نايلة ، فتاة جميلة و يتمناها الكثيرون زوجة ، و رغماً عن هذا ، تم طلاقها بعد خمسة و خمسين يوماً بالتمام و الكمال من تاريخ زواجها. و الأسباب مجهولة ، و لكن السبب المتداول أنها كسولة و ( لا تنفع ست بيت ). شقيقتها منيرة ، حظها من الجمال قليل ، بل قليل جداً ، و لكنها ( ست بيت) من درجة ( الخمس نجوم ) . و كما يقول أهلنا : ( شايلة البيت على راسها ) . طوال ساعات اليوم إما في المطبخ أو محتضنة (طشت) الغسيل أو تقوم (بكى) الملابس أو بتنفيض البيت من الأتربة و الغبار، دون كلل أو ملل. الأب كان قد تنفس الصعداء عندما تزوجت نايلة ، و لكن هاهي تعود ( لمراحها ) ، فصار همه مرة أخرى مضاعفاً. طرق الباب ذات يوم أحد أقرباء الأب . مغترب كانت أخباره قد إنقطعت عنهم لفترة طويلة بعد أن إرتحل إلى مدينة أخرى ، ثم إغترب ، و سمعوا أن زوجته قد توفيت في أول ولادة لها و لم يتزوج بعدها.
04-05-2009, 10:57 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495
برزت علامة إستفهام كبيرة و حائرة لدى الأسرة : يا تري ، ما الذي رمى به في طريقنا بعد كل هذه السنوات ؟ أيرغب في إحدى البنتين ؟ نايلة قالت في نفسها و هي تنظر في المرآة : أكيد سمع بطلاقي و جايي يعرسني. بس ال يخش في إيدي و الباقي هين. دة ما بطير مني تاني. و إبتسمت لنفسها و أصلحت من هندامها و هي تتأبط شيئاً في نفسها الأمارة بالزواج مرة أخرى. منيرة ، تعرف أنها لا تملك شيئا تتباهى به غير ( فنها المطبخي ) لذا فهي تعتمد على مباهاة أمها بها أمام الجارات و الأقارب. و جاء المغترب و تجاذب أطراف الحديث مع صاحب البيت لبرهة ثم خرج مشيعاً بنفس علامة الإستفهام و التي كبرتْ و تضخمتْ. غرق الأب في التحليل و التخمين و هو ينظر للفتاتين. و الأم حائرة ، لمن ترشحه إذا تقدم. قفْزٌ مبكر على معطيات الأمور،
04-05-2009, 10:58 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495
و لكنه حدْس الأم الذي يقوده خوفها على مستقبل البنتين و حرصها على أن تدخلا بيت الزوجية. و منيرة تنظر للأب و كأن لسان حالها يقول : أنا يابوى ، الدور علي أنا. نايلة ، معتمدة على جمالها ، تقبع في غرفتها و هي تتظاهر بعدم المبالاة ، رغم الأسئلة الكثيرة التي تزحم رأسها و الآمال العريضة التي تتراقص أمام عينيها. بعد عدة زيارات غير معلنة الأهداف ، تأكد للجميع ، أن ( زولنا ) يقوم بزيارات إستكشافية. فزادت وتيرة المباراة في البيت. نايلة تتألق بثياب و بقايا ( ذهب ) زواجها الأول التي تسميها صديقتها ( بقايا الحزن القديم ) . و منيرة أخرجت كل ما في جعبتها من أصول الطهى و تلميع الكبابي و تبخيرها بالمستكة و الشاى المنعنع و أبو هبهان و زنجبيل و قرفة. الأم تقف محايدة ، و الأب يقف بحذر في صف المطلقة لأسباب مقتنع بها في دخيلة نفسه. صراع خفي يحتدم بين الفتاتين . و الأم في جهة و الأب في جهة أخرى ، و لكنه صراع مكبوت ، تفضحه أحياناً التصرفات أو التعليقات.
