الكتياب ـ تلك القرية الحالمة الراقدة في حضن الشاطئ الغربي لمنطقة المحمية من أهم مشكلاتها القديمة الجديدة ـ أن أهلها ظلوا يتشبثون بمكانهم زمانا ـ يرفضون العروض المتواترة عليهم للانتقال إلى القرية النموذجية الجديدة وإخلاء مساكنهم بسبب أنها تقوم اصلا على أراض زراعية وهم يتعللون بمسجدهم العتيق و( سيح جزري ) مقابر الحفظة من أجدادنا ـ و أذكر من طرائف الحملات لتشجيعهم واقناعهم بالانتقال أن أحد الافندية المثقفين قام خطيبا في الناس بعد صلاة الجمعة في مسجدها العتيق و تحدث عن مخاطر السكن في الأراضي الزراعية مستشهدا بتفاقم الملاريات والثعابين والعقارب واستعصاء تنفيذ خدمات أنابيب المياه وتوصيلات الكهرباء داعما خطبته بالحديث عن الفائدة الاقتصادية التي ستعود على الناس اذا ما انتقلوا وإمكانية استثمار المساكن القديمة في زيادة إنتاجهم من الفول المصري والبصل والموالح وفي زيادة مساحات الجناين حتى ( تتمهل ) أشجار المانجو وتسترخي أغصانها دون مزاحمة أسوار طينية ـ و ختم هذا الخطيب بقوله وهو يعدد أحياء القرية : ـ ( يا أخوانا الكلام ده مو مقصودبو بس ناس النايلاب براهم وللا القرشاب وللا الصادقاب ـ الكلام ده يا أخوانا مقصودبو الناس كلهم ـ ناس النايلاب والقرشاب والقوز و الجزراب والصادقاب وهلم جرا ) ولكن صاحبنا فوجئ بمن رصد له في طريق عودته إلى بيته حيث تم إنزاله من على حماره وانهالت عليه العصي من ( تحالف أهل الأحياء التي لم يورد ذكرها ) لم يدر لماذا ولكنه سمع أحدهم أثناء ( العلقة ) يقول له : ـ ( أنحنا هلم جرا يا ود الكلب انت ؟؟ ) فأدرك صاحبنا حينئذ أن ذائقتهم اللغوية لم تستسغ كلمة ( هلم جرا ) وربما وجدت فيها شيئا له صلة بالكلاب والجرو " أو شيئا من ذلك .
الكتياب معروف عنهم انتشار خلاويهم في أنحاء السودان المختلفة أهمها الخلوة الأم في المسجد العتيق بالكتياب وخلوة الشيخ حاج بخيت رحمة الله الكتيابي حيث القبة التي في جزيرة مقاصر بدنقلا و خلوة ود القاضي الكتيابي بأمدر مان ـ التي خرجت الشاعر التجاني يوسف بشير والشيخ عوض عمر الامام المقرئ رحمهما الله والشيخ العابد الذاكر المحب الشيخ الفاتح إبن الشيخ قريب الله السماني رحمه الله وقد تشرفت بالتخرج فيها على يد شيخنا الراحل العوض على مصطفى رحمه الله ـ وهناك بعض الخلاوي الأخرى المنتشرة في أنحاء السودان المختلفة. وهذه التي في أمدر مان "خلوة ود القاضي " معروف أنها تأسست عام 1910م في نفس موضعها الحالي ولأنها محور حديثي هنا ألخص علاقتي بها في أن غرفة مولدي لم يكن بينها وبين الخلوة إلا جدار رقيق لا يكاد يحجب الأصوات في موضع القبلة مباشرة حيث كانت الخلوة جزءاً من البيت لذا فقد تقاسمت طفولتي وشبابي مع البيت و الشاهد من هذا كله أن نتهيأ للمفارقة المدهشة التي دفعتني إلى كتابة هذا المقترح فقد حدث وأن دعيت إلى مجلس الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في أبوظبي من قبل الدكتور المهندس عادل يس حاج الصافي أحد مستشاريه والعالم الفيزيائي المعروف كان ذلك ذات جمعة على مائدة الغداء في ما يشبه الصالون الادبي والشيخ شاب مثقف محب للسودانيين يتولى شئون وزارة التعليم العالي في بلده ـ وأثناء جلستنا تلك فوجئت برجل سوداني يقترب من الشيخ ويدنو من أذنه ويسلمه أوراقا يحولها الشيخ الى وكيله فدفعني حب الاستطلاع والغيرة السودانية لمعرفة محتوى هذه الأوراق وهوية الرجل فكانت الصاعقة الكبرى أن الموضوