غنماية النعيم " مبروكة" وحربها ضد الدولة

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 01:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-16-2009, 08:19 AM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
غنماية النعيم " مبروكة" وحربها ضد الدولة




    توطئة

    في منتصف ثمانينيات القرن الفائت تعرض السودان لموجة جفاف عارمة تأثرت بها أجزاء مختلفة من البلاد أهمها كردفان ، فنزح جزء كبير من أهلنا إلى الخرطوم من بيئة متصالحة مع الإنسان والحيوان إلى بيئة تقدس الفرد وخصوصيته بشكل رتيب وتحافظ على ممتلكاته بشكل مغاير عما اعتاده الناس في البادية.

    ويغيب النعيم عن النعيم

    النعيم أحد الذين نزحوا هو وأسرته من كردفان إلى الخرطوم واختار أن يحرس عمارة تحت التشييد ، لأنه لا يستطيع أن يدفع أجرة شهرية لأي منزل أيا كان شكله وأيا كان المبلغ المدفوع ....
    الحي الذي قطنه النعيم من الأحياء الفخيمة التي يحرص ساكنوها على سفلتة الحيشان ورصفها وتشجير الشوارع وتصميم الحدائق الفارهة التي تتنوع فيها النباتات بتنوع الفصول وتنوع الفصائل ، كالزهور المختلفة ، الأشجار الشمسية والظلية ، المحددات بأنواعها المختلفة من دورنتا وبنفسج وغيرها وما يستخدم في التسوير من دمس وأركويت وغيره وهكذا ....
    لم يحتمل النعيم أن يعيش بين جدران أربع أو أن يرهن نفسه لما يتاقاضاه من جنيهات معدودة يستلمها كل بداية شهر ميلادي نظير مراقبته لمواد بناء العمارة التي يحرسها مع الحرص على رش أعمدة العمارة حديثة الإنشاء " وسقاية الزرع الذي شتل بنظام هندسي جميل خارج سور المنزل ليشمل ثلاثة شجيرات من " الزيزينا" وثلاثة أخرى من النيم وشجرة " البرازليا التي أحاطها صاحبها بسياج من حديد مرتب بشكل جيد لكل شجيرة من شجيراته... تذكر النعيم باديته وتحنانه للماشية والأغنام وهي ترفل في رمال كردفان العامرة بتلالها وشجيراتها التي تمنح هذه الدواب خيرات وفيرة ... لم يفكر النعيم كثيرا في البيئة الجديدة التي قدم إليها بل كان كل همه الخير الذي عاشه وخبره من خلال علاقته المميزة بأغنامه هنالك وفي كردفان فقط التي دائما ما يفاخر بها عندما يذكرها لأهل الحضر قائلا " كردفان الغرة أم خيرا جوة وبرة " ... بعد مرور وقت ليس بالقصير استطاع النعيم أن يشتري غنماية حامل في شهرها الرابع بمبلغ تقاضاه من صاحب العمارة التي يحرسها ، مبلغ هو بحاجة إليه لشراء خبز وحليب وبعضا من ملابس قديمة لأبنائه الذين نمت أزهارهم وطالت أغصانهم واخضرت أوراقهم في فناء عمارات تحت التشييد كانت كافية لفضح طفولتهم البريئة للجميع فيا للقلوب التي يملكونها ويا للأمل الذي يحدوهم ؟؟؟... حمد النعيم الله كثيرا على هذه النعم .. سكن يوفر له مصدر رزق يا لها من نعمة يتنافس عليها الكثيرون .... أطفال أصحاء يستطيعون أن يذهبوا لمدرسة الحي دون جهد كبير سوى جلب شهادة تثبت بأنهم من قاطني هذا الحي ، وزاوية يصلي فيها الصبح والمغرب و .... و..... وغنماية ولود تعيد إليه زهرة شبابه التي قضاها في كردفان . ويفاخر النعيم مرة أخرى " مقتول هواك أنا يا كردفان ، مقتول هواك أنا من زمان " ويسترسل في ذكر محبوبته فطين " أسلك معاك دربا عديل ، أمشيه في قوز الرميل " ، رغم كل هذا فإن للنعيم حنجرة قوية يطرب بها نفسه وينطرب لها كل من استمع إليه ، حتى المارة ، لكن بعض أهل الحي يرون في ذلك تخلفا ما بعده تخلف وإزعاج ما بعده إزعاج ...