04-05-2009, 10:59 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495
لم يحدث قط أن وصلت الأمور بين الشقيقتين إلى هذا الحد من المناكفة و الغيرة. يأتي (زولنا) ، فتهرع نايلة بكامل أناقتها و أسلحتها الهجومية و تفتح الباب . و ما أن يستقر على الكرسي حتى تكون منيرة قد أتت بالعصير و إرتطام مكعبات الثلج بجوانب الجك الزجاجي يموسق خطواتها الخجولة. بعد أن شرب ( الزول ) نصف الجك و قال إنه عصير لم يشرب مثله من قبل ، تقول نايلة لمنيرة نايلة ، بحكم أنها الكبيرة : بعد دة أنا بودي العصير. تقول منيرة و هي متحفزة : خلاص ، سويهو إنت و وديهو. فتسكت نايلة على مضض ، فهي تكره دخول المطبخ. و عندما سبقت منيرة يوماً نايلة في فتح الباب للزول ، قالت نايلة و هي تلوي ( بوزها ) : الخفة العليكي شنو ؟ فترد منيرة : يعني هو لما خبط الباب ، قال يا نايلة تعالي أفتح الباب ؟
04-05-2009, 11:00 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495
أحيانا عندما يأتي العريس المرتقب هذا ، تختلق نايلة مشواراً لمنيرة للدكان ليخلو لها الجو ، و تبدأ المشاحنة. ما قبل ذات زيارة ، أخفت منيرة كل الذهب التي تتزين به نايلة. و حدثت أول مشكلة بينهما يتدخل الوالدان لفضها و هما في حيرة من أمرهما و الحال الذي وصلت إليه الشقيقتان و إنقلب حالهما رأسا على عقب. و (زولنا) يأتي و ينقل بصره حيث شاء بين الفتاتين ، و حرب خفية تدور بين الأختين ، و هو لا يدري أنه هو الذي قد أشعل أوارها. و إنطلقت أولى الشرارات عندما أتى (زولنا) بهدية و قال للأب : دي هدية متواضعة لأختنا منيرة. لولا الحياء لأطلقت منيرة زغرودة تجيدها تماما. و لكنها أخذت الهدية التي توسدتها بدلاً من المخدة ليلتها ، و سهرت تدعو الله أن يلج الزول في قفصها و التي نذرت إن فعل و ولج القفص لتغلقه عليهما القفص و تبلع المفتاح ( لا دخول لا مروق تاني ).
04-05-2009, 11:01 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495
ليلتها ، مرت الساعات على نايلة و كأنها دهور ، تنظر إلى منيرة تحتضن هديتها و هي تكاد تنفجر من الغيظ. و منيرة لا تفتأ تغني لكى تزيد من غيظها : أول غرااااام ، ياااااا أجمل هدية. أتى الزول متأنقاً في اليوم التالي ، فبادرته منيرة بفتح الباب له منحنية خجلاً تداري جمالها الشحيح ، و كأنها تشكره على الهدية ، و تظهر له إستعدادها لتكملة بقية المشوار ، و لكن زولنا فاجأ الجميع بأن أحضر هدية ( طبق الأصل ) لنايلة و هو يعتذر بأنه لم ينس هديتها و لكنه لم يجد مفتاح الشنطة الأخرى في ذلك اليوم. ألجمت المفاجأة الجميع ، و خاصة منيرة. عقلها المحدود لم يستطع أن يحلل مغزى المساواة هذه. نايلة رغم أنها كسبت معركة و لم تكسب حربا ، أيضاً لم تجد تفسيراً للذي حدث. ماذا يريد هذا الرجل ؟ ربما هو في صراع نفسي للإختيار و المفاضلة.
04-05-2009, 11:03 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22495
و هنا قرر الأب أن يرتاح من هذا الجو (المكهرب) و الحيرة اليومية فسارع بسؤال الرجل سؤالا مباشراً : إنت يا ولدي إتزوجت بعد موت زوجتك الله يرحمها ؟ قال الشاب بهدوء : لا يا عمي قال الأب و هو يكتم سروراً : طيب مستني شنو ؟ قال الشاب بلهفة : عشان كدة جيتك يا عمي ، و كل يوم أقول أفتح الموضوع ، ما بلقى الشجاعة و أقول أخليهو لتاني يوم. أهو كويس إنك سألتني الليلة. و هنا إنفرجت أسارير الأب بإبتسامة عريضة و قال بثقة و هو يمدد رجليه : أها ، ياتا فيهن ؟ فقال الرجل : و الله يا عمي هي قالت لو ما إنت وافقت هي مابتوافق لأنك عمها الوحيد و إنت في مقام أبوها.. قال الأب و هو يهب واقفا كالملسوع : دي منو دي ؟ بت أخوك الشغالة معلمة في السعودية. حتى أخوها المعاها مُحْرم موافق بشرط موافقتك إنت. نايلة و منيرة كانتا تتسمعان إلى حديث الرجلين من وراء ستار، نظرت كل واحدة إلى الأخرى بزاوية حادة من الدهشة المشوبة بخيبة الأمل و الغيظ و الإحباط ، ثم بلا وعْى إحتضنت كل واحدة الأخرى و راحتا في ضحك هستيري ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة