دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: حليمة محمد عبد الرحمن)
|
Quote: يا فاروق ياخوى ربنا يدبك الصحة والعافية |
ميرسي كتير كتير السيد المحترم جدا الفاتح يوسف جبرا
آمين يارب أنا وعادل ... أما رأفت فربنا يزيده صحة!!!!!
يا خي عملتوا لينا شنو في موضوع (العواسة) لعادل
سمير ... عادل ممكن يطلع الفيزا خلال ساعة !!!!!!!
لإلك..... يا ود جبرا
كسرتين:
رأفت طبعا الشمار بكون كتلك لغاية هسع !!!!!!!!!!!!!
الشمار ده يا رأفت ما شمار مسنجر ... تضرب سلك نديك
الشمار ... ما تضرب إلا تجيني في أبوظبي !!!!!!!!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: الفاتح يوسف جبرا)
|
يا فاروق يا خوى المواصفات بتاعت (العواسة) ح تجيك بالمسنجر لأنو ما أى زول ح ينفع للوظيفة والشمار بيكون كتل الجماعه !!
كسرة : يا رأفت ياخوى إنت الكلام ده ما بتقدر عليهو عشان (السويد) ما بتطلع فيزات عمل !!! وإلا شنو يا فاروق ؟؟
والله يا الفاتح أخوي الأيام دي عادل (مكوفر)
لذا يستحسن ارسال المواصفات بسرعة لأنه مافي
عواسات في البحرين ولا كسرة ... والراجل الأيام
دي بياكل junk food وجيرانه ماااا أظن فيهم
سودانيين ... حصل الزول ده بسرعة ...!!!!!!!!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: Adel Sameer Tawfiq)
|
Quote: كسرة : يا رأفت ياخوى إنت الكلام ده ما بتقدر عليهو عشان (السويد) ما بتطلع فيزات عمل !!! وإلا شنو يا فاروق ؟؟ |
السويد دي جبتها من وين يا ود جبرا ......
السويد دي مش محل النسوان الطواااااااااااااال
السمحاااااااااااااااات ديلك ؟؟؟!!!!!!!!
الشعرهم أشقر وطوييييييييييييل يصل لي (هنااااااااااااا)
رأفت لكن ما بقدر يمشي هناك !!!!!!!!!!!!!
رأفت قاعد في سويسرا يا (بحة) تحت حراسة مكثفة ومشددة
ومتشددة !!!!!!!!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
عيد ميلاد مجيد.... (Re: فاروق حامد محمد)
|
I want to re-post this good article on one of the great Sudanese community leaders... Samir Gergis from a blog I dedicated for this rare human being: http://www.samirgergis.blogspot.com/ mohamed legadi
Quote: وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 1ـ2 بقلم/ كمال الجزولى
إلى روح سمير جرجس .. فقد جاهد الجهاد الحسن، أكمل السعي، حفظ الإيمان، وأخيراً .. وضع له إكليل البر
هزتنى كلمة شفيفة للكاتب الصحفى تاج السر مكى (الأيام ، 19/2/04) ، ينوِّه فيها بالنشاط الوطنىِّ والاجتماعىِّ البديع الذى ظلَّ يمارسه ، منذ حين ، المهاجرون السودانيون الأقباط بمدينة سدنى الاستراليَّة ، وعددهم ستة آلاف ، حيث شيَّدوا منتدى مفتوحاً لكل الجالية السودانيَّة هناك ، بكلِّ مِللها ونِحَلها وانتماءاتها الاثنيَّة والدينيَّة ، وأصدروا صحيفة أسبوعيَّة تعنى بأخبار السودان ، وتعرِّف بثقافاته المتنوِّعة ، وتطرح المشكل السودانى لحوار ديموقراطى واسع ، وتنشر ذكريات الكثيرين منهم فى الوطن عموماً ، وفى بعض مدنه كأم درمان وعطبرة بوجه مخصوص ، كما أسَّسوا إذاعة تبث برامجها السودانيَّة لمدة ساعة كل يوم.
ذكرتنى هذه الكلمة المنتبهة بما كان قال لى جوزيف لطيف صباغ ، عضو المكتب السياسى لحزب الأمَّة القومى ، عندما لقيته ، بالمصادفة ، واقفاً يضاحك ثلة من قدامى أصدقائه فى بهو الفندق الكبير بالخرطوم ، وقد عاد ، لتوِّه ، من مهجر بعيد كان لاذ به منذ خواتيم ثمانينات القرن المنصرم ، ضمن ظاهرة الأمواج المتلاطمة من هجرة السودانيين ، وقتها ، والأقباط منهم بالأخص ، فى عقابيل انقلاب الثلاثين من يونيو عام 1989م ، وسألته ، غير عامد بالطبع ، وإنما تحت وطأة حالة من الضجر السياسى تنتاب المرء أحياناً على غير إرادته: ما الذى أرجعك يا رجل؟! فإذا بعينيه تشعَّان ، وكل عضلة فى وجهه تختلج ، وهو يجيبنى بحماس ، وبحنجرة تغصُّ بحنين صادق: أقسم يا أخى أن يوماً واحداً فى السودان يعدل كلَّ تلك السنوات الضائعة!