    ميلاد ظنه النعيم مباركا


    قام النعيم بتسمية غنمايته الجديدة بمبروكة التي لم تنتظر سوى أسابيع قليلة لتضع توأما من السخلان طرب النعيم طربا شديدا لقدوم السخلان الجدد ، طربا يفوق طرب أبناء الحي الجديد لسماع محمود عبد العزيز أو نادر خضر أو أيا من المطربين الذين يملأون سماء الخرطوم ... ويتذكر أيامه الخوالي وحبه لبنات الكبابيش في كردفان وغنجهن وطيبهن وحلو معشرهن وينشد أناشيدا جميلة منها :
    يا شيكة البنصرف من بنوكا فيها
    جاهلة صغيرة زي عزف الموسيقى مشيها
    يا ديفة المن غير شرك أنا ناري ما بتدنيها
    تسع أميال بعد ريحة المسك باريها
    ثم يغير هذا الروي بروي آخر


    ياشيكة البنصرف من هيئة اليونسكو
    جاهلة صغيرة بتدق في مشيها الديسكو
    يا ديفة من الغير شرك أنا ناري ما بتمسكو
    تسع أميال بعد تجيك ريحة مسكو
    ويزيد وينقص طربا بمقدم المواليد الجدد

    لم يفكر النعيم في أن يمسك غنمه عليه بل يجادل كثيرا جيرانه بأن الرزق مكتوب للإنسان والحيوان ولا داعي لأن تقلق نفسك كثيرا بأمر تكفل الله به .... يكفي جلسة واحدة مع أمثال النعيم لتحسن ظنك بربك ....
    نصحه بعض أصحابه بأن غنمه هذه سوف تجر المصائب عليه جرا والأفضل أن يزربها ويعلفها في مكان مغلق في مسكنه الجديد ... أو يتخلص منها .... لكنه لم يستمع إلى أحد ...
    ما إن يأتي الصباح إلا ويفك النعيم قيد غنمه الثلاث ليجعلها ترعى من أشجار الحي وما تجود به أرض الحي الزراعيه من حشيش يملأ جنبات الحي أيام الخريف ...
    اشتكى العم علي مرارا وتكرارا من غنم النعيم ونصحه بأن يمسك غنمه عليه وإلا سوف يضطر إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضده ، لم يأبه النعيم لنصائح جاره علي واستمر في عادته القديمة وربما هي المرة الأولى في حياته التي يسمع فيها كلمات مثل كلمة إجراءات قانونية فالقانون عند النعيم قانون لا يعرف المدينة ولا المدنية قانون يحتكم فيه إلى ناظر القبيلة لا يعرف أوراقا ولا محاميين بل أعراف يلتزم بها الجميع في بيئة آمنة مطمئة يأتيها رزقها رغدا ، والمشاكل مهما تعقدت فمجلس القبيلة كاف لحلها ... هدد العم علي النعيم بأنه سوف يذهب بغنم النعيم إلى زريبة الهوامل بحلة كوكو بعد أن قامت غنماية من غنم النعيم بقضم شجرة المانجو التي قام علي برعايتها وتوفير الماء لها كأولاده تماما ، فيعمل العم علي على تشغيل محركه الكهربائي يوميا من الرابعة صباحا عسى ولعل أن يظفر بماء قليل يكفي ليوم واحد ، في بلد يجري فيها النيل مجرى الدم من الجسد ، ولكن لا حياة لمن تنادي ... ودائما ما ينشد العم علي بيت الشاعر بعد كل أزيز محرك يسمعه من جيرانه فيقول :
    كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء بين ظهورها محمول ...
    اشتعل العداء بين النعيم والعم علي بصورة واضحة وسافرة يلاحظها كل المارة ، والنعيم لا يأبه كثيرا والعم علي يندب حظه بأن غنماية النعيم لم تترك فرصة له لتربية أشجار المانجو بعد قضمة يعتقد العم علي بأنها سامة .
    في كثير من الأحيان يجادل النعيم ويحلف بالله بأن أولاده يسرحون بالغنم ولا يمكن لهم أن يتركوا غنماية واحدة أن تأكل شجرة لجار فهو يعرف الأصول أو هكذا يدعي ....
    ذات يوم قام جدي من" مراح " النعيم الذي تنامى بالدخول في سياج محكم لشجرة زرعها نزار أحد فتيان الحي ، لم يستطع الجدي الخروج ، ويبدو أنه فكر في الدخول ليقضم بعضا من أشجار " دقن الباشا" التي زرعها نزار . قام نزار باستدعاء أحد الجيران ليشهده على ذلك ، وقام الجار بنصيحة نزار بأن يبلغ كل من في زاوية الحي بما فعله الجدي بل ليحضر الجميع لرؤية المنظر ، انفعل نزار قليلا وقال أن الأمر لا يحتاج لهذا العناء وكلها خبطة على رأس الغنماية أو رأس النعيم وسوف تننهي المشكلة خرجت أم نزار حاجة فاطمة منذرة نزار بأنه لوفعل أي فعل مشين كهذا فهو لا ولدها ولا