|
Re: القصة الحقيقية لانهيار الامبراطورية الشيوعية / مايكل ماير (Re: ماجد معالى)
|
في صباح اليوم التالي صرخ هونيكر خلال اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي قائلاً: «ما الذي يريده هؤلاء المجريون»؟، كانت الإجابة واضحة، ففي غضون بضعة أسابيع، يبدأ مواطنو ألمانيا الشرقية عطلاتهم الصيفية، والمجر واحدة من وجهاتهم المفضلة. وقد أتاحت سياسة «طبق الغولاش المجري» التي يختلط فيها التخطيط الصناعي الماركسي مع قدر من التجارة الحرة، توفر سلعاً لا تكاد توجد في دول الكتلة السوفيتية المتقشفة في شرق أوروبا، ومنها المطاعم الراقية والطعام الوافر والنبيذ الجيد.
كانت هذه الأخبار بالنسبة الى هونيكر كابوساً أعاده مباشرة الى عام 1961، وهو العام الذي بني فيه جدار برلين لمنع مواطني ألمانيا الشرقية من الهروب الى الغرب. وكان هجوم نيميث على السياج دعوة مفتوحة للألمان الشرقيين للتوجه جنوباً لقضاء «عطلاتهم» والذهاب الى الغرب عن طريق حدود المجر المفتوحة.
وذلك ما حدث، حيث واصل سكان ألمانيا الشرقية طوال ذلك الصيف الفرار من بلادهم بأعداد متزايدة. وفي حزيران/ يونيو كرر المجريون هجومهم على السياج، وقام وزيرا خارجية البلدية هذه المرة بقص السياج في احتفال رسمي. وبدأ المتآمرون يتنقلون سراً بين فيينا وبرلين، ويجرون مشاورات مع المستشار الألماني هيلموت كول وغيره من المسؤولين بشأن الخطوات التالية. وفي 19 آب/أغسطس تم تنظيم تجمع أطلق عليه اسم «النزهة الأوروبية الشاملة» حيث تدفق مئات من السياح من ألمانيا الشرقية من خلال ثغرة جديدة في السياج. وفي الشهر التالي تخلى المجريون تماماً عن هذه التمثيليات وقاموا ببساطة بفتح الأبواب على مصاريعها. ووصفت نيوزويك ذلك الحدث في عنوانها الرئيسي بأنه «الهروب العظيم»: وهو رحيل جماعي مهد السبيل لسقوط جدار برلين.
ورغم مرور 20 عاماً على ذلك الحدث ما زلت أشعر بالحيرة. وقد اعترف كثير من الخبراء بأننا «لم نتوقع أبداً حدوث ذلك». ومهما يكن من أمر، فقد كانت المؤشرات موجودة منذ عيد العمال وقبله، وكانت أشبه ما تكون بصرير ركام ثلجي وتكسره قبل انهيار الجرف الجليدي. لقد استمرت الحرب الباردة زمناً طويلاً جعل تخيل التغيير أمراً صعباً، ولكن الحرية تفتحت كوردة في نهاية الأمر.
عن مجلة «نيوزويك» (عدد 12 أيار 2009)
| |
|
|
|
|