إن أكثر ما يفرِّقنا ، حقاً ، هو الذى لا نجرؤ على الحديث عنه صراحة ، على قول سديد لفرانسيس دينج! وأكثر هذا الذى لا نجرؤ على الحديث عنه صراحة هو واقع الاستعلاء الجهير فى حمولة الوعى الاجتماعى العام فى بلادنا. فصورة (القبطى) فى الذهنيَّة (السالبة) للمستعرب المسلم المتوسط reasonable person فى السودان هى صورة (اللامنتمى)! ولهذا فقد يستغرب هذا المستعرب المسلم كلمة مكى وقول صبَّاغ ، بل وقد لا يُصدِّقهما أصلاً! ذلك أن أكثر ما تحتقن به ذهنيَّته السائدة هذه ، برغم مقت الاسلام للاستعلاء العِرقى ، هى أوهامه الفادحة perceptions عن (ذاته) ، باعتبار أنه هو وحده (ود البلد) ، وعن (الآخر) ، باعتبار أنه إما (حلبى) وإما (عبد) ، وكلاهما ، فى النهاية ، محض مُساكن عرَضىٍّ لا يؤبَّه به فى شأن الوطن ، ولا يُعوَّل عليه فى الملمَّات! لا مرية ، بالطبع ، فى كون المسئوليَّة التاريخيَّة عن تغذية هذه النزعة العِرقيَّة والثقافيَّة المهمِّشة marginalizing (للآخر) فى الأوساط الشعبيَّة ، والتى يُصطلح عليها فى علم الأنثروبولوجيا (بالمركزويَّة الاثنيَّة) ، إنما تقع ، بالأساس ، على عاتق التيار (السلطوى/ التفكيكى) وسط نخب الجماعة المستعربة المسلمة السائدة ، لما تمتاز به هذه النخب من زاد معرفىٍّ يكرِّسه هذا التيار فى خدمة الطبقات الاجتماعية التى أفرزت هذه النزعة ، وأرادت لها أن تتخذ طابعاً شعبياً ، فتولى هذا التيار أدلجتها. على أنه لا يمكن ، بالمقابل ، تبرئة التيار (العقلانى/التوحيدى) من مسئوليَّته التاريخيَّة فى عدم التصدِّى للظاهرة ، بما يكفى لنزع الأقنعة عن هذه الأيديولوجيَّة الزائفة ، وتعرية المسكوت عنه فى علاقاتنا الاثنيَّة ، من جهة ، ولتغليب ثقافة التسامح ، من الجهة الأخرى ، لا كمِنة يتفضل بها الأسمى على الأدنى toleration ، بل كقاعدة احترام تلقائىٍّ للآخر المختلف tolerance ، باعتبار أن ذلك هو الأساس الذى يجب أن تنبنى عليه الوحدة ، وطريق الخلاص الوحيد المتاح للأجيال القادمة من مأزقنا الوطنىِّ الراهن. ولعلَّ ألزم ما يلزمنا ، فى هذا السياق ، هو أن ندرك ، ابتداءً ، وبعمق ، أننا ما نزال أمَّة تحت التكوين in the making. وأن الاستخدامات المجازيَّة لبعض المصطلحات الشائعة فى توصيفنا ، (كالشعب السودانى) و(الثقافة السودانيَّة) وما إليهما ، إنما تصادم ، فى الواقع ، حقيقة كوننا شعوباً متعدِّدة ، وثقافات متنوِّعة. فبقدر ما يشكل كل شعب وثقافة (ذاتاً) منسجمة فى منظور وعيه الهويوىِّ بنفسه ، يشكل أيضاً (آخر) فى منظور (الغير) المختلف ، مِمَّا يضع (التعارف) على رأس الشروط الأوليَّة اللازمة لجعل (اختلاف) هذه (الذوات) المتعدِّدة المتنوِّعة نعمة ، لا نقمة! لكن عقدة (المركزويَّة الاثنيَّة) ، وغشاوة (الاستعلاء) التاريخى ، مع انعكاساتهما السالبة فى ذهنيَّة ووجدان (الآخر) ، أضرَّت كثيراً ، وما تزال ، بسلاسة هذا (التعارف) ، إلى درجة أن أحداً لا يستطيع ، إلا بالكثير من حُمرة العين ، أن يزعم ، اليوم ، وبعد كلِّ هذه القرون الطوال من التساكن المتوتر ، أننا (نعرف) بعضنا البعض ، بمستوى يجعل من اقرارنا بحقيقة (تعدُّدنا وتنوُّعنا) واقعاً حياتياً متعيِّناً ، دَعْ احترامنا لهما فى الممارسة التلقائيَّة ، لا مجرَّد الاكتفاء بوضعهما ، حلية زينة ، فى النصوص الدستوريَّة والقانونيَّة المُرائية ، على ضرورتها! مع ذلك ، وعلى أهمية استبصار السوالب لأغراض حسن الاعتبار ، فإن القدر من التراكم الايجابى الذى وقع لنا حتى الآن ، بشق الأنفس ، فى هذا الاتجاه ، على نقصه وقصوره البائنين ، هو الذى يستوجب الدَّعم والتأكيد ، حقاً ، عن طريق تعهُّده بمقاربة حثيثة تسلط حزماً كثيفة من الضوء عليه ، وترُدُّ الاعتبار لحقائقه فى الثقافة والاجتماع والتاريخ ، وتجلى، بدأب وحدب ، ما قد يكون انطمر أو انطمس من هذه الحقائق فى الذاكرة الجمعيَّة بفعل خراقة السياسات التربويَّة والتعليميَّة والاعلاميَّة. هذا الجانب الايجابىُّ ، ورغم ضجَّة الراهن المعلول بالسوالب ، هو الذى ينبغى أن نكِدَّ فى سبيل بقائه فى المدى القريب ، ورسوخه فى المدى المتوسِّط ، ثم الارتقاء به فى المدى البعيد، كى يصبح الأكثر وثوقاً فى تشكيل بنية الوعى الاجتماعى مستقبلاً ، والأكبر تأثيراً ، من ثمَّ ، على نسيج (السلام) المستدام و(الوحدة الوطنية) المأمولة. وليس ثمَّة شكٌّ ، بادئ ذى بدء ، فى وشائج القيم الروحيَّة والأخلاقيَّة التى تشدُّ الاسلام والمسيحيَّة إلى بعضهما البعض ، بما يجعلهما متقاربين إلى حدِّ التطابق أحياناً. ففى منظومة قيم (السلام) ، مثلاً ، نجد المعنى المشترك بين تسمية الحق عز وجل لنفسه ، فى القرآن الكريم، "بالسلام" (23 ؛ الحشر) ، وبين تأكيد الكتاب المقدس بأن "الله هو إله السلام .. منه السلام وإليه السلام وبه السلام". كما نجد ، ولا بُدَّ ، نسباً روحياً وثيقاً بين اقتران هذه الدلالة السامية (للسلام) بقيم (العدالة الاجتماعية) فى قوله تعالى: "ونريد أن نمُنَّ على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمَّة ونجعلهم الوارثين" (5 ؛ القصص) ، وبين بشارة الكتاب المقدس: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض". وإلى ذلك أيضاً قول النبىِّ (ص) فى الحديث الشريف: "ليس منا من بات شبعاناً وجاره جائع" ، وقول عمر بن الخطاب (رض): "ولانا الله على الأمة لنسد لهم جوعتهم ، ونوفر لهم حرفتهم ، فإن أعجزنا ذلك اعتزلناهم" ، من جهة ، والمواعظ الكنسية التى تحضُّ حضاً ، من الجهة الأخرى ، على فضيلة "ألا يجوع واحد فينا بينما الآخر يتخم من الشبع .. ولا ينام أحدنا وهو جائع أو مظلوم". ولئن شدَّدت التعاليم الكنسيَّة عموماً على أن السلام يمنح (السعادة الكاملة) فى (العدالة) و(الرضا) ، فإن (العدالة الاجتماعيَّة) تشكل أيضاً أحد أهمِّ المقاصد الكليَّة للتعاليم القرآنيَّة ، حيث جعل الله (الانفاق) ، كوسيلة لإعادة توزيع الثروة ، من مطلوبات (التقوى) ، بل وساوى بين هذا (الانفاق) وبين (الإيمان) و(الصلاة): "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون" (2 ـ 3 ؛ البقرة) ، كما وجعل (الانفاق) من أهم وجوه فعل (الخير) التى يجزى عنها بقوله: "يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلون من خير فإن الله به عليم" (215 ؛ البقرة). وطابق سبحانه وتعالى بين المفهومين القرآنيَّين (للخير) و(العمل الصالح): "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً" (46 ؛ الكهف). وفى تفسير القرطبى عن ابن عباس أن (الباقيات الصالحات) هى كل (عمل صالح) من قول أو فعل. وفى مستوى آخر ، ومع التسليم بإعلاء الاسلام لفضيلة العفو والصفح ، وحضِّ المسيحيَّة على "إدارة الخد الأيسر" ، إلا أن هذه القيم ذات الصلة الوثيقة (بالسلام) لا تتحقق بغير استيفاء أشراطها واستحقاقاتها الموضوعية. (فالعفو) لا يكون فضيلة فى الاسلام إلا بعد توفر شرط (القدرة) على نقيضه ، وتلك هى دلالة "العفو عند المقدرة". ومن الجهة الأخرى اجترح القس الجنوبافريقى ديزموند توتو فهماً عصرياً (للصفح) المسيحى فى ما أسهم به من معالجة لآثار التعانف التاريخىِّ المتطاول فى ذلك البلد بأسلوب (الحقيقة والمصالحة) ، استلهاماً لروح الكتاب المقدس ، بحيث لا يكون المطلوب (نسيان) الجراح ، بل (مداواتها). فالشرط الأساسى لتطبيق هذا الأسلوب هو حصول الضحايا على اعتراف صريح ، مستقيم وكامل ، مقروناً باعتذار علنى من جلاديهم ، فى ما يشبه طقس (التطهُّر الكنسى) ، أو ما يستوفى ، فى الاسلام ، شرط تعديل المواقف ، بحيث يصبح الضحايا فى موقف (القدرة) على أخذ جلاديهم باعترفاتهم ، فتنفتح الابواب ، بعد ذلك وليس قبله ، لاحتمالات العفو ، حين تطيب النفوس المكدودة ، ويسكن الألم الشخصى ، ولا تتبقى سوى الموعظة التاريخيَّة كضمانة معنويَّة قويَّة لعدم تكرار مثل تلك الممارسات مستقبلاً. ومن نافلة القول أن من يرفض ذلك لا يعود أمامه سوى المثول أمام المحكمة ، فى دولة يفترض فيها احترام القضاء المستقل ، كى ينهض حكم القسط على ساقيه وتأخذ العدالة مجراها. وإذن فإن (السلام) لا يكون حقيقياً ولا مستداماً بغير توفر هذه الأشراط والاستحقاقات فى الاسلام والمسيحيَّة ، وهى أشراط واستحقاقات أبعد ما تكون عن مجرد (التسليم) المجانىِّ بالأمر الواقع. وهناك أيضاً القاسم المشترك فى بعض وجوه التطبيق النموذجى السودانى بين العقيدتين ، حيث شكل حسن المعاملة ، بأكثر من جفاء التلقين ، مداخل المسيحيَّة إلى المجتمعات المحليَّة فى تاريخ السودان الحديث ، مثلما كان قد عبَّد نهجاً مرموقاً أيضاً للمتصوِّفة الأوائل فى نشر الاسلام فى البلاد ، بل وما زال يعبِّد ، حتى الآن ، طرقاً سالكة للمعاصرين منهم إلى قلوب الناس. ونسأل الله أن يسبغ رحمته ورضوانه على الشيخين الصالحين عبد الرحيم البرعى وعبد العال الادريسى اللذين روِّعت بلادنا بفقدهما مؤخراً ، كما نسأله ، جلَّ وعلا ، أن يردَّ غربة الشيخ الجليل حسن الفاتح قريب الله ، ليعود يرفل فى ثياب العافية بين أبنائه ومريديه الكثر ، فلطالما جعل الله أفئدة من الناس تهوى إلى رقائقهم ، أجمعين ، وحسن معاملتهم. وفى الحديث الشريف: "الدين المعاملة"، كما وفى الكتاب المقدس: "إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة فأنا وسطهم" ، بمعنى عدم الاحتياج ، فى كل مرة ، لبناء كنيسة. والأمثلة كثيرة. لكن (السلام) ، بطبيعته ، ليس محض قيمة معلقة فى مطلق فضائها العقيدى ، بقدر ما هو ساحة علاقات اجتماعيَّة ملموسة. والنصوص الدينيَّة لا تشتغل ، عملياً ، إلا عبر التركيبة الذهنية والنفسية التى تفرز تصوُّرات المؤمنين عن (الذات) و(الآخر) ، من خلال معاملاتهم تحت الظرف الاقتصادى السياسى والاجتماعى الثقافى المحدَّد. فلا يكفى ، إذن ، لأجل أيَّة مقاربة جادة لموقف هذه المجموعة الإثنيَّة/الطائفية أو تلك من قضية (السلام) ، محض الاقتصار على استذكار حمولة النصوص المقدَّسة من منظومات القيم ، فلا مناص ، بالتالى ، من مداخل أوثق صلة بالتصوُّرات التى تتمظهر فى السلوك العملى للمجموعات المختلفة من خلال ممارستها لعلاقاتها الاجتماعيَّة. وهى ، بالضرورة ، مداخل سوسيو ـ ثقافيَّة.
