيراتهم من هذه الثمار !!
عبرنا نهر الدندر بعد ان قطعنا حوالى الاربعة كيلو مترات من المدينة ولا بد ان نعبره مرة اخري قبالة المشرع الذى كان يرد فيه اهلنا . كانت المسافة بين المشرعين حوالى الست كيلو مترات مشيناها في اقل من ثلاثين دقيقة . وصلنا مشرع القرية الذي كان يلامس خصرها من الجهة الغربية . كانت لنا الكثير من الذكريات والخواطر هنا في هذا المشرع . كنا اكثر تشوقا لسماع جرس الحصة الاخيرة في المدرسة لنخرج منها بكثير من الضجيج . لم يكن هذا الضجيج لدوابنا عبثا لانها تدرك تماما ان وقت سقائها في المشرع قد حان . كنا نخرج من المدرسة منشدين قصائد اليوم وكانت اجمل الاناشيد التى خلدت في ذاكرتي : بلادى بلادى فداك دمى وهبت حياتي فدى فاسلمي غرامك اول ما في الفؤاد ونجواك اخر ما في دمي ساحلف باسمك ما قد حييت تعيش بلادي ويحيي الوطن وكذلك انشودة ( علمي انت رجائي ......) وقد كنت اكثر ابداعا في اداء مقاطعها التي تقول (لونك الاخضر زرع لونك الاصفر ارض لون الازرق ماء) .
وبعد ان نصل الى بيوتنا نعلق حقائبنا على المسامير المخصصة لها على امينة المنزل ، ان كان من الطوب او الجالوص او شعبة القطية ان كان البيت من النال . كان يمكن ان تقرأ من حجم وشكل الحقيبة الى اي مرحلة دراسية ينتمى التلميذ ، فان كانت مليئة نافخة كراساتها جميع الزوايا وبها براقع من الحبر الازرق فهذا دليل على ان التلميذ في ثالثة اورابعة ويمكن ان يعهد اليه كتابة الرسائل المنمقة كما ويمكن اجلاسه في عنقريب قعدات العرس جوار العريس لتسجيل النقطة ( النقطة هى ما يساهم به كل من اهل القرية لوالد العريس)
كنا بعد الدروس وبعد الغداء نركب الدواب لنسقيها في المشرع وكانت كلابنا هى الاخري الاكثر سعادة وهى تلهث خلفنا للمشرع . كان المشرع مجمع يلتقى فيه اغلب اهل القرية للغسيل و حمل الماء للبيوت وصيد السمك احيانا . كنا بعد الوردة نذهب لالتقاط اجود واحلى ثمار النبق الناضجة والتي تتساقط تحت ظلال اشجار السدر الضخمة التي تنمو على شاطى النهر . كان رعاة الابل من اهل البادية الذين ياتون ايام الضمئ يتركون ابلهم على مناخها ( بفتح الميم) لأن ينجموا في ظل هذه الاشجار يتسامرون بالدوبيت والمسادير الحنينة .
بعد أن تدحرجنا من المدلية ( حافة النهر ) لاحت إلينا مشاهد أهلنا من بعيد ، بعض يغسل في ملابسة واخرون يسقون دوابهم ومجموعة أخرى من الأطفال يلعبون على كثبان الرمال . وبعد أن تقاربت المسافة ، وتعرفوا على وجوهنا صاحوا فرحين بعودتنا. بعض من هولاء الأطفال لم ينتظر لملاقاتنا بل هرول إلى الحلة لإبلاغ الأهل بعودتنا ، واخرون منهم تناولوا منا حقائبنا وهم اكثر تركيزا بعيونهم في وجوهنا التي بدت تأخذ من سمات المدينة .
عندما كنا على مشارف القرية لاحظنا أطفالا آخرين قادمين من داخل الحلة لاستقبالنا مبتهجين بقدومنا بعض منهم حافي القدمين لا يأبه لطعنات الضريسة المسمومة(الضريسة هي نوع من الشوك ينمو نباته جوار القرى) لم يكن شوقنا لابقارنا واغنامنا وكلابنا اقل شوقا من شوقنا لاهلنا . كنا نسال عن قمرية وحورية وسرية والمنادهيب ( جمع مندهوب وهي العجلة التي اقتربت من سن العشار) . كانت امي الجالسة بجواري في الهباب المفروش بالدقة ( البرش الدقة هو اجمل واغلى انواع البروش المصنوعة من الزعف) قد همست في اذني تذكرني بالعم الرضى والطيب وعبد الغني وابراهيم كبار الحلة وطلبت منى الذهاب اليهم لانهم متلهفون لرؤيتي ولكنهم بسبب العمر يصعب عليهم الوصول الى منزلنا . ذكرتني امي بالعمة زينب وشروقو وفاطمة وام الحسن ولم يكن قد غبن عن بالي لاني لا انسى الكعك والتمر والحلاوة التي يملان بها جيوبي في مناسبات اعياد رمضان والاضحى . طلّعت العراقي الابيض الجميل من حقيبتي وكذلك السروال الطويل والفنيلة ذات الأخرام المتوازية الاضلاع . خرج من كان معي من الغرفة الى البرندة ليفسوا لى المجال حتى اغيّر ملابسي واحضروا لـــى الجردل مليان موية والطشت والليفة للحمام داخل الغرفة نفسها . تركشت الباب بالعود ، وبعد الحمام اتهندمت كويس وفتحت الباب وعاد من كان في البرندة مرة اخرى ومعهم امي التى احسست ان خوفا علىّ محبوس في احشائها ....... . اخرجت امي فتيل بت السودان من سحارتها ( السحارة هي صندوق من الخشب يستعمل لتخزين الاشياء الخاصة) . وقد تعطرت بها جبرا لخاطرها . ولإظهار شيئ من المدنية طلعت فتيل فلير دمور الاصلي من حقيبتي وقد فاحت رائحته ليتنسمها حتى من كان خارج البيت .
تحركت مع اصدقائي لاسلم على اعمامي وعماتي كبار السن . كنا اينما جلسنا لابد من تناول كباية شربات من الليمون ، الذى قد يكون احيانا معطر ببت السودان نفسها ، لزوم المغالاه فـــي اكرامنا . كان اصدقائي الذين يرافقونى للسلام على الاهل يضحكون ويلعبون وهم يمشون معى بعفوية من بيت لاخر . لم استجب لحركاتهم وضحكاتهم تلك بل صار ينتابني احساس بالسخرية وعدم الرضا من تلك التصرفات ولكنه احساسا ظل حبيسا بدواخلي ..... صحيح انها ملابس المدنية الزائفة .
انصبت على مجموعة من الأسئلة المتكررة من أعمامي وعماتي وكأنهم اتفقوا أن توحد أسئلتهم . كيف يا ولدى المدرسة وبتسكنوا كيف وتنوموا كيف وبأكلوكم شنو في الدوخولية ؟ وبعد هذه الأسئلة يأتي السؤال الصعب - بعد صمت ونظرة الى سقف المنزل ( حيث تعلق تواريب التبش والعشريف وقناديل العنكوليب وربما النجامة والسلوكة وتوابيرهم ( ازيارهم يعنى ) تنقع طق طق طق ) واصابعهم تعبث بالمسبحة مع همس تتحرك فيه الشفتان مع المسبحة للإعداد لذلك السؤال . ( اها يا ولدى نحن كبرنا ومتمنيين نحضر جديدك وجديد بت عمك شامة شن قولك أنت ؟ ( أدونى يا عمي مهلة شوية المغرب أبوي ذاتو قال عندو معاى كلام وما عرفتو يمكن كلامك ده)
(عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 01:31 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 01:41 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 03:04 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 03:05 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 02:39 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 03:33 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-29-2006, 11:08 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-31-2006, 02:51 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-31-2006, 02:53 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-31-2006, 02:55 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-31-2006, 02:57 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 10-31-2006, 03:02 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-02-2006, 05:48 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-03-2006, 02:19 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-03-2006, 02:27 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-04-2006, 05:37 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-04-2006, 11:24 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-05-2006, 04:09 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-05-2006, 04:18 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-08-2006, 11:14 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-10-2006, 03:16 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-11-2006, 03:11 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-12-2006, 06:10 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-13-2006, 04:06 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-14-2006, 01:34 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-16-2006, 04:26 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-16-2006, 04:42 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-16-2006, 04:47 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 12-19-2006, 09:06 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: Ishraga Haimoura)
|
Quote: تدفق يا صديقي بحديث الذكريات العذب هذا
ونحن نتابع بشغف |
تسلمي يا اشراقة عزيزتي تشرق ايامك وايام آل حيمورة دوما بالنماء والخير والسعادة
سنواصل ببركة الله يا الاشراقة بس اديني رضاك قدامي سفر
اطيب المنى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
Quote: هذه الكتابة الممعنة في التفاصيل تدثر مواهب إبداعية خلاقة..فبالله عليك لا تضن علينا بها أيها الرائع..واصل .. فالنظر في العواقب تلقيح للعقول.. |
مهلا اخي الزاكي الجميل سنواصل في الرواية . الموضوع برمته سيحال اليك - ان كان لك من الوقت ما يمكن ان تجود بها علينا - لتزيينه بملاحظاتك ونحوك وصرفك وتعابيرك الجميلة وذلك بعد ان يتسنى لي نهو اخر فصوله.
فهى رحلة عمر يا حبيبي الغاية منها المقارنه بين الامس واليوم في شتي ضروب الحياة.
متابعتكم وتقويمكم لى سيكونان دافعا للكتابة .
لك مودتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: الطيب شيقوق)
|
أخي ود شيقوق كل سنة وبألف خير واصل فنحن لك من المتابعون ، حلوة وممتعة مفردات (العامية)التي تكتبها حاول أن تكثر من استخدامها، منتظرين ،ولا تنسى أنت في أول ليلة وأول وجبة عشاء بالداخلية ، أمامك مشوار طويل عن القويسي، وكافة قرى أهلنا حولها، العادات التقاليد، ليتك رجعت قليلا عن البداية قبل القويسي، لك كل تقديري واحترامي أخوك الشفيع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: Alshafea Ibrahim)
|
اخي وابن عمى الشفيع ابراهيم
عجبتني بالحيل الشى انت بتشم البوستات دى شم عرفت البوست ده كيف انا عملت مليون بوست بس عجبتك الحاحاية وسنغرت تسمع امانى ما اكتلك بالضحك بس تابع والله حتى عرضتى احكيها ليك .
أخي عادل عبد الرحمن (ابو مازن)
طلتك جميلة ويبدو انو البوست ده ما بتابعوهو الا اولاد وبنات الغلابة الذين وصلوا للتدقيق والوزارات من خلال رحلة لا تختلف عن رحلتي التي انا بصدد الحديث عنها.
لكما مودتى وكل عام وانتما بخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: الطيب شيقوق)
|
أخي الطيب الراوي الموهوب ( ود شيقوق)
هذه الصور الحية في الوصف لحياة البادية الصافية البسيطة وتأثرك بها وإرسالك لنفسك في سرد الرواية على سجيتها مباعدا ما بينها وكل مظاهر التعقيد والتكلف التي نعيشها الآن في المدينه أعاد إلى ذاكرتنا إرتباط الشاعر القدير محمد سعيد العباسي - رحمه الله - ببيئته وعشقه وتعلقه ببادية الكبابيش في قصيدته لمليط: حياك مليط صوب العارض الغادي وجاد واديك ذا الجنات من واد فكم جلوت لنا من منظر عجب يشجي الخلي ويروي غلة الصادي كثبانك العفر ما أبهى مناظرها أنس لذي وحشة رزق لمرتاد وأعين الماء تجري من جداولها صوارما عرضوها غير إغماد والورق تهتف والأظلال وارفة والريح تدفع ميادا لمياد إلى أن قال: لو إستطعت لأهديت الخلود لها لو كان شئ على الدنيا لإخلاد
وأغلب الظن أنك بهذه الموهبة لسائر في درب الروائي الفذ الطيب صالح أمد الله في عمره لا سيما وان اغلب رواياته موحاة من واقعه وبيئته البسيطة فلتواصل الحديث لتسرد علينا عصارة السنين .
مي ابو قصيصة مسقط سلطنة عمان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشوار ود شيقوق.. (Re: mamkouna)
|
العزيز الطيب شيقوق..
عامك بندى قطرات طل خيره الوريفه..ومساحات الحفظ والرحمه والرضا من مدى رب كريم معطاء...
ولعل الاحتياج الدائم لعمر الطفوله وزمن الصبا والعمر والتجارب والمراحل تاخذ الانسان فى تجوال ملزم وتتشتت فى سماء الكون احاسيس الالفه والامان..وذلك الطهر البراءه...وذكريات الطفوله والدراسه لن تنمحى من خيال الذاكره ابدا..حتى تفاصيل الاشكال قد تغيب الاسماء لكن هنالك اسماء حفرت فى اخاديد الذاكره لن تنمحى..ويبدا الطواف الذى فى اجتراره يمنح دعشات تلك الانسام ويجدد خلايا الروح ويوصل مسافات العمر ليبقى ذلك الارتباط هو حلم الخيال الامانى والاحلام..وكل منا يريد ان يعود الى زمن الطفوله ورفقة الصبا عله يستطيع تعديل واصلاح مدى الرؤيا فى مستقبل عالم مضطرب..لان امان اللحظه وقتها كان قائما على احساس ذلك الامان فى البيت والحله والقريه والطريق والمدرسه ..وكان تلك رياح الزمن الجميل..
