|
سلسلة مدثر قرجاج وزكرياته الجميلة في معهد الدراسات المصرفية و المالية ....
|
المقصف
عندما كان ينتصف النهار فى ذلك الزمن العتيد الجميل ونحن جلوسا فى ذلك المقصف الذى علقت على جنباته لافتات بارزه تخصص هذا الجزء للرجال والاخر للجنس الناعم ،لكن ذلك الملل الذى كان يصيبنا يجعلنا نهرب الى الجزء الاخر من المقصف حيث الروائح الجميلة والاصوات الناعمة فنمضى ساعات طويله ننظر لكل ماهو جميل ...كان القلق يساورنى من حين الى اخر خشية ان يلمحنى( مؤيد عبد الخالق) فقد كان يحاول جاهدا ان يقنعنى بروايته الاخيرة التى كتبها فى لحظات تأمل على حد قوله...ومع اننى لم اكن مقتنع كثير ا لكننى كنت اتقبل حديثه على مضض وانصحه دايما ان يعرضها على (كمال بخارى) فقد كان له بعض المحاولات وفى بعض الاحيان كان كمال يختلس ابيات شعر من عدة شعراء وينسبها لنفسه فى محاولاته المتكرره لشد الانتباه وقد نجح فى ذلك لان معظم من يستمعون اليه من الجكس وليس لهم علاقه بالشعر والشعراء.
عندما كان ينتصف النهار اكثر وتشتد حرارة الجو حينها كان (معزهاشم) يأتى ونلمحه من على البعد وهو يتصبب عرقا ولايبدو عليه شى يدل على انتمائه الى هذا المكان فهو لايحمل دفتر او شنطه او اى شى يدل على انه جاء كى يدرس وكنت دائما ما انتظره لنمارس لعبتنا المحببه التى لاتحتاج لشى سوى قطعه معدنيه صغيره.
ومن المبنى الاخر يظهر (نزار بشار) وهو يبحث عنى وعندما تقع عيناه على يأتينى مسرعا كعادته ليأخذنى معه حيث تجلس (....) لوحدها كانت حلوة خلاص ومن احلى بنات الدفعه وارقهن على الاطلاق واكثر ماكان يعجبنى فيها يداها المكتنزتان ونجلس معها بالساعات ومع انو الونسه كانت ممله الا ان جمالها كان يدخل فى نفسى السرور فترانى انتهل من انوثتها وارتوى من عيناها الجميله ... يحاول (نزار) جاهدا لكن قلبها كان معلق وعندما كنا نسألها عن مواصفات فارس احلامها كانت تقول : بس يكون مؤدب وبصلى ومابشرب وعندها اكتم ضحكتى بمجهود خرافى وانظر الى( نزار) فالمح فى عيناه خيبة امل كبيرة وننسحب ليعاود فى اليوم التالى من غير فايده....
النهار ينتصف اكثر واكثر ونحن جلوسا فى المقصف ولاسبيل للهروب من حرارة الشمس (حسن نظريه) يرى ان الذهاب الى المنزل فى هذا التوقيت هى محاولة للانتحار ونوع من انواع الموت البطى فهو يكره ان يتعرض لحرارة الشمس،، ولكن عندما يرى تلك المتألقه وصديقتها الجميلة الكانت كاتلانى عديل كان يقف معهم بالساعات دون ان يشتكى من وهج الشمس الحارق ..كنت دائما ما اتأملها من على البعد وهم يقفون على مقربة من المقصف لانها الوحيده العجبت (نظريه) فقد كان يرى كل البنات شينات والله بصراحه هى كانت حلوة لكن صديقتها كانت موووووت عدبل.
انتهى جزء كبير من المحاضرات ونحن جلوسا فى المقصف ومن بين الذين خرجوا من المحاضرة (الطلاب المجتهدين) المح( بشير اغبش ) وهو يحمل دفتره الانيق ويضع ذلك القلم الذهبى الرهيب على صدره فأسرع نحوه حتى يخبرنى عن ماذا كانت المحاضرة؟ ومن هو استاذ المادة؟ وعندما لا اجد منه اجابة شافيه اقتلع منه دفتره عنوة واقلب فى صفحاته علنى اجد ما ابحث عنه ،فاذا هى صفحات بيضاء خاليه لايوجد غير كلمات فى الصفحة الاوله كتبت بخط رائع (لسه بيناتنا المسافة والعيون.. واللهفة والخوف والسكون ..رنة الحزن البخاف) وبعد ان اقرأ هذه الكلمات الجميله اقول ليه ده شنو يابشير!! وين المحاضرة؟ فيرد على وهو يتنهد عاين وراك وعندما التفت اجدها،، انها الدرة المصونه عجيبه ورهيبه وجسمها حريرى وفيها جمال الطفولة القبلى الفطام ،، عندها ادرك لماذا حرص بشير على دخول المحاضره فيسترد منى الدفتر وهو يطلق زفرة قوية تنم عن اهات حبيسه ولا يجد سبيل غير ان يخرج ذلك الكيس ويستأنس بالسفه.
اعود من حيث اتيت واجد ان الحديث بدأ يسخن بعض الشى فقد حضر (ادروب) منذ قليل دون ان يعرف احد من اين حضر؟ ولماذا حضر؟! فقد انتهت المحاضرات لكن يبدو انه قد جاء من اجل ان يستريح قليلا فمازالت هناك ثلاثة ساعات تفصله عن بداية الفيلم فى المركز الفرنسى ،كانت له وجهات نظر فلسفية عميقه دائما ماتكون اقرب الى المنطق لكنها مع ذلك تسير جدلا واسعا ، وبعد ان يشعل المكان بحديثه يدور حديثا هامسا بينه وبين (معز اب راس) يغادرون على اثره المكان .
عندما يندمج (عاصم هيبة) فى النقاش لايحس بالوافدين الجدد الى طاولة النقاش فيكتفى بمد اصابعه لكل من يحاول ان يعانقه فيصيبهم بنوع من الصدمه ولا ينتبه لهذا الامر الا بعد فترة طويله ،، عندما كان (هيبه) يتحدث كنت اسأل نفسى ياترى اين سيقضى عاصم يومه هذا ،كان يمكث بالاسابيع دون ان يذهب الى منزلهم هو يحب دائما ان يكون معنا ودون شك شعور رائع ان تحس بالضياع والتشرد مع من تحب ،غايتو هى كانت بتحبو جنس حب وماخلت دفتر الا وقعت ليه فيه اعتراف بحبها .
عندما بدأت حرارة الشمس تنخفض تدريجيا يستأذن (حسان احمد النور) كعادته فهو لديه نظام خاص لكل شى وكنا دائما مانقابل هذا الاستئذان الذى كنا نعتبره مبكرا جدا بهمهمات عدم الرضا ونطالبه بالمكوث اكثر معللين له ان اليوم مازال طويلا لكن دون فائده فقد قرر الانصراف ولن يتراجع، ورغم انضباطه الميقاتى هذا لكنه كان لايدخر وسعا فى ان يكون معنا اكبر وقت ممكن رغم انه كان يعمل ويدرس فى الجامعه الاهلية كنت دائما ما اسأل نفسى ياربى كانت بتحب (حسان) ولا ده اعجاب ساكت غايتو خلينا نمشى فى الدرب البطابق فيهو خطانا صوت حوافرنا.
كل هذا الوقت نقضيه و(عمر بورتيبل) يطارد واحده من البرالمه داخل المقصف يحاول ان يقنعها ان هو زول مثقف!! ولا تسلم من مطاردته حتى يوصلها ميدان ابو جنزير كانت عيونه حلوة وجايه من بورتسودان .
(هشام كندى) يادوب جا وهو من القلائل من ابناء الدفعه الذين استطاعوا النجاح فى الاقتصاد الكلى من اول مرة، ودايما كان بجى قاشر ويعطيك احساس انه سيذهب فى المساء الى مناسبة ،كنت احس انه يأتى عندما تأتى هى اوربما كانوا متواعدين او يكون ده شغل روحى عميق ،كانت حلوة خالص وبتلبس شباشب راقيه كعب رجلينا كان نظيف خلاص وما اظنها كانت بتستخدم الحيمورة التى يستخدمونها ناس الكلاكلات والصحافه كنت لا احتاج ان انظر وجهها لأعرفها فقد كانت لديها مشيه مميزه كنت احس انها تحتاج لمن يرفعها قليلا من على الارض حتى لا تتألم من فرط رقتها ،كانت انثى حقيقية .
من احد اطراف المقصف يخرج (ابراهيم الشبح) ابو الرجال طبعا وارباب الدفعه وهو يرتدى نظارته العجيبه ويجول ببصره فى انحاء المقصف حتى تقع عيناه عليها كانت تجلس ولوحدها فى انتظاره،، تفرح بعمق عندما تراه كنت اراقبهم عن كثب وما ان يتحدث اليها بحديث هامس حتى تمتلى عيناها بالدموع كانت حساسه وطيبه وذات قوام ممشوق ،،جلست معها ذات مرة وسألتها عن( ابراهيم)؟ فاشاحت بوجهها بعيدا عنى واحمرت وجنتاها من الخجل فاحسست انها امتلئت به، واكتفيت بهذه الاجابة فقد كانت ابلغ من ابيات من الشعر.