تعرفه ، قام نزار باتباع نصيحة الجار ورغبة في عفو والدته ورضاها واكتفى بإبلاغ أهل الزاوية ورئيس اللجنة الشعبية بما فعله جدي النعيم وبرؤية ذلك عيانا لا إدعاء ، شهد الجميع على ذلك وقام رئيس الحي بإيفاد صبية من الحي لبيت النعيم ، وما إن وصل الفتية لبيت النعيم إلا وجدال يسبقهم بأن هذا الجدي ليس من ممتلكاته وهذا إدعاء كاذب لايمكن تصديقه ، قام الفتية بإبلاغ النعيم بأن رئيس اللجنة الشعبية ينتظره ومن الأفضل أن يذهب ليؤكد أو ينفي إنتماء الجدي لمملكته ، ذهب النعيم مع صبية الحي وما إن انتصفت المسافة إلا والنعيم يسلم على بعض أصحابه ويستأذنهم في الدخول إليهم ولم يظهر أثر للنعيم حتى المساء ....
    هنا انبرى رئيس اللجنة الشعبية مخاطبا الجمع في أن النعيم يشكل خطرا على هذا الحي واستفزازا صارخا وأن كل من ادعى أنه تضرر من النعيم أن يذهب إلى الشرطة ليشتكي وتأخذ العدالة مجراها أو أن نقنع صاحب المنزل بإخراج النعيم من منزله ... وأن اللجنة الشعبية جاهزة لدعم أي مشتكي يشتكي من غنم النعيم ، هنا قام حكماء من أهل الحي بأن الخيار الثاني هو الأفضل .. ما إن سمع الفكي بالخيار الثاني إلا وقال أن صاحب هذا المنزل موجود في أستراليا ولا نملك له أي عنوان ولذلك نرى أن استخدام القانون في مواجهة النعيم أمر ضروري وهام للمحافظة على البيئة وتقليل ثقب الأوزون وغيرها من الحكم التي يحفظها أهل البيئة ...
    علي الصبور يفقده النعيم أعصابه
    قرر علي التخلص من شجرة المانجو واستبدالها بشجرة أخرى وقام بزيادة الحفرة وعمل على تحضير سياج محكم من حديد لحمايتها هذه المرة وأثناء هذا التحضير قامت غنماية من غنم النعيم بمباغتة العم علي ومرواغته لتتناول وجبة دسمة من أشجار الأركويت التي تحيط بسور المسجد ، قام العم علي بإلقاء القبض على الغنماية وربطها بعمود الكهرباء الذي يبعد خمسة أمتار من بيت العم علي ، وما مرت لحظات إلا وأتي النعيم يحمل عصا دثرها بجلد بقر لحمايتها من عوامل التعرية المختلفة ودون مقدمات تذكر تشاجر الرجلان بالقرب من الحفرة التي حفرها علي وبعد معافرة ومعافسة ومدافسة يقع العم علي في الحفرة لا يستطيع حراكا بعد دفعة قوية من النعيم بعصاه ، لم يكن هنالك أحد يراقب هذا المشهد سوى الله الذي يعلم السر وما تضمره النفوس المتشاحنة ، انتهز النعيم فرصة تقاعس علي في الحفرة وقام بجذب غنمايته وأخذها إلى المنزل ، بعد أن فاق العم علي من الإغماء قام بالذهاب إلى خزانته العتيقة وحشا مسدسه الإيطالي برصاصات احتفظ بها لمجابهة أهل الشر من زوار الليل وأمثال النعيم وقرر إنهاء حياة النعيم و ما إن أحست زوجة العم علي بحركته المريبة إلا وذهبت لتبلغ جيرانها من أهل الزاوية بأنهم إذا لم يتداركوا الأمر فسوف تحدث جريمة اليوم وأنها أدرى بزوجها وبحالته العصبية ..
    قام مجموعة من رجال الحي بمطاردة العم علي بسياراتهم الفارهة وما هي إلا لحظات ويلعن علي الشيطان ولكنه يحلف بالله بأن لا يترك أشجاره تتلف بأغنام شخص متخلف كالنعيم ، أقنعه رجال الزاوية بأننا في العام في العقد الآخير من الألفية الثانية م وأن السودان دولة قانون ولابد أن تأخذ الإجراءات مجراها ... قام العم علي بعد الإستغفار بالذهاب إلى نقطة بسط الأمن الشامل بالحي وما هي إلا لحظات ويأتي متحري يتحرى مع النعيم ، بل يرسله إلى مركز المدينة لإكمال التحقيق هنالك ...
    يصرالعم علي بأن لا يترك هذه الفرصة تفوت ويصر النعيم بأنه مظلوم ، وتتحول القضية برمتها إلى قضية جنائية ، يهول بعض فتيان الحي الأمر للنعيم بأن لابد له من شهود يشهد معه فلايجد سوى جاره بيتر الذي يسكن في بيت تحت التشييد على بعد أمتار لا تتجاوز المئة من البيت الذي يسكنه النعيم ، يحدد تاريخ للمحكمة ويأتي خبير من الجامعة لتقييم الأشجار .... أقنع النعيم بيتر للشهادة له ، علما بأن بيتر لم يكن حاضرا للحادثة ولم يحكي له النعيم ماحدث تفصيلا ...

    في المحكمة بيتر " ما شافش حاجة" ...

    يسأل القاضي بيتر : ما ذا رأيت
    يقول بيتر : والله يا مولانا أنا جيت من شغل تعبان وبعدين قلت لبت جيبي موية ، بعدين بت مشت لي زير لقتو بارد .......... لا يصبر مولانا كثيرا لقصة بيتر المطولة ويقاطعه قائلا : يا زول ماتحكي لينا قصة حياتك ياخي شفت شنو ..
    يواصل بيتر : شوف يا مولانا بت لقت زير بارد وبعدين قامت شالت الموية بالكوز ...يتأفف مولانا من قصة بيتر لكن بيتر لا يأبه كثيرا لمولانا ويفكر في مناصرة جاره النعيم ويقول : بعدين بت جابت لي موية باردة ختتو في صينية وبعدين ختت صينية في طربيزة وأنا قمت مسكت الكوز لقيت موية باردة هنا ينفعل القاضي قائلا : بالله يا زول ما تتطول الموضوغ والحكايات ياخي شفت شنو خلصنا بعد أن يستنفذ كل صبره ويضرب بمطرقته الطاولة العتيقة التي وضعت أمامه وهنا يرد بيتر قائلا : دقيقة يا مولانا نشرب لموية .
    هنا يقتنع مولانا بأن شهادة بيتر لا تسمن ولا تغني من جوع ويطلب منه مغادرة المحكمة ...
    ترفع الجلسة وفي جلسة قادمة يستطيع العم علي أن يأتي ببعض الشواهد التي تبرهن تورط غنماية النعيم في تلف أشجاره وأشجار جيرانه ، مسكين النعيم الذي لم يجد مناصرا هنا يطلب قاضي المحكمة بتكليف الدكتور ماجد أستاذ الغابات بالجامعة أن يقيم الأضرار ...
    الدكتور ماجد ودرس في البيئة
    يأتي الدكتور ماجد محملا بتقرير لا يقل عن عشرين ورقه ويتلوه على الجميع بشيء من الشرح المفصل ...
    اسمع يامولانا والكلام للدكتور ماجد: الأشجار لا تقدر بثمن ... يرعاها الإنسان كرعايته لأولاده يعمل على توفير الماء لها صباحا ومساء ويلاحظ مراحل نموها كنمو الاطفال من شتلات صغيرة إلى أشجار تكبر أمام عينيه كأطفاله تماما ...
    يقاطعه مولانا : كم تقديرها يا دكتور ماجد ؟ يقول الدكتور ماجد الشجرة لا تقدر بثمن ومن يقوم بقطع الأشجار حسب قانون الغابات المعدل يقوم بمحاربة الدولة لأن الدولة تقوم بحماية البيئة والأشجار جزء أصيل من البيئة .... يسخر النعيم لمقولة الدكتور ماجد ولكن الدكتور ماجد يواصل بعد مسارعة مولانا له فيقول الدكتور ماجد إن كان لابد من تقييم فليكن أعلى قيمة يمكن أن تدفع تعويضا ولتكن نصف الدية مثلا ... يقاطعه القاضي بأنه لا يمكن أن نساوي بين الشجرة والإنسان ، يواصل الدكتور ماجدبأن الشجرة في بعض حالاتها أقيم من الإنسان وخاصة أنها تقدم خدمات جليلة للبيئة .. ولكن إن كان لابد من تقييم فليكن مبلغ التعويض مائة ألف دينار .. يضع النعيم يديه على رأسه من تقييم الدكتور الجائر ... ينهي القاضي المحكمة بأن يدفع النعيم خمسون ألف دينارا تعويضا للعم علي .. يهمهم النعيم لكن بعضا من أصحابه ينصحه بالسكوت حتى لا يجر لنفسه المصائب ... يقول النعيم بأنه لا يملك هذا المبلغ الذي فرضه القوي على الضعيف ... يأمر القاضي بسجن النعيم وأغنامه حتى يتم تسديد المبالغ ...
    في منزل العم علي يأتي بعض الجيران كواسطة خير قصدها الإصلاح وبأن على العم علي التنازل لا من أجل النعيم ولكن من أجل أطفاله ، تتدخل زوجة علي لتطلب منه أيضا أن يتنازل ، يتنازل علي عن حقوقه ولكن بشرط أن يكتب النعيم تعهدا بأن لا يقترب من أشجاره مرة أخرى ...

    سيان سجن المنزل وسجن الحكومة
    وما إن يخرج النعيم من السجن الذي مكث فيه يومين كاملين إلا وبيتر وبعضا من الجيران يهنئونه بالخروج وتستمر حياة النعيم كما هي ولا يكترث كثيرا للمحكمة ولا للأيام التي قضاها في السجن ويترك أغنامه مرة أخرى لتدمر حديقة حاج الطيب الذي يقطن بالقرب من الزاوية أيضا ... حاج الطيب يقوم بسجن الغنماية في منزله ريثما يأتي أبناؤه لحملها إلى بسط الأمن الشامل .... يسبق النعيم حاج الطيب إلى بسط الأمن الشامل وهنالك شرطي من المنتسبين إلى الدفاع الشعبي ... يقول حاج الطيب للشرطي بالله عليك راجع تعهدات هذا الرجل الذي ضرب بها عرض الحائط .... يراجع الشرطي ملف النعيم ليجد أنه ملئ بالتعهدات التي لم يلق لها بالا ولم يضع لها إعتبارا .. يقول الشرطي للنعيم إنت عارف يا النعيم أنا حا أسجنك ستة شهور يرد النعيم لماذا ؟ يرد الشرطي لأنك بتحارب في الدولة .. يرد النعيم كيف ؟ يقول له الشرطي لأن الدولة مع حماية البيئة وزراعة الأشجار وأنت ضدها ..... وماهي إلا أيام ويقرر النعيم مغادرة هذا الحي الذي لا يناسبه ..... يحمد أهل الحي الله بأن فارقهم النعيم ويحمد النعيم ربه عشرات المرات بأنه غادر هذا الحي .... لم يعرف إلى الآن إلى أين ذهب النعيم ..........

                  

05-16-2009, 06:22 PM

الصادق ضرار
<aالصادق ضرار
تاريخ التسجيل: 11-05-2007
مجموع المشاركات: 2345

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غنماية النعيم " مبروكة" وحربها ضد الدولة (Re: انور الطيب)

