|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
منذ البدء، تغرقني في الضلال (هويتي؟)، ، ليس لقوارب الكلمات قدرة للإبحار، أو الوصول لذلك الشاطي المستحيل، (وللحق ابحث عنها، وأرقني ذلك، ومع هذا لم، ولن أصل لبر آمن)، يحول دون معرفة ما يجري بالداخل، (غرائز تملي كتابها)، وحواس تفتح نوافذها على بيئة بسيطة، ومعقدة، وملغزة، أتحسس بعكاز الأعمى (العقل)، كي لا اقع في حفر التفكير والانطباع والجبرية، والتقرير، والتقييم، وجوارح، مسكونة بمشاعر، تنشد الكمال، حتى لساني هو الذي يتذوق السكر، والملح، والموز، (بلا حول مني) هل أخترت أنا رائحة الموز وطعمه، وسلوك الذاكرة، وركض الخيال، ولكنى أعبر الشارع بحول مني، ثم يأتي الجوع بلا حول مني، ثم يأتي الرسم بحول مني، ثم تأتي الرغبة في الكتابة بلا حول مني، وللحق، هويتي هي (لا اعرف شيئا، عني أوعن المحيط، الحسي والروحي)....كل لحظة استيقن ذلك..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Nana)
|
الأخ محمد...إن من بستل سيف يراعه ليشغل جغرافيا القرأطيس...لتستنير الأجيال وتنشط أفاقها...وتفيق من غفوتها...يستحق الإكبار...ويستحق الإعزاز...ويستحق الوقوف معه...فذلك الكاتب الذى تساقطت لنا وعلينا رطبه...عندما هز جزع نخلة الإبداع فيه...وجاء بسفره الأول...ويا عجبى قد جاء ذلك من قطر التى أبقت على النور عثمان أبكر...والأديب أمير تاج السر ومن قبلهم كانت إحدى قبلة الأديب الطيب صالح خال أمير تاج السر ومن ثم الشوش الذى يختلف ويتفق حوله الناس عندما رطن الدوحه......فلذلك الأديب الذى تكون عالم كينونته فعرج بنا فى عوالم أكوانه...لنرى عوالما ما رايناها من قبل...الإجلال والتقدير والأمانى له بالإنطلاق بنا ومركبته لعوالم فوق تلك التى حلق بنا فوقها الطيب صالح وللأديب الشاعر مامون التلب الأمانى ولأخى محمد عبدالجليل الذواقه الحاذق الأمانى كذلك والسلام ................................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
حديث عندما تقراه يجعلك تترنح وتبحث عن نهر تحت النخلة لتغسل وجهك لتصحو من غفوة الدهشة كلام عذب جدا وجميل أتمنى أن نقرا لك دائماً وأتمنى أن تزودني ببعض رحيقك وعسلك المصفى فكل كتاباتك لوحة حية متحركة تنبض بالروح تشم فيها كل الأنفاس التي تريدها كلمات رائعة 00 تجعلك لاتتثاءب كم وطننا جميل وهو يولد من رحمه هذه الأقلام المتفردة التحية لك ولمن قدمك واضاء الطريق لنا سنمشي حفاة ياسيدي احتراماً لفرشاتك الملونة !!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: ابوحراز)
|
Quote: كم وطننا جميل وهو يولد من رحمه هذه الأقلام المتفردة التحية لك ولمن قدمك واضاء الطريق لنا سنمشي حفاة ياسيدي احتراماً لفرشاتك الملونة !!!! |
الأخ أبوحراز .. تحياتي لك.. مساهمتك جميلة .. شوف بالله البورد ده بطول العمر كيف .. وتلاقي الناس وتقرأ الكلام الذي يستحق أن تضرب له أكبادالإبل ..
ومعك تحت النخلة نبحلق في الثمار التي إكتنزت وشبعت شمساً..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
الأخ عبدالغني .. ما تقدم عمل يساهم في فتح النوافذ المغلقة .. في إستنهاض الـ 95% من إمكانات الإنسان التي غمرها الران الذي علا جدار القلوب لتتعامل مع تضاريس قشرة الحياة اليومية القاسية وتندثر إمكانات الإبداع تدريجياً .. ليضعف فينا البصر والبصيرة .. التحية لك وللروائي الفذ إبراهيم إسحق ويقيني أن الإبداع الحقيقي والأصيل يدغدغ قلوب مبدعيه (مثل عزف الطفل على بيانو ظهر أمه) ولا ينتظرون ربتاً على الكتوف .. وليتك تشركنا في أقصوصته فنحن بحاجة إليهاعشان نشوف الدنيا كويس.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Nana)
|
Quote: دعنا نلج دنياهذا الأديب بمزيد من التفاصيل عنه وعن كتاباته |
الأخت نانا .. تحياتي، قرأت اللقاء مع الزميل عبدالغني .. وقلت الحمد لله وجدت ما نحسه ولا نستطيع التعبير عنه شيء يكمن فينا .. قليلون جداً الذين يستطيعون أن يستنطقوه .. الأطفال والمتصوفة والفلاسفة وسابرى قوى الإنسان الخفية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
أخبرنى صديقي اللدود مامون التلب بأمر هذا الحوار وتصيدت الجريدة حتي عثرت عليه _في الحقيقة ليس من السهل أن تغرينى صحيفةما لأحتفظ بها ولي مجموعةقديمةتأكسدت الأحبار من فرط صفرتها لكن لأحتفاظي بها أشباع لرغبة كامنةبالعودة _قابلت الأديب كرم الله في جلسة نقاش لمجموعته هذه ولكنى حين قرأت الأسئلة والحوار أيقنت أنه جبل علي الكتابه العميقة المتجاوزة للرمزيةالصلدة بأتجاه رمزيةمرنة تتشكل وفق مزاجه وأمزجتنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
أخبرنى صديقي اللدود مامون التلب بأمر هذا الحوار وتصيدت الجريدة حتي عثرت عليه _في الحقيقة ليس من السهل أن تغرينى صحيفةما لأحتفظ بها ولي مجموعةقديمةتأكسدت الأحبار من فرط صفرتها لكن لأحتفاظي بها أشباع لرغبة كامنةبالعودة _قابلت الأديب كرم الله في جلسة نقاش لمجموعته هذه ولكنى حين قرأت الأسئلة والحوار أيقنت أنه جبل علي الكتابه العميقة المتجاوزة للرمزيةالصلدة بأتجاه رمزيةمرنة تتشكل وفق مزاجه وأمزجتنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: أيزابيلا)
|
Quote: ولكنى حين قرأت الأسئلة والحوار أيقنت أنه جبل علي الكتابه العميقة المتجاوزة للرمزيةالصلدة بأتجاه رمزيةمرنة تتشكل وفق مزاجه وأمزجتنا |
الأخت أيزابيلا - تحياتي لم ألتقي الزميل عبدالغني إلا عبر هذا المنبر ولكن كاني قد قابلته يعاقر الكتابة (وكنا في الطوفان) .. قبل فترة كتبت في مداخلة بأحد البوستات مستفتياً الزملاء بأن لدي كمية من الورق والكتب والقصاصات والجرائد التي أصفرت وضيقت مكان سكني وحاصرتني .. وحذرت المفتين بأن كل كلامهم سيكون مقبولا إلا أن يقولوا تخلص منها .. فما بيني وبينها لا يرى بالعين المجردة .. يمكن أن يرى بالمايكروسكوب الذي تناوله عبدالغني في حواره .. ولكنه أقوى من كل الأواصر التي تستعصي على الإبتعاد ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Abu Eltayeb)
|
Quote: هذا العبد الغنى الغنى ..
تتويج لى حركه ثقافيه وأدبيه إنبثقت
من فكره سامقه هائله وحتميه .. وما هذه
الكتابه العميقه الصادقه المنفتحه .. والمتفتحه,
إلا نقطه فى إنطلاقه كبيره قادمه .. والقادم مزهل! ..
|
الأخ - مأمون أبوالطيب .. تحياتي لك العالم يتسع عندما ينبلج فجر الصدق (يفضفض جراب الخبايا) ويتصدى أهل الثقافة والإبداع لقضايا الواقع في نفس الوقت الذي يحافظون فيه على سحر عصى الحروف تشدهم نحو المثل الأعلى لتبقى (الشجاعة أن تموت من الظمأ).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: معاوية الطيب)
|
عبد الغنى كرم الله انسان مرهف الاحساس .. نبيل المشاعر ... يفيض كما النيل رغم انى لم التقيه الا مرة واحده ويتيمه ولكنها حفرت فى ذاكرتى مشاهد عده
انه اديب بحسه وبطبعه فهناك من الادباء والكتاب من تراهم ولا تدرك انهم كتابا الا حينما تخبر بذلك ولكن عبد الغنى يخبرك بدون حديث انه كاتب وانه اديب فتقرا دفق كلماته فى قسمات وجهه وفى تعابيره
اتمنى ان يستمر هذا البوست وان نقرا فيه لعبد الغنى ونتواصل معه علنا ننهل من فيض ادبه ..
وله منى التحيه ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Randa Hatim)
|
Quote: عبد الغنى كرم الله انسان مرهف الاحساس .. نبيل المشاعر ... يفيض كما النيل رغم انى لم التقيه الا مرة واحده ويتيمه ولكنها حفرت فى ذاكرتى مشاهد عده
انه اديب بحسه وبطبعه فهناك من الادباء والكتاب من تراهم ولا تدرك انهم كتابا الا حينما تخبر بذلك ولكن عبد الغنى يخبرك بدون حديث انه كاتب وانه اديب فتقرا دفق كلماته فى قسمات وجهه وفى تعابيره
اتمنى ان يستمر هذا البوست وان نقرا فيه لعبد الغنى ونتواصل معه علنا ننهل من فيض ادبه ..
|
الأخت رندا - تحياتي .. نعم الكتابة الإبداعية تعصف بعصب العقل والقلب .. فتفضح الحالة الإبداعية صاحبها وتضج في قسمات وجهه .. ومعك في إنتظار أن يتواصل هذا الفيض .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
أحييك يا محمد
وأمد كفى مليئة بالإمتنان يفيض شكرا وتقديرا لك
على حمل هذا المسك العبق من لدن صديقنا الوريف ومداده المحتشد بخضرة الأرواح عبد الغنى الذى أكرمنا به الخالق
وعبركما أحى صاحبى البديع مأمون التلب
وأغريه المحبة والسلام
وهذا العبد الغنى يا محمد كون يضح بأنوار بهية معطرة، والكتابة عنده نوع من إعادة تشكيل الحياة وفق ملامح قسيمة السمات وبديعة الخلق
فلكم جميعا كل ما فينا من مودة
وعليكم المحبة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Dr. Moiz Bakhiet)
|
Quote: التحية لك أخي محمد عبد الجليل
وأنت تنثر علينا درر هذا الرائع عبد الغني
والذي نتمنى أن يقدم لنا الكثير من أعمال الرائعة عبر هذا المنبر
فنحن بحاجة لمزيد من الدهشة الممتعة
ولك الإنحناء أيها الأديب الحبيب عبد الغني
فأنت مفخرة لنا أينما حللت
تحياتي واحترامي |
الأخ الدكتور - معز - تحياتي لك .. غبطتك ورفاقك وأنتم تستقبلون الرائع محجوب شريف - نسأل الله أن يعجل له بالشفاء .. فما زلنا نتعطش للحرية والحب .. وأتابع ما تكتب وتقرأ وأفرك يدي فرحاً وأشعر أن زمهرير صيفنا تتخلله نسيمات غناء وفرح وجسارة إنسانية تزيد بشارات هطول المطر .. وألتقيت إبداعات عبدالغني المدهشة والممتعة والتي تستفز العقل والقلب للتوق إلى أعمق وعبدالغني يحدثنا بأن أجمل الإجابات ترقد خارج مرمى إكتشافاتنا .. ود. مبارك بشير يكتب لمحجوب شريف: حكمة قصايدك بعرفه كل الحبيبات الجميلات مستحيلات وكل القصايد مستعدات للشجن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
الأخ - عبدالغني - تحياتي لك وللأخ مأمون التلب وللشجرة التي أهدتنا وارف الظلال والإجابات .. وأرجو أن تشمر لتزويد البوست بمزيد من الغصون الخضر وقد ذكرت أن الإجابات تزوي وتصفر لتسقط ..
وقد أنزلت حوارك هذا الجميل ليشاركني الزملاء بالمنبر فرحيً بما قرأت .. فجاءوا طارقين باب البوست بمداخلات لا قبل لمثلي بمثلها عوضاً عن أحسن منها .. فأرجو أن تبقى قريب حتى لا أكون:
Quote: مثل، آدم، وتجربتة الغريبة، كان يبحث عن ام وأب، |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: أبوذر بابكر)
|
Quote: على حمل هذا المسك العبق من لدن صديقنا الوريف ومداده المحتشد بخضرة الأرواح عبد الغنى الذى أكرمنا به الخالق
وعبركما أحى صاحبى البديع مأمون التلب
وأغريه المحبة والسلام
وهذا العبد الغنى يا محمد كون يضح بأنوار بهية معطرة، والكتابة عنده نوع من إعادة تشكيل الحياة وفق ملامح قسيمة السمات وبديعة الخلق |
الأخ أبوذر بابكر .. تحياتي لك .. الإبداع واضح المعالم مهما جاء متخفياً أو سدت عنه الأبواب فعطره ضاج نافذ كما ذكرت .. وعبدالغني أحد الذين يغذلون لنا هذا الغذل الدقيق البديع .. برنوه بعيداً مع تجليات الحلاج أو نحو تخوم ترتادها تلك الإنسانة التي ربطت وليدها على ظهرها وعيشها على يديها وهي ترقص مع عزف وليدها على سلسلتها الفقرية البيانو.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
(هل قلت أعبر الشارع بحول مني)، اتبرأ من هذا الوهم (هناك قلق، أو هدف أسعى له، ولذا قطعت الشارع، يقودني فرس داخلي، خفي، كي اقطع الشارع، وكي أتأمل السحب، وكي ابكي، وكي أنام، وكي اغبط، وكي أكتب).. هل قلت بأني أرسم بحول وقوة مني؟!! تعجبني لوحة غوغان (من أين، وإلي أين ومن نحن!!)، وأجمل ما في هذا السؤال انه لم يضع علامة استفهام في نهايته، هو علي يقين إنه، مجرد تساءل أبدي!!
والشئ الوحيد، الذي احس به (إن لم أكتب، فسأموت)، أي (أنا أكتب إذن انا موجود)، يدخل الاكسجين إلى رئتي من سنة القلم، وتدخل الروح من العين، حين تلتهم الكتاب المسطور، كتاب الحياة، كتاب الجسد، (أهذه تعتبر هوية)، أتمنى، أن تستيقظ (ثورة الاحاسيس)، في جسدي، كله، حتى الغدة الصنوبرية، تبدأ العزف، مثل اخواتها النشطات، (أحيانا اغبط جسد امي، بالحنان الساكن فيه)، وأغبط الماء لقدرته على التشكل، والتكيف، والليونة، والري، وإغبط الملائكة، على قدرتها على الاختفاء عن الحواس، والقفز من الجنة للأرض، ومن الماضي للمستقبل..وفي استغنائها عن كل (ما يجول بخاطري، وحواسي، وغرائزي)!! وللحق، مآل الإنسان من السمو والتطور، يفوق الملائكة، المخلوقة من نوره الإنسان، تجلي لعقلى المبارك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
هويتي؟ (الحياة إلى الآن خنثى)، لم يولد رجل بعد، أو امرأة بعد، هكذا تقول الحقيقة، (بعيدا عن تشويش الانطباع)، فهناك ثدي، صغير، في صدر كل رجل، (مشروع إمرأة مخبأ)، وهناك (شارب، وإن خف في وجه كل إمراة)، البحث عن الرجولة، والبحث عن الانوثة، ليس بمستواها (الجيني، والجنسي)، بل ومعا، بمستوى الروحي، هنا يكون ثراء الإنسان، وثروته الحقيقية، التخليص من عقابيل (الحيوان المنوي، والبويضة)، كي تكون وترا، أصيلا، في الفن والفكر، خلقت نفسك بنفسك، خروج عن الولادة التقليدية، (ميلاد ثاني)، بقابلة الفكر.. هنا ترى الاشياء بصورة مغايرة، بل (الحيوات بصورة رائعة)، فما ثمة إلا حيوات، (تجري في سلم الزمن، كي تصحو من ثباتها، وجماديتها)، وتصير إنسانا سويا، (ولهذا خلق الخيال)، كي يضئ الجانب المخفي من فكرة الإنسان الازلية، المطلقة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
الطفولة، قمة النضوج، سواء كانت الأولى، أم الثانية، على العالم ان لا يفقد الدهشة والبراءة، (هل توقف قطار الزمن، ولو برهة، ان غريزته هي ان يجري من محطة الماضي إلى محطة المستقبل)، فالتحول أس الوجود، ولكن لم تدمن العين العادة؟، إذن الطفولة (وتوأمها الجميل الدهشة)، ضربة لازب للعقول وللحواس والقلوب، (كي تحدق في المشاهد المولدة دوما)، فجدل الصيرورة والتحول لم يقف، كالظل، نراه ساكن (وهو لم يتوقف عن الحركة طرفة عين)، (يقال بأن الزمن ينساب كالنهر، واحيانا يبطئ واحيانا يسرع، واحيانا يتفرع (كرشيد ودمياط)، زمن للشعر (حواس مغمضة عن الخارج)، وزمن للعمل (حواس مغمضة عن الداخل)...