دائما ماكنت وانا داخل المقصف اخلط بين (الكعيك ومؤيد ومحمد بابكر ) ومع انه لا يوجد وجه شبه بين ثلاثتهم الا ان ذلك التيشرت الذى كان يرتديه الجميع فى داخلية السوق العربى يجعل الصورة غير واضحه بالنسبة لى ولا ابالغ اذا قلت ان هذا التشيرت هو الاكثر حضورا من كل ابناء الدفعه...عندما كنت اتأكد من ان الذى يرتدى التشرت هو (مدثر الكعيك) بعد ان اقترب منه اكثر واستمع الى صوته اعلم حينها انها لن تحضر اليوم فهو عندما يكون معها يرتدى ذلك القميص الجميل الكاروهات ذو الاكمام الطويله كانت زميله كاربه وكنت دائما مااثق فى ارائها ورجاحة افكارها واكثر مايعجبنى فيها ثقتها الكبيرة فى نفسها وحزنها النبيل وعندما لاتحضر يتحرر (الكعيك) ولا راسو بينقطع ماتعرف؟ المهم انه كان يتجول بين ناس امدرمان وصديقته بت الحاج يوسف الكانت برضو مجننانى فيجلس معها بالساعات وانا اراغبها وهى تتمايل ولمن كانت بتمشط شعرها انا كنت بكوريك عديل.
بدأت الشمس ترسل اشعتها الخافته فيماينمو انها بدات تلملم ماتبقى لها من حرارة وتستعد للرحيل ،المقصف اصبح اكثر اريحية بعد ان غادره الكثيرون وعندما كنت اتلفت حولى المح (حاتم صلاح الدين) وهو جالس لوحده وكنت اهم بالذهاب والجلوس الى جواره لكننى لا البث ان المح تلك الحقيبه السوداء على مقربة منه حتى ادرك انها كانت تجلس معه ولسبب ما زعلت ومن ثم غادرته فهذه الحقيبه تخصها هى ،،ويصدق حدثى فهاهى على بعد امتار منه وقد بدأ عليها ذلك الشحوب الذى يلازمها عندما تغضب ويظلون على هذا الحال حتى يتدخل الاجاويد ولكن فى الغالب ماكان يذهب هو ويستسمحها لانو كان مويه خلاص ،،كانت رقيقه ومدلعه نفسها اخر دلع وكانت معزبه ناس كتاااار لكن (حاتم صلاح) القادم من قطبان السكك الحديدية فى عطبرة ومن ازقة الصحافة وفلول المثقفين استطاع ان يضع حد لكل هؤلاء وجعلهم يجلسون فى تلك المساطب ليشاهدوا ويستمتعوا بأشهر قصة حب مرت على هذا المقصف .
كنت احب تلك الثلاجه الصغيرة التى توجد فى اخر المقصف المخصص للجنس اللطيف وكنت استغرب فهى دائما اكثر برودة من تلك التى فى مقصفنا لاادرى لماذا ربما هو شى نفسى لحبى الكبير لهذا المقصف ولكل شى يتعلق به وعندما كنت اذهب لارتوى منها اجد (نبيل محمد الحسن) وهو يجالس تلك المرطبه وكانت تعطيه جرعات حنان تقيله جدا ونبيل القادم من جامعة امدرمان الاسلامية انطلق بسرعة واتردم هدايا تقيله جدا حتى ضاق منزلهم بها وكنت كلما المحها وهى معه اجد ان حقيبتها التى تحملها فيها انتفاخ واضح فاعلم ان هناك هدية جديدة فى طريقها لنبيل كانت رقيقه مع مزيحا من طيبة القلب والعفوية التى كانت اهم خصالها. اتنين جونا منقولين( نبيل) وتلك القادمه من امدرمان الاهلية عجيبه ورشيقه ولهلوبه وعذبه وانا غايتو كنت بحبها حب من طرف تالت .
النقاش يحتدم داخل المقصف فحتى هذه اللحظه لانعرف الى اين سنذهب والشمس قد رحلت والمساء ينتحب و(محمد بابكر) يواصل فى غلاطه المتواصل مع(مبارك اسماعيل) فهو ممكن يغالطك فى اسمك ،اذكر ذات يوما انه قال 1+1ممكن ماتساوى 2 فساورتنا جميعا دهشة عارمه وبدأ يضع البراهين على ذلك والله قربنا نقتنع!! صعب خلاص ،،حاولت هذه المرة ان اقف ندا عنيد له مع( مبارك) لكن تلك السيارة الفارهة التى وقفت امام البوابه جعلتنى استطرد فى فرح حقيقى (معز بازنقا) جا ليعلم الجميع وجهتهم القادمه ستكون حى المطار وبالمناسبه بازنقا كان بحبها شديد لكن لظروف المشروع الحضارى وسياسة الدوله والوعود بالحور العين حينها وارتباطها الروحى بواحد من اصدقائه لم يستطيع ان يبوح لها بذلك الحب الكبير.
هبط الظلام وغادرنا المقصف ومضينا واصبحت كل الساعات الماضيه فى رحاب الذكريات كتبناها بالحب وسطرناها بمشاعر دفاقه ورسمناها حقيقة تظل عالقة بالاذهان ماحيينا (فيا كل هؤلاء احبكم بصدق)
مدثر قرجاج مايو 2002
|
|
|
|
|
|