    سرد رائع اخي انور الطيب
    في تشابه بين غنماية النعيم و كلب آل باسكر فيلد الذي قرأته هنا قبل فترة
    Quote: هو كلب بخلاف كلب أل باسكر فيلد في الرواية العالمية الشهيرة..
    بل هو على العكس منه تماماً..
    فرغم التشابه السجعي العجيب بين اسمي صاحبي الكلبين الا أن الذي بين الحيوانين مختلف جداً..
    فأحدهما شرس والآخر شره..
    فكلب آل بابكر عيد يأكل ـ كما يقول المثل ـ أكل السوسة والعافية مدسوسة.
    أو بالأحرى عافيته لا تتجلى الا في الداخل..
    فهو حين ينهزم ـ كعادته ـ خارجياً يهرع نحو البيت لينتقم مما بداخله من حيوانات مسكينة..
    ينتقم من الدجاج، ومن القط، ومن الحمار، ومن الغنم..
    وصار كلب آل بابكر عيد مضرب مثل في بلدتنا ـ بأقصى الشمال ـ في (التهويش)..
    فهو ما أن يحاول أن يستأسد على هدف خارجي الا وينتقل الاستئساد نحو الداخل سريعاً ليبقى بالخارج صدى الاستنعام..
    وكلما كان الصدى هذا ضاجاً بما في الخارج من ضحك وصخب وصياح كان الانتقام بالداخل عنيفاً تجاه دواجن وحيوانات آل بابكر عيد.. وفي لحظة غضب أعقبت واحدة من نوبات الاستئساد (الداخلي) المزعجة طلبت زوجة بابكر من أبنائها التخلص من الكلب (العِرَّة) عبر أية وسيلة يرونها مناسبة.. قالت انه كلب لايصلح لما تصلح له الكلاب رغم أنه (يطفح) في اليوم ما تطفحه كل كلاب الحلّة في اسبوع.. وأوشك الأولاد على تحقيق أمنية والدتهم لولا أن أباهم تدخل في اللحظات الأخيرة داعياً الى منح الكلب فرصة لتصحيح (الاوضاع).. قال أنه يتفق مع (الحاجة) في أن الكلب (يشتغل) بشكل (عكسي) ولكن ربما تكون هذه (الشقلبة) تمريناً له على مواجهة (الأهداف) الخارجية.. وصبر آل بابكر عيد على الكلب.. صبروا عليه شهراً، وشهرين، وثلاثة.. وخلال شهور الصبر هذه اجتهد بابكر عيد في أن يُعلِّم كلبه ما يجب أن تفعله الكلاب.. اجتهد في أن يجعل منه (كلباً).. ثم فترت عزيمة بابكر.. وفرحت (الحاجة) حين أسر اليها زوجها ذات ليلة أن الكلب موعده الصبح.. وفي الليلة تلك تجاوز الاستئساد الداخلي للكلب كل الحدود.. فقد تلقى هزيمة نكراء بالخارج.. هزيمة أوقعها به جرو صغير لا يتعدى عمره عمر صبر آل بابكر عيد على كلبهم.. أي العمر (الاضافي) الذي قرروا منح كلبهم اياه أملاً في أن تستقيم أموره.. فقد أحدث الكلب في الليلة تلك صخباً لم يعهد فيه من قبل وكأنه أراد أن يطبّق حرفياً مقولة (سهر الجداد ولا نومه).. ولكن لم يكن الدجاج وحده هو الذي سهر.. فالحمار والقط والأغنام والنعاج لم يطرف لأي منها جفن في تلك الليلة.. وكذلك أفراد أسرة بابكر عيد.. ثم حدث فجأة شئ عجيب.. حدثت جلبة مخيفة ارتجت لها جنات المنزل ثم هدأ كل شئ.. أطبق سكون رهيب على الأرجاء.. سكون لم يشرخه الا صوت المؤذن وهو (ينبه) لصلاة الفجر.. وقام حاج بابكر للوضوء متثاقلاً من اعياء السهر وهو يدمدم (يا كلب.. أليس الصبح بقريب؟!).. وفوجئ حين خرج من الغرفة بأن باحة المنزل قد صار عاليها سافلها.. أما الكلب فقد
    كان مسجي في منتصف الباحة وما في جسده شبر الا وفيه نقرة ديك، أو رفسة حمار، أو (خربشة) قط، أو نطحة خروف.
                  

05-17-2009, 08:42 AM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غنماية النعيم " مبروكة" وحربها ضد الدولة (Re: الصادق ضرار)

    الاخ صادق ضرار .........
    تحياتي الحارة وشكري لمرورك .. وتعليقك ، وفي الحقيقة كلامك صحيح في التشابه الذي لمسته بين كلب آل بابكر والغريب في الأمر قرأت قبل لحظات بعضا من أوراق لجمال غلاب أظنها حكايات متسكعة لشخص بقربي كان يحمل هذا الكتاب والصفحة التي افتتحت بها كانت عبارة عن قصة لقطة فيها من ا لتشابه الكثير غير أن غنماية النعيم غير مسؤولة عن حماية أملاك أو مراقبة أشياء له والفرق أنها هي التي تطعمه ولكن تجر له المشاكل ، رغم أن قطة غلاب وكلب آل عيد منوط بهم أمر الحماية والمراقبة ... فكان الله في عونهم ...

    على العموم لك شكري وخالص تقديري

    (عدل بواسطة انور الطيب on 05-17-2009, 08:49 AM)

                  

05-17-2009, 08:46 AM

انور الطيب
<aانور الطيب
تاريخ التسجيل: 10-11-2003
مجموع المشاركات: 1970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: غنماية النعيم " مبروكة" وحربها ضد الدولة (Re: الصادق ضرار)

    عفوا للغياب ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de