عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 04:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالغني كرم الله بشير(عبدالغني كرم الله بشير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-20-2008, 02:07 PM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد

    ونحن في عهد الطلب وحمية البحث عن المعرفة
    كان يهومّ بنا أستاذي ومن رسم لنا خارطة طريق المعرفة وكيف تؤتي من رقابها..
    دكتور حسن عباس صبحي :رحمه الله واحسن اليه
    كان يشحذ الهمم للبحث والمعرفة ...
    يفتح بصائرنا ... يقوي ذائقتنا للأدب الراقي
    ويوفز ويحفزّ عقولنا لدرر كوامن في عمق
    واقع أدبنا الشعبي ...
    ويا مرحى به وهو ينفعل ويترنم بروائع الشعر السوداني وعيونه:
    أم بادر والناصر قريب الله ...
    ومسدار الصيد ( كان يعد الحاردلو من أبكار حماة البيئة قبل تنطع الفرنجة )
    يسمق ويسمو وهو يشدو ب :
    الشمّ خوخّت بردن ليالي الحرة
    والبرّاق برق من منة جاب القرة

    كنا نفغر فاه الدهشة في كيف يربط لنا بين الثقافة والمجتمع
    بمثل هذا النوع من الأدب

    وأخيرا يقول لنا : أنظروا للطيب صالح
    من اي المناحي التفت له الغربيون ؟؟
    فنرد : من خلال موسم الهجرة وصويحباتها
    فيرد بصبر الأب :
    إذن المفتاح للعالمية يبدأ من المحلية
    وكان وقد كان ولا زالت المحلية هي الطريق المعبد للعالمية
    وولي شوينكا ...
    ليوبولد سينغور ( رغم كتابته بلغة القوم)
    وصاحب الأشياء تتداعي (Things Fall Apart)
    وغيرهم .... وغيرهم
    وليس أدلّ علي ذلك من نجيب محفوظ ونوبله
    وليس ببعيد :
    ماركيز ... وجورج أمادو ...

    القائمة تطول ...
    ما دعاني لهذه المقدمة هو :
    خبر أفرحني وهزني من أعماقي
    خبر اختيارقصة ( حمار الواعظ)من قبل بروفسور وأستاذ جامعي فرنسي (خافيير لوفين)
    هذا البروف سبق ان ترجم للدكتوراة نوال السعداوي
    هذه القصة نشرت في مجموعة ( آلام ظهر حادة)
    معها 12 قصة اخري ولكنها تمتاز بسودانوية بطلها ( الحمار)
    هذه القصة على لسان حمار يحكي عن حكاوي وملابسات وفتاوي الشيخ جادالله من نواحي النيل الأزرق

    يعري الحمار سيرة سريرة الواعظ في اهماله وضربه له وفعائله التي يقوم بها بعيدا عن الأعين
    وقد كتب عنها الأستاذ صديق محيسي كتابة نقدية عن كامل المجموعة وبتركيز على حمار الواعظ
    في موقع :sudanforall.org

    هذا الكرم الله المولع بريفنا
    وبأشيائنا الحميمة الصميمة
    هو ليس مجنون يا خالد عويس نحن المجانين إن لم نلتفت اليه
    ونوفيه حقه من التبجيل والتقريظ
    وإنحناءات التقدير

    هذا الخبر يؤكد ما قاله أستاذي من قبل
    فايا أخوتي فلنحتفي به
    ولنفرد له حيزا من الإبداع من خلال تناول ما كتب وما سيكتب
    بعيدا عن الأكليشيهات المعلبة
    ( واصل فقد حجزت مقعدي و... فقط على سبيل الاعجاب ... لي عودة ....الخ)
    هذه لا تخلق كاتب ولا تبرئه من عيوب قد لا ينتبه لها
    وهذا بدوره يقودني إلي تسآول ممض فحواه :
    حتام اكتشاف مبدعينا قمين بدهشة الأجنبي ؟؟
    إلى متي ننتظر (الخواجة ) ليتفضل ويشير بسبباته إلى أديب مبدع
    فننتبه له ونقيم الدنيا ولا نقعدها .؟؟؟
    رغم أن عيون الأجنبي لا تخطيء ما هو ابداع
    أين حركة النقد لتناول مثل هذه النصوص المبدعة بالبحث وإعمال أدوات المعرفة النقدية
    فيها لنجلوها للعالمين ؟؟
    بقدر فرحي وغبطتي لصديقي كرم الله
    بقدر لومي لنقادنا في مثل هذا التقصير غير المقصود

    عليه هذه احتفائية علها تواسي ما فرطنا فيه

    ويا خالد عويس ...محسن خالد...
    كمال على الزين ...
    وكثر لم أتعمقهم يعج بهم هذا الفضاء
    أبدعوا فحتما الانصاف قادم نحوكم

    ويا صديقي تمسك بقريتك
    وبزير الموية (ونقاطه)
    وبكل ما هو حميمي ومن صميم عشقك الذي أعرف
    لهذه المنحنيات والدروب
    ومعرفتي به أنه لا يخون مكوناته القروية
    وتمسكه بها
    لخلق عوالمه الابداعية
    من خلال ذاكرة مترعة بهذه
    النواحي التي تملأ اقطاب الروح وتمسك بتلابيب الروح
    ورائحة الطمي وكلبة فاطمة وحمار الواعظ
    كباية شاي وحتى العاب الاطفال من خلال سرد وقائع لمته واخوته
    حول الشاي
    وانعكاس الظلال وما تخلقه في نفس الصبي المبدع فتأتي ( البراد فوق الكعبة)

    رسالة جانبية:
    الأستاذة : سلمى صبحي انفضي الغبار عن
    طائر الليل وأخواتها
    ولي عودات
                  

06-20-2008, 02:14 PM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    أين انتم ؟

    خالد عويس

    كمال علي الزين

    في انتظاركم
    بهاء
                  

06-20-2008, 03:00 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)


    الأخ بهاء
    سعيد والله للصديق عبدالغني، وهو قلم وروح وفكر يستحق احتفاءا كبيرا فعلا. والبروفسير لوفين - من جامعة بروكسل - يقوم بمجهود كبير جدا، وهو الآخر يستحق احتفاء المثقفين السودانيين، وسبق أن ترجم لي - مع زملاء وزميلات من المبدعين والمبدعات السودانيين والسودانيات - فصلا من رواية (وطن خلف القضبان) إلى الفرنسية ضمن برنامج الماجستير للقسم الذي يرأسه في الجامعة، وسعدت غير مرة بالتحدث إليه.
                  

06-20-2008, 03:13 PM

tayseer alnworani
<atayseer alnworani
تاريخ التسجيل: 07-30-2007
مجموع المشاركات: 1500

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: خالد عويس)

    بهاء شكرا لهذا البهاء

    عبدالغنى هذا الاسم ملى باسرار الابداع و الجمال و مهما تكن الاكتشافات فهو كنز
    محتاج منا سبر اغواره


    مبروك عبد الغنى
    شكرا بهاء
                  

06-21-2008, 03:05 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: tayseer alnworani)

    ا

    الأخت : العزيزة : تيسير :


    لا يعرف المبدع الحقيقي إلا مبدع مثله

    شكرا لك على التعليقوكرم الله يستحق أكثر


    الأخ : خالد :
    هل عرفت الآن كم هو مجنون هذا الكرم الله؟؟

    لكنما جنون محبب ، جنون إبداعي
    أهلا بك ولنحتفي به

    لكما الشكر أجزله
    ومعا من أجل إبداع محلي يغزو العالمية

    بهاء
                  

06-21-2008, 04:23 AM

فضيلي جماع
<aفضيلي جماع
تاريخ التسجيل: 01-02-2004
مجموع المشاركات: 6315

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    الأخ بهاء
    كم أطربني هذا الخبر والذي أرجو أن يكون حافزاً للقاص المبدع ، الشاب الخلوق عبدالغني كرم الله. أعتز كثيرا بأني كنت من أوائل الذين كتبوا مقالا نقديا مطولا عن هذا الكاتب الشاب إن لم أكن أول من قدم
    للقارئ عبر جريدة (الصحافة) السودانية مجموعته القصصية الأولى (آلام ظهر حادة). كان ذلك قبل قرابة العام ونصف العام إن لم تخني الذاكرة.
    إن الساحة الثقافية السودانية حبلى رغم كل شيء بالرائع والمدهش بإذن الله . أقول هذا وأنا استحضر في الذاكرة نتاج العديد من الموهوبين الذين يحتاجون فقط للمنبر الإعلامي الجاد لتسليط الضوء على أعمالهم. أكتب وفي ذاكرتي أكثر من إسم برزوا في الآونة الأخيرة في فن السرد القصصي Narrative fiction سواء أكان ذلك في مجال الرواية أم القصة القصيرة ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: الدكتور أمير تاج السر ، محسن خالد،الحسن بكري، حامد بدوي (والأخيران فاز نصاهما على التعاقب بجائزة الروائي الطيب صالح التي يشرف عليها مركز عبدالكريم ميرغني) ،أحمدالملك (وقد ترجم له نفس البروفيسور رواية إلى الفرنسية)يوسف عزت الماهري، شاهين شاهين ، خليفة الصادق ، ستيلا قاتيانو (آسف لوأخطأت في كتابة الإسم) ، سلمى الشيخ سلامة ، خالد عويس ، عبدالغني كرم الله وآخرون لا تسعفني الذاكرة باستحضار اسمائهم في هذه العجالة.

    (عدل بواسطة فضيلي جماع on 06-21-2008, 04:27 AM)

                  

06-21-2008, 04:38 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: فضيلي جماع)

    أستاذي وتاج رأسي
    الأستاذ : فضيلي جماع

    هذا شرف كبير أن تشرف هذا البوست
    فقد كانت أشعارك ولا زالت هي مزاميرنا
    التي نتغنى بها ونحن يفع
    وها قاربنا الاكتهال
    ولا زلنا نجدها طازجة بأفانين الابداع
    ولا زالت هي ما يلطف هجير غربتنا
    وسموم ما يدث في الداخل

    ونحن نحتفي بمبدع آخر من مبدعي بلادي

    هؤلاء الشباب هم من يمهد الطريق
    لجيل جديد من الابداع ورسم خارطة
    لمعالم طريق رغم آلام الحاصل والذي يحدث
    في بلادنا

    لك تقديري وشكري
    خارج النص:
    تشرفت في زمن ما بتدريس ابنكم النابه المسؤول
    نمر علي جماع
    ولازلنا في تواصل مستمر
    وهو في ماليزيا
    وقد زرتهم هناك العام قبل الماضي
    وتمتعت ( بتقلية الحاجة وكسرتها الما خمج)
    لك ولهم ودي العاطر
    وأهلا بك مرة أخرى
    وكن بعافية الروح
    بهاء/طوكيو
                  

06-21-2008, 05:26 AM

محمد سنى دفع الله
<aمحمد سنى دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-10-2005
مجموع المشاركات: 11025

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    اخوي بهاء
    شكرن جميلا
    لهذه الأضاءة
    نحن لا نلمع ولا نهتم بفنانيينا الا اذا !!!
    نالوا صفقة من بلاط الأدباء في بلاد برة
    هذا حقيقي وعلينا تغيره
    هذا مهم ومهم جدا كنا طلبه في المعهد
    ودار سؤال لماذا نمثل كل المشاهد من المسرح الأجنبي
    وكانت الأجابة ان وضعت في المنهج مشاهد سودانية بل وصلنا
    الى ان الدبلوم الصغيرة والكبيرة تكون بها اعمال سودانية لحما ودم
    كلية الفنون الجميلة لهم رحلات في ربوع السودان يتناولوا فيها بالرسم
    الموتيفات المحلية وهي التي اوصلتهم الى العالمية
    القضية فينا..
    المسرحيون يعتقدون ان هناك مسرح لم يرتادوه في الوقت ان المسرح السوداني متميز وله تجارب غير مسبوقة
    شكرن بهاء وانت تفتح ملف الأحتفائية بنصر ادبائنا وفنانينا
    وعبد الغني احد هولاء الكتاب الذين سوف يبهروا العالم بالجديد
    عبد الغني الشاب البسيط الهادي ـ خارجيا ـ ولكنه من الداخل يتفجر ابداعا
    له في الغناء والمديح سلطنة
    ويهوش هوشة المجذوب امام الجمال
    وتستحوز الفكرة عليه تماما
    اقول ليك سر يابهاء
    هذه الأيام نضع لمخطط لكتابة مسرحية مستقاة من كتاب
    (( الطبقات ))
    تأليف عبد الغني كرم الله ومحمد السني
    كتابة دراماتورجية على نصوص القصص المدونة في الكتاب
    والتي يقول عنها د. مصطفى المبارك
    انها من اولى القصص المكتوب في العالم
    اها ارحع ليك لي زولي
    جاني عبد الغني وهومندهش ومتحمس ومذهول
    طفل اكتشف لعبة جديدة
    (( يازول والله ده شئ عجيب وين ناس الواقعية السحرية وين ناس الفن المتجاوز وووو

    عارف عبد الغني يجمع ما بين تواضع الصوفية وزهد الصالحين ..
    لهذا الكتابه عنه فرض ...
    شكرن بهاء
    محبة وسلام
                  

06-21-2008, 08:44 AM

محمد الطيب حسن
<aمحمد الطيب حسن
تاريخ التسجيل: 03-31-2007
مجموع المشاركات: 1609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محمد سنى دفع الله)

    Quote: وعبد الغني احد هولاء الكتاب الذين سوف يبهروا العالم بالجديد
    عبد الغني الشاب البسيط الهادي ـ خارجيا ـ ولكنه من الداخل يتفجر ابداعا
    له في الغناء والمديح سلطنة
    ويهوش هوشة المجذوب امام الجمال
    وتستحوز الفكرة عليه تماما
                  

06-21-2008, 09:03 AM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    Quote: إذن المفتاح للعالمية يبدأ من المحلية


    و ما العالمية بمطلب لمن التحم بذرات وطنه ...

    الابداع لا يحتاج لجوازات سفر،

    وعبد الغني (غني) بمحليته!




    شكرا يا بهاء ...
                  

06-21-2008, 09:26 AM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عزاز شامي)

    Quote: وعبد الغني (غني) بمحليته!
                  

06-21-2008, 12:37 PM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Ishraga Mustafa)

    شكرا لك أستاذي السني :
    ويبدو أن شهادتك مرجوحة في عبدالغني مثلي
    ليه؟
    أقول ليك لأننا بنحب ابداعه وجنونه الموزون
    حينما تتحدث إليه ( ي ن س ر ب ) لدواخلك
    بعفوية لا يقوى عليها إلا من كان في مقامه
    هادي هدوء دافيء ما بين ابتساماته و ( تعرف بتاعتو ديك)
    هو هكذا عبد الغني
    وهو غني بروحه ووجده
    وهو يدوم في ملكوتات يعرفها لوحده
    فتبهرنا
    دكتور إشراقة العزيزة :
    المتوهجة بعقلها
    الأخت عزاز العزيزة :
    لم أقصد إحتفاء بالوصول للعالمية ( رغم أنها ليست عيبا
    أن نباهي بمبدعينا ، وأرى أن هذا الفرق بيننا وبين شعوب الله في الأرض
    نتواضع لدرجة مخلة وغيرنا يملأ الآفاق ضجيجا بما هو أدنى مما عندنا)

    رغم ذلك ليس من رأي اللهاث وراء الأضواء العالمية
    ولكني أركز على ذات الإتجاه :
    في أننا لم نحتف بمن ينتبه له الأجنبي
    وهو ابن أمٍّ منا ربته على هذا الحكي الممراح القابع في ذواتنا
    ولا ننتبه إلا إذا نوه به هؤلاء الفرنجة ؟
    عتبي في أننا لا نهتم بهم فهم منا ونحن منهم
    ويعبرون عن أشواقنا
    ومالآت أحلامنا
    ووجعنا
    وفجيعتنا
    فرحنا وعربدته
    وحزننا وصمته
    لهذا ندخرهم
    ونجثو لديهم
    أن هبونا مما عندكم
    قبسا للغد
    ولأطفالنا القادمين
    أهلا بكم في حضرة صديقي
    المجنون
    لكن بمززززززززززززززاججججججججججج
    ولكم ود عاطر
    بهاء

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 06-21-2008, 12:40 PM)

                  

06-21-2008, 01:46 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)



    أخوي بهاء

    وأنت، هناك، في البلاد التي ترسم كتابتها، وتصنع لنا البكاسي، التي نملح على ظهورها وهي في طريقها لسوق الشيخ، أو تمبول، وعلى ظهرها معاز، وبشر وجداد...

    والله أطربني صوتك، وأنت سعيد بحروفي المتواضعة، وشن فايدة الكتابة إن لم تواسي زول في غربتو، لقمة في بطن جائع، خير من بناء ألف جامع، فرح الحقيقي، أفرحني، لأني مشغول بذوات منسية، أبطالي اللذين احبهم، فيهم من لم يرى (البقعة/الخرطوم)، ليوم الناس هذا، وفيهم من ططمم بطنه قزازة الكولا، وفيهم من يضبح غنمايته لأي ضيف طاري نص الليل، وفيهم أحجار، ابطالي احجار وازيار، وكلاب، وخيران، ودروايش، وسواق بكس لسوق الشيخ، وأكياس نايلو، وخوار ذل لبقرة ذبحت، ورائحة طمي تتسلل بهدوء من ضفة النيل عند المغربية، (ياخي شوف ليك موضوع كارب وكبير اكتب عنو، هكذا وبخني بعض الاخوة..

    يقول شيخنا العظيم ماركيز، عليك أن تكتب عن (الاشياء التي تحبها،والاشياء التي تعرفها)، وأخوك مهجس بهذه الاشياء، لأني حين اكتب عنها كمن يرسم في كف يده، يرى الخطوط، ويعرف كفه، وسيرتها وسيريرتها، هل سرقت، لامست صدر حبيب، توضأت، داعبت زهرة، أو صفعت خد، أو عزفت على وتر، فهي كفك، معك قبيل الميلاد، ومعك بعد الدفن، أللهم إلا اذا سلط عليها قانون سبتمر83، واجتثها من الكتف.. لسرقة القوت، والكفاف وليس الكماليات المشتهاة..

    عميق شكري لعناء اتصالك بالامس، وفي المرات السوابق، وحديثنا الذي لا يجري سوى في المحبة والابداع في بلادي، وتفقد رعية الابداع، وسؤالك اليومي الجميل عن خالد عويس وتلفونه (والله ما معاي تصدق)، وعن كمال الزين السمح،...

    لا شك استاذي الجميل الفاضل والمتفرد الشاعر والكاتب الكبير فضيلي جماع، شجعني بصورة تخرج عن التصور، وسوف انزل مقاله، ورسائله لي، فقدكانت جذوة تشتعل فيني، ونقده الاصيل الصادق..

    وطبعا بروفيسور لوفين اختار قصة (حمار الواعظ)، مع الاخوة (ساكن، احمد المك، استيلا، رانية، هشام)، وقبل ذلك المخضرم شوقي بدري، والغريبة كل هؤلاء لي معرفة بهم لصيقة، ماعداء المخضرم شوقي بدري، سوى كتاباته، وكتابه المميز’ بتقديم احمدعبدالمكرم (حكاوي ام درمان)...

    ولأن القصص كالابناء، فأسعود لم اختار (حمار الواعظ)، من مجموعةتضم 12 قصة...وهي تكاد
    تصور حياة واعظ في قرية على ضفاف النيل الازرق....


    عميق محبتي، اخوي بهاء، على كتاباتك المتفردة، والعميقة، والشاعرية معا، وزي ما قلت في بوست خالد عويس، والله الواحد تأكد له بأننا شعب كتااااااااااااااب، عشان كدة احسن الواحد يقرأ بس، ويقف وراء الضلفة، من سطوة هذه الكتابات الذكية المروحنة..

    المحبة الزايدة...





    مساء الجمعة/الدوحة
                  

06-21-2008, 05:21 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    تجليات الوجود في:
    "آلام ظهر حادّة"، للقاص :عبدالغني كرم الله
    "أنسنة" الحيوانات والأشياء ، في الحدث اليومي!
    بقلم : فضيلي جماع




    في السودان اليوم أكثر من تيار في القصة القصيرة والرواية ، يغلب عليها جميعها إنزواء صوت الآيديولوجيا الذي كان السمة الأساسية للتيارات الإبداعية في الفترة بين منتصف الستينات وبداية ثمانينات القرن الماضي. من حيث الشكل واللغة يلاحظ القارئ أن هناك تطوراً نوعياً يأتي كإضافة لما كان في الساحة حتى الثمانينات . وبما أن تجليات الواقع بكل تقلباته السياسية والإقتصادية تمثل أحد أهم شروط إنتاج العمل الإبداعي فإنّ قراءة سريعة لبعض نماذج القصة القصيرة في السودان في العقدين الأخيرين تفصح عن منتج جديد يحمل تفرداً - ليس في الشكل والمضمون فحسب - بل في الصيغ الجمالية للقصة. ونعني بجماليات القصة بعض الصنعة التي تمنح الوسيط اللغوي المحدود حيوية حين تنقله من مجرد كونه ماعوناً للحكاية إلى رؤية جمالية متفردة في عصب البناء القصصي.
    يصف الكاتب المغربي مصطفى جباري هذه المعادلة بقوله: "إنّ الحكاية وحدها لا تنتج قصة، واللغة وحدها لا تنتج قصة ، لأنهما لا ينتجان رؤية بالمدلول الجمالي للكلمة بمعزل عن الصيغ الفنية والجمالية ، وهذه تأخذ شكل صنعات تنمذج اللغة من خلال بعض الوسائط ، فتنطبع في القصة بناء ومعماراً وإيقاعاً وصورة وتشكيلاً( أصوات وأصداء ندوة في القصة المغربية) ، ص17.
    ولعل جيلاً جديداً في السودان أتيح له - رغم الإحباط القائم- فرصة التلقي المعرفي بغزارة ، عبر انتشار المطبوعة ووسائط النقل المختلفة من راديو وتلفاز وصحيفة وشبكة الإنترنت وغيرها مما جعل تجربته بنت عصرها ، وجعل إبداعه للقصة القصيرة متفرداً.
    أكتب اليوم عن صوت جديد في القصة القصيرة السودانية في نسختها العربية..(وأقول نسختها العربية لأن هناك قاصين سودانيين يكتبون بالإنجليزية، مثل: آلفريد تابان ، جمال محجوب و ليلى أبوالعلا وغيرهم). ما زالت القصة السودانية - منذ خليل عبدالله الحاج وملكة الدار محمد والطيب زروق مروراً بالطيب صالح وجيل أبوبكر خالد وعلي المك وعيسى الحلو ، وانتهاء بكتابات بشرى الفاضل واحمد الفضل احمد - ما زالت تعيش مرحلة التجريب بحثا عن شكلها وسمتها الخاص.
    بين يدي مجموعة قصصية توسمت في كاتبها الموهبة والقدرة على معالجة هذا الجنس الأدبي معالجة لها مذاق مختلف. تحمل المجموعة القصصية عنوان "آلام ظهر حادة" للقاص السوداني الشاب عبدالغني كرم الله. تتوزع المجموعة من حيث الشكل بين القصة القصيرة وبين الأقصوصة بحجمها المتعارف عليه كجنس سردي يتوسط القصة القصيرة والرواية..إضافة إلى ما درج النقدة وبعض الكاتبين على تسميته بالنص، وهي تسمية أقرب للتعريف المبهم لجنس أدبي ليس سرداً قصصيا ً كاملاً. ولعل الكاتب نفسه وجد المتعة في لعبة التجريب ، فلم تتقيد مجموعته بأي من الأنماط الثلاثة المذكورة ضربة لازب. حول إشكالية التجريب يقول نور الدين صدوق: (كل كتابة إبداعية - مهما كان الجنس الذي تنضوي تحته- إن هي في الجوهر سوى تجريب من بين أهدافه الأساسية التميز عن السابق.) "أصوات وأصداء" ، ص83. وبهذا المفهوم فإن من الجائز إدراج العمل الإبداعي عموماً في دائرة المغامرة ؛ فالتجريب هنا محاولة استكشاف للذات وللوجود من حولها. .إذ أنّ الغاية من الكتابة في الغالب هي طرح أسئلة ، ليس بالضرورة أن تتوفر الإجابة لها في الآن والمكان. يقول محمد امنصور من المغرب في هذا المعنى: (إننا نكتب لنطرح سؤآلاَ على الكتابة والوجود. نكتب القصة لنكشف شيئاَ جديدا، تقنية جديدة، علاقة جديدة باللغة ?وذلك متى امتلكنا القدرة على صياغة أسئلة جديدة تسبر عمق وجودنا الإنساني.)- "أصوات وأصداء" - ص78. يصدق هذا الكلام على مشروع النثر (القصة والمسرح والمقالة) ؛ فالكاتب ناثرا مطلوب منه أن يقف على دلالة الكلمة وما تفصح عنه من فكرة. عليه أن يفصح من خلال الكلمات ماذا يريد أن يقول ؟ على عكس الشاعر الذي تبدو الكلمات في عالمه غاية لا أداة وأنها حمالة أوجه. ولعلّ جان بول سارتر أوجز ذلك حين قال: (واللغة للشاعر مخلوق له كيانه المستقل. ولكنها للمتكلم مجال نشاطه حين يستعين بالكلمات التي تمثل وحدة اللغات. .......فهو محوط بمادة اللغة التي لا يكاد يعي سلطانها عليه - وهي بعد ذلك ذات أثر بالغ في عالمه. والشاعر خارج عن نطاق اللغة - يرى الكلمات من جانبها المعكوس - كأنه من غير عالم الناس.) "جان بول سارتر - ما الأدب؟ ترجمة د. محمد غنيمي هلال" ص34- وانطلاقاَ من هذا الفهم لمدلول الكلمة عند القاص تتوقف درجة النجاح أوالفشل في قيمة السرد القصصي. من حيث مواعين الكلام واستخدام المفردة ودلالتها أستطيع أن أقول إن لغة السرد عند عبدالغني كرم الله ثرة وحية . تطفر منها هنا وهناك إشارات ثقافة قرآنية وحكمة للمتصوفة دون تكلف أو حذلقة.
    ولعل أول ما يلفت نظر القارئ لهذه المجموعة غرابة أبطال قصصها - إذ أنّ معظم "الشخصيات" الرئيسية في هذا العمل ليسوا أشخاصا بشراً!! فالأقصوصة التي حملت المجموعة عنوانها يروي أحداثها نعال..أي نعم "جوز حذاء"..(أنا زوج حذاء رجالي مقاس 42). وهنالك قصة بطلتها أنثى كلب - وأخرى تحكي فيها نسمة لرائحة الطمي تجربتهاكنت على يقين - أنا رائحة الطمي -أنّ السفينة ستتأخر.) ص81
    يستعير الوجود في قصص عبدالغني كرم الله النبض الحي للإنسان - أروع مخلوقات هذا الكوكب وأكثرها إبداعاَ. يستنطق كاتبنا الشاب الأشياء العادية في قارعة الطريق ؛ ينفخ فيها روحا وحيوية. الحذاء المدلل داخل "البترينة" يخشى على نفسه أن يرميه حظه العاثر في أصحاب الأرجل الخشنة ؛ يلبسونه ويعبرون به أقذر الأزقة ...هذا - ناهيك عن الرطوبة التي ستتغلغل في عظامي بفضل عرق أرجلهم المشققة - والتي تحشر بداخلي بلا رحمة أو جوارب !) ص8. هذا الحذاء -الذي حملته إحداهن هدية لخطيبها -عاش أسعد اللحظات؛ فكان العين التي ترقب حركات وسكنات المحبوب وهو يسعى خفيفا كالريشة إذ يضرب موعداً مع المحبوبة: ( ولقد لاحظت خفة وزن بني آدم حين يسير مع المحبوب ؛ إنه يكاد يكون بلا وزن? وكأنّ روحه الثملة قد أفنت ثقل جسده ، فيغدو واهناً وكأنه يسير على القمر مثل رواد الفضاء.) ص 13
    لكن أيام الدعة والسكون لا تدوم طويلاً للحذاء المسكين..فقد تسلّل إلى الدار سارق (ودخل الغرفة للسطو على شيء ثمين.) فكان الحذاء الموضوع في صندوق ملفوف بورق السولوفان - لكونه هدية الحبيبة - أول ما وقعت عليه يد اللص. ومن ذاك اليوم لم يكن بالمدينة زقاق مترب أو كثير الطين إلا وديس بالحذاء على تربته الرطبة القذرة. وإذ يبلى الحذاء فإن مكانه القمامة أو ركن قصي بالمنزل في أفضل الأحوال..ويصبح مرتعاً للحشرات والآفات: (في ركن قصيّ تمّ إلقائي ? وكأنّي لم استبسل وأدافع بشجاعة عن سعادة وسلامة وجمال الأرجل البشرية، ليس فيّ سنتمتر مربع واحد إلا فيه طعنة شوكة أو ضربة حصى أو شرخ علبة صلصة .) ص34
    يتميز قلم عبدالغني كرم الله بالسخرية المريرة من سلبيات ابن آدم التي تصاحبه في قيامه وقعوده فيعتادها الآدمي ويجد لها العذر والتبرير. بل إن بعض تلك العادات البشرية الذميمة تصبح سجناً لبعض الناس حتى تدخلهم تجارب الحياة مآزق ومطبات كانوا في غنى عنها، وسعيد الحظ منهم من أخرجته التجربة من سجنه ، وعتقته من عبودية إدمانه السلبيات ، فيخرج إلى الحياة الرحبة من جديد كما الطفل .
    يحكي قصة "كلبة فاطمة" طالب فاشل ، لا يجد فرصة للتسلل خلسة من الفصل ومغادرة اليوم الدراسي إلا فعل. لكن الطالب - وهو يتسلل من الحصة الخامسة ذات يوم ليمارس هوايته في تسلق شجرة النيم الضخمة قبالة السوق- يفاجأ بأن ناظر مدرسته المهيب يهرع إلى ذات الشجرة ، ويتسلقها، جالساً على أحد فروعها إلى جواره طالباً النجاة من كلبة فاطمة ! يكثف عبدالغني كرم الله الحدث في هذه القصة - ويشحن التفاصيل الدقيقة بدراما تجعل التوتر عالياً من أول سطر في القصة حتى نهايتها ، فكأنما أريد للسرد أن يجئ ساخناً وسريعاً وغارقاً في الكوميديا كما الأحداث نفسها. فالقصة تبدأ بالذروة - حيث ساق الحظ العاثر ناظر المدرسة المتجهم ، والصارم ليكون طريدة كلبة فاطمة..فيخلع بنهاية القصة خيلاءه الكاذبة ويعود إلى صورة الإنسان فيه ؛ وقد كان قبل ذلك التاريخ شخصاً من طين آخر طين لا يعرف النكتة والحنان ومسح رؤوس الأيتام ، طين لا يعرف الخوف. كانت حياته محسوبة ، عبارة عن معادلة رياضية ، أي تغير في طرف يخل بالطرف الآخر، خطواته ونظراته ، صورة صارمة وبغيضة يقشعر لها جلد وعيون وشنط وخطوات وكراسات الطلاب.) ص51
    يعطي الإيقاع السريع هذه القصة نفثاً درامياً عالياً ،فالمسرح (ساحة السوق) وهو يكتظ بالجمهور متعدد السحنات والمهن والأغراض ، يجذبه العرض الفجائي الذي جاء على غير موعد أو إعلان. تطلق الكلبة نباحاً داوياً وسط السوق وقد اختارت فريستها على مرأى من هذا الحشد. ثم تبدأ الكوميديا، ينسى الناظر صرامته ووقاره المصطنع ويعطي قدميه للريح. (وكلما اقتربت الكلبة من رجليه نسي جزءاً من الوجود المحيط ، من الباعة والنساء والشماسة وأهل الحي) ص53. تزداد وتيرة الوصف وروعة السرد صعوداً مع الحدث ، حتى لنشعر في حالات أنّ تكثيف السرد والعناية بالتفاصيل المتتابعة إنما هو جزء من معركة الجري والملاحقة بين كلبة فاطمة وطريدتها ناظر المدرسة الذي يبحث عن طوق نجاة: (أما أهل السوق- فالجائع نسي جوعه ، والحرامي أجّل شغله ، والصعلوك همدت رغبته، فقد تأجل البيع والشراء حتى يتفرجوا عليه ، حتى ينسوا همومهم وغمومهم للحظة صغيرة .) ص53
    حررت كلبة فاطمة الناظر من فظاظته وكبريائه الزائف ، وأعادت لساحة المدرسة ضحكات الأطفال ولعبهم دون حذر أو خوف: (لقد خرج من سجنه بسبب الكلبة العجفاء، جنود الله التي لا نراها . لقد غسلته من كل فهم أو عرف قديم صبغ به ، إنه ينظر للحياة نظرة طفل حديث في السبعين من عمره . أما أنا فقد صرت بطل الحكي بالمدرسة . أدركت بأن الناظر مجرد إنسان، يخاف ويحب وينام ، مثلي إن لم يكن أقل مني.) ص61
    لعبة التجريب في العمل الإبداعي فضاء مفتوح ، يصعب السيطرة على مجاذيفه. وفي هذه المجموعة جنس إبداعي يستعير شيئاً من طبيعة السرد القصصي وبعض تداعيات الخاطرة. وهو ما اصطلح بعض النقدة على تسميته أحياناً بالنص ، وهي تسمية كما نرى لا تفصح عن دلالة وطبيعة هذا اللون من الكتابة. وعلى سبيل المثال فإن المقطوعات التي حملت عناوين : "الدجاجة أقوى من الأسد" و"أجمل سباق" و"رقص على طبول النسيم" هي أقرب إلى الخواطر وتداعيات الكتابة في لحظة تحرر من قيود الشكل والنمط . إنها محاولات لسبر غور ما في النفس من أمور قد تكون الكتابة الحرة من كل شكل أحياناً أقرب إلى استيعابها، الشيء الذي يجعلها تتأرجح بين السرد القصصى والخاطرة الشخصية.
    ألفت نظر الكاتب - في ختام هذه القراءة العابرة- إلى بعض المآخذ التي أحدثت بعض الدمل والخدش الطفيف في جسد هذا العمل الجيد بكل المقاييس. وظني أنّ هذه الكراسة لم تجد حظها من المراجعة الدقيقة قبل ابتعاثها إلى الناشر .أقول هذا دون قصد للحط من لغة أديبنا الشاب ، فالقصص في مجملها كتبت بلغة أنيقة ، وغاية في الفصاحة ..لكن ما أعنيه يقع تحت دائرة الإهمال أو الاستعجال ، ولم أر في تجربتي المتواضعة شيئا أكبّ المبدعين على وجوههم مثل الاستعجال والإهمال. وأحسب أنّ جانب القصور في هذا العمل الإبداعي - على قلته - جاء نتيجة التسرع والإهمال. وردت بعض العبارات الفطير -على ندرتها - من حيث الصياغة اللغوية . ترد في الصفحة 37 عبارة تقول : ( أي قسوة هذه تلك التي تواجه بها الحياة النفوس!) يمكن للقارئ العادي أن يلحظ ببساطة تكرار أسم الإشارة مما يخلق ركاكة في التعبير إذ يقول: (...هذه تلك التي تواجه..الخ....). أو أن يقول في ص52فاقشعر نظر الناظر..) ، والقشعريرة مقرونة في الغالب الأعم بالبدن. أو أن يقول في موضع آخر: (في ترديد أغانٍ سمجة ظل يحرمها عن فتيات الحي) ص73 ..والصواب "يحرمها على" وليس عن. أو أن يهمل الصفة تماماً بدل أن يتبعها الموصوف كما ينبغي ، كأن يقول: (يجر عبئاً ثقيل...) إذ ليس من عذر يحذف بمقتضاه تنوين الفتح عن كلمة ثقيل..فالصحيح إيرادها : عبئاً ثقيلاً كما تقضي بذلك ضرورة اللغة ؛ إذ أنها صفة وهي تتبع الموصوف.
    أتسقط كل هذه الهفوات لحرصي على موهبة كاتب أتوسم أن يردّ - هو وآخرون خرجوا من صلب زمن الخيبة والإحباط الماثل - أن يردوا إلى دفتر الإبداع السوداني بعض العافية.

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147505279[/B]
                  

06-21-2008, 06:09 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    لك المجد ايها الكاتب المجيد
    يامن ترى فى (كيس النايلوجمالا )
    يامن تمشى الى النار فى مجامر الحياة
    وتنقب فى بواطن رماد الجذوة
    وتخرج منها ما تخرج لتنير لنا
    لك القبعات ترتفع
    والقامات تنحنى
    كن دائما كما عودتنا
    اصيلا وفجرا يضئ ما عتم على مدى رؤيتنا
    لك كل الامنيات ان تكون شجرة فى فيحاء النظم
    وظلا لكل
    محب للقراءة
                  

06-21-2008, 06:40 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: سلمى الشيخ سلامة)


    لكما معا، الصديقان العزيزان عبدالغني وبهاء

    00971506876803
                  

06-22-2008, 12:05 PM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: خالد عويس)

    (كل كتابة إبداعية - مهما كان الجنس الذي تنضوي تحته- إن هي في الجوهر سوى تجريب من بين أهدافه الأساسية التميز عن السابق.)

    يا رعاك الله وسدد قلمك لفعل الإبداع
    وكما ورد في اقتباس أستاذنا العزيز فضيلي
    أعلاه فقد مارس عبد الغني ولا زال يمارس تجريب
    ذاكرته المترعة بقصص القرية
    وحكاوي أمه الحنونة

    شكرا صديقي عبدالغني
    شكرا أستاذة سلمى
    ولنا عودة

    أخي خالد :
    شكرا لهذا الفضاء الذي جمعنا بعد تشتت ، تفرقنا أيدي سبأ وهذا الأثير الآن يجمعنا
    نعرف بعضنا ، نحس بفرح بعض وآلام الآخرين
    عموما الحديث يحلو مع الشباب الرائعين من أمثالكم
    لي عودات وعودات معك إن الله مدّ في العمر

    بهاءالدين الهادي خيرالسيد
    4-3-2-621
    Ichikawa _ Shiohama High Town
    Chiba Ken
    Tokyo
    Japan
    cellphone :
    0081-8050106533
    home phone :
    0081-473976816
    E.mails :
    [email protected]
    [email protected]
    The Arabic Islamic Institute

    بهاء

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 06-22-2008, 12:20 PM)

                  

06-23-2008, 01:54 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 27729

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    الاخ العزيز بهاء.

    متعة الحكي عند ود كرم الله تجعلني دائما أتمثل قول الشيخ الاكبر إبن عربي " الحروف أمم تكبر وتتسع من مجرَّد جذر لغوي إلى أن تصبح ممالك وأمما" فاللغة عنده بسيطة ومعبَرة فى آن.

    أعجبت غاية الاعجاب بنصه الابداعي
    كيس نايلو ... الهوا شايلو !!...... الذي كتبه بذكاء يدل على مقدرته الفائقه فى الوصف والتصوير

    أتفق معك أن الاحتفاء (النقدي) بالكتابة الابداعية على وجه العموم يعلي من شأنها ويحَفز المبدعين على المثابرة

    تهانينا لعبد الغني بهذا الاحتفاء الذي يليق بإبداعه
                  

06-23-2008, 01:14 AM

ماجدة عوض خوجلى
<aماجدة عوض خوجلى
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 7279

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    لك التحيه بهاء وانت تشركنا معك فى احتفالية عبدالغنى كرم الله
    جميل ان يكون لنا من نحتفل به ويجب ان ان نعتاد على ثقافه الاحتفال
    بمبدعينا واعطائهم مايستحقونه من التكريم امام مايغمروننا به من جماليات .
    تضفى على حياتنا الكثير من الفرح المعنوى الجميل .
    عبرك بهاء التحيه الى كرم الله عبد الغنى والى كل مبدعى بلادى
    وتسلم يارب من كل شــــر ...
                  

06-23-2008, 03:05 AM

Hawari Nimir
<aHawari Nimir
تاريخ التسجيل: 02-03-2007
مجموع المشاركات: 621

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    بهاء يا بهاء..يا ايها الهادي
    سلامات و عوافي و علك بخير..
    عبد الغني كرم الكاتب...شئ معروف و بشهاده رواياته..و قصصه
    و ايضا كتابات الاستاذة الاجلاء عنه...و علي راسهم الاستاذ الاديب\فضيلي جماع..و بقية العقد الفريد
    ما اود قوله بهاء....علي غير عادة(اهل السودان) كرم الله يمتاز بموهبة اخري..
    أي و الله فقد شاهدته علي قناة الجزيرة قبل فترة..في برنامج حديث الصباح....
    و تحدث عن الروائح و البخور و العطور...
    فحلق بنا في سموات علياء...وجعل مقدمة البرنامج تبدي اعحابها بمفرداته الانيقة و الجميلة
    وصوره البيانية البليغة....
    سرح كرم الله و اطلق عنان الكلمة...فادهشنا و ابدع....
    كاتب قصة ورواية و ايضا (زول كلالالالالالالالام)
    شكرا يا بهاء علي هذا البهاء...
    دوما
    ::: يلا اعصر مخك و اعرفني...
                  