إن باب (التديُّن) السودانىِّ (بالمعاملة) يذخر ، قديماً وحديثاً ، بالكثير من النماذج المضيئة التى تستحق أن ترفع فى وجه (الاستعلاء) ، وأن يُهيأ لها الذيوع والانتشار ، لا فى بطون الكتب أو ذاكرة الحكائين ، فحسب ، بل وفى مناهج التربية والتعليم وأجهزة الاعلام ووسائط الاتصال الجماهيرى كافة. من ذلك ، مثلاً ، أن الشيخ ادريس ود الأرباب ، عندما اعتزم ملك سنار مصادرة أراضى المسيحيين بعد تدمير سوبا ، أفتى بحرمة ذلك كون تلك الأراضى قد غصبت من المسيحيين ، رغم أنه كان موعوداً بنصيب فيها ، مما اعتبره ود ضيف الله فى (كتاب الطبقات) دليلاً على ورعه ، فكتب يقول: ".. ومن ورع الشيخ أن الملك بادى بن رباط .. جمع كبار الفونج مثل شوال ولد أنفله ونقى شيخ حوش داره وقال لهم شيخ ادريس شيخى وأبوى دارى من العسل إلى البصل باقسمها له النص فامتنع الشيخ وقال لهم هذه الدار دار النوبة وأنتم غصبتوها منهم أنا ما بقبلها الرسول قال من سرق شبراً من الأرض طوقه الله يوم القيامة به من سبع أرضين". وما تزال الذاكرة الامدرمانية تختزن مأثرة (خلوة بولس) كملمح بليغ للتسامح الدينى ، وأثر شديد الافصاح عن عبقرية المكان. فقد نزح القبطىُّ الأرثوذكسىُّ بولس مع أسرته من صعيد مصر ليستقر على تخوم ود اب روف وبيت المال بأم درمان ، ولينشئ تلك (الخلوة) ذات المساقين: تعليم المسيحيَّة لأبناء المسيحيين ، وتعليم الاسلام لأبناء المسلمين ، علاوة على تقديم وجبة مجانية للجميع. وهكذا لم تحُل قبطيَّة بولس دون إلحاق الكثير من المسلمين أطفالهم بخلوته ، طوعاً ، وعن محبة وتقدير. وفى سلالتها نفر من مشاهير الشخصيات السودانية التى لعبت أدواراً مهمة فى شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى البلاد ، كالدكتور وديع حبشى ، الخبير الزراعى العالمى والوزير السابق ومدير مشروع الجزيرة الأسبق وأول رئيس للنادى القبطى عند تأسيسه فى 1978م ، والسيد نجيب يسا ، مدير مصنع سك العملة الأسبق وسكرتير نادى المريخ الأسبق. ويروى حسن نجيلة ، فى (ملامح من المجتمع السودانى) ، واقعة أخرى ، من الحقبة الاستعماريَّة ، عن الشاعر القبطى صالح بطرس الذى استفز وطنيَّته تطاول العهد بمسجد أم درمان الكبير وهو ناقص البناء ، منعدم المئذنة ، والتبرعات ما تنفكُّ تجبى له فى كثير من البطء ، فأنشأ قصيدته الشهيرة: "يامسجداً مطلت بنوه بعهده" ، والتى كان لها أثر كبير فى إشعال الحماس للاكتتاب حتى اكتمل البناء. وهكذا أيضاً لم تحُل قبطيَّة بطرس دون أن يرى ، بعين بصيرته ، فى الانشاد لأجل إكمال بناء مسجد أم درمان الكبير عملاً (وطنيَّاً) يحبه الله. والنص الكامل للقصيدة منشور ضمن كتاب سعد ميخائيل ، القبطىِّ هو الآخر ، والذى أصدره عام 1925م ، للتعريف بالحركة الشعريَّة فى البلاد ، أوان ذاك ، تحت عنوان: (شعراء السودان) ، مسلمين ومسيحيين على السواء. (نواصل)
24 فبراير 2005 ----------------------------- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ -2 بقلم/ كمال الجزولى
مساء الخميس 24/2/05 شهدنا القدَّاس على روح الفقيد سمير جرجس بكنيسة العذراء بالخرطوم ، حيث وصفه أبونا فيلوثاوس بأنه زعيم قبيلة الأقباط السودانيين. ومن هناك شيعناه إلى مثواه الأخير ، وكنا خلقاً كثيرين من شتى ملل ونحل البلاد ، فعلق محمد على المحسى بأن ذلك يشـبه سميراً تماماً. وكان هزنى ، قبل يومين من ذلك ، ما أورد تاج السر مكى (الأيام ، 19/2/04) عن إنشاء المهاجرين الأقباط السودانيين بسدنى الاستراليَّة منتدى مفتوحاً لكل الجالية السودانيَّة ، وإصدارهم صحيفة أسبوعيَّة تعنى بأخبار الوطن وثقافاته ، وتأسيسهم، إلى ذلك ، إذاعة تبث ساعة كل يوم ، فتذكرت ما كان قال لى لطيف جوزيف صبَّاغ ، حين عاد من هجرة قسريَّة طويلة: "أقسم يا أخى أن يوماً واحداً فى السودان يعدل كلَّ تلك السنوات الضائعة"! وفى الحلقة الماضية أشرنا إلى أن أخطر ما يفرِّق بيننا هو الاستعلاء المسكوت عنه فى حمولة الوعى الاجتماعى ، ومن تجلياته الفادحة لدى الذهنيَّة (السالبة) للمستعرب المسلم المتوسِّط مماهاته الفظة بين صورة (القبطى) وصورة (اللامنتمى)! ولهذا رجَّحنا أن يستغرب كلمة مكى وقول صبَّاغ معاً ، بل وألا يُصدِّقهما أصلاً! فما يزال يركن ، رغم مقت الاسلام للاستعلاء العِرقى ، إلى وهمه الفاره perception عن (ذاته) ، بأنه هو وحده (ود البلد) ، أما (الآخر) فإما (حلبى) وإما (عبد) ، وكلاهما مُساكن عرَضىٌّ لا يؤبَّه به ولا يُعوَّل عليه! وقلنا إنه ، وبقدر ما يتحمَّل التيار (السلطوى/التفكيكى) المسئوليَّة التاريخيَّة عن تغذية هذه النزعة المهمِّشة (للآخر) marginalizing ، يتوجَّب تحميل التيار (العقلانى/التوحيدى) ، بالمقابل ، مسئوليَّته عن عدم التصدِّى للظاهرة بما يكفى لنزع أقنعتها الأيديولوجيَّة الزائفة. بغير ذلك يضحى شأننا كمن يحشو الجراح بالتبغ ، ليتراجع حتى الأمل فى تغليب ثقافة التسامح كقاعدة احترام تلقائىٍّ للآخر tolerance ، لا كمِنة يتفضل بها الأسمى على الأدنى toleration. وشدَّدنا ، فى هذا السياق ، على أن ألزم ما يلزمنا الاقرار به ، ابتداءً ، هو افتقار مكوِّناتنا الاثنيَّة (للتعارف) الذى يشكل أهم الشروط الأوليَّة لجعل (اختلافنا) نعمة لا نقمة! مع ذلك ، ورغم ضجَّة الراهن المعلول بالسوالب ، فإن القدر من التراكم الايجابى الذى وقع لنا ، بشق الأنفس ، هو ما يستوجب التأكيد عليه ، وإجلاء حقائقه المطموسة فى الذاكرة الجمعيَّة بفعل خراقة السياسات المعتمدة منذ الاستقلال. وقد عرضنا ، فى هذا الاتجاه ، لمنظومتى القيم المتقاربة فى الاسلام والمسيحيَّة بشأن (السلام) خصوصاً. لكننا استدركنا على أن (السلام) ليس محض قيمة عقيديَّة ، بل وساحة علاقات اجتماعيَّة. فالنصوص لا تتمظهر ، عملياً ، إلا عبر (معاملة) المؤمنين (للذات) و(للآخر) تحت الظرف الاقتصادى السياسى والاجتماعى الثقافى المحدَّد. ولهذا رأينا ضرورة إبراز بعض النماذج التاريخيَّة المضيئة فى باب (التديُّن) السودانىِّ (بالمعاملة) ، نصفع بها وجه (الاستعلاء) ، ونهئ لها الذيوع فى مستوى الوعى الاجتماعى العام. من ذلك ، مثلاً ، تحريم الشيخ ود الأرباب مصادرة الملك بادى لأراضى المسيحيين النوبة بعد تدمير سوبا ، مِمَّا عدَّه ود ضيف الله دليلاً على ورعه ، ومأثرة (بولس) القبطىِّ الماجد الذى أنشأ بأم درمان (خلوة) تعلم المسيحيَّة لأبناء المسيحيين ، والاسلام لأبناء المسلمين ، وتقدِّم وجبة مجانيَّة للجميع. وذكرنا من سلالته وديع حبشى ونجيب يسا وغيرهما مِمَّن لعبوا أدواراً مرموقة فى تاريخنا الاجتماعى. كما نوَّهنا بفضل الشاعر القبطىِّ صالح بطرس فى الحث على الاكتتاب لإكمال مسجد أم درمان ، أيام الاستعمار ، بقصيدته الشهيرة (يا مسجداً مطلت بنوه بعهده) ، وبالقبطىِّ الآخر سعد ميخائيل الذى أصدر ، عام 1925م ، مختاراته الباكرة (شعراء السودان) ، مسلميهم ومسيحييهم على السواء. وفى ما يلى نواصل:
*** والواقع أن للمسيحيَّة ، عموماً ، أثرها العميق الماثل فى الكثير من الثقافات السودانيَّة ، والذى ظلَّ يتحدِّر إليها من العصور القديمة ، حتى يوم الناس هذا ، مِمَّا تعهَّده الأب الدكتور جيوفانى فانتينى بالرصد والتقصِّى فى مؤلفه القيِّم (تاريخ المسيحية فى الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث). من ذلك ، على سبيل المثال ، حرص الأهالى من المستعربين المسلمين فى أغلب المناطق النيليَّة بين وادى حلفا والخرطوم على ممارسة طقس أربعين المولود الجديد ، حيث تحمله الأم إلى النهر ، ترافقها زفة من النساء يغنين ويزغردن ويلوِّحن بأغصان النخيل ، فتغسل وجهها ويديها ورجليها ثم تفعل الشئ نفسه للوليد. ولهذه الممارسة أصل فى ما يعرف عند المسيحيين بعماد الطفل بالغطاس ، وفى تقليد أربعين الولادة كما رسمه (سفر اللاويِّين) ، وما يزال متبعاً فى بعض الكنائس الشرقيَّة بمصر وأثيوبيا ، وربما أدمجت فيه طقوس مسيحيَّة أخرى كطقس (دخول الوالدة إلى الكنيسة). وشبيه بهذا طقس (ماريا) ، بعد الولادة بيومين أو ثلاثة ، حيث تحمل القابلة الوليد فى زفة مماثلة ، فى بعض قرى النوبيين (الحلفاويين والسكوت والمحس والدناقلة) ، وتحمل امرأة أخرى طبقاً مصنوعاً من الأعشاب توضع فيه أدوات التوليد ، ونفايات البيت ، وقرص من الخبز ، فيرمى هذا الطبق بمحتوياته فى النهر. ثم بعد الفراغ من عملية غسل وجه ويدى ورجلى الوليد ، أو تغطيسه فى الماء مع ترديد عبارة "أغطسك غطاس حنا" ، تبركاً بيوحنا المعمدان ، تعود الزفة بشئ من ماء النهر ليحفظ فى البيت بضعة أيام قبل دلقه. وأصل هذا التقليد موجود فى طقس رتبة المعموديَّة ، وفى نقل المسيحيين بعض الماء المبارك لحفظه فى البيوت. ويُضحَّى فى مثل هذه المناسبة بذبيح لا يكسر منه عظم. كما يُطبع على جدار البيت رسم كفٍّ مغموسة فى دم الضحية. ويرى الأب فانتينى فى ذلك أثراً من ذبح الحمل الفصحى عشيَّة الفصح المجيد كما ورد فى العهد القديم. ونرى فيه أثر الذبح عقب صلاة عيد الأضحى المبارك عند المسلمين ، مع بعض التحوير. ونضيف ، أياً كان الأمر ، أن (كفَّ الدَّم) هذه ما تزال تطبع طلباً للبركة ، وأكثر ذلك على أبواب العقارت والسيارات المشتراة حديثاً. وفى بعض قرى الشمال يستدعون طفلاً حسن الأخلاق ، ويجعلونه يمضغ بعض التمر قبل أن يطلبوا إليه مس شفتى الوليد بلسانه ، أملاً فى أن تنتقل إليه الأخلاق الحميدة مع حلاوة البلح. وفى هذا أيضاً أثر من التقليد الكنسى الذى يُطلب بموجبه عرَّاب (أشبين) لمعموديَّة الوليد يضمن له تربية مسيحيَّة حال وفاة والديه أو غيابهما. وفى حال تعسُّر الولادة فى بعض قرى النوبيين تستغيث النساء ابتهالاً ، باللغة النوبيَّة ، لماريا (السيدة العذراء) لتيسير الأمر على الأم. وقد لفت السيد ابراهيم احمد الانتباه ، ضمن إصدارة (السودان فى رسائل ومدونات Sudan Notes and Records) ، عام 1938م ، إلى أن الأطباق التى يزيِّن بها النوبيون واجهات منازلهم لإبعاد (العين الشريرة) تشكل ، فى حقيقتها ، إشارة الصليب. كذلك يرسم أهل المصاب بمرض خطير ، فى بعض مناطق جبال النوبا ودارفور ، إشارة الصليب بزبل البقر على صدره. وإذا ذهبت أم بطفلها إلى مكان لم يزره من قبل ، ترسم على جبينها وعلى جبين الطفل إشارة الصليب ، ويسمونه (برشام) فى بعض لغات الفور (السودان فى رسائل ومدونات ، 1928م). ويشمل احتفال الزفاف عند بعض الفور ذبح ضحية ، وقيام شيخ القرية برسم إشارة الصليب بدمها ، أو ببعض الدهن ، على جبينى العروسين ، فى طقس أشبه (بحفلة الاكليل) عند المسيحيين. ويعاد هذا الطقس على العروسين عندما يرزقان بطفل. وفى اليوم السابع للولادة ، عند بعض الفور أيضاً ، ترسم إشارة الصليب بالكحل على جبين الوليد. وتمارس بعض قبائل جنوب النيل الأزرق طقس رسم إشارة الصليب بفحم الحطب على جبين الوليد ، وبالتراب على صدور الفتيان المرضى أو المصابين بالاعياء. واستطراداً فإن مستعربين مسلمين كثر اعتادوا ، دون أن يستشعروا أدنى تعارض بين معتقداتهم الدينيَّة وبين هذه الترميزات الثقافيَّة ، أن يعلقوا تميمة (المشاهرة) على الحائط مباشرة فوق رأس الأم النفساء طوال مدة رقادها ، والصليب مكون أساسى فى هذه التميمة.
