كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
( يِنَيلك يا إسمك إيه ،، دمك شربات ،، ربنا يخليك ليا يا سَبْعِي ) ..
|
فريدة المصرية ، و التي قيلتْ في جدتها الأغنية الشعبية المصرية : الطشت قال لي ، يا حلوة ياللي .. (يعني من كتر حلاوتها ، نطق الطشت النحاسي و تكلم بلسان عربي مبين )،،، و هي التي قالت أن لسان زوجها الرجل المحسي ، لسان أعجمي ..
قرر زوج فريدة أن يأتي بها للسودان ، بعد أن صوَّر لها قريته بالشمال و كأنها منتجع في جبال الألب ، ما أن يدخله المريض حتى تنتفخ رئتيه بسرابيل العافية و الصحة. و تغنَّى لها بكل أغاني الحقيبة التي بها (طاري) النسيم و (الهمبريب) ، و أن منزله يطل على كورنيش النيل ،، (مع أنه من بيته حتى أطراف النيل لا بد أن يكون حريفا في المشي تفاديا للشوك و أنواعه كالضريسا و الحسكنيت )،، و بالغ قليلا حينما قال لها أن ( حبة بلحة واحدة ) في قريتهم ممكن أن تأكل نصفها بعد وجبة الغداء و النصف الآخر بعد العشاء من كبر حجمها ، أما النواية فيمكن أن تسند بها الزير القناوي بكل بساطة.
و توكلا على بركة الله بقطار الصعيد إلى أسوان ، و منها بالباخرة إلى وادي حلفا ، و إلى هنا كانت الرحلة في منتهى الجمال و الفرفشة و القرقرة و هي تخبط بكلتا يديها على صدره بعد كل جملة يقولها و هي تضحك ضحكة كضحكة هندرستم في فيلم ( دماء على النيل ) و هي تقول بغنج : ( يِنَيلك يا إسمك إيه ،، دمك شربات ،، ربنا يخليك ليا يا سَبْعِي ) .. فينتفش (بربرينا) كما الديك الرومي المجهز للذبح قبل أعياد الفصح و الكريسماس. و كلما نظر إليها ( بقية برابرتنا ) و علقوا عليهما بلغتنا النوبية ( In Sammijmoonikko Mina Menna* ) ،، تقول الست فريدة و هي تدور ببضعة أصابع من يديها فوق رأسها في حركة دائرية : (حابس حابس من كل شيطان لابس ،، حيحسدونا يخويا )..
مسكينة فهي لا تدري الحياة في قرانا النوبية ،،
إنه جهاد أكبر ،، خاصة أيام هجوم جحافل حشرة (النمتي) التي تجعل المنطقة خلف الأذن مباشرة منطقة كالرمال المتحركة أو تذكرك ( بالبيتزا ماركة بيتزا هت ) ،، خاصة آذان الأطفال ،، لذا تجد أن معظم أهلنا تلك الأيام يضعون على وجوههم قطعا شفافة من القماش فتضطر للسلام على الناس بعد أن تتأكد من القادم من ثيابه أو حذائه حتى لا تخلط بين الرجل و المرأة لأن الوجه يكون ضبابيا و كأنه في حفل تنكري.
و لكن ما أن وصلت البنت ( أم كل خد عليه خوخة ) إلى ميناء وادي حلفا ، حتى تحول ( الخوخ إياه ) في خديها إلى شيء أشبه بثمار العُشَر في خضرته الباهتة ثم إنقلب إلى لون زرنيخي من شدة الغضب. ثم قالت بصوت كصوت ( ريا و سكينة ) : ( الجواب باين من عنوانو ياخويا ،، هي دي بلدْكو ؟ دي ولا حاقة ،، دي بلدنا اللي في الصعيد الجواني ،، أحلى منها مية مرة ).
فقال زولنا مشفقا ،،، : ( دي يا حبيبتي حلفا اللي غرقها السد بتاعكم و لسع ما عمروها ، أصبري عليها شوية ،، حترجع مدينة تاني ... )
ثم أتى بها إلى موقف اللواري المتجهة بقدرة الله سبحانه و تعالى جنوبا، حيث تكوَّم المسافرون و المسافرات فوق تكويشة العفش و جلسوا القرفصاء ككورة ضربة الجزاء المجهَّزة للتهديف ، فتسلقتْ اللوري بعد عدة محاولات إنزلاقية بمساعدة زوجها ، و تقنطرتْ مع المتقنطرات و المتقنطرين في إنتظار البهدلة جنوبا ،، ثم تسلمت فرْدتي حذائها فردة بعد أخرى رميا من زوجها من أسفل.
و ما أن جلستْ فوق ( التكويشة ) حتى صك مسامعها سيل لا ينقطع من الونسة باللغة النوبية فتلفتت مذعورة و قالت لزوجها : ( يا لهوي ، دول بيقولوا إيه يا خويا ؟) و تجاهل سؤالها عمدا...
و بما أن طريق حلفا السكوت المحس دنقلا بالبر الشرقي أيامها ، ليس به مطبات من النوع المألوف ، و لكنها من النوع الذي يجعل الراكب و كأنه رائد فضاء في مركبة فضائية و هو يسبح في الهواء في حالة إنعدام وزن ، ثم يعود الراكب مرة أخرى و لكن ليس في محله المعهود ، بل إما في حضن واحدة أو واحد ، ثم يتزحزح حبوا إلى مكانه قبل أن يفاجؤه مطب آخر و يفقد توازنه مرة أخرى. المسكينة فريدة ، ( لو كانت شاربة حليب لتحول في بطنها إلى سمن بلدي معتبر ) فظلت صامتة ، و الصمت أحيانا أبلغ من الحديث الطويل ، و كأنها قالت في نفسها : ( لما أشوف آخرتها ) ...
و إلى هناك ،، وصلوا ليلا ،، و المكان صامت ، لا تسمع غير نقيق الضفادع ،، و حشرات ليلية تمارس لحنا نشازا ، و أصوات نباح كلاب بعيدة تبتعد و تقترب ... و ظلام دامس تكاد لا ترى أصابع يديك ،، و سكون مطبق قالت له متوجسة تمسك به من ذراعه : ،، ( هو مافيش كهربا ولا إيه ،، الحتة مافيهاش صريخ إبن يومين .. ) قال بضحك كالبكاء : لا مافيش ..
هنا تملك فريدة غضب من النوع الصعيدي.. فحلفت برأس أبيها و جدودها بأنها لن تطأ ذلك المركب الذي بدا على ضوء البطارية كقوارب الهنود الحمر،،، نحيفا بخشب لا لون له. و أقسمتْ ( فريدة ) مرة أخرى برأس خالها الذي لازال من المطاريد خارجا عن القانون و يعيش في جبال أسيوط بأنها ستعود لمصر ،، و رغم الإلحاح و ( التحنيس ) لم تتزحزح فريدة عن قسمها قيد أنملة ،، و قضت ليلتها في تلك القهوة المعروشة بالجريد و البروش القديمة تتجرع شايا أسودا ،،
و في اليوم التالي ،، وجدوا سيارة (البوستة) متجهة شمالا فتوكل زوجها و شد الرحال لحلفا ثم لمصر بعد أن أوصى بعفشه لصاحب القهوة ليرسلها لأهله مع قبلاته بالبر الغربي الذي كان على مرمى البصر.
أما فريدة ،، فقد قالت لأهلها بالقاهرة بأنها كانت على مشارف قرية خالية من الحياة .. ثم قالت لزوجها : بلدكو إيه جاتك ستين نيلة فيك و في بلدكو.. فإبتسم زولنا إبتسامة المغلوب على أمره ،، اليائس من عودتها جنوبا
________ ترجمة : * In Sammijmoonikko Mina Menna* ال ما بيخجلوا ديل شنو ديل ؟
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ( يِنَيلك يا إسمك إيه ،، دمك شربات ،، ربنا يخليك ليا يا سَبْعِي ) .. (Re: Amany Elamin)
|
أماني الأمين
تحياتي و تقديري
ذكرتني الكرتون المصري بتاع سوبر هنيدي: ايه أنسب وقت تزور في السودان
إبنتي الصغيرة زعلانة من الهنيدي في حلقة من حلقاتو ال جاب فيها الصورة الرسلوها لي من السودان ما ظاهر فيها غير عيون العريس و العروس بس و باقي الصورة مضلمة.
أها قصة فريدة دي حقيقية و حصلتْ زمااااااااااااااااان مع بعض ( البهارات ) .. الغرض هو أن لسان حال غير السودانيات يقول : حلاتكم عندنا و يا شناة بلدكم
شكرا للمرور
دمت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ( يِنَيلك يا إسمك إيه ،، دمك شربات ،، ربنا يخليك ليا يا سَبْعِي ) .. (Re: ابو جهينة)
|
بالرغم من ذلك يا ابا جهينة فأن عديدات من الصعيديات عشن في البلد و تعلمن الرطانة و ولدن صبيانا و بناتا صاروا و صرن رجال و نساء و ملاؤا الدنيا احفادا و حفيدات...زكية جدة زوجتي جاء بها جد زوجتي من الصعيد الى عبري و عاشت هناك بقية عمرها, بل عندما أنه رجع في فترة من من الفترات الى مصر لم ترجع معه و بقيت في عبري تربي عيالها كغيرها من النوبيات المتعودات منذ قديم على سفر الازواج هنا و هناك طلبا للرزق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ( يِنَيلك يا إسمك إيه ،، دمك شربات ،، ربنا يخليك ليا يا سَبْعِي ) .. (Re: سيف النصر محي الدين محمد أحمد)
|
سيف النصر
تحياتي يا قريبي
Quote: بالرغم من ذلك يا ابا جهينة فأن عديدات من الصعيديات عشن في البلد و تعلمن الرطانة و ولدن صبيانا و بناتا صاروا و صرن رجال و نساء و ملاؤا الدنيا احفادا و حفيدات...زكية جدة زوجتي جاء بها جد زوجتي من الصعيد الى عبري و عاشت هناك بقية عمرها, بل عندما أنه رجع في فترة من من الفترات الى مصر لم ترجع معه و بقيت في عبري تربي عيالها كغيرها من النوبيات المتعودات منذ قديم على سفر الازواج هنا و هناك طلبا للرزق. |
كلامك تمام 100% خصوصا نجد أن الصعايدة أو الصعايدة ال ساكنين المدن ، نجدهم أقرب الناس للتعايش مع السودانيين ، مثلا لدين في قريتنا بالسكوت المحس عائلة كبيرة جدا أتت من أسيوط و تزاوجت مع الأهالي و إندمجوا تماما. كما أنني شخصيا كنت متزوجا من مصرية ( صعيدية ) رحمها الله.
شكرا للمرور
دمتم
| |
|
|
|
|
|
|
|