الطفولة الثانية (قد نبلغها ونحن في السبعين أو العشرين)، حسب فطامنا من المراهقة، والرجولة الكاذبة، هي الثقة بالحياة، أن تلعب مع الثعابين،، وتدخل العقرب، كزهرة في جيبك، (ولكن لا تؤذيك، فحسن الظن، ينتقل من عقلك إلى جميع جسدك)، الطفولة الأولى تفعل هذا، ولكنها تعاقب، لأنها (مدارج النفس السفلى)، الطفل غير منقسم، يفعل ما تأمره به (نفسه السفلى)، (يخطف الحلوة من شقيقته، ويأكلها، وكأن شيئا لم يكن)، والطفل الثاني، ولهذا خلق الزمن بشكل لولبي، يسلك بنفسه العليا، كسقراط، كالنبي، كعيسى، كبوذا، سذاجة محببة، وحب للناس، كل الناس.....(لن تدخلوا الجنة، حتى تعودوا اطفالا)... الطفل يثق في الطبيعة، لأنها أم، أم حقيقية..(ويعطي الحلوة، بل روحه للآخرين في طبق من ذهب)... لأنه استغنى، (عن كل شئ)، سوى روحه الطلقة.. الصبوحة، بداخله..(وما أوسع دواخله، فالكون الخارجي، فالجسد البشري لم يكتمل بعد، هناك احاسيس، ومشاعر وافكار يجب ان تملأه، أن تنفخ فيه الروح (نحن موتى)، وعلينا ان نستقيظ من الموت (فلو لا المايكرسكوب لما ادركنا بأن هناك ملايين الاحياء تحيط بنا، وتعيش بداخلنا)، ولكن اعظم المايكرسكوبات هو القلب الانساني، فمن خلاله ترى كل الوجود (عبارة عن جنة ماثلة)، ولكن هناك غدد معطلة، واعظم هذه الغدد هي (العقل الصافي)، وغدة (القلب المحب، السليم)... حين ينضح القلب المحب، الدم في مجاري وأنهر الشرايين، يكتسي الجسد بقشعريرة لم يجربها من قبل، طلاوة، وسحر، (بمقدوره ان يصرخ كالحلاج)، (سبحاني ما اعظم شأني)، وبمقدوره أن يسكن، وقد امتلأ بالحياة..وأن يرى الكائنات الاثيرية التي تملأ الماضي والمستقبل، وهي ماثلة امامه، كشجرة الجميز هذه..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
اتأمل الأشياء، لأنها أحياء، لا شيء ميت، او جاف او صلد، (خداع حواس)، كل الأشياء رخوة بيد الطفل، حتى السكين، وعتب البيت، لذا يجري حافيا، دوما، مشى عيسى على البحر، وتكلم ياقوت مع العصافير، أهذه معجزة، (اقسم بأنها بدء هبة السماء للكائن المسمى إنسانا)، تلف الالكترونات حول الذرة، كالقمر حول الارض، كالطفلة حول الام، وكالشعر حول القلب، وكالعطر حول الانف... (ثنائية الوعي والبيئة)، يتفاوت من فرد لآخر، (هناك من يتأمل الجبل، وهناك من يدرسه، وهناك من يشم رائحته) كما يوحي الطاو، وهناك من يخاطبه (هذا الجبل نحبه ويحبنا)، وهناك اشعة تجتاز الجبل، كما يجتاز ضوء الشمعة زجاج النافذة، (أن نرى الاشياء بعيون الاخرين)، لذا يأتي خطاب التأمل للجسد (كن شفافا، كي تنفذ لجواهر الاشياء، كالضوء، بل أرق، كالروح، بل أرق، وهل للروح حد) والجسد الإنساني حين يلطف (بالشعر، أو السلوك، أو الفكر، أو العشق)، يبدو كائن أثيري، بمقدوره الخروج (عن سلطان الزمان والمكان)، وإعتلاء هرم الخليقة، ممسكا بملكة (فوق طاقة الكلمات، والايحاء)، شعور عميق ينتاب مملكة الجسد كلها (حتى اصابع الاقدام يعتريها فرح فوق خطف القبل والجنس) أو (بعيوننا حين تصح من الرمد والعماء المتوارث، عبر الجينات البشرية)، فالإنسان مشروع تطور، لا متناه، لا حد أو سقف له (بل أي تصور، مهما سمى، هو حظ الإنسان)، ويظل المطلق (متمسكا بإطلاقه، عصي الفهم عصي التفسير)..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي وأخي محمد
صباح اخضر وبهي وباسم...وحنون..
في زيارتي للوطن الحبيب الاخيرة، وجدت كراس، من عدة كراسات، (كراس عربي، ذو خطوط افقية، واحيانا كراس حساب، ذو المربعات، والتي خلقت كي تأوي الارقام الشعرية وعلامات الضرب)، ادون عليها ملاحظاتي، لكل شئ يقع في عيني، وطبعا القصص، وطبعا اخوك وللشلاقة، ومجرد ان انتهى من الانشودة الازلية (الحب في زمن الكوليرا)، جاب الكراس، وعشان اللذة ما تلفت، في تلافيف الذاكرة، دون عليه سذاجته، وكان هذا ،،، قبل أكثر من عقد من الزمان!!
Quote: ملك، من بعرة جمل...!!
كيف كان يقرأ الفتى (الحب في زمن الكوليرا)
إنه لا يوزع نظراته بالتساوي، هذا ما يفعله ماركيز، كان الفتى، ولأنه نشأ يتيما، يكره الاهتمام بشخص معين، وفي مجلس واحد، ولهذا، ولمناقب أخرى، لا تحصى، كان يحب النبي، (كان الجميع يخرجون منه، ويحس كل فرد منهم، بأنه أحسنهم موقعا لديه)، لهذا امتعض في البدء، فقد نشأت علاقة، ومن أول سبعة أسطر، مع اللاجئ الانتيلي (جيري سان مور)، وهذا الحب المبكر، سببه، بل اسبابه، ولع سان مور بالشطرنج، والسبب الثاني، انه لاجئ، والسبب الأساسي، هو (عذابات الذكرى)، الفتى كل ماضيه، عبارة عن وحش يطارده حتى أفق الغد... يحس بالتقصير، تجاه كل شئ...
ألقى ماركيز نظره سريعة على (سان مور)، ثم مضى لشخوص أخرى، أقل إثارة منه، كما يرى الفتى، أو كما يقول له هذيانه، ولكن ليس هذا ديستوفيسكي، أو فوكنر، كي يصوروا لك كل شئ أيتها الفتى، كي تملأ فارغ عريض بقريتك الساكنة كالقبور، يمكنك ان تجد ضالتك، في (دون كيشوت)، فسرفانتس يحكي عن دون كيشوت، ودي كيشتوت يحكي عن راعي، والراعي يحكي عن جنية، ألخ نهاية الارقام، إن كان للأرقام نهاية، ولكن ماركيز فراشة زاهية، ملولة، تحلق من زهرة لأخرى، ويجري السرد بصورة حلزونية، ونحو الأعلى دوما، نحو الإثارة والجاذبية السماوية المقدسة، إعصار اخضر، يطفو بالاشياء، حتى الجبال تبدو كفلينة حقيرة الوزن، يحس الفتى بأنه يحب ديستوفسكي، لأنه عالم كميائي عجوز، يمسك شخصياته بيده المعروقة، ثم يضعها تحت شريحة المايكروسكوب، مثل قطرة دم مصابة بالملاريا والحب والهوان، ثم يشرح الجسد، والخطوات والأحلام، بصبر الناسك، والنبي معا، فهو مثل ذبابة، تحوم وتلف حول هدفها، متجاهلة تهديد القارئ، تذب وتؤب، وماركيز (غراب ذكي)، نفور، متربص، لا يأتى على غرة، لاتقارن بينهم، رغم صلتهم الروحية، في معادلة (الواقعية - السحرية)، فالأولى لديستوفسكي، والثانية لماركيز، أحيانا ينسى ماركيز شخصايته (ذكر ذلك في مقال له)، ينسى ابنائه، إله قاس، يخلق (ثم يصم اذنيه، ويغمض عينيه)، تئن الارض، وتلوذ سماء ماركيز بالصمت، مخلوق سقط سهوا من ذاكرة الإلهة، استفاد من ألف ليلة وليلة، أكثر من أهلها (الكوني، وغائب طعمة، وغالب هالسة)، حيث الإميرة تجلس في خلوتها، كسولة، ريانة، تأكل الحب بكسل، وبشبع، وترمي بذرته، فتصيب البذرة قلب جني صغير، فتقتله، فتثور امه الجنية الكبيرة، ويجري ما يجري، مما لا يمكن تصوره، إلا في ألف ليلة وليلية، وأدب ماركيز، سرق وبجدارة مناخات التداخل بين الواقع والخيال، والذاكرة والاستشراف، سطا على ليال هندية وفارسية وبغدادية، خير سلف، لخير خلف، بل (حوار غلب شيخو، بإقتدار، ومعاصرة)، يميل للمبالغات، كشيوخ وأمراء الدولة العباسية والاموية (أعطى الفرردق خمسون أ لف بعير محملة بالذهب، وعشرة ألف إبل محمولة بالياقوت، نظير قصيدة مدح)، فطوفان نوح، كان سببه دموع (فلورنيتيو).
لم يقتنع الفتى بمصير (سانت)، وانتحاره المبكر، بل سرح طرف الفتى، كعادته في القراءة، وتهربه من بين السطور إلى عالمه الخاص (استمرت الشطرنج 49 سنة، أصاب الملك الفتور، ركونه، وعدم تحركه في اديم الرقعة، كجنوده والطابية والوزير، الحر، الواسع الحركة، فأنكسر الملك، ولم يجد سانت في غرفته، سوى بعر جمل، بديلا للملك، جلبها معه من صحراء العيونات، ولأن عذابات الذكرى تغز حاضرة، حين تذكر خطيئته الكبرى، ضربت يده عنق الوزير، فوقع الوزير من الطربيزة المتأكلة، وكم كانت دهشتهم كبيرة، لتهشم الوزير إلى شظايا، رغم أنه وقع على سجاد نائم، إنه بلا شك وزير عظيم، وأصيل، لم ترضى نفسه أن يغادر ارض المعركة، ويترك بعرة الجمل لوحدة، ... هل ضعف البصر، أم استوت المربعات السوداء والبيضاء في الرقعة)... أحيانا، أحس بان ديستفوسكي، بعث من جديد، كي يكمل لوحته الرائعة، فاختارت إلهة الالومب، كولمبيا، موطنا وملهما له، فالاساطير تملأ قلبها وكأنها صورة رنين مغناطسي لظهر نملة نائمة، وهي تحلم بكابوس (فيل مربوط على ظهرها)، كي تتسلق به الجبل (هان الامر على سيزيف، حين رأي هذا المشهد، فشر "النملة" ما يضحك)..
الحب في زمن الكوليرا، إشارة مرور مجنونة، تغير كل الاتجاهات برغبتها، كان الفتى في القسم العلمي بمدرسة الخرطوم القديمة، كان يحب الكيمياء، والاواصر التي تربط بين الصوديوم والكور، فجأة وفي تهور لذيذ، غير رأية، إلى القسم الأدبي، صديقا لبصير المعرة، وآلان روب غيري، وأبراهيم اسحق، واعمال الليل والبلدة، وكل هذا الجنون، بسبب خمر الحب في زمن الكوليرا، كانت (ارثياء)، تواعد الفتى، من وراء ظهر فلورنيتو، بل ظهر خالقها (ماركيز)، عيون الإله مغمضة، لا تراقب النص كما ينبغي، أه من لذة القبلة الوهمية، لفتاة مخلوقة من حلم، من روائح، من خطف، كانت تخرج من سور غلاف الكتاب، كما يخرج الضوء من زجاج الفانوس، بلا صوت، ينبه ماركيز، إلى أن هناك خروف جميل، فر من حظيرة (الرواية)، إلى حضن القاري، فالمتلقي حر، بعد أن مات (الخالق/ المؤلف)...
لم قتلته حبيبي ماركيز، كان بمقدروك، أن تجعله يعيش، عام او بعض، بل بمقدروك أن ان يعش مثل نوح، بل يخلد، هل الإلهام جرى بك هنا وهناك، بعيدا عنه، أم تخلصت منه، كي تتفرغ لفلورنتيو، (الهامش والمركز)، أه، هذا الصراع، حتى في النصوص، أتكتب بعقلك ام قلبك، (القلب كالشمس، لا ينسى شئ)، أم تميل للإثارة، كنحر النساء وتويجات الزهور، أم كنت تحت تأثير سلطان اللاشعور، فأملىء عليك خطابة (يالك من أسير لموهبته)، يقال بأن (نساك الهند لهم القدرة على التحكم في عالم اللاشعور، في ضربات القلب، وتسريح الشعر بلا مشط)، شفاء ذاتي، فاللاشعور، صار شعوريا، كحركة اليد..
أم خفت ان تطول الرواية، إن تطرقت لكل شخوصها ولكنك (تضع الحياة بين قوسين)، كقشرة موز، تحيط بثمرته الجميلة، أساور بمعصم، فالحياة دخلت هذا النص الجميل، كما أدخل الطوفان شعب نوح، وهكذا انطلقت (الحب في زمن الكوليرا)، تحمل على ظهرها ما تبقى من أحياء، من طوفان الكوليرا، رفعنا علم النكبة، ولا حمامة ترصد اليابسة، (أليست الاشياء الرخوة خير من اليابسة)، نحن نثق في البحر أكثر من الأسماك، وأكثر من اليابسة..
445 صفحة، حقل أخضر، ألم تصاب بالإنهاك، بفتور العاطفة، بالتكلف، بالتبلد، وكأنها مكتوبة بنفس واحد، فترة لم يتخللها نوم أو استراحة أو قوت (أتأكل الملائكة)، أم انك تكسر عادة الملائكة، وتسير في شوارع كولمبيا والمكسيك، وتتزوج من نساء الأرض (مرسيدس)، يقال بان جبريل (جاء في شكل بدوي، شديد سواد الشعر، وشديد بياض الثياب، ولا اثر لسفر عليه)..
لا اشك انك كتبتها في ساعة واحدة، بل أقل، ولكن في وقت خاص، مثل ولي مغمور في بلاده، كان له زمنه الخاص، لا يقاس بوقتنا، (كان هذا الولي يعيش على ضفاف النيل، في منطقة النوبة والمسيد وأربجي، أرسلته زوجته لجلب ربع رطل سكر من الدكان، بعد أن وضعت الشاي على الكانون، فذهب الولي فوجد كمساري أحد اللواري يصيح بأنه مسافر لسنار، لضريح احد الاولياء، فركب الولي، ثم رجع بعد شهرين، وتذكر أمر زوجته، فأشترى شاي ورجع للبيت، فخاطبته زوجته: لم رجعت سريعا؟)...
الفكر اسرع من الضوء، كيونة الزمن تختلف من فرد لأخر، في الاحلام تجري الاحداث بسرعة البرق، بل أسرع، ويتمثلها القلب، كلها، ايها الفتى، أتحب سرفانتس، لأنه يتحدث عن الرجل وهيئته، وعن قلبه وجوائشه، وعن حذاءه وضحاياه، من الحشرات والنمل، وعن النمل وقوتها من السكر، وعن السكر وبلورة طمعه من الطين الصلصال، وعن الطين وهوانه وعظمته.. أتريد ان يمتد طرف الرواية للوراء والخلف، كي توازي نهر الزمن، ولكن من وصل للرقم الاخير في سلسلة الارقام؟ حين ينتهي الزمان ماذا بعده؟ حين تنتهي الارقام ماذا بعدها؟ حين ينتهي الفضاء، ماذا بعده؟
كل شئ ممكن مع ماركيز، فحين تكسر حبة رمل، في نصوصه، تجد بداخلها جبل، وتطير منها فراشة مذعورة، وخلفها أسد يزأر، جائع، كل هذه الاشياء جزء من أحشاء حبة الرمل، والباقي، فيحتله المطلق، الذي تبحث عنه التلسكوبات والاقمار الصناعية، وهو مخبوء في حبة رمل).. الحروف السوداء لقلمه، تحمل كل هذا الهذيان الجميل، المثير..
قرأ الفتى، عبارة (كانت يديها تتحسس بطنه)، قرأتها ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة فقدت حلاوتها، ولكنه قرأت عبارة (تفيض البحار بدموعي)، قرأها احدي عشرة مرة، وكانت الأخيرة هي الأقوى، (الروح أقوى من الجسد، أم بداخلي ناسك، رغم آثامي المطلقة)!! انها رواية مدهشة، خبز مستوي، بلا جزء محروق أو نئ!!.
وحين خلصت من الرواية، ووضعتها تحت مخدتي شعرت، بل أدركت، بأنني كنت خرجت من الجنة للتو، ووضعتها، تحت مخدتي، بلكل إطلاقها، وجبروتها الجميل!!...
|
ومعها ايضا، في كراسة اخرى، مليئة بالزيت، وبقايا شعيرية، مقال (نقدي، هههههه)، لميرامار، وللحق ليس مقال، وإنما هي زيارة لنجيب محفوظ لقريتنا باسم (ميرامار على ضفاف النيل الازرق)، وطبعا، وبلاشك، هناك هفوات اخرى، على شاكلة (موسم الهجرة للشمال)، وو...وو... إنها عذابات الذكرى....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
الأخ عبدالغني - قبل أن آتي على ملك من بعرة جمل .. أود القول أني ما زلت أتأمل هل مشروع (الخنثى) في البشر وحدهم أم في كل الحيوانات .. وإن كان خاصية بشرية فماذا سيقول الدارونيون الجدد .. المهم ما علينا وإليك ما كتبت .. قبل أن أقرأ مداخلتك الأخيرة:
تأملات ترنو بعيداً تحدث الناس عن أشياء أصبحت خارج دوائر آفاقهم المعرفية .. الهوية عند عبدالغني تُغرق في الحيرة بين النهايات وذرى المطلق (أحياناً أغبط جسد أمي بالحنان الساكن فيه) أي خصوصية معرفية تحتاج الأم (أي أم) لتمنح حناناً تعجز عن مثله عصبة من النساء والرجال ولو اجتمعوا على قلب واحد منهم .. قوى خفية هائلة رهن التذكر والاستدعاء .. مجرد إغلاق العيون لنرى أبعد .. فكيف لو أغلقنا الحواس ورغائب العادة .. سندخل ملكوت الفكر اللانهائي .. سنكون بشراً أسوياء ونحقق فرح معرفة مآلات الأشياء .
الطفولة عند عبدالغني هي قمة النضج .. قبل أن تبدأ التقليد ودخول دائرة العادة المكبلة .. لا يدخل دائرة الإبداع من كان في قلبه ذرة من عادة ..
لا أدري يا عبدالغني عندما يضغط (الطفل المربوط على ظهر الأم) على عظام سلسلتها الفقرية التي تشبه البيانو .. يدغدغها يضحكها يلهمها الحيوية .. وهو يغني على أنغام الضغط على سلسلتها الفقرية .. أيضخ فيها الحنان أم لينسى الشمس والغبار من أن يشقيا طفولته .. أم كلهما معاً!
