دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: في ديوانه( اغنيات الليل) عبد الاله زمراوي يغازل معشوقته ....الوطن (Re: haroon diyab)
|
كتب مقدمة الديوان الشاعر الكبير الاديب محمد المكي ابراهيم -------
انه شاعر جدير بالقراءة وجدير بالاستقرار في حافظة الجمهور القاريء
Quote: بقلم: محمد المكي ابراهيم*
عن هذا الديوان
تبدأ أزمة القصيدة حين يعتادها جمهورها حتى ليسبق شاعرها الى معانيها وقوافيها اذ يكون ذلك الجمهور قد سمعها من مئات الشعراء وحفظها على ظهر ضجره وسأمه وملالته.
ذلك ما حدث للقصيدة التراثية بعد خمسة عشر قرنا من السيطرة الكاملة والرواج وذلك نفسه ما حدث للقصيدة التفعيلية بعد خمسين عاما (أو أكثر) من ظهورها الاول وهو نفسه ما أخذ يحدث لقصيدة النثر بعد خمسة وعشرين عاما من بداياتها . وليس صدفة ذلك التسارع في معدلات الإملال ففي طبيعة هذا العصر ان ينتقل اهله من صرعة الى صرعة ومن جنس فني الى جنس جديد. ولاننسى انه عصر المرئي والمسموع حيث يستطيع الموقع الالكتروني أوالقناة التلفزيونية نقل اجمل الصور والاصوات الى المشاهدين في بيوتهم دون ان يتكلفوا شراء الكتاب أو عناء القراءة.
دارت بذهني بعض تلك الافكار وانا أتصفح النسخة الاولى لهذا الديوان وأقرأ بعض قصائده منشورة في الصحف والمواقع الالكترونية ولا اقول انه اعطاني انطباعا بانتمائه الى القصيدة التفعيلية المأزومة بقدرما اعطاني املا في تجاوز تلك الازمة والرسو على بر أمان. ففي كثير من قصائده استطاع عبد الاله زمراوي ان يتخطى القصيدة التفعيلية التقليدية بصور ومضامين اكثر خيالا وفرادة وبتنويعات موسيقية اكثر طربا وإبهارا.وهنالك يكمن الامل قي بقائية القصيدة التفعيلية وتخطي ازمتها على ايدي جيل كامل من المبدعين الجدد يعيدون اليها شبابها وجدارتها بالحياة.
ويتمتع الشاعر عبد الاله زمراوي بعدد من المزايا يبدو انها ستحقق لتجريته النجاح وعلى رأس تلك المزايا الوتر الوطني الرنان الذي ينقر عليه في معظم قصائد الديوان وهو وتر شديد الفعالية اذ ينذر بالكارثة المقبلة التي ستحيق بالبلاد والعباد وتطيح بكل الاحلام بصورة تستفز الشعور الوطني للتوفز والاستنفار فعبد الاله شاعر نوبي اي انه يأتي من اثنية مهضومة الحقوق ولكنها على درجة عالية من الوعي والحساسية والطبيعي والحال كذلك ان تسعى الى خلاصها الخاص بعيدا عن بقية الوطن ولكن الشاعر يظل يربط قضية النوبة بمجموع المهمشين والغلابة في مختلف انحاء البلاد وله في ذلك دعوى متفردة ففي حقب تاريخية ماضية كان السودان هو بلاد النوبة وكانت ممالك النوبة وحضارتها هي وجه السودان القديم معبرا عنه في اسفار العهد القديم وفي كتابات المؤلفين العرب القدماء وفي اقاصيص الرحالة والمكتشفين الأوروبيين وذلك ما يخلق وحدة واشجة بين القراء وتلك الآلام والاحلام التي يبكيها الشاعر كلما عنونها باسم تهارقا وشبتاكا وكرمة ودنقلة القديمة فهنالك يغدو معبرا عن مجموعنا المعاصر الذي –في ظلام القهر الدكتاتوري- لم يعد يجد صوته ولا يجد من يعبر عنه .وهنا يلتمع الشاعر في وهج معزوفته الوطنية في زمن انصرفت فيه عقائر الشعراء عن التغني بوطن اغترب عن ذاته وعن محبيه وضاعت قسماته الاصيلة تحت ستارة مسرحية وانتماءات لاوجود لها في الواقع السياسي والفني للعالم المعاصر. وهكذا يغدو هذا الشاعر صوت الوطنية في زمن الصمت وشاعر الغصب النبيل في غيبة الوطن الممتدة.
انه شاعر جدير بالقراءة وجدير بالاستقرار في حافظة الجمهور القاريء |
*شاعر واديب سوداني
| |
|
|
|
|
|
|
|