|
الثقافة السرية-رواية
|
هذه هى قصة عبد العظيم ، حاولت كتمنها نحو أربعين عام ونيف ، لكننى قلت لنفسى ربما قضيى أمرى
وذهبت مع الريح كما تذهب الاشياء والناس ثم لا أحد يعلم من أمر هذا الرجل الغريب الأطوار . ذلك
الرجل النتن ، العفن . فينشأ له نسل يدعون عكس ذلك فيزيفون التاريخ. ربما أقاموا نصبا أو مزرا
وأدعوا بصالحية أبيهم . بل لأننى أدرى تمماما وأعلم أمكانية أسطرت الحكايات قلت لابد من البوح
بالسر والكتابة عن هذا الرجل الذى وصفه الصحافيون بالرجل ذى الأظفار المتسخةوالايادى القذرة .
عبد العظيم هذا بلغت نجاسته درجة من عدم التحكم فى التبول والتغوط فصار به سلس لدرجة انه لا
يقوى على التحرك دون وضع حفاظ كبير من القطن أو البمبرص خشية أن تسيل عفونته. عبد العظيم هذا رجل به دعه و له من المال والبنين والحشم والخدم ما لم يخطر على بال. وقفت عند
تلك الربوة موليا ظهرى للبحر العريض وخلفى طيور أفريقية مسنة تلفحنى نسمات شتوية لكنها
جافة فى بلد أطول صيف حار فى العالم . بدأ لى قصر عبد العظيم اشبه بقلعة سرية مليئة باللالقاذ
السياسية والعفاريت ، والقصص الخرافية ، التى ظل يحكيها الناس هنا عنه. خاصة قصصه مع رجال
السياسة ، والعلية من القوم. حدثنى شخص بأن هذا قصر واحد من قصوره المنيفة ، التى تم توزيعها
على طول البحر ووسط المدينة. تحدث الناس عن مصادر مال عبد العظيم ، فمنهم من زعم مقدرة عبد العظيم على
تنظيم واعداد الحفلات الليلة السرية، ومنهم من زعم اتجاره فى الدعارة ، والمخدرات بعد أن
أ تكوين شبكة قوية من المنتفعين . قيل أنه تمكن من معرفة اسرار ، ومعلومات ، وفضائح بعض
الساسة ، ورجالات الدولة ، فهم يهبون له المال ، ويغدقون عليه بالنعم خوفا وخشية من أن تتسرب
المعلومات والفضائح التى يجيد الحصول عليها ليوظفها فى اللحظة المناسبة.
لكن قبل كل ذلك ، دعونى أصف لكم الوضع فى هذه المنطقة ، أعنى الوضع الاجتماعى والاقتصادى
والسياسى .فقبل مجيئى الى هذه المدينة كانت هى حلمى الأول و الأخير ، كنت أعمل فى السكك الحديدية
فى وظيفة محولجى ( وهو الشخص ) عامل التلفونات ، قضيت نحو ربع قرن ، متنقلا بين محطات غرب
بمكانة اجتماعية فى تلك المدن الريفية. كنت دائما أسكن فى
تلك البيوت المخصصة للمحولجية ، أو ناظر المحطة ، وعمال الدريسة . فى الغالب ما تكون تلك
البيوت مبنية من الطوب الأحمر ، بينما تكون كل القرية عبارة عن قطاطى وعشش من قصب الدخن .
أنا أصلا أنتمى الى شرق السودان ، لكننى لم أعرف من هذا الشرق شيئا ، أخبرتنى أمى بأن أبى كان
بيجاويا ، رجل جبلى ، خلوى قوى الشكيمة به فرسنة مات وأنا فى بطن أمى ، أما والدتى لا أعرف لها
جهة فكل ما أعرفه عنها أنها كانت زوجة أبى . نواصل
|
|
|
|
|
|