06-23-2008, 03:50 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Hawari Nimir)

    الأخ حيدر ك
    أيها المتربص بالجمال
    وباحثا عنه
    كلنا نهفو ونطرب حينما ينبغ فينا
    واحد منا
    فالاحتفاء ثقافة يجب أن يسود بيننا
    تعالوا نتنادى لهذا ولنجعل عبدالغني مثالا

    لك التحايا في علياء حرف ابن عربي
    وتجلياته
    والتي تجد زخمها بعنفوانه وبساطته عند صديقي
    مهوس الحرف
    لك ودي العاطر
    سويا من أجل إبداع سوداني
    يجعل صوتنا مسموعا بدلا عن الطلقات
    وثقافة العنف حتى اللفظي

    الأخت ماجدة :
    أولا حاولت الاتصال بك ووجدت هاتفك يعمل
    بريد صوتي ( بكرهو جدا جدا وبقفل مباشرة)
    صديقي كرم الله غني بابداعه وشجنه
    وقمين بنا أن نحتفي به
    ونجعل هذه الثقافة ديدننا
    (والفرح بحرروه أهله)عكس السائد من حزن
    لك المجد في عليائك
    وودي العاطر

    الأخ هواري :
    يا ود سنجة
    هل تنسي لقائنا في كوالا الجميلة؟؟!!
    أين أنت أيها الرجل الجميل ؟؟
    ألا زلت في حسناء شرق آسيا ؟؟

    لك حنيني
    ومعا نحو ثقافة الإحتفاء بالإبداع الحقيقي
    المتولد منا وفينا
    ولك دهشة الإلتقاء بك مجددا
    هاتفي وبريدي فوق

    بهاء

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 06-23-2008, 03:51 AM)

                  

06-23-2008, 08:13 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)



    أخوي محمد السني..

    المخضرم، ياخي كتاب الطبقات ده جنني، تحت المخدة، أو في ضوء غروب شاحب في قهوة كوستا كوفي، أو خواطري واخوك يتسكع، استرق السمع لسلميان الزغراد، أو أتفرج على الركاوي (جمع ركوة، ابريق)، وهي تسعى بنفسها، بيدها، كي تملأ بطنها من موية البحر، ثم تسعى كسرب من أرانب، نحو المسيد، وتصطف امام ارجل وايدي متسخة بالخطيئة، كي تتوضأ، وتسيل الذنوب مع موية الوضوء، مالحة، كحالة، كالنهر عن الفيضان.. ألم يقل العقاد،.(.لا تسحدن غني في تنمعه، قد يكثر المال مصحوبا به الكدر)..(فما النيل صاف........وفي الفيضان يعتكر)....

    فعكرة الروح دي، قعدت تلك الدويلة الفونجية، العبدلابية، في كنس شوائب الكدر، في الفلوات والخلوات، وحديث الخواطر المسموع كالرعد، والمطرة التي أمرت قطراتها أن لاتبل ود شيخ المسانية، حين ارسله والده للقبر، عشان يرجع الضايعة، والقطرات اطاعت الامر، كما يطيع براد الشاي حرارة الجمر، ويسخن، ويبغبغ، بل يفتح غطائه، ويتقيأ ماء حار، ويغلي، ومع هذا يشربه اليسع، ويطرش السمك الحي، الذي غلى في القلاية...
    هذه العوالم، والتي سجلت بلغة دارجة بسيطة، ومن مناخات جعلت (الله)، فكرة ومبتغى، وأصل، بحيث اغرق الولي والمريد حياته في هذا البهاء، وجعلت النوبة بذبذبتها القوية، ويدها اللامرئية، تحرك خبايا الجسد والعقل، وتهزه كالسعن للبن، كي تولد الزبدة والسمن في النفوس....

    هذا الكتاب هزني بقوة، وياريت ترتفع النفس، والروح لذبذبته، وتاريخته، لبناء درامي عظيم يليق به، وبالنفس السودانية، البسيطة، الساذجة، كالذات المطلقة.. في تفرجها وبحياد لذيذ، على البسر، والبضر، زي الكمبو للشيخ عبدالباقي المكاشف، (مالمن، عندهم مريسة وعندنا مريسة)... ولذة المريسة (منه، لا شريك له، لبيك)..

    كتاب يفتح الطاقة عن الكامن في النفوس
    عن الباراسيكولوجي..
    عن خرق العادة العادي...

    عن شلالات التربية، والصراعات حول مقام بعيد..
    عن واقعية سحرية، ورباب يذهل الاغنام والايتام والسكارى...

    عن معدة لا تأكل...

    عزيزي السني، فلنمرق لي بره، عسى ان نصطاد منه كنز سمين، وكبش فداء..
    المحبة لود ضيفه الله، وتدوينه الصابر العجيب..

    ولكل مريد أو ولي أو شاعر، فجر الكامن من الحياة، وجعل لبوس الشاعرية حق وواجب..

    الفرح الكبير، لطبقات الناس، ودرج الفهم..

    المحبة الزايدة..





                  

06-23-2008, 08:50 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    عبدالغني كرم الله: قراءة لنصوص تبحث في عبث الوجود



    بقلم: صديق محيسي


    مثلما استطاع الطيب صالح أحداث ثورة في الرواية العربية عندما كتب موسم الهجرة إلى الشمال وعرس الزين، ومريود والرجل القبرصي* في ستينات القرن الماضي، يطل علينا في هذه الألفية وجه لم يسمع به حتى الآن إلا قلة قليلة من المهتمين بقضية الإبداع الفني في العالم العربي، هذا الوجه هو عبد الغني كرم الله الذي فاجأ الساحة العربية بمجموعته الأولى "الأم ظهر حادة"، آلام ظهر حادة التي جاءت أقرب إلى الرواية لطولها كان يوماً طويلاً عليّ قبل أن اغرق ثم افرغ من وضع الكتاب جانبا والآذان يعلن صلاة الفجر.



    قبل الحديث عن الثورة التي ستحدثها مجموعة آلام ظهر حادة عربياً وإفريقياً وربما عالمياً، الآن أولا حقاً، يتعين علينا التركيز أولا على ما يمكن وصفه بنقطة تحول في السرديات السودانية التي أحدثها عبد الغني. فمنذ المرحلة الأميبية للسرديات السودانية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، موت دنيا لمحمد أحمد محجوب ومحمد عبد الحليم، والفراغ العريض لملكة الدار، وأبراج الحمام لفؤاد أحمد عبد العظيم، ذلك الأفق الرومانسي الذي أطلت منه وبه الرواية والقصة القصيرة السودانية، فإن التحولات العميقة في مفاهيم الإبداع بدأت دائما بعمل فني فيه روح المغامرة لاكتشاف المناطق المجهولة في آفاق الأفكار والتخيل والتناول. فعلي صعيد الشعر مثلاً، كان جيلي عبد الرحمن وتاج السر الحسن ومحمد مفتاح الفيتوري ومحي الدين فارس وعبد الله شابو مكتشفون أوائل لمجاهل شعرية لم يكن في قدرة أحد ارتيادها في ذلك الزمان، فهؤلاء الذين تأثروا بثقافة الثورة علي المستعمر ونمت في وجدانهم روح اليسار الجديد، والرغبة في تخليص الكلمة من خمولها اللغوي وتوظيفها في خدمة قضية التحرر الوطني، كانوا بمنطق تاريخ الحركة الثقافية ذاك واضعي أولى المداميك لمشروع حداثة ظل يتواصل تفاعلا ويتجدد قيمةً حتى نهوض الواقعية الاشتراكية التي حملت خصائصها كتابات الأخوين إبراهيم وأحمد عبد الحليم: أيام الطفولة(رواية)، وإصرار (شعر)؛ وكذا عبد الرحمن الشرقاوي في "الأرض"، وفتحي خليل في "الجبل"، وصلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي، ومحمد مندور، ومحمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في النقد. كان السودان يواجه رياح تغيير شديدة التأثير في نسيجه السياسي والاجتماعي. ومن بين ما مسته تلك التحولات الثورية، جيل جديد من المبدعين في الرواية والقصة القصيرة والشعر، فكان صلاح أحمد إبراهيم في "البرجوازية الصغيرة"، والزبير علي وخوجلي شكر الله في "النازحان والشتاء" (مجموعة قصص قصيرة)، وحسن الطاهر زروق، "حسن وبهية" (قصص قصيرة)، أبو بكر خالد، بداية الربيع 1958، والنبع المر 1960، والطيب زروق في قصص سودانية، 1975، والأرض الصفراء (قصص قصيرة)،1970. ثم خرج من ذلك المعطف عيسي الحلو، مصطفي مبارك، محمود محمد مدني، عثمان الحوري، عثمان حامد سليمان، حسن محمد سعيد، يوسف خليل، وغيرهم من الأسماء. على أن هذا التحول تجاه الواقعية الاشتراكية رافقته محاولات تجديدية أخرى تمثلت في كتابات بشير الطيب وكمال شانتير معتمدين التيار الوجودي كخطاب إبداعي جديد، تأثراً بزحف هذه الموجة التي اجتاحت أوروبا في حقبتي الستينيات والسبعينيات: البير كامي، جان بول سارتر، فرانسواز ساجان وسيمون ديبوفوار في فرنسا، والبريطانيان جون اوزبرن وجاك كرواك، اللذان أعلنا الحرب علي نتائج الحضارة الغربية.



    تثير قضية الحداثة دائما أسئلة صعبة لا تجد إلا إجابات متصادمة متزاحمة لا تفضي في النهاية إلى حقيقة واحدة. وليس أعسر علي القول من أن التجربة الإبداعية يمكن استنساخها بمعني أن تحل روح روائي في روائي آخر، ولكن يسر علي القول أن يتأثر روائي تأثراً كاملاً ومعيباً بروائي آخر حتى يصل ذلك التأثر إلى درجة وقع الحافر علي الحافر.



    ثمة ما يمكن الاتفاق عليه، وهو أن الطيب صالح أخرج الرواية السودانية من حدودها الإقليمية إلى أفقها العالمي. لكن موسم الهجرة إلى الشمال، وعرس الزين، ومريود مع اعتبارها علامات حدودية تفصل بين زمنين في روزنامة الحركة الروائية، إلا أن إيقاع التطور يجعل منها تراثاً أثرياً يفتح الطريق أمام مكتشفين جدد بأدوات جديدة، مثلما نحن اليوم أمام مكتشف جديد هو عبد الغني كرم الله، فكرم الله يقع علينا جمعياً عبء الكتابة عنه حتى نقنع العالم علي سماع صوته، ولن أبالغ إذا قلت مرة أخرى أنه يُعد ثورة في عالم الرواية السودانية والعربية والإفريقية أيضا، وهذه وجهة نظري التي من المحتم ألا يتفق معي فيها آخرون.



    تعد رؤية عبد الغني تحولاً هاماً في عالم الرواية السودانية والعربية والإفريقية أيضا. كما ليس من باب الشطح في القول إذا أشرنا إلى أن رؤية كرم الله للأشياء (الكائنات) هي رؤية جديدة تماماً لا نجد لها شبيهاً في السرديات السودانية عدا ما ذهب إليه بشرى الفاضل عندما خلق شخوصا موازية للبشر وهو ما أشرت إليه سابقاً، فطوال مسيرة هذه السرديات كانت مادة الرواية، أو القصة القصيرة، دائماً هي الإنسان، باعتباره العنصر المكون للحياة والمحرك لأحداثها، ولم يرد كائن غير الإنسان في معظم الروايات العربية، ثم العالمية، إلا في حكايات كليلة ود منة التي اختارت نماذجها من الحيوانات، وهي أحاجٍ تبحث في مفاهيم الشر والخير في أسلوب فلسفي رومانسي.



    ما يميز كرم الله، أنه اختار عالماً شمولياً عندما قرر صنع مادته القصصية، وشمولية هذا العالم اقتضت منه كما ذكرنا ممارسة التوحد مع كائناته (مخلوقاته) الحية والجامدة معاً، فهو عبر رؤية فلسفية تقترب من البوذية وتتفوق عليها أحيانا، نفخ في جوزي الحذاء روحاً، كما فعل ذلك مع الطمي الريح، والشجر، والحصى، (ثم جاءت رائحة النورس والسمك وبتلات البصل، ورائحة نعال ملقاة في الخلاء، ورائحة عرق مالح من صدور عشرات المزارعين والعمال، ورائحة الأسمنت من حائط شاهق، وتجيء بعد ذلك روائح الروث، والسندس، ومصنع النسيج لتركب في سفينة الريح، هذه الصور التي وردت في قصة (رائحة الطمي)، أكسبها القاص سمة كونها تحس وتفكر وتحلم كجزء من كون زاخر بقيم علوية تأخذ من الطبيعة ذلك المجال الواسع الشاسع صيرورتها كمظهر من مظاهر الحياة، وهي في مسيرتها الموغلة في القدم، يما هي كرم الله بين السكون والحركة، وبين الصمت والكلام، وبين النور والظلام في نسيج شخوصه، ويعطي هذه الشخوص بعداً روحياً بصبغة ربانية باعتبار أن كل مخلوق هو صناعة علوية له وظيفة في الحياة، كما أن السيرورة التي يسبغها الكاتب علي الأشياء تستمد مادتها من أثر فلسفي يقترب ويبتعد عن الفكر الجمهوري الذي لا يزال يتخلل خطابه العلوي. يقترب من هذا الفكر حين يبحث في كنه الإنسان، ذلك الكائن المركب من الخير والشر، والمتروك لأفعاله يطابق بها أقواله، ويبتعد عنه حين يتعامل معه كحامل معرفي لحقيقة الأشياء في حركتها الأرضية يتفاعل داخلها الخطأ والصواب، والسالب والموجب، ولا تقود الرؤية البرانية للشيء في ثباته إلا إلى خديعة معرفية لا تشرح إلا مظهرها إذا حاولت نفي الجدل المادي الكامن في جوهر الظواهر الكونية.



    "لماذا لا يقلد بنو آدم إخوانهم الموتى في قبورهم، بل في قصورهم، أليس هم أحياء، بل في حياة أخصب وأمتع، اكتفوا بوطن صغير، حفرة صغيرة مظلمة كما يتراءى للعميان، عرضها السموات والأرض، استغنوا عن الماء والهواء والعطور، والأهم الأحذية، (ما أكثر الأشياء التي لا يحتاجها الإنسان)، آثروا باطنها الآمن، عن ظاهرها الحزين، المليء بالحروب والعواصف والشوك، عرجوا إلى دنيا الدواخل، فالروح الإلهي منفوخ في الجسد، فالنائم في غرفة مظلمة وحارة، يحلم بالشمس، وبسهول خضراء، وربيع دائم، كذا القبر، بل أنضر وأجمل، إنها عوالم كثيرة، فلا تجعل من فانوس عقلك الواهن عصاه سير، راقدين كالجذور في خلوة القبر، في جنة القبر،(كفوا عن الرحيل.. كأنهم يغمزون لبني آدم بذلك)، أنهم أعظم قدوة ومثال لبني آدم لو كانوا يعلمون، "فما ليس فيك، فلا تبحث عنه في أي مكان آخر"، أعن هذا يسار إلى الطعان ".



    يسيطر خيال الطفل علي رؤية عبد للأشياء، فالطفولة وحدها هي القادرة علي خلق عالم بعيد عن الواقع الأرضي، والطفل حين يحدق في السماء يتحول عنده السحاب إلى أشكال من الحيوانات، والرؤوس المقطوعة لمخلوقات خرافية. إن محاولة الإمساك بظل شجرة كما في قصة "الدجاجة أقوى من الأسد"، هو جنوح فائق لخيال طري يريد تحويل المستحيل إلى ممكن.



    في "حمار الواعظ"، يظهر كرم الله كم هو مدهش أن يتحول الدين إلى عادة يمارسها هذا الرجل كأنما هو مكلف بإعطاء رسالة ناقصة إلى الناس البسطاء، فهو يتحدث في خطب الجمعة حاساً الآخرين علي الخوف من الله العزيز الجبار الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، بينما هو لا يفعل ذلك في العلاقة مع حماره الذي يعذبه ليل نهار. يستنطق كرم الله في هذه القصة الحمار عبر منولوج داخلي يكشف به قدرة الحمير علي التفكير في أحوالها وظلم البشر لها ويطابق هذا الحكايات الشعبية التي تقول أن الحمير تكون ساهمة دائما إلى السماء في انتظار أن يعود أحد أبناء جنسها الذي حمل رسالة إلى هناك، وقد عبر الفنان إبراهيم الصلحي عن ذلك في لوحاته الشهيرة تحت تأملات.



    "أنا حمار الواعظ، وللحق لولا صبري الوراثي والحبل الذي يشدني إلى جذع الشجرة في ظهيرة تلك الجمعة، لدخلت ذلك المكان الكبير الضخم والذي تعلوه مئذنة عالية وشققت الصفوف إلى المنبر، ثم أدير ظهري له، وبكل قواي أرفس الواعظ الذي يتكلم عن الرفق بالحيوان، ثم أنهق نهيقاً تسمعه عبر مكبر الصوت الإنس والجنس تعبيراً عن ثأري، فاثأر الصوت وكدمات العصي علي ظهري التعيس". يمثل الواعظ الصراع بين القول والعمل، أو أن كرم الله تعمد إسقاط البعد السياسي في حالة الواعظ وحماره.



    يقدم كرم الله نفسه في حوار مع جريدة الصحافة فيقول "في البداية كتبت الشعر. وأنا اعتبر الشعر ذروة التعبير، ولا يأتي إلا لماما أو انعطاف وجدي. لاحقاً، جاء التعبير بالسرد؛ والسرد إناء أكبر لكلام أكثر من الشعر. ففي السرد تجد نفسك أمام كاهن تود أن تعترف له، أو وطن بديل تلوذ به، أو تخصيب للحياة بواسطة الأدب. "آلام ظهر حادة"، من اسمها، كانت معضلة بالنسبة لي ومن أكثر القصص التي استمتعت بكتابتها في هذه المجموعة قصة "آلام ظهر حادة"، لأن فيها إسقاط لفكرة التسيير وهي فكرة قديمة أعيت المفكرين والفلاسفة. وهي هل الإنسان مسير أم مخير؟ والإجابة علي هذا السؤال تتناسل منها أسئلة أخرى، وبطل القصة حذاء لا حول له ولا قوة تنتعله أرجل بشرية تسير به.



    لدي عبد الغني اعتقاد قوي بأن الأشياء تتحدث دائماً. حينما تقوم في الثلث الأخير من الليل، تجد أن الكون فيه سر ما، تجد أن الأشياء ممتلئة حيوية وتشعر بهذه الحيوية عندما ترى الأطفال وهم يحاولون أن يتحدثوا مع الحيوان والجماد وهم مستمتعون. الآية القرآنية «أنطقنا الله الذي انطق كل شيء»، الحديث النبوي عن جبل أحد (جبل يحبنا ونحبه) وأيضاً السيد المسيح عندما لقي تلاميذه على قارب وأحيط بهم فتكلم مع البحر فهدأ كما يهدأ الطفل، فالحياة حمالة أوجه أينما تولي فثم وجه الله.



    تمثل قصة "كلبة فاطمة" انهيار السلطة أمام الخوف، وسقوط الكبرياء في لحظة الضعف الإنساني. هذه اللوحة الساخرة والتي تدفع القارئ إلى الضحك تبدو كفيلم سينمائي تجري مشاهده في سوق القرية: "في هذا الحشر جرى الناظر بصورة تحافظ علي وقاره وعلي قدسية الرأي العام، وكلما اقتربت الكلبة من رجليه نسي جزءاً من الوجود المحيط من الباعة والنساء والشماسة. كانت الضحكات الساخرة تصل إلى إذنيه وتجرحه، ولكن كشرت الكلبة عن عداوة قديمة، فأوصله الخوف حد الصفر بين أن يضع للرأي العام بالاً، وبين إنقاذ نفسه وبأي طريق، وبأي أسلوب خاطئ أم صواب، رديء أم جيد، مضحك أم مثالي. أما أهل السوق، فالجائع نسي جوعه، والحرامي أجل شغله، والصعلوك همدت رغبته، فقد تأجل البيع والشراء حتى يتفرجوا عليه، حتى ينسوا همومهم وغمومهم للحظة صغيرة."



    هذا المشهد الذي يصعد فيه الخط الدرامي إلى أعلى درجاته يربط ربطاً محكماً بين داخل الشيء وخارجه، شكله ومضمونه، صوته وصداه، فالناظر الذي كان يذرع الرعب في قلوب تلاميذه يفشل في المحافظة علي جبروته، كم هي الفضيحة مدمرة للذات، وكم هي طاردة للوقار الذي لا يجدي نفعاً اليوم. إن قصة كلبة فاطمة نستجلي فيها انهيار سلطة الناظر الغاشمة أمام عبثية الكلبة التي اختارت أن تكون وسيلة تعلن بها موت إنسان سلم نفسه إلى المجهول. ثم يأتي كرم الله في الجزار ملك الغابة لتعيش معزة سعاد مأساتها وحدها عندما تكتشف الخلل الكوني في علاقتها مع الجزار، فالجزار لا ينظر إليها إلا بوصفها طعاماً للبني أدم. لكنها تري أنها واهبة الحياة للأطفال، وإن من حقها أن تعيش وتحلم بالربوع الخضراء وتغازل تيس القرية، وأن حليبها هو الذي يمنع سعاد وأسرتها من العوز الذي يؤدي إلى الموت. في هذه القصة، يغوص عبد الغني في مشاعر بدائية مبهمة ينفي فيها الغريزة التي تواطأ الآدميون علي أن يصفوا بها الحيوان؛ فهو يحدد سمو هذه الغريزة بالرغبة في الحياة بل ويلغي المساحة بين إرادة العقل المفكر، والنزوع الطبيعي الذي يمكن أن يكون تفكيراً، ومن ذا الذي يستطيع أن يجزم أن الشاه حين تواجه الجزار لا تشعر بدنو الموت منها، فترتعد وتتغوط علي نفسها؟ إن نظرات الخروف الزائغة حين تقترب السكين من عنقه هي أشبه بمشاعر السجين حين يساق في اللحظات الأخيرة إلى المقصلة، وإذا كان السجين يتحول كله إلي حلم بالأمل في الإنقاذ في آخر لحظة، فإن الشاة تحلم بالروابي الخضراء "وسوف أذهب إلى العالم الآخر الذي لا أعرف عنه شيئاً سوي أنه نهاية الأرض، ثم اسقط في هاوية سوداء مالها من قرار".



    أن أذني عبد الغني تصغيان إلى أصوات كونية لا يسمعها إلا هو، وتلك شطحة صوفية تمسك بتلابيب الروح التي تعذبها الأسئلة المتوالدة بلا نهاية، فالكائنات والظواهر عنده هي إشارات تجريدية إلى معانٍ لا يتركها الزمن أن تكتمل، وهكذا يستمر عذاب الأسئلة يسيطر عليه فيصبح الوجود كله أمامه حركةً لا تستقر علي حالة، وإلا تبدلت إلى نقيضها.



    ليس الذي قمت به تجاه هذا الروائي الواعد هو دراسة نقدية. إن الدراسة النقدية تتطلب أدوات أكثر دقة في التعامل مع النصوص، طبيعتها، وأصولها، ومحتواها، وإلى أي نتيجة ستنتهي. ولكن ما سجلته يعتبر بالنسبة لي تجربة شخصية خالصة، تجربة قارئ يبحث في الخيال ويري فيه مخلصاً للبشر من ورطة الوجود بقوانينه الصارمة التي لا يقدر أحد علي تغييرها .


    http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/issues/753/0800.html

    (جريدة أخبار الأدب المصرية)!..


    ..
                  

06-23-2008, 02:17 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    العزيز بهاء، لك أجمل المودّات والتحايا
    لم أقدم لشكرك على احتفائك السمح والمُحبّ بالقاص الفنّان عبد الغني، فأنت رجل من حارة الفنون، ولها عليك التزامات وديون واجبة، أنت هنا وفّيتها وأكثر. وللرجل الفنّان عبد الغني التحيّات كذلك على إبداعه وعلى جهوداته المقدّرة في حقل القصّة، وأتمنى له دائماً التوفيق، وربّنا يكفيه شر العراقيل.
    كونا أبداً بخير، أنت وهو


    -------هامش--------
    أها يا بهاء الاحتفاء بعبد الغني انتهى فوق، من هنا وجاي عندي كلام حق ثقافة سودانية خارج الونسة السودانية والمطايبة وهذا الفرح الخفيف بالترجمات والعالميّة. وقد أجّلته منذ البوست الذي افترعه الحسن بكري لموقع الأخ والصديق لحدٍّ ما "لوفين" على الانترنت، وقد شاركه فيه الدكتور حسن موسى أيضاً بخفّة لا يُحسد عليها، متضامنة مع خفّة البكري بالوصفة "محاحاة"، واستغربتُها في الدكتور بالذات لأنّه ليس بالرجل الخفيف "عادةً"، ولكن ربما سوّغ لذلك نفسيات تلك الفترة ذاتها التي كان ينوب فيها عن اشتباك نجاة معي، لأنني بالأصل لم أشتبك معه. بأي حال أنا جاييكم لمساخة حضارات بقدر ما صمتُّ عنها نبشها نابشٌ.
    أبقوا طيبين لامن أجيكم
                  

06-23-2008, 07:53 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محسن خالد)

    الصديقان بهاء –صاحب البوست- وعبد الغني المُحتفى به، لكما التحيّات من جديد. يُحكى من الزمن السابق أنّ عمر الفاروق اللذيذ قال لي: إنت ياخي كتّاااب، لكن لو بتكتب بسيييطة بسييطة بنقدر نقراك. أهو تسويق أسافير والعُهدة على ود الفاروق الإسفيري. لقد وجدتُ الموضوعَ طويلاً ومشربكاً، ولا مانع لديّ أبداً من كتابته هنا، إن كان لا يزعجكما، ولكن لطوله وشربكته سيفتل لكم البوست. فقد رغبتُ لزمن طويل في الحديث عن (التقاليد؟) وما أدراك ما التقاليد!؟ تقاليد برااها ما حقت العموم دي. المهم أخوكم زول تفاكيره بتسلسل والتحكّم فيها يقع على عاتق جوّانيتها وطبيعتها ذاتها، وليس على رغبةٍ منه بإيقافها.
    لذلك، وعليه، رأيتُ أن أستأذنكما معاً، كي لا أفسد البوست، وسأنتظر ردكما معاً، إن وافقتما على جوبكة موضوعكم فحقكم في رقبتكم، وإن (لا) فسأفتتح بوستاً منفصلاً للموضوع نضع لنك هذا البوست فيه، وحقّي علي رقبتي!
    فما رأيكما؟
                  

06-23-2008, 08:07 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محسن خالد)

    إلسي محسن ..

    أكتب!


    وإن لم يأذنوا، فهم ليسوا من قرأنا ذي بدء!
                  

06-24-2008, 01:01 AM

عبد المنعم ابراهيم الحاج
<aعبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عزاز شامي)

    Quote: لك التحيه بهاء وانت تشركنا معك فى احتفالية عبدالغنى كرم الله
    جميل ان يكون لنا من نحتفل به ويجب ان نعتاد على ثقافه الاحتفال
    بمبدعينا واعطائهم مايستحقونه من التكريم امام مايغمروننا به من جماليات .
    تضفى على حياتنا الكثير من الفرح المعنوى الجميل .


    Thanks Magida

    you take care of us
                  

06-24-2008, 01:02 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عزاز شامي)

    محسن :
    شكرا على جيتك
    وزي ما قالت ليك عزاز :
    اكتب ... خرمج
    كتح ... شتر
    اعمل الدايرو
    هو في أحلى من كتاباتك

    وبهذا يكون الجنون
    قد اكتمل من ناحيتيه

    واحد جن في لندن
    واحد جن في قطر
    يا مرحبا بك
    والبوست بوستك
    افعل ما يحلو
    وسيكون رصيد عافية
    ورصيد معرفة

    التقاليد ...
    ننتظرها
    فابهلها هنا دا
    عشان ما تشمت فينا عزاز

    بهاء
                  

06-24-2008, 04:19 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)


    محسن أخوي...
    كيفنكم.... ياخي فرح لا يوصف بك.. ولم ترجع بالسلام،ترجع ايام...

    ياخي نحن مشتهين نقراك، وندلف لي جواك..

    ياخي باااااااااااااااااالغت عديل، وتب.... تستأذن شنو...
    أكتب واكتب وأكتب، وأكتب...

    اهه، منتظرنك تب، وعلى أجر من الجمر...
                  

06-24-2008, 05:01 AM

فضيلي جماع
<aفضيلي جماع
تاريخ التسجيل: 01-02-2004
مجموع المشاركات: 6315

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    Quote: خارج النص:
    تشرفت في زمن ما بتدريس ابنكم النابه المسؤول
    نمر علي جماع
    ولازلنا في تواصل مستمر وهو في ماليزيا
    وقد زرتهم هناك العام قبل الماضي
    وتمتعت ( بتقلية الحاجة وكسرتها الما خمج)
    لك ولهم ودي العاطر وأهلا بك مرة أخرى
    وكن بعافية الروح

    الأخ الأستاذ/ بهاء الهادي
    شكرا على تعقيبك الظريف وشكرا على احتفائك بتلميذك ، إبننا نمر علي جماع. نعم..نمر شخص خلوق ، ونكاد هو وأنا أن نكون أصدقاء.. أحاول تأسيس نفس العلاقة مع أبناء إخواني وأختي وتلك كما ترى محاولة في التربية تكسر بعض الحواجز التقليدية وغير الضرورية في العلاقة بين أجيال. ولك أن تقول بأنها من زاوية أخرى محاولة من رجل عجوز مثلي ليقنع نفسه بأنه ما زال شابا ويتحدث مع الشباب!!
    جميل منك أن زرتهم في الدار فالبيت بيتك. و"التقلية" بكل أسف رحلت مع الحاجة إلى حيث التحقت مع الأسرة برب الأسرة في موقعه الجديد كخبير أمم متحدة ..اليوم هنا وباكر هناك. لكن نمر لا يزال يواصل دراسته بفرع جامعة بريطانية في كوالا لامبور. لك الشكر والتقدير مرة أخرى.
                  

06-24-2008, 07:41 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: فضيلي جماع)

    أستاذي فضيلي :

    ونكاد هو وأنا أن نكون أصدقاء.. أحاول تأسيس نفس العلاقة مع أبناء إخواني وأختي وتلك كما ترى محاولة في التربية تكسر بعض الحواجز التقليدية وغير الضرورية في العلاقة بين أجيال. ولك أن تقول بأنها من زاوية أخرى محاولة من رجل عجوز مثلي ليقنع نفسه بأنه ما زال شابا ويتحدث مع الشباب!!


    لا تقل هذا القول صديقي فلا زلت في عنفوان
    الروح والقلب ، ولازلنا لنا فيك آمال

    وقول لم يحن أوانه بعد

    لونّ لنا دنيانا
    فقد عتم علينا الطريق
    وكثر السخام والبغام والبغاث

    نمر صديقي جدا
    وبالتالي على المقولة الفرنسية :
    صديق صديقي صديقي

    دم بعافية الروح
    وودي العاطر يغشاك غيمة ( ضحوية ) هتون

    بهاء /طوكيو
                  

06-24-2008, 06:54 AM

هويدا شرف الدين
<aهويدا شرف الدين
تاريخ التسجيل: 04-16-2008
مجموع المشاركات: 2068

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    الغالي عبد الغني كرم الله

    مبروك ليهو كل حاجة حلوه ونتمني ليهو كل التوفيق والتقدم في الحياة
                  

06-24-2008, 09:15 AM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    Quote: التقاليد ...
    ننتظرها
    فابهلها هنا دا
    عشان ما تشمت فينا عزاز


    بهاء الباهي لونك،
    أريت الشماتة نوع ده!
    اللوحة هنا رويانة، و أي ضربة فرشة من حظ الجميع !


    ابقى طيب ...
                  

06-24-2008, 09:23 AM

Alsa7afa_30
<aAlsa7afa_30
تاريخ التسجيل: 02-06-2003
مجموع المشاركات: 6618

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    تهانينا أ.عبد الغني

    و مزيداً من النجاح ..




    شكراً أ.بهاء الهادي على الخبر ..
                  

06-24-2008, 07:23 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Alsa7afa_30)

    أوَّلاً دعونا نعود لبذرة هذه الحكاية، فقد قلتُ بأنّ هذا الموضوع ظَلَّ مؤجّلاً ولا علاقة له بهذا البوست إلا لكونه تكرار التكرارات، ففي هذا الموقع لمحتُ حكاية الترجمة بصحبة لوفين في أكثر من ثلاثة بوستات بالتمام والكمال وربما أكثر، لستُ متأكداً. وكذلك بوست في سودان فور أوول. أمَّا منطلقه الذي لاحظتُه من عنده لأوَّل مرة فهو بوست يتحدّث فيه الصديق الحسن بكري عن موقع لوفين للأدب السوداني، ومن هنا بدأت فجيعتي (الخاصّة؟) ربما، فكل من اتصل به لوفين حملته رياح هباباي ليقول الترجمات الترجمات، والعالميّة العالميّة، حتى الحسن ود آمنة الراجل الشديد والنجيض لم يكلّف نفسه عناء معاينة الموقع، ليرى بأم عينيه ما ينوي ترويجه لوفين عن الأدب السوداني والثقافة السودانية. سأزودكم بالرابط لكي تقفوا بأنفسكم -إن كان ممكناً- على ما وقفت عليه "حينها" في سالف العصر والآوان فعليكم قراءة الموقع بتاريخ "عام ونصف" إلى الوراء تقريباً، وهيهات طبعاً، فالزمن قد مضى والكثير من التحرير لحق بالموقع، وإن ما تزال الكوارث قابعة فيه، والمكاضبني يمشي يشوفه، وهنا رابط بوست الحسن بكري الجنيني بالنسبة لتعرّفي على الموضوع:
    http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=1595&high...9ad8f5ad21f30a6bba56
    يا تُرى ما السبب الذي جعل الحسن بكري يفرح ذلك الفرح كلّه، ثم يتبعه فرحانون وفرحانات بلا عدد هناك وهنا!؟
    الأمر في تقديري يعود لكوننا ينقصنا ما أُسمّيه (تقاليد المجال)، ولماذا تنقصنا تقاليد المجال هذه؟ لأنّنا في طبعتنا المُعاصرة جديدون في كل شيء، ويلزمنا الكثير من الاجتهاد الفوري والعَرَق الكاش داون مع الفرح المؤجّل، وسنعود لنفصّل في هذا الأمر. حالياً يهمني الوقوف على هذه الهرولة نحو الخواجة التي لا تقول له (فَشَر يا خواجة علي موقعك دا، عشان ساط لينا أدبنا سواطة). أبداً، هذا لم يحدث، بل كل من اتصل به هذا الخواجة جاءنا مهرولاً إلى هنا لكي يحتفل بينما الأمور ما تزال في مرحلة أخذ (إيميل عبد الغني) وأعنيك يا بهاء عديييل، أقول لك ذلك لأنني أحترمك ولم أحترم فيك هذه الخفّة كلّها، ولا في الحسن بكري ولا دكتور حسن ولا باقي الشباب والشابات الذين بسرعات الصواريخ انطلقوا يتحدّثون عن العالميّة ولم يلاحظوا ما هو موجود على هذا الموقع من معلومات مربوبة ومربوكة عن ساحتنا الثقافية، ولم يكاتبوا فيه الأخ لوفين مصحّحين له أخطاءه. لو كنتُ شاعراً مثلاً، وبلغني لوفين متصلاً بي ليطلعني على موقعه كما يطلب منّي نصوصاً للترجمة، ودخلتُ موقعه ووجدتُ أسماء ما أنزل اللهُ بها من موهبة ولا علاقة لها بالمجال، بينما غابت أسماء بحجم محي الدين فارس ومحمّد المكي إبراهيم، ومحمّد سعيد العبّاسي، والنور عثمان أبّكر، وتاج السر، وإدريس جمّاع، عالم عبّاس، فضيلي جمّاع ومصطفى سند ووو...إلخ إلى أن لا تجد سالم حميد، محجوب شريف، القدّال، أزهري، عاطف خيري، نجلاء التوم ولا ولا... إلخ من المؤسّسين والكهول والشباب. بينما لوفين يكتب بالخط العريض ((overview و(المُعاصر)، من هنا سيكون الخيار الذي يُواجه هذا الفنّان الذي اتصل به لوفين، هل هو فنّان له "تقاليد مجال"؟ أم هو فنّان خفيف ويُريد أن يفرح بهذه العالميّة التي يظنّها تأتي عبر الترجمات؟
    فأية ترجمات هذه التي تجلب للإنسان العالميّة؟ العالميّة هذه إن كانت تعجب الناس فهي ابنة "التجويد" ولا غيره.
    لنأخذ جولة ببوست الصديق الحسن بكري، ومن يهمني من البوست كلّه هو ثلاثة أشخاص، الحسن ذاته الكاتب الذي اتصل به لوفين، والدكتور حسن الذي تَغْلُب عليه في لحظتها روح المكايدة لمحسن خالد فيلوح كفنّان من دون أي "تقاليد مجال" تحتّم عليه رؤية العوج في ذلك الموقع قبل المشاركة مع الحسن، "فقط" من أجل مكاواة محسن خالد كما لاحت ذات الخفّة في بوست أميرة. أي لو أنّني كنتُ خصمه فهو "صديق منتقدي" مهما كان متواضع الإمكانيّات، حتّى وإن كان لا علاقة له أصلاً وأبداً بما نحن فيه. حَقَّاً لقد لاح في ذلك البوست كشخص خامل عن أية "تقاليد" وعن أي تقدير للأمور. بأي حال هذا ليس بموضوعي حالياً، وموضوعي هو (تقاليد المجال) وأحتاج لسلوكه هذا وسلوكيّات غيره لأدلّل على وجهة نظري وعلى أنّنا مهما ارتقينا بفنّنا، ومهما درسنا في جامعات الغرب، ومهما بلغنا من الأعمار، فما نزال شخصيين لدرجة محزنة، بل وأحياناً "تافهين" عديل عندما نقوم بإحالة أي سجال ثقافي إلى (خصومة ملجة) تُستخدم فيها الأحذية وكاركاتيرات الطماطم المتعفّنة برائحة البيرة وكل شيء بوسعه هدم "تقاليد المجال" واستقصاد الآخر –المُجَالي لنا، من مجال- في وجوده ذاته وإلحاق الأذى به على نحو شخصي. لذلك فإنّي هنا –سأقاوم نفسي الأمّارة بالسداد- كاحترام لهذه التقاليد التي أنادي بها، ولن أتجاهل نجاة كما تعوَّدتُ دائماً على تجاهلها حينما تحشر نفسها في مواضيع لا علاقة لها بها، فهي ليست فنّانة ولكنها مترجمة. فأين هي "تقاليد مجالها- الترجمة" من فحص موقع لوفين بعين متخصّصة في ذات بوست الحسن بدلاً عن دخولها مع الدكتور موسى لذات البوست وكلّه من باب أنّنا ننصر الروائي الحسن بكري الذي هو صاحبنا وتحت جناحنا ونقف ضد الروائي محسن خالد لأنّه خصمنا "الخارجي"؟ دون أن تلاحظ المترجمة نجاة ما فعله لوفين في موقعه! ودون أن تطالب برؤية هذه الترجمات ذاتها وتنوّرنا في خصوصها بحكم أنّها المختصّة الأشهر في ذلك الموقع لننصت لها كلّنا كتلاميذ لأجل معرفة حكاية "لوفين" من "لوبين" تلك، فكل ما نسمعه وحتّى هذه اللحظة، ومع كل دعوة جديدة للوفين، هو أسماء دون ترجمات، وما تزال في مرحلة التشاور، بل ومرحلة السؤال عن الإيميل كما جاء بالبوست المفتتح لعبد الغني بسودان فور أوول، ليأتينا الأخ بهاء على عجل ويفتتح هذا البوست المحتفل والرابّي قبل الحفلة ذاتو. فهل نحن بهذه الخفّة والافتقار لتقاليد المجال في حياتنا؟ هل نحن بهذه الحاجة للترجمات والخواجات!؟
    وهل قامت المترجمة نجاة بما تمليه عليها "تقاليد مجالها"، كما فعلت مشكورة في بوست الأخ البطل، وجعلتنا جميعاً نتأكّد وبالوثائق القاطعة أنّ الدكتور حسن الترابي يحمل شهادة الدكتوارة من السوربون "لا فيها طق لا فيها شق"!؟
    وإن سألنا عن أصل تلك الفرية ما هو وما مردّه؟
    فأصلها أيضاً يعود إلى انعدام "تقاليد المجال". فهي ليست فرية عوام، وإنّما هي فرية الأساتذة الذين تنافسوا مع الترابي، ونظراً لكونهم يفتقرون لـ"تقاليد المجال" هذه، وبناءً على خصومتهم مع الترابي، سيُرَوِّجون لكونه لم يحصل على الدكتوارة! فتأمّل كيف هي خصومة المجال هنا!
    وحينما يأتي دكتور عبد الله علي إبراهيم بحديث خفيف عن اتهام الدكتور منصور خالد بالجاسوسية فهذا أيضاً افتقارٌ لتقاليد المجال. ونحن السودانيين المُعاصرين لأنّ تاريخنا وحضارتنا البائدة انقطعت عن تاريخنا وحضارتنا الوسيطة فيا لنا من مفتقرين لتقاليد المجال هذه في كل مجال، ويا لنا من جديدين على الحياة في كل شيء.
    أو كما قلتُ سابقاً، إن رأى جارك النجّار أنك تنجر أحسن منه، فهو سيبيع ما نجره من دواليب وأبواب بائرة عبر جذب الزبائن من خلال قصص مُشوِّقة ومختلقة تقول بأنّ بنتك أو أختك شـرمـوطة مثلاً، ليردّد بعدها أمام الزُّبُن: العياذ بالله.. العياذ بالله.. أهو بنأكل بضراعنا والحمد لسيدنا؛ مع بوسة تشكّرات لذات اليد التي هزمها جاره النجّار حين كان الموضوع النجارة.
    وهذا أيضاً من صميم انعدام "تقاليد المجال".
    ما أنتقده في الأصدقاء البكري وموسى ونجاة أنَّهم لم يراجعوا الموقع مثار الدعوة ليروا فيه كيف ينظر لوفين لثقافتنا، أو بعبارة أكثر مباشرة، ليروا ما الذي يعرفه لوفين the happiness Raiser خالق البهجة ذلك عن ثقافتنا في هذه الناحية؟
    ودعنا نقم بجولة في بوست الحسن بكري لنرى لأي مدى تحوّل الموضوع ليكون محسن خالد على نحو فاجع، كأنَّ الخواجة لوفين قد بنى ذلك الموقع من أجلي أنا، خادماً به خصومة نجاة والدكتور معي حينها، دون مراعاة للثقافة السودانية بتاتاً، ودون مراجعة لما ارتكبه صديقنا لوفين من أخطاء فادحة بحقّها، فتأمَّل بنفسك، وكفى بكتابهم عليهم حسيباً. يتداخل الدكتور حسن موسى قائلاً:

    Quote: " بس أوع الجماعة يقوموا علينا"
    الحسن
    شايفك تشرِّك و تحاحي
    و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه
    مودتي
    Quand même!
    (الحسن.. شايفك تشرِّك وتحاحي) يا النبي نوح، الحمد لله الشرك ما قبضني زي ما قبضك يا دكتور وقبض نجاة والحسن في تُولاه.
    (بس أوع الجماعة يقوموا علينا) الجماعة هؤلاء هم أنا المفرد طبعاً، وكأنّ هذا الخواجة رجل مطرطش ساكت بنى هذا الموقع لأجلي وليس لأجل الثقافة السودانية، انظر بنفسك حين الافتقار لتقاليد المجال كيف تنطمس أشياء ضخمة إلى مجرّد صغائر شخصيّة، وشنو؟
    و(الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه)، ونِعَم بالله يا الحسنان ونجاة، فلا أحسنتم مراجعة الموقع ولا نجوتم من الشرك. فالمهم أنّه جاء من الخواجة، والخواجة لا يأتي منه النَّيْ كما هو راسخ في عقليّة ووجدان كاتب الفنأفريقانية هيمسليف بعدم توخيه الحذر تجاه مثل هذه المشاريع بالذات، كما كنتُ أقدّر أنّ أوربا ذاتها قد علمّت الدكتور ضرباً من هذه الحيطة قبل تفاكيره الخاصّة في الفنأفريقانية في مداها العملي والأيديولوجي.
    ثم يتداخل الحسن بكري قائلاً:
    Quote: يا حسن موسى،
    هل من عودة إلى "جيوبوليتك الجسد" من جديد؟ أنا الذي يبقيني هنا هو خيوط من أمثال هذا الخيط. أيضا انتظر بصبر بالغ عودتنا الى حوارات أكثر وأعم فائدة - دون أن يقلل هذا، بالطبع، من القيمة الفنية للكريكتيرات خاصتك! وأظن أن قليل من مزاح، حتى وان وجدته "شريك ومحاحة"، لا يضر.
    ومودتي (عديل كدة)!!
    يطالب الحسن بالعودة إلى "جيوبوليتيك الجسد" كأنَّهم هنا قد أوفوا أمر ذلك الموقع المخصَّص للأدب السوداني حقّه! وكأنّهم نظروا في تصانيف لوفين ورؤيته لواقعنا الثقافي وكأنّهم تأملوا في تلك الربكة والسواطة الفادحة التي كانت تنتظم الموقع حينها، فتأمَّل!
    كما لا ينسى الحسن بكري "تحريش" حسن موسى على مواصلة رسوماته ضدي، التي كانت تسعى بكل جد إلى تكريس كاتب سكّير –هذه شهادة سيف الدين- في ذهنيّة قرائه. كاتب سكِّير عمره 34 سنة فحسب حينها وقد أنجز من الكتب ما لم تنجزه أجيال الدكتور والحسن كلّها، فدا بيلقى وكت وين للسكر يا ربي!؟
    انعدام "تقاليد المجال" لدى الدكتور هنا يجعله لا يتورّع عن هدم هذا الفنّان بآلة لا علاقة لها ولو بنظرية "الهدم النقّاد" التي يتبناها الدكتور في "جهنم". والدكتور في هذه الناحية عائب جداً، فقد استخدم مثل هذه الآلات التي لا تحترم "تقاليد المجال" مع كثيرين غيري لا أودُّ ذكر أسمائهم كي أفقد أنا أيضاً "تقاليد مجالي" مثله، تكفيني روحي للاستشهاد فهي ملكي وأنا مخيّر فيها، كما هي منذورة أيضاً للاستشهاد الآخر على أبواب جمهوريّة الفن.
    وانعدام "تقاليد المجال" لا يمنع البكري أيضاً من هذا التحريش الموقّع بـ"ومودتي.. عديل كدة". لا أعوِّل على انتقاد الحسن كثيراً فأنا أقبله كرفيق مجال إذا تعلّق الأمر بإعداد (ببلوغرافيا) للأدباء السودانيين، كما عددتُ اسمه بنفسي ضمن قائمة الكتاب المعروفين للأخ لوفين وسيأتي ذلك لاحقاً في هذا البوست. عدا ذلك فأنا لا أعتبر تكاليف "تقاليد المجال" تقع عليه، إذ لا أعتبره "مُبدعاً" يقع عليه التكليف الفنّي، قد يكون كاتباً ولكنني لا أعتبره مُبدعاً، وهذا رأي من حقّي قوله بالطبع ما دام الأمر لا يتعلَّق بإعداد ببلوغرافيا ما. وهذا الكلام سأظلُّ أكتبه ما لم تتطوّر كتابة الحسن عن موائع الرغي والإنشاء إلى جامد الكتابة، حتّى وإن لعنني الحسن على الملأ كما لعن الصديق عصام أبو القاسم. وتغافلتْ نجاة عن هذا اللعن الذي جاء ببطن البوست كلوثة غريبة بدون أي أسباب أو دواعي. كما تغافلت نجاة من قبل عن اتهامه لي بالانتحال الذي رماه "جزافاً" وذهب، فأين نجاة زاعمة الحقّانية هذه من العدالة؟
    المهم، أنَّ الدكتور موسى يتداخل مرّة ثانية قائلاً:
    Quote: يا الحسن يا خوي القصة ونسة ،" ونسة جد" ، ما " ونسة ساكت" ،
    لكن الونسة " الجد" ما بتبقى بلا زرزرة ، و هذه من أبجديات " علم الونسة " الذي طوّر أهلنا فيه تصانيف أكاديمية موغلة في الغماسة.
    شغلتني عن المتابعة في خيط "جيوبوليتيك الجسد.." أمور الدنيا بين الجري وراء المعايش الجرجارة و معرض رسم و ندوات في " الفنأفريقانية" هذه الأيام في مدينة " مونبليية" القريبة ،و بعدين ياخي أنحنا ناس رسم أولوية الكتابة عندنا تجي بعد الرسم و الحمد لله على كل شيئ.و لكني عائد لذلك كله ( بالله شوف جيوبوليتيك الجسد وصل بناس الأزهر وين).
    يقول الدكتور للحسن القصّة "ونسة" وكمان ونسة جد! وربما يتساءل القارئ عن أي ونسة يتحدّث الدكتور، هل هو يتحدّث عن الحوار الذي نشرتُه بمجلّة المشاهد السياسي مع إيمان شَقّاق وقمتُ بنشره في الموقع!؟ الله أعلم، ولكن أنا قلتُ في مطلع نشري له ما معناه أهديكم هذه الونسة وألا شنو ما متذكّر! ولم يقم الدكتور بترقية هذه الإلماحات إلى رتبة الزرزرة لنعرف كوعنا من بوعنا والله غالب.
    أسميتُها هنا "الإلماحات" لأنَّ الحديث ليس في وجوههم، ولكن عندما كان الحديث في وجوههم وبوسعهم الرد، فقد تسوّرتُ عليهم بوست الونسة ذلك وأسميتها "المطاعنات" كما هي في الحقيقة مطاعانات رسمية وواضحة. والحوارات بهذه الطريقة تجعلنا جميعاً نفقد "تقاليد المجال" هذه ونتحوَّل لكائنات تقتفي أثر المؤامرة، لأنّ المثل غير السري بقول "الواضح ما فاضح"، كما أنَّ الواضح يحترم المُنتقَد -بفتح القاف- ويقدّره فيحترم هو أيضاً نفسه، بعيداً عن ابتذالها وابتذال الآخرين بتحويل الحوار والسجال الثقافي إلى شخصنة وسوء تقديرات.
    وتاني المهم يا زول، الدكتور يتحدّث عن الفنأفريقانية ست الاسم، ويقول بأنّه ذهب ليحاضر فيها في مونبلييه القريبة، وما أدراك ما الفنأفريقانية هذه التنظيرات التي أعجبتني من مشاريع الدكتور!
    فيا تُرى كيف يُنَفِّذ الخواجات عموماً (ما يتشكّى منه الدكتور في الفنأفريقانية)! هل صَلَب الدكتور تفاكيره تلك ولو قليلاً من إسكتش السيوري على حامل الواقع؟
    لماذا لم يتأمَّل الدكتور في كيفيّة تنفيذ هذه الفن أفريقانية التي يُنظّر لها، وهل هي بخصوص التشكيل وحده أم أنّها كارثة باتجاه فنوننا في إجمالها؟ فما هي الوسائل الأساسية لإنفاذها بخصوص الآداب؟
    أليست هي الروح المنتخبة لهذه الترجمات ذاتها! بل الولولة هنا مستحقة لأهل الآداب أكثر من التشكيل، فالآداب بينها وبين الآخر الغربي تقف الترجمات –لا بتنبلع ولا بتنفات- بينما التشكيل لا يحول بينه وبين الآخر الغربي إلا العمى، إن لم يكن هذا الغربي أعمى فهو لن يحتاج لنُقّاد يرونه ما يفهمه ويحسه عن ما هو أمامه من لوحات وأعمال. والصراع الأساسي كما قلتُ دائماً يقع بين الفاعل المُبْدِع والمُبْدِع المتلقّي، وكل ما عداه هو رتوش وإن كان النقد إتسيليف.
    فأين صاحب الفنأفريقانية بقلب هذا البوست من لوفين وخطّته الموضوعة على موقعه مادّة البوست؟
    حتّى مداخلة العبد لله -محسن خالد- أنا لا أعفيها من تهمة الانجرار وراء الشخصنة التي طُرحت في البوست، والإلغاز، ولا أعفيها من الوقوع أيضاً في الذي هو دفاع عن النفس بعيداً عن احترام "تقاليد المجال" فكلّنا أذنبنا في ذلك البوست والعاقل النزيه من له القدرة على مراجعة نفسه ومحاسبتها وتصويبها مستقبلاً.
    فبعد اتهامي أنا للدكتور بالمطاعنة يجيبني هو:
    Quote: مطاعنة شنو يا الغمام؟
    ياخي أنا جيتك بخشم البيت و طعنتك عديل عشان توعى و تنتبه للحاصل في العالم شنو ، بدون فايدة..شايل بيرتك و خاوتنا أنا و أنا و أنا.
    ولماذا طعنني الدكتور بخشم الباب؟
    الإجابة لكي أوعى من السكر وأنتبه للعالم، والمقصود بالعالم هنا عالم الفنّ وترجمة الأدب والعالمية وما أدراك ما لوفين الذي كان بداخل هذا البوست كقميص عثمان بيد الثوّار –اللهُ أعلم، كقميص عثمان بيد طُلاّب المُلْك –العَرْشُ أعلم!
    وحقيقة حرب الدكتور معي كما شاهدتموها بأنفسكم كانت في الدفاع عن خلط الأستاذة نجاة محمّد علي بين عِلْمانيّة الدولة والعلمانية ست الاسم، كما قرأتم بأنفسكم. بذريعة استخدامي في ردّي على نجاة لتعبيري "نشبّعك أمثلة" لأنّها طالبتني بأمثلة، ومقالتي "علمانية الدولة الفلقتينا بيها دي" ما يدلّ على التكرار، فانظر وتأمَّل بنفسك لأسباب طعن الدكتور لي وحملات التشويه بالسكر ووو إلخ كيف استحالت هنا كلّها وبقدرة قادر إلى تنبيه لي وتوعية بما يدور في عالم لوفين وما أدراك ما ترجمة الأدب السوداني!؟
    فهل نحن كسودانيين نمتلك "تقاليد مجال" في الحقيقة؟
    هل نحن مثقفون فعلاً ونعمل ضمن أُطر وتقاليد الثقافة؟ أم نحن عصابات وشُلليات تعمل بتقاليد "الوكر" وتناصر المافيا؟
    مثقفون نحن أم مافيا ليصبح التناصر بالباطل واجب الجميع، والقصاص من أي فرد يجوز لكونه يؤلم الجميع؟
    مثقفون نحن أم ماذا؟
    وإن كنّا مثقفين فهل نحن مثقفون بدون "تقاليد مجال"؟
    بدون تربية مجال؟ بدون شخصنة لسجالاتنا؟ بدون اندهاش ذليل ومتمرّغ بالأجنبي؟
    ---------
    وسأعود لتتمة حديثي ولنشر مراسلاتي مع لوفين حول موقعه الأدبي بعد اتصاله بي منذ أكثر من عام، عسى أن تُساهم هذه المشاركة في تأسيس "تقاليد مجال" راسخة لنا كمثقفين سودانيين.
                  

06-24-2008, 08:43 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    Quote: فأية ترجمات هذه التي تجلب للإنسان العالميّة؟ العالميّة هذه إن كانت تعجب الناس فهي ابنة "التجويد" ولا غيره.


    السي محسن ،
    ريحتني الله يريح بالك!
    ________

    تداخلتُ سابقا مدفوعةً (بحنق) على الاحتفاء بكتُابنا في الغرب في وقت تُمنع فيه رواياتهم و آخرين في الداخل وتُهرب رواياتهم سراً وتُقرأ في الخفاء، في حين من ظلوا هناك -- خلف خط الغربة يجهَلون ما كُتب عن تفاصيل يومياتهم و حياتهم... وقالوا اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع، و(البيت) محتاج يقرأ ما كَتب أبنائه وأن يُثرى الحراك الثقافي (هناك) حيث ننتمي، و بالتجويد كما قال خالد سنصل لحدود الشمس...

    لو قُدر لي تحقيق الأماني، لوددتُ لو عاد كل المبدعين للسودان ليكتبوا عنه شبرا شبرا و يرسموا شخوصه بدقة ليوثقوا بسردهم ما يتسرب من بين اناملنا فيما نحن مشدوهون باحتفاء جامعة هنا و منبر هناك دون الوقوف على جودة ما تُرجم ولا الغاية من ترجمته وأحتمال كونها قد لا تعدو محاولات طلاب ترجمة لتجويد لغة جديدة لا يفقهون الكثير عن خلفيتها الثقافية، والحري بنا قبل الاحتفاء أن نتسائل عن مدى اهليتهم ليستئمنوا على سردنا ونتاجنا....

    لا أقصد التقليل من شأن من خاطبوهم، وفسرت رأي بشكل مسهب للأخ عبدالغني كرم الله في مقام آخر وقطعا لا اعني التشكيك في حسن نية أخي بهاء ، ولكنه ردٌ جامع لكل الجذل السابق ...

    هل مات ما كتب إدوارد سعيد؟

    شخصيا لا أرى خيرا في الاستشراق ولا مداخله ...



    كل الود،
                  

06-25-2008, 00:12 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 27729

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عزاز شامي)
                  

06-25-2008, 03:07 AM

الفاتح ميرغني
<aالفاتح ميرغني
تاريخ التسجيل: 03-01-2007
مجموع المشاركات: 7488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: حيدر حسن ميرغني)

    شكرا صديقي بهاء على الإحتفاء بالاديب عبد الغني
    قرأت له مجموعة من الخواطر من بينها"ألف مبروك للفاشلين في امتحانات بلادي السادية!! وعلبة برنجي


    وقد لفت نظري في كتاباته بساطة اللغة وحلاوة السرد التي تجعلك تغوص معه في محيطه الإبداعي، وكما يقول اهل الادب أن لكل أديب محيطين : البيئة التي حوله وهي ثابتة نسبيا ومحيط السرد الإبداعي الخاص به وهو غير محدود، وأن الكاتب إن نجح في التوليف بين الإثنين قدم لنا نصا روائيا قريبا من الكمال، والقاسم المشترك هنا هو اللغة، فاللغة على حد تعبير شيخ لروائيين غ. غارسييا ماركيز تسمو بمستوي السحر الروائي وتخلق الجو الذي يتعرف فيه البشر إلي أنفسهم وأهواءهم وتأسر القارئ وتنقله إلي عوالم مختلفة"

    التحية لك ولصديقك عبدالغني
                  

06-25-2008, 04:27 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: الفاتح ميرغني)

    صديقي محسن :
    شكرا لك أن أشركتنا في هذا المفهوم الذي تتبناه وتدعو إليه
    هذا أولا ...
    ثانيا :
    أنا لست عضوا في هذا الموقع الذي تتحدث عنه
    وهذا لا يهم كثيرا
    ولا اعرف كثيرا عن خافيير لوفين
    اللهم إلا نتف عن إهتمامه بالأدب السوداني

    المسألة ياصديقي ليست خفة ولا يحزنون
    بقدر ما هي فرح غامربنجاح كتابات صديق
    أتمنى له كل خير مثله مثل أي سوداني
    وكما قالت الأخت عزاز :
    أتمنى أن يقرأ أهلي في البلد نتاجات مثل هذه
    لأنهم المعنيون بها بدءً

    رغم الذي يحدث من مجرد إيقاف صحيفة يومية راتبة عن الصدور فما بالكم
    بإبداع يمكن أن يمس جوهر وأصل السياسي الذي
    أصبح محرما و(تابو)
    أرى أن هذه السجلات التي دارت بينك وبين آخرين
    هي دفع لحراك هذه البرك الساكنة
    وترسيخا لقيم إبداعية راكزة
    في عمق أدبنا الحديث والقديم

    لا همّ لي بهذه السجلات
    رغم أني أرقبها كمتابع إلى حد ما يدعي أنه متذوق ربما

    يهمني ناتجه النهائي
    هل تدفع إلى الأمام أن تشدنا لسجال وعراك وشتائم كالعادة
    ولا تقدم ولا تؤخر ؟؟

    الأخ محسن والأخت العزيزة : عزاز
    لم ولن ولا أنجر وراء مسألة العالمية
    رغم تكراري لهذا تباعا وتكرارا

    هل كان من الممكن أن نقرأ ماركيز إن لم يصبح عالميا
    رغم تمسكه برأيه الثقافي ومنتوج بلاده الخاص في هذا الشأن ؟؟
    هل كان من الممكن انت في ذات روحك محسن
    أن تعرف شيء عن الرومانسية السحرية ونفرتها الجديدة عنده ؟؟
    هل كنا سنباهي بالطيب صالح إن لم يصل لما وصل إليه عالميا ؟
    ولنكن صادقين .. وواضحين أمام حقائق الأشياء
    هناك كتاب ربما يكون كعبهم في الإبداع أعلى مقاما من الطيب نفسه وموسمه
    وعليكم برواية واحدة وجدت فيها من الإبداع والسرد والتكنيك
    الماتح من عمق ثقافتنا ووجداننا ما لم أجده عند الطيب
    وأعني ( رواية الخطوة )ليوسف القعيد
    وربما طال بي العهد بها ولازالت عالقة بذهني ووجداني

    إذا تحدثنا بمفهومك للمجال ...
    فهذا مجال آخر
    يمكن لمبدعينا أن يلجوه بركيزة أدبهم وسموقهم وعلو كعبهم فيه

    وأطرح عليك بديلا عن المجال
    أطرح رؤية الرسوخ الثقافي والتقاليد الثقافي
    فالمجالات كون شاسع وعريض
    لكنما الرسوخ والتقاليد أكثر تحديدا
    وأعمق والأمر رهين النقاش
    فالمجال الذي تتحدث عنه - إن فهمت جيدا-
    لا ينفك عن ولا يخرج في مجمله عن الرسوخ والتقاليد
    فإن كان عندنا رسوخ وتقاليد مرعية ومحترمة في ضميرنا الجمعي
    فحتما كل هذا الحبر المهراق سيكون خيرا وفيرا على أدبنا
    بديلا للعك والهجوم والهجوم المضاد

    وربما تنويهنا بالصديق كرم الله
    يجعله ( يكربّ) أدواته أكثر مما هي الآن
    وهناك كثر ربما ( بالتعود والإعتيادية )
    السائدة عندنا والتي تجعلنا لا نأبه لما حولنا كثيرا وبتدقيق فاحص
    أقول ربما هذا التنويه
    يجلب خيرا له ولحركة الإبداع عنده وعند غيره
    فلا أرى الأمر كله شر وسربعة
    لا طائل منها
    أقول ربما
    ولا نعلم أين يكون الخير
    فيكفي الآن ما سطر عنه وعن إبداعه
    هنا في هذا الموقع ناهيك عن أماكن أخرى غيره
    فكتابة الأستاذ فضيلي وصديق محيسي وأنت ذات نفسك
    عنه ما كانت لتظهر هنا ومجمعة في خيط واحد لولا هذا التنويه

    فالمبدع لا يتوقف لبهاء أو محسن أو عزاز أو لوفين
    ولكن ربما ينتبه لما غاب عنه في أدواته
    من إشارة طفيفة من اي شخص عنده رسوخ وتقاليد في تذوق ما هو مطروح
    وعنده أدوات تشريح لا تؤلم ولكنها تعالج

    شكرا :
    صديقي حيدر :
    دائما الرؤية عندك متسعة وعبارتك توفي
    مع إختصارها وتغني عن كثير الكلام

    الفاتح :
    يا صديق آواخر الليل
    وهاجس الحرف والموسيقى
    هذا الماركيزأحبه جدا
    ولكنما عندي جورج أمادو ألصق بروحي وفكري
    ( أرض ثمارها من ذهب )تكفيه لتشبعني فنا وإبداعا

    لكم حتما عودات ولنا مثلها
    يا محسن لندفع قدما بهذا المسار لغايات تحقق ما نحلم به
    وطن معافى ويوازيه إبداع معافى يصل لكل الناس
    عزاز ما تغيبي كثير وواصلي كتاباتك

    لكم ودي العاطر يظللكم جميعا

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 06-25-2008, 04:30 AM)
    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 06-25-2008, 04:38 AM)

                  

06-25-2008, 05:00 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    يضحك نهارك يا حيدر وأبقى طيّب

    (عدل بواسطة محسن خالد on 06-25-2008, 05:54 AM)
    (عدل بواسطة محسن خالد on 06-25-2008, 06:30 AM)

                  

06-25-2008, 05:18 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 27729

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محسن خالد)
                  

06-25-2008, 07:54 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: حيدر حسن ميرغني)

    الشكر ليك أخوي، عزيزي الفاتح مرغني..

    والله ذكرتني موضوع قديمة، ويطرح اليوم، بعد ظهور نتائج المدراس السودانية (الدينية)،..
    والمقال كما هو، فلا جديد، فلا تزال المناهج تكبل الطاقات الاستثنائية للإنسان الكامن في الإنسان.. ..


    ألف مبروك للفاشلين في امتحانات بلادي السادية!!
    كتب بتاريخ 22/6/2006م


    لكل الايفاع والذين رماهم قدرهم في مناهج مفلسة، مضرة، سادية، وعلى مدارس سقفها الشمش الحارة، وبلاطها اديم الارض، وعلى سبورة لا تدركها عين زرقاء اليمامة، ومعلمين مليئة بطونهم بالجوع وقلوبهم بالحزن، والديون، وعلى اسرة هاجر الاب، داخل وخارج الوطن، خرج بهم الهم والسرحان عن جو الاسرة القديم، الوفي الرطب...

    للفاشلين، طوبى لكم، عقولكم اكبر من المناهج،
    صدوركم تحلم بإنسان كامل فيكم، (خرجتم من الرحم، صفحة بيضاء، كي ترسم عليها الأيدي الحكيمة أجمل ا يكون) بمنهاج يستشف تطلعاتكم، ويجري بكم لأفاق غير محدودة، ولا في خلد الملائكة، مناهج تحس بكم، وتشخص هموكم واحلامكم، وتثري وجدانكم وحواسكم الكبرى..

    رمى بكم القدر، في وزارة باهتة، لجان باهتة، تصيغ المناهج الباهتة، المذلة، حشو عقولكم بسخف وخرافات، قتلوا روح الابداع والتجاوز، صبوا عقولكم العطشى للأفاق البعيدة في قوالب تليدة، رجعية، مضرة، تقوم على الحفظ والترديد، والببغاءوية، وأنتم مشروع إنسان كامل، لا أفق لتطلعاته...
    حتى الرأي العام، قتل فطرتكم الأولى، بمسيات (دكتور ضابط)، وكأن الحياة، لا تقوم إلى في العيادات المليئة بالسعال والأنين، والعسكر، وما أدراك ما العسكر، (لنا تجربة تفي كل سوداني، عن التعريف)..

    ادخلوا صراخ الثكالى في عقولكم، صبغوا بسواد جهلهم صفحات في خيالكم البديع، وحفروا في حقول الذاكرة حفر وثغوب، ..فهربت عقولكم من الفصول، كي تسرح في ملكوتها الخاص....

    نفروكم من سماحة العلم، والفكر، والهندسة، والدين، وألقه، ودوره في اكتشاف الذات والعباد، صبوا الاسمنت في آلية التفكير، كي تفكر كالأمس، وتحكم كالأمس، وتكتب الشعر كالموتى،...

    لا عليكم، ورب الكعبة لا عليكم، انتم اذكى منهم ومن المناهج ومن وضع الامتحانات، فعمكم العقبري انشاتين كان يكره المناهج، وتشرد، في عقله الخاص، ومخترع الهندسة الوراثية كان متشردا بارعا، ملء جيف ا لفصول الميتة، وجرى للجامعات الكبرى بداخله، عقل خلاق، وقلب محب، ووجدان محلق بالخيال...

    انتم حفدة رجال عظام، في تاريخ البشر، عمكم هوميروس، والفارابي ولويس باستور وابن عربي وداورن، لم يلتفتوا لشئ، سوى هاجس داخلي، سوى نور يسعى بين ضلوعهم، فاكتشفوا ذواتهم، اكتشفوا العبقرية داخل نفوسهم، لا يأس مع العبقرية المدخرة والمخبأة بداخلكم.. فالحياة لم تصيغ في صبرها الطويل عقولكم وعيونكم عبثاً....

    على يقين بانكم اعظم، وليس هذا محك، بل هذه الامتحانات وصمة عار، بل فشلكم يدل على عقمها وفشلها، اشبه من يحاول صب ماء البحر في حفرة صغيرة.... أو إدخال قبة السماء...في علبة صلصلة، تفاوت في المدارس، مدارس كأنها الشتاء من برد المكيفات، ومدارس، بلا سقف، ومعليمن، يردسهم هواء السماء،

    وللكل الناجين، انتم أكبر، بل هذه الامتحانات شلت عبقريتكم الكبرى...

    للفاشلين، يقول برنادشو، هناك (ظروف ذكية، وهناك ظروف بليدة)، لقد وقعت في ظروف ومناهج وطرق تدريس ومدارس وأزياء وامتحانات... بليدة ... بليدة ... بليدة...

    فلنراجع الذات والعباد والبلاد والمنهاج والافكار والمثل العليا... كي نجلو صدأ قديم، ربط على حواسنا جميعا.. وعلى رأسها حاستي (العقل والقلب)...

    متى نصحو، نمنا اكثر من ألف عام، ومع هذا يقولون بأن (أهل الكهف)، اصحاب الرقم القياسي في النوم...

    هؤلاء فلذات الأكباد، أمل الشعب، انهم الغد، إنها الشمس، فلم نطفئ عقولهم بالإهمال...

    للحق الأمر أكبر وأعصى من الوصف والفهم والحكم، متى يأتي المنهاج السوي، الكلف بالتعليم المستمر، المنهاج الذكي الخلاق، المتفرد، كي تعرج بسلمه النفوس لشمسها البعيدة البعيدة..
    المنهاج الذيي يحرر العقول والقلوب من السخف والخرافات، منهاج علمي، تجريبي، سوي... يطلق لعصافير اجنحتها كي تغرد بنفسها، منهاج يعرف مقدار الفرد، والمجتمع، يعرف قدره ودوره، منهاج يحرر الإنسان من براثن الجهل..
    متى؟!!!





    يا لبئوس المناهج..
                  

06-25-2008, 08:05 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    الأعزاء، فرحي وسعدي..

    سأنزل ادناه، خطاب كتبته للاخ مطصفى مدثر، ونشر في سودان فور اول، أوضح فيه جزء، فلسفتي المتواضعة عن (الكتابة)، لم نكتب، وهو مكتوب يوم 22/4/2007م، ولم ازد عليه سطر..

    فالكتابة شأن ذاتي،.. بعمنى، ينتابك توق للتعبير، للاعتراض، للفرح، للمغامرة، للشبق، ..
    وهي محيرة ومربكة فعلا.. لم نكتب، للناس، للعالم، لنا.. للحبيبة، لكل هؤلاء...

    غايتو حاولت في الخطاب توضيح جزء من سر (الكتابة)، وهيهات..

    المحبة الزايدة...
    صباح الأربعاء..
                  

06-25-2008, 08:08 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    23/4/2007م

    عزيزي واخي استاذ المصطفى مدثر....

    سلام سلام، ومحبة...
    لم الكتابة!!..؟ سؤال أوجه لنفسي، كل يوم، بل لم يفارقني، لم؟ إهي ضرورة، أم (كمالية)، أم (غريزة)، كالجوع، والجنس، وخطف التجلي!!..

    (تكنيك التعبير عن الذات، والقدرة على التعبير عنها)، اخوك حين يحكي (حتى على المستوى الشفهي)، لاصحابه يستعمل كل جوارحه (أختي علوية يعجبها هذا التعبير الجسدي، وصديقي حميد يعتبره (نقص في التعبير وتسخير الوجه والايدي لإكمال الصورة)، ود. عبدالله عابدين، يأتي برأي ثالث، بأن الجسد يعبر أكثر من اللغة، وبصدق، (زي الرقيص، والخوف والابتسام، تكتفي النفس بتعبيرات الجسد)، ويظل اللسان عاجزا (لوحده)، عن التعبير عن انفعالات الجسد كله (حتى الاصابع والرجل تفرح، والقلب والظهر والمخ، كلها تفرح، وتريد من اللسان "وحده"، أن يعبر عنها)، ولأنني (خجول نسيبا)، أقول خجول لأن سربي المقرب/المحبب، يقولون ذلك، ولكن خواطري (الشاطحة، تقول عكس ذلك تماما، حين قرأت الغريب، أحسست بأنني لست بعيد منه، ليس البير كامو، إنما ميرسو، بطله، أو قل سريرته، وسيرته الذاتية)..، كما يرتسم على البصر، رهاب خوف من القطيع/المجتمع/، طاقية الاختباء كانت حلمي.. كي أرى الوجود، ولا يراني..(هل الموت اختباء غريزي)... (لقد فرت الغزالة، حين جرى خاطر وحشي بذهن الشيخ السماني خاطر: لو بآكل اللحم الغزالة دي ما قربت مني كده)، مجرد خاطر حيواني منه، فرت الغزالة، (يطلق الجسم الإنساني رائحة التوجس، التوحش، هالة تحيط به كالجلد)، فتفر منه الأشياء (حتى الشعر يفر)، وألا لما ركت (حططت) العصافير على (كتف الحلاج)، ولم ترك على كتف موسوليني، أو حتى جابر ين حيان، أو حتى التجاني يوسف بشير (السؤال يوجه للعصافير:.لم جعلت من كتف الحلاج عرشا لها)، إنه الحدس.. (ذاك السراج الدفين بجمجمتها الصغيرة)، والذي جعل من البذرة الحقيرة شجرة وارفة، تعرف كيف تشق طريقها للفروع، ثم الساق، ثم الاوراق، ثم الثمرة، وتكورها، وطمعها اللذيذ.... لقد ابتعدت البذرة تماما عن هويتها الأولى... لشئ أخر... بسراج الحدس، خريطة الطريق للكمال، والجمال، للثمرة، بدلا عن بذرة واحدة، وبداخل كل ثمرة (عشرات البذور)، العصافير تعرف زولها (يتغني بها الشعراء)، وتحط على كتوف المسالمين الحقيقين....

    جاء التعبير عن النفس (عن الحياة وغموضها وتهتكها، ولذتها)، عبر آليات الكتابة، عزلة الكتابة، ما من كتابة وإلا هي عزلة حسية، ومعنوية، و(احيانا بالشعر)، وغالب الاحيان (بالسرد)، السرد حوافه واطره مديدة، وواسعة، والشعر (اوسع في التعبير عن الذات، وحقيقتها)، ولكنه مركز، ومكثف، كنواه الذرة الصغيرة (والقادرة على الفتك حين تمل، وتنفجر، أي توزع طاقتها المكبوتة في الأفاق)... كما فعلت بهيروشيما، وكما يفعل (مكبوت الشعر)، مع القلوب، (حين يفجر ومضه وخطفه القوي)، ويهدم كل تصور عادي، أو مبتذل للحياة، بيت شعر صغير يفعل ذلك، بل أكثر، ولكن هنا كتجلي (جمالي)، وهناك، كتجلي (جلالي، ذرة المادة، اقصد، وذرة الشعر، في الثانية)، والمادة طاقة، والطاقة، شئ واحد، محير ومربك...كأحداث الماضي (أين هي الآن)، وكأحداث المستقبل (أين تختبئ الآن)، حتى على الإله، أم (الكون ألغاز، بالنسبة للعقول البشرية فقط)، ولكنه ماثل كله، لبعض الذوات... التي تتشبه بالإله، بحقيقتها..

    وكتابة الشعر صعبة، لأنها حال إلهام، وخطف ذاتي/سماوي، لا تجارى، ولا تتكلف، ولا تتصنع، والسرد قد يكون غير ذلك، وقد يكون ذلك...

    هل تصدق أخي واستاذي مصطفى، بأني بكيت (على دون كيشوت)، أكثر من رحيل خالي دفع الله، (رغم حبي المفرط له)، أحسست بهوان دون كيشوت، وظللت ابكي، والكتاب على ظهري يهدهدني، ويعزيني رجل رفع سيف في وجه الطاغوت، في وجه العادة، في وجه الابتذال، ياله من فارس فاشل كبير، لقد سخر من كل شئ في الذوات البشرية، (حين نعجز على تغير الواقع فلنتهكم منه)، كيف استطاع ان يصور (الهوان البشري)، وبلادة الحياة، والبون الشاسع بين (الكائن)، وما ينبغي أن (يكون)... مجرد حروف سوداء، أظهرت لي الفارس العجوز، وسيفه الصدئ المكسور، وروحه المتوثبة، وتتداخل الهذيان والواقع والحلم في نسيج عبقري، ناضج، ومتفرد... سالت الدموع بعد أكثر من 4 قرون من سواح الفارس في ربوع اسبانيا، كمسيح ادبي، يعيد الارض للجنة، للحلم، للهذيان المبارك...

    أين دفن دون كيشوت، أين قبره، كي نحج له، كما نحج للجيلاني، وللوثر، ولموزرات، (للشخوص الرؤاية أجساد حقيقية)، ألم يبكي (ماركيز ومرسدسدس)، على موت احد الشخوص (القاتل ماركيز، والخالق ماركيز، والباكي ماركيز)، فكرة الخلق والموت، ومن يد واحدة، وإرادة واحدة تربك العقول، وتجعل الوعي محدود، وقاصر..(إذن خيال الكاتب يجري بدفع ذاتي، وعلى العقل تسجيله، ورصده)، وحينها يكون (المبدع والمتلقي)، هما ذات و احدة، والقارئ الأول للنص، هو المبدع ذاته، فقد تتدفق الخيال، من ذاته، كما يتدفق (الجوع، والخوف، واللذة الجنسية)، بلا حول أو قوة...

    فالكتابة شأن ذاتي، كم أحسست بمعاناة ابوزيد البساطمي، (ضال كبير)، كان يبحث عن شي نفيس (ذاته)، فأرهق جسده (كالمتنبي)، وإذا كانت النفوس كبارا، تعبت بمرادها الاجسام، النفوس الكبيرة ترفض الظلم، ترفض العادة، والتسلط، بل ترفض الإجابة المبتذلة ل (لم نعيش)، كي نقرأ، ونبني، ونتزوج، ونموت، (وترك السؤال القديم معلق على مشجب النسيان)، (من أنا)، وهل يترك هذا السؤال نفسا دوان يروادها في اليوم، بل في كل لحظة، ولكننا نزوغ منه، من ضجيجه، من قوته، من قهره، من تضحياته
    بل كنت اتمنى التعبير عن الذات (بالرسم)، بل بالأدق بالنحت .... (توحيد بنية الجسم في النحت)، العضلات، والفكر والإرادة، وتجسيد الخيال، (وحين لن نعبد التمثال)، عبادة الوعي الذاتي، حين يتجسد، كم مغرور هذا الإنسان، له الحق (وغير ذلك أيضا)، حمال اوجه، كان ويكون، وكائن..

    نصحني صديق بالنحت (رأي توتري الداخلي عميق، ومتواصل، ويومي)، قال لي حاول أن تنحت.... كي تخرج تناقضك/أو اتساقك الداخلي، كي ترى ذاتك، في مرآة (الإنجاز)، كم متعبة حقيقة الإنسان....

    والله اخي مصطفى اكتب لأني متعب، واحيانا كثيرة اود تمزيق كل ما اكتب، بل احب وتراودني نفسي للهجرة بعيدا، لخلوة بعيدة عن أي ضجيج مادي، بل احيانا ارغب في العيش في بقعة لم تتدخل فيها يد إنسان، على الإطلاق، عذراء، رسمتها الطبيعة ببطئها المعروف، وحذاقتها الاكيدة (كما رسمت القلب، ومشاعره، وتدفقه)، بدون تتدخل حتى (آدم الأول)، فهو معطى، من معطيات (الطبيعة العذراء والمتواضعة)، والتي تخفي عبقريتها، إلا لمن حدق جيدا (كما حدق مندل،)، الراهب الملول، والذي جعل من بذرة البازلاء، رسولا للجنيات، والخريطة الوراثية، وتواصل الاجيال، داخل الجينات، (يمكننا ان نقول بأننا خالدون، وبأن آدم الأول، هو نحن: ودهشته من الوجود لا تزال ماثلة)، فالوجود لا يزال يستفز العقل (بغموضه، وسحره)، ولذا نظل (نفكر، ونكتب، ونعزف، وننتحر، ونشطح)، مدى الدهر......

    لم أكتب؟، والله عجبتني كلمة (اورهان باموق)، أمام نوبل، ياريت ننزلها، هذا الطفل الشقي، اجاب عن 80% من إغراء الكتابة، بصدق وعفوية يحسد عليها (كما نحسد ميرسو، بطل كامو في الغريب)، على وضوحه الشديييييييييييييد، سيرة وسريرة واحدة، كالاطفال، بل ارق....لم احس بتضامني مع كاتب، وإحساسي بهوانه، على نفسه، وعلى بيئته، كما احسست (البير كامي، وأحيانا محمد شكري، وفدوى طوقان نسبيا، وبرضو طه حسين، ومعاوية نور)، كان الله في عونه، أهكذا عاش، (نافرا)، من بيئة باهتة تحيط به...(بشر الحافي، وضع نعله تحت إبطه، وجري من وحش بغداد، ضجيج بغداد، سخط الخرطوم، جنون شيكاغو)، وعلى نفسها، جنت المدن...(أي خيال!!! سوف يعترض ويمتعض من شكل المدن، وروح المدن، وجوهر المدن، غرور المدن)، ومجتمع جديد، أو (الكارثة)...(أو)، الكتابة... الكتابة بديل، وانتحار مبارك وحلال (انتحار بمعنى الخروج من العالم الماثل)، والقفز داخل العالم (المتخيل، المتصور)، المنشود.. فالخيال هو الغد، وقد تراءى للعقول، كي يحفزها للسير، نحوه، كواقع متوقع!

    كلامك عن نص (النيل الازرق)، كله تمام، وصاح، وحقيقي، (الكتابة الآلية)، أحيانا تكون ساطعة، ثم تنحرف، ثم ترسو في القاع، وكثير من الاحيان لا اراجع ما اكتب بإحساس (إنو العاطفة حين كتب النص كانت في ذبذبة عالية)، وحين تراجع، قد تهمد العاطفة، ويجري التعديل (ببرود العقل)، وحينها يكون النص بعيدا، حتى عن كاتبه (السعيد، والمشرف على الموت: لا يتفاهمان)، النص بعيد، بعيييييييييييييييد، عن كاتبه، يقرأه وكأنه من شخص أخر، وللحق (أخر)، كما يقول علم النفس،و التصوف (النفوس سبع)، بل أكثر... والنص كتب (بنفس)، ويراجع (بنفس أخرى)، اكثر تبلدا، وتذوق...

    نعود، الكتابة شأن ذاتي، بحث عن الروح، محاولة لاكتشاف الذات، وليس متعة، أو تسلية، (وقد تكون كذلك)، كوظائف ثانوية، ولكن (كي اعثر على ذاتي)، روحي الغائبة، عني... ليتنا نعثر عليها، عبر جسر الحروف.. ليتنا...القدرة على التعبير، عن مكنونات النفس، عن خلجاتها، عن نبضها الدفين، وطموحها، فالقدرة تنمو، وتمد يديها حتى للاستحالة، وتصير الاستحالة واقع (كما رقص ناس على الحبل، وتكلم أخرين مع الموتى، وتحسس آخرين الخيال بأيديهم، كما نتحسس رأس الحبيب)،

    قد اترك الكتابة، إذ أحسست بأنها لم تقربني من نفسي، من ذاتي... إذ أحسست بأنها طريق مسدود، أو ضال، وبأن هناك طريق آخر للوصول للذات حتى ولو كان (شحده الناس في الطرقات والمساجد)، كما فعل بشر الحافي... (باب الذل أقرب الطرق)، ... أو أي باب أخر، تخترعه النفس (بخيالها)، بعكازها الجميل (الخيال).... وقد أركع، كما ركع، (بطل الأبلة)، للعاهرات حين أحس (أنا أركع من أجل الخطيئة البشرية، من أجل كل الخطيئة البشرية)، من أجلكن... أيتها القريبات من حقيقتكن، هوانكم.... كما باع (هيسه)، شواهد القبور، أو كما ضرب الخضر في الاصقاع بحثا عن نفسه، وكيانه... وجنته، أو جحيمه، ....
    وتظل الكتابة شأن ذاتي بحت...كمعراج للذات، ببراق الحبر، والصور، والشكول..والخواطر، حبل يتداعى بك، لقعر الذات، حيث لا حيث، وعند لاعند، أتصور بأن هذا (تصوري) للكتابة...
    عميق محبتي!!...

    اخوك عبدالغني كرم الله
    الدوحة
    23/4/2007


    ملحوظة:
    أخي واستاذي مصطفى مدثر الكاتب القاص المعروف..



    .....
                  

06-25-2008, 08:13 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: حيدر حسن ميرغني)

    عندما بلغتني أولى رسائل لوفين، أوَّل ما استوقفني فيها هو مخاطبته لي باللغة الإنجليزية. لماذا؟
    "ولماذا" هذه تتضخّم وتتضخّم مثل بالون منطاد، حتى ترتفع بمنطادها لدرجة أن يفرقع من حرارة العلو. "لماذا" خاصَّة بهذا الرجل بالذات وعلى وجه التحديد، المتخصِّص في اللغة العربية، ومسؤول قسم اللغة العربية بجامعة غربية. والذي جاءني إلى مكاني طالباً أن يترجم لي، من العربية إلى الفرنسية، ولم أذهب إليه أنا، فلماذا رغم كلّ ذلك يتعامل معي كمستعمرة إنجليزية؟ من افترض له على بياض أنَّني ككاتب أكتب باللغة العربية أعرفُ اللغة الإنجليزية أيضاً!؟
    أين تكريمه لقصتي في مخاطبتي باللغة التي كُتبت بها، قبل تكريمه لها بترجمتها!؟
    عفواً يا لوفين، فإن كنتَ تجيد الإنجليزية أكثر من العربية فمن المستحسن أن تقوم بالترجمة عن الإنجليزية بدلاً عن العربية. وإن قَبِلَ كلُّ من كاتبتهم الرد عليك باللغة الإنجليزية فأنا لن أفعل ذلك. إن كنتَ قد تعاملتَ مع كُتّاب حصلت على بعضهم من الانترنت وملأت بهم موقعك كـ(أعلام للأدب السوداني)، فأنت الآن قد بلغت وكر كاتب محترف. بل دعني أعرف مستواك في العربية ذاتها ما دُمتَ تُريد أن تُترجم (الوجود والوجود الآخر) التي أعجبتك. وإن كان مجرّد قراءة رسالة لي يستنزف من وقتك ما يكفي لترجمة قصّة، فاكسب وقتك يا صديقي. فبالنسبة لي أنا لو قامت نجاة محمّد علي الما خواجية بترجمة إحدى قصصي إلى الفرنسية فسأكون محتفلاً بها، ومطمئناً عليها، أكثر من أن يقوم بترجمتها خواجة. لأنّ المشاكل المُحتمل أن تعترض هذه القصة في حال أن تترجمها نجاة ستكون متعلّقة بالتعبيرية فقط. وهذه يمكن لأي محرر غربي أن يقبض لقاءها خمسين يورو ويستعدلها في ظرف ساعات. أمَّا المشاكل المُحتمل أن تعترض القصّة في حال أن يقوم بنقلها شخصٌ ليس ناطقاً بلغة القصّة ذاتها، فهذه مشاكل ستقوم على مستوى فهم النص ذاته ومحتواه، وعلى مستوى النهج والأسلوبيّة التي اتّبعها الكاتب، وتقنياته، وكلّ اجتهاداته في ابتداع التفاكير والتعابير بداخل العمل. فأيُّ الضررين أخف؟ وهل لو قامت غداً الأستاذة نجاة محمّد علي بمقترح مشروع مثل لوفين هذا كنّا سنسمع هذا التهليل كلّه، والتدافع على أبواب نجاة، وهذه الاعتبارية التي لم نقبض منها شيئاً حتّى الآن كثقافة سودانية؟ أنا أنتظر رؤية عمل أحمد الملك، فملاحظتي الثانية أنّ هذا المترجم يُعَرِّف نفسه من خلال ترجمة عمل يتيم لنوال السعداوي، بالإضافة للعمل الآخر واليتيم أيضاً للصديق أحمد الملك، "عملان فقط" لرئيس قسم اللغة العربية بجامعة غربية!
    عفواً يا لوفين، لو أنَّك بلغتَ من هذه الثقافة المسكينة وذات الكُتّاب المساكين.. نصف كوبها الذي بلا "تقاليد مجال"؟ فمعي قُم بتجاوزه إلى نصف كوب آخر خاص بي. فقد تأملتُ في ساحة ثقافتنا السودانية هذه التي لم تورّثني "تقاليد مجال" قبلك. ولم يكن أمامي من طريق سوى اختراع هذه التقاليد بنفسي وعيشها منفرداً ومسلولاً من قِرابي كخارجي يؤمِّل في رحمة العزلة والعمل وحيداً، أكثر مما يُؤمِّلُ في تخالطٍ يفقر بصيرته ولا يعطيه أكثر من بطاقة عضويّة في عصابة.
    وحتَّى أموت ليس بيني وبين هذه الساحة الثقافية إلا تأسيسها بالنقد الصارم على نحوٍ ينشد مستقبلها ويحترم تاريخها. والموت بالنسبة لي كفنّان خارج قِرابي هذا باطل، والحياة أيضاً خارجه باطل.
    وملاحظتي الثالثة هي أنَّ لوفين كان يقدِّم نفسه دائماً مع "إشارة ما" لأنَّ هنالك ناشر ينتظر ترجمته، ما أزعجني فعلاً ككاتب تجاوز هذه المرحلة من عشرينيات عمره. فيا أخي لوفين -عن نفسي- أتهرّب شهرياً من ناشر ما، سواءً من السودان، مصر، الشام، المغرب العربي، الخليج.. إلخ.
    فما هي دلالة هذا التلويح بالناشر في دنيا كتّاب ومترجمين يزعمون الاحتراف!؟ ولنشرح للأشخاص الذين لا علاقة لهم بهذا العالم وبهذا المجال دلالات ذلك. الناشر شيءٌ مستعصٍ حدّ المستحيل في عالم الكتابة والنشر، ولذلك من يلوِّح به يصبح رهين أحد تأويلين، إمَّا الفرح بذلك لعدم الرسوخ في المجال وعدم السمعة الكبيرة أيضاً، وإمَّا عدم التأكُّد من وجود ناشر في أساسه. لقد أزعجتني هذه الإشارة في رسالة لوفين لي، كما رأيتُها في مجمل الرسائل التي بلغت غيري ونُشرت هاهنا. وكذلك في سودان فور أوول وآخرها ما نُشر عن عبد الغني. وفي مَرَّة عبد الغني حوت الرسالة اعتذاراً عن النشر في هذا العام مع وعد بالعام المُقبل ومن خلال طريقة اذهب بنفسك واقرأها تحت إضاءتي هذه. ما اضطرني لأقوم بوضع اسم لوفين في قوقل لأرى سيرة له تحوي العملين اليتيمين ذاتيهما، اللذين لم أرهما شخصياً حتى الآن، ولأعثر على كتاب واحد فقط للوفين خلال بحثي. فسبحان الله.. قوقل اتفاسل، سأعيد البحث.
    -----------------------
    الحد أعلاه، هو ما قطعتُ لديه تسلسل أفكاري حالياً، ليس خشية أن لا يفهم بعض الناس في أي جهة يتحدَّث محسن خالد، ولكن لكي أكسب وقتي ذاته فيما أودُّ قوله. أمَّا ما أُريده من ذلك كلّه فلا تعوزني إلا نفسي لإنفاذه وتحقيقه. إذ لا أؤمن بجماعات الكُتّاب ولا غيرهم، وإن استطعتُ تربية نفسي وحدها فما قصّرت. والعافية درجات، والفضل اجتهاد، والفَهَم قِسَم. سأنشر الرسائل في تتابعها وسأعود لاحقاً لاستكمال حديثي عن "تقاليد المجال" حولها، ومنها بقدر ما أحتاج إلى ذلك.

    (الرسالة الأولى1 ):

    Quote:
    -----Original Message-----
    From: Xavier Luffin [mailto:[email protected]]
    Sent: 24/Aug/2007 12:00 AM
    To: [email protected]
    Subject: about your short stories
    Dear Muhsin Khalid
    I had your email address through Iman Shaggag, I am Xavier Luffin, the head of the dpt of Arabic at the Free University of Brussels (Belgium). I am also a translator from Arabic into French (I've translated a novel by Ahmad al-Malik and "isis" by Nawal Al Saadawi). I also created the website "Regards sur la litterature suoudanise", which includes some other of my translations: http://stic.ulb.ac.be/rls
    I want to offer to te french readers a collection of Sudanese short stories, and i would like to include your work "al wujud wa l wujud al akhar". Would you accept?
    It is still nothing but a project, but a French editor is interested
    best regards
    xavier luffin

    ردي عليها:
    Quote:
    -----Original Message-----
    From: Muhsin Khalid [mailto:[email protected]]
    Sent: 24/Aug/2007 12:00 AM
    To: 'Xavier Luffin'
    Subject: تحايا وشكر
    الأستاذ العزيز لوفين، لك التحايا وأجمل الأمنيات بالتوفيق
    أولاً نشكر لك محاولتك التعريف بالأدب السوداني ونقله للغات ثانية. ونرجو لك التوفيق والسداد في ذلك.
    ولكن بكل صراحة يا أخي بعد أن قمتُ باتباع رابط الموقع وتصفحت ما أعددتموه من مختصر لأعلام الأدب السوداني وجدتُ أشياء جِدّ محيّرة وقطعاً تسيء إلى كل مجهوداتكم لكونها تقسّم الكتّاب على نحوٍ مخل غاية الخلل. وتحشر أسماء لا يعرفها أحد بالأصل ضمن قوائم الكتاب السودانيين المعروفين لدى الجمهور والمؤسسات الأكاديمية والإعلامية ولدى دور النشر العربية المهمة. ما أربكني حقيقة وجعلني في حَيْرَةٍ من أمري. أرجو منك إعادة النظر في هذه المسألة لأنّ أي مثقف سوداني سيمر على هذا الموقع ويجد هذه الأسماء فلن ينظر إليه بجدية مطلقاً. وهذه النقطة تحديداً أي كونك قمت بوضع أسماء ما سمع بها أحدٌ قط في قائمة إنجازات ومنجزين كبار، كما قمت بإسقاط أهم أسماء في عالم الأدب السوداني اليوم، أو أسأت تقدير مكانها في ترتيباتك للأسماء.
    عموماً لا مانع لديّ أبداً في إضافة أعمالي لجهدك، ولكن ((بشرط)) وهو أن أعرف أسماء الكُتّاب الذين ستشركهم في هذه المجموعة. لأنك إن كنت ستضع ((بعض)) هذه الأسماء التي رأيتُها في الموقع، فقطعاً سأرفض أن يُوضع اسمي من بينها. مبدئياً هذه هي القائمة التي لا اعتراض لي عليها:
    الطيب صالح
    بشرى الفاضل
    أبَّكر آدم إسماعيل
    عبد العزيز بركة ساكن
    عادل القصّاص
    أحمد الملك
    أمير تاج السر
    عيسى الحلو
    إستيلا قاتيانو
    فرانسيس دينق
    عبد الغني كرم الله
    الحسن بكري
    كلثوم فضل الله
    إبراهيم إسحق
    طارق الطيب
    جمال محجوب
    ليلى أبو العلا

    على هذه الروابط ستجد (بعض) أعمالي التي صدرت في بيروت عن واحدة من أهم دور النشر العربية:
    هنا روايتان:
    http://www.airpbooks.com/Ar/Publications.php?CatId=53&page=25
    هنا مجموعة قصصية:
    http://www.airpbooks.com/Ar/Book_Details.php?BookId=139...cations.php?CatId=56
    ===
    http://www.airpbooks.com/Ar/Book_Details.php?BookId=140...cations.php?CatId=53
    ...
    http://www.airpbooks.com/Ar/Book_Details.php?BookId=136...cations.php?CatId=53
    ..
    ولك أجمل الأمنيات بالتوفيق

    --هامش—
    الكُتّاب الذين ذكرتهم، بناءً على ما جمعه هو في موقعه، وإلا لكنتُ جمعتُ له ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. باستثناء كلثوم فضل الله –إن لم تخني الذاكرة- أعتقد أنّني من اقترحها، طبعاً لانحيازي للكتابة الأنثوية المسكييينة والمحاااصرة عندنا.
    وأقواس التشديد على كلمتي "بعض" و"شرط" كما في الرسالة الأصلية.

    (الرسالة الثانية 2):
    Quote: يا عزيزي محسن خالد
    بعد التحية,
    اولا اشكرك لرد فعلك السريع والصريح!
    لقد فاجئتني ملاحظتك عن قائمة الكتاب الموجودة في موقعنا.
    اعترف بأن القائمة لا تحتوي على جميع المؤلفين السودانيين ولكن اقبل مساعدة زائري الموقع لتكميلها.
    اما بالنسبة للكتاب المذكورين في القائمة، من الصعب ان يقول الواحد (بطريقة موضوعية على الاقل) ان فلان كاتب متميز والثاني اسلوبه سيء.
    اعطي اسماء المؤلفين وعلى القاريء ان يقرأ اعمالهم وان يقرر من هو كاتب جيد اوغير جيد, في رأيه (لكن كلهم كتبوا نصوصا).
    بما يخص المجموعة القصصية, افهم خوفك ولكن باعتباري كمترجم وقاريء, سأختار طبعا قصصا لها جودة ادبية معترفة بها,
    وشكرا
    مع كل تقديري
    زافيا لوفين

    --------هامش---
    هذه الرسالة للأسف لم أجدها كاملة بمدخلها.

    وهذا ردي عليها:
    Quote:
    -----Original Message-----
    From: Muhsin Khalid [mailto:[email protected]]
    Sent: 25/Aug/2007 12:00 AM
    To: 'Xavier Luffin'
    Subject: لك الحب

    عزيزي زافيا، دام بهاؤك
    دعني أبتدر مكتوبي هذا بمزحة أنني لم أستطع نطق اسمك الأول بشكله الصحيح من خلال الحرف اللاتيني في رسالتك الأولى، وربما لو تركتني لمدة قرن كامل لما كان بوسعي تخمين أنّه "زافيا". بأحسن الفروض كنتُ سأنطقه "إكسافير". لوول
    والآن أستأذنك في توضيح ما عنيتُه في رسالتي الأولى لك.
    أولاً يا صديقي دعني أحدّثك عن مستوى التصنيف بالنسبة للكُتّاب المعروفين أنفسهم والذين لا اختلاف عليهم، ثم نأتي بعد ذلك لنقاشك حول من هم الكُتّاب؟ ومن هم غير الكُتّاب؟ فلا أنا ولا غيري يمانع في أن تكتشف كتابات جديدة وكُتّاب مغمورين سودانيين، بل ذلك يسعدنا. ولكن حينما تُعَنْون هذه الأسماء التي اكتشفتها أنت بكونها قوائم الأدباء السودانيين –معرّفة بالألف واللام- فهنا سنسألك عنهم، من هم؟ وما آدابهم التي كتبوها؟ ومتى ومن أين نشروها؟ أقول هذا وفي بالي أنّ السودان ليس بالبلد الذي فيه الصناعة الأدبية متطورة لدرجة أن تكون هنالك مئات الأسماء الغائبة عن الساحة الثقافية وغير المعروفة، أبداً يا صديقي لوفين.. النشر عندنا يتم في ظروف عسيرة وهذا صحيح، والشعراء عندنا نعرفهم من المنتديات والصحف وليس من كتبهم وهذا أيضاً صحيح، ولكن هذه الساحة الثقافية في جميع جوانبها مكشوفة لأي سوداني. وأيضاً مكشوفة لإخوتنا من العرب باعتبارهم جزءاً من بيئة اللغة التي ننمو فيها وجزءاً من السوق التي نروِّج فيها أعمالنا. أي يا صديقي لوفين الحياة الثقافية عندنا مكشوفة للغاية، وكُلُّ مجوِّدٍ في مجاله أو مبرِّزٍ حين يظهر اليوم يُعرف اليوم ولو اسماً فحسب من دون قراءة. فليس هنالك ما هو سري أو مختفٍ وعلينا أن ننتظر به الترجمات الأجنبية كي تكتشفه لنا. هذه المسألة أنا لا أعنيك بها أنت على وجه التحديد، ولكن مستشرقي الغرب في العموم ومترجميه، نجدهم يعانون من حكاية الاكتشافات هذه. ربما دخلتهم هذه الخصلة من الكشوف الجغرافية، وأنا أراها سالبة لكونها لا تقدِّر هذه البيئات حق قدرها ولا تعتبرها كفيلة باكتشاف نفسها ومقدراتها. فيا صديقي لوفين أنت متخصّص في اللغة العربية ورئيس لقسم كامل بأكاديمية ولكن دعني مع ذلك أقول لك بأنّ بيئتنا الثقافية واضحة جداً، وأعلامها مرتبون على نحوٍ "تاريخي" ومعروفون، ويمكنك العودة لجهات ثقافية كثيرة سواءً كانت عربية أو سودانية وستدلّك بكل سهولة. سأضرب لك مثلاً كي تفهمني جيداً، ربما يذهب أحدهم غداً إلى روسيا ويجري بعض البحوث في كُتّاب القرن التاسع عشر من الروس، فهل نتوقّع له أن يكتشف بوشكين، دستوفسكي، تولستوي، أو شيخوف جديد؟ قطعاً لا، فالروس أعرفُ بكتّابهم من غيرهم. والمجلات التي قدّمت الكُتّاب مثل "بوديلنك" و"ستريكوزا" و"سيفيرني فيستنيك" و"أوتيتشستفيني زابيسكي" وغيرها، أيضاً الروس هم من كان يتابعها ويقرأها فبذلك هم يعرفونها أفضل من غيرهم، وهم أيضاً من تابع حركة النقد في وجه هذه الأعمال ويعرفون هزيلها من ناجزها. تخيّل يا صديقي زافيا –مثالٌ ثانٍ- أن أحدهم قرّر أيضاً إنجاز دراسة عن "مُطلق أعلام الموسيقى" في المانيا القديمة والشاسعة بما فيها النمسا، ثم قام هذا الشخص بعد وصوله لألمانيا بالدخول إلى أقرب Bar ودوَّن اسم قائد فرقة الـentertainer على أنّه الموسيقار الذي لا يشق له غبار، ثم تجول الليل بطوله يسجل أسماء هؤلاء الـentertainers!! هل يستطيع أحدٌ أن يقول إنّ هؤلاء الناس ليسوا موسيقيين؟ لا أحد يقول ذلك بالطبع. ولكن هل هم أعلام الموسيقى الألمانية؟ هل يمثلون بتهوفن ويوهانس سبستيان باخ وفاغنر وموزار وشوبرت؟؟ هذا هو السؤال المحكّ والذي يوضّح لك وجهة نظري. (بكل صراحة) أنا أرى أنّك قد دخلت إلى مواقع الانترنت التي هي بالفعل مثل الـ Barوجئت بأشخاص لن يعرفهم إلا صاحب الحانة ولليلة واحدة فقط. يا صديقي زافيا أرجو أن تفهمني جيداً فأنا أريدك أن تساعد هذا الأدب السوداني فعلاً، وأيضاً لا أُريدك أن تضيّع زمنك في ما لا طائل منه. سَبَقَ للمستشرق والمترجم "دينيس الإنجليزي" وهذا هو الرجل الذي نقل إلى الإنجليزية الكثير من الآداب العربية الجيدة والمعروفة قيمتها للجميع، منها مثلاً رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال"، سَبَقَ له وأن استشارني وكنّا في مدينة أبو ظبي عن كونه يُريدُ إعداد أنطولجيا سودانية ويُريدني أن أساعده في ذلك –كتبتُ هذا الكلام قديماً ونشرتُه- فقلتُ له أنا سأساعدك في إعداد ببلوغرافيا للكُتّاب السودانيين أنفسهم، لأنّ هذه هي الخطوة الأساسية، عليك في البداية حصر الكُتّاب المعروفين والذين يتوفرون على مستويات كثيرة منها:
    1- مستوى الجمهور (القراءة).
    2- مستوى النشر (إنتاج الكتب).
    3- مستوى الأكاديميا (النقد والدراسات).
    4- مستوى الإعلام (أن يكون الكاتب متعيناً للجهات الثلاث المذكورة أعلاه، وإلا أصبح شبحاً بطبيعة الحال وليس كاتباً).
    5- مستوى الملتقيات والسمنارات المختصة والمشاركات الدولية في مجاله.
    يا صديقي زافيا أرجو أن تفهمني على نحوٍ صحيح فيما أود قوله، إذ إنني لم أحجر عليك رأيك في اختيار ما تودّه من "نصوص". ولكن حين ترغب في تقديم "الكتاب السودانيين" فهم معروفون وليسوا مجهولين، هذا ما قصدتُه. يعني أنا لم أُبدِ رأياً حتى الآن في كتاباتهم، لأنني متهم بالتطرف ربما، وإنّني أدافع عن نفسي بأنني لستُ كذلك، بل أنا صعبُ المعايير. ومع ذلك فأنا أعطيتك قائمة بالأسماء المعروفة ككتاب وموجودة في الساحة الثقافية فعلاً ومنتجة، بغض النظر عن رأيي فيما يكتبونه. هذه هي النقطة التي أعنيها بالضبط، نحن نتحدث عن الكُتّاب أنفسهم المعروفين بذلك، بعيداً عن نقد نصوصهم وتقييمها، ولكن أنت أتيت بأسماء ليست لكتّاب في "أصلها". وأيضاً قصدتُ تصحيحك في التصنيف، فأنت مثلاً تضع اسماً لشاعر من نوع خاص مثل "الحاردلو" وسط شعراء من تصنيفات فنيّة أخرى، لا أعني المقامات ولكن نوعية الضرب الفني الذي عُرف به هذا الشاعر. فهو يعمل على نوع خاص لا يمكنك أن تصنفه به في خانة شعراء مثل محمّد عبد الحي مثلاً، فهذه لونية ثانية أما شاعر مثل خليل فرح فهذا كاتب ليركس lyrics أي صاحب لونية ثالثة لا يمكنك خلطها مع لونية التيجاني يوسف بشير الرابعة. هل تعرف أنّ أهم وأشهر مدرسة شعرية سودانية اسمها "الغابة والصحراء" وأنت أغفلت أهم علمين من هذه المدرسة ومن الأدب السوداني كلّه. ببساطة هناك أكثر من باحث سوداني متخصّص في هذه المدرسة كان يمكنك مكاتبته وهو سيزودك بكل أعلامها وكُتّابها وتصنيفاتهم المعروفة كي تضعها في مكانها الصحيح وبشكلٍ معرفي دقيق. وأيضاً لم تذكروا في قائمتكم مؤسس روح حركة الشعر السودانية الحديثة ولم تتطرّق إلا لواحدٍ من أعلامها، وصنّفته على نحو "غريب تمام الغرابة" بينما هو يقع ضمن أهم شعراء سودانيين أحياء. أما الذي أدهشني أكثر ما أسميته بالنيو وييف new wave في الكتابة القصصية السودانية. ماذا تعرف عن النيو وييف؟ وماذا تعني بها؟
    وأيضاً هناك شح شديد في معلوماتكم عن كتابات المرأة، هذا مجال أنا منحاز له لأنه يواجه صعوبات جمّة. وسبق أن أعددتُ فيه ببلوغرافيا مع الأمثلة لمجلة الكاتبة، عن الأدب القصصي النسائي من جميع البلدان العربية. أما في موقعكم فقد أتيتم باسمين فقط من الأسماء المؤسِّسة في الكتابة النسائية السودانية واسم واحد لكاتبة مؤثّرة. ثم بأسماء لم يسمع بها أحد مطلقاً، بينما لم تُذكر أهم الكاتبات السودانيات العبقريات والمؤثرات بالفعل.
    هناك خلل كبير في تقديم الكتابات النسائية على وجه التحديد، فهناك مفكّرات سودانيات على مستوى العالم لم يُذكرن.

    ---------------------------------
    أتوقف هنا مؤقتاً، حديثي لم ينتهِ بعد، سآتي لإكماله، بعد أن أقضي بعد المشاغيل الطارئة.
    كن بخير يا صديقي زافيا الجميل
    (الرسالة الثالثة 3):
    ------هامش--------
    الألف واللام في كل (الـ)ـكتاب (الـ)سودانيين مظللة بالأحمر في نص الرسالة الأصلية.

    Quote:
    -----Original Message-----
    From: Xavier Luffin [mailto:[email protected]]
    Sent: 30/Aug/2007 12:00 AM
    To: Muhsin Khalid
    Subject: re:ÊÍíÇÊ
    يا عزيزي محسن خالد
    اعتذر لسكوتي الطويل, لكن كنت مشغولا جدا بسبب الامتحانات, وسأسافرغدا لعدة ايام
    اريد فعلا ان نواصل مناقشتنا وهي مفيدة جدا بالنسبة اليّ (وإن ارائنا تختلف), سأردّ عليك بعد عودتي
    مع كل تقديري
    زافيا

    ردي عليها:
    Quote: ولا يهمك يا زافيا الجميل. لما تسافر وترجع بالسلامة نواصل.
    عندما تعود أرجو تنبيهي لأنني أرغب في إرشادك إلى بعض المصادر التي ستفيدك في عملك.

    ----هامش----
    وللأسف فقدتُ خارطة هذه الرسالة الزمانية أيضاً.
    كنتُ أنوي أن أقترح عليه متخصصين في النقد وأكادميين ليعينوه في ضبط اجتهاداته. ولكن كانت هذه آخر رسالة له معي، فلم يرد عليّ بعد سفره ذلك كما طلبتُ منه، ولم أُكاتبه بعدها.

    --------------
                  

06-25-2008, 09:11 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محسن خالد)

    الخ محسن :
    حينما إبتدرت هذا الموضوع كان في ذهني عدة أشياء
    أريد نقاشها :
    وبمداخلتك هذه ومداخلة كرم الله التي تعلوها هنا
    اختصرتما لي الطريق

    ما عنيته تماما :
    طرح أسئلة من شاكلة :
    1. ما الكتابة ؟ وأعني بها ضروب الإبداع عموما
    وتحديدا القصة وأجناسها، والشعر وضروبه
    2. من هو الكاتب ؟( غض النظر عن الجندر فكلاهما كاتب ) ( لنقيّمه ونفيه حقه)
    ولمن يكتب ؟ لذاته؟ للغير ؟
    3. المحليةوالعالمية ؟ والتشابك بينهما؟
    4. معايير الإختيار للمميز والمبدع( بفتح الدال)؟
    5. من الذي يقيّم ؟ وما هي أدواته ؟هل هي معايير النقد العلمي الصارمة ؟
    أم المزاجية ؟ أم الشلللية ؟
    وأري أن محسن أجاب عن بعض هذه وكرم الله أجاب عن بععض آخر
    ولنطرح الأمر لمزيد نقاش لتفحص الزوايا المعتمة في هذا الأمر الشائك والمشربك
    بهاء

    (عدل بواسطة Baha Elhadi on 06-25-2008, 09:12 AM)

                  

06-25-2008, 10:21 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)



    السرب الجميل..

    والله كان، ولا زال اخوكم مسكون بالكتابة، لم؟، بل عشرات الرسائل ارسلتها لاصدقائي عنها، ولم تشفي غليلي،
    لم نكتب؟
    ولمن..
    وليه..

    وأدناه رسالة للاخت العزيزة، الشاعرة سارة حسبو، عن ذات الموضوع الشائق، لم أكتب..



    اخوي محسن جايك تت فيما كتبت، ويستحق الوقوف، ......
                  

06-25-2008, 10:22 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)




    العزيزة سارة حسبو..

    كيفنكم، السلام والتقدير،،،

    ماذا نريد من الكتابة؟ !! وأي رغبة تشبعها فينا؟ ...
    حتى ما سوف اسطره لك الآن، لم؟ وهل سأعرف نهاية هذا الخطاب، أم (خليها على الله)، كما يقول شخينا يحي حقي، الذي اشعل قنديل ام هاشم في الجميع، ببساطة عبقرية، زي قدرة الموية في الاغراق والسقي والري والسباحة في السماء كسحب تطير بلا اجنحة، يقال بأن للأفكار أجنحة، هل تصدقي هذه المقولة..

    كل الاشياء لا تقر عيني، في حين، وفي حين آخر أكون مخمورا بكل شي، أتعلق في خيط بخور، وأجلس على ظهر كلمة تسبح من فم لأذن.. أو موسيقى تتدفق من راديو قديم وهي تركض فرحة في الاثير، كي تنصب الذوات المنسية ببطولتها للمسرح، وهي تخاطب فتاة قبيحة، تقشر في البصل التكل، وتقول لها في اضانها (كيف لا أعشق جمالك، وما رأت عيني مثالك، كيف لا أعشق جمالك)، فتدمع الفتاة خجلا، من البصر، ومن عثمان حسين، معا، وللحياة بطولات مثل هذه، لا نحسها، كبطولة (الأبن)، في عين الأم، قردا كان، أم غزال،....

    ويعود يطاردني السؤال لم أكتب، ابحث عن شئ بداخلي، عن ثروة أم قاتل، عن بصيص نور، أو مخبأ، كلاهما تصلح، حسب حالات الكتابة، أناملي تتحرك بقوى داخليه، بيدها لا بيد عمرو، غريزة خفية، كلذة القبلة، كلذة سماع صوت امي في الصبح وهي تدعو لنا في صلاة الفجر، والسحب تتهيئ لنفش قطنها الابيض والرمادي، النبع الداخلي يفيض بذكرى أو خيال، فترتعش اليد، كجسد فتاة غض في حضن فتى محبوب، ويظل حدسي هو الميزان، أحس به ينير لي طريقي في الكتابة، في علاقة الصداقات، في معرفة الآخرين، الحدس كائن عجيب، فطري، موروث، زي الجوع، وزي البصر، انه العكاز الذي اتحسس به نصوصي، وهمي، وتطلعات، بل اكتشف به البيئة المحيطة بي، واتحسس به أكثر لطريقي (من أين ياترى انا قادم، وإلى أين ياترى ذاهب)، ذات الشكوى التي خطرت لسقراط، ولإيليا ابوماضي، ولعوض الكريم موسى (حسبي بأنك حيرتي)،

    ها انا وحدي الآن، سعيدا بوحدتي، في (مقهى الكوستا كوفي)، مقهى ايطالي، هادئ، هناك فتيات هناك، فلبينات ولبنانيات، وهنود، الضوء غروبي هادي، وملائكي، وأغنية غربية تبرز فيها اصوات اوتار الجيتار، أكثر من بقية الآلات، تلف الجو هالة من وضاءة، الاغنية تبدو كملاك خفي، أكثر منها اغنية، وأنا اتفرج على الأغنية..

    نعم، أتفرج على الأغنية، أنه أفيون الكتابة ياسارة، اتفرج على الاصوات، أشاهدها كسحب تخرج من الأفواة، أو الأوتار، فهناك لحظات تستمع للاغاني، ولحظات تتفرج عليها، تراقبها، كأطفال افترشوا لحصى تحتك، ثم شرعوا في اللعب، وبعد حين لا تستطيع التفريق بين اصواتهم واصوات الحصى، والعلب التي يلعبون بها، أنا أتفرج الآني، أحس بمتعة التفرج، حتى على نفسي، ورعواناتها، وأحلامها المريضة، والنبيلة، اتفرج على نفس في مرآه الخيال والتذكر، كأني خارج نفسي، كل الموازين القديمة تلاشت، وتبدو امامي شاعرية الحياة، وتهيمن العاطفة على قلبي الآن، (الآن، ولا أدري بعد شوية ما يحدث)، أحس بأن الأرض مجرد قلب ينبض، قلب أم وحبيبة معا، قلب إله أنثى، وتعود انماط الحياة وانماط العيش القديمة مجرد هفوة، عثرة، عار، مثل هؤلاء الأطفال غارق أنا، غارق في ثرى الكتابة كقبر عاشق، أو سمكة في ماء، لاتحس بثقل الجاذبية، للطافة الماء، لا أمس من عمر الزمان ولا غد، واضعا رأسي علي يدي، أراقب اعظم لوحه، هي الحياة مرتسمة على عيون واسارير البنات حولي والرجال حولي والموسيقى حولي والاضواء حولي، أأنا ملك، متوج بخمر الطرب،

    اضع رأسي على يدي اليسرى، وهو مثقل بمسئولية تجاه الجميع، (وأحلم بالأكاذيب البيضاء)، بل هي حقيقة، (بطل المسرح هو الفرد، أي كان، ولهذا خلق، يقول استاذ محمود: رسالة الفرد تحقيق ربوبيته)،

    الآن أنا مسئول عن الجميع، عن الكون، الحس الكوني هو الأصل، سوف تغرق السفينة لو ثقبها أحد، الكون فوق راحة يدي، يشكو ويئن ويتلوى، ويحدق في عيني مستجديا، "انقذني، أعطني، غني لي)، يطرق بابي أنا، مؤمنا بمعجزتي في حل مشاكله، ياله من مكر للحياة ذات الابواب والافاق المغلقة، لم تعد الاشياء متنافرة، للاقتصاد علاقة بالادب، والفيزياء تتأثر بالشعر، الحياة حلم، وعي عقل محدود، من الصعب فهمها، سقوط غرناطة عام 1495 وسقوط علوة عام 1504، ماذا يعني لي؟ كنيسة تفرح، وأخرى تهدم، القشتالين قالوا بأن (الجامع مأوى الشيطأن)، ومملكة الفونج تسب (ألعن صليبك)، ..أضواء الحلم تكشف لي ثراء وجداني الآن، أنا مخمور بنفسي، لا أريد شي، بل أن أكون لوحدي، غارق في مخيلتي، وذاكرتي..

    حاليا، أكتب في قصة، أسمها (دولاب أمي)، ...هل تعرفي لم كتبتها، إنها احداث بلدي الحزينة الأخيرة، وموت الأطفال، وبرضو رحيل أخي، وأقرباء آخرين،، كلهم، خلقوا بداخلي حزن، كي أكتب قصة لا علاقة لها بهم، (في الظاهر)، ولكن اذا اهتزت فراشة في الصين، خلقت اعصار في اليابان، كما يقال... لا يوجد شئ، لا علاقه له بالآخرين، كلهم، أجمعين..

    القصة هي بيع (دولاب قديم)، لأسرة جارت عليها الأيام، والطفل يحب الدولاب، رسم علاى ضلافته، وتسلقها حيث تدس امه كيك العيد، والحلوى، ويعلب مع اخته في الدولاب، وهكذا..

    هل نحاول النسيان بالكتابة، أم التذكر، أم الابتعاد بالاشياء عن ارنبة الانف، كي نراها كما هي، كما نكتب. و الله الكتابة لذيذة، حين تكون هاجس ذاتي، خاص، لا يطلع عليها ملك فيكتبها، أو أنسان فيصغي لها، وتتخذ حينها، الثنائية، وهي التي تعنى بالبكر، والوتر، والواحدية، أي الذاتية البحتة...

    اختي سارة.. السلام والاحترام..
    أخوك أبدا
    عبدالغني كرم الله
    الدوحة.
    مقهي كوستا كوفي.


    ...
                  

06-25-2008, 05:48 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    الكاتب عبدالغني كرم الله والكتابة..
    بين الوجود والماهيةالكاتب والكتابة.. بين الوجود والماهية



    بقلم عيسى الحلو


    الكاتب يكتب تحت ضغط دوافع كثيرة.. إذ تمثل هذه الدوافع الحوافز القوية لفعل الكتابة.
    فهو قد يكتب لأنه يريد ان يكتشف ذاته. ومن خلال استخدامه للغة يكتشف أنه لا يمكن ان يتعرف على هذه الذات إلا اذا تعرف على هذه اللغة التي هي أدات الكتابة. وهذا يقوده لان يتعرف على الآخر والذى هو «اللغة» في نفس الوقت. * فالكتابة إذاً تقود لأن يكتشف الكاتب نفسه عن طريق الكتابة. ومعرفته لنفسه هذه تمثل في النهاية تعريفه لهويته وتحديده لهذه الهوية بين الهويات الأخرى.
    * ولهذا يمكن القول ان الكتابة هي هذه العلاقة الجدلية ما بين الوجود والماهية. حيث يتبلور السؤال.. أيهما يسبق الآخر في الترتيب.. كاتب النص أم النص المكتوب؟ وبعبارة ثانية.. هل النصوص تسبق كتابة الكاتب؟.. بمعنى ان هناك نصوصاً قديمة ناجزة موضوعة في «الوجود» أولاً وما على الكاتب إلا تقليدها.. بوصفها الأنموذج للكتابة!!
    * إذا قلنا بهذا.. فان هذا يعني ان الكتابة هي اصلاً استنساخ للأصل.. هي نص واحد يتناسل فيما لا نهاية.. أو.. أن الكتابة هي تناص لا يتوقف. وعليه فليس هناك نص جديد «مطلقاً».. وان البشرية تكتب نصاً واحداً مكرراً.. وان لا جديد تحت الشمس أبداً. فلشاعر يذهب الى هناك ويحضر القصيدة المكتوبة فى الابدية.
    * ولكننا ان وافقنا على هذا.. نجد أننا قد قمنا بوضع الكاتب في موضع الناقل الذى لا يضيف شيئاً.. ومن ثم فهو لا يكتشف ذاته ولا يكتشف العالم حوله. ومن ثم يتوقف الحوار ما بين النص وكاتبه من جهة.. كما يتوقف الحوار بين النص واللغة التى كتب بها.
    * بعد هذا كله.. نصل إلى هذه النتيجة المنطقية.. وهي ان الكتابة هي هذا الديالكتيك الحي الذى يتفاعل بين الكاتب والنص.. والذى هو في البدء تفاعل الوجود والماهية.إذ ان الوجود يسبق الماهية.. فالكاتب يبدأ الكتابة دونما ان يمتلك تجربة سابقة في كتابة النصوص.. إذ ان النصوص هنا هي تلك التي سيشيدها في المستقبل..
    وبذا هي هذا الفضاء الأبيض الذي يمتد عبر فراغ الورق.. فالكتابة «الجديدة» تبدأ من هنا.. من اللا مكان واللا زمان.. وتأسس نفسها في المحاولات المتكررة تلك المساعي التي تسعى لتشيد الكمال والذى هو «الكمال» ذاك الجدل ما بين النسبى والمطلق.. بين الممكن والمستحيل. وذلك عندما تشيد الكتابة نفسها وسط فضاءات التجديد. وفي الاتجاه المعاكس، فهناك كتابة تكتب نفسها في الزمن الماضي شكلاً ومضموناً وتتجاهل زمانها الراهن.. فهي الكتابة الصدى وليست الكتابة الصوت.
    * وعلى هذا.. فإننا نجد نوعين من الكتابة.. كتابة مستنسخة.. وكتابة مبدعة.
    * ومن الكتاب الجدد الذين يمثلون حالة الحداثة الابداعية، ويبتعدون من الكتابة التى تكرر نفسها، الكاتب الشاب عبد الغني كرم الله، فهو في كتابته للقصة القصيرة يسعى لإبداع نص جديد. لذا يمكن ان تنطبق على نص الكاتب عبد الغني كرم كل صفات النص الذى يوجد نفسه اولاً عبر الاسئلة العديدة التى يطرحها داخل هذا الوجود بغرض تأسيس هويته ككاتب من جهة وتأسيس أدواته الإبداعية بحيث تصبح اللغة وسيلة لرواية العالم الذي يصير في نهاية هذا الجهد وسيلة من وسائل سعي الذات الكاتبة للكشف عن نفسها وعن الآخرين ليتم في النهاية تأسيس هذا الفضاء الذى ينمو داخله الكاتب والنص من خلال الحوار الذى يدور بين الطرفين. وهذا ذات الحوار الذى يتم في الجانب الآخر.. ما بين الوجود والماهية.
    * إن عبد الغني كرم الله كاتب لا يبدأ من «ماهية» مسبقة ومفترضة.. بل هو كاتب يؤسس نوعاً من الكتابة الجديدة التى تصبح بدورها سؤالاً كبيراً لتأسيس إجابات غير مستنسخة لرؤى قديمة ناتجة عن أسئلة قديمة. بل ان نص هذا الكاتب كما تمثله قصته القصيرة الموسومة بـ «علبة البرنجي» هو عبارة عن نسيج سردي ينبني على ديالكتيك من الهدم والبناء في وقت واحد.. حيث ينهدم ويسقط عالم قديم ويشيد فوقه عالم جديد.. عالم طازج ومدهش. هو عالم يصنع فيه كل شئ للمرة الأولى.. عالم يشبه عالم الشاعر الأمريكي والت ويتمان.. عالم تتوهج فيه خضرة العشب للمرة الأولى والنهائية.. فالاشياء تولد هنا لمرة واحدة وتموت وتتلاشى دونما ان تعود مرة أخرى. وهذا هو جمال نصوص عبد الغني كرم الله الطفولية التى ترى العالم كما لو كان يصنع في بداياته.
    * إنها.. اذاً الكتابة في فضاء البراءة الانسانية التى لم تلوثها التجربة.. ولم تجرح عذريتها إعادة فعل الفعل الثانية -إنها الدهشة ذاتها امام ذاتها.. إنها الفعل الذى يدوي في الصمت للمرة الأولى وفقط..!
    * هي الكتابة إذاً بلا تناص.. الكتابة الأولى التى لا تعتمد على مرجعية ما. تماماً كما كان يفعل الخيال العفوي الخلاق عند الشاعر آرثر رامبو.. تماماً مثل خواطر وأخيلة الشاعر السوداني الرائع عبد الرحيم ابو ذكرى.
    * هي إذاً الكتابة التى بدايتها الوجود ثم تأسيس الماهية «الهوية»!!


    جريدة الرأي العام


    .....
                  

06-26-2008, 04:26 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    جريدة السوداني (18/9/2006م)

    دعوة هادئة في نصوص متأملة:
    قراءة في (آلام ظهر حادة) لعبد الغني كرم الله


    بقلم: أماني أبوسليم

    هناك دواعي متعددة للكتابة لدى الكتاب ربما منها قول رأي او محاولات اصلاح او عرض حالة وفي كل الاحوال تبقى المتعة، اي متعة الكاتب في الكتابة كهاو ومحب لها بجانب امتاع القارئ نفسه بفن القراءة، تبقى هذه المتعة جزئاً يتغلل في كل تلك الاسباب ولكن عند عبدالغني كرم الله تجد متعة الكتابة وفن عرض الفكرة هي الاساس المحرك لقلم الكاتب. فتجده يكتب بهدوء يحسد عليه. ولكاتب تكون المتعة كفن دافعه فمن الطبيعي ان يكون مدخل عرض الفكرة هو التأمل.

    وفي تأمله العميق والهادئ ذاك هو لا يقلب اوجاعك ولا يتهمك بالقصور ولا يطلب منك التبدل ولا يحاول اقناعك بغير ايمانك، فقط هي دعوة منه للنظر للاشياء ليس من وجهة مختلفة ولكن من طاقة صغيرة تبعث النور والامل وتحملك على تقدير محاولك في الحياة مهما صغر حجمه او دوره.

    والتأمل من تلك الطاقة في مجموعة (آلام ظهر حادة) التي تتكون من اثنتي عشرة قصة قصيرة، يبدأ من الاختيار الفريد للكاتب لرواته، فالراوي يمكن ان يكون زوج حذاء او ماعز او رائحة الطمي. لتجد هذا الراوي الفريد والناعم يبعث نفسك على الابتسام وانت تنظر للاشياء من وجهته هو فاتحا قلبك للتسامح والرضا مع كل ما حولك من هواء وروائح وبشر وكائنات، نابذا الانانية وباعثا الحياة حتى في الجماد، لتقلب الغلاف الاخير وقد تم تصالحك مع كل الكون بشرا وطبيعة.

    رواته كانوا، زوج حذاء رجالي، حمار، رائحة الطمي، ماعز، قصة (كتاب) حجر، طفل، وراو يتأمل عود بخور وهو يحترق، راو يحكي عن طفل صغير في رحلته مع امه وراو يحكي عن امرأة ضعيفة.

    هؤلاء الرواة كانوا اداة عبدالغني الاولى للدعوة للتأمل فكلهم يمثلون تلك الفتحة الصغيرة التي تتيح للضوء ان يدخل ليتغلل في كل الاشياء ناشرا الرؤيا والتسامح مع كل التفاصيل التي تسعد بأن تضئ من تلقاء نفسها لتعرف نفسها بنفسها.

    في(آلام ظهر حادة) بعث عبدالغني في حذائه الراوي الحياة، فجعل له طولا وعرضا وظهرا، وآمالا واحلاما يسعي لان تتحقق، يحس الوحشة والرفقة ويتألم من القسوة. وكان الحذاء اداة للتجول على عدد من الحالات الاجتماعية وهنا الاداة ليست للاصلاح الاجتماعي ولا دعوة لان نرى الفوارق الاجتماعية بين البشر ولكنها دعوة ان نرى الاشياء ونحسها ونفكر في كل ما حولنا حتى لو ان الحذاء ندوس به على الارض.

    وفي (رائحة الطمي) و(توبيخ حبيب) في الاولى الراوي الرائحة نفسها وفي الثانية الراوي قصة تحادث من سيقرؤها. وعندهما تحس انهما كائنان حيان، يمكنهما ان يحدثا مجموعة من الاحاسيس والانفعالات الباغثة على الحياة وقد استخدمها الكاتب انها بطبيعتها تستطيع التغلغل في النفوس داعية بنعومة ولطف من تداخله للاعتراف بالضعف والجمال والحيرة دون تصنيف او مواجهة.

    اما الحمار والماعز في (حمار الواعظ) و(الحذاء ملك الغابة)، فهما دعوة ناطقة من غير ناطقين للرفق بما حولك في البيئة ويمكن لقصة (الجزار ملك الغابة) ان تكون دستورا للنباتيين.

    وعندما اختار عبدالغني ان يكون الراوي من (البني آدميين) كان الراوي طفلا لانه يظل يمثل فتحة الضوء الصغيرة التي تتيح التأمل في عالم الكبار (البني آدميين) ورغم ان رواته بهذا التعدد الخارج عن كونهم بشرا الا انه اضاف لهم نكهة ملحت القصص فعندما يكون الراوي مذكرا كالحذاء الرجالي مثلا فانه يتلبس شخصية رجل وتهفو نفسه للاحذية النسائية وينتظر لقياها لما تفعله فيه من افاعيل ولكنه عندما يكون الراوي بصفة المؤنث كالماعز مثلا فانه يستعيض عن وصف مشاعرها كانثى، وهي الراوي، بوصف مشاعر التيس نحوها، ولكن تبقى كنكهة مليحة تدعو للابتسام وتلبيس الروح والاحساس لكل ما حولنا.

    وكل القصص تنأى عن حكي الحكاية او الحدوتة وتسوق لك متعة الكاتب في التأمل. وحتي قصة (استدراج الفرشة لعرشها المجيد) التي يرويها راو عن امرأة تأخذ شكليا قالب القصة الحدوته، ولكنها كانت دعوة للتأمل ان الامنيات المادية تكبل اكثر مما تحقق امنا او سعادة وحين يظن المرء ان امانيه المادية قد تحققت تكون للكون تصاريف اخرى للتحرر والتحليق في فضاء الروح.

    وفي كل قصة يضعك عبدالغني امام الراوي الذي يمكن ان يكون شيئا صغيرا في حياتك ولكن ذو رؤيا كبيرة وتكاد تكون شاملة.

    وفي كل قصة تنتبه مع الكاتب انك مراقب من كل ما حولك وكل الاشياء التي لا تعيرها انتباها في العادة وهي مرشحة ان تعرف اسرار حياتك ودقائقها وتسأل نفسك ماذا لو باحت بما تعرف ولا تجد غير الابتسام والرضا عنها لانك في الواقع مطمئن انها لن تبوح ولكن يكفي ان اثارة مثل هذه الفكرة سيدعوك بكل لطف ان تفكر، كما تفكر في نفسك، في كل الآخرين من بشر واحجار واحذية وهواء وروائح وحيوان وحتى كتاب ترفعه من على الرف لتقرأه.

    ورغم انها مجموعة قصص الا ان الوحدة بينها واضحة والخط فيها عموما واحد فكأنها لحن واحد لا نشاز فيه.

    واختيار ترتيب القصص في المجموعة كان اختيارا ممهدا للافكار والتأمل، ليس فيه استدراج. فالمجموعة تبدأ بملحة الحذاء الرجالي الذي يتحدث عن مشاعره وحاله يتقلب لتبدو وكأنها مزحة ولكنها بعدها الغوص مع عبدالغني رويدا رويدا ونزحف نحو القصص الاخرى في عوالم تأمله في الدنيا والكون حتى يوصلنا لعمق بعيد في التأمل والايمان في القصة الاخيرة (رقص على طبول النسيم) لنتأمل معاني مثل الغناء والخلود والروح والبدن والماضي والمستقبل.

    (... الي اي موسيقى يرخي هذا الدخان اذنه...، صوت دافئ لا تحس به سوى اذن القلب، صوت نفخ الحياة في الطفل والزهرة والذهن).

    (...وترى الجبال، تحسبها جامدة، وهي تمر مر السحاب... مر الدخان... مر الزمان... مر المكان.... مر الانسان).

    ويظل عبدالغني كرم الله في كل قصة متوحدا مع لغته المتواءمة مع كل فكرة وتأمل مع اختلاف الرواة. متوحدا مع هذه اللغة الخاصة بوعي ولكن ليس فصاحة وبلاغة ولكن روحا واحساسا فاللغة عنده كأنها اصلا لم تكن موجودة ولكنها ولدت ونبعت من الفكرة، مما يجعل اللغة عنده هي الروح التي تطوف بك في عوالم التأمل والتسامح والرضا والترفع عن صغائر الكبر واسباب الظلم عند البشر.

    اماني ابوسليم
    18/9/2006
                  

06-26-2008, 04:33 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)




    الأشياء تستعيد سلطتها التي سرقتها الثنائيات المتعارضة


    بقلم: محمد الربيع

    السرد قصا كان أو رواية‚ يعيد الاعتبار للتفاصيل والأشياء‚ ويخرجها من عزلتها في الكون‚ ويدخلها إلى موسيقى الوجود الكلية‚ التي يأخذ فيها أي عنصر موقعه الحقيقي‚ ويوحي ويدل ويشع على السياق بأكمله‚
    والأشياء لا تعيش في عزلة إلا في ذهننا السائد‚ لأنها في الحقيقة مرتبطة حيويا بالإنسان وبوجوده منذ بدء الخليقة‚‚‚ إلا ان خطاب الثنائيات المتعارضة‚ القائم على النظر إلى العالم وإلى الحياة بوصفة حصيلة لصراع أو حوار قطبين بين كوكب الفعل والمفعول به‚ مسخ الاتساق النغمي لحركة الاشياء في سمفونية الوجود الكلي‚ ووحدتها الجمالية‚
    والقاص والكاتب السوداني عبدالغني كرم الله‚ في كتابه «آلام ظهر حادّة» الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر يعيد الاعتبار إلى جذوة الاشياء‚ التي سرقها خطاب الثنائيات المتعارضة‚ ويكشف عن الجمال المخبوء وراء مصداته السميكة التي تمنع تبخر روائحها‚ واصواتها وملامحها‚ بالسرد‚

    فابطال كرم الله في «آلام ظهر حادّة» ليسوا شخوصا من لحم ودم‚ يديرون حركة الحياة والعالم من موقع الفاعل‚ وتكتفي الاشياء بالاستجابة والتلقي السالبة لأوامر الفاعل‚ بل هي اشياء تكشف عن سطوتها وسلطتها في المشاركة في إدارة مصير الإنسان‚ لذلك هي أحذية‚ وطمي‚ واحجار‚ ونهيق حمار وحنين كلبة‚ حررها الكاتب بواسطة السرد من غيابها‚ وجعلها تضج بالروح والأشجان والهواجس‚ في مملكة تتبادل فيها الكائنات الفعل والتأثير والشعور‚ في خطاب جمالي محض‚ متحرر من اكراهات الايديولوجيا وسطوة الثنائيات المتعارضة لذلك يصرخ «الحذاء» بطل النص الافتتاحي للمجموعة الذي يحمل عنوان: هدية عنصرية:



    ولا يحق لنا المطالبة أو حتى مجرد الحلم بأن نكون على الرأس مثل الكاب‚ أو حول خصور النساء كالأحزمة‚ أو في الأيدي مثل كتاين الساعات والأسورة‚ وبأننا لم نخلق إلا للوطء والدوس‚ وحقا لماذا لا يولد بني آدم واحذيتهم بأطراف أرجلهم مثل حوافر الحمير‚ وأظلاف الماعز‚ ونُكفى شرهم‚ وكأنهم طردوا من جنة الرحم قبل نضوج حوافرهم‚ فأخفوا عاهتهم بانتعال الحذاء‚ طوبى للأحذية في بطون الحوامل‚ فهي عذراء وملساء من أرجل الأجنة وبطش المسامير‚ فلم اسمع كشكشة صندوق الإسكافي تتسلل من بطن الحامل‚ فالطبيب يذهب حيث يكون المرضى‚ وكفى الله أرجل الجنين شر الترحال في سبيل القوت‚ أم ضرب على بني آدم السعي في فجاج الأرض لجهلهم بمواقع خزائن الله وأسراره‚ فالموتى ينعمون بحياة رغيدة في جوف القبر‚ بلا حذاء أو ماء أو نور أو سلطان‚ ما أشد فقر بني آدم‚ فذاته لا تكفيه‚ وكأنه ولد ناقصا‚ لم لا يكون مثل شجرة النيم‚ في قوتها وصبرها وموتها‚ فهي لم تخط في حياتها خطوة واحدة من مسقط رأسها وحتى حتفها‚ ولم تجر بدمها الأخضر غريزة الترحال‚ ومع هذا‚ عاشت طويلا‚ فنبتت برعما طريا‚ ثم أورقت وأزهرت وأثمرت‚ وتمتعت جذورها بمص طين الأرض الطيب‚ وحين تموت‚ تموت واقفة‚ وكأنها تسخر من الفناء‚ «انتصب حتى تسقط بصورة أفضل»‚ أما بني آدم فيحتاج للسكين والحذاء والبطانية والكتب والنبوءات والنور حتى يقضي وطره السرمدي‚ ولا يتردد الحذاء في الرثاء لمرتديه الذي لا يستطيع الاصغاء لانكاراته الخفية وهو يصدح بمونولوج طويل:
    لا أخفي عليكم سرا‚ كم من المرات كنت أرثي لهذا الكائن ذي الرجلين‚ الذي يبدو كتلة من هم‚ بلا هدف‚ حيران‚ يتسكع كقارب بلا حبل‚ في بحر حياه متلاطم‚ الأرزاق‚‚ المجهول‚‚ الخوف‚‚ كينونة الوجود‚‚ الجوع والبرد‚ تركبه مثلي ملايين الأرجل‚ يتصبب عرقه في جسمي‚ فأشعر بملوحة وحموضة أحشائه‚ محروق بسجن الغرائز‚ سجن لا فكاك منه سوى الدخول بباب الموت إلى عالم آخر‚ لا يهمني ذلك العالم‚ لا شكله‚ ولا ماهيته‚ ولكن هل يا ترى فيه شوك‚ وحصى‚ وهل ما زال بنو آدم يمتطون الأحذية‚ أم تظل الأرجل عذراء ولدنة‚ كأرجل الأجنة في الأرحام‚ ولم يخرج من ذلك الباب أحد‚ حتى أرى هل برجليه حذاء معفر؟!

    في الصبح‚ وقبل أن تهجر الطيور أعشاشها‚ وتمضي بلا أحذية في طلب قوتها المقدور‚ حشرتُ بداخلي الرجل‚ قدر لا فكاك منه‚
    أما «رائحة الطمي» فتنثر كنانتها من الشعور والمشاعر‚ وتكشف عن قراءتها لخرائط الإنسان‚ عبر مونولوج‚ استعار له الكاتب قاموس الحواس‚ ليعبر بها حدود الخطاب وسجونه‚ ويجعلها تقدم في سردية محكمة مشهدها الكامل المتكامل:
    ومع هذا فهي الرائحة الوحيدة التي تثير غيرتي‚ كما أني احتل موقعا أثيرا في أنف فضل الله‚ فهو حين يستنشقني‚ يسرح بعيدا‚ في حديقة أعماقه‚ كما لو أن بداخله حياة حقيقية‚ أرق وأنضر وأعمق مما هي عليه بالخارج‚

    وأما الرجل الوحيد‚ والذي اعترفت كل الروائح‚ حقيرها وجليلها‚ بأنها لا تحرك فيه ساكنا‚ «ولا شم لمن تنادي» فهو رجل قوي البنية‚ عميق التفكير‚ يجلس في أحد الميادين الرئيسية بالمدينة‚ وقد ظل يجلس مدة تفوق الخمسين عاما بلا حراك‚ فهو يجلس على حجر ويحدق في الأرض‚ حتى الطيور‚ والتي جعلت من صلعته عشا لها‚ لم تكن لديه الرغبة في طردها من وطنها الصغير‚ ولا يرفع رأسه البتة‚ وكأنه مل ما يجري حوله‚ أو يؤثر عليه اجترار الذكرى‚ فسيماء وجه تنم وكأنه يراقب حربا بداخله‚ بين نفس بهيمية هيمنت على ما سلف من أيامه‚ وعقل منزو‚ وان كان متوقدا‚ فقد اقتصر دوره على الندب وشق الجيوب ولطم الخدود‚

    وكنت أقف عند أنفه ساعات طويلة‚ ولا أرى في شعيرات مناخيره الدموية أي أثر لزيارتي‚ وحقا «أكرم محدثك بالإنصات إليه» وأقرع يفتح لك‚
    أما بطل «جزيرة النمل» فهو حجر‚ يؤرخ لتاريخ الاختلال في خريطة الوجود‚ من خلال تراث الاقصاء والالغاء والنفي‚ وتحويله إلى مجرد مفعول به في مجرة الثنائيات المتعارضة‚‚ فيصرخ في مسرح الوحشة‚

    أنا حجر‚ مجرد حصى أملس‚ وحجمي كما قلت‚ يمكن أن تحتويه يد طفل لا يزال يتعفر بالتراب حردا ان قضمت شقيقته جزءا ضئيلا من بسكويته المتآكل الأطراف بلعابه‚ بالرغم من أني عمري مقارنة بهذا الطفل الباكي‚ مثل عمر حصة التسميع لطيش الفصل‚ وعمر البرق‚ كنت قبل هذا‚ حجرا ضخما وذا نتوءات حادة‚ لا يقوى على حملي كل من هب ودب‚ ولكني استسلمت لصروف الدهر‚ فجعلني أملس الوجه وحقير الوزن‚
    والآن أنا ملقى في قارعة الطريق‚ لا يكترث بي سوى بعض الصبية وإطارات السيارات‚ وأيادي الأطفال الأشقياء‚ والتي تقذفني بشدة بعضها نحو بعض‚ أو نحو كلب نائمة فتنته تحت سيارة معطوبة‚ وقبل أن ألقى في قارعة الطريق‚ كنت أسكن على ضفاف النهر‚ تغسل جسمي الاملس أمواج النهر‚ إلى أن قرر أحد أثرياء المدينة بناء دار مخيم‚ فحملنا على ظهر اللوري حتى نصب في أعمدة الدار الاسمنتية‚
    ولقد كنت سعيدا لأنني سأكون جزءا من بناء شاهق‚ انظر إلى العالم من عل.

    وهكذا يستمر عبدالغني كرم الله في إعادة بناء سردية الكون والحياة في ضوء تقاطع الأشياء والتفاصيل والشخوص في وحدة وجود عرفانية وجمالية‚ يستعيد فيها الكل شخصيته ورائحته وصوته.....

    جريدة الوطن القطرية
    2006
                  

06-26-2008, 04:41 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    (آلام ظهر حادة)
    طاقة دلالية عميقة وكتابة عصية على التأطير



    بقلم د. لمياء شمت *



    حظيت المجموعة القصصية "الآم ظهر حادة" للقاص السوداني عبد الغني كرم الله،والصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت، حظيت باهتمام نقدي واضح علي المستوى المحلي والعربي.

    ورغم أن "الآم ظهر حادة" قد تبدو في ظاهرها كمجموعة نصوص أو أرخبيلات منفصلة، إلا أن القارئ لا يلبث أن يتبين أنها منظومة متكاملة يتحد فيها المضمون، ويشد بينها خيط المغزى والفكرة المركزية الواحدة، التي تتوسل بلغة مشعة بالإلماح والومضات الدلالية بدرجة تتمثل وهج الشعر وكثافته وانخطافه. فلكل مفردة وزنها المحدد في النص السردي الذي لا يحتمل بطبيعته الزوائد أو التراخي والاستطراد.

    ومن نافلة القول، أن لغة السرد تقليدياً لم تكد تزد عن كونها حامل ووسيلة مباشرة لتحقيق زوايا المثلث الأرسطي، حيث يتنامى الحدث باطراد تجاه ذروته، وينتهي بلحظة الكشف أو التنوير التي يكتمل بها المضمون ويتحقق بها انطباع مفرد وآسر واحد. وبالتالي، وكما أسلفنا، فان اللغة تستخدم بالأساس كخام تشكل منه الشخصيات وتصاغ منه المواقف والأحداث.

    أما حديثاً، وبعد أن تحررت النصوص السردية من الفروض الشكلية والعوائق التقليدية، وأوغلت في التجريب، فقد أصبح كل نص تجربة جديدة وبصمة خاصة في تقنيات السرد والاجتراحات الفنية والجمالية، بل والمحمولات النفسية والوجدانية. وليصبح بالتالي للغة حساسية فائقة في سرد المادة القصصية، بل أنها تصبح أحيانا كثيرة أبرز عناصر المتن السردي. ولعل الكثير من القراءات النقدية قد توقفت ملياً عند خاصية الاشتغال الجمالي المركز على النصوص، مما جعل اللغة تقارب أن تصبح مادة القص وغايته معا. ويبدو ذلك صحيحاً إلى حد كبير إذا ما تأملنا لغة مجموعة "الآم ظهر حادة"، التي تبرز فيها سمات عدة، نذكر منها:

    * كثافة الإحالات وانفتاحها على احتمالات تأويلية متعددة. ويظهر ذلك في مقدرة الكاتب على استخدام التناص التحتي العميق لأقصى طاقاته الدلالية.

    * حضور الرمزية كاستجابة إبداعية وتوظيف سعة الرمز ومقدرته على حمل عبء الدلالات المكتنزة بالأفكار والأسئلة. ويتم ذلك بتركيبة رمزية متوازنة تلوح بالمعنى الموارب ولا تجنح به للإغماض.

    * الهجانة اللغوية الطريفة الناتجة عن استلهام المنبع الصوفي والمثلوجي والفلكلوري الشعبي. حيث يفلح القاص كثيرا في نسج أمشاج الخيالي والصوفي والفلسفي بأبعادها الرؤيوية لخلق حكايا غرائبية الأجواء، لكنها تبدو في ذات الوقت مألوفة وحميمة، إذ يقودنا فيها القاص بتأمل متمهل إلى طبقة من الرؤية أكثر عمقا، دون أن يوهن ذلك تلقائية السرد، وانسكاب اللغة.

    * تخفف اللغة من لزوجة الطلاء الزخرفي والإطناب البلاغي والدثارات المجازية المتكلفة. وهنا أيضا يبدع القاص في طرح أفكار ورؤى مختلفة ذات أبعاد تأملية وفلسفية تتفرس في التجربة الإنسانية وترصدها بدقة، بلغة هادئة أليفة وشديدة العفوية.

    * الانفتاح على اليومي والعادي، ببساطة محببة تراهن على الاحتفاظ بالتفاصيل الصغيرة طرية وطازجة وحارة بروح الحياة اليومية التي تبث دفئها في مفاصل الكتابة.

    *إعلاء البعد التأملي والفلسفي في بعض النصوص، حيث تستسلم اللغة لغواية الخيال المجنح الممتلئ بطاقة الحلم والجنوح، الذي يصعد الواقعي إلى مرتبة الغرائبي والفنتازي، بسلم متداني الدرج يصعد بنا بترفق وتؤدة إلى معارج الخيال.

    وفي منحىً آخر، نحتاج أولا أن نعود لنؤكد على أن القصة القصيرة فن صعب رغم مظهره الودود، فهو يواجه تحدي اختزال عالم بآسره ليتضام في بضع صفحات معدودة. ولعل ذلك ما جعل هذا الجنس السردي إنجاز تكنيكي بارع، يحتاج إلى معمار فني محكم ومتساوق.

    وعلى الرغم من أن الآم ظهر يصعب جداً تصنيفها أدبياً وفق المواضعات السردية المعروفة، كونها عصية على التأطير الشكلي، وغير خاضعة لقوالبه الجاهزة وشروطه المسبقة. فالأحداث مثلا في غالبية نصوص المجموعة تتخلق من فكرة فلسفية أو وجودية ينطلق منها النص ليؤسس نوعاً من إعادة النظر في الإنسان وحقيقته. ومن هذه النقطة يراكم القاص الدوائر والخطوط، لينفذ من ثقب صغير إلى نصه الواسع حيث يتنامى السرد دافقاً، مزدحماً بالأفكار والأسئلة التي يجهد القاص في أن لا يربك بها مجرى السرد، الذي يتخذ في معظم النصوص مساراً سردياً دائرياً، يبدأ من نقطة، ثم يستدير مستعيداً بدايات الأحداث وتحولاتها. وكذلك، من الشائع في مجمل النصوص، أننا نتعرف على الشخصية المحورية من الجملة الأولى، حيث تحضر تلك الشخصية بضمير المتكلم كحيلة فنية يحتفظ بها القاص لنفسه بزمام السرد. ورغم التحفظ على منح صوت السارد سلطة الانفراد بالمساحة الأكبر في مجمل النصوص، إلا أن القاص قد اجتهد في استخدام هذه الذريعة الفنية للانسياب تحت جلد شخصياته وسبر أعماقها وكشف دواخلها ومكنوناتها. ومن الملاحظ أن التركيز قد وقع جله على المونولوج الداخلي أو المناجاة، بينما اقتصر الحوار الخارجي على موضعين تقاسما العامية والفصحى. وقد بدا واضحاً أن استخدام الفصحى في الحوار قد قلل من قدرته على التأثير، وبالتالي أفقد الحوار قدراً من مصداقيته. على عكس حضور العامية العبقة برائحة بيئتها والنابضة بروح الحياة اليومية. إضافةً إلى دور العامية المقدر في إحكام النسيج القصصي وتماسك بنائه الداخلي، وإسباغ المصداقية على الشخوص والأحداث.

    ويقودنا ذلك تلقائيا إلى بعدي الزمان والمكان، لنلاحظ أن عنصر الزمن يخضع بشكل كبير لمنطق الأقصوصة، تهندسه التقنيات السينمائية مثل الفلاش باك، والقطع والمونتاج لتثبيت اللحظة المعينة لابراز البؤر النصية الحساسة. أما المكان، ورغم أنه قد يبدو كحيز جغرافي محدود، إلا انه يتسع معنوياً ليصبح فلكاً شاملاً نحس فيه بحضور المكان الريفي القروي أكثر منه مكان مديني حضري. ورغم تبرم الأدب عموما بصلف المدينة وضجرها وقيمها الزائفة ومبادئها المعطلة، إلا أن كرم الله يفلح كثيراً في تجنب الوقوع في فخ الثنائيات الضدية، والصورة الرومانسية الساذجة للتقابل المنمط بين صورة المدينة والقرية.

    وعلى مستوى الشخوص، لا يسعنا إلا أن نقف عند انتباهة الأستاذ صديق محيسي الواعية في رزنامة أستاذ كمال الجزولي، صحيفة الرأي العام، بتاريخ 10/4/2007، حيث يقول: "رؤية كرم الله السردية للأشياء والكائنات تعد تحولا مهما، إذ أننا لا نجد لها شبيهاً عدا ما ذهب إليه بشرى الفاضل من خلق شخوص موازية للبشر". وكنت قد أشرت في دراسة نقدية سابقة إلى أن سرديات بشرى الفاضل هي بالأساس قصص استبطان وتفلسف أكثر منها قصص أحداث وشخوص. وكرم الله في محاولته الإبحار إلى أفق مغاير يقترب كثيراً من تلك التخوم، ويشاكل العوالم البشروية بفلسفتها الطوباوية التي تحتفي بكل المخلوقات. حيث، وبكلمات الأستاذ محمد الربيع في الوطن القطرية يعيد السرد الاعتبار إلى جذوة الأشياء وللتفاصيل ويخرجها من عزلتها في الكون.

    فمثلا يذكرنا "حمار الواعظ" بحمار آخر في مجموعة بشرى الفاضل "أزرق اليمامة"، يقاسمه التظلم من جحود الإنسان وقسوته، فيكون انتحاره غرقاً بمثابة احتجاج جهير ضد رهق العالم.

    وكل هذا لا يتقاطع مع حقيقة أن كرم الله قد تمكن باقتدار، ومن تجربته الأولى، أن يرسخ فرادته كقاص استطاع ابتداع أسلوبه وحكائيته الخاصة الشغوفة باكتناه السؤال الكوني الأبدي. وقبل الانتقال إلى محور آخر، لابد لي أن أقف ملياً عند الدمج الخلاق بين الواقعي والخيالي والفلسفي في نص "رائحة الطمي"، حيث الجدة في أن الأحداث والمواقف ترسمها الرائحة. حيث تحلق بنا تلك الحاسة في فضاء تخيلي واسع. ما يستدعي للذهن رواية "العطر"، للألماني باتريك زوسكند والتي تحلل الطبيعة البشرية عبر بصمات الروائح.

    ولنجمع خيوط ما ذهبنا إليه، يمكننا القول بان الحبكة رغم كونها قد تبدو رخوة، حسب المواضعات السردية، وأن الشخوص وفق ملاحظة حامد بخيت الشريف في السوداني "غالبا ما تتوقف عن التطور لمصلحة السرد"، إلا أن القاص قد عمل على تعويض عن ذلك بعنايته الجمة بالتفاصيل، ودقة وبراعة الوصف، والخيال الطفولي المدهش الذي لا يرضى بأقل من أن يتلمس الأشياء ويتذوقها ويتشممها، بل ويفككها ويعيد تركيبها كما يشاء، ليمنح كائناته وجوداً مبتكراً وحضوراً أليفاً، تبدو معه منخرطة في واقعها،مستوية في مصائرها بأدق تفاصيل الوصف والتصوير. ولابد لنا أن نقف هنا على رأي بشرى الفاضل في عموده تضاريس بتاريخ13/1/07: "ميزة كرم الله الأساسية تكمن في هذه العدسة المكبرة في مخيلته، التي تقترب من الكائنات والأشياء راصدة لها بدقة متناهية".

    ونعود مرة أخرى إلى إشكالية تصنيف الآم ظهر يعيننا رأي أستاذنا فضيلي جماع في الصحافة بتاريخ 1/8 عن لعبة التجريب السردية حيث تبدو نصوص كرم الله "أقرب إلى الخواطر وتداعيات الكتابة في لحظة تحرر من قيود الشكل والنمط".

    وبحثاً عن تفسير لاختلاط الكتابة بتداعي الأفكار والاعتمالات الداخلية والخواطر، فإن الملاحظة والتفرس يؤشران إلى أن تلك الظاهرة ترتبط بقوة باليفاعة الأدبية، وهي بلا شك مرحلة طبيعية يمر بها الكاتب، حيث يمتلئ تماماً بهاجس الكتابة، لتأتي المحاولات الأولى مكتنزة بالتأملات والأفكار والخواطر. ولعل ذلك يفسر لنا أيضاً اقتراب النص أحيانا من فخ الخطابية، لنرصد تسلل بعض العبارات المثقلة بعبء الخطاب التقريري المباشر. ويأتي ذلك غالباً على شكل جمل زائدة، كان الإلماح كافياً لتمريرها إلى القارئ، الذي تزعم أسلوبية كرم الله على انه يراهن مسبقاً على شفافيته في التلقي والتعاطي مع النص. ولكن، وكما أسلفنا، فان ذلك ما يلبث أن يتطور بشكل طبيعي بتراكم الخبرة التي تشحذ أدوات المبدع لسبك عمل سردي مكتمل الأركان والحضور والتأثير، ليضع به بصمته الفارقة.

    ويستدرجنا ذلك لإلقاء الضوء على بعض المحمولات الفكرية والفلسفية التي تشع وتتلامح بين ثنايا النصوص. ولعل أبرزها النفس الصوفي الذي يفعم أجواء النصوص بعبقه الخاص. والفلسفة المتعالية (الترانسيندتالية) بثقلها الفكري كرؤية رومانسية طوباوية للعالم تمجد كرامة وحرمة الكائنات وحقها في الحياة. وتشمئز من السجن المادي والمعنوي الذي يرزح فيه الإنسان. فنحس ونحن نطالع النصوص بروح امرسون بميوله الروحية العميقة. وبمعاناة ثورو الذي اعتزل عالم اللهاث المادي، ليعيش مع المخلوقات الصديقة في كنف الطبيعة، في قلب الغابة في خلوة تأملية دامت لسنوات. وبحس والت وايتمان الذي أجمع نقاده على أنه يتحد مع كل شيء، ولا يكف عن معانقة الأحياء والموجودات من حوله. وبحضور استيفانز بإبداعه الرؤيوي ومقولته الرصينة: "عليك أن تتمتع بطاقات غير عادية لتتمكن من رؤية العادي". ولا يسعني أن اختتم دون المرور بموباسان ورسالته الخطيرة لصديقه موريس فوكير بتاريخ 17 يوليو1885، حيث يقول "إن الكاتب الذي يبهرني حقاُ هو من يحدثني عن حصاة أوجذع أوفأر أومقعد قديم ).

    وختاما فان الآم ظهر حادة قد قالت كلمتها، وأسلفت لنا يدها إبداعها، في محاولة للقبض على جوهر الرؤية الكلية النافذة، وطرح الرؤى والأفكار، والتحليل والتفلسف، بمخيلة حكائية خصبة، وبأسلوبية مطمئنة،على صهوة لغة استطاعت أن تحافظ، عبر النصوص، على طاقة انسها وجماليتها وعفويتها وانسيابية دفقها.


    * د. لمياء شمت، باحثة وناقدة سودانية، لها مشاركات منشورة في الصحف السودانية.



    ....
                  

06-26-2008, 04:48 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    قراءة أولى في مجموعة
    القاص عبدالغني كرم الله
    آلام ظهر حادة
    مركز اصدقاء البيئة 17/2/2006م




    ...
                  

06-26-2008, 06:03 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    الأربعاء 31 يناير 2007م

    عبدالغني كرم الله يكتب في اللحظة الحاضرة



    بشرى الفاضل


    الكاتب عبدالغني كرم الله صاحب مجموعة ''آلام ظهر حادة'' التي ظهرت في طبعتها الأولى عام 2005م عن المؤسسة العربية للدراسات والذي يعمل حالياً بقطر يكتب القصة وهو يطارد عبارات النص كأنه عالم فيزيائي يطارد الجسيمات وضدياتها في سعي محموم وراء الجسيم الذي ابتدأ منه خلق كل هذا البناء المهول.

    تقوم مخيلة عبدالغني في كل مرة بفتح عدستها المكبرة (بكسر الباء) فترصد ما يدور في المكان الزمان في تلك اللحظة الحاضرة من التأمل التي لا تتراجع للخلف للذاكرة ولا تندفع للأمام .المثاقفة هنا تكون مرجأة حتى يتم اسر اللحظة ولا بأس من أن يأتي الحقن بالتأملات حتى في ثنايا العيش في اللحظة الحاضرة بجمل أو وحدات قصصية من نوع (الدخان والنسيم يتنافسان بروح حميمة وكأنهما تعارفا قبل ميلاد الزمان) لكن ميزة عبدالغني كرم الله الأساسية هي هذه العدسة المكبرة في مخيلته التي تقترب من الكائنات والأشياء راصدة لها بدقة متناهية قل إن نجد نظيراً لها في الحكي السوداني .ولولا أن المسائل في الكتابة الإبداعية لا تتصل بالجينات وحدها لقلنا أن عبدالغني كرم الله كاتب ياباني!

    انظر إليه في (رقص على طبول النسيم) من المجموعة التي نحن بصددها يكشف عن هذه الخاصية بجلاء في العلاقة بين الدخان والهواء النسيم '' كالضوء، له ملكة خارقة بالرقص مع طبول النسيم وكأنه خلق لأداء رقصة واحدة طويلة ، تنخرط فيها كل خلايا جسده الرخو المهذب ، لم يعص للنسيم أمراً حتى الإشارات والإيماءات المستحيلة كان يترجمها فوراً''.

    حسبنا أن نمسك من جانبنا وهيهات هذه اللحظة من كتابة عبدالغني، يقرأ الكاتب ما يدور في خلد دخان البخور في علاقته بالنسيم فيشبه البخور بالكاهن الذي يتنبأ بما يدور في خلد نظيره (النسيم ) من تقلب للمزاج والنرجسية... و '' .. بسرعة البرق يوزن حركات جسده الأهيف مع إيقاع النسيم المتقلب الفوضوي الحر ثم يموت بل يذوب في الخفاء، في الأعالي، ساخراً من سلطان الجاذبية الأرضية''.

    خاصية التصوير من قريب بعدسة مكبرة لا يمتلكها عبدالغني كرم الله وحده في الكتابة الإبداعية قاطبة . لكن اعتقد أن من يمتلكونها في الكتابة السودانية نادرون.''انا زوج حذاء ....ممتلئ الوجنات، لين البطن والظهر، وتمشط شعري سيور جميلة واقطن فترينة هادئة في شارع الجمهورية'' (المجموعة).'' تتموج الظلال على صفحة كتاب الجغرافيا .. أمواج من ضوء تتموج على صفحة الكتاب وبين السطور .نار ونور.... الظلال التي تختبئ من لهب الفانوس ، تتراقص الظلال في لعبة الاختباء بسرعة وذكاء كي لا يراها اللهب ''.

    قبل وبعد مثل هذا التصوير الدقيق تجيء التأملات.كأن عبدالغني حين تظهر عدسته اللاقطة المكبرة يصلي ومن قبل وبعد التشريح الدقيق يبسمل ويحوقل.

    فطن الكاتب (حقاً) حسن البكري في لقاء جمعنا بعبد الغني وكتاب سودانيين مهمين آخرين بالدوحة قطر وكنا قد استمعنا لعبدالغني وهو يرصد بالوصف المتناهي الدقة (الياباني، وصف فيزياء الكم ) لحظة سقوط احد المتدافعين للنجاة من شاهق برج التجارة الدولية إبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن مثل هذا التصوير الدقيق لا يشكل عملاً قصصياً في حد ذاته . واعتقد أنه حسن أن يصل الذروة القصصية بهذا الشكل الدقيق الممتع عن نواة تلك الذرة ففيها يكمن سر فن الحكي الآسر.

    عبد الغني كرم الله كاتب سيكبر (كوم) قرائه كل يوم ونتمنى أن يصل إلى نقطة الختام الإبداعية (دوت كوم) وهيهات كما يقول هو عن أستاذه..




    الراي العام
    31/1/2007
                  

06-26-2008, 06:28 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    آلام ظهر حادة
    الواقع داخل فخ الاستيعاب – التجاوز



    بقلم: حامد بخيت الشريف



    ( بين النطق والصمت برزخ ، فيه قبر العقل وقبور الأشياء)
    النفري!!

    لا يمكنك قراءة آلام ظهر حادة إلا وتجد نفسك منفتح على عوالم ربما تتجلى فيها قدرة الكاتب على تحريك كل أدواته السردية مقابل الوصول إلي مقولات اقرب ما تنتمي إلى الكونية حيث تنفتح معظم نصوص هذه المجموعة على استكناه سر الأشياء والذي تبدأ من خلاله في الانطلاق إلى عالم الإنسانية وربما نجد هذا بوضوح إذا أدركنا قدرة كرم الله على تحريك المتخيل والتسامي به إلى ما يقارب الواقع مما يعني أن النص لا يتورط في الواقعية بفجاجة وانما ينفتح عليها من نافذة التخييل ، بذا فالحذاء في بداية المجموعة يجد نفسه متورطاً في كونه الراو والبطل في آن واحد وهذه لابد لها من أن تترك الفضاء متسعاً أمام المسرود له لتلقي كل أسرار البطل بما أتاحته له إمكانية أن يكون هو نفسه الراو وليس مروياً عنه الأمر الذي يمكن أن يحد من قدرة الراوي على إدراك كوامن بطله ، كما أن ثمة ما يمكن الانتباه له في هذا النص بالتحديد وهو أن آلام ظهر حادة قد احتوى على مجموعة من العناوين الداخلية مما اظهر قدرة النص على أن يكون مشروعاً لرواية وليس مجرد قصة قصيرة ، إلا أن اللافت للنظر تماماً هو انه وبالرغم من توفر النص على قدر كبير من التفاصيل الداخلية والتي غالباً ما تتوقف عن التطور لمصلحة السرد عند معظم الكتاب خصوصاً في القصة القصيرة إلا أن كرم الله استطاع أن ينتج من خلالها بنية سردية في أعلى درجات التماسك والتشويق .
    وبالرجوع إلى ما أشرنا إليه سابقاً من ثنائية خيال – واقع فانه يمكننا القول بان كرم الله قد نصب فخاً متميزاً للواقع بحيث اوقعة ضمن معادلة استيعاب – تجاوز ، بحيث انه يمكنك قراءة الواقع على اعتبار انه قد تم استيعابه ضمن منظومة ما هو متخيل ، وبذات القدر يمكن القول بان التخييل قد أفضى إلي حالة تجاوز كاملة للواقع ويمكن قراءة ذلك بوضوح إذا رجعنا إلي تقنية السرد المستخدمة في معظم النصوص بحيث يكون البطل (الشيء) –( الحذاء –الحمار .. الخ ) هو نفس الراوي والذي يستخدم علامات لا تنتمي إلى الشيئية بمقدار ما تقربه من الخصائص الإنسانية .

    أما من زاوية محمولات النص فانه لا يمكننا بأية حال العبور على المقولات التي تتبناها قصص كرم بعفوية ، فهي بالضرورة ذات محمولات أيدلوجية ومعرفية عالية – لاحظ ، سعر الحذاء ، عدم قدرة الفقراء على امتلاكه ، إهداءه إلي عشيق ومعاملته برقة في أيامه الأولي ، إلي أن يأتي كرم الله ويجترنا إلي ما يود الإشارة إليه من أسئلة الطبقة والتمايز ليجعل الحذاء لحظتها يقع فريسة للص الذي يقوم ببيع الحذاء( للميكانيكي) وهنا حيث تبدأ محنة الحذاء والتي هي بالضرورة إشارة ذكية إلي الفارق الطبقي بحيث يتحول الحذاء مباشرة من المشهد الأول ليسرد لنا معاناته من خلال وصف المكان وطريقة حياة الكائنات فيه .

    كما لا نغفل كذلك عن البعد الروحي (الصوفي) وفلسفته المنتجة داخل سياقات النصوص المختلفة – لاحظ (كلبة فاطمة-حمار الواعظ ) بحيث تجد أن التصديرات السابقة للنصوص (epigraphs) تفضي إلى إشارات عميقة تقود بدورها إلى كشف فلسفة النص ، فأنت تقراء على صدر كلبة فاطمة (كن رؤوفاً ، فكل من تلقاه يقود حرباً ضروساً ) وهو بالضرورة – أي التصدير – يعد ذو دلالة واضحة إذا ما استلفناه لحظة قراءة النص ولعل ما فعلته الكلبة بناظر المدرسة القاسي المتجهم خير دليل على ما تود هذه القصة قوله ، ويتكرر نفس المشهد في حمار الواعظ ، حيث نجد على صفحته الخارجية هذه الجملة (إذا أذنبت فتطهر بالعمل) ولعل هذه الجملة أيضا قادرة على كشف الصدوعات والتهتكات داخل نفس الواعظ (فهو مثلا يتحدث عن الرفق بالحيوان ويعامل حماره بقسوة تناقض ما يقوله ) وهو أيضا ينكر الأفعال التي يراها مسيئة عند الآخرين ولكنه يمارسها في خلواته .

    هكذا يمكننا القول بان التيمات على الرغم من اختلافها في معظم النصوص إلا أنها تكاد تكون في مجملها إجابة على سؤال واحد (أنا من أنا؟) بمعني انه يطرح سؤال البحث عن الذات بكل تعقيداته ويبدو لي أن كرم الله قد انتهج في ذلك منهجاً يتشابه إلى حد كبير من حيث تقنيته مع ما طرحه فرانز فانون في كتابه (معذبو الأرض) بحيث يرى سارتر انه –أي فانون – ينزع إلى تعرية الغاصب (المستعمِر) أمام نفسه واطلاعه على كل فظائعه بعكس السائد الذي ينبني في الأصل على تعريف المغتصب (المستعمَر) على فظائع الآخر (المستعمِر) وهذا عند كرم الله يتحقق على مستوى كشف الإنسان وتعريته أمام نفسه وليس كشفه أمام الآخر (الأشياء)
    مجمل القول هو أن كرم الله قد أنجز أعمالا قصصيه لها ما يميزها عن كثير مما هو منجز في السرد السوداني خصوصاً إذا ما قرأنا هذه الأعمال داخل إطار تقنية كتابتها بحيث يمكن القول بأنها قد استطاعت والى حد ما استيعاب مجموعة من أسئلة الكتابة السردية (أشخاص –حدث- تقنية كتابه – مكان- زمن ) وقد استطاع كرم على حسب رؤيتنا إبراز معظم هذه العلامات في هذه المجموعة القصصية.

    لذلك فان خلاصة قولنا هو أن هنالك إرهاصا بمشروع جديد في مجال الكتابة القصصية قدمه لنا عبد الغني كرم الله ليقول من خلاله أن فعل الإبداع ليس تهويماً وتحليقاً حول أطر لا تنتمي إلى الواقع ولا تقدم له ما يفيده ولكنه فعل يتوفر على العديد من الإشارات والدلائل المعرفية والتي يمكنها أن تقدم مجمل قراءات يمكن أن تتكشف من خلالها كل التصدعات والشروخات الموجودة في واقع الإنسانية وبالتالي محاولة تشكيل الواقع بوعي مختلف.


    جريدة السوداني
    2006
                  

06-26-2008, 06:31 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    آلام ظهر حادة:
    قناع يشف عن كل شئ!



    بقلم: أحمد يونس


    استعار القاص عبد الغني كرم الله حذاءً غالي الثمن كقناع يقول من خلاله ما لا يقال، لكن قناع عبد الغني كان شفافاً فقال كل شئ! ويبدو أن الضجيج داخل نفس القاص حولت الرمز إلى أصل شف عن المرموز..
    قصة آلام ظهر حادة تأريخ لسيرة حذاء وأوجاع منتعليه، وبلغة أخري هي تأريخ لصراع خفي يدور بين التقسيمات الإجتماعية أو الطبقات، كيف تكون العلاقة مع الحذاء داخل السلم الإجتماعي هي الفكرة التي نسج عليها القاص تحليله الإجتماعي والنفسي لمجتمع العقد الأخير من القرن العشرين في مدينة الخرطوم، وهو إن لم يسم المدينة لكن رمز إليها ببعض لوازمها ''السوق الأفرنجي''.
    وآلام ظهر حادة هي قصة قصيرة (طويلة) تتكون من ثماني قصص قصيرة هي (هدية عنصرية، الأحد الحزين، مشوار دام، استرقاق هدية، قمر من جلد بني وبطن أسود، من هو الحذاء الأكبر، أرجل الألم، لنرم غريزة الترحال البغيضة)، كل قصة منها يمكن قراءتها علي حدة، لكن يظل هناك رابطاً خفياً يجعل الواحدة تحتاج الأخرى بشدة ليكتمل الشكل والمعني!
    استخدم القاص تقنية الرمز للوصول للمعني، فالحذاء المصاب بآلام الظهر الحادة يمكن أن يكون أي واحد منا، بل يمكن أن يكون حذاءً يلبي حاجة أقدام بمشارب إجتماعية عديدة، ولهذا اختاره حذاء غالي الثمن (210) آلاف جنيه وهو مبلغ لا يستطيعه إلا القلة في ذلك التاريخ أبريل من العام 1997م، وليسجل الحذاء تجربة مجتمع بكامله جعله القاص يمر على أرجل من تكوينات إجتماعية تمثل الطيف الإجتماعي الذي أفرزه الواقع السياسي والإقتصادي ببلوغ الأزمة السياسية ذروتها، فهل يا ترى كان إختيار التاريخ إعتباطياً أم قصدياً، فذاك العام والشهر لهما أكثر من مدلول في التاريخ الإجتماعي للبلاد، أم أن قدرية الأشياء وحسن حظ الكاتب هي التي جعلته يختار ذلك التاريخ؟! ليس مهما فتلك مرحلة لا يمكن التأريخ لها إلا عبر قناع، وقد وفق الكاتب في إختيار قناعه (الحذاء) أيما توفيق، فهل كان يقصد القول بأحذية آدمية فعل فيها السياسي فعله، أم أنه كان يقصد حذاءً فعلياً، ومن عجب أن أي الإجابتين تفي بالغرض تماماً!
    (فقد كنت قبل هذا التاريخ، ممتلئ الوجنات، ولين البطن والظهر، وتمشط شعري سيور جميلة، وأقطن فترينة هادئة، في شارع الجمهورية لا يعكر صفوي سوى ضوء كاشف قوي مسلط نحو وجهي)، أنها (هدية عنصرية) أول قصص آلام ظهر حادة، في هذه القصة يتداخل الواقع بالخيال ويتحول المتحدث (الحذاء) إلى شخص مترف وضعته الأقدار في مكان مناسب ليؤدي مهمة قصدية، لكنه في ذات الوقت يخشى أن تنحرف مهمته و(تنقلب عليه الدنيا) فيصير فقيراً يعاني كل ما يعانيه الفقراء، وكان أن بدأت حياة تبشر بالسعادة لكن قدرية الأشياء والرؤية الفلسفية المشوبة بكثير من الرؤى التصوفية قلبت الأدوار رأس بطلنا (الحذاء)، فبعد أن اشترته حبيبة هدية لحبيبها المترف ليعيش أياماً سعيدة فيها الرفاه والغزل والعيش السعيد، ويمكن لهذه القصة أن تكون قصة لوحدها، لكن الكاتب في (الأحد الحزين) عرض بطله لحادث سرقة حول حياته لجحيم، فبعد أن كان حذاءً مدللاً تحول إلى حذاء (عجلاتي) شقي ذاق ما ذاق من ويلات الإمتطاء المتواصل الذي حول رائحة جلدة الأصلي إلى رائحة منتنة، وجعله يلبس سنين عدداً دون راحة، ولأنه حذاء أصيل فقد ظل يعمل طوال تلك السنين إلى أن تشققت أرضيته وأصابته آلام الظهر الحادة، وتحول من حذاء لـ (القشرة) لحذاء لكل شئ، للحمام، ولضرب الإبنة العاقة والكلب الذي يحاول لعق المواعين، وبعد أن كان جزءاً من طقم أحذية تحول لحذاء وحيد وحزين يدوس صاحبه به كل شئ وتمتلئ أرضيته بالأشواك والمسامير جراء السير الطويل المرتبك.
    أدخل عبد الغني حذاءه في تجربة جديدة في الجزء الذي سماه (مشوار دام)، تحول الحذاء فيها من متذمر يرفض حاله إلى شخص يرثى لحال صاحبه من المشاوير الطويلة التي يقطعها كل يوم، بل حوله لمتأمل يرثى لحياة الإنسان الشقية من خلال رصد لحال صاحبه، وجعله يعيش تجاربه كأنه صنو وليس حذاء، تعرض لكل التجارب الممكنة التي يتعرض لها من يلبسه تجربة العشق والسكر والعربدة، والإسترخاء، وعلى لسان الحذاء جاءت التجارب ناصعة، لعله حذاء هو أشد فصاحة وجرأة من صاحبة!
    وبتقنية (الفلاش باك) السينمائية أعادنا الكاتب مرة أخرى لكيف طرأت فكرة أهداء الحذاء للحبيب، في (استرقاق هدية)، ومزج بين حمام الحبيبة المغناج ونعومة جسدها الطري وانبثاق الفكرة، واستطاع الإيحاء بمكان الفكرة، (سوف اشتري حذاء جميلاً وقوياً لحبيبي)، ودون أن ينفصم عرى القص، تنقل القاص بين مشاعر الحبيبة ومشاعر الحذاء والحوار المتخيل الذي دار بين كلا الطرفين.
    دخل الحذاء في قصة (قمر من جلد بني وبطن أسود) تجربة السكر حين تعثر ببقايا خمر فسكر وتخيل نفسه يمضي مع القمر في رحلته المسائية بعيداً عن الشمس ورائحة الجوارب، فقلب الآية وتخيل نفسه يمتطي الأرجل وهو ينظر إليها من علٍ!
    (هاهو نائم بالسرير، إنه مريض بحمى، تعجبت من حياته، من هو الحذاء، والذي تمتطيه عشرات الأرجل، هو أم أنا)؟! هذا هو حذاء عبد الغني يتحدث في (من هو الحذاء الأكبر) محدثاً إرباكاً وتداخلاً في التفاصيل بينه وبينه صاحبه المحموم، لكن القصة هنا تقود للأخرى (أرجل الألم) ليحكي تعاسة الكائن البشري حين يصاب بالمرض فيجعله يجر جسده عبئاً ثقيلاً، وفي (لنرم غريزة الترحال البغيضة) تكتمل المجموعة القصة بدعوة لتقليد الموتي والإكتفاء بوطن صغير القبر، برؤى تصوفيه تمزج بين حياة الإنسان وموته ليختم مجموعته بقوله (رغم مرور ثلاثة أعوام من مأساتي، وبلوغ الإنزلاق القضروفي مداه، لا تزال آلام الظهر الحادة المزمنة تكدر صفوي مع كل دوسة على البدال).
    وهكذا اكتملت الثيمة الرئيسة للقصة التي سارت عليها جل قصص المجموعة (آلام ظهر حادة) الممثلة في التفسير الفلسفي بلسان الأشياء لحياة الإنسان، وعلى الرغم من الفكرة ليست جديدة فقد جاءت من قبل في كليلة ودمنة، ولدى كافكا، لكن عبد الغني استطاع عنصرتها وجعلها قصة بكل ما يعني القص في العصر الحالي من معنى، فهل استطاع قناع عبد الغني أن يشف عن كل شئ، بلى قد فعلها واستطاع تقديم دراسة تحليلية لواقع السوداني المعاصر تقول كل شئئ.


    2006
                  

06-26-2008, 06:42 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    إتكاءات
    الاثنين 16/1/2006 جريدة الشرق القطرية
    ("آلام ظهر حادة" وكتابة المستقبل)



    بقلم أمير تاج السر


    في مجموعته القصصية الأولى، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت والمسماة، (آلام ظهر حادة)، يسعى الكاتب السوداني عبد الغني كرم الله، إلى ترسيخ كتابة جديدة، ما اسميها بالكتابة المستقبلية للقصة القصيرة، حيث كانت تلك الأخيرة قد تعبت وإنهكت بفعل عدد من الحداثيين حولوها إلى مجرد فقرة أو جملة، هي غير مفيدة في معظم الأحيان، والمتابع لمسيرة القصة القصيرة العربية منذ نشأتها، يجد أنها كانت في يوم ما أكثر الأجناس الأدبية ازدهاراً، لها قامتها ومكانتها وصوتها العالي، ولها أركانها التي تستند عليها، وبرغم أنها أخذت كثيراً من الغرب ومن قصص (الروس)، الذين عرفتهم الترجمة العربية منذ وقت مبكر، فإنها كانت عربية الملامح، عربية السلوك، وعربية حين تحي الذهن وتدخل إليه.

    (آلام ظهر حادة)، واحدة من المجموعات التي تسعى بجدارة لإعادة الهيبة إلى القصة القصيرة، ليست القصة هنا كلاسيكية، تبدأ وتنتهي بلا فن، وليست من تلك المقاطع الشعرية إو الجمل غير المفيدة، التي ذكرتها، ولكنها تسعى إلى أبعد من ذلك، الشارع هنا كائن حي له لسان يتحدث به، وأذرع يمدها، الحذاء المعلق على فترينة الدكان، كائن له عقل يفكر به، وروح يخاف من ضياعها، . الأحصنة والأسود المصنوعة من الطين بيد الصبي.. يمكنها أن تتحرك وتفكر .. وكمية من تجارب الصبية والأمهات والجدات وأيضاً الأساطير التي تقودك بسحريتها الخارقة إلى واقعية ممكنة، وممكنة جدا، حين يمسكها فنان ويكتبها على الورق، بالطبع ليست سحرية ماركيز التي اشتهر بها، ولا سحرية الطيب صالح أوتاج السر، بل هل شئ من هذا، وشئ من ذلك، ورسم خاص يضاف إلى ذلك.
    اعتقد أن هذه المجموعة ليست جديدة أعني أنها ليست بصدد تقديم كاتب جديد في محاولاته الأولى، بل هي مجموعة معتقة لابد سبقها الكثير من التجارب، البراعة الحكائية واضحة بشدة، والشقاوة التي تشد واضحة أيضاً، وذلك النفس الذي هو أشبه بنفس الرواية في الكثير من القصص، واعتقد تلك القصص هي مشاريع روايات، لابد أن بعضها يكتب الآن في ذهن الكاتب.
    عموماً، أحيي عبد الغني كرم الله على هذه الهستريا الفنية، التي قدمته كاتباً فناناً، ورجل غني بالتجارب والأصدقاء، مثله، يمكنه أن يمتعنا بالكثير..

    أمير تاج السر



    جريدة الشرق
    16/1/2006
                  

06-26-2008, 07:08 AM

عادل التجانى
<aعادل التجانى
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 2154

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    في البداية زارني عبد الغني كرم الله بصحبة الفنان عبد الحميد الشبلي .. يدخلك عبد الغني من غير استئذان تحسه شقيقك .. ترتاح له أكثر عندما يناقشك في أي موضوع .. أي موضوع .. أي موضوع .

    لاحظت أنه يرتاد كافة الجلسات الإبداعية بشخصه ولكنه لم يكن يقدم شيئاً .

    ومن ضمن اهتماماته كان يحضر فعاليات المجموعة السودانية للثقافة والبيئة بمركز أصدقاء البيئة (الدوحة) .. وفي إحدى هذه الليالي فاجأني الرجل بإحضار مجموعة من الكتيبات القصصية الصغيرة للطفل وكانت المجموعة السودانية تستضيف عدد من الكتاب ولم يكن من بين ضيوف المنصة ولكنه استأذن لوضع مجموعة كتيباته مع ما وضعه غيره من الكتاب المتميزين ولن أذكرهم هنا . سألت عبد الغني هل هنالك قيمة مادية لكتبه حتى أعلنها لجمهور القاعة في نفس الليلة ، فقال لي (بس خليهم يقروها) هذا مهر كتيباتي فشكرته .

    وكم كانت دهشتي أن تخاطف الجمهور كتبه فنفذت بسرعة غريبه وبقي جزء كبير من الكتب المطروحة لغيره من الكتاب (مكانها) وطالب الجمهور بكتب عبد الغني . فقررت أن أقرأ للرجل المدهش فأحببت كتاباته وسهولتها وقدرتها على جذب القارئ .

    بعد ذلك طلب مني الأخ بدر الدين الأمير إقامة ليلة للقاص / عبد الغني كرم الله بمناسبة كتابه (آلام ظهر حادة)، وافقت على الفور لقناعتي القوية بطرحه وتميزه المتفرد . فكانت ليلة جميلة وحقيقة لم أكن أتوقع حضور أكثر من 30 شخص فمنحهم المركز صالة متوسطة تسع 40 شخص ، حضر عبد الغني فقلت له ما رأيك في القاعة ، قال لي هذه كبيرة جداً تكفي وزيادة ، بدأت الفعالية فاكتظت الصالة بالحضور وتبين لي أن الذين لم يجدوا أماكن للجلوس اكتفوا بالوقوف خاج الصالة وكانت جلسة رائعة جداً .

    حينها أدركت تماماً عظمة هذا القاص
    وحقيقة لم اندهش بل توقعت تماماً بأن قلمه سيبهر كل قرائه سواء كانوا أجانب .. أم عرب

    فيا فخري واعتزازي بك

    عادل التجاني
                  

06-26-2008, 06:57 AM

ابوبكر يوسف إبراهيم

تاريخ التسجيل: 05-11-2006
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    الأخ بهاء
    الأخ عبد الغني كرم الله


    سلام على روحيكما والأرواح الطيبة المتداخلة؛

    مفتتح:
    -------
    في يوم من الأيام كانت الدكتورة والأستاذة الجامعية حبيبة السوسي تعد لأطروحتها لنيل إجازة الدكتوراة في المقارنة بين الشابي التجاني بشير .. كتبت لوزارة الإعلام والثقافة في عقد الثمانينيات من القرن الماضي تبحث عن ديوان التجاني وكل مادة كتبت عنه في وطنه .. لم يكلف أحد نفسه الرد عليها .. المفارقة أنها وجدت ضالتها لدى مستشرق فرنسي في باريس.!!


    تساؤل:
    -------
    البروفيسور الراحل حسن عباس صبحي قال : [ أن العالمية تبدأ من المحلية .. ولكن العالمية تعيد إكتشاف المحلية] .. حديثه جعلني أتساءل هل المثل العربي ينطبق على هكذا حال حين قالوا: " لا كرامة لنبي بين أهله"؟!!!.. وأن الغرب يبادر يبحث في مجاهل أدب العالم الثالث ليكتشف ثقافة الواقع ؛ في شكل ما يكتبه أدبائهم من أدب يعكس حقيقةالقيم الإنسانية ..والهم الإنساني!!

    مفارقة:
    ------
    من يقرأ " مزرعة الحيوانات " ويقرأ " آلآم ظهر حادة " يكتشف قواسم مشتركة رغم التضاد بين ثقافتين؛ ثقافة الشمال وثقافةالجنوب ؛ ولكن الهم الإنساني كان هو حاشراً بقوة وكان أيضاً قاسماً مشتركاً رئيس.. وأما التضاد بين مباديء الإشتراكية والرأسمالية والممارسات الفعلية والقمعية هي أيضاً هم إنساني قبل أن يكون هماً سياسياً.!!

    مقاربة إستهلاليةفي حق عبدالغني كرم الله :
    -------------------------------------
    المبدع الحق؛ ذاك الذي يحمل في أعماقه قضية؛وعبرهايفاجئنا بمنتوج إبداعي فني، أكثرعمقا في إنسانية الإنسان؛ ومشعابرونق التفكيرالصادم وغيرالمهادن من حيث نوعية الطرح والمعطى؛ تجاه الإنسان البسيط.. المقهور..المستبد؛ باعتبارأن صوته مبحوح ؛ ومن الصعب أن يصل إلى حيث يريد أن يصل؛هنافالإبداع صلة وصل في كل اللحظات للتعبيرعمايعانيه ذاك البسيط في حياته ومنطلقاته
    والمقهور بقهر زمانه ورجالاته؛ وهذالايعني:أن مثل هذا الإبداع يعتبربوقابالعكس ؛فهو صرخة واحتجاج ضدكل ماليس طبيعيا في الإنسان وحياته؛ وهوغضب فني ضد ترويض كنه الإنسان المجبول على الحرية والتعبيرعلماأن الحرية قوة متعالية؛ حسب تعبير{سارتر}؛وبالتالي فالإبداع الذي يرتقي بإبداعيته نحو خلخلة ماهوغيرإنساني في بنيته ومواجهة الإيديولوجيات المضادة للتطور والساعية لتزييف الوعي وإيقاف منطلقات التعبير وحركة التغيير؛ يظل إبداعــا راسخ الحضور ومتمظهر في المشهد الثقافي الإبداعي بــقـــوة.. فحمار عبدالغني كرم الله كان الشخصية المحورية الرمزية للتحدث عن هكذا حال ليس لأن الحمار كما يقال متبلد الإحساس بل لأنه ذكي وشديد التحمل!!
    قرأت النص عدة مرات ، لكن أثناء معاودة القراءة؛إلا ويستشف صعوبة فهمه فهمارصيناموضوعيا؛ بحيث النص تلقائيايولد تساؤلات تتراوح بين الاحتمالية والاستنكارية واليقينية من اجل القبض على أبعاده ومعناه الكلي ؛ ولاسيما أن النص يندرج في سياق السهل الممتنع وهذاالنوع يفرض جدلية الإستهلاك والإنتاج؛ بغية الغوص في أعماقه؛ وهذايدعوإلى تفعيل آليات نقدية بالنسبة للمهتم الممارس وحتى
    فهو صرخة واحتجاج ضد كل ماليس طبيعيا في الإنسان وحياته!!
    بغض النظرعن إيمان القاص بعملية التجريب ؛الذي يفرض المغايرة والتجاوز من أجل بناءالدهشة؛ نلاحظ بأنه متأثر بالمسرحي -ميترلنك- الذي يقول: عن هذا الإنسان؛إنه مشبع إيمانا بسلطة قدرية؛ لامحدودة ولامرئية؛ ولايستطيع أحدأن يعرف نواياها؛إلا أنهاتبدو لنا كماتظهر في روح الدراما سلطة سيئة النية؛ تترصد لجميع تصرفاتنا؛ تعادي البسمة والحياة والعالم والسعادة.

    أن تكتشف مقاهي الشانزيلزيه أو مومبرناس حيث ملتقى الأدباء والشعراء والفنانين ما كتب عبدالغني كرم الله فليس هذا مدعاة دهشة .. الدهشة أنه ولد ونشأ بيننا وقرأنا له إبداعاته ربما قراءة عابرة أو ربما معمقة ولكنها لم تحرك فينا نزعة نقدية أو تسليط الضوء عليها ولعوامل عديدة أننا لم نكتشفه إلا عندما إكتشفته حواري سان جرمان وكلاشييه لكساح إعلامي وتشرنق أقليمي!! .. لقد تبين لي يقيناً أننا نجيد فن التأبين والمناقب لمبدعينا وعباقرتنا حين يرحلون ولكننا لا نجيد ونفرح بمولد أوميلاد إبداعاتهم وعطاءآتهم التي هي بعض من أنفسهم وأرواحهم وأعمارهم .. شكراً بها ؛ وها أنذا أتساءل - ولا أعفي نفسي عن القصور-: من كان سيعلم إن لم يكن بيننا بهاء؟!! .. من نافلة القول أن البعض من مبدعينا يعيشون نرجسية " الأنا " وبإيغال؛ ويرفضون أي تقريظ وإطناب كل عمل يستحق ذلك بينما نرى الطبل والزمر لأعمال لا ترقى لمستوى تمحيصها ونقدها؛ وأما وإن دققنا في أعمال جماعة " الأنا" فنجد أنها تستثير في القاريء غرائز سياسية لتستميله وتستلب إرادة النقد الحر فيه .. مثلهم مثل الإعلام الشمولي الموجه وتكون المحصلة أننا لا نفي مثل عبدالغني كرم الله حقه من النقد لعطائه المتميز..!!

    (عدل بواسطة ابوبكر يوسف إبراهيم on 06-26-2008, 07:06 AM)

                  

06-26-2008, 07:33 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: ابوبكر يوسف إبراهيم)

    شكرا لكما أستاذي :
    عادل التجاني
    وأستاذي أبوبكر

    ميزة عبدالغني كرم الله الأساسية هي هذه العدسة المكبرة في مخيلته التي تقترب من الكائنات والأشياء راصدة لها بدقة متناهية قل إن نجد نظيراً لها في الحكي السوداني .ولولا أن المسائل في الكتابة الإبداعية لا تتصل بالجينات وحدها لقلنا أن عبدالغني كرم الله كاتب ياباني!

    لقد أضحكني يا صديقي كرم الله حديث الدكتور بشرى
    فما عليك إلا حزم حقائبك وأن تأتي ( عندينا) هنا في طوكيو

    من يقرأ " مزرعة الحيوانات " ويقرأ " آلآم ظهر حادة " يكتشف قواسم مشتركة رغم التضاد بين ثقافتين؛ ثقافة الشمال وثقافةالجنوب ؛ ولكن الهم الإنساني كان هو حاشراً بقوة وكان أيضاً قاسماً مشتركاً رئيس.. وأما التضاد بين مباديء الإشتراكية والرأسمالية والممارسات الفعلية والقمعية هي أيضاً هم إنساني قبل أن يكون هماً سياسياً.!!

    أستاذي أبوبكر :
    هذه واحدة من الأشياء التي عنيتها في أدب كرم الله
    فالمقاربات مع العالمي دوما واردة مادام محور الأدب والإبداع هو الإنسان وكنهه
    وصراعاته الداخلية والخارجية ومدى وطأتها عليه
    وإقترابه وبعده عن جوهر الصراع وأنسنته

    في بالي مقاربة ربما تكون بعيدة عن موضوعنا بغرض
    إستجلاء الإبداع الذي لا وطن له سوى قرارة نفس وعقل المتلقي الواعي :
    المقاربة هي :
    أن هناك بعد أفريقي في أدب الطيب صالح لا تخطئه البصيرة الحاذقة مع
    الأديب النيجيري ( أشيني أشيبي ) في عمليه :
    No longer At Ease
    Things Fall Apart
    وكلاهما محمل بغربة البطل ثقافيا ووجدانيا
    والعودة ومالآتها الخاسرة والرابحة في آن


    أتمني صادقا ألا يذهب هذا الموضوع أدراج الأرشيف

    طلب ورجاء ملّح أخواتي :
    مناشدة الأخ بكري بترك هذا الموضوع

    فقد انفتحت سيرة عطرة
    وكثير من المداد لم يدفق بعد
    لإستجلاء مواطن شائكة
    وكثير أسئلة ملحة تنتظر محاولات
    بهاء
                  

06-26-2008, 06:35 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    وما أدراك ما تقاليد المجال؟
    أذكرُ في وقتٍ ما أنّني رأيتُ فيديو يجمع الأستاذ وردي مع الأستاذة أسرار بابكر، ويدور الحوار هنا وهناك، ليسأل المُذيع بعدها بطريقة استصدار فتوى من وردي حول جدوى وقيمة أسرار كمغنيّة!
    توقّعتُ على الفور أن يقول وردي بأنّه لم يسمع أو -بأحسن الفروض- هو لا يعرف أسرار جيّداً، وذلك ما كان بالفعل.
    الحادثة الثانية جرت بذات السيناريو أعلاه في الشريط الذي عُرِض هنا حين الاحتفال بصدور ألبوم الأستاذة نانسي عجاج، وكان من ضمن المدعوين الأستاذ شرحبيل أحمد، ولم ينسَ الأستاذ شرحبيل أن يؤكِّد على أنّه لا يعرف نانسي جيّداً أو لم يسمعها بما يكفي، ذات ما توقعتُه وأنا أُشاهد الشريط ولم يُخَيِّب الأستاذ شرحبيل ظنّي.
    وأقول لكم بكل صراحة لا يخالجني أدنى شك في كون الأستاذين يعرفان جيّداً أسرار ونانسي، مثل جوع بطنهما، فما حكاية التجاهل هذه إذاً؟
    ولو أنّ المسؤوليْن فنّانان غربيان لكان زعمهما في الاتجاه المُعاكس تماماً، أي حتّى إن كانا لا يعرفانهما لقالا نعرفهما، وهما كيت وكيت.
    فالعيبُ أكبر العيب، أن يكون الفنّان غير متابع لساحته الفنيّة لدرجة أن لا يعرف أسرار ونانسي.
    يا تُرى هل يجهل الأستاذان هذه الملاحظة عن جهل الفنّان لمستجدّات ساحته!؟ ففنّانو الدنيا كلّها وفي جميع ضروبها يطاردون مستجدّات ساحتهم وإن في الصين، ناهيك عن في عُقر بلادهم. فهل يجهل الأستاذان ذلك؟ وهما بالفعل أستاذان، لا كما جرت العادة في وصف أيٍّ يكن بالأستاذ؛ أبداً، فوردي كان يعمل أستاذاً لمادة اللغة العربية، وشرحبيل كان يعمل أستاذاً للتربيّة الفنيّة. فما هي الحصّة التي ستخرج بها هاتان الشابّتان من سلوك الأستاذين تجاههما، هل هي حصّة تلقين لإعادة ذات القصّة وإنتاجها في المستقبل من قِبَل الشابتين تجاه شبّان قادمين في المستقبل! بعد أن تكونا قد حقّقتا كرسي الأستاذية المقدّم للأستاذين حالياً!؟
    ولكن دعنا نتمهّل، لنسأل عميقاً ومن باب التفهّم لمنطلق الأستاذين، ما هي الأسباب المدفونة وغير المنظورة هنا، لهذه المُشكلة الملحوظة!؟
    الأسباب باختصار هي انعدام ثقافة تقاليد المجال في البيئة السودانيّة كلّها، لأنّها بيئة بِكْرة تشهد تحولاتٍ ثقافيّة وفكريّة عاتية ومخيفة في آن.
    فالأستاذان ليسا سيئين، ولا غتيتين، ولا يخافان "تكبير" رأس الشابّتين، لأنَّ الشابّتين أعرف الناس بطول المسافة التاريخيّة والفنيّة بينهما وهما في مُقتبل عطائهما الفنّي، وبين الأستاذين الراسخين في المجال.
    ولكن ماذا عن البيئة الإعلاميّة، والفنيّة أوَّلاً، ثم الاجتماعيّة ثانياً؟ التي هي أصلاً تقنص بمثل هذه الأسئلة لكي تُبَخِّس من سبقوا دائماً، وأعني بالتحديد طبعتها الشبابيّة التي تلبس "حودة-محمود عبد العزيز" في علاقّّات من جنس تبع المفاتيح في أعناقها ولا تعرف زنقار من عبد الزمبار، ولا الكاشف من عصام محمّد نور وهو فنّان جيّد، ولكنه غير عصامي -عكس اسمه تماماً- إذ لا وجود له إلا عبر الكاشف، فإلى متى؟ والخلل كذلك يكمن في الجهات الفنيّة والإعلاميّة التي لا تعرف كيف تُقدِّم الفنّان المبتدئ من الوسيط من الراسخ، كلّه عندها ليمون. ولا تستطيع أن تفرز في هذه البيئة الأستاذة ندى القلعة من أعلام راسخين كوردي والراحل عثمان حسين، إلا بالتوب، والكل يُمنح في الحوار معه ذات زمن البرنامج، وذات الصفحات المخصّصة لإجراء حوار، عكس التقاليد الإعلاميّة في الدنيا كلّها... لماذا؟
    لأنّه لا تُوجد تقاليد مجال، ولأنّ بيئتنا استلفت من البيئات العربيّة المجاورة معظم أمراض تقاليدها، ولم تقم بنقل المحاسن. والبيئة العربية المجاورة في مصر دائماً تعاني من مشاكل الفنّانين "الممثلين" على سبيل المثال، تجدهم إذا أنجزوا فيلماً كُلُّ واحدٍ منهم يُريدُ أن يضع اسمه في "تَتَر" الفيلم قبل الآخر، ومشاكل وزعيق ونبز.. إلخ.
    فهل تُوجد مثل هذه المشكلات في هوليود كظاهرة مثلاً؟ اللهم إلا نادراً ويقوم بها مدمنون ومجانين، فتُدان من الجميع، وتكون محط استهجان، كما تُحسم بسرعة وعدالة متناهية وفقاً لتقاليد المجال الراسخة في هوليود.
    إنّ بيئتنا الفكريّة والثقافيّة والفنيّة وفي جميع مناحيها هي بحاجة لكتابات تُؤسِّس وتناقش قضية التقاليد هذه، لكي لا يضطر الأساتذة الكبار كشرحبيل ووردي إلى مثل هذا "التقتير" في إيفاء شابتين مجتهدتين حقهما من "النقد" لا الثناء، بل قل حظهما في بَرَكة الأستاذين.
    فهذان الأستاذان -كبيران وراسخان- لدرجة أن يُتوقّع منهما توريث من يليهما تقاليد تقع في باب المعرفة لا الحِيَل، الاستراتجيات لا التكتيكات، فمعالجة مشاكلنا في إرساء قيم وتقاليد المجال لا يمكن حلها على هذا النحو.

    ----------------
    وسأعود لاستكمال تأملاتي عن (تقاليد المجال) ما دام في العمر متسعٌ والقريحة صاحية
                  

06-27-2008, 03:26 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محسن خالد)

    صديقي محسن :
    ها وصلنا لمرحلة يمكن معها
    فتح الباب لسؤال كبير خلاص :

    ما هي جذور ثقافتنا ؟؟

    فلكي يكون عندك ثقافة مجال أو تقليد
    أو تقاليد ثقافية راسخة
    ومتمكنة
    لابد من أن تكون ثقافتك في ذات روحها
    متجذرة وعميقة البنية
    أما إن كانت منبتة
    وتمتح من الآخر فحتما ستجلب الآخر
    بخبوبه وعبوبه
    وليس ثمة جديد
    أرى أن نبحث في هذا السؤال
    قبل أن نتحدث عن ثقافة مجال
    أو رسوخ تقاليد
    لك مودتي

    ما تطول الغيبة
    عبدالغني نزل وزيد مما عندك
    بهاء
                  

06-27-2008, 07:16 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)



    اشكالية الموت
    في القصة القصيرة

    (محمد هارون/ القصاص/ مجاهد إبراهيم/ عبدالغني كرم الله)

    بقلم: مبارك الصادق


    الموت الاشكالوي هو ذلك الموت الذي يجئ اعداما او انتحارا ورغم انه هو الموت نفسه الا ان الاختلاف يأتي لجهة ان هذا الموت يبدو كما لو انه جاء ابدر من وقته المنتظر، بسبب الظرف الذي يأتي فيه.
    ومع ذلك فان الموت هو اليقين، فقط تبقى الساعة هي المجهولة متى تكون؟ ان واقعة الموت في غالب الاحيان تفجؤنا وتبغتنا رغم ادراكنا لحتميتها.

    شحذتني قائمة اهل الابداع الذين غابوا والتي توفر عليها الاستاذ عبد القادر محمد ابراهيم لوقفة قصيرة عند ظاهرة الموت في القصة القصيرة، وكيفية التعاطي معها عبر اليات الكتابة، ومكنيزمات فن القصة القصيرة في توصيف الظاهرة وانعكاساتها.
    ان المرء ليحي مأخوذا بروعة الحياة وجمالها، في ذات الوقت الذي يتمثل فيه فظاعة الموت وهوله.
    ومن ثم فان الكتابة عن الموت تصبح هي نوع من الكتابة (الفصامية) بحسب تعريف (لا كان) للفصام، كونه انهيار سلسلة الدلالات (السانتاجماتية) المتضافرة للدلالات التي تعطي المعني.. فانهيار تلك الدلالات، وافتقاد المعنى يصير كل شئ الى لا شئ، وهو المعنى الذي قرره قديما سليمان الحكيم بمقولته الباقية (الكل باطل وقبض ريح).
    اذن فان الخوف من الموت هو عنصر من عناصر الذات البشرية، وفي حالة الذات المبدعة فان الاحساس يكون اشد قوة وضراوة بفعل الحساسية العالية، ومن ثم نصطحب معنا في حياتنا الاحساس بالتناهي والفناء، ذلك ان انقضاء الزمن وسيرورته يعني السير الوئيد نحو الموت والانحدار السريع نحو العدم، حيث يصبح الخوف والجذع هما المسيطران على وجودنا الايل نحو السقوط والعدم.
    وليس اقسى واشد على المرء من الاحساس بكونه سوف يموت.. بل ويموت وحده، وان العالم سيستمر من بعده دون ان يحفل به وبغيابه، ولا يبقى للمرء عندئذ الا الاحساس بالوحدة والفردانية وعدم المشاركة حيث نتمثل قصيدة ابو سنة:
    (في صمتك .. احمل كفنك .. ادخل قبرك.. لا غيرك سوف يصلي من اجلك)
    * اجتلاء افاق النصوص:
    سنقترب الان من بعض النصوص التي عالجت الموضوع .. ونبدأ بنص لمحمد هارون عمر موسوم بـ (هواجس اخر الليل)..
    وحقيقة يمكن ان نحولها الى (هواجس اخر العمر) لكونها اي الهواجس هي حقيقة اللحظات الاخيرة لعثمان محمد عثمان (المحكوم عليه بالاعدام) والذي ادين نتيجة لشجار لم يستطع خلاله ان يمسك نفسه حين (بدأ كأسد هصور، وضرب الرجل بقضيب، ثم غاصت سكينه الحادة في حلقه حتى العظم .. اجتثت العنق).
    النص الثاني هو (الصوت العالي) لمجاهد ابراهيم بشير:
    فبطل القصة غير المسمى هو الاخر بانتظار حكم الاعدام بحقه كونه قتل زوج شقيقته الذي يساكنه الجزء الاخر من المنزل..
    (فتحت الباب كان الصراخ يتردد بين الجدران ويرن كالاجراس في اذني، ارتعشت ولم استطع ان اتنفس من شدة الانفعال، وحينما فتحت باب الحجرة رأيتهما يتشاجران بالايدي، التفت زوج شقيقتي نحوي وانا اقترب منهما، وقد تحجرت يداي، تحركت شفتاه .. لكني لم اكن اسمع صوته، وحينما اقتربت منهما للغاية رفعت ذراعي المتحجرتين عاليا جدا وهويت بهما بكل قوتي).
    ثم نأتي للنص الثالث وهو بأسم (حالة) لكاتبه عادل القصاص:
    (تعلم انك لا تملك بندقية هنجواي ولا مسدس حاوي لكنك تملك هذا الحبل الممتد من سقف الحمام الى ذلك المسمار المعقوف المغروس في اعلى الحائط.. فكه .. فلتكن الدائرة اكبر قليلا.. اجل هكذا تماما.. انها تعبر جمجمتك بسهولة تساعدها نعومة شعرك.. ارتاحت الدائرة الان على كتفيك .. ثم تضيق حول عنقك .. والان ارفس ال.. مق .. عد )!!.

    النص الرابع والاخير لعبد الغني كرم الله .. باسم (اجمل خيار):
    لم يكن لديه مفر، فكان اجمل خيار له هو ان يقذف بنفسه من الطابق 93 للارض، كان هذا اجمل وافضل قرار .. فهناك خيارات اخرى.. ان يمكث في مكتبه ويتحول الى كوم رماد بعد عدة ثوان .. او تحدث معجزة، او يستيقظ من نومه ويخرج من قبضة كابوس فظيع ان كان حقا نائما، احترقت الطوابق العلوية كلمح البصر، وتعطل الاسانسير، وبلغت درجة الحرارة الى مدى تحرق كتل الحديد كثلج في الظهيرة، الاشياء تحترق قبل ان تصل يد النار اليها، هواء المكتب اسخن من قدر .. اتعس من بيضة في هواء يغلي .. القى بنفسه كمن يقفز من سرير واطئ للارض بلا تردد..

    * الدينونة:
    كما بدأ لنا فان النصين الاوليين يتماثلان كون ان البطلين فيهما ينتظران تنفيذ حكم الاعدام، لانهما قاما بارتكاب ذات الجرم الذي ادى لتصفية الاخر، فيما يختلف عنهما بطل النص الثالث في انه وبمحض اختياره، ويمكن القول وبحالته المعتبرة شرعا، قرر انهاء حياته، وشنق نفسه بحبل مجدول، اعد له انشوطة ادخلها الى عنقه، ولم يبق الا ان يرفس المقعد..
    اما النص الرابع فان الذي بينه وبين النصوص الثلاثة الاخرى لمختلف جدا، ذلك ان بطله لم يرتكب جريمة ضد احد فيمضي الى الدينونة، ولم تجبره الظروف للانتحار، ولا يرغب في ذلك.. ولكن الموت حاصره في الطابق الـ 93.. فاما ان ينتظره .. واما ان يسعى اليه فقرر السباحة في الفضاء للوصول الى الارض.
    * الدافعية المستوجبة:
    عثمان محمد عثمان وهو البطل الوحيد المسمى في النصوص الاربعة هو ضحية الظرف المعيشي الذي اقتلعه من جذوره والقى به في المدينة ليعانق فيها قدره الذي ساقه الى هذه النهاية، وواضح كونه من خلال السياق انه لم يتسلح بوعي كاف يعصمه من الوقوع في الخطأ .. وان كان قد تسلح بسكين مشحوذة اجتث بها عنق الضحية الذي عمد الى استفزازه.. ولعل ضعف التعاطي الفكري مع معطيات المدينة المغايرة لسلوكيات المجتمع الرعوي الزراعي، جعلته لعبة في يد دهاقنة المدينة، ومن ثم سهل استدراجه ليتعلم التدخين، والخمر والحشيش الذي شحذ فيه خياله الجامح، فجعل منه ذلك الملك المتوج، وتحت ذلك التأثير لم يتورع من ارتكاب الجريمة.
    واذا كان الجهل والاستفزاز والاستدراج ها هنا قد ادى الى تلك المحصلة فان البطل في الصوت العالي كان قارئا مثقفا.. اسمعه يقول: بعد الغروب ادخل الى غرفتي واغلق الباب ورائي بالمفتاح.. اخلع بدلتي والبس الجلباب، ثم اجلس على الطاولة المزدحمة بالكتب، اضع نظارتي فوق انف واشعل سيجارة ثم افتح الصفحات واروح اقرأ حتى منتصف الليل.
    ومع ذلك فان الثقافة والجهل يتموقعان بموقع واحد، ويفضيان لذات النتيجة ودون ان ننساق وراء التراكمات الرسوبية للمعرفة التي اكتنزها بطل مجاهد بشير من خلال توفره على القراء حتى منتصف الليل، فاننا نقف فقط امام حساسيته الانفعالية، وسيطرة الذكرى الاليمة التي القت على نفسه ظلها الثقيل فجعلت استجاباته العاطفية شديدة الحضور تجاه شقيقته بسبب من الاحساس بالمسؤولية تجاهها كونها يتيمة، لنستمع اليه ها هنا وهو يقول:
    في اول المساء اعود مرهقا الى البيت، اغلق باب الحجرة ورائي واخلع ملابسي واتمدد عاريا كما ولدت فوق الفراش حتى تهدأ اعصابي، اجلس وحدي في غرفتي دون ان افعل شيئا سوى الانصات الى صوت افكاري، استطعت ان انسى صوت زوج شقيقتي العميق.. لم اعد اسمعه معها قبل الفجر، لكنني ظللت اسمع صوت شقيقتي الضعيف الحاد، واتذكر الالعاب المرحة التي كنا نلعبها ونحن صغار، وموت ابينا وامنا في الحادث، وبكاءها على كتفي صباح الدفن، وكانت تلك الذكريات تزيد من حساسيتي نحو شقيقتي وتضاعف حدة انفعالي.
    اما في قصة (حالة) فتلك حالة اخرى، فالدافعية لدى بطلها غامضة وملتبسة فهو وحده من خلال النماذج الاربعة المختارة الذي يسعى للنهاية بطوعه واختياره، دون ان يعطينا تبريرا نعول عليه ونتخذه تكأة وسببا لاختياره، وعوضا عن ذلك فان ثمة اسباب انسانية مانعة وكابحة عن ارتكاب ذلك الفعل، لم تؤثر فيه، ولم تثنيه عن اعتزامه المزمع (لا شئ يثنيك.. لا دعوة جيرانك قبل قليل لوليمة ختان انجالهم .. ولا الرجاء المكتنز بالالحاح من تلك العجوز الطيبة كي تكتب لها خطابا لابنها المغترب الذي لا يعود ابدا، ولا ضحكة طفلك ذي الاعوام الثلاثة) كنت تقول ان ضحكته تشبه القرقرة ولا تشبثه بالمشاغب بيديه على ياقة جلابيتك حين قابلته خارجا منذ لحظات مع امه لزيارة الجيران.
    اذا كان بطل (هواجس اخر الليل) صار اسير الخمر والتدخين والحشيش.. فان بطل (حالة) هو الاخر انغمس في التعاطي الذي افقده صوابه، فها هو يسخر من الاطباء بقوله (عليهم اللعنة هؤلاء الاطباء .. الخمر، تليف الكبد، المخدرات الجنون، السجائر، سرطان الرئة، تبا لهم انهم يهرفون).

    وهذا بالطبع يعني اصراره على السير في هذا الطريق حتى النهاية، ولم يتسن لنا ان نجد سببا مباشرا لبطل (حالة) يسوغ له ذلك الفعل اللهم الا من سبب غاية في الغرابة، اذ يقول عن زوجته كانت تمضغ اللبان بطريقة رديئة.

    بطل قصة (اجمل خيار) تختلف مجريات الامور التي ساقته الى ذلك المصير حيث انه لا يد له فيما جرى، اذ لم يرتكب ما يستحق عليه العقاب، وليس له من الاسباب التي تجعله يقدم على الانتحار، ومع ذلك وجد نفسه فجأة وهو في الطابق الـ 93 يحاصره الموت في شكل حريق هائل، وليس امامه الا خياران، اما الموت حرقا.. او السباحة في اجواز الفضاء ليدق عنقه.
    وبطبيعة الحال فقد اختار الثاني، فقد يكتسب ثوان يطيل بها عمره ثم وليجرب السباحة في الفضاء، كل ذلك وهو لا يدري او يدرك حقيقة ما سيصير اليه عند وصوله للارض، هل يتشظى كزجاج؟ ام سيتلقفه ملاك حنون؟؟ ها هو يهوي للارض نحو مقصلة فاتحة فمها كتنين، لم لم تخلق الارض رخوة كالبحر او القطن كي تمتص ارتطامه وتمرجحه كطفل شقي؟
    يبعد عن الارض الان حوالي ثلثي كيلو وقانون الجاذبية سوف يصل بعد دقيقة انها افضل من مكوثه في مكتبه سوف يكسب عدة ثوان كي يعطي فرصة اخرى للمعجزة نبض قلبه باحساس لم يعتريه من قبل، طائر بلا اجنحة او ريش، وللحق لم يعتره خوف بهذه الدرجة.. ما اعمق جسد الانسان كمأوى للانفعالات الخارقة، جسد صغير يؤوي اعظم الانفعالات بخيرها وشرها، الهذه الدرجة الحياة عظيمة؟.
    * في انتظار المصير:
    المواجهة بين الكائن البشري والموت الحتمي مواجهة بالغة الصعوبة، محفوفة بالخوف والقلق وعدم الاطمئنان وقديما قيل لحكيم كيف حال اخيك؟ فاجاب: ان اخي قد مات فقيل له ما سبب موته؟ فاجاب: حياته..
    ولعل هذا ما حدا ببعض المفكرين ان يقول بأن الحياة انما هي الموت نفسه، لان الانسان يشرع في الخطو نحو الموت بمجرد ميلاده، والمدة التي يعيشها في الحياة انما هي المدة التي تستغرقها عملية الوفاة.
    بطل هواجس اخر الليل فكر ان ينهي حياته بنفسه دون ان ينتظر عملية التنفيذ تقهقهر رويدا الى الوراء القيد المعدني الثقيل يشل حركته، وحدث صليلا غير متناغم، بدأ ككبش يتحفز لنطح كبش اخر، سيناطح الجدران لينهي الامر في هذه الليلة دون انتظار الفجر الذي تترتب عليه طقوس مخيفة، جبة بيضاء، حلاقة ووصية شهادة وكسر عنق.
    كم كانت حياته طيبة، تذكر امه واباه الشيخ ومحاسن شقيقته الصغرى احب الناس الى نفسه، عاد به شريط الذكريات وهو يترعرع غريرا بين افراد السرة، يرعى الشياه، يزرع مع والده، يلعب مع الصبيان، يأوى ليلا ليجد اللبن والعصيدة، ثم ينام مع جدته حواء التي تحكي له الحكايات.
    اما بطل (الصوت العالي) فقد بدأ رابط الجأش رغم انه يقول حللت رباط سروالي رحت ابول، سمعت صوت سقوط البول داخل الصفيحة يتردد بين الجدران، علا الضجيج في اذني، وحينما تأهبت كي اعود وعقدت رباط سروالي القصير احسست بسائل دافئ يجري تحت قدمي فعرفت ان قاع الصفيحة قد اهترأ وقلت لنفسي اين ابول بعد الان؟
    ثم طلعت فوق المقعد الحديدي .. نظرت خارج النافذة الضيقة، ورغم ان العتمة كانت تشتد استطيع ان ارى الساحة الخالية والسور البعيد العالي، وحينما دقت الساعة الكبيرة، وترددت دقاتها في ارجاء الساحة تذكرت ان الساعة قد حانت.
    اما بطل قصة القصاص (حالة) فهو يقول:
    ما بالك ترنو نحو السقف؟ لا تهز المنضدة كثيرا هكذا انها ثابتة، ثم لماذا تتلفت كثيرا على هذا المنوال كالمجنون ؟ احقيقة انت مجنون؟ لا تدع هذا الاعتقاد يترسب في اعماقك لانك قرأت ذات يوم ان المنتحر ما الا هو انسان جن!!
    تبقى بعد ذلك قصة عبد الغني كرم الله وهي غنية في عطائها وقوة التخييل المكتنفة لاجوائها، ففي دقيقتها الواحدة والبطل يهوي من ذلك العلو الشاهق، تبدو لنا في تلك الومضة وهي مرتبطة بما سبقها، فقد كان قبل الزلزال المدمر يرسم خريطة لمنزله (حديقة وبلكونة وكراج) دار فسيحة كي يتأمل الشجيرات، وغرفة للطفل المنتظر، كان غارقا في بحر التصميم الجميل حين كانت الطائرة تقترب من البرج، وحين هوى كي ينجو وفي هذه الدقيقة الغريبة رأى بيته بما سيكون رأه كائنا بل رأى النسيم يتلاعب بشجيرات الدار المزمع زراعتها.. رأى زوجته معه وهي التي لم تمر بتجربته المفرطة في القسوة، لاول مرة يتحد جسده، كل الغدد اعلنت الاستنفار .. احتشدت.. تكورت.. افرزت طاقتها.
    المعالجات الفنية:
    دون الوقوع في اسار التحقيب .. او تقسيم المراحل بالعقود، تبدو القصة القصيرة في رحلتها الطويلة انها تأبى الاستقرار بالميس، ذلك ان الاستقرار يعني التكلس والموات، فقد ظلت في استمراريتها الدؤوبة تجدد نفسها باستمرار مضيفة الى رصيدها شتى العناصر التي تكسبها المزيد من الحيوية سواء كان ذلك لجهة الطرق الجديدة في الكتابة او حتى الكتاب الجدد الذين يأتونها في عرامة تشوقهم نحو عناقها ليرفدوا جسدها باسباب القوة والديمومة.
    وهنا يمكن القول ان عبد الغني كرم الله احد فرسانها والذي برز في الاونة الاخيرة جاء ماسحا الام ظهرها الحادة باستطاباته المكتسبة من دياسبورا الشتات التي وفرت له التعاطي مع كل المستجدات في عالمها وعولمتها.
    كذلك ظل عادل القصاص في توهجه المستمر منذ ذات صفائه الباذخة، فيما اخذ مجاهد بشير يجاهد في عالم القصة ويبشر بالجديد والجيد في دنيا القصة القصيرة، اما الروائي محمد هارون والذي جاء بحصيلة من الروايات التي نشرها في اليمن السعيد فانه يتخذ من القصة القصيرة استراحة قصيرة بين رواية واخرى وهو كاتب له عوالمه المتفردة والتي يختارها بدقة وما زلنا بانتظار تدفقاته الثرة.
    حسنا اعتمد الكتاب في سردهم على طريقتين، حيث ان ثلاثة من القصص الاربعة كتبت بضمير الغائب فيما قصة واحدة اعتمدت على ضمير المتكلم، وهنا تبدو قصة كرم الله مكتنزة غنية في سرديتها المنطلقة عبر لغة شفيفة وانطلاقة رشيقة وايقاع سريع سرعة ذلك السابح في اجواز الفضاء تجتذبه جاذبية الارض وهو في طريقه للتشظي والتفتت.
    فيما لا يغفل القصاص في حالته ما سيؤول اليه حال المنتحر، وما يلحق به من عار عند الاستجابات الفسيولوجية للجسد تنسل منه الروح في لحظة خاطفة فيتغوط!!
    ان ذلك على افتراض حدوثه فانه رد فعل طبيعي للجسد.
    وهنا لا بد ان الاشارة الى اننا لا نتحدث عن الانسان الاحفوري الخارج من عالم المستحدثات وانما نتحدث عن كائن من لحم ودم ومشاعر ووجدان في مواجهة اهوال لا قبل له بها.
    ولا ننسى محفزات الاقناع القصصي المنشورة خلال النصوص، فهذا هو بطل القصاص رغم الحالة التي يمر بها يتحدث في سخرية محببة عن الجلباب وعن بطله حين اراد ان يخلعه بقوله، ان الجلابية لا تصلح لاي عمل ما خلا كمها الذي تستر به عورة زجاجتك في رحلة الذهاب والاياب من الماخور.
    وبالجملة فانه يمكن القول ان القصص الاربعة على تفاوت مستوياتها الا انها افلحت جميعها في التعبير عن موضوعها بمستوى يشي بقدرة كتابها على تمثل ذلك الموضوع واستبطانه بشكل جيد.. وبعض النظر عن دلالاتها وفضاءاتها واسلوب خطابها الا ان مرفولوجيتها، اعني شكلها يمتح من فيوض الحداثة وتمثل اشكالها المختلفة في عالم الحداثة وما بعدها.a


    جريدة الأيام..

    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله بشير on 06-29-2008, 04:20 AM)
    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله بشير on 06-29-2008, 04:21 AM)

                  

06-27-2008, 07:56 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    كرم الله :

    ثم ....؟؟ثم؟؟؟


    محسن خالد:

    ثم؟؟ ثم؟؟

    الجميع :

    ثم؟
    خوفي من الأرشفة !!!

    بهاء
                  

06-27-2008, 10:13 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 27729

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    بهاء
    سلام
    اطلب من ابوصلعة ده عدم ارشفة البوست ده
    اضع الرابط الخاص بالبوست فى بوست الارشفة واكتب ` رجاء عدم تحويل البوست للارشفة`
                  

06-27-2008, 10:52 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: حيدر حسن ميرغني)




    كرم الله:
    الخراف والرمز والأفكار، والاقتراب من عوالم قديمة وحديثة



    بقلم: جورج جحا.....
    جريدة: العرب اليوم الأردن
    رويترز


    نجد في مجموعة «آلام ظهر حادة» القصصية للكاتب السوداني عبدالغني كرم الله اجواء متنوعة تقوم في غالبها على عمليات تشخيص على نمط المثل الخرافي وبما يذكر بالرمز حينا وما هو فوق الواقع حينا آخر،وإذا كان كثير من كلام الكاتب هادفا يرمي الى نقد عام أو اصلاح أو انتقاد لامور وخلقيات وتصرفات بشرية.. ففيه أيضا نماذج تجعله يبدو للقارىء اقرب الى ما يشبه مدرسة الفن للفن. الا انه ممتع في ما يأتي به. هو في نهاية الامر يكتب افكارا وفي احيان كثيرة يكتبها بنفس شعري حي كما في قصة «ارجل الالم» مثلا،صحيح ان في تراثنا الادبي العربي ما يشبه ذلك خاصة في ما ترجمه عبدالله ابن المقفع واعطاه اسم «كليلة ودمنة» مثلا.. لكننا قد نجد لنتاج كرم الله صلة قربى اكثر وضوحا بكتابات حديثة بينها مثلا اعمال للكاتب السوري زكريا تامر،وقد اشتملت المجموعة القصصية على 12 قصة في 183 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر،عالم قصص كرم الله تضج فيه اشياء وكائنات بينها الحيوان والنبات والانسان طبعا. وإذا سلمنا بأن الانسان هو غاية كل هذه الاشياء ونهايتها فلابد من ان نلاحظ ان حضوره «المباشر» في المجموعة قليل الى حد بعيد


    وسط هذه الكائنات المتعددة. الا انها كلها مشبعة به تتكلم عنه غالبا وتتحدث بلسانه في أحيان كثيرة.،بعض عناوين القصص بليغ في ما يرمي اليه.. من هذه العناوين «كلبة فاطمة» و«حمار الواعظ» و«رائحة الطمي» و«الجزار ملك الغابة» و«استدراج الفراشة لعرشها المجيد» و«الدجاجة اقوى من الاسد» و«جزيرة النمل» وغير ذلك،نبدأ لا من البداية بل من قصة ابعد منها بكثير أي بقراءة قصة «حمار الواعظ» مثلا حيث يقول «أنا حمار الواعظ». وللحق لولا صبري الوراثي والحبل الذي يشدني كالوتد الى جذع شجرة في ظهيرة تلك الجمعة لدخلت غاضبا ذلك المكان الكبير الضخم والذي تعلوه مئذنة عالية وشققت الصفوف الى المنبر ثم ادير ظهري له وبكل قواي ارفس الواعظ والذي كان يعلو صوته وهو يتكلم عن الرفق بالحيوان.. ثم انهق نهيقا كبيرا تسمعه عبر مكبر الصوت الانس والجن تعبيرا عن ثأري.. فآثار السوط وكدمات العصا على ظهري التعيس وخلو زريبتي من اي برسيم أو قش منذ اسبوع كامل كانا مبررا كافيا لرفستي هذه. وكما قلت فأنا حمار الواعظ «الشيخ جاد الله» وهو يتقن الوعظ في الموت والفتن والنار ومكارم الاخلاق وهي خطب سليمة اللغة موزونة ومتقنة السبك فقد شهد ظهري التعيس بروفات منها،تبدأ قصص المجموعة بشكل نموذجي ويمكن ان نستدل منها على نمط كتابة كرم الله. القصة الاولى مثلا حملت عنوانا هو «هدية عنصرية». وبطل القصة هنا حذاء أو فلنقل انه القصة كلها. يحدثنا هذا البطل بصيغة المتكلم فيقول «أنا زوج حذاء رجالي مقاس 42 ومشكلتي بدأت مساء الاحد الموافق الاول من ابريل 1997 أي قبل ثلاثة اعوام». ولربما تساءل القارىء ان كان تاريخ الاول من ابريل قد ورد هنا صدفة ام ان الكاتب اختاره عن عمد لانه «يوم الكذب» وهل يقصد بالكذب الخيال نفسه وهو هنا «جامح» الى حد ما،اضاف «فقد كنت قبل هذا التاريخ ممتلىء الوجنات ولين البطن والظهر واقطن فترينة هادئة في شارع الجمهورية». وكان سعر هذا الحذاء «البورجوازي» غاليا مما لا يسمح لاصحاب الارجل الخشنة المتسخة «بشرائي وامتطائي في اعمالهم الشاقة ومشاويرهم الطويلة واستغراقهم اثناء سيرهم في مشاكلهم اليومية الوافرة مما يعرضني للانغمار حتى سيوري في البرك والاصطدام بالحصى والبعر وعلب الصلصلة وذلك لان هذه الارجل الكريهة الرائحة لا تقطن الا هذه الاحياء ذات الازقة الضيقة المتسخة».
    ويتحدث عن ولادته في المصنع الحديث وعرضه بعد ذلك في الواجهة الى ان اشترته امرأة لحبيبها «وهكذا صرت أنا عربون هيام بشري ولكن ما الضير في ذلك فسيعاملونني برفق». وقد «لاحظت خفة وزن بني آدم حين يسير مع المحبوب. انه يكاد يكون بلا وزن». وننتقل الى القصة التالية وهي «الاحد الحزين» حيث تسلل «حرامي» الى الدار وسرق الحذاء متوهما انه شيء ثمين «لانني كنت انام.. داخل صندوق مزين باهداء من حبيبته». الحرامي صار يعامل الحذاء بقسوة.


    في قصة «استرقاق هدية» يحدثنا عن تفاصيل قرار المرأة المستلقية في حمامها شراء حذاء لحبيبها فيقول واصفا ما اعتبره مأساته «وكان شيئا لم يكن وكأنها لم تقرر اعدام كائن حي مرهف».
    وقصص الحذاء هذه مترابطة تؤدي الواحدة منها الى الأخرى. في قصة «من هو الحذاء الأكبر» شعور بالرثاء لحال هذا الانسان. تبدأ القصة بالتساؤل عمن هو الحذاء فعلا. يقول عن الرجل الذي اصابه مرض «ها هو نائم في السرير. انه مريض بحمى. تعجبت من حياته». يروي لنا قصة الرجل وعذاباته ويسأل «من هو الحذاء والذي تمتطيه عشرات الارجل هو أم أنا»؟
    في «قمر من جلد بني وبطن اسود» تجربة جديدة مريحة للحذاء فقد انغرس في مكان كانت قد انكسرت فيه زجاجة خمر. «شعرت بدوار خفيف. بدأت الامي وهمومي تخرج سوداء كالدخان من مسامي.. شعرت بخدر لذيذ وكأن الشوك والحصى لم يخلقا قط». وشعر بجاذبية تشده الى أعلى «وكأنني امتطي الارجل وليست تمتطيني،في «ارجل الالم» كتابة شعرية لافكار عديدة وتساؤلات عميقة. يبني الكاتب على التوازي الذي يقوم بين الروح والجسد.. يرتفعان معا أو يسقطان معا. احدهما يشد الاخر الى اعلى أو يجره نزولا الى ادنى. يتحدث عبر الحذاء عن شقاء الانسان وكدحه وبداية ضعفه وعجزه بعد عمر معين. انسان مريض لكنه مضطر الى الذهاب الى عمله كي يطعم عائلته. يقول «انه يجر جسده.. يجر عبئا ثقيلا (كم عبء هذا الجسد حين يمرض أو يعشق أو يسجن أو يحرق أو يضرب).. فقدت الاشياء نضارتها.. كل شيء يثير فيه الاشمئزار والغثيان.. اين تلك الروح التي كانت تحمل الجسد وتجري به.. اليس هناك بديل لهذه الحياة ان لا يمرض الجسد والا يجوع ولا يفنى تحمله روح معذبة مثله كي يعمل»،الالم عامل فعال مغير قد يوحد ويصهر. «سقطت كل الاعتبارات من عينه.. لا مجد ولا شرف.. احس بالنفوس المعذبة.. احساسا صادقا بل بحنان بالغ وكأنه هم. كلهم ارواح معذبة ففي الظلام تتشابه القطط وفي الالام تتقارب النفوس.. امتلأ بالالم.. صار كيسا من الالم. لن يصل. لقد خرّ الجسد. لم يعد قادرا على سماع الروح».



    جريدة القدس/العرب اليوم/الراية
                  

06-28-2008, 06:11 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    الأخوة :
    أرجو أن ينقل هذا للفترة المقبلة

    أخي حيدر شكرا لجهودك

    ويا الله يا :
    محسن
    كرم الله
    خالد عويس
    عزاز
    الفرح بحرروا أهله
    بهاء
                  

06-28-2008, 11:40 AM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    عبد الغني أخوي يا فنّان، عارف أخوك أعشى ومطشّش، فدحين الصورة الفوق دي فتلت البوست بجنبة، بقينا لا قادرين نتابع، لا قادرين نقرأ الكتابات دي، فصغِّر حجم الصورة دي شويّة عشان البوست يستعدل، يا كمان أسحبها كان يصبح بالوسع القراءة والمواصلة
                  

06-29-2008, 07:02 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: محسن خالد)


    آلام ظهر حادة (2)



    *د. لمياء شمت


    نبدأ من غلاف المجموعة حيث تمكن كرم الله من قطف متعتين برمية واحدة, إذ يتزين الغلاف بلوحة لبول غوغان تنتمي إلى المرحلة الواقعية التاهيتية, وهي لمليحة سمراء تحت ظلال جذوع المانجو الباذخة, حيث الإبداع الغوغاني الفذ و السمرة والأجواء الاستوائية وثيقة الصلة بعوالم " الآم ظهر". اما على أعتاب النصوص السردية فمن اللافت أن العناوين تعقبها دائما تصديرات تحضر كمفاتيح دلالية و كتلويح استهلالي يضيء النصوص و يعين على مقاربة معانيها و ملامسة روحها.

    و كما أسلفت في دراسة سابقة فان "الآم ظهر حادة"هي اقرب ما تكون إلى سرد جواني يهتم بالمشاعر و الوجدانات و العمق النفسي, اكثر منه حبكة وأحداث و منعطفات سردية و شبكات علاقات. فالقاص لا يكاد يكف عن التوحد مع المخلوقات متجاوزا ظاهرها إلى جوهرها, و منحازا لضعفها و جاهدا لاستعادتها من أطمار الإهمال و النسيان و العزلة, بنزوع ملح لتحويل الهامش إلى متن بطاقة إشارية خلاقة.

    و تماما كما أن شاعر فرنسي كان قد تمنى لقصائده معان بعدد قرائها, فان هذه الورقة المختصرة لا تعدو أن تكون مجرد محاولة للقراءة.

    الآم ظهر حادة:

    "الآم ظهر حادة ", وهي أول و أطول قصص المجموعة.والنص ذو مسار سردي أفقي يمتد خطيا بين أحداث شتى. و صوته السردي يمثله حذاء رجالي, يتقلب بين أرجل البشر ذوي النوازع المتناقضة, فيحتله جاثوم الكآبة و هو يسعى بين أقذار الحفر والبرك, وصهد الشمس ,و عفن الرطوبة. لكنه لا يكف في محنته عن مراقبة الكائن الآدمي السادر في غيه, و المنفلت تماما عن عقاله , وهو يهدر في عبثه الضار الحيوات من حوله دون أن تهتز له جارحة.فيتفجع الحذاء -المفعول به- الذي لا يكاد يملك من أمره شئ تنتعله و تقوده الأرجل الخواء, " قتلت برعم شجرة صغير, قد يملأ عبيره الشارع غدا, و يصبح شجرة ضخمة تصبح مأوى للعجزة و الشحادين". و مرة بعد مرة تتكرر المأساة ," ثم سرنا لينحرف فجأة فيدوس صرصورا هائما, كان سعيدا هو متجه لجحره حاملا على رأسه قوت أسبوع لعياله" ,و نرى النملة المدهوسة بالحذاء وهي تحتضر, " ثم خطا نحو موقف أبو جنزير, فاختلط جثمان النملة بقطعة ثلج ملقاة, فانتعشت روحها المظلومة في أول درج البرزخ".و يظل الحذاء يراقب البشر بروح أسيفة وبعين تحليلية نافذة و حس فلسفي مرهق بحزنه النبيل عبر أسئلة كاشفة تضئ دلالة النص و مغذاه " لم تقم الحياة على الصراع,على قهر كائن لكائن؟!" ,ليقودنا ذلك إلى لحظة الكشف النصية حيث الإنسان ليس إلا حذاء اكبر تمتطيه و تنتعله من القسريات و الاكراهات و الانكسارات ما ليس له به قبل.

    و من اللافت في هذا النص السردي استخدام عنصري الزمان و المكان كوسيلة للإفضاء بالرؤى و الأفكار وعكس الخلفيات النفسية و الشعورية. فعلى سبيل المثال يجنح النص إلى قتامة السياق الميلودرامي و خفوت الايقاع لتصوير حالة العجز و المرض للجسد المنهك و الروح المبتلية بالسقم كصورة للارتكاس و الهزيمة. بينما يميل للمرح و الخفة بتسخير الوصف البارع ( كانت الأرجل تسير بوداعة و بطء, و كأن المشي غاية في ذاته, لم تكن تمشي, بل كانت تعزف على طبل الأرض إيقاعا دافئا و كأنه طرق مطر خفيف على مظلة موسيقي مسن). و كذلك مما يجدر ملاحظته توظيف طاقة الرمز لخلق نص متماور متعدد السطوح, و من ذلك استخدام تيمة ( الوتد) بكل طبقاتها الدلالية, و ظلالها و توتراتها في وعي القارئ, ليؤسس بذلك نص متماسك وذكي, قادر على طرح اعقد الرؤى ببساطة و روية.


    كلبة فاطمة:

    و في هذا النص يكثف القاص الرؤية و يصوبها مرة أخرى تجاه الإنسان الذي يحتاج بشدة لأن تنزع قشرته الصلبة, لتسقط أقنعته فيكاشف جوهره و يستشرف حقيقته .و السارد مدثر التلميذ اليافع بمدرسة قروية, تمثل سجن ذريء تقمع فيه الطفولة و روح الاكتشاف على يد سلطة سادرة, يمثلها الناظر المترصن القاسي, الذي تأتي كلبة صغيرة عجفاء لتعريه من دثاراته و أقنعته الكاذبة.

    و قد برع القاص في خلق خصوصية للإحداث و تثبيت حضور الشخصيات بحكي سلس يمتد عبر مسار أفقي صاعد ذو تزامن خاص, ترفده تقنيات التصوير السريع و الوصف الحركي غير السكوني, مما جعل للنص مناخا شديد الدينامية.و مما يميز النص كذلك تقنية المونتاج الزمني لتثبيت اللحظة و تحويلها إلى صورة فوتوغرافية, تقتنص اللحظة و تسرمدها_ كما في مشهد السوق- و كذلك الوصف الطبوغرافي للمدرسة الذي يعطي اقتراحات للنظر من زوايا مختلفة,كأن يستشرف المنظر من عل .
    و يأتي هذا النص كواحد من النصوص التي تمثل فيها عين السارد أداة مهمة للقص , عبر مراقبتها الدقيقة لتطورات الأحداث و تحولاتها.لنرى عبرها تلك اللحظة النصية المفصلية التي تطارد فيها الكلبة النحيلة ناظر المدرسة مرهوب الجانب, في و صف كاريكاتوري تظهر فيه العناية الجمة بالتفاصيل التي تمتح من خيال طفولي طري يمثله صوت مدثر الذي يتصور أن الناظر الهلوع سيركض مؤكدا كروية الأرض,عبر سرد طريف لا يآنف القاص فيه أن يعرج بنا من درج التفلسف و الاستبطان إلى براح التفكه الساخر و الكوميديا الباعثة على الضحك ,"-تسلق جبال الانديز, فذابت من أنفاسه ثلوج القمة, فسالت فائرة في حقول البن, فملأ الفقراء البراميل و الكبابي من فيضانات القهوة الحارة,و لعن أصحاب مزارع البن ثقب الأوزون".
    و في نهاية النص تكسر توقعات القارئ تماما, فالناظر لا يحنق في دخيلته على الكلبة التي عرته على الملأ, بل يحمد لها أنها قادته لخلاصه- "فقد سقطت من ظهره ملايين الأقنعة و الهموم و المظاهر الكاذبة التي كان يتصنعها لمجاراة رأي عام صارم و متحجر".

    حمار الواعظ:

    و يتناول النص موضوعا يحتل موقعا حساسا في إطار يقع بين الدين كقيمة عليا و الوعظ المجاني الذي قد يتحول أحيانا إلى مجرد وظيفة و تقاليد شكلانية خالصة لا تمس الجوهر. و من فوره يستدعى النص للذاكرة رائعة غراهام غرين(السلطة و المجد) التي عرض فيها نموذج الكاهن الفاسد الذي يمثل رجل الدين السيئ الذي يشوه ,غير عابئ, وجه دين متسامح و طيب.و الفكرة أيضا وثيقة الصلة بما تناوله هوجو في (أحدب نوتردام). غير ان كرم الله يقدم الصورة هنا بأبعاد أخرى للواعظ المحروس بأكاذيبه, ووعظه التلقيني الخطابي المفلس , الذي يكشف شبقه و جوعه للسلطة و التحكم في مصائر مستضعفي القرى و النجوع الصغيرة.
    و السارد هو حمار الواعظ الذي يشفق على أذنيه " من تقريع الخطب الجوفاء, و التي تخلو من أي حدس أو ذوق", والاهم أن الخطب تلك لا تشكل أي وازع للواعظ الذي لا يرعى جوارحه, فيتلصص مختلسا النظر لمفاتن الفتيات الصغيرات, و تنطلق حنجرته في خلوته بأغان سمجة رديئة ظل يحرمها على فتيات الحي , بل و يصب جام ظلمه و استبداده و قسوته على كافة المخلوقات حتى النباتات, دون أن يستثني من ذلك حماره الصبور , الذي يهلكه الضرب و التجويع و صهد الشمس فيتعزى بأن "سيأتي يوم, تشهد كل الأشياء بما جرى لها, وستصطف معي طوابير من المظلومين الذين سحقهم الواعظ بغير ذنب, .... طوابير من الحشرات و النمل و القمل و القطط و النباتات و الجراد و أوراق الشجر و الذباب و العقارب".
    و عبر توظيف مقتدر لتقنية المونولوج الداخلي, يتمكن القاص من الإمساك بالعصب المحوري للأحداث, ليصور بدقة سقطات العقل السلطوي المستقيل. ليذكرنا إدراك الحمار العميق للواقع من حوله و حلمه العزيز بالخلاص العظيم بمزرعة الحيوان لجورج اورويل,حيث تناضل الحيوانات لتطيح بالسلطة البشرية الغاشمة, و تصوغ معا نشيد ثورتها الرسمي:

    ستزول الحلقات من أنوفنا ** سنرمي بالسروج من ظهورنا
    وستصدأ المهاميز و الشكائم للأبد** لن تلسعنا قط السياط القاسية


    رائحةا لطمي:

    وهو نص ذو سرد غرائبي يتميز بغلبة الفضاء الشعري على المونولوج الداخلي ,فينثال متخففا من الخضوع التقني و الأسلوبي. و السارد روح أثيرية شفيفة تسافر على سفينة الريح.وتعلو رائحة الطمي على كل رائحة بأنها لا تسافر فقط عبر الريح, و لكنها أيضا تخترق حجاب الأجساد و الجسوم لتنفذ إلى الأرواح و السرائر فتنفض عنها سخام الأسى والهموم "بدت الرئة و كأنها جدار فرن أسود, غسلت بسرعة البرق هذا الروث الروحي و أخرجته مع الزفير, ثم أخذت أتسلل عبر دمه إلى العين ووجدتها حزينة موجعة فغسلتها من شوك المناظر الفاسدة" . و النص مكتوب بحساسية خاصة و بلغة تقترب كثيرا من تخوم التجريد, مستدعيا للذهن أجواء كتابات أمريكا اللاتينية, حيث المزج الخلاق بين الواقعي و المتخيل و تداعيات اللاوعي و تراسل مدركات الحواس بنكهة كاريبية تخرج النص من طقسه الأسطوري إلى أفق الحياة اليومية.


    الجزار ملك الغابة:

    أما السارد هنا فمعزة بروح و غيرية أم حنون ترعى السعدة على أطراف النهر بفرح غامر, لتدرها لبن سائغ لصغار الآدميين بنبل عظيم ,و ترفع رأسها مطالبة بحقها في الحياة و اعتراف الإنسان بحرمة الذوات الأخرى,و تمضي مستبشعة للبؤس و الادقاع الروحي و القسوة الآدمية,تحلم بالخلاص, تماما كحمار الواعظ , " تمنيت أن يهبني الله جناحا مرفرفا فأهرب للسكن في السماء مع الملائكة....طوبى للأغنام التي ترعى هناك , فلا يكدر صفوها ساطور أو سكين" . و عبر مراقبة المعزة للأحداث نستطيع أن نتعرف على شبكة العلاقات, و الخلفيات الاجتماعية و الظروف الحياتية لأسرة سعاد, الأنثى الكسيرة التي ترزح تحت وطأة الفقر و الحاجة.فلا تجد إلا أن تنذر معزتها لسكين الجزار لقاء حفنة مال يسبل عليها الستر و يطعم أفواه صغيرة جائعة.
    و باستخدام تقنية التركيب و المونتاج يتمكن القاص من ربط وقائع مختلفة و دمجها في إطار زمني واحد بإبطاء الزمن السردي أحيانا لتسخيره كمرآة لواقع حالك, تقيم فيه المعزة مقارنة فاقعة مخزية بين بشاعات البشر ووحشيتهم, وبين إنسانية السوام " التي لا تسرف و لا تتكبر ولا تكذب ولا تتزيا بغير جلودها". ليسطع أخيرا المغذي الذي ظل مبثوثا في سماء السرد عبر النصوص, وبخلاصة مطابقة لما أدركه الحذاء في النص الأول, تيقن المعزة بأن البشر ليسوا بأقل ضعفا وعبودية منها , فهم أيضا ذوات مسترقة و مكبلة بعشرات الحبال و الأوتاد.

    استدراج الفراشة لعرشها المجيد:

    وهو نص استفزازي من طراز رفيع لا يكتفي فيه القاص بان يلغز و يرمز و يؤمي, بل ينزع الغطاء مباشرة عن موضوعه باحتدام زاعق يآنف التعمية على جذريته الحاسمة.
    و تسلط بؤرة الضؤ على الأنثى في متاهات القسوة الذكورية. لنرى بائعة الشاي التي تتعرض لهجمات معنوية عنيفة تجاه إنسانيتها و انثويتها, حتى ليصبح العنف المادي من ركل و سحل و امحاء هو عين الرحمة " و لقد قام الجنود بدورهم بأكمل وجه, فبأحذيتهم الضخمة كسروا في لمح البصر كل ممتلكاتها من الكبابي و الفناجين, أما الضابط, رجل المهمات الصعبة, فقد رفس بكل ما يملك من قسوة, الكانون في وجهها, فتوضأت أقدامها المتعبة بماء حار كان على مشارف أن يكون شايا أو قهوة".
    و النص يفور بالأسئلة الواخزة الكاشفة التي ترفع الغطاء عن المطمور في الصمت و الانكار,حيث يتخلى القاص عن حذره في المقاربة كما أسلفنا و يطرق الموضوع مباشرة, ليفكك العنف و يفضحه و يفرغه من مبرراته, محتالا, في بعض الأحيان على سلطة التابو بانتخاب مفردات ذات طاقة دلالية و إشارية عالية "أما الضابط...فقد ركلها في رحمها, مصدر رزقها المبارك, فتكسرت أضلع و أرفف دكانها الوحيد".
    و بدقة متناهية في الوصف و اعتناء جم بالجزيئات نرى الأنثى وهي تجر إلى وئدة مصير قاتم ترسمه النزوات السلطوية و الرغبات الذكورية المريضة, لتتقلب( المهيضة) بين أنياب القسوة و القهر, حتى تدركها نعمة الذهول و الحتوف الرحيمة.

    الدجاجة أقوى من الأسد:

    وهو نص يتوغل بكامله في حقول مقولة برنارد شو " هل الإبداع إلا استدعاء متعمد للطفولة !! "
    و يفلح القاص هنا في تمرير لحظات عميقة الرهافة,عبر سرد جواني البعد, يرفده خيال غض معجون بالطفولة, حتى لنحس بان هناك اكثر من خيط يمتد بين النص و بين واقع ما لمبدعه.حيث تتحرك الذاكرة صوب جذورها باستخدام آلية الاستعادة في إطار تذكر تحليلي نفسي وجداني يمثل صعودا إلى سطح الوعي ليتوج الطفولة كمحطة هامة ساهمت في تغذية وعي القاص و تكريسه كاتبا .

    و يرتكز هيكل النص على تحليل الأفكار و الاتجاهات للكشف عن الأعماق النفسية والانعكاسات في وعي الطفولة ووجدانها و عرصات رؤاها, بلغة عفوية متوهجة بانفعالها الخاص, ترد الحياة إلى عريها الأول بلا أقنعة و لا دثارات أو أحكام مسبقة, حيث يبلور القاص رؤيته باستخدام مقتدر لآليات التذكر و الاستدعاء و الاسترجاع التي تمتد لتصف الفيض السمعي لنقاط الماء الساقطة من قعر الزير "إنها اضال أمطار في الكون, و بنقطة يتيمة طوال اليوم بلا رعد أو برق أو ملل, سوى ذلك الدوي الحنون, و الذي يثير في الدار الساكنة غموض كنه الوقت" .