وكما ردد المغنى... هل من عوده لى ام هى مستحيله... العزيز الطيب.. احببت ان اناكف..لكنى استمتعت بكل ملامح الحكى وايقاعات صفائه وانغامه.. لك الاعزاز
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مشوار ود شيقوق.. (Re: عصمت العالم)
|
Quote: يللا واصل يا ود شيقوق و أنا متأكدة إنو ده ح يكون بوست كامل الدَسَم..! |
الاخت ممكونة ازدان البوست بطلتك البهية . اعجبني إحكامك لخارطة طريق هذا البوست ليتسنى للقاري ادراك ان هنالك معنى اخر مبطن خلف كل كلمة او جمله وجدت مكانها في متن هذه الرواية .
ساواصل سرد الرواية وفي بالي ان هنالك اشارات تحكم مرورية ممكونية تراقب ان كانت الرواية تسير في اطار المنظومة المتفق عليها حتى لا نتوه في مسارات تناثر الملل لمتابعينا .
لك ولبعلك الممكون وللاولاد اطيب المنى
| |
|
|
|
|
|
|
خارطة الطريق.. (Re: الطيب شيقوق)
|
كيفك يا أبو عبدالله..؟ كلو تمام؟؟
يا ريت يا سيدي تدينا لمحة عن تاريخ و جغرافية الأماكن الأنت بتتكلم عنها. يعني موقعها...أقرب المدن إليها..طبيعتها..قبائلها...نوعية سكانها..رعاة..مزارعين..أفندية..إلخ.. و يا ريت تحدد لينا المواسم البتتم فيها الأحداث....يعني صيف...خريف..شتاء.. عشان نقدر نتخيل الصورة كاملة.
عسكري المرور ممكونة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خارطة الطريق.. (Re: mamkouna)
|
يا سلام ممكونة اختى فعلا الحاجات دى مهمة جدا ولازم تتابعيني عشان تاليف الكتاب في النهاية لابد يكون ليك فيه دور.
لك عاطر التحايا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: الطيب شيقوق)
|
Quote:
البوست الطاعم و الحنين... |
ممكونه التحيه والإحترام
فى بوست اغانى واغانى (لملاسى) ترددت ان اصف كتابتك بالطعامه والحنيه
ووجدتها هنا بيراعك .
ممكونه إنت ماكننا طعامه وحنيه .
اشكرك على تجميل وتزيين ليالينا بهذه الحروف الانيقه والممتعه فى ان واحد
ما تغيرى الحبر ولا المزاج !!
تحياتى لاحمد وابوهو .
شكرا عميقا شيقوق
شكرا جزيلا ممكووووووووووووونه.
| |
|
|
|
|
|
|
فارس الحوبَة... (Re: فارس موسى)
|
Quote: ممكونه إنت ماكننا طعامه وحنيه .
اشكرك على تجميل وتزيين ليالينا بهذه الحروف الانيقه والممتعه فى ان واحد
ما تغيرى الحبر ولا المزاج !!
تحياتى لاحمد وابوهو . |
عليك الله حسي في كلام أطعم و لا أحنٌ من كده؟!!
تسلم يا فارس الحوبَة..و دُخري السنين لينا.. و إن شاء الله ما يتغير المزاج..و لا الكي بورد ..قول آمين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: الطيب شيقوق)
|
يالطيب وكت نصيح ونجيض وقادر تكتب متل دة ما لك مدودر عمك فاروق وعامل كانقرو تنط من بكان لبكان ... ابقي هنا وسنبقي معك ومع العراقي الكاجوال .. انا جني الرطان لسبب او اخر ما لبست العراقي الكاجوال وما ولد مدن مية في المية سنة هنا وسنه هناك ومعظمها محطات سكة حديد .... بعدين زيك من جماعة الداخليات ام يوم عدس وطحنية و لبن رايب ويوم فول وجبنة ومربة ... زمن ...
واصل ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحلة العمر..و مشوار السنين (Re: ابو جهينة)
|
Quote: يالطيب وكت نصيح ونجيض وقادر تكتب متل دة ما لك مدودر عمك فاروق وعامل كانقرو تنط من بكان لبكان |
شكرا يا باشمهندس ( انت بالمناسبة ابو منو من الاولا)
لكن احساسي كلامى ده انت بيكون ليك زى كلام الطير في الباقير لانك طولت من السودان وغابت عنك كل معالم ثقافاتنا المحلية . المهم برضه تابع البوست بنعمل عشانك حاجات تصادف هواك ليطيب لك المقام بيننا.
اطيب المنى
| |
|
|
|
|
|
| |