أنظر لدهشة طفل في المهد .. في شهوره الأولى وكيف يعبر بالتجديف بالأربع ولغة الهمهمات التي لا نعرف كنهها، ولكنهم جميعاً يتكلمون في المهد كما يقول عبدالغني .. العادة تمنع فهم لغة النمل وتسبيح الطيور ..
إن الاحتفاظ بالطفولة يُلهم النبوة والشعر والقدرة على سبر غور كل المستحيلات ، كما يهب التصالح الكامل مع النفس والكون ليبدو كل شيء بديع ومدهش ووضيء .. ويتحقق العشق الذي لا تعبر عنه اللغة ولكن ربما تغازله الأطراف المرتجفة شوقاً.
الحدث عن عبدالغني يحدد الزمن الحقيقي .. فعند الجمال والإثارة يتلاشى الزمن، كل الأشياء يتم تحديدها داخل جسد الإنسان .. عقله وقلبه ولو تسامى الجسد الإنساني لرأى الأشياء في الأذل .. فقط نشف لنرى المستقبل خلف الحجب، فالزمن السلحفائي يسكن العقول المتلكئة التي حاصرها ضيق الواقع ومتطلباته الباردة، فأصبح زمنها كسيحاً ، فلنرقب الكائنات التي تحنو على من يبحث عن (نار الهدى) التي تنير طريق المستقبل ليكاد يلامس سماوات المعارف التي تستشرف الكمال ولا تبلغه ولكنها تحقق الفرح السرمدي السامي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
Quote: الحب في زمن الكوليرا، إشارة مرور مجنونة، تغير كل الاتجاهات برغبتها، كان الفتى في القسم العلمي بمدرسة الخرطوم القديمة، كان يحب الكيمياء، والاواصر التي تربط بين الصوديوم والكور، فجأة وفي تهور لذيذ، غير رأية، إلى القسم الأدبي، صديقا لبصير المعرة، وآلان روب غيري، وأبراهيم اسحق، واعمال الليل والبلدة، وكل هذا الجنون، بسبب خمر الحب في زمن الكوليرا، كانت (ارثياء)، تواعد الفتى، من وراء ظهر فلورنيتو، بل ظهر خالقها (ماركيز)، عيون الإله مغمضة، لا تراقب النص كما ينبغي، أه من لذة القبلة الوهمية، لفتاة مخلوقة من حلم، من روائح، من خطف، كانت تخرج من سور غلاف الكتاب، كما يخرج الضوء من زجاج الفانوس، بلا صوت، ينبه ماركيز، إلى أن هناك خروف جميل، فر من حظيرة (الرواية)، إلى حضن القاري، فالمتلقي حر، بعد أن مات (الخالق/ المؤلف)... |
وسوف أعود للحب في زمن الكوليرا ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي، واستاذي، وأخي الجميل الكبير، النبيل.
د. النور حمد
صباح حنون،
للحق، اخاف، أن أكتب لكم، وأخاف اكثر ان تقرأ لي (لهذا تخوفت من الرد في الصالون)، إيما خوف، اخبرت أخي واستاذي (عبدالله ونزيهة)، بهذا الوسواس النبيل، يهرب مني الحرف..
كيف يتسامى الحرف، لرجال صاغوا الوعي في بلادي (سكنوا حصى كوبر، ونخفوا الروح في الزوايا والمدن)، وبشروا يمدينة فاضلة (عاشوها في قلوبهم، ورأوها رأي العين، في حمى حي الثورة)، وما أدراك ماهي!!)...
أستاذي الجميل، أحس بأني صدى باهت، باهت، وواهن، لمعنى يسكن قلوبكم المطلقة...
اغبط انفاسكم، وعقولكم وقلوبكم وأوتاركم، ورصدكم، وحماكم..
اغفروا خرفي، وأنيني...ولكن كيف لا أكتب وأنا محاط بأجرام مضئية، يدفعني سمتهم، وجمالهم، للكتابة دفعا، ريشة في مهب الريح..(هم رصيدي وقوتي هنا، وهناك)، أحس بأنني محظوظ، محظوظ، محظوظ
مجالسهم تحلق بي بعيد، بعيدا... هموهم الكونية، صفائهم المعادي، ووحدة الفكرة الناصعة، (من و راء تعدد الشخوص)... استاذي النور رنة الجرس، أم نغمة الوتر، أم ضربة الريشة، أم فيض العقل، أم نور العقل، كيف احيط بسوركم، العملاق....لا يشقى بهم جليسهم
اغفروا لي، هفواتي، وضمور الرؤية، ...وأدعو لي بأستخدام (النعمة فيما خلقت له)..
في انتظاركم على احر من الجمر، في دوحتكم (...)!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: ودرملية)
|
Quote: مثل الانبياء رقيق .. لطيف .. انساني.. عبقري وبسيط .. تصافحه فتحس انه يود ان يلتهمك بحبه ومودته .. فتدخل في شرايين روحك الفة جميلة خلاص .. زول سمح بالحيل .. وربنا يغتيهو ويحفظوا .. |
اخي ود رملية .. تحياتي
مثل كلامك لا أستطيع عليه رداً .. أتركه لعبدالغني
وإن قلت شكرا ما بتفي وقولا يعبر ماهو في
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
في ذلكم الضحى الرائق، ونحن نخرج من صالة القادمين بمطار الدوحة، ويغمرنا ضياء الشمس الخليجية، وتلفح وجوهنا نسائم الشتاء المداري التي تهب مندسة وسط لفحة حر من بقايا صيف يتقهقر، وتداعب أنوفنا روائح المدينة التي وطأتها أقدامنا لأول مرة، بكى أبو بكر القاضي وهو يعانق دالي، ويعانقني، ويعانق إسماعيل علم بعد طول غياب. إختلطت الأمور في الدواخل، تذكرنا الأخ والصديق الراحل، طه أبوقرجة، الذي كان قد ارتحل عن دنيانا قبل فترة وجيزة من ذلك اللقاء. أحسست بأننا جميعا تذكرناه، برابط الصداقة المتينة التي ربطت بيه وبين أبوبكر القاضي. تذكرناه هكذا، دون أن يذكر أحدنا إسمه، ودون أن يقول واحد منا أنه كان بيننا في تلك اللحظة الجامعة، وبلا كيفية. تذكرناه برابط ذلك الإجتماع الذي تم بعد طول فراق. تذكرنا أيضا، وعلى غير هيئة بعينها، الحركة الجمهورية، وجامعة الخرطوم، ومعركة "الحر المباشر، والتمثيل النسبي". وتذكرنا سنوات طويلة من التشمير، وأشياءً شيقةً أخرى. وتم كل ذلك بلا كيفية أيضا.
في تلكم الأيام، كانت مدينة الدوحة لا تزال محتفظة بهيئتها القديمة. في أحيائها الشعبية شبه ببعض مناطق الدرجة الأولى والثانية بأحياء الخرطوم، قبل أن يتبدل حالها. الأسوار "الملطوشة" والطلاء الأبيض والأصفر، وأبواب الحديد، ومرابض السيارات داخل الحيشان، وشجرة سدر تقف في صحن الدار، وربما "طلة وردة من السور"، كما قال هاشم صديق. هذا العالم شديد التشابه، خاصة في الفضاء المتوسطي، والشرق أوسطي.
ترتبط المدن بالناس، وتأخذ معناها من الناس. قال لورنس داريل في رائعته، "رباعية الإسكندرية": "تصير المدينة عالما قائما بذاته حين يحب المرء أحد سكانها". حين رأيت الدوحة وأستقبلتها بكل حواسي، قلت في نفسي: هنا عاش الطيب صالح، وهنا عاش أستاذنا إبراهيم الصلحي، ولسنوات طويلة. في هذه المدينة تناجيا وتسامرا، كما تسامر قبلهما بقرون، وتناجي عن قرب، كل من جلال الدين الرومي، وشمس التبريزي. ولعل الطيب صالح وإبراهيم الصلحي بقيا عالقين بذلك المكان حتى بعد أن غادراه إلى ضباب الشمال، وإلى تلك البقاع التي "تموت من البرد حيتانها". وكما قال شيخنا عبد الكريم الجيلي، قدس الله سره:
على العهدِ من تلك المعاهدِ زينبُ، وما غيََّبَتْهَا الحادثاتُ فتحجبُ.
كانت تلك أول مرة أرى فيها عبدالغني كرم الله، ويوم رأيته احتل في قلبي موقعا مميزا. فـ "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها إئتلف، وما تنافر منها اختلف". في الليل، وفي البيت المليء بالضيوف، كعادة بيوت السودانيين، قام أبوبكر القاضي، بتوزيع الضيوف على الغرف المختلفة، تساعده في ذلك زوجتها الراحلة شادية، عليها رحمة الله ورضوانه. فضمتني مع عبدالغني كرم الله غرفة واحدة. أمضينا ردحا من الليل في مساءلات. فقد كان هو قريب عهد بالخرطوم، وطال بي أنا العهد بها. طفقت أمطره بالأسئلة، ولم تكن أسئلة، وإنما كانت تعبيرا عن شوق بلغ الزبا فطفح، كما قال النابلسي:
طفح الغرام عليَّ، حتى بالهوى، صرَّحتُ في حبي، لكل صبيحِ وكتمته، لما بدا لنواظري نورُ الخباءِ، وملتُ للتلميحِ وأنا الذي بهوى المليح تعممي، أبداً، ومن شوقي له توشيحي
وهي أيضا تساؤلات المتنبيء التي يمليها الشوق تنفيسا عن الشوق، لا طلبا لإجابة:
فسألنا، ونحن أدرى بنجد، أطويلٌ مقامنا، أم يطولُ وكثيرٌ من السؤالِ إشتياقٌ، وكثيرٌ من ردِّه، تعليلُ
في حديثي مع عبدالغني في تلك الليلة كنت أشرق وأغرب، خوف أن يصبح عليَّ الصباح فنفترق قبل أن أكون قد قضيت وطري، وأشبعت فضولي، وأطفأت أوار شوقي، تخبرا عن أحوال المدينة التي أحببت، والتي ربما لم تعد هناك. فقد أحسست من مجرى الحديث أن الفنان الراقد في السرير المقابل لسريري، يعرف تلك المدينة، معرفة الخبير. ومعرفة المدن على ما هي عليه، إشْتُهِرَ بها الفنانون والكتاب دون سائر خلق الله. فأوصاف جيمس جويس التفصيلية لمدينة دبلن تعدت الأدب، لتصبح رسما تشريحيا للمدينة، أصبح يعتمده الدارسون للمدينة، في مجالات أخرى غير مجالات الأدب. فالفنانون هم خير من يعرف المدن، وخير من يصفها، وينبي عن أحوالها، المصرح به منها، والمسكوت عنه، أيضا.
أيضا، لمست من حديثي مع عبدالغني طرفا من حال جيل الكتابة الجديد في السودان. وعرفت أن صبحا أدبيا جديدا قد أخذت تباليج فجره الأولى تتبدى. وتأكد لي ذلك أكثر، حين قرأت محسن خالد لاحقا، في هذا البورد. في تلك اليلة المباركة، أقرأني عبد الغني بعضا من قصصه، من كراسة كان يحملها، وأراني بعضا من رسوماته. وعرفت أنني إزاء شخص معطون في بحر الفن وبحر الكتابة. شخص يأكل الكتابة، ويشرب الكتابة، ويتنفس الكتابة. وعرفت أيضا، أنه شخص يأخذ صنعته في فن الكتابة، بكل الجد الممكن، وهو في عموم حاله إنما يعيش للكتابة.
شكرا لك أخي محمد عبدالجليل على رفع إسم عبدالغني كرم الله في العالمين. ولي عودة إليكم أيها الأحباء.
هذا كذلك درجه عاليه من درجات الحكى...مسبوكه بقدحه فكريه...ومبهوره بمقاطع من الأدب الرصين...فلدكتور النور ملكة الرواة...ولما لا...وهو يقف على أسمى منارات الإبداع التعبيرى (الفن) فعمق الصوفيه وإزميل الفنان وشفافيته والوقوف على الأدب بطريقته التى أخرج بها تلك المقامة جميعها تجعله مشروع راوى وقاص بمقياس عال.....................................
فيا محمد نجحت فى أن تأتى بدواء القيلولة فى هذا المنبر
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: munswor almophtah)
|
عزيزي وأخي محمد ومنصور الجميل....
هذه بعض القصاصات القديمة، (من إحدى الكراسات)، وهي أقرب للتسائلات، وليدة حيرة وارتباك....
Quote: نيوتن والتفاحة!!
في الحديقة العامة، وتحت إحدى الشجرات، كان اسحق نيوتن يراقب التفاحة، وآخرين يسترقون النظر للفتيات، وللسماء، وللتفاح أيضا!! ولكن كل تفاح الارض، لم يجد عين بشرية تراقبه بهذه الجمعية، والتأمل والاستغراب، كانت كعادتها معلقة على غصن الشجرة، مثل كل تفاح الارض، طفل يرضع من ثدي امه، ظل يراقبها منذ ان كانت وردة، فتبرعتم، لم يغادر الشجرة، كأن مأخوذا بتكورها، وتماسكها، وكان يعيش على قوت التأمل، يذهب الناس كعادتهم للبيوت ثم العمل، ثم يأتوا العصرية للحدائق، ولكنه لم يغادر الحديقة طرفة عين، (كان لسقراط نفس هذه العادة)، ويقال بإن ادريس جماع اصابه مس منها في أخريات حياته الخصبة، فالجسم حين يتركز ويتكثف في حمى التأمل، يكتفي ذاتيا، كأهل القبور، مكتفيا بنفسه، عن سواه...
احمرت الثمرة، وتكورت، كان يراقب النسق الطالع والنازل، كان يسمع القوت وهو يجري من ظلمة الجذور إلى سماء الفروع والغصون، ثم الثمرة، وكانت خشخشة التمثيل الضوء تملأ طبلة اذنه، كطفل يقرمش خبز جاف، وفجاة هوت الثمرة للأرض، وبشكل رأسي متقن، وبسرعة متزايدة، فكتب نيوتن نظريته الرائعة، عن الجاذبية الفكرية: (سقط التقليد، والإتكال واستقلت الثمرة عن الشجرة والجذور والاوراق، وحققت أصالتها وتفردها)... وأكتفت بذاتها، عن سواءها..
مضى سعيدا، غزال خرج من حظيرته، وأدار ظهره للقطيع..تدحرج عقله كثمرة التفاح على الارض، بلا غصن يشدها كالوتد، إلى حظيرة الشجرة، وهو هو يردد (لم تقوم الطفولة على الإتكال والتقليد)، وياترى آدم الأول (ماذا قلد؟؟؟؟؟؟؟)!!!.
|
وللحق ماذا قلد آدم أول، سواء على المستوى الجيني، أو الروحي، سوى الإطلاق المحيط به، بل ظل يقلد الإطلاق بداخله، منذ البدء، وحتى الأن، يحاول تقليد الإطلاق، المخبأ بداخله، بل خلق الزمان والمكان، كي يتقن التقليد (إن الله خلق آدم على صورته)...
وبعد حين... سوف تسقط ثمرة التفاح، وقد تكورت، ونضجت، وتحلت بالأسماء الحسنى، كلها!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: munswor almophtah)
|
الأخ مأمون (أبوالطيب) تحياتي .. شكرا على المرور ومعك نحي المقدم الميمون للدكتور النور
Quote: هذا كذلك درجه عاليه من درجات الحكى...مسبوكه بقدحه فكريه...ومبهوره بمقاطع من الأدب الرصين...فلدكتور النور ملكة الرواة...ولما لا...وهو يقف على أسمى منارات الإبداع التعبيرى (الفن) فعمق الصوفيه وإزميل الفنان وشفافيته والوقوف على الأدب بطريقته التى أخرج بها تلك المقامة جميعها تجعله مشروع راوى وقاص بمقياس عال.....................................
فيا محمد نجحت فى أن تأتى بدواء القيلولة فى هذا المنبر
منصور |
إبن عمي .. المنصور .. لك التحايا بعضها فوق بعض .. سجلناك معنا عضواً عاملا بهذا البوست لتساهم مع الرائعين النور وعبدالعبدالغني وزمرة الكاتبين.. ولن نقبل منك مجرد إتكاءة قيلولة .. لا بد من ثمار منصور وإن طال هز الجزع رنواً لثمار في أعلى الشجر .. والنهر لا يزدان إلا بكثرة الأودية .. تذرف فيه ماء جديد وطمي جديد وحُب .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
Quote: نيوتن والتفاحة!!
في الحديقة العامة، وتحت إحدى الشجرات، كان اسحق نيوتن يراقب التفاحة، وآخرين يسترقون النظر للفتيات، وللسماء، وللتفاح أيضا!! ولكن كل تفاح الارض، لم يجد عين بشرية تراقبه بهذه الجمعية، والتأمل والاستغراب، كانت كعادتها معلقة على غصن الشجرة، مثل كل تفاح الارض، طفل يرضع من ثدي امه، ظل يراقبها منذ ان كانت وردة، فتبرعتم، لم يغادر الشجرة، كأن مأخوذا بتكورها، وتماسكها، وكان يعيش على قوت التأمل، يذهب الناس كعادتهم للبيوت ثم العمل، ثم يأتوا العصرية للحدائق، ولكنه لم يغادر الحديقة طرفة عين، (كان لسقراط نفس هذه العادة)، ويقال بإن ادريس جماع اصابه مس منها في أخريات حياته الخصبة، فالجسم حين يتركز ويتكثف في حمى التأمل، يكتفي ذاتيا، كأهل القبور، مكتفيا بنفسه، عن سواه...
احمرت الثمرة، وتكورت، كان يراقب النسق الطالع والنازل، كان يسمع القوت وهو يجري من ظلمة الجذور إلى سماء الفروع والغصون، ثم الثمرة، وكانت خشخشة التمثيل الضوء تملأ طبلة اذنه، كطفل يقرمش خبز جاف، وفجاة هوت الثمرة للأرض، وبشكل رأسي متقن، وبسرعة متزايدة، فكتب نيوتن نظريته الرائعة، عن الجاذبية الفكرية: (سقط التقليد، والإتكال واستقلت الثمرة عن الشجرة والجذور والاوراق، وحققت أصالتها وتفردها)... وأكتفت بذاتها، عن سواءها..
مضى سعيدا، غزال خرج من حظيرته، وأدار ظهره للقطيع..تدحرج عقله كثمرة التفاح على الارض، بلا غصن يشدها كالوتد، إلى حظيرة الشجرة، وهو هو يردد (لم تقوم الطفولة على الإتكال والتقليد)، وياترى آدم الأول (ماذا قلد؟؟؟؟؟؟؟)!!!. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي محمد صباح حنون، ونقي وباسم
ولكل السرب، الجميل، المحلق دوما...
الجزء الثاني من نيوتن وتفاحته:
Quote: نيوتن والتفاحة (2)
أخذ نيوتن التفاحة المتدحرجة، أسعد تفاحة، لن تتشظى بفعل الأسنان، في فرن الفم، وفي طريقه للبيت لم ينظر لشئ سوى تكورها، وإمتلاءها، وعقله الباطن هداه للمنزل بأتقان تام، فلم يصطدم بالرصيف، ولا الجداول، كان كالروائح، تعرف طريقها للأنوف في الظلمة والنور، (وللحق، فإنه يترك كثير من الاهتمامات العادية لعقله الباطن، كي يتفرغ لمآرب العقل الحادث)، وفي البيت تعجب من تكورها، ومن أمتلاءها (باللون، وبالمادة وبالسكر، معا)، لايوجد حيز فيها، لا يوجد فيه هذا الثالوث (المادة، واللون والطعم)، تعجب من المساكنة الغريبة، نحو روحان حللنا بدنا، حتى أنت أيها التفاح. دخل غرفته، متعجبا كعادته، من كل شئ تقع عليه عيناه، أو يمر بخاطره، فأشعل المصباح، فوجد غرفته قد أمتلأت(بالنور والنسيم والبخور والموسيقى الهادئة والإلفة، معا)... فأستكان برفق، ورضى... وحين وضع رأسه على المخدة، أحس برضى، كمن ينجز شئ عزيز، وسمع ضربات قلبه هادئة متزنة، قلب ملئ ب(الحب، والغبطة، والفرح، والحنان، واليقين، والحسرة، والشك و..، و وأنفعالات حسنى، لا تحصى ، معا)...
|
ثلاث اجزاء، تفاحة نيوتن!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
أخي محمد
صباح باسم
طبعا اخوك، كثير التغيير، فإليك، (كيف أدخل اللوحة)، بصورة أخرى، وقد تاتي بصورة (ثالثة)...
Quote: كيف أدخل اللوحة!!؟
كان أخي الكبير (عبد العزيز)، يرسم في لوحة وهو جالس تحت ظل الدار، كانت اللوحة جميلة، مثل كل الأشياء التي تحيط بي، والتي لاتحيط بي، وهي عبارة عن قلعة على قمة جبل، ويتدفق من عل نهر جميل، واشجار جميلة على الشاطئ (كنت اسمع زقزقة العصافير، مجرد أن تودع ريشة أخي اللوحة).... داير ادخل اللوحة؟!!
نظر لي أخي بتمعن، وكأنه يراني لأول مرة، ثم واصل الرسم، (يارب يوقف اسئلته)، ثم رش لون برتقالي، وبكل بساطة، فبدت الشجرة تحمل ثمار برتقال جميل، أهكدا يخلق البرتقال (حتى في السماء!!!!)، ريشة اخي ترسم طعم البرتقال، بل حتى ومض الشعور، الذي يقشعر له القلب من رؤية قشر البرتقال، ترسمه ريشته كما لو انه جزء من اللوحة..
أشرت إلي شجرة بعيدة، في اللوحة، تحتاج لعجلة للوصول إليها، ولكني سأركض، كانت الشجرة بعيدة، بالقرب من القلعة، بعد النهر مباشرة، بل على الشاطئ المقابل،)كيف اقطع النهر، وأنا لا أجيد السباحة)، وللحق لم أفكر في عبور النهر، كانت الشجرة تشغلني، فلم أفكر في الوسائل (وللحق لاشي، على الإطلاق، يمنعني عن رغبتي، حتى الاستحالة، لا تمنعني)... كان ظل الشجرة ساحرا، وهناك بقايا برتقال.. وأخاف ان يصابه العطن، قبل أن تلتهمه شفتاي!!
يا دثوري، دي لوحة، يعني بعدين، طول وعرض بس، والبعد الثالث خيال، وهو الأهم مجرد خيال، البعد الثالث ما موجود، كماء السراب.) رد اخي علي، وهو يخاطبني ب (دثوري)، دائما، (حتى في قمة غضبة مني)، يظل يدلعني (كان البكر، وكنت الصغير)..
أصريت على دخول اللوحة، والجلوس في الشجرة، (طبعا بكيت داير عجلة عشان الشجرة بعيدة في اللوحة)....
وللحق اخي لا يزجرني من الاسئلة، ولكنه يمضي في سبيله، وكأن الأسئلة لم تكن....
ظللت احدق في اللوحة، متعجبا من وقوف الشمس في كبد السماء طوال النهار، والمركب لم تقطع النهر لأسبوع كامل، وهناك معزة لم ترفع رأسها من السعدة، (وللحق أنا اعرف الاغنام)، أنها من اكثر الحيوانات مللا، وترفع رأسها كي تمضغ، وكي تشكر الراعي بنظر قله نظيرها، سوى بين الام والابن.....
والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى)..
(أغمض عينك، فاجمل لوحة رسمها الله في داخلك، فالخيال، واقع، يعاش، ويحس في الدواخل، بمقدور خيالك، أن يمطر في الشتاء، ويشعل النار في الماء، ويحيل الحجارة إلى خبز دافئ)، رد اخي علي، كي يعزيني في فشلي في الدخول إلى اللوحة....
كل ردود أخي، لم تعجبني، أود الدخول في اللوحة، كما يدخل الضوء من خلال الزجاج، وكما تتدخل الأغنية إلى القلب!! لن أفسد عليك لوحتك، هل يكسر الضوء الزجاج؟!!....
صرخ أخي، مذهول، لأخواتي، وأمي، وهو يراني داخل اللوحة، ألعب مع الفراشات، وأجري هناك وهناك...
|
وللحق، فكرة أقصوصة (آلام ظهر حادة بدأت كحوار قصير، بين حذاء ورجل (قدم).. ثم جرى القلم بما جرى، وكانت كالأتي:
[QUOTE]مسرحية صغيرة جدا
حذا: أتذكرين حي الأزهري الرجل: لا أذكره الحذاء: يالك من كائن محدود، لقد قتلتي عشرات الصراصير، ومئات من النمل. الرجل: أللهم ارحهم جميعاً. الحذاء: عزاء كاذب، فقد كنت حينها تغني (زاد القلوب المرهفة).. الرجل: لا علم لرأسي بما يجري تحته. الحذاء: يالكم من جذر معزولة، لقد قتلتي 45000 كائن حي، حرب عالمية ثالثة، خاضتها قدمك الفاشية، ضد هذه الكائنات الرخوة
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: طلال عفيفي)
|
Quote: والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى)..
(أغمض عينك، فاجمل لوحة رسمها الله في داخلك، فالخيال، واقع، يعاش، ويحس في الدواخل، بمقدور خيالك، أن يمطر في الشتاء، ويشعل النار في الماء، ويحيل الحجارة إلى خبز دافئ)، رد اخي علي، كي يعزيني في فشلي في الدخول إلى اللوحة....
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: طلال عفيفي)
|
Quote: والله عبد الغني ده عندو لغة طيبه وزي اللبن الحليب . انا بادي أستكشف المنطقه البيتحرك فيها : عالم جواني مليان بالإشارات والغوايات الساحرة .
عوالم الشرق والباطن واللغة صاحبة الدلال العالي ..
أحلى التحايا يا أصدقاء .
... طلال
|
الاخ طلال .. تحياتي ..
لغة تفتح الطريق نحو الشمس .. وتخرجك من عالم الكآبة وضيق الأفق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
Quote: ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة... |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: ابوبكر الامين يوسف)
|
Quote: لك التحية وانت تطرق ابواب الجميل عبدالغنى
عرفته مشبعا بكل احساس جميل
جلسنا وتحدث حديث العارفين
كل كلمة تدخل الى القلب دون اذن وتحسها مشبعة نقاء وطهرا
|
الأخ أبوبكر - تحياتي لك ..
الإسترخاء والتأمل العميق .. هذه الحالة التي لا تتأتى إلا للشعرء والأطفال والمتصوفة والمتسقين داخلياً أولئك الذين تحللوا من ثياب الزيف وصوبوا نحو الفرح .. فاستنفرت حواسهم ولازمتهم الدهشة .. وظهرت لهم الحبيبة التي يرونها ولا ينالونها ويظل اللهاث إلى ما شاء الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Nana)
|
Quote: اديبنا الذي استنطق كل صامت ،، لك التحية والاعزاز
لكم انحناءة احترام وتقدير |
الاخت - نانا- تحياتي لك .. لقد أوغل عبدالغني لعوالم قل إمتداد أيدي ألكتاب إليها .. وحدثنا بما غفلنا عنه من عوالم لا تتحقق المعرفة إلا بها .. فأنتزع الدهشة وهو يحدثنا عن أن كل الأطفال يتكلمون في المهد .. حتى ما نطلق عليها جمادات أنطقها عبدالغني وإليك بحكوة الحذاء ومقتل 45000 كائن حي بقدم.
Quote: حذاء: أتذكرين حي الأزهري الرجل: لا أذكره الحذاء: يالك من كائن محدود، لقد قتلتي عشرات الصراصير، ومئات من النمل. الرجل: أللهم ارحهم جميعاً. الحذاء: عزاء كاذب، فقد كنت حينها تغني (زاد القلوب المرهفة).. الرجل: لا علم لرأسي بما يجري تحته. الحذاء: يالكم من جذر معزولة، لقد قتلتي 45000 كائن حي، حرب عالمية ثالثة، خاضتها قدمك الفاشية، ضد هذه الكائنات الرخوة
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Nana)
|
الأخت - نانا - تحياتي
شوفي بالله كلام عبدالغني كتب أيه:
Quote: حاليا، بكتب في نص عن (أمرأة أفريقية، تحمل طفل سعيد على ظهرها)، سندباد، يتجول بين الاحياء والبيوت، كل يوم حياة جديدة، وأفق مفتوح، ملك خلف امه المناضلة الحقيقية، يلعب بفقرات ظهر امه كبيانو، امه تضحك من الدغدغة، وهو من العزف على بيانو رأسي، من نتواءت جلد نحيف، فقرات عمودها الظهري، اصابع بيانو حي، ومجيد، عمود فقري يحمل قلب محزون وعقل منهك بعذابات بالتدبير.. وخلفها سندباد صغير، ملفوف بملاءة دمور، صارخة الألوان، كقوس قزح، طفل شقي، على وجهه الصغير، عيون بيكاسو وقلب طاغور وعقل ابن بطوطه وسقراط، يصور الاشياء كطفل، كملك، كشاعر حقيقي...
ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة...
|
هذا النوع من الحكي والخيال لا يتأتى بأدوات الكتابة فقط .. يحتاج وجدانا يتفاعل مع تفاصيل حياة الفقراء والناس العاديين والأطفال .. ينحنى ليتأمل حالة الطفل المربوط على ظهر أمه فيكتشف أنه سعيد .. ويخطو بخياله ليراه عازف موسيقى وسلسلة ظهر أمه النحيله هي بيانوه .. وهو يعزف ليطرب العازف والمعزوف على ظهره .. هذه صورة تحمل ما يفوق التعبير اللفظي .. إنه رسم حي نابض .. شكراً .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي محمد
صباح حنون وخلاق
الايام دي زحمة عمل (مبالغ فيها)، تحس بأنك مخلوق للعمل،وليس العمل مخلوق من أجلك، ورحم الله محجوب شريف (سيد نفسك من اسيادك)، وحتى نخطو نحو مقام (لا يشغله شأن عن شأن)، كما كان يعمل ويجسد الولي السوداني الكبير، الشيخ الطيب السماني، حيث كان يعفل أكثر من عمل، وفي آن واحد، مجسدا، وفي أرض لواقع، ثراء الإنسان، ومآلة، (كم تشدني الشخوص الثرية في طبقات ود ضيف، فالمنجز السوداني، على مستوى تحقيق الكمالات المدخرة للإنسان السوداني، بل العالمي، تجد حياتها وتجليها أجمل ما يكون في تلكم الشخوص)ولا شك الغد أحلى، وأبهى... والمطلوب لا يدرك، (حيث المنتهى، شد الرحال)...
سأتعبكم، بقصاصات من كراسات قديمة، لم اتوقع أن يقرأها أحد معي، (ما أغرب الغيب والغد)..
Quote: كيف أنتهى مصير الموزة!!!
من يتصور أن موزة من الصومال تستحيل إلى شعور صافي في قلب مريم، كانت الموزة مزروعة في حقل صغير، وكانت مريم جالسة تقرأ في قصيدة لايلياء أبو ماضي حين تم زرع الموزة، أعظم عراف ليس بمقدوره أن يؤكد بأن مصير تلك الموزة جوف مريم، تلاعبت النسيم بالموزة وشعر مريم في ذات الوقت، إنها جزء منها، جزء غائب يحن لأصله، ستتكور الموزة في جوف مريم كشعور نبيل، أبدلها الجسد الإنساني إلى روح شفيف، سم الخياط، تسعى الأشياء للإنسان، عبر غريزة الجوع حتى تنتمي له، انتم الفقراء للإنسان، اكتحلت الموزة بلون بهي، ومذاق رائع، انتمت لجسد مريم، جزء لا يتجز من سفمونية روح جميل، يأوى في محراب جسدها،، كانت الموزة بيضاء كقلب مريم، لقد سلمت الموزة من عشرات من المحاولات لصرفها عن فم مريم، كانت في رعاية دقيقة لطيفة، لا ترى بأمهر ميكروسكوب، عناية فريدة، توصل الحقوق لأهلها بلطف أشبه بالإعجاز، ألطف من دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، إرادة لطيفة تسيير بخفاء حكيم وغامض، كل الأشياء لغاياتها النضرة...
فتاة صغيرة، في حديقة تلتهم موزة، وحين قالت لها امها (يامريم تعالي)، حذفت كلمة فتاة صغيرة، ودخلت اسم مريم (العظيم)،...
|
رسالة لصديقي حامد
Quote: العزيز حامد،،
أحاول كتابة رواية اقرب للواقع، عن ما يحدث في الوطن، فنحن ضحايا وطن لم يقدم لمواطنيه الخبز والحرية، فهاجر الجميع، داخل حمى الوطن وخارجة، ابتعدنا عن السرير وعن حوشنا، وعن دكان ود السالم، وعن الحفير وعن زرقة السماء في العسيلات، وعن الكنار والترع في المشروع، وعن جزيرة "قنتو" وهي جزيرة رملية صغيرة كنا نعلب فيها الكورة، وكانت حدود الميدان هي مياه النهر العذبة، وطن صيغ من هم وغم، من تداعيات، وكفر، من جنون وانحراف، من هوس وتطرف ولحى، من سوريالية، من خربشة للحياة، أناس تركوا ريفهم وكرامتهم وعاداتهم وقعداتهم ونجومهم وليلهم وحكاياتهم وأغانيهم، ليسرقوا في الخرطوم ويشحدوا ويجنوا، ويسكنوا الخيم واطراف منسية، حتى البيوت ذوات 200 متر مربع صارت تأوي العائلة الاصلية وعائلتين مؤجرتين، اكتظاظ، زحمة، ضجيج، حتى البيوت الهادئة، صارت تحاكي الرقشة، صخبا وتلوثا، ونعيقاً، إنها درجة الانصهار، حتى الحديد يفقد فيها هويته الصلبة ويستحيل إلى سائل، سائل ينزلق كالخمر، ويغوص فيه أي حصى حقير، وتتلاعب الأقدار بالنفوس الطيبة، (بالحديد) تخرج منهم مجانين ومنحرفين، لقد جنت عليهم السياسة والتجار، حتى المناخ أما أن يمطر فيغرق وأما أن يكف سنوات فيجف الضرع والزرع، والنيل هذا الإله الأفعى، أما أن يفيض فيغرق أو ينحسر فيهلك، كل العوامل تضافرت، على تشويه نفس المواطن السوداني، فصار مريضا نفسياً، مكتئباً أو مهوساً، أو منحرفاً، (أين الوطن ... ) ورثنا منه جبال من المشاكل والديون والالتزامات، لم نعيش طفولتنا كما ينبغي، ولا المراهقة، ولا الشباب ولا الكهولة ولا حتى الموت، عندي أصدقاء، قرأنا معا الابتدائي، منهم (أحمد الصج) يحب ناس العسيلات الألقاب، وهو الآن في القبر، ولكن قبل أن يرحل، مسه جنون، أما عبد الواحد فقد اختفى في أدغال الجنوب، ساقته الدولة كي يدافع عن جهلها ورعوناتها، وماجد العطا ذهب لبولندا، أو هولندا، أما (.....) فقد انتهى بها المطاف بائعة للهوى بأم ضوبان، وود فضلى المولى صار مجرما محترفاً، كل هؤلاء كانس أسوياء، مثل خلق الله، ولكن بعبع السنوات العجفاف لوث نفوسهم، ولا منقذ أو نصير، والاحزاب فشلت، شعارات ... شعارات.. بل كانت عالة عليه، أحزاب لا منهاج أو أيدلوجيات لها، سوى فهم ساذج للدين أو للعلم، جف الحلق، وجفت الحنجرة، فلا كاشف جديد أو سرور، ولا وطن، افرنقع الوطن في أرجاء العالم، والجنوب مجهول تماما لنا، لم نزر الجنوب من قبل ولا نعرف عنه سواء ما تنعق به أبواق لنظام جاهل قاسي كاذب مهوس، (كتب فرانسيس دينق وبعض مثقفي الجنوب لا تعطي صورة كافية) وكذا الغرب والشرق والوسط، وطن سراب، مسكون بالصراع القبلي والديني والاثني واللوني والطبقي، وطن مجنون.. ورغم ذلك، نحبه، نحبه نحبه، كثيرا ما أشكر ربي لأنني "سوداني" بس، فأرجو مدي بملاحظاتكم، ورائك، والقصة عندها محورين الأول
حج اسرة من الشرق للخرطوم والثانية اسرة من الغرب للخرطوم
وما تلاقيه هاتان الاسرتان من مصاعب حتى يصلوا للخرطوم، للسراب، وقد حسبوه ماء...كانت دليلهم للرحلة هي الاغنام والابقار والجمال التي هلكت من أسر هاجرت قبلهم، حتى المناخ والرياح والحرارة لم تكن معهم، بل تآمر الجميع، كانوا يشعرون بأنهم في الطريق الصحيح للخرطوم حين يجدون بقرة هالكة "دي بقرة ناس سعد) أو حلة طبيخ ناءت قواهم عن حملها "دي حلة ناس فاطمة" والحلة خاوية على عروشها، ومغروسة في الرمل، وبطنها خاو من ملاح أو وكية أو عصيدة، ومع ذلك وصلوا للسراب للخرطوم، وهنا كانت المأساة.. (جات تكحله .. عمته)....