*** أما فى العصر الحديث فإن للجماعة القبطيَّة الأرثوذكسيَّة ، تحديداً ، فى بلادنا ، مثلما للطائفتين المسيحيَّتين الأخريين: الكاثوليكية ، صاحبة الكنيسة الأقدم ، والبروتستانتيَّة (الانجيليكانيَّة) ، وجود لا تنكره العين إلا من رمد فى الشمال والوسط وبعض المناطق فى الغرب ، كجبال النوبة وغيرها. ويعود تاريخ بروز الأقباط الأرثوذكس ضمن التركيبة الاثنيَّة فى السودان إلى ما قبل الحقبة الاستعماريَّة بعقود طوال. غير أن الفترة الممتدَّة من بواكير القرن الماضى شهدت تزايداً ملحوظاً فى تعدادهم ، وكثافة غير مسبوقة فى وجودهم كجماعة متميِّزة. فعلى الرغم من أن الادارة الاستعماريَّة كانت قد حظرت تبشير الكنيسة الأرثوذكسيَّة فى الجنوب ، لأسباب سياسية متجذرة ، بالأساس ، فى عدم رغبتها فى تمدُّد النفوذ المصرى إلى تلك البقاع ، وقصرها السماح بالنشاط التبشيرى على الكنيستين الأخريين ، إلا أن احتياجها للكوادر المصريَّة المدرَّبة أجبرها على استقدام أعداد كبيرة منهم ، وجلهم من الأقباط الأرثوذكس ، من صعيد مصر بالذات ، للاستقرار والعمل فى سلك الادارة ، والحسابات ، والتجارة ، وورش ومحطات السكة حديد ، فى الخرطوم ، وعطبرة ، وبورتسودان ، والأبيض ، والنهود ، وشندى ، وغيرها من مناطق الانتاج الحديث. ما لبث هؤلاء أن جعلوا من نقل شتى المعارف إلى الأهالى ، فى مختلف ضروب الصنائع وسبل كسب العيش ، مدخلهم إلى المجتمعات المحليَّة ، حيثما استقرُّوا. فعكفوا على تعليم الناس فى قاع المجتمع شتى المهارات فى الميكانيكا ، والبناء ، والنجارة ، والحدادة ، والأعمال الكتابيَّة والمحاسبيَّة. وكان طبيعياً أن يشكلوا ، مع الزمن ، تياراً متميِّزاً فى نهر الثقافات السودانيَّة العريض. فتعاطوا ، بشكل إيجابىٍّ ، مع البيئات المختلفة ، يسترفدونها ثقافة الأزياء ، والزينة ، والأطعمة ، والجوار ، وتقاليد الأفراح والأتراح ، وطقوس رمضان ، والمولد النبوىِّ الشريف ، وعيدى الفطر والأضحى ، ويرفدونها ، بالمقابل ، بما فى أيديهم من ثقافة الأزياء ، والزينة ، والحلى ، والاحتفاليات العائليَّة ، والمعاملات التجاريَّة ، والمطبخ الشرقى ، وشمِّ النسيم ، وعيد الميلاد المجيد ، وما إلى ذلك. هكذا ظلت (القبيلة القبطيَّة) تواصل أداء دور مهمٍّ لا غنى عنه ، بل وريادىٍّ فى كثير من الأحيان ، منذ مطالع القرن الماضى ، على صعيد الترسيخ العملى لقيم (السلام) و(التسامح) و(الوحدة). كما ظلت لها مساهماتها الواضحة فى شتى حقول النشاط المدنى. فالمكتبة القبطيَّة التى تأسَّست عام 1908م تعتبر أقدم مؤسسات المجتمع المدنى فى البلاد ، وتحتوى على نحو من عشرة ألف كتاب فى مختلف حقول المعرفة ، علاوة على ثروة من الوثائق النادرة ، وعضويَّتها مفتوحة لكل السودانيين. ومِمَّا يجدر ذكره أن لائحتها قد عُدِّلت ، مرَّة ، لإهداء ستة مجلدات من مخزونها القيِّم لدار الوثائق القوميَّة. وقد عثر المؤرخ يونان لبيب رزق بين هذه المجموعة ، بمساعدة العالم الراحل أبو سليم ، على الوثيقة الأساسيَّة التى أمكن بموجبها حسم التحكيم الدولى حول (طابا) لصالح مصر ضد إسرائيل. كما وأن وزارة الثقافة المصريَّة تزوَّدت من أرفف هذه المكتبة ، بعد ثورة 23 يوليو 1952م ، بنسخ نادرة أعادت طبعها من (أصل الأنواع) لشبلى شميل ، و(حرب النهر) لونستون تشيرشل ، و(عشر سنوات فى أسر المهديَّة) للأب جوزيف أوهلدر ، بعد نفاد طبعاتها الأولى التى كانت قد صدرت من مطبعة بولاق بالقاهرة فى أوائل القرن الماضى. ومنذ فجر الحركة الوطنيَّة ظلت دوائر الأحزاب السياسيَّة ، كجزء من مؤسَّسات المجتمع المدنى ، تضمُّ ، عبر مختلف الفترات ، رموزاً قبطيَّة ناشطة بين قياداتها وقواعدها ، كتادرس عبد المسيح (عضو مجلس الشيوخ سابقاً) وجوزيف صبَّاغ وإبنه لطيف فى حزب الأمة ، ووديع جيِّد وعبد الله النجيب وحنا يسَّا البيباض فى الاتحادى الديموقراطى ، وموريس سدرة وسمير جرجس وميشيل اسطفانوس وجرجس نصيف فى الحزب الشيوعى ، على سبيل المثال لا الحصر. ضف إلى ذلك كله كيانات ومؤسسات النشاط الاجتماعى للأقباط الأرثوذكس ، كالنادى القبطى وجمعيات أصدقاء الكتاب المقدس وما إلى ذلك.
*** فى خلفيَّة هذه الحقائق وغيرها تتجلى المفارقة المأساويَّة بوضوح حين ننظر اليوم فى ما انتهى إليه هذا الحضور الريادى ، فلا نجد ، إلا فى ما ندر ، غير ضعف مشاركة المجموعات المسيحيَّة فى الحياة العامة ، بل غيابها شبه التام عن أنشطة المجتمع المدنى ، وانزوائها الكامل كما الجاليات المعزولة! وقد لا يحتاج الباحث إلى كبير عناء ليعود بتاريخ هذه الظاهرة إلى أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضى. وهى الفترة التى شهدت بداية الارهاص الجدى بتدشين مشروع الدولة الدينيَّة الذى أنجز أولى حلقات تمظهره الكيفى بإصدار وتطبيق قوانين سبتمبر 1983م باسم الشريعة الاسلاميَّة ، ثم عاد لاحقاً إلى مراكمة عناصر حركته بذات الاتجاه فى ظل الظروف التى تمخضت عنها الانتفاضة الشعبيَّة بين أبريل 1985م ويونيو 1989م ، حيث استكمل خطوته التحويليَّة نحو حل قضيَّة السلطة عن طريق الانقضاض المسلح على الديموقراطيَّة الثالثة. صحيح أن الأقباط شهدوا ، خلال تلك الفترة ، من عنت المعاش والثقافة والاجتماع ، ما لم يشهدوا طوال قرن بأكمله ، بما فى ذلك التشريد الذى طال أندر كفاءاتهم فى سلك الادارة والمصارف وخلافه. ولكن الصحيح أيضاً أن المسلمين أنفسهم أضيروا ، ربما بأكثر من المسيحيين ، من مشروع التيار (السلطوى الاستعلائى). وليس سوى مكابر من ينكر أن هذا المشروع لم يعدم مساندة مسيحيين بين الجنوبيين الكاثوليك والأقباط الأرثوذكس. كما وليس سوى مكابر من لم يلمح ، فى ملابسات الحرب التى جرى تصويرها على أساس دينى ، كيف أن المسلم قد قتل بيد المسلم ، والمسيحى بيد المسيحى. لذلك ينبغى الكف عن الترويج للمشكلة كما لو كانت قائمة بين المسيحيين ، بمن فيهم الأقباط ، ككتلة متجانسة ، وبين المسلمين ككتلة متجانسة مضادة. إن فضل (اتفاق السلام) الذى أبرم مؤخراً بين نظام الانقاذ وبين الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبى لتحرير السودان ، لا يعدو ، حتى الآن ، فضيلة إسكات البنادق ، أما كل ما عدا ذلك، كتعميق الديموقراطية ، واعتماد عدالة التنمية الشاملة ، ونبذ الاستعلاء بالدين أو الثقافة أو اللغة أو العرق أو خلافه ، فهو مِمَّا لن يتحقق بغير الضغط الحثيث من المجتمع المدنى. وغافل من يكِل عمل المجتمع المدنى إلى الدولة! ولعلَّ أهمِّ مهام المجتمع المدنى ، فى هذا الاطار ، الدفع باتجاه ترميم اطمئنان كلِّ التكوينات الاثنيَّة بالوطن ، بمن فيهم قبيلة الأقباط الأرثوذكس ، واستعادة دورهم فى ساحات النشاط الاجتماعى العام. وأوجب ما يجب الانتباه إليه على هذا الطريق إزاحة العقبة التى يشكلها الاستعلاء ، فلولا ميراث الاستعلاء البغيض ، لما أضحى فضل الثقافة العربيَّة الاسلاميَّة فى السودان مجحوداً إلى هذا الحدِّ من التعانف حولها ، ولما احتاج ، بنفس القدر ، فضل الأثر المسيحى فى حياتنا ، وتحديداً القبطى الأرثوذكسى ، لمن يؤكده ، لا بكلمة تاج السر مكى ، ولا بمقالتى هذه.
26 مارس 2005
# posted by Samir Gergis : 8:27 AM 0 comments
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: الفاتح يوسف جبرا)
|
التحية للحبيب نصار
وشكرآ أخ محمد القاضى لجلب هذا المقال
رحم الله سـمير جرجس
وكل عام وأنت بخير
هذا الجزء ملاحظة لم أنتبه لها .
Quote: والواقع أن للمسيحيَّة ، عموماً ، أثرها العميق الماثل فى الكثير من الثقافات السودانيَّة ، والذى ظلَّ يتحدِّر إليها من العصور القديمة ، حتى يوم الناس هذا ، مِمَّا تعهَّده الأب الدكتور جيوفانى فانتينى بالرصد والتقصِّى فى مؤلفه القيِّم (تاريخ المسيحية فى الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث). من ذلك ، على سبيل المثال ، حرص الأهالى من المستعربين المسلمين فى أغلب المناطق النيليَّة بين وادى حلفا والخرطوم على ممارسة طقس أربعين المولود الجديد ، حيث تحمله الأم إلى النهر ، ترافقها زفة من النساء يغنين ويزغردن ويلوِّحن بأغصان النخيل ، فتغسل وجهها ويديها ورجليها ثم تفعل الشئ نفسه للوليد. ولهذه الممارسة أصل فى ما يعرف عند المسيحيين بعماد الطفل بالغطاس ، وفى تقليد أربعين الولادة كما رسمه (سفر اللاويِّين) ، وما يزال متبعاً فى بعض الكنائس الشرقيَّة بمصر وأثيوبيا ، وربما أدمجت فيه طقوس مسيحيَّة أخرى كطقس (دخول الوالدة إلى الكنيسة). وشبيه بهذا طقس (ماريا) ، بعد الولادة بيومين أو ثلاثة ، حيث تحمل القابلة الوليد فى زفة مماثلة ، فى بعض قرى النوبيين (الحلفاويين والسكوت والمحس والدناقلة) ، وتحمل امرأة أخرى طبقاً مصنوعاً من الأعشاب توضع فيه أدوات التوليد ، ونفايات البيت ، وقرص من الخبز ، فيرمى هذا الطبق بمحتوياته فى النهر. ثم بعد الفراغ من عملية غسل وجه ويدى ورجلى الوليد ، أو تغطيسه فى الماء مع ترديد عبارة "أغطسك غطاس حنا" ، تبركاً بيوحنا المعمدان ، تعود الزفة بشئ من ماء النهر ليحفظ فى البيت بضعة أيام قبل دلقه. وأصل هذا التقليد موجود فى طقس رتبة المعموديَّة ، وفى نقل المسيحيين بعض الماء المبارك لحفظه فى البيوت. ويُضحَّى فى مثل هذه المناسبة بذبيح لا يكسر منه عظم. كما يُطبع على جدار البيت رسم كفٍّ مغموسة فى دم الضحية. ويرى الأب فانتينى فى ذلك أثراً من ذبح الحمل الفصحى عشيَّة الفصح المجيد كما ورد فى العهد القديم. ونرى فيه أثر الذبح عقب صلاة عيد الأضحى المبارك عند المسلمين ، مع بعض التحوير. ونضيف ، أياً كان الأمر ، أن (كفَّ الدَّم) هذه ما تزال تطبع طلباً للبركة ، وأكثر ذلك على أبواب العقارت والسيارات المشتراة حديثاً. وفى بعض قرى الشمال يستدعون طفلاً حسن الأخلاق ، ويجعلونه يمضغ بعض التمر قبل أن يطلبوا إليه مس شفتى الوليد بلسانه ، أملاً فى أن تنتقل إليه الأخلاق الحميدة مع حلاوة البلح. وفى هذا أيضاً أثر من التقليد الكنسى الذى يُطلب بموجبه عرَّاب (أشبين) لمعموديَّة الوليد يضمن له تربية مسيحيَّة حال وفاة والديه أو غيابهما. وفى حال تعسُّر الولادة فى بعض قرى النوبيين تستغيث النساء ابتهالاً ، باللغة النوبيَّة ، لماريا (السيدة العذراء) لتيسير الأمر على الأم. وقد لفت السيد ابراهيم احمد الانتباه ، ضمن إصدارة (السودان فى رسائل ومدونات Sudan Notes and Records) ، عام 1938م ، إلى أن الأطباق التى يزيِّن بها النوبيون واجهات منازلهم لإبعاد (العين الشريرة) تشكل ، فى حقيقتها ، إشارة الصليب. كذلك يرسم أهل المصاب بمرض خطير ، فى بعض مناطق جبال النوبا ودارفور ، إشارة الصليب بزبل البقر على صدره. وإذا ذهبت أم بطفلها إلى مكان لم يزره من قبل ، ترسم على جبينها وعلى جبين الطفل إشارة الصليب ، ويسمونه (برشام) فى بعض لغات الفور (السودان فى رسائل ومدونات ، 1928م). ويشمل احتفال الزفاف عند بعض الفور ذبح ضحية ، وقيام شيخ القرية برسم إشارة الصليب بدمها ، أو ببعض الدهن ، على جبينى العروسين ، فى طقس أشبه (بحفلة الاكليل) عند المسيحيين. ويعاد هذا الطقس على العروسين عندما يرزقان بطفل. وفى اليوم السابع للولادة ، عند بعض الفور أيضاً ، ترسم إشارة الصليب بالكحل على جبين الوليد. وتمارس بعض قبائل جنوب النيل الأزرق طقس رسم إشارة الصليب بفحم الحطب على جبين الوليد ، وبالتراب على صدور الفتيان المرضى أو المصابين بالاعياء. واستطراداً فإن مستعربين مسلمين كثر اعتادوا ، دون أن يستشعروا أدنى تعارض بين معتقداتهم الدينيَّة وبين هذه الترميزات الثقافيَّة ، أن يعلقوا تميمة (المشاهرة) على الحائط مباشرة فوق رأس الأم النفساء طوال مدة رقادها ، والصليب مكون أساسى فى هذه التميمة. |
فى المسـالمة توجد علاقة أكثرعمقآ . يحلف النسـاء بمريم قدوس (السيدة العذراء) وكان الناس يأتون بالقسيس ليصلى لمرضاهم . وكانت الخالة آمنة صبير رحمها الله تصوم صيام السـيدة العذراء وتزبح فى زكرى القديس مارجرحس وترعى دراويش حمدالنيل .
وتمتلئ الكنائس فى الأعياد والأفراح والأحزان جنب الى حنب بدون أى إحسـاس بالمجاملة بل بالمشاركة التامة .
رحم الله الزمان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: رأفت ميلاد)
|
فى المسـالمة توجد علاقة أكثرعمقآ . يحلف النسـاء بمريم قدوس (السيدة العذراء) وكان الناس يأتون بالقسيس ليصلى لمرضاهم . وكانت الخالة آمنة صبير رحمها الله تصوم صيام السـيدة العذراء وتزبح فى زكرى القديس مارجرحس وترعى دراويش حمدالنيل .
وتمتلئ الكنائس فى الأعياد والأفراح والأحزان جنب الى حنب بدون أى إحسـاس بالمجاملة بل بالمشاركة التامة .
رحم الله الزمان
رأفت يا بحة ما تجي نلخبطهم مع بعض ونرتاح !!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: Mohamed Elgadi)
|
Quote: "ربنا يحفظ ليكم زوجاتكم و أزواجكم" نكاية فيكم !! |
اللهم آمين ويحفظ السيدة حرمكم يا عادل
ويرجعها بجاه العدرا ليك سالمة الليلة
قبل بكرة ... اللهم آمين !!!!!!!!!!!
وبهذه المناسبة نحيي أخانا إرنست (سوداني عجوز)
ونقول ليه كل سنة وانت طيب ولأنه رجل صالح مجاب
الدعاء نستحلفه أن يقول للدعاء الفوق ده آمين ....
ورجاء لكل من يقرأ هذا البوست أن يدعو معنا برجوع السيدة
الجليلة حرم أخينا مولانا عادل ان ترجع بالسلامة قبل يوم الجمعة
بجاه كل الرسل ياااااااااااااااارب !!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الى مولانا عادل سمير ورأفت مبلاد وجميع الأخوة الأقباط الأماجد عيد ميلاد مجيد (Re: فاروق حامد محمد)
|
Quote: اللهم آمين ويحفظ السيدة حرمكم يا عادل
ويرجعها بجاه العدرا ليك سالمة الليلة
قبل بكرة ... اللهم آمين !!!!!!!!!!!
وبهذه المناسبة نحيي أخانا إرنست (سوداني عجوز)
ونقول ليه كل سنة وانت طيب ولأنه رجل صالح مجاب
الدعاء نستحلفه أن يقول للدعاء الفوق ده آمين ....
ورجاء لكل من يقرأ هذا البوست أن يدعو معنا برجوع السيدة
الجليلة حرم أخينا مولانا عادل ان ترجع بالسلامة قبل يوم الجمعة
بجاه كل الرسل ياااااااااااااااارب !!!!! |
شنو المعايدة النكد دي ؟!!
دا طرفي من بوستك دا !!
| |
|
|
|
|
|
|
|