    جزيرة النمل:

    يمتد خيال القاص الذي يتفقد الموجودات من حوله بعناية جمة,سواء كان ذلك حذاء فاغر أو بصلة مطعونة أو حصاة منسية على قارعة الطريق بمتخيل مفتوح على إمكانيات تأويلية متعددة,ليطرح عبر هذا النص ,حيث تتزاحم الأسئلة الوجودية المقلقة على ضفاف الروح, فكرة الوحشة العميقة في وجود معضل.و السارد حصاة رهيفة حانية تلوم ذاتها " ذلك لأنني أدميت في حياتي وجه طفل يتيم, ورأس عشة المجنونة, حين قذفني الأشقياء نحوهما,بلا حول مني و لا قوة, فأيدي بني آدم هي التي ترسم مصيري " لتجعلنا ندرك من فورنا المقارنة الواخزة بين حجر إنسان و إنسان حجر, مستدعية المقابلة القرآنية بين القلوب الصم و الحجارة المتشققة لينا و رحمة. و لكأن صوت المعري المتعثر في وحشته الوجودية يمس روح النص:

    ما منهم بر و لا ناسك إلا إلى نفع اليه يجذب
    افضل من أفضلهم صخرة لا تظلم الناس و لا تكذب

    حواس مغبرة:

    وباستخدام الرمز القابل لامتصاص الدلالة نتعرف هنا على الكلب فوجي الخائف الوجل حتى من انعكاس ظله على الماء, في مقاربة هادئة عميقة لروح مدثر اليافع المستعبد للآخرين بإشفاقه الجم من اهتزاز صورته في مرآتهم. مما يجعله يكاد يقارب مأساة مبدع لوحة الغلاف بول غوغان و هو ينعي هوانه و قلة حيلته ووجله من أحكام الآخر بمقولته الشهيرة التي أطلقها في أقاصي البحار الجنوبية في جزيرة دومنيكيا النائية ( انتظر هنا كفأر في برميل في وسط المحيط).

    اجمل سباق:

    وهو نص قصير مسكوب بأقل قدر من الكلمات و اكبر قدر من الحساسية التي تجسد الطفولة الحرة المنطلقة إلى معانقة الحياة و تفقدها بعين عذراء دهشة تنفض الغبار عن المدفون تحت سطح المألوف. و بخلق فضاء حميمي خاص يستطيع القاص أن يحول النص من مجرد إطلالة على مشهد عابر لأم و طفل على الطريق, إلى لوحة صغيرة يضع لمساته بحنو عظيم على كل رقعة فيها, مما يعين على الإحساس بمبلغ العناية والبراعة التي يتفحص بها القاص أدق التفاصيل سبيلا للولوج للداخل.
    "أمه لا تعير اهتماما للأشياء النفيسة التي تسبي عينيه الشاعرتين,انه مشغول بنفائس الأرض و كنوزها, حشائش و حشيرات و حصى و يرقات...غارق حتى أذنيه في انثيال الحياة أمامه".

    توبيخ الحبيب:

    تماما كما يؤمن الناقد الفرنسي المثير للجدل راسكين بان الإبداع هو ذاك الذي يضع الروح أمام حشد من الأفكار الرفيعة التي توقظ الشعور بالعلو و التساوق و الصفاء فان سارد هذا النص و هو كتاب مهجور يتوسل لقارئه أن يلج عبره إلى عوالم بكر و فراديس متاحة و متع دانية.
    كإشارة إلى طقوس القراءة كفعل إدراكي مقدس من جهة و التلقي الواعي كحبل للنجاة من جب اللاحياة " ها أنت ملك نفسك, متوجا في كينونة الزمان و المكان الداخلي, سابرا أعماقك, منصرفا عن شروخ الأفاق, تصحو بفعلي في دواخلك أبخرة مقدسة, تحوم بداخلك برقصات مخمورة و ملونة و مضيئة بالإشراق و البهاء و الارتعاش المبارك".

    رقص على طبول النسيم:

    و باتجاه سردي وصفي غالب على طبيعة السرد , ترخي الأسلوبية الشعرية سدولها على فضاء النص, حيث يواجه السارد مشهد تصاعد الدخان المتراقص من عود بخور بعين متأملة نافذة على نحو يخرج الأشياء من مألوفها و يغلفها بالغموض والسحر " وحين استسلم البخور كليا, أطلق النسيم عنان جنونه المكبوت,عنان خيلائه بذاته, تلاعب بجسد البخور مظهرا قدرته المذهلة على الرسم و النحت و التصميم البكر, ممسكا عصاه في قيادة أوركسترا الليونة المطلقة, جوقة من السحر و المجون و الدهش". لينفرد النص بان القاص يذهب فيه للسرد بشروط الشاعر الذي يسمح لكائنه اللغوي بالتحليق الطليق في سماء النص, بشلال من الكلمات ينهمر راعشا تماما كضربات فرشاة تشكيلي يبحث عن جسر ما يصل المرئي باللامرئي.أو كما هو والت وايتمان في مفازاته المخاتلة ينشد : لحظة من عذوبة صوفية, ملامسة شيء لامرئي
    مكيدة عاشقة بين الهواء و الضؤ
    - انتهى-

    *باحثة و ناقدة سودانية- لها مشاركات منشورة في الصحف السودانية.


    2007
                  

06-30-2008, 05:56 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    القاص عبدالغني كرم الله لـ (السوداني الثقافي ):
    (1-2)الخيال خلق ليضئ الجانب الخفي من فكرة الإنسان الازلية

    للكاتب عبد الغني كرم الله تجربة أثارت الانتباه، كتابه القصصي الأول (آلام ظهر حادة) صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخلق حوله زخما نقديا كبيرا خارج السودان وداخله حيث احتفت به العديد من المنتديات والمجلات والصحف

    بروز المادة الفكرية وترابط النص بخيوط ذات طبيعة فكرية وجمالية في غاية الإحكام يشير إلى وعي كبير بالمشروع وملامحه وأبعاده، كما يشير إلى كاتب مثابر نحو إنجاز مشروع إبداعي متقدم.

    الكاتب عبدالغني يعمل ويقيم بقطر منذ عدة سنوات، دارت مقابلتنا معه حول الأفكار التي طوفت في أرجاء كتابه (آلام ظهر حادة)، هنا الجزء الأول منها.

    حاوره مأمون التلب

    (لا يوجد زمن في القصة، هناك أحداث تحتل الزمن، هناك حدث)

    في البدء، لنحاول أن نرى القيمة والحجم والمفهوم الذي تحتلّه الكتابة داخلك، داخل حياتك، كيف تعرف هويتك، هل تعتقد أنك كاتب في المقام الأول، وكيف تتعامل مع هذه الهويّة والانتماء الذي تمنحه الكتابة؟

    منذ البدء، تغرقني في الضلال (هويتي؟)، ، ليس لقوارب الكلمات قدرة للإبحار، أو الوصول لذلك الشاطي المستحيل، (وللحق ابحث عنها، وأرقني ذلك، ومع هذا لم، ولن أصل لبر آمن)، يحول دون معرفة ما يجري بالداخل، (غرائز تملي كتابها)، وحواس تفتح نوافذها على بيئة بسيطة، ومعقدة، وملغزة، أتحسس بعكاز الأعمى (العقل)، كي لا اقع في حفر التفكير والانطباع والجبرية، والتقرير، والتقييم، وجوارح، مسكونة بمشاعر، تنشد الكمال، حتى لساني هو الذي يتذوق السكر، والملح، والموز، (بلا حول مني) هل أخترت أنا رائحة الموز وطعمه، وسلوك الذاكرة، وركض الخيال، ولكنى أعبر الشارع بحول مني، ثم يأتي الجوع بلا حول مني، ثم يأتي الرسم بحول مني، ثم تأتي الرغبة في الكتابة بلا حول مني، وللحق، هويتي هي (لا اعرف شيئا، عني أوعن المحيط، الحسي والروحي)....كل لحظة استيقن ذلك..

    (هل قلت أعبر الشارع بحول مني)، اتبرأ من هذا الوهم (هناك قلق، أو هدف أسعى له، ولذا قطعت الشارع، يقودني فرس داخلي، خفي، كي اقطع الشارع، وكي أتأمل السحب، وكي ابكي، وكي أنام، وكي اغبط، وكي أكتب).. هل قلت بأني أرسم بحول وقوة مني؟!! تعجبني لوحة غوغان (من أين، وإلي أين ومن نحن!!)، وأجمل ما في هذا السؤال انه لم يضع علامة استفهام في نهايته، هو علي يقين إنه، مجرد تساءل أبدي!!

    والشئ الوحيد، الذي احس به (إن لم أكتب، فسأموت)، أي (أنا أكتب إذن انا موجود)، يدخل الاكسجين إلى رئتي من سنة القلم، وتدخل الروح من العين، حين تلتهم الكتاب المسطور، كتاب الحياة، كتاب الجسد، (أهذه تعتبر هوية)، أتمنى، أن تستيقظ (ثورة الاحاسيس)، في جسدي، كله، حتى الغدة الصنوبرية، تبدأ العزف، مثل اخواتها النشطات، (أحيانا اغبط جسد امي، بالحنان الساكن فيه)، وأغبط الماء لقدرته على التشكل، والتكيف، والليونة، والري، وإغبط الملائكة، على قدرتها على الاختفاء عن الحواس، والقفز من الجنة للأرض، ومن الماضي للمستقبل..وفي استغنائها عن كل (ما يجول بخاطري، وحواسي، وغرائزي)!! وللحق، مآل الإنسان من السمو والتطور، يفوق الملائكة، المخلوقة من نوره الإنسان، تجلي لعقل الأزلي، فينا..

    هويتي؟ (الحياة إلى الآن خنثى)، لم يولد رجل بعد، أو امرأة بعد، هكذا تقول الحقيقة، (بعيدا عن تشويش الانطباع)، فهناك ثدي، صغير، في صدر كل رجل، (مشروع إمرأة مخبأ)، وهناك (شارب، وإن خف في وجه كل إمراة)، البحث عن الرجولة، والبحث عن الانوثة، ليس بمستواها (الجيني، والجنسي)، بل ومعا، بمستوى الروحي، هنا يكون ثراء الإنسان، وثروته الحقيقية، التخليص من عقابيل (الحيوان المنوي، والبويضة)، كي تكون وترا، أصيلا، في الفن والفكر، خلقت نفسك بنفسك، خروج عن الولادة التقليدية، (ميلاد ثاني)، بقابلة الفكر.. هنا ترى الاشياء بصورة مغايرة، بل (الحيوات بصورة رائعة)، فما ثمة إلا حيوات، (تجري في سلم الزمن، كي تصحو من ثباتها، وجماديتها)، وتصير إنسانا سويا، (ولهذا خلق الخيال)، كي يضئ الجانب المخفي من فكرة الإنسان الازلية، المطلقة..

    اختيارك للشخصيات في كتابك (آلام ظهر حادّة) كان لكائنات غير بشرية وإذا ما كانت الشخصية بشرية نجد أنها تكون في مرحلة الطفولة فقط هل تحاول أن تعكس النظرة التي تنظر بها عين العالم للإنسان وتاريخه؟ ولماذا تبدو حالة الطفولة في القصص وكأنها ليست بشرية؟

    الطفولة، قمة النضوج، سواء كانت الأولى، أم الثانية، على العالم ان لا يفقد الدهشة والبراءة، (هل توقف قطار الزمن، ولو برهة، ان غريزته هي ان يجري من محطة الماضي إلى محطة المستقبل)، فالتحول أس الوجود، ولكن لم تدمن العين العادة؟، إذن الطفولة (وتوأمها الجميل الدهشة)، ضربة لازب للعقول وللحواس والقلوب، (كي تحدق في المشاهد المولدة دوما)، فجدل الصيرورة والتحول لم يقف، كالظل، نراه ساكن (وهو لم يتوقف عن الحركة طرفة عين)، (يقال بأن الزمن ينساب كالنهر، واحيانا يبطئ واحيانا يسرع، واحيانا يتفرع (كرشيد ودمياط)، زمن للشعر (حواس مغمضة عن الخارج)، وزمن للعمل (حواس مغمضة عن الداخل)...

    الطفولة الثانية (قد نبلغها ونحن في السبعين أو العشرين)، حسب فطامنا من المراهقة، والرجولة الكاذبة، هي الثقة بالحياة، أن تلعب مع الثعابين،، وتدخل العقرب، كزهرة في جيبك، (ولكن لا تؤذيك، فحسن الظن، ينتقل من عقلك إلى جميع جسدك)، الطفولة الأولى تفعل هذا، ولكنها تعاقب، لأنها (مدارج النفس السفلى)، الطفل غير منقسم، يفعل ما تأمره به (نفسه السفلى)، (يخطف الحلوة من شقيقته، ويأكلها، وكأن شيئا لم يكن)، والطفل الثاني، ولهذا خلق الزمن بشكل لولبي، يسلك بنفسه العليا، كسقراط، كالنبي، كعيسى، كبوذا، سذاجة محببة، وحب للناس، كل الناس.....(لن تدخلوا الجنة، حتى تعودوا اطفالا)... الطفل يثق في الطبيعة، لأنها أم، أم حقيقية..(ويعطي الحلوة، بل روحه للآخرين في طبق من ذهب)... لأنه استغنى، (عن كل شئ)، سوى روحه الطلقة.. الصبوحة، بداخله..(وما أوسع دواخله، فالكون الخارجي، فالجسد البشري لم يكتمل بعد، هناك احاسيس، ومشاعر وافكار يجب ان تملأه، أن تنفخ فيه الروح (نحن موتى)، وعلينا ان نستقيظ من الموت (فلو لا المايكرسكوب لما ادركنا بأن هناك ملايين الاحياء تحيط بنا، وتعيش بداخلنا)، ولكن اعظم المايكرسكوبات هو القلب الانساني، فمن خلاله ترى كل الوجود (عبارة عن جنة ماثلة)، ولكن هناك غدد معطلة، واعظم هذه الغدد هي (العقل الصافي)، وغدة (القلب المحب، السليم)... حين ينضح القلب المحب، الدم في مجاري وأنهر الشرايين، يكتسي الجسد بقشعريرة لم يجربها من قبل، طلاوة، وسحر، (بمقدوره ان يصرخ كالحلاج)، (سبحاني ما اعظم شأني)، وبمقدوره أن يسكن، وقد امتلأ بالحياة..وأن يرى الكائنات الاثيرية التي تملأ الماضي والمستقبل، وهي ماثلة امامه، كشجرة الجميز هذه..

    اتأمل الأشياء، لأنها أحياء، لا شيء ميت، او جاف او صلد، (خداع حواس)، كل الأشياء رخوة بيد الطفل، حتى السكين، وعتب البيت، لذا يجري حافيا، دوما، مشى عيسى على البحر، وتكلم ياقوت مع العصافير، أهذه معجزة، (اقسم بأنها بدء هبة السماء للكائن المسمى إنسانا)، تلف الالكترونات حول الذرة، كالقمر حول الارض، كالطفلة حول الام، وكالشعر حول القلب، وكالعطر حول الانف... (ثنائية الوعي والبيئة)، يتفاوت من فرد لآخر، (هناك من يتأمل الجبل، وهناك من يدرسه، وهناك من يشم رائحته) كما يوحي الطاو، وهناك من يخاطبه (هذا الجبل نحبه ويحبنا)، وهناك اشعة تجتاز الجبل، كما يجتاز ضوء الشمعة زجاج النافذة، (أن نرى الاشياء بعيون الاخرين)، لذا يأتي خطاب التأمل للجسد (كن شفافا، كي تنفذ لجواهر الاشياء، كالضوء، بل أرق، كالروح، بل أرق، وهل للروح حد) والجسد الإنساني حين يلطف (بالشعر، أو السلوك، أو الفكر، أو العشق)، يبدو كائن أثيري، بمقدوره الخروج (عن سلطان الزمان والمكان)، وإعتلاء هرم الخليقة، ممسكا بملكة (فوق طاقة الكلمات، والايحاء)، شعور عميق ينتاب مملكة الجسد كلها (حتى اصابع الاقدام يعتريها فرح فوق خطف القبل والجنس) أو (بعيوننا حين تصح من الرمد والعماء المتوارث، عبر الجينات البشرية)، فالإنسان مشروع تطور، لا متناه، لا حد أو سقف له (بل أي تصور، مهما سمى، هو حظ الإنسان)، ويظل المطلق (متمسكا بإطلاقه، عصي الفهم عصي التفسير)..

    نلاحظ محاولاتك المستمرة للتخلص من (الزمن) في الأحداث الدائرة في قصصك، بحيث تشدد على جرّ الحدث للزمن (الحاضر) إنك لا تشيّد الزمن إلا لتهدمه، لماذا؟

    لا زمن، حين نرى الجمال، والإثارة، ولكن يتجمد الزمن في الوحشة، بل يتلاشى الزمن في الخطف والتجلي والعشق، فالزمن كائن كالحرباء، يتلون بالوعي والاحساس الإنساني ( نحن في لذة لو عرفها الملوك لجادوا عليها بالسيوف)، هل الضوء اسرع مادة، هناك عوالم (سرعة السلحفاة فيها، تتجاوز الضوء)، حاليا (كي اسافر لمدني احتاج لثلاث ساعات، بمقدور الإنسان أن يسافر مليار مرة ، بل اكثر في هذه الفترة)، فالبطء في التفكير، وايقاع الحياة المربوط بالساعة، وطلوع الشمس وغروبها، هذه سنة محدودة، اختلاف الذبذبات يخفي اشياء (المروحة تختفي حين تشتد ذبذبتها وحركتها) فما بالك بأشياء وأشياء، ذبذبتها تفوق قدرة الحواس، وهي تملأ الاثير، أكثر من الاكسجين، (لذا شكل البذرة، كشكل الرحم، كشكل البيضة، كشكل الارض)، وكلها تجري، من بذرة صماء، إلى شجرة، كائن حي، والأرض بذرة، مدفونة في تربة الفضاء!! فالجسد الإنساني، حين يتسامى (يرى الاشياء قبل وقوعها، لأنها وقعت في الازل)، كأننا نتصور المستقبل غير موجود إلا حين يصل إلى محطته قطار الوقت (أنسير نحو عدم)، فالمستقبل موجود، وقطار الزمن يسير إليه بسرعته المعروفة، (24 ساعة في اليوم)، ولكن هناك كائنات (أسرع من الضوء)، بل وأسرع من الروح، (فلا نجعل من الحواس الشخصية معيارا)، فسوف نخسر الكثير، ونناقض طبيعة الاشياء، والأحياء..كل الاشياء موجودة، ولكنا نركب قطار الزمن كي نتفرج عليه، ورأس القطار يرى شيئا، ومؤخرته ترى شيئا آخر، رآه السائق منذ مدة، وكذا الطلائع، يعيشون في المستقبل!!

    كينونة الزمن، تبدو، كفنان ولوحة، فالفنان صور اللوحة بكل تفاصيلها في ذهنه، من المبتدأ وحتى الختام، وحين شرع في رسمها على الصفحة البيضاء، بدأت تتجسد للملتقى، خطوة خطوة، فالكون موجود كله (اللوحة الام)، ولكن نحن تتكشف لنا اللوحة خطوة خطوة، بكشاف الزمن، فهل الحياة محصورة في اللحظة الحاضرة، وخلفها، وأمامها عدم؟ الحياة نهر طويل، وعميق، وذكي...

    ففي القصة، لا يوجد زمن، بل أحداث تحتل زمنا، فالأمر هو الحدث، والذي اتخذ جلباب الزمان والمكان ليرى (ننقر الصمت كي نخلق الموسيقى، والفراغ كي نكتب)، هكذا يقول فلاسفة الصين القدماء (قد يأتي المسقبل من الماضي، إن كان اصيلا)، كي لا نخدع بحتمية (إن الزمان يجري من الماضي للمستقبل).. هناك كائنات تأتي من المستقبل كي تنير لنا الطريق، وتعبده (من الحفر والمطبات و....) الخ من وعثاء السفر الروحي.. والحسي..

    ونواصل (الجزء الثاني).
    31/7/2007م
                  

06-30-2008, 05:59 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    كرم الله :
    طوبى للأغنام والحمير
    والقطط والكلاب
    ونقاط الزير

    وكل هذا الطيف من أشيائنا الحميمة


    طوبى لها وهي تسترق حرفك
    وتتداعي وتتشابك وتتداخل
    وتنفصل عن مكوناتها تارة
    وتلهث وراء تجمعها الباسل مرات عدة

    كرم الله:
    نضر الله حرفك وأورقه
    واصل
    محسن :
    ما تبعد كتير
    بهاء
                  

06-30-2008, 06:08 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    القاص عبدالغني كرم الله لـ (السوداني الثقافي ):
    (2-2)الخيال خلق ليضئ الجانب الخفي من فكرة الإنسان الازلية


    للكاتب عبد الغني كرم الله تجربة أثارت الانتباه، كتابه القصصي الأول (آلام ظهر حادة) صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخلق حوله زخما نقديا كبيرا خارج السودان وداخله حيث احتفت به العديد من المنتديات والمجلات والصحف

    بروز المادة الفكرية وترابط النص بخيوط ذات طبيعة فكرية وجمالية في غاية الإحكام يشير إلى وعي كبير بالمشروع وملامحه وأبعاده، كما يشير إلى كاتب مثابر نحو إنجاز مشروع إبداعي متقدم.

    الكاتب عبدالغني يعمل ويقيم بقطر منذ عدة سنوات، دارت مقابلتنا معه حول الأفكار التي طوفت في أرجاء كتابه (آلام ظهر حادة)، هنا الجزء الثاني، والأخير.

    حاوره مأمون التلب

    واللغة؟

    اللغة، هي الموسيقى، فالرعد صوت، والتغريد صوت، والخواطر صوت، بذرة اللغة بدت من أصوات الاشياء (جيشان، هذيان، زقزقة العصافير)، كأنها محاكاة للطبيعة، ثم فارقت اللغة لغتها الام، لتسقل كانساق وإشارات، ثم هناك عوالم لا تصلها قوارب اللغة، بعيدة عن منتناول اللغة، وهنا تأتي المعاناة، على اللغة ان تمد نفسها بأحرف جديدة، وكلمات جديدة، وآليات بناء ومجازات جديدة، كي تعبر عن تلكم العوالم، لذا هناك انفعالات تعاش، ولا تحكى إلا بلسان الحال، هناك خط، ورؤي، تعجز عنها للغة، (وفي قمتها الشعر)، فتميل للموسيقى، وتعجز عنها الموسيقى، ونكتفي بالدهشة، والخطف..

    فاللغة أواني، لمعاني، والأواني يستحسن أن تكون جميلة، ومزخرفة، كي نسكب فيها خمر المعاني.... للغة فتنة، قد تحجب العقل، ولكن المعنى الاصيل، الرقيق، هو الذي يسكر، وهو الذي ينضح من إناء اللغة (كل إناء بما فيه ينضح)، وأحيانا، تحس بأن المعاني لا بد أن تتجسد، كي تحس فتصيغ الأواني المتعددة (اللغة، الموسيقى، الرسم)..

    .................................؟

    أحب كل اجناس الكتابة، (روح السندباد مغرزة في كل كائن)، فالإنسان مكعب سحري، (يزن رطل، وبمقداره ان يحمل رطل سكر ورظل بن ورطل زيت،معا، ودون أن تتداخل أو تخلط)، كذا العقل الإنسان، كالغرفة، (أي غرفة)، بمقدروها أن تمتلئ بالنور والنسيم والبخور والموسيقى والإلفه،معاً...

    أحب الرجوع للطفولة، محاولة لتذكر الطفولة (فكتبت قوت الرسام)، أحس بضلال لذيذ (خراف تثغو في حقول الغد)، الكتابة كالجوع، شي حتمي، عليك اشباعه، وإلا ستموت إن لم تكتب، إن لم تأكل، إن لم تتنفس برئة القلم.. أو الفرشة، أو ا صابع البيانو..

    الكتابة متى، وكيف؟

    أفضل ساعات الكتابة هي الفجر المبكر، أو آخر الليل، الثلث الاخير، تلك العتمة، والتي تتداخل فيها الاشياء، تحس بومض فلسفي، تحس بأنك جزء من الوجود، كائن خفي يذوب فيك وفي الافق وفي الاثير، (وللحق لا شي ينفصل عنا)، الطبيعة تكره الفراغ، (والجسم الإنسان مكون من النبات والحيوان والاثير)، ولكن حجاب الزمن، هو الذي يفصل بين الجبل، وبأن يكون فراشة، ثم يقفز للبشر، ثم يقفز، للإنسان (فتختفي اقفاص التوحش)، وتغمر القلب احاسيس غير معتادة، بعد..

    طقوس الكتابة، كطقوس شرب الشاي، أو الغناء، أو الانشاد، احيانا ابخر الغرفة، وأدخل في زي جميل، لملاقاة الحبيب الاعظم (القلب والعقل، يتغازلان في محراب الجسد)... وأحيانا، يأتي الالهام في الشارع، في البص، على نهر النيل، في شمس الظهيرة، فعلا الإلهام والكتابة كائن غريب، (غير إرادي)،كضربات القلب وكالأحلام..
    لم اكتب؟ أهي غاية، أم وسيلة، نحيل التساؤل إلى جذر الشجرة:

    هل خلقت (الجذور) كي تغذي الشجرة؟
    بلى
    أم كي تثبت الساق والفروع من عصف الرياح؟
    بلى
    أم هي كائن قائم بذاته، يستمتع بمص طين الأرض، كالأطفال، وكالحوامل ؟
    بلى...

    هدف الكتابة؟

    الكتابة مغرضة، لا يوجد حياد في الكتابة، كل اناء بما فيه ينضح، قد يكون النضح (عدم الحياد نفسه)، فأنا اكتب بإلهام، بمعنى أنك تحس برغبة في الكتابة، دون أن تعرف هوية الجنين، ذكر، أنثى، ملاك، جن، لا حول ولا قوة لي، وللحق أنا القارئ للأول للنص، يأتي من جهة ما، من داخل النفس البشرية، عبر معاناة، قد تكون شخصية، وقد تكون جمعية، وقد تكون متوارثة، وقد تكون هبة....

    يتداخل الفعل الإرادي واللاإرادي، (الكتابة المتكلفة كالبضاعة المزجاة)، قد تصلح في مجالات، ولكن الملتقي يحس بذلك في الشعر والادب بصورة ما، لأن الكتابة هي شعور دافي، بأشياء وأحياء تحيط بنا، أو بداخلنا، أو حتى معاني مجردة، ومن قوة وصدق الاحساس تأتي قوة النص..

    (موعظة الشجرة الصامتة)،هذا نص، يدور حول الوعظ، الاشياء تعظنا بأنك هناك سر، شفيف يحيط بنا، كل الاشياء تعظ، وتنبه، لأمر ماء، داخل الذات الإنسانية (لمن تقرع الاجراس، ولمن تغرد العصافير، ولمن تشرق الشمس وتغرب، ولمن يجري الدم في الشرايين؟.)، على كل فرد الإجابة... فالشجرة، تقف، طوال عمرها، وبعد موتها، كي تعظ، تعظ البصيرة والبصر، بلغة الصمت، بلغة التأمل، بلغة السحر، حفيفها يقول أكثر من ذلك، وتكور ثمارها، يوضح أكثر، وكذا طعم الثمر!!

    ولكن كل فرد هو بطل المسرح، (الطفولة تقول أكثر من ذلك) كل فرد هو الغاية في ذاته، بمقدور الحياة أن تفعل ذلك، فالمعجزة هي غريزتها الأولى، (كل فرد، هو غاية في نفسه، وكل هذه الحيوات خلقت من أجله، هو، هو فقط)...وعلينا أن لا ننسى هذه الحقيقة، على الإطلاق، وخلق الزمن طويلا، كي نحقق هذا المنجز، هنا، أو هناك (وهناك هذا، كائن مثال، فالحيوات تتداخل، ولكن الحواس لا تزال عمياء عن رؤية نهر الحياة، من المنبع وللمصب (ولا منبع ولا مصب، ولكن إطلاق على كلا الطرفين، وهو ماثل الآن)، ليتنا نرى!!

    مع كونديرا في ما قاله عن الكتابة (أن تكون كاتباً، لا يعني التبشير بالحقيقة، بل اكتشافها)، بالكتابة كأدوات الجيولوجي، يكتب عن تحليله للتربة، للارض، للمعادن، الكتابة اشبه بالتقارير العلمية، الفكرية، تقرير يومي عما يدور حولك، وبداخلك.. ومع كونديرا ايضا، حين سئل (عن انت شيوعي)، فقال انا روائي، وسئل عن انت يساري ام يميني فقال: (لست هذا ولا ذاك، انا روائي)..

    الكتابة، هي كشف، وتحدي، وتسلق، لجبل المعرفة، الداخلي، والخارجي، معاً... وليست شئ غير هذا... أحس بأنها، ممتعة، ومتعبة، ومشوشة، حين تغرق في بحرها، تخرج عن نفسك، عن المسميات، عن كثير من الحيوات، تجري وراء افق النص، حتى تضيع ملامحك، عاداتك، معتقداتك، تختفي عنك ذات، تحار، وتضل، هل تخرج من النص، ام يخرج النص منك، أنت في عالم آخر، دنيا النص، جسمك صار جسم اثيري، يتذوق حتى المعاني المجردة، يغوص كالسمكة في دينا الخيال، فالخيال واقع، واقع ملموس، أكثر من الواقع الماثل، ولذا (خلقت الاحلام، وسطوتها)، فأنت تخرج من الحلم، متطقع الإنفاس، ولم تبارح مكانك، كي نستقظ من سباتنا، ألم يقل يحي حقي (اصح،تحرك،فقد تحرك الجماد).. ليتني أصحو من غفلتي هذه، كي أرى جوهر الأشياء، وسطحها الاملس، النقي، فالصدأ في العين، وليس في الأشياء.. فالواقع والخيال والحلم شئ، واحد، ولكن وضعنا برزخ بينهما....

    في ندوة (بمنتدى محمد صديق)، أحسست بأن للنص ألف وجه، هناك من يقرأ النص، ويأوله، أجمل منك، وأروع، تحس بأن للنص حيوات، بمقدور المتلقي، والناقد، إفراغ شحنات على جسد النص، كي يعود لنضارة وحالة الإنفعال التي كبت بها، عاذر يعود من جديد، بل أنضر وأجمل، شاعرية التلقي، وفكرية النقد، فللوجه، وجوه...


    (جريدة السوداني)...
                  

06-30-2008, 06:40 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    الكتابة كالجوع، شي حتمي، عليك اشباعه، وإلا ستموت إن لم تكتب، إن لم تأكل، إن لم تتنفس برئة القلم.. أو الفرشة، أو ا صابع البيانو..

    كرم الله :
    ما علاقتك الأبدية ب:...

    البصر ... والبصيرة
    السيرة ... والسريرة ؟

    هذه التجليات
    وربطها بالفلسفي

    والعمق الصوفي
    خطرفات تعنّ لي
    وأنا أتأملك واستبصرك مليا

    ناول كمان وكمان
    بهاء
                  

07-02-2008, 07:47 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)

    كرم الله :
    ما علاقتك الأبدية ب:...

    البصر ... والبصيرة
    السيرة ... والسريرة ؟

    هذه التجليات
    وربطها بالفلسفي

    والعمق الصوفي
    خطرفات تعنّ لي
    وأنا أتأملك واستبصرك مليا
    حدثنا عن كيف تكتب ؟
    وهل كنت تتوقع أن تحدث كتاباتك هذا الصدى؟
    من تخاطب؟

    ناول كمان وكمان
    بهاء
                  

07-02-2008, 08:17 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: Baha Elhadi)


    عزيزي بهاء..

    من القرب سلام، من البعد سلام..

    يالها من ذكرى مع الكتابة والقراءة معا، وافضل الثانية على الأولى..
    وأفضل الأولى على الثانية من حيث كشف الذات، ومعرفة الباطن، ياربي الواحد جواهو شنو؟ لأنو الكتابة رحلة داخلية، بين حنايا الذاكرة والخيال والمشاعر....

    من القصص المبكرة، للتاريخ والارشيف الشخصي، التي كتبت ولم تنشر نص قصص مثل:
    1- أرجل السلحفاة الرشيقة، ويمنكم ان تلاحظ المباشرة، والسياسي، والتهكم المباشرة..
    2- فليسوف الفراشات..
    3- آدم النضيف.


    ولكن اول قصة كتبتها في حياتي فهي باسم (كوخ تضحك فيه، خيرا من قصر تبكي فيه)، وهي مستمدة من حكمة شعبية..

    سوف انزل قصة (أرجل السلحفاة الرشيقة)...
                  

07-02-2008, 08:20 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    أرجل السلحفاة الرشيقة!!


    لم يكن هناك قراراً رشيداً، أحكم وأصوب، من قرار السلطان بتعيين السلحفاة قائدة لشرطة الإسعاف، والطوارئ، فقد تحدثت كل الصحف، وقبلها قنوات التلفزيون، وبعدها جلسات البرلمان وحلقات الفكر عن صواب القرار.

    أنها قوية، وتملك قدحاً متيناً، يحميها من اللهب المتطاير، والدخان الخانق، من المنزل المحروق، والأسرة المفجوعة، والتصفيق الحار من حكمة القرار لا زال ببغاء الصدى يردده في أرجاء المدينة والدولة الحرة.

    (غرقت الفئران ... غرقت الفئران)، هكذا كانت تصيح البعوضة مذعورة، والتي لم يسمعها أحد، رغم اختيارها، وبالإجماع المطلق، جرساً للإنذار، وبوقاً للكوارث، فقد أقر البرلمان في جلسة تاريخية، اختيار البعوض جرسا وبوقاً للكوارث، حتى لا يزعج السلطان في قيلولته اليومية، إن وقع حادث، أو حريق في زمن نومه الميمون، أو يقظته المباركة.

    وهكذا صاحت البعوضة، بل تجمهر البعوض وهو يصيح ويصرخ (غرقت الفئران ... غرقت الفئران) فلم تسمعها الحمامات، ولم يسمعها القرد، كانت تجري من أذن لأخرى، بعض الحيوانات كانت تفر منها، خوفا أن تمص دمائها هذه الجمهرة الهائلة، وحين اقتربت من أذن الحمار، لم يسمع صياحها، فهو لا يسمع سوى دوي القنابل، وزمجرة الرعد، ، فخاف أن تمص دمه الدسم، فنهق نهيقاً مزعجا، حتى وصل إلى أسوار قصر السلطان، وحرمه الآمن، فاستيقظ من نومه منزعجا، خائفا، وقد أفسد الحمار الحمار، الأولى الاسم والثانية الصفة، قيلولة السلطان، وهي التي يستمد منها القوة والطاقة لخدمة الدولة العادلة الحكيمة.

    وقبل أن ينهض السلطان من سريره الحريري، ويلبس ملابسه النفيسة المزركشة، ويتخذ قراراً حاسماً بشأن الحمار، تجمهرت أسراب البعوض أمام أذن الفيل الضخمة، فدخلت مئات منها إلى داخل الأذن الضخمة وهي تصيح (غرقت الفئران ... غرقت الفئران)، فتمكنت أذن الفيل الضخمة من سماع الإنذار، فركض الفيل منزعجا، وهو يصيح (غرقت الفئران ... غرقت الفئران)، فدهس بأرجله الضخمة أيضاً، كل غال ونفيس، في السوق والحدائق العامة، حتى وصل إلى السلحفاة ليخبرها بغرق الفئران المسكينة.

    كانت المسافة بين الفئران الغرقى، وموقع السلحفاة نصف كيلو تقريباً، والسلحفاة تعيش عمرها كله وهي لا تقطع نصف هذه المسافة الشاسعة.

    وصلت شرطة الإسعاف، بعد عام ونصف من الحدث المؤلم، وهي تلهث، مسجلة رقماً قياسياً لم ولن يحطم أبداً في تاريخ السلاحف، وقدمت العزاء لأطفال الفئران، والذين نسوا، كعادتهم، سبب العزاء، وبعد أسبوع كامل وصلت السلحفاة لقبور الضحايا، والتي تبعد مائة متر من منزل الفئران المكلومة، وهي تدعو لهم بجنان عالية، لا حرق فيها، ولا غرق.

    وقد خطب الثعلب، فقيه الدولة، باكيا الفئران من على منبره، وبأن الحذر لا يمنع القدر، فقد كتب الله في كتابه الحكيم، زمان ومكان غرق الفئران، رفعت الأقلام، وجف المداد، فلا مهرب، من قدر الله، ولا مفر، ولو أراد الله سلامة الفئران، لخلقها كما يخلق الكلاب، فهي تقفز من بطن أمها إلى النهر، لتسبح بغريزتها للضفة الأخرى.

    أما الحمار، فقد اتخذ السلطان قراراً صائباً، كعادته، بأن يكون مغني المدينة، حتى يسهر طوال الليل، مثله، وينام بقية نهاره، وكفى الله قيلوله السلطان شر نهيقه المنكر، وحتى لا ينام بقيه الشعب الكسلان، والذي قض صوت الفنان العظيم الأجش مضجعهم، حتى مطلع الفجر.

    وهكذا سارت الدولة، فمنذ طلوع الشمس، يصحى الشعب من سهره الحتمي، كي يكد في سبيل قوته، ويغض سلطانهم السعيد في نومه، ولا تكدر صفوه أصوات الباعوض وهي تولول للكوارث والحرائق، ولا نهيق الحمار، النائم مثله، بعد وصلات حفلاته الليلية.

    أما البعوض، فقد بح صوته، من عظم الكوارث، وتكاثرها، فالشعب يسهر الليل، على صوت القنابل التي تتفجر من فم مطرب الدولة، ويكد النهار، في سبيل قوته، نعس متعب مريض، فتصطدم السيارات، ويغمى على عمال المصانع، ويهلوس طلاب المدارس، فيختلط الحابل بالنابل، فتعاظم الأمر على السلاحف، فهي ما تكاد تبدأ الزحف، حتى تسمع النداءات يمنيا ويسارا، وأعلى وأسفل، وهي التي لم تصل للآن لنداء جاءها قبل سبعة أشهر، عن حريق دب في عش بطة أعلى الشجر، ولو قدر الله وصولها، كالبرق، فأنى لها صعود الشجرة، وهي تحمل على ظهرها المنكود، قدح أثقل من الجبل، ولو قدر لها تسلق الشجرة، فما أكثر معجزات الله، فلا محال ستهوي الشجرة، والبطة والعش المحروق، والسلحفاة، وقدحها العظيم، معاً.

    لم تشك السلاحف في القرار الحكيم، فكلام السلطان لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، بل كانت تشك في تقصيرها، في بطئها، فالله لم يخلق فم بلا طعام، ولا طائر بلا جناح، فهي لم تخلق للإسعاف وإلا بداخلها سرعة تسبق البرق والصوت، فظلت أرجلها الثقيلة، تبحث عن السرعة الكامنة داخلها، تبحث وتبحث وتبحث، كمن يبحث في قعر البحر عن حصى يابسة، لا يحيط بها الماء كالجلد، أو كأصلع، أمرد، يتحسس رأسه كي يسرح شعره الغزير.

    هل أخبرتكم، بالسلطان، أم سقط سهواً، وهل يسقط البغل سهواً!!.


    .....
                  

07-04-2008, 07:21 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    (كوخ تضحك فيه... خير من قصر تبكي فيه!..ا
    لقصة الأولى - ثاني ثانوي عام

    البهاء، سلام سلام..

    مساء سعيد، وخلاق، ...

    في الثانوي العام، حين كتبت، أو قل سطرت اول قصة، مستمدة من حكمة شعبية (كوخ تضحك فيه خير من قصر تبكي فيه)، حاولت، في تلك السن، أن أصور حكاية أغنية يبثها الرادي، وهي لعثمان حسين، وصورت في البداية مكان القصة، أو قل مسرحها (شارع واسع، يجلس رجل عجوز، فقير تحت شجرة جميزة كبيرة، كي يبيع الشاي للمارة والتجار والعمال وخلفه حائظ من بناء فخيم، ونافذة تتسلل منها روائح العنب والموز والتفاح، فجأة غنى عثمان حسين أغنية (كيف لا أعشق جمالك)، وكان بداخل الغرفة رجل متبلد، غارق في حساب ديونه على الناس، وهو يفكر في مشاريعه التجارية وخوفه من الإفلاس، ويعد في فلوسة التي تملأ السرير امامه، أما الرجل في ظل الشجرة فقد تابع كلمات الاغنية ولحنها كما يتابع الرجل الغني عد فلوسه...

    وتخلص القصة البسيطة، إلى سعادة الرجل الجالس في الظل وهو يسترق السمع لاغنية تتسلل من دار الرجل الغني (كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول) كما تدور القصة عن علاقة بائع الشاي مع زوجته واطفاله، حيث يلعب معم، ويتسابقون للبيت كالاطفال، ويتذوقون لذة الفول والطمعمية، لأن (الجوع أطهى الطهاة)، بينما تقوم علاقة الرجل الغني مع اطفاله على الصرامة، والغياب الدائم في العمل، وهكذا..
    وتدور فكرها على أن السعادة ليس بالمال، ولا الجاه’ ولكن البساطة والصدق والتواضع..
    هذه أول محاولة للتكابة، وحينها قال لي اخوي عبدالواحد، ياخي ده مشروع قصة عجيبة، (وطبعا هو يقصد التشجيع ليس إلا)، والقصة كانت تقريرية، وانحياز عدييييييييييييل للزول القاعد تحت الشجرة.. وهكذا...

    وبعد حين، تركت الكتابة، للقراءة، وليوم الناس هذا احس بأني قارئ، ليس إلا، بل قارئ للتراث البشري بمتعة، وجمال..



    ...
                  

07-04-2008, 08:37 AM

Baha Elhadi
<aBaha Elhadi
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالغني كرم الله .... من عمق الريف السوداني إلى مراقى الأدب في باريس ... إحتفالية نصر جديد (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    لقصة الأولى - ثاني ثانوي عام
    كرم الله :
    منذ ذياك الزمن النبيل وأنت مسكون ؟

    علّ هذه الشياطين والمَرَدة لا يفارقونك هنيهة


    وبعد حين، تركت الكتابة، للقراءة، وليوم الناس هذا احس بأني قارئ، ليس إلا، بل قارئ للتراث البشري بمتعة، وجمال..


    جميل هذا البوح الصراح

    وأجمل منه إتخاذك منصة القارئي الكاتب في آن واحد

    هنيئا لنا بك
    وناول كمان ....... إلخ ... إلخ
    بهاء
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de