وفي الخرطوم جاء الطوفان، طوفان من القهر والمرض، طوفان أغرق الفرح والأغاني والعادات والحكاوي والسحنات القديمة، طوفان قضى على نفوس فطرية، فلم يعودوا هم، طمست الملامح، فلم يتعرفوا على أنفسهم، أنكرتهم نفوسهم، فوجئوا في المرآة بوجه غريب، وجه حياة قاسية، مؤذية، وهكذا.. تمضي الأقصوصة الواقعية، الحزينة، أنها مثل قصة كهل عجوز، ظل طوال حياته يدفع دين لأبيه السكير المجنون، ولم يسدد الدين حتى موته، فأورث أبنه تسديد دين جده.. وهكذا دواليك......فشل أجدادنا.. وفشلنا... فلنبكي من أجل النفوس الميتة، وهي حية..
|
هدف رائع سجلة رونالدينو:
Quote: كرة قدم
هدف جميل، خدعت الكرة الجلدية سبعة لاعبين، وكأنها صقر حقيقي، ذكي وماكر، يفلت من الصيد بذكائه الفطري، الكامن فيه، سارت الكرة بشكل مقوس، لأن القدم التي ركلتها قد قمزتها من طرف معلوم، ركلة تتوحد فيها، بل كامنة فيها قواعد الفيزياء والضغط والميكانيكا والأبعاد، كي تدور الكرة حول نفسها، وحول رؤوس المدافعين، وتسير بخطى معلومة نحو الشباك، أبعاد ودوران ومسافات، رسمت لها القدم هذا المصير المخادع، كي تحج باتقان تام، ومكر أتم نحو شباك محروسة بحارس ومدافعين أقوياء، إنه صراع عقول، وقد انحدر نحو الأقدام، (نظرات رونالدينو نحو الكرة، ونحو القائم والحارس والمدافعين، ثم نظرة داخلية، نحو مكر داخلي، سحر الخيال، إنه يكيد كيداً) ألتمعت عيناه بذكاء طفولي، وكأنه يحشد ذكائه وقدرته وخياله في رجله اليمنى، ثم تقهقر نحو الخلف، مثيرا لدى المدافعين، بل الجمهور، كل الاحتمالات، الممكنة، وغير الممكنة، ثم ركض نحو الكرة فاتحاً كل الاحتمالات، من الخوف والرهبة والرغبة، إن تسجيل هدف عمل ذهني، يعني إلمام ذكي بأحداثيات المحيط، وتفسيره وتوظيفه، ركل الكرة بزاوية معينة، خداع الخصم، ضربها بقوة معينة، فالزيادة كالنقصان، إي أن تتخيل في وقت أقصر من البرق، كالعدم، ثم تنفذ الخيال كما هو، بإتقان، موحداً كالبرق بين الفكر والفعل، وإلا انتزع منك المدافع الكرة كالبرق، إنها مخيلة وذكاء واتقان، في لحظة خارج الزمان، لكي تتهادى الكرة في المرمى في زاويته البعيدة، وقد أرتمى الحارس في الاتجاه المعاكس، وقد دارت الكرة من وراء المدافع، وقد سمعت كلام خيال اللاعب كما هو، صورة طبق الأصل، لأنه رسم لها الطريق بقمزة محسوبة من رجله بكل دقة وإتقان، فالتمارين ليست سوى أن يطيع الجسد أوامر الخيال كما هي، بلا زيادة أو نقصان، ولأن القدم لا تتحرك من جراء نفسها، فقد ركلها ذهن اللاعب، وذهن اللاعب مبني على ثقافته وصفاءه وخياله، وطموحه وعزيمته، ولكن هل كل العقول الذكية قادرة على اللعب، هنا يجي دور الجسد، الجسد المطواع لتنفيذ الأفكار والخيال الكروي، أمثولة للرقص على الميدان، (عرق التدريب يقلل دماء المعركة) كرة ملح الوجود، رياضة شعبية، تدفع الشعوب الفقيرة من قوتها وكفافها، لترقص وتطرب في الملعب، وجوه المشجعين ملأء بالخوف والتوتر والفخر والخيلاء والغرور الوطني والقبلي، عصبية كروية، وبعد الهدف الجميل، تعتري الجمهور فرح طاغ، هستيريا، تظهر على الوجوه والايدي، عودة لبدء الحياة لطفولة قديمة، إنها كرة قدم، إنها مكر وكر وفر، إنها نضال من أجل إسعاد الشعب، ترقص للنصر المدن والقرى والسجون والمستشفيات، يخرج الرئيس عن صمته، وتوزع البلديات الحلوى، ويختلط الحابل بالنابل، النساء بالرجال، عيد وطني، كبرياء وزهو، عودة للطفولة لكم واسع من الشعب، بل لكل الشعب، فرح غامر يعتري كل الشعب، لا امس من عمر الزمان ولا غد، حياة في اللحظة الحاضرة، لو استمرت المبارة للصبح، لماذا يسأل الإنسان عن الزمن هو يغرق متعته سيلانه الأغر، قرى نجيريا ترقص بالالمبياد، والكاميرون والمكسيك، تطفح المطاعم بالفرح، والبيوت ويرقص الاطفال، وتظهر النخوة، استقرت الكرة في الشباك، نظر الحارس بحسرة كبيرة، وكانه يراقب ركام مدينة، بل رماد وطنه الحنون، في حين استشرت في المدرجات الطرق القريبة من الملعب، الطرق البعيدة، رئيس الدولة، المرضى بمستيشفات المدن والقرى، المسافرين بالقطارات، الماهجرون في المنافي، المعتقلون السياسيون، الاطفال، استشرت حمى الفرح والصراخ، استغظت طفولته قديمة، توحد المشاعر بالمدينة، وكأنها جسد رجل واحد، غارق في نصر عسكري كبير، فرح لا تقوى عليه الاجسام، فترقص وتترنح وتنطط، وتقفز، وتقبل، فرح فوق طاقة الجسد، والقلب، |
عميق حبي وتقديري، وهيامي...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
أخ محمد عبد الجليل تشكر ثانيا وثالثا و... على هذا البوست المميز. فسر هذا القاص (الغني) محير والحيرة معرفة بل هي أسرار إلهية تلقاها من المعلم الكبير والتي تمثل قطرة من ذلك البحر الموار الذي وقف كثيرون بساحله. وهذه القطرة التي كنهر النيل يمكن أن نغرق فيها ويمكن كذلك أن نروى منها. فجودا علينا بقطرات من ذلك الفيض البهال لنصل سويا وهيهات... كذلك هزا جزع نخلة المعرفة لتساقط علينا رطبا جنيا ومعارف لدنية. فهذه منة الله وفضل الله (وكرم الله) (الغني) البديع الذي وهبنا عبد الغني كرم الله البديع وفعلا (كل إنسان له طرف من حقيقة اسمه) وعزيزنا هذا أخذ كل حقيقة اسمه , غني المواهب وكرم من الله للآخرين , نندهش , نحتار , نغرق , بل نغيب ....وأقول مع الإمام الحلاج: منيـة المتمني غيبتني بك عني أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني أخ محمد نعم الران قد سود القلوب , وهذا العمل يمكن أن يجلي عين البصيرة لنرى حقيقة الأشياء ولننفذ إلى اللب الذي أندثر –بعد أن تمسكنا بالقشور- لنعيش حياة كاملة تجد بردها وسلامها أرض النفوس لتنبت من كل زوج بهيج. فأرجو أن يواصل الأخ المبدع عبد الغني النابلسي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
الأخ عبدالغني .. تحياتي .. ونأمل إنزال المزيد من القصاصات .. فما أحوجنا أن ننظر أعمق لنرى من أين يأتي دفق الأمل في قلب أم ترقص فرحاً بإنتظار إبنها رغم أنه خائب رجاء .. هذه المعادلة العكسية التي نرى نماذجها في الواقع تترى .. أي نبع هذا الذي تستقي منه نظرة رضاء الأم ومعين أملها الذي لا ينضب..
مزيد من القصاصات بعد أن باعد الواقع بيننا وبين أن نكون قدر أماني محجوب شريف سادة لأنفسنا (سيد نفسك مين أسيادك) .. أما الشيخ الطيب ود البشير راجل أمرحي .. فذاك أمره عجب .. نشأ مشاشياً لروح السنة .. منصرفاً عن دنيا الناس زاهداً فيها حتى أتته تجرجر أذيالها .. كان غالب عمله كما يحكى إعمال الفكر والخيال وحسن الخلق والقول والفعل ..
مزيد من القصاصات .. لنرى العلاقة بين الموزة وشعر مريم واستجابتهما للنسيم ليصيرا أنضر .. لنطمئن بأن الغد أبهى .. نقذ السير بقناعة أن الفكرة الصالحة تبقى ..
مزيد من القصاصات .. تعزينا عن فاقد الحرية والخبز والسرير والحوش وتفاصيل الحياة التي نجد فيها أنفسنا وتحقق لنا الفرح .. وتخرجنا ولو لبعض حين من سقم اللحى والتجار والانحرافات .. وقد تلقيت رسالة بالهاتف قبل ساعة تقول أن المزارع في قريتنا قد غمرت تماماً بتضافر النيل الأفعى ومياه سيول أمطار أول أمس لمدة ساعتين ونصف .. وكأني بالمزارعين قد رجعوا لبيوتهم كل يحمل طوريه على كتفين يضمان قلباً واجفاً وفكاً مرتخ بشدهة ما ينتظره من مصروف العيال وحق العيادة لما يتوقع من ملاريات وتايفويد، ولؤم أصحاب الدكاكين بعد أن علموا بفشل الموسم الزراعي واستحالة أن يوافقوا على شيء بالدين حتى ولو كيلو دقيق استرالي لزوم تخفيف لسعة هواء الأمطار والسيول وغصة فشل الموسم الزراعي، وفي طريق فلول الهزيمة من المزارعين تدلف عيونهم يسار القرية حيث يقع البنك الزراعي الذي لا يرحم مستدين. إنهم بشر شديد القناعة بأن رزقهم في السماء وفي ضرعاتهم ويعرفون معرفة التجارب الطويلة أن العاصمة بأحزابها ومجتمعها المدني وحكوماتها لا تعني لهم إلا جباية الضرائب والقبانة والزكاة والتجنيد القسري .. حقاً انه وطن مجنون ولكننا نحبه كما ذكرت فمزيد من القصاصات وروائع الساحر رونالدينو .. وموه علينا بالرؤى إن الحقيقة تؤلم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
عزيزي محمد
صباح حنون
وحواس نقية، صافية، صبورة، تقطف زهر الماثل، وتغرق في كأس الحاضر، وتترنم بالنشيد القديم، وتتزخرف بغرائز ثمان، هبة تليدة، نبيذ اتخذ من القلب متكأ، وحلم ورؤية سكنت محراب الذهن، أهناك شئ غايب، كل الاشياء ماثلة، لا الغد ولا الأمس، قادرة على محمو المطلق، فلم (الأنتظار)..
اهديك، بعض من ذكريات، كتبت على عجل، عن مدينة بورسودان، ليست مدينتي، ولكن زائر ومأخوذ بها من الطفولة، كنت (الأصغر)، وأختي علوية الأكبر، ودائما ما اشد الرحال لها في (الإجازات)، منذ الابتدائي، فلتشكت في الوجدان شاعرية حلوة عن مدينة حلوة الطعم والموج والنساء... والتعدد، والمناخ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
*** (1) بورسودان من البحر، ام البحر منها!!!!)...
مدخل حتمي، كسطوة الثغر:
كالدجاجة الجميلة، لم تنشغل بلغز (الدجاجة من البيضة، أم البيضة من الدجاجة)، بالرغم من أنها صاحبة القضية، والحديث عن يدور أصلها، وفصلها، (كسقراط أيضا، لم يكن مشغولا بحبل المشنقة المتدلى لعنقه.. الشهيد، بل بالسحر المتدلى من السماء)، تركتها، لأهل اثينا، الغريبي الأطوار، بعقولهم الصافية، وأحفادهم من اصحاب العقول القلقة، ولكنها كانت مشغولة بالسواسيو، وبالعش، والقوت، وكأنها، تحس، بحدسها الفطري (بأن المعضلة لن تحل، كنهاية الأرقام، ما هو آخر رقم تنتهي عنده سلسلة الأرقام؟ ويرتاح العقل من تصور الإطلاق، شكرك لا فكاك منه؟)، لذا ظلت الدجاجة، تكاكي، وتفرد جناحها لأشعة الشمس، لترسم عليه وتنعكس منه لوحات فاتكة، وتحضتن تحته فراخها الزغب..
كذلك بورسودان (هل هي من البحر، أم البحر منها)، لم تشغل، كالدجاجة، سوى بناء قبة، من الروائح، والسحر، والثراء، عش ملون، لسواسيوها الزغب، (للحق بورسودان ترى ا لجميع الاطفال، من يسير على اربع، أو اثنين او ثلاث)، كلهم اطفال، تكسو وجوههم براءة الاطفال، وعنفوان الشباب وحنكة الشيوخ، تكاكي المدينة، وتخزن في الصومعة، قوت اطفالها، وتخزن في جبالها الغريبة، كجبال الالومب، أسطورة هذه المدينة، وحكاياتها، ومفاتنها، وشاعريتها، فقاعها، كجب يوسف، بهي، وأديمها، حقول القمح، وسمائها، مزخرفة بلهجات هدندوية وبني عامرية، وشايقية، و..و... وبحرها، ملئ بالسفن، والعشق، والاسماك.... والحكايات، لا تكف المدينة، كالامواج التي تلطم جنبها، عن الخلق، والغناء، والفتك، والولادة... كالبتول، تلد بلا اب أو حتى أم، أجمل الحكايات، والانفاس، يسكن جلدها، الموشوم بالكنائيس، والعمار الانجليزي والتركي، أهي جارية، أم محظية، أم زاهدة، (مربكة بما يكفي، لكي يحتار العقل، والقلب، معا)...
(************)
السوق، المكتبات، بصات هدل والثورة وسلبونا، وحافلات ترانسيت، باعة وعلى اكتافهم كراتين مليئة بالخلالات والمشابك وحلاوة حربة، أوجه جبلية ونيلية وصحراية، موسيقى ومسرح واقعي، والق يحس وعصي الوصف، كل هذا المشهد، يحيط بموقف مواصلات بورسودان، كسوار على معصم...
وفي قلب الموقف، يقف بص (الثورة)، بلونه الاخضر الغامق، (الراكب الاخير كان هدندوي)، ثم اغلق الباب (بورتسودان هي المدينة الوحيدة التي يغلق فيها الباب)، الكل جلوس، ولا أحد يقف على ر جليه... (أهي عادة يونانية، أم تركية، أم انجليزية، ام مصرية)، فملامح بورسودان فيها كل هذه الجنيات، وأكثر.. أم تخلو من الزحمة (أشك في ذلك).. اخرج مصر من هذه العادة....(فبصات مصر، كبصات الحاج يوسف، والجريف، الوقوف اكثر من الجلوس)...
إذن هي عادة لا ندري مرجعها...
مر البص، بنادي الخريجين وهو في طريقه للثورة، يخرج من الموقف، ثم يلف يمنيا، "شرقا"، يمر على السجن، وباعة، وبرندات بيع الجملة، حتى يصطدم بحديقة البلدية، ثم يتجه يسارا، (موسم الهجرة إلى الشمال)، وهو شارع ملئ باللكوندات، ومكاتب التخليص، لن تخطئ عينك، لمات الهندوندة عن المنعطفات، ويتسامى بخور القهوة، فرحا ونشوى، ثم ينزلق البص في الكبري، بعد أن مر (على هيئة الكهرباء، هيئة أهل الكهف)، فيجري البص في الكبري الشبه دائري، والمائل بشدة، تكاد ترى سطوح البصات الصدئة... على يمينك سفن غارقة في اللسان البحري، قديمة، استباحها الصدأ، وركابها (الأموات)، لا يعرفون أخلق إسماعيل الأزهري ام لا، ومن المحتمل ان تكون السفينة التي حج بها صالح، (جد الطيب صالح)، والذي لم يكن يعلم بأنه سينجب (الطيب)، ناهيك عن (موسم الهجرة ) والتي يعلم الله بها فقط، بما في ذلك المصير المأساوي لمصطفى سعيد، ألهذا اختفى مصطفى سعيد، لأن الله كان يريد ذلك، أم الطيب صالح (الله كان يعلم بها قبل ميلاد الطيب)، لا ادري، لست من المعتزلة، ولا سكان أثينا..
في الكبري المائل، مرجحانية فطرية، تستنشق هواء فيه مزيج غريب من رائحة البحر، والارض، والخصوصية...
ثم ينحرف شمالا، وهو يئن، فقد زاد بطنه، كحامل ب 7 أطفال و25 امرة و40 رجل، (هو بطن أنثى حامل، فالحبل السري يشد الجميع)، وهو خارج من الكبري، (فننتظر ثلث ساعة)، كي يمر القطار، والذي يتهادى من الميناء، في طريقه للمخازن، وهو محمل بالعربات والشوالات، وصريره، يخلق موسيقى (يعرفها كل من اكتوى بخمر الترحال، داخل القطار، أو على سطحه)، وتثير فيه ما تثير، من ذكريات ثمان....
هناك، أقصى اليسار، حي الخليج، مطل على اللسان البحري، يبدو كحلم، كسفنية طويلة من الاسمنت، ترسو، وللأبد، على طفاف الشاطئ، تلطم أمواج البحر عتبات البيوت.. (وللحق هذه المدينة مسافرة دوما، تحس بأن اهلها في رحلة، رحلة بحرية، فهي تحتفل دوما، ورأس السنة، يبز العيدين، كم غنية هذه المدينة، بخصوصيتها)...
يتوقف، امام مدرسة العشى الثانوية (ليته يتأخر، لأي سبب، هكذا يقول كل مراهق، أو غير مراهق)، لم ينزل احد، وركبت ثلاث فتيات، بلون لبني، واجساد، تستقل كل جارجة فيها عن الأخرى، فالرأس له سلطان، وكذا العنق، والخصر، ألخ..(حكم لا مركزي عادل)..
روائح البحر، المشبعة بالسحر، وبعشرات الاملاح والحيوات، تتدغدغ الانف برائحة غريبة، تدس الرائحة حبلها، في تلافيف القلب، (فتطفو الذكريات على حين غرة، فتحس بومض جميل، ويقشعر ا لجسم، لأحداث واحداث، جرت، وستجري في اديمها الرطب، الاملس)..
فتيات العشي الثانوية، اشجار تلبس البني، العيون بركة كبرى، تغرق بداخلها نوح وسيفنته، والاسنان بيضاء، تلمع الاشعة فيها كالبلور (والأغرب، أنهن لا يحسن بأنهم جميلات، يا لروعه القمر، حين يحمل بيده شنطة، وكتب، وعرق يعطر رقبته، ويترك الليل، ويعيش في النهار، كالشمس، بأن انضر، واحلى)..
يتزخرف البص، بأزياء وأزياء، أصوات وأصوات، روائح وروائح، (صورة نادرة، صديريات، وبناطلين، وشلوخ، وخلالات، وروائح "تشبه الثغر فقط")..
يتوقف، على يمنيك مخازن تفصل سلبونا عن ترب هدل، (دي هدل)، يسأل أحد الواقفين، وهو واضع يده المعروقة على (كلمة بص هدل، ذات الخط الطفولي)..
ايوه هدل، يركب، وتنزل أمراة شايقية، ومعها ابنها، وكيسها، وشلخوها، وصوتها (والذي ملأ المقعد امامي بكنهة محببة)...
هل تريد ان تتعلم الصبر؟ توقف البص فجأة، أبصر السائق امراتين خلف الشارع، مرت شاحنة، وأخرى، وبص وتاكسي ازرق، حتى عبرت المرأتين، وتقدمت الفتاة التي تجاوزها البص منذ قليل، كي تجلس بالقرب من فتى، استغل كل الحفر (وما أكثرها)، وما اروعها في الالتصاق بها (ألهذا خلق الله الحفر، البيضة من الدجاجة، ام الدجاجة من البيضة؟؟؟؟؟؟؟....
يمر البص، بسوق هدل، وبالنوادي، كراسي فوق الترابيز، وترابيز فوق بعضها، وفي المساء تتحول إلى مسرح للشطرنج، والكشتينة، وحولها روائح السمك، والفول، وعمك سعد.. وادروب..
محطة أخرى، نظرت للمضيفة (الصالون يفتح على الشارع)، فتاة منحنية تكنس، (لست قادر على وصفها، لكنها تركت جوى، بصدرها المهتز بموسيقى الكنس)، ينزل بني عامر، ويركب هندندوي وابنه....
يجلس الابن قربي، (كبرياء، وعزة تسكن هذا الجسد الصغير)، وكأنه يقول لي هذه مدينتا، ومن أنكر ذلك، (لك ولي)، فنحن روحان حللنا بدنا...
نشوف!!، اعطيته جريدة الامس (فالجرائد تتأخر يوم كامل)، فحين تقرأ مساء الامس، يعني أول امس... فالجرائد تأتي في البصات، وتتاخر في سوبا (أكثر من اللازم)، وفي مدني، وتتأخر اكثر في كسلا، ثم تتوقف في سنكات، وفي مدخل المدينة، وتحضر للمدينة متعبة، في نهاية المساء، كي تحج في الصبح للمكتبات...
نافذة البص، (بص الثورة)، أو بص هدل او ديم النور، أو سلبونا، أو سللاب، عبارة عن شاشة كبرى، سينما حية، (طفل حافي يجري بالكرة، في الفسحة الكبيرة جنوب المدرسة الصناعية الالمانية، يدخلها بين رجلين لاعب اخر، ثم يركض (مع اتجاه البص)، ..كشك صغير يحرمني من المشاهدة المجانية، يظهر الطفل مرة أخرى، وهو لا يزال ممسك بالكرة (استجاب لدعائي كالملائكة)، هل قلت بأنه غير ملاك!!! أو لمحت بغير ذلك؟ يسدد الكرة بكل قوة، ولأنها أكبر من رجله الصغيرة، تتهادى الكرة ببطء شديد، وهو يلعنها (اتحاد الكرة هو المقصر أيها الشقي الجميل)، ومن الخلف تظهر المخازن والجبال، وسحب داكنة، كثور كسول، (إي إطار من شحم ولحم، يحيط بلوحة هذه الحي الجميل)..
نساء خارجات لعيادة مريض، (عمود ملئ بمالذ وطاب)...
مركز شرطة الثورة، ثم محطة أخرى، وأخيرا نزلت (واصل البص رحلته، إثارته)، اتجهت لمحطة المواسير، ومن بعيد ظهر بيت أختي (حنون كوجه الأم)، محطة المواسير، ورأيت ابن اختي ابوذر يسجل هدفا في الفسحة امامهم، وحين رأني ركض مسرعا، كي يسلم على خاله، والحكم الطيب، لم يخرج له، ولو كرت اصفر)..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
** (2)
(بوتسودان من البحر ام البحر من بورتسودان)، معضلة لن تحل!!
كذلك مدينة بورتسودان، لم تنشغل بأصلها، هل هي من البحر، أم البحر، منها (وإن كنت اظن البحر منها) وقد استمد شكله، وموجه، وسحره، ففتيات بورسودان قادرات على إلهامه هذا الشكل الطري، السائل، فأي عين لفتاة من بني عامر، هي بركة، يصير معها البحر الاحمر، مجرد قطرة صغيرة، وعلى سطحة سفن بحجم صومعة الغلال، وللحق صدور الفتيات المليئة بالقمح الروحي، والحنان الجميل، ووخز النظرات القاتلة، هي الصومعة الحقيقية، منها نأكل قوت، لن تجوع بعده، ولو عشت عمر نوح...
وللحق، يظل البحر، يداعب رجليها، طوال الدهر، يحننها بسفن، وسحنات، وتجارة، وفنون، وغناوي، وخمر، يتكئ على أفقها، المحفوظ بالجبال، والرجال، الاغريق والاتراك والافرنج، والعرب، تزخرفت اراضيها بالحجاج والرحالة من ازهى واعتى وانضر واعمق الدهور، اشترى منها الجدود الملابس، والامشاط للحبوبات، (بورسودان ياجنة، وياقبلة وطنا)...
في ديم النور، دكان، له ثلاث عتبات، ثم ترى فاكهة الحقول المتنوعة،، تعمل به فتاة من البني عامر، أو الهدندوة، تشابه على السحر، وللحق، ونحن نذهب لشراء الحلاوة والطحنية، في طفولتنا، وللحق هي تعطينا هذه الاشياء باسعار مناسبة، ولكن تعطينا أغلى شي بالمجان، وهو وجهها، الملئ بكل شئ محير ولذيذ، وللحق الجمال مخيف (لا تقوى للنظر إلى وجهها اكثر من جزء من الثانية)، وإلا كان مصيرك مصير نسوة يوسف، ولكن ستقطع عنقك بمدية سحرها الفاتك.... هذا، ناهيك عن حركة الجسد، وكأن يسمع موسيقى بداخلها، فترقص، في مشيها، أما الصوت، فهو اكثر تأثيرا، من كل الاغاني التي غنيت والتي ستغنى، في ما تبقى من ايام هذا الوجود...
الاحتكاك القديم بالاغريق والاتراك و....و.... جعل للمرأة حضورا، في مهن مقصورة في الوسط على الرجال، والتداخل الجيني، صاغ انشودة حية تسمى، بورتسودان، حتى الطراز المعماري مميز، أشبه باستراحه قديمة، مدينة على سفر، على فرح، على طرب..على رحيل... لتخوم وسحر وغيرة جديدة...
من بعيد، وانت في عمق البحر، سواء البحر الحقيقي، أو بحر برك الفتيات، تبدو بورسودان كحلم، كي قصيدة، أقرب للمعاني من المباني، كأسرة من بيوت بيضاء، تتلاحم لوجبة صغيرة، لرحلة على شاطئ البحر..
في القلب ذكرى، للكيلو، للسان، للنادي العالمي، للكنايئس، والاناشيد الجميلة، للمريم البتول، ولنادي حي العرب، ونده الهلال، وهم جيران، الحيطة بالحيطة، كذا سوريالية بورسودان، غريبة، كقلبها، كسحرها...
غداً مسافر ( يعني بعد غدا، لأني اعشق بورتسودان).. وغدا، في بورتسودان، اليوم، لأنها دوما، تسكن المستقبل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
*** (3) رحلة إلى الكيلو (10)، إلى عنفوان الحياة الفطري
مدخل أولي:
حين تشد الرحال للكيلو، (وتضع الكدارة، والكورة والموز، والرغيف، والكاميرا) في ضهرية السيارة، فقد أحسنت الوضوء لصلاة خاصة، وشهية، وقبل ذلك (قلب قابل للمفاجأة والجوى، وتحمل فراق الجنان الموقتة) وسيكون إمامكم البحر، وحارسكم الجبل، ومؤذنكم الموج وسرب من الاطفال، وستصطف معكم في الصلاة، وفي صف واحد البنات والاطفال والكهول، لصلاة العشق، التي قال عنها الحلاج (ركعتان من العشق، لا يصح لهما الوضوء إلا بالدم)..أنت في حضرة، البحر، والرمال والسماء الصافية، والهدوء، وشئ أخر، أقرب للسر، وهو قداسة المشهد، والذي يخرج عن دنيا الوصف، والتصور، سوى جلال، كأنك في معبد مفتوح على الافق، ويلزم الخشوع والتأمل...
لا تنسى، أن تحمل معك (عينا طفل، وقلب عجوز، ومزاج شاب)... كي تقرأ كل الانفعالات، المرسومة على الوجوه والقلوب والخواطر..
فاتحة البدء:
تخرج السيارة من المدينة، جنوبا، في الجمعة وغيرها، ولكن للجمعة والخميس نكهة خاصة، بل تخرج السيارات والبصات، فهناك رحلة لمدرسة سلوبنا، وهناك حفل لشباب الاسكلة، وهنا عزومة، لعرس هندودي، وهناك حفل (لا سبب، سوى كرنفال الحياة)، للكثير من الاسر، والكثير من غير الاسر، أنها متعة الحياة.. وفي الكيلو، تتجمع هذه الافرح، في عرس كبير، الكل عريس، والكل عروس، في حضرة البحر والرمال والزرقة والجبال وموسيقى الامواج..
يبعد حوالي 10 كيلو جنوب بورسودان، مجموعة من البيوت الخشبية البسيطة، الجميلة، اتخذت من الشاطي عشا لها، تفتح جميعا عليه، وكأنه معلم كبير، سوف يلقنها الحياة، والتموج، والغرائز، والحركة، والكمون، والصدف، والسيولة، والميوعة، أليس البحر معلم كبير، قتل وأحيا الكثيرين، بيوت خلقت من أجل الفرح، فقط، تحس بأن المعاري الذي شيدها، هو إبراهيم اسحق.و جبران، وبيكاسو، والكاشف!! مدينة صغيرة من نغم، تغسل بالندى، صدأ العادة، وموات البيوت، وصخب المدن..
مدينة موقتة للفرح، للمفاجاة، ستعلب الكرة مع البنات، وتجري مع الكهول، وتدفن قديمك مع الاطفال، انها مساحة حرة (لإستعادة جنة الطفولة، وعنفوانها البهي)، أنت الآن في قلب النبض، وللحق حين رشق (ماهر الصغير)، "والجميع صغار هنا" اخته الكبرى (سلمى بماء البحر)، رسم ، وهو لا يدري اعظم (تمثال يوناني حي)، التصق الفستان بها، كضوء بمأذنة، فظهرت تفاصيل غريبة، كانت مكتومة، خلف قضبان الفستان القاسي، ألهذا المدى، وإلى هذه الموسيقى، تتداخل جوارح المرأة، القدم مع الركبة، مع الفخذ، مع الخصر، مع الصدر، مع العنق، تحس بدول مستقلة، بينها أعظم روابط شهدها خيالي، وواقعي، وانحاءات العنق، والكتف، والصدر، تنحني كحرف عربي، بيد فنان ماهر، يكتب آية، أو حكمة، أو قصيدة، أو اسم حبيبته، وقد ارتجفت الريشة، كي تدون شكل الحروف، وهي تنحني، وتلتوي، وتدور، حول خصرها، أه كما تلاعب الفنان بالحرف، كي يظهر قدرته على التعبير، على المرونة، وكأنه جسد من بخور، . كم غريب هذا الكائن، المسمى (ماء)، كنت احسبه يسقي النبات، ويروي الجسد فقط، فهاهو، يلتصق بالجسد الانوثي كضوء شمعة على تمثال فينوس...
لعبنا اجمل مبارة (وليس أعظم من مباراة)، كان فريقنا يتكون من (ثلاثة لا عبين)، حقا، (الزيادة كالنقصان)، سلمى وهدى وأنا، ضد (حسن ويوسف ونجود)، تجري نجود، والكرة امامها (بصورة عبيطة ومحببة)، كل شئ جميل في هذا الوجود (حتى هبل الاقدام)، ثم تقذف الكرة أكثر مما ينبغي فهي لا تدري أن (عرق التدريب يقلل دماء المعركة)...
أرسلت لي سلمى الكرة، كنت قريبا منها، ولكنها قذفتها بقوة، فهي حديثة عهد بالكرة، (ونحن ولدنا، وبأرجلنا من شراب)، استلمت الكرة، اقتربت مني نجود، كنت اقذف الكرة من رجلي الشمال ولليمين، وحين اقتربت مني، قذفت الكرة فوق رأسها، وسحبتها برجلي اليسرى، فتلفت هي يسارا ثم يمنا، بحثا عن الكرة، (للحق كانت ترقص وهي تبحث عن الكرة)، وكنت تبحث عن الكرة، في كل الاتجاهات، ما عدا قدمي (ممثل سوريالي، على مسرح من رمل)، اااااااااه، (لا تنظر خلفك بغضب)، فضحك الجميع منها، وحين رأتني (دفترني واخذت الكرة مني)، ولم أسمع صافرة، (أااااه، فانت الخصم والحكم)، وللحق لو اخذت روحي لما سمعنا صافرة، (وللحق فقد أخذتها حقا) كرة القدم تجري هنا، وهناك، كم سعيدة هي، ترتطم بصدر سلمى، ثم عجز منى، إنها ( الزين وقد تلبس في شكل كرة جلدية)، (عرس الزين، ككرة القدم)، أحسست بالسياب، كتجربة، وليس تذوق (يالتني كنت ديواني، لأفر من صدر إلى ثاني)، اكتسى شعر سلمى بحباب الرمل، والتصق الرمل ايضاء بعجز خالد، ونجود، تخلصنا من وهم الاختلاف، وهم المسافات، وهم الجذر المعزولة، صارت الحياة تعزف ايقاعها المعهود، تكسرت الحدود والفصول والارحام، وتسامت الحياة للإنسانية، الإنسان السعيد، يمارس سعادته، بعيدا بعيدا، عن سجون لا تحصى ولا تعد، خلقها الإنسان، وصار سجينا لها، حينا من الدهر...
ألتقى الجميع، في القاسم المشترك، دوما، الفرح، والطفولة، والعاطفة!!
مرة اخرى استلمت الكرة، تركض نجود نحوي (هل هل تغني أم تلعب)، أني لفي ضلال كبير، قذفت الكرة بقوة، (أصبت اصبع قدمي الكبير بفكك)، جرت سلمى نحوي (أعظم طبيب لم يقسم لأبوقراط)، أمسكت اصبع الشقي/السعيد، آلام حادة في قدمي، ولذة طاغية معاً، (أحسست بأي انثى حامل)، وهي معترك، ومفترق (آلام المخاض، وفرحة بكاء الجنين الأولى)، حقا... أني لفي ضلال كبير، بين الألم واللذة، أهما وجهان لعملة واحدة، ذات الاصبع يكبي ويفرح، ألهذا يبكي الإنسان في الفرح والحزن، الدموع قارب مشترك، (لا تججفوا دموع الفرح)، هكذا عزف بيتوفهن!!!
الكيلو، الكيلو، براح، وجمال، خمر، وخلود، تحرر من المسافات، والدور والبيوت والاسقف والضوضاء، والعادة، والمكاتب، والارشيف، والجرائد، حياة تتدفق كالنبع، كالشلال، بنفسها، بيدي لا بيد عمرو، توحدت النفوس، كما تتوحد دوما، في البسمة، والفرح، والموسيقى، وهذا هو الثالوث المقدس، يجمع الجميع في بوتقه....
الجميع منتصر، الخاسر والرابح، خرج المكبوت، والمدنس، في حمى الكيلو، اخرجت النفوس سحب من الهم، والغم، تلاشت للأبد، ابتعلها الفرح، كما يبتلع الضوء
للمفاجأة، والجمال، وعنفوان الحياة..
يتعمق الفرح في النفوس، يتقافز الكبار قبل الصغار، تعلب الحبوبة الكرة للفتاة الجميلة، وهذه تقذف الكرة، كي تتهادى أوت، وتغرق الكرة في الساحل الرملي، (أجمل أوت، والله أجمل من كل اهداف ماردونا، أليست الأمور نسبية)، وكأن البحر استحال إلى خمر، فشربه الناس بعيونهم، فعربد الجميع، لا فواصل، اخاء فطري، لوحة رسمها الافق المفتوح والسحب البعيدة والسفن، قرى في عرض البحر، ومن الخلف الجبال، ترتل صمتها الابدي، وكبريائها، وموقف الشحانات، المحملة بقوت الوطن، وسماده، وملابسه، وكراساته، ولعبه، ومصفى البترول، الاشياء بعيدة بعيدة، كحلم، يتداخل الواقع مع الخيال، مع الحلم، لا شئ طبيعي، يغرق الناس في ذواتهم، لا مكاتب او شوارع او مكيفات او سقوف، (ألهذه الدرجة تقتل المدن الحياة، وتشل حركتها العفوية)...
