كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 رسائل أبن عربي متعة بسيرة قطب فكري - كتاب
|
سيرة قطب فكري
في اصدار «دار المدى» «رسائل ابن عربي، عين الأعيان» تحقيق قاسم محمد عباس، نرى الى حياة «ابن عربي» في مراجعة تاريخية لسيرته وفي تطوّر موقفه الروحي، الذي تشكل على اساس انه حلقة الوصل الحساسة بين التراث الفكري السابق عليه، وبين كل الإنجازات الثيوصوفية التي جاءت بعده.
اعتمد المحقق قاسم محمد عباس على الاهتمام بسرد الجانب التاريخي في سيرة ابن عربي، وجعلها البؤرة الاساسية التي تضيء على فلسفته. لا يدعي عباس أي ممارسة معرفية على تاريخ ابن عربي الشخصي، لكنه يقرأ في منعطفات حياته الشخصية وعلاقتها بتطوره الروحي، واستجابة تلك الحياة لما هو اجتماعي وسياسي وفكري، إيجاباً او سلباً، مع محاولة الكاتب التأريخ لحياة ابن عربي وشيوخه ومؤلفاته وتأثيره، من دون الفصل بين تلك الحياة، والحاضنة التاريخية التي غذتها.
يبدأ الكاتب من «الفتوحات المكية» الذي يمكن اعتباره الكتاب المقدس للعلوم الباطنية في الفكر الاسلامي، من دون ان يعني تناول هذا الكتاب القديم رجوعاً او تحجيماً للمصادر التاريخية التي ترجمت له، اعتماد هذا الكتاب جاء من احتوائه على سيرة ابن عربي، وان متناثرة، لكنها من اكثر سيره خصباً وقدرة على رسم صورة دقيقة للبيئة التي عاش بها، بما جعلت به من ظروف مركبة للبيئة الاسلامية الأندلسية، التي واجه فيها «ابن عربي» اشكالية الصراع بين المسيحية والإسلام من جهة، وبين الاتجاهات المتصارعة داخل الوسط الاسلامي من جهة اخرى.
ثراء روحي ومادي
وسط البناء الاجتماعي والثقافي الذي تكوّن من سنّة ومعتزلة وفقهاء وفلاسفة وصوفية، ولد: أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائي الحاتمي محي الدين الذي يرقى نسبه الى عبد الله بن حاتم الطائي، واشتهر بـ«ابن العربي» في المغرب. رأى ابن عربي النور في مدينة (مرسية) حاضرة شرقي الأندلس، في عهد الخليفة العباسي «المستنجد بالله» في زمن اقصى لانهيار وانحلال الدولة العربية الاسلامية. في اجــواء عائلة «ابن عربي» من مناوئيهم.
حقق ابن عربي شهرة عريضة في الأندلس بنشاطه الفعلي وحركته الدؤوبة الى عقد لقاءات متواصلة مع الصوفية، والدخول في مناظرات مع مختلف الجماعات والمذاهب والملل، فاصطدم بالمعتزلة والفلاسفة والفقهاء والملحدين. اصطدم بالمنهج الحسي لدى الفقهاء الذي يتركز في ظاهر النص وتغيّب كل ما وراءه. كما واجه المنهج العقلي عند الفلاسفة والمتلكمين الناحين الى تأويل النص لالغاء أي تعارض له، مع الدليل العقلي لينشأ المنهج التوفيقي. غير ان منهج ابن عربي لم يتشكل بصورته النهائية إلا بعد استقراره في المشرق، خلافاً لما ذهب إليه المستشرق الاسباني: آسين بلاتيوس في وجهة نظر غير قوية، فلا يمكن اعتبار كتابيه: «التدبيرات الالهية» و«مواقع النجوم» دليلاً على اكتمال مذهبه قبل مجيئه الى المشرق.
المنظر الأكبر
تربو مؤلفات ابن عربي على اكثر من خمسين كتاباً، وهو رحل الى المشرق بهدف لقاء رموز مدارسه الروحية. في مصر تعرض ابن عربي الى مؤامرة من الفقهاء الذين سعوا في إراقة دمه، وفي بغداد عرف أتباعا وتلاميذ لدرجة انهم كانوا يجعلون طاعته قبل طاعة الخليفة، حتى استقر على سفح جبل قاسيون متفرغاً للكتابة منجزاً أثره الفكري وهو «فصوص الحكم». الذي يعد من أجرأ طروحات الالهيات في الفكر الاسلامي، ويتضمن مجمل نظرياته في وحدة الوجود والإنسان الكامل، منهياً كل التعارضات الثنائية بين الله والعالم، الاشكالية التي فرقت المفكرين الى فرق متناحرة. «في حب ربهم» عند ابن عربي:
«في حب ربهم، ويقومون بين يديه متضرعين والهين صرعى من شدة عطشهم الى زلال حياتهم، ومن غاية شوقهم الى روضة صلاتهم أسكرتهم النطرة، وأحرقتهم النضرة، وأحيتهم القطرة، بربهم متواجدين، واجدين مهرولين، من ركن الى ركن، منشدين:
«ظهورك في فكري
ونورك في ذكري
وأنت كما تدري
بكلك في صدري
ووجهك في وجهي
وعيدك لا يدري
وحبك في قلبي وأمرك في أمري... الي اخر النص
ظل ابن عربي يُحرر أفكاره دون توقف او تعب، على الرغم من بلوغه الثمانين، ودفن في تربة القاضي ابن الزكي. ان لقبه ابن عربي من تعظيم في حياته، قد تعاظم وازداد بعد موته، حتى انه ينظر إليه على أنه المنظر الأكبر للفكر الصوفي الاسلامي بفعل النتاج الاشكالي الهائل الذي خلّفه وراءه.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
زهير عثمان حمد
عصام علي أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست