|
الوالي الجديد: هل يفك "كلابيش" شمال كردفان المزمنة؟
|
الوالي الجديد: هل يفك "كلابيش" شمال كردفان المزمنة؟ بقلم: فخرالدين كرار
إذن قضي الأمر الذي كان، فقد قذفت الخرطوم بقادم آخر استغنت عن خدماته، أو "فنشته" كما يقول أهل الخليج حين ينهون تعاقدك وهي كلمة إنجليزية الأصل "Finish" دخلت إلى اللهجة المتداولة هنا بالاصطكاك. فوالينا الجديد جداً جداً، أدام الله والينا، هو العم محمد أحمد الطاهر أبوكلابيش، وهو أحد أصدقاء الوالد عليه رحمة الله منذ أيام مايو التي لمع فيها نجم "أبوكلابيش" حين أشار إليه الراحل المقيم عمر الحاج موسى في تلك الخطبة البليغة التي ألقاها على مسمع "الرئيس القائد" فكانت له "كخطبة الوداع"، إذ لقي ربه بعدها بسويعات وكان فقده كبيراً. الكلابيش هي آخر ما يحتاجه القادم الجديد إلى سدة الحكم في شمال كردفان، فقد أخرجت الخرطوم من جرابها عشرات الهواة والمحترفين الذين توافدوا على كردفان المظلومة، منهم "أبناء الدفعة" من ضباط الجيش، و"شباب التنظيم"، ودكاترة ما نفعت "دكترتهم" في علاج شيء، كان بعضهم كما الحاوي الذي يحاول جاهداً أن يصنع من الفسيخ شربات، بينما أراحت الأغلبية نفسها عن وجع الرأس هذا فراحت تروج لبضائع مسلوقة في سوق المركز، وعادوا من حيث أتوا، ما أن يُقال الواحد منهم حتى يفر مدبراً كأنه لا يلوي على شيء، لا تسعفه أريحيته ببعض الوقت ليقل حتى وداعاً في الرحيل، وتبقى كردفان كما هي منذ عهود، رثة الحال مثل أطفالها المهمشين، تشكو لربها ظلم من جاروا عليها وهي التي صنعت لهم الديار التي يقيمون فيها حكمهم العضوض. أرسلت الخرطوم ما وسعها من حكام وولاة سابقين، أتى معظمهم لتعلم الحلاقة على رؤوس اليتامى والغبش، فما نفعوا كردفان الأم في شيء وإنما زادوها بؤساً وشقاء وهي التي ما فتئت تخرج من بطنها ثروة يفيض خيرها على الآخرين ثم لا يغشاها من ذلك كله شيئاً. ماذا بوسع أبوكلابيش الكردفاني أن يقدمه لأهل الديار التي تربى في نجوعها وسهولها ووديانها، هل تستخدمه الخرطوم بمكرها المعروف، تهيئة للانتخابات التي لا تزال حظوظ إقامتها في كف عفريت أو شيطان التفاصيل كما يقولون؟ هل جاء لكي يعد الملعب للسادة الحاكمين بأمرهم في المركز لكي ينتظر مكافأة جديدة أم هل تخلصوا منه لكي يكون قريباً من من أهله في "النهود" حين تزف ساعة الوداع فلا يتجشم عناء الطريق من الخرتوم إلى اللِبيض؟ وهل ستكون مدة ولايته هذه الأشهر المعدودة إلى أن يختار الكردفانيون بملء إرادتهم الحرة من يرونه مناسباً لخدمتهم دون أن يمليه عليهم أحد، أم أن "التمديد" سيدخل ليرفد الرجل بأشهر أو سنة، أم تكون له أوبة أخرى إلى "كرش الفيل"؟ لن نرهق عناء العم "أبوكلابيش" بحديث عن غياب التخطيط الإقليمي الذي تحتاجه كردفان الأم أكثر من هذه التي يسمونها "الخطة الإستراتيجية" التي تتماهى فيها الأطراف والتي يدوشنا بها كردفاني آخر هو الدكتور تاج السر محجوب شقيق زميل الدراسة في خورطقت "رحمها الله" أبو البشر محجوب. ولن نزعج عمنا أبوكلابيش بمشروعات الأثر المباشر ولا ببنك الفقراء ولا بالمشاريع متوسطة الأجل التي ستخرج من بطن أرض كردفان عدسها وفولها وبصلها وثومها وتسخر "أنقارا" كما يسميها أهل كردفان أو الكركدي كما يسميه جلابة المركز" و"السنمكة" و"القرض" لجلب الإيرادات وتسديد المتأخر كثيراً من المرتبات، ولن نعييه بحديث عن عائد الثروة النفطية ولا عن نصيب الولاية المنتجة منها ولن نعكر صفوه بالسؤال عن صمغ كردفان الذي أدخلوه في حشف الخصخصة وسوء كيلها، ولا عن المستشفيات ونقاط الغيار والمراكز الصحية التي خلت من الدواء والشفاء فلم يبق منها إلا الاسم (ودونه مستشفى عاصمة الولاية ومدنها الأخرى)، أما المدارس فحالها يحدث عن نفسه، وهل سيغير الوالي بعضاً من هذا الطاقم المشاكس من الوزراء والمعتمدين والمسؤولين الذين شبههم المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بالمنبت الذي "لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى"، وهل سيأتي بأهل الوجعة والعارفين بمكامن الداء الحقيقية من أبناء كردفان من المؤهلين والصادقين، وهم كُثر، (التنمية المستديمة ومحاربة الفقر وإعادة الوئام الاجتماعي الذي عُرفت به كردفان وشكل رصيدها الدائم منذ عهد قدير وشيكان وفولة المصارين، هذا الرصيد الذي بدده هؤلاء المتعاقبين فِعل من لا يخشى الفاقة؟) أم سيكتفي باستراحة يهنأ فيها بالونسة في دكة "عثمان جبرة" ومكتبة القرشي ولدى أحبائه آل التماري، وينعم بهذا الخريف القادم الذي سيغسل عنه ضهب صيف الخرطوم وترابها الكالح ويزيل عنه ما غشاه من رهقها بعد أن حرمته من أن يهنأ بالإقامة فيها ولو إلى حين؟ له المودة والعتبى حتى يرضى، والعاقبة عند أهل كردفان في المسرات أو الجايات كما يقولون. آخر الكلام مثل كردفاني: "الفولة تنملي وبقارة بَجوا" فخرالدين كرار إبراهيم فرح دبلوماسي سابق، أبوظبي
|
|
|
|
|
|