الزرقة، والاطفال والحسان..
سباق، تقع الحبوبة، فتظهر بطنها، ورجلها، وعنقها المعروق والمكرمش، لوحات عظيمة، كانت مخبأة، تعرض اليوم في متحف اللوفر، في متحف الكيلو، حين وقعت نجود على بطنها، تمددت امامي، نهر النيل العظيم، بأمواجه الغنية، ألقيت نظرة عابرة لها، من الارجل والي الرأس، مرورا بساق وعجز وظهر يعرف متى ينحني ومتى يسمو، ومتى يتكور، ومتى يلتف، وكأنه يطيع أيقاع موسيقى بداخله، تعزفها جوقة الجوراح العبقرية، (فالمعجزة، هي جسد المرأة، المزين بعقل صاف، وقلب حنون)، تنهض نجود (بابل تنهض من جديد)، تمسح عن بطنها بقايا الرمل، فيسقط الرمل من بطنها، كثمر، نضج في لمح البصر، من ثقل ما لمس، (مس ملائكي).... بمقدور النمل، أن يعجل من هذه الحبيبات كعبة، يطوف حولها سبعا، ألم تنزل من السماء، من حضرة نجود.
تميل الشمس نحو الغرب، وتخرج من بطنها اشعة ذهبية، كي تزخرف الجبال تحتها، والسحب فوقها، بلوحة جميلة، عيبها الوحيد، إنها لن تمكث سوى لحيظات، كدنيا الكيلو، دنيا السحر، والحرية والبراح... والعودة إلى الطفولة، إلى جنة الطفولة، للجميع...
البحر أمامكم، والغروب خلفكم، فليس امامكم سوى الغناء والرقص والطرب الكبير!!!...
هناك، فتاة يغوص كل جسدها في الرمال، بذرة مانجو، قبر ضاحك (أليس القبر روض من رياض الجنة)، تمغض عينها، كي تفتح بداخلها (جنان كثر)، كالشعراء، تسمع اصوات الناس بعمق (ااااااااااه، كم جميلة أصوات الفرح المخلوطة بهدير الامواج وجرى النسيم)، لو فتحت عينك، أو اغمضتها، فسترى كل ما تريد!!.
هل خلقت الجذور كي تغذي الشجرة؟ بلى أم كي تثبت الساق والفروع من عصف الرياح؟ بلى أم هي كائن قائم بذاته، يستمتع بمص طين الأرض، كالأطفال، وكالحوامل بلى...
هكذا بورسودان، لا تدري لم خلقت؟ سراج وضع تحت المكيال، أنها جبل كبير، فهل تطيق التسلق، أنها بحر، فهل تعرف السباحة، والغوص، أنها متاهة، مغامرة، تفتح أبوابها للهواء، والبحر، والجنون.... كوني بخير..
ألم يقل أبوحامد الغزالي إذا سألت هل تحب الثغر، فأصمت!! فإن قلت (لا)، فقد كفرت.. وإن قلت (نعم)، طولبت بالدليل، بالبرهان..
وللحق، لم يقل أبي حامد ذلك، ولكني مخمور، تشابه على البقر، ولكنه لو رأى الثغر، لقال أكثر من ذلك... بورسودان حلوى، والوجود لسان جائع، يسيل لعابه، ووتره، وذهنه، لمرآها...
***** محى الغروب، كعادته المشهد...
رجعنا، للبيوت، وطيف الجميع يتراءى لي، ولازال القميص المبلول، والملتصق كالضوء، وصراخ الاطفال، وغناء عمال مصنع النسيج، يتردد في الذكرى، أأنا في حلم، أم هكذا بورسودان، أسطورة قديمة، اتخذت البيوت والجبال والبحر فساتنا لها، (فستان مبلول بالمطر الشتوي)، يظهر كل مفاتنها، كأنثى، وكإنسانه، وكحورية، خرجت من بين الموج للتو!!
من هو قائل، (أن تتعلم الرسم، يعني أن تتعلم الحياة)، ليته ذيلها (من مشئ سلمى، وركضها، وهبالتها)... يتداخل طيف سلمى مع وجه بورسودان، كالماء في الثلج!!
عبدالغني كرم الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
سلام قولا من رب رحيم أخ محمد وحمل طوريته ورجع وقد وجد بيته ساقط كسقوط أخلاق هؤلاء الذين صنعتهم الجباية وقد وجد عمنا عبد الرحيم أمونه: أمونه الصباح قالتلو النعال والطرق انهرن ما قالتلو جيب ... شيلن يا الحبيب غشهن النقلتي والترزي القريب بس... يا أم الحسن طقهن آبزيد طقهن آبفيد وانطقن زمن وانطق الزمن لازمك توب جديد وبأي التمن غصبن للظروف والحال الحرن لكنا نحمله وطن عالي وطن غالي وطن أهلنا السمحين رجل أم مرح , ودبدر , أزرق طيبة , الأستاذ محمود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبد الحي علي موسى)
|
Quote: أمونه الصباح قالتلو النعال والطرق انهرن ما قالتلو جيب ... شيلن يا الحبيب غشهن النقلتي والترزي القريب بس... يا أم الحسن طقهن آبزيد طقهن آبفيد وانطقن زمن وانطق الزمن لازمك توب جديد وبأي التمن غصبن للظروف والحال الحرن لكنا نحمله وطن عالي وطن غالي وطن أهلنا السمحين رجل أم مرح , ودبدر , أزرق طيبة , الأستاذ محمود. |
وشوف بالله يا عبدالحي حميد ده مسكون كيف؟!
وشوف كمية الصلاح في أم الحسن التي رسمتها مخيلة حميد من واقع الفقر وتماسك الوجدان على قاعدة التصوف التي عمرت أرياف بلادي .. وسواقي البصري تسوق بسر الله المدخري توالي تسوق .. وشاشينا لروح السنة .. عجيب أمر الدراويش وسمو أرواحهم .. شفتهن كيف الحفاة لابسي المرقع وهم يحاصرون الخرطوم .. كل شيخ بحيرانه على احد الثغور ..
ما كنا قايلين في حياتنا يجينا أقسى من المضى قبال مروق الانجليز قلنا الظلم فات وانقضى تاريهو كمتر وقام دقون!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
Quote: فلتشكت في الوجدان شاعرية حلوة عن مدينة حلوة الطعم والموج والنساء... والتعدد، والمناخ.... |
Quote: يتوقف، امام مدرسة العشى الثانوية (ليته يتأخر، لأي سبب، هكذا يقول كل مراهق، أو غير مراهق)، لم ينزل احد، وركبت ثلاث فتيات، بلون لبني، واجساد، تستقل كل جارجة فيها عن الأخرى، فالرأس له سلطان، وكذا العنق، والخصر، ألخ..(حكم لا مركزي عادل)..
فتيات العشي الثانوية، اشجار تلبس البني، العيون بركة كبرى، تغرق بداخلها نوح وسيفنته، والاسنان بيضاء، تلمع الاشعة فيها كالبلور (والأغرب، أنهن لا يحسن بأنهم جميلات، يا لروعه القمر، حين يحمل بيده شنطة، وكتب، وعرق يعطر رقبته، ويترك الليل، ويعيش في النهار، كالشمس، بأن انضر، واحلى)..
هل تريد ان تتعلم الصبر؟ توقف البص فجأة، أبصر السائق امراتين خلف الشارع، مرت شاحنة، وأخرى، وبص وتاكسي ازرق، حتى عبرت المرأتين، وتقدمت الفتاة التي تجاوزها البص منذ قليل، كي تجلس بالقرب من فتى، استغل كل الحفر (وما أكثرها)، وما اروعها في الالتصاق بها (ألهذا خلق الله الحفر، البيضة من الدجاجة، ام الدجاجة من البيضة؟؟؟؟؟؟؟.... |
الأخ/ عبدالغني .. شكراً لك من بورتسودان .. ومدرسة العشى الثانوية .. والتفاصيل التي يسكن فيها الجمال .. واصل وسوف أعود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
Quote: هكذا بورسودان، لا تدري لم خلقت؟ سراج وضع تحت المكيال، أنها جبل كبير، فهل تطيق التسلق، أنها بحر، فهل تعرف السباحة، والغوص، أنها متاهة، مغامرة، تفتح أبوابها للهواء، والبحر، والجنون.... كوني بخير..
ألم يقل أبوحامد الغزالي إذا سألت هل تحب الثغر، فأصمت!! فإن قلت (لا)، فقد كفرت.. وإن قلت (نعم)، طولبت بالدليل، بالبرهان..
وللحق، لم يقل أبي حامد ذلك، ولكني مخمور، تشابه على البقر، ولكنه لو رأى الثغر، لقال أكثر من ذلك... بورسودان حلوى، والوجود لسان جائع، يسيل لعابه، ووتره، وذهنه، لمرآها... |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
Quote: الأخ العزيز محمد أتابع ما يجري هنا بمتعة ذات مذاق خاص. أستأذنك في التقدم بالشكر والإمتنان لك ولكل من الأخوان مأمون، ومنصور، وعبدالغني لكلماتكم الطيبة في حقي. ترددت كثيرا في فعل ذلك خشية أن أصرف الخيط عن مساره، وأقدمت خشية أن أكون قد قصرت في واجب الشكر تجاهكم، ودمتم. |
د. النور .. تحياتي لك .. وقد هيأنا شعورنا لقراءة مساهماتك في هذا البوست بعد استهلالك الذي فتح لنا أفق السياحة في سماوات الجمال .. وجاءت كلمات الشكر والإمتنان حقاً دون المستحق .. لكنه جهد المتاح من التعبير .. ونتوقع تواصلك معنا (بالكتابة).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
شكرا على هذا البوست
وتحياتى العميقة للصديق عبد الغنى
عبد الغني كرم الله" بائعة الشاي، والجميز، والمطر،
لم أرى في حياتي ملكة متوجة، كبائعة الشاي، حاجة بتول، والتي تجلس ملكة في شارع البلدية، تحت عرشها المبارك، شجرة الجميز، وعلى يمنيها، وأحياناً يسارها، بل وفوق الشجرة، ابتنها الصغيرة فاطمة.
يسخر الله لها السحب، كي تحج نحو دارها من أقاصي الأرض، من خط الاستواء وغرب افريقيا والمحيط الهندي، وذهن حاجة حليمة يخلو من الجغرافيا، والمعلومات الباهتة، رأسها يمور بطيبة عذرية لا توصف ولا تقاوم، كل من جلس تحت عرشها الضاحك، غفرت له خطاياه، ومضى خفيفاً كالضوء، مؤمناً بحلاوة الحياة، وكأن نبوءة خاصة حلت بقلبه، وللأبد....
تأتي السحب طائعة، هينة، وقد رسمت في طريقها كل ما يحلو لها، رسمت فيلا، ثم مططت خرطومه، فبدت كشجرة، ثم كطرحه، حتى السحب ملولة كالأطفال، كأنها تغمز لكليات الفنون الجميل الاقتداء بقدراتها الخارقة...
وحين تدخل السحب وطني، وتسلم على أهله، من تحتها، كفراخ زغب تحت دجاجة حنون، تسلم علي ميري ، راعية البقر، ثم آدمو الفلاح، وخديجة الرسامة، يلوح لها الجميع، تحس بتطلعهم لسحرها، ولكنها تمضي، إنها في مهمة وطنية، إنسانية كبرى...
ومع هذا تمضي، رغم دعوات الفلاحين، والشعراء، بنزولها على أرضهم الجدباء، كي يفرحوا، ويتأملوا، ويسكروا بخمرها المباح...
بدت عجولة، كأم تأخرت على موعد طفلها بعد نهاية الدوام...
وقفت السحابة فوق سماء الخرطوم، وجف قلبها، هل الذي أمامها هم مرضى بمستشفى الذرة، أم نزلاء بكوبر، أم مجانين بعنابر التجاني الماحي، فالشوارع المكلومة، تحمل على ظهرها المتورم المجعد الهرم، كل هذه الذوات المتعبة، من كبد قديم، مكتسب وموروث، وعصى الانقراض، عصي الفهم!! أخفى من دبيب النملة السوداء في الليل الظلماء.. أعيت حكماء سوبا والسلطنة الزرقاء، وأحفادهم....
وقفت السحابة، كمظلة، فوق حاجة بتول، كي تظللها، وكي تغسل قصرها الغني الفقير...
سقطت قطرات المطر، كحلوى، كصابون، كديتول، كي تغسل اوراق شجرة الجميز، غسلتها برفق وتهمل، لا أثر للعجلة، أو حتى الملل، نشوى كبرى تغمر قطيرات المطر، فتاه تغسل كوب الشاي لحبيب وفي، تغوص القطرات برفق في شعر الشجرة الكثيف، لم تنسى ورقة واحدة، كالموت، حتى الأوراق الجافة، والمتعفنة، مسحتها برفق، وكأنها تخرج حصى من عين طفل، منهمكة كرسام، كوجهين ملتصقين، لأنثى عائدة، وفتى مسافر..
نواصل.......
عبد الغني كرم الله الدوحة، 13/10/2005
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Hadia Mohamed)
|
Quote: وحين تدخل السحب وطني، وتسلم على أهله، من تحتها، كفراخ زغب تحت دجاجة حنون، تسلم علي ميري ، راعية البقر، ثم آدمو الفلاح، وخديجة الرسامة، يلوح لها الجميع، تحس بتطلعهم لسحرها، ولكنها تمضي، إنها في مهمة وطنية، إنسانية كبرى...
ومع هذا تمضي، رغم دعوات الفلاحين، والشعراء، بنزولها على أرضهم الجدباء، كي يفرحوا، ويتأملوا، ويسكروا بخمرها المباح...
بدت عجولة، كأم تأخرت على موعد طفلها بعد نهاية الدوام |
شكراً جزيلا على إضافتك الجزيلة الموحية .. ولا عاصب للزغب هذه الأيام من سيلها الجارف .. وعلى ربك الفرح والتأمل والسكر بالخمر المباح في زمان الفيضان والسيول.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
Quote: سباق، تقع الحبوبة، فتظهر بطنها، ورجلها، وعنقها المعروق والمكرمش، لوحات عظيمة، كانت مخبأة، تعرض اليوم في متحف اللوفر، في متحف الكيلو، حين وقعت نجود على بطنها، تمددت امامي، نهر النيل العظيم، بأمواجه الغنية، ألقيت نظرة عابرة لها، من الارجل والي الرأس، مرورا بساق وعجز وظهر يعرف متى ينحني ومتى يسمو، ومتى يتكور، ومتى يلتف، وكأنه يطيع أيقاع موسيقى بداخله، تعزفها جوقة الجوراح العبقرية، (فالمعجزة، هي جسد المرأة، المزين بعقل صاف، وقلب حنون)، تنهض نجود (بابل تنهض من جديد)، تمسح عن بطنها بقايا الرمل، فيسقط الرمل من بطنها، كثمر، نضج في لمح البصر، من ثقل ما لمس، (مس ملائكي).... بمقدور النمل، أن يعجل من هذه الحبيبات كعبة، يطوف حولها سبعا، ألم تنزل من السماء، من حضرة نجود. |
قرأت هذا النص مرتين لأكتب تعليقاً صغيرا لزوم رفع البوست .. فأرتدت كل محاولاتي معلنة أن التدخل في تفاصيل الحدود الشائكة للبلدان وجسد نجود أمر لا يحتمل التسرع .. وإن أعدت النظر سيخسأ البصر .. فتوقفت مردداً (فالمعجزة، هي جسد المرأة، المزين بعقل صاف، وقلب حنون) أو كما قال عبدالغني.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
* **
القاص (عبدالغني كرم الله) لـ (ثقافة السوداني): (2-2)
الكتابة كشف وتحدي، تسلق جبل المعرفة الداخلي والخارجي معاً
للكاتب عبد الغني كرم الله تجربة أثارت الانتباه، كتابه القصصي الأول (آلام ظهر حادة) صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخلق حوله زخما نقدياً كبيراً خارج السودان وداخله حيث احتفت به العديد من المنتديات والمجلات والصحف. بروز المادة الفكرية وترابط النص بخيوط ذات طبيعة فكرية وجمالية في غاية الإحكام يشير إلى وعي كبير بالمشروع وملامحه وأبعاده، كما يشير إلى كاتب مثابر نحو إنجاز مشروع إبداعي متقدم. الكاتب عبدالغني يعمل ويقيم بقطر منذ عدة سنوات، دارت مقابلتنا معه حول الأفكار التي طوفت في أرجاء كتابه (آلام ظهر حادة)، نشرنا الأسبوع الماضي الجزء الأول منها، هنا الجزء الثاني والأخير.
حاوره مأمون التلب
كيف تصف علاقتك باللغة؟
اللغة، هي الموسيقى، فالرعد صوت، والتغريد صوت، والخواطر صوت، وكذا الخيال والتذكر، بذرة اللغة بدت من أصوات الاشياء (جيشان، هذيان، زقزقة العصافير)، كأنها محاكاة للطبيعة، ثم فارقت اللغة لغتها الام، لتستقل كانساق وإشارات، ثم هناك عوالم لا تصلها قوارب اللغة، بعيدة عن متناول اللغة، وهنا تأتي المعاناة، على اللغة ان تمد نفسها بأحرف جديدة، وكلمات جديدة، وآليات بناء ومجازات جديدة، كي تعبر عن تلكم العوالم، لذا هناك انفعالات تعاش، ولا تحكى إلا بلسان الحال، هناك خط، ورؤي، تعجز عنها اللغة، (وفي قمتها الشعر)، فتميل للموسيقى، وتعجز عنها الموسيقى، ونكتفي بالدهشة، والخطف. . فاللغة أواني، لمعاني، والأواني يستحسن أن تكون جميلة، ومزخرفة، كي نسكب فيها خمر المعاني.... للغة فتنة، قد تحجب العقل، ولكن المعنى الاصيل، الرقيق، هو الذي يسكر، وهو الذي ينضح من إناء اللغة (كل إناء بما فيه ينضح)، وأحيانا، تحس بأن المعاني لا بد أن تتجسد، كي تحس فتصيغ الأواني المتعددة (اللغة، الموسيقى، الرسم، الرقص).. وكل أدوات التعبير الإنساني...
وماذا عن الأجناس الأخرى في الكتابة؟
أحب كل اجناس الكتابة، (روح السندباد مغروزة في كل كائن)، فالإنسان مكعب سحري، (يزن رطلاً، وبمقداره ان يحمل رطل سكر ورطل بن ورطل زيت،معاً، ودون أن تتداخل أو تخلط)، كذا العقل الإنسان، كالقلب، (أية قلب، قلب الأم مثلا، ومجازا)، بمقدوره أن يمتلئ بالحب و بالنور والحنان والخوف والأسرة، والأب، والأبناء والجيران، والبخور والموسيقى والإلفه، معاً... أحب الرجوع للطفولة، محاولة لتذكر الطفولة لذة ومتعة الاكتشاف لنهر لا يكف عن الهدير (فكتبت قوت الرسام)، أحس بضلال لذيذ (خراف تثغو في حقول الغد)، الكتابة كالجوع، شيء حتمي، عليك اشباعه، وإلا ستموت إن لم تكتب، إن لم تأكل، إن لم تتنفس برئة القلم.. أو الفرشة، أو ا صابع البيانو..أحيانا، نلوذ بالرسم، بالنحت، حتى بالدندنة، فالتعبير عن الحياة، (عن كرنفال الفرح والحزن والهوان والخوف والإحباط، وكل الطيف النفسي)، تحتم شكل وجنس التعبير، في كل فرد يسعى في أديم الأرض...الكتابة شي حتمي، ولها جاذبية، تبذ الجاذبية الارضية..
كل إنسان يختلف عن الآخر، وبالتالي فكل كاتب له عاداته وأمزجته مع الكتابة، هلا حدثتنا عن بعض عاداتك؟
أفضل ساعات الكتابة هي الفجر المبكر، أو آخر الليل، الثلث الاخير، تلك العتمة، والتي تتداخل فيها الاشياء، تحس بومض فلسفي، تحس بأنك جزء من الوجود، كائن خفي يذوب فيك وفي الافق وفي الاثير نبض واحد، (وللحق لا شيء ينفصل عنا)، الطبيعة تكره الفراغ، (والجسم الإنساني مكوَّن من النبات والحيوان والاثير)، ولكن حجاب الزمن، هو الذي يفصل بين الجبل، وبأن يكون فراشة، ثم يقفز للبشر، ثم يقفز، للإنسان (فتختفي اقفاص التوحش)، وتغمر القلب احاسيس غير معتادة، على الإطلاق. .. طقوس الكتابة، كطقوس شرب الشاي، أو الغناء، أو الانشاد، احيانا ابخر الغرفة، وأدخل في زي جميل، لملاقاة الحبيب الاعظم (القلب والعقل، يتغازلان في محراب الجسد)... وأحيانا، يأتي الالهام في الشارع، في البص، على نهر النيل، في شمس الظهيرة، فعلاً الإلهام والكتابة كائن غريب، (غير إرادي)،كضربات القلب وكالأحلام..لم اكتب؟ أهي غاية، أم وسيلة، نحيل التساؤل إلى جذر الشجرة:
هل خلقت (الجذور) كي تغذي الشجرة؟ بلى!! أم كي تثبت الساق والفروع من عصف الرياح؟، بلى!! أم هي كائن قائم بذاته، يستمتع بمص طين الأرض، كالأطفال، وكالحوامل؟، بلى!!...
نلاحظ وجود شخصيات ذات صفة شبه ضبابية تظهر على خلفية الأحداث، وهي تشير إلى أن هذه الشخصيات ذات حكمة ولغة صوفيَّة نوعاً ما، كما لا يغيب عن القارئ علاقة كتابتك بالفكر الصوفي، كيف تصف تأثير هذا الفكر على الكتابة؟
الكتابة مغرضة، لا يوجد حياد في الكتابة، كل اناء بما فيه ينضح، قد يكون النضح (عدم الحياد نفسه)، فأنا اكتب بإلهام، لا حول ولا قوة لي، وللحق أنا القارئ الأول للنص، يأتي من جهة ما، من داخل النفس البشرية، عبر معاناة، قد تكون شخصية، وقد تكون جمعية، وقد تكون متوارثة، وقد تكون هبة.... يتداخل الفعل الإرادي واللا إرادي، (الكتابة المتكلفة كالبضاعة المزجاة)، قد تصلح في مجالات، ولكن المتلقي يحس بذلك في الشعر والادب بصورة ما، لأن الكتابة هي شعور دافيء، بأشياء وأحياء تحيط بنا، أو بداخلنا، أو حتى معاني مجردة، ومن قوة وصدق الاحساس تأتي قوة النص.. (موعظة الشجرة الصامتة)، هذا نص، يدور حول الوعظ، الاشياء تعظنا بأن هناك سراً، شفيفاً يحيط بنا، كل الاشياء تعظ، وتنبه، لأمر ما، داخل الذات الإنسانية (لمن تقرع الاجراس، ولمن تغرد العصافير، ولمن تشرق الشمس وتغرب، ولمن يجري الدم في الشرايين؟.)، على كل فرد الإجابة... فالشجرة، تقف، طوال عمرها، وبعد موتها، كي تعظ، تعظ البصيرة والبصر، بلغة الصمت، بلغة التأمل، بلغة السحر، حفيفها يقول أكثر من ذلك، وتكور ثمارها، يوضح أكثر، وكذا طعم الثمر!! ولكن كل فرد هو بطل المسرح، (الطفولة تقول أكثر من ذلك) كل فرد هو الغاية في ذاته، بمقدور الحياة أن تفعل ذلك، فالمعجزة هي غريزتها الأولى، (كل فرد، هو غاية في نفسه، وكل هذه الحيوات خلقت من أجله، هو، هو فقط)...وعلينا أن لا ننسى هذه الحقيقة، على الإطلاق، وخلق الزمن طويلاً، كي نحقق هذا المنجز، هنا، أو هناك (وهناك هذا، كائن مثال، فالحيوات تتداخل، ولكن الحواس لا تزال عمياء عن رؤية نهر الحياة، من المنبع وللمصب (ولا منبع ولا مصب، ولكن إطلاق على كلا الطرفين، وهو ماثل الآن)، ليتنا نرى!! مع كونديرا في ما قاله عن الكتابة (أن تكون كاتباً، لا يعني التبشير بالحقيقة، بل اكتشافها)، بالكتابة كأدوات الجيولوجي، يكتب عن تحليله للتربة، للارض، للمعادن، الكتابة اشبه بالتقارير العلمية، الفكرية، تقرير يومي عما يدور حولك، وبداخلك.. ومع كونديرا ايضا، حين سئل (عن انت شيوعي)، فقال انا روائي، وسئل عن انت يساري ام يميني فقال: (لست هذا ولا ذاك، انا روائي).. الكتابة، هي كشف، وتحدي، وتسلق، لجبل المعرفة، الداخلي، والخارجي، معاً، الجميع يحاول الصعود للجبل، كي نرى الصورة مكتملة، وليس مشاهد مبتورة، فيسفساء جزئية،... وليست شيئاً غير هذا... أحس بأنها، ممتعة، ومتعبة، ومشوشة، حين تغرق في بحرها، تخرج عن نفسك، عن المسميات، عن كثير من الحيوات، تجري وراء افق النص، حتى تضيع ملامحك، عاداتك، معتقداتك، تختفي عنك ذاتك، تغوص في النص كما لو هو الحياة الحقيقة، وخارج مجاز، تعود له لضرورات الحياة المادية الباهتة، ، تحار، وتضل، هل تخرج من النص، ام يخرج النص منك، أنت في عالم آخر، دنيا النص، جسمك صار جسماً اثيرياً، يتذوق حتى المعاني المجردة، يغوص كالسمكة في دنيا الخيال، فالخيال واقع، واقع ملموس، أكثر من الواقع الماثل، ولذا (خلقت الاحلام، وسطوتها)، فأنت تخرج من الحلم، متقطع الإنفاس، ولم تبارح مكانك، كي نستيقظ من سباتنا، ألم يقل يحيي حقي (اصح، تحرك، فقد تحرك الجماد).. ليتني أصحو من غفلتي هذه، كي أرى جوهر الأشياء، وسطحها الاملس، النقي، فالصدأ في العين، وليس في الأشياء.. فالواقع والخيال والحلم شئ، واحد، ولكن وضعنا برزخ بينهما.... في ندوة (بمنتدى محمد صديق)، أحسست بأن للنص ألف وجه، هناك من يقرأ النص، ويؤله، أجمل منك، وأروع، تحس بأن للنص حيوات، بمقدور المتلقي، والناقد، إفراغ شحنات على جسد النص، كي يعود لنضارة وحالة الإنفعال التي كتب بها، عاذر يعود من جديد، بل أنضر وأجمل، شاعرية التلقي، وفكرية النقد، فللوجه، وجوه...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
عزيزي محمد
لك السعد والجمال والصحة... هذه أول قصص اكتبها، في حياتي، وهي للذكرى، ولم تنشر في المجموعة، احتفظ بها للذكرى، والغريب (استاذي الكبير محجوب كبلو يصر على نشرها، وكذا استاذي الأديب أمير تاج السر)،
Quote: واحد.. ثلاثة!!!
سوى المساعدة في حفر قبور لبعض الموتى، ، لا يشارك في اي عمل، ومنذ أن سكنت هذا الحي، أي قبل ثلاث وعشرون عاماً وأربعة أشهر، لم أراه إلا في ثلاث جنازات، جنازة عم حسن، وهو رجل ميسور الحال، وصاحب املاك، وقد كنت أتمنى سابقاً أن أصاهره، وشابة صغيرة، وعوض الجاك، وهو سكير، منزوياً لحاله، هادئاً، ألا أنه دائم الترديد لمطلع أغنية وحيدة حتى يسقط نائماً، وهي "طول مفارق حيو، ياأخونا كيف وأزيو" ، فقد كان آدم يتكي طوال حياته، وبالتالي طوال يومه على عمود كهرباء، وأمامه سوق خضار صغير، وخلفه سور متآكل لمدرسة متوسطة للبنات، تجاوز السبعين عاماً، لا يعرف له أهل أو بلد، ولكن تمت تسميته بآدم النضيف، ومرجع ذلك أنه يلبس ثياب بيضاء زاهية في فجر كل يوم، ولهذه الظاهرة قصة طريفة، غير القصة التي انا بصددها، فقد اتهم بأنه يسرق أكفان الموتى، فصباح أمسية دفن صالح الغرقان، تأكدت مخاوفهم، فقد أتهم بسرقة كفنه، فقد فوجئ أهل الميت في الصباح الباكر به وهو يلبس كفنه، وتفوح منه رائحة العطر الذي تعطر به الفقيد ، فعلى الصراخ والشتم، وذهب الجميع ساخطين إلى المقابر ومعهم معاولهم، وقد فوجئ الجميع بحدثٍ، لن تستطيع دوامة الحياة محوه من ذاكرة الحي، وحاجة الجنة برهاناُ كبيراً لذلك، فبعد أن نبش القبر، لم يجدوا الكفن كما هو فقط ، بل صقع الجميع حين سمعوا أنين الجثمان، وحين شق الكفن، طلع الجثمان لأمراة في خريف العمر، فيها مسحة من جمال غريب، شاردة ومشوشة الذاكرة، والتي أنتهى بها المقام تحت ظل شجرة عند سور المدرسة تستجدي المارة، ولقد أطلق عليها فيما بعد اسم حاجة الجنة، وكانت العادة أن يحلم كل أهل الحي، بالموتى الذين يشارك آدم في حفر قبورهم، وهم يحذرون الناس من السلام عليه، أو تكدير صفوه بدعوته لطعام وغيره، وكان صامتاً، ولكني كلما مررت به كان يردد [شافي أه ياشافي] ولم أكن أبالي بما يقوله، ، وفي أحد الأيام، وبعد أن غطت في نوم عميق، أيقظني مذعوراً صوت عالي، يردد " طول مفارق حيو" فقمت مخلوعاًَ لأجد أمامي عوض الجاك وبيده عصاة كبيرة، كما هو، فأزداد ذعري، فقال بجزم، قوم وبلغ سلامي الشديد لآدم، ومن هول الأمر تجمد الدم في عروقي، وقبل أن أفيق جيداً هوى بالعصا على رأسي، لأصحو في الفجر، ورأسي تؤلمني، وداور خفيف يحيط بمن حولي، فذهبت قاصداً آدم النضيف، فوجدته غـــير عادته يلبس زي أخضر، فقبل جبيني، فغمرني عطر يجل عن الوصف، وسامرني بكلام عذب هز وأسكر كل كياني، وأمسكني من يدي فهدأت أغوار في نفسي لم تسكن منذ ولدت، وسرنا في صمت نحو المقابر، ثم بدأ في حفر قبر، ولم يلبث أن جاء أهل الحي، وهناك أثر حزن عميق وواضح على أخي علي، وبعد إعداد ود الأحد ذهبنا مطرقي الرؤوس، وأصوات ثكلي حزنية تقرع الأذان، ولقدسية الوضع لم أشاء أن أسال عن المرحوم، فقد كنت في وضع نفسي، هو خليط من الحزن والغبطة والسرور الشفاف، ولكن ارتعش قلبي، حين بدأ لي أن البكاء يصدر من داري، ياتري ماذا جرى لأبنتي والتي هي الآن في بطن أمها في الشهر السابع، ولقد صدق ظني، فالكباء في داري، ولكن أضمئن قلبي حين سمعت نحيب زوجتي، وقد أكتظت الدار بالمعزيين، وتسللت مع آدم إلى غرفة المرحوم، ومن هول ما رأيت كدت أصيح لولا نظره من آدم أخرستني، فقد كنت المسجي، والدماء تسيل من رأسي، وقد لف الكفن حول جسدي، وقد اخليت الغرفة من الآثاث سوى العنقريب الذي يحمل جثماني، وقبيل الفجر كان قد تم دفني وتوارى جسماني تحت التراب، ولكن قصتي التي أحب روايتها تبدأ حين اتهم أهلي آدم النضيف بسرقة كفني، حين رؤه في فجر ذلك اليوم وهو متشحاً بــه، فذهــبوا لقبــري غاضبين لانتــهاك حرمتــه، وفعلوا به ما ذكرته لكم سابقاً، وأكتب لكم قصتي هذه وأنا تحت الشجرة، أرى كل يوم أبنتي وهي ممسكة بثوب زوجتي وهن في سوق الخضار، وتغافل أبنتي أمها وتجري إلى آدم النضيف وتقول له أنا دايره أشوف أبوي، وكان يشير لها "أبوك حاجة الجنة" فكانت الصغيرة تكاد تهوي من الضحك، وهي تصيح " أبوي أمي الجنة، ها... ها.. عم آدم المجنون... المجنون... المجنون" بينما أظل أنا أردد طوال نهاري [شافي أه ياشافي] وقد أطلق أهل الحي عليّ كما قلت حاجة الجنة، يا شافي أه ياشافي، وفي قلبي تموج أسرار الحي، ما كان وما سيكون، كنت أتمنى أن أقول لكم من هو عوض الجاك، ومن هي أبنتي، ومقام الذي ستتزوجه، ولماذا سيسرق دكان عم بخيت في ظهيرة الثلاثاء ولكن تمر أمامي فتاة مع أخيها الصغير، والذي أخرج لسانه العذب طويلاً ليسخر مني، وستتعرض الفتاة لوقت عصيب لو لم تسمع ندائي، ياشافي أة ياشافي،،،،، |
مع فائق حبي ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: عبدالغني كرم الله بشير)
|
Quote: في ندوة (بمنتدى محمد صديق)، أحسست بأن للنص ألف وجه، هناك من يقرأ النص، ويؤله، أجمل منك، وأروع، تحس بأن للنص حيوات، بمقدور المتلقي، والناقد، إفراغ شحنات على جسد النص، كي يعود لنضارة وحالة الإنفعال التي كتب بها، عاذر يعود من جديد، بل أنضر وأجمل، شاعرية التلقي، وفكرية النقد، فللوجه، وجوه |
الأخ عبدالغني .. تحياتي .. وشكراً للإضافات الباذخة ..
محمد صديق المعني هنا لو كان محمد صديق عمر المحامي .. فهو صديقي وزميلي بمدرسة أم درمان الأهلية الوسطى .. أمني النفس أن أرى منتداه بعد أن قرأت آثاره هنا وهناك..
والقصة مدهشة فآدم النضيف، شخصية موجودة في مجتمعاتنا بكثرة دون صفة النضافة التي ميزتها بها هنا لتتبعها مفارقة إستحالة كسوة أمثاله إلا بأكفان الموتى .. ورائحتها التي تحيل العطور إلى معبر نحو ذكرى الموت وهذا سر حساسيتي تجاه العطور لا سيما تلك التي تشبه (عطر الأكفان) .. والقصة بقبورها وأكفانها ذكرتني سؤال طرحته المرحومة ليلى المغربي على الشاعر الفيتوري قائلة: لاحظت أن الموت والقبور كثيرة في شعرك .. ما سر ذلك؟ أجاب: ذكر الأشياء في القصيدة أو القصة أو الرواية يعتمد مرجعية واحدة .. وهي: هل ذكرت في مواقعها الصحيحة أم لا؟ إن كانت قد ذكرت في صياغها المناسب .. فكل شيء في مكانه جميل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني (Re: Mohamed Abdelgaleel)
|
Quote: يتعمق الفرح في النفوس، يتقافز الكبار قبل الصغار، تلعب الحبوبة الكرة للفتاة الجميلة، وهذه تقذف الكرة، كي تتهادى أوت، وتغرق الكرة في الساحل الرملي، (أجمل أوت، والله أجمل من كل اهداف ماردونا، أليست الأمور نسبية)، وكأن البحر استحال إلى خمر، فشربه الناس بعيونهم، فعربد الجميع، لا فواصل، اخاء فطري، لوحة رسمها الافق المفتوح والسحب البعيدة والسفن، قرى في عرض البحر، ومن الخلف الجبال، ترتل صمتها الابدي، وكبريائها، وموقف الشحانات، المحملة بقوت الوطن، وسماده، وملابسه، وكراساته، ولعبه، ومصفى البترول، الاشياء بعيدة بعيدة، كحلم، يتداخل الواقع مع الخيال، مع الحلم، لا شئ طبيعي، يغرق الناس في ذواتهم، لا مكاتب او شوارع او مكيفات او سقوف، (ألهذه الدرجة تقتل المدن الحياة، وتشل حركتها العفوية)... |
| |
|
|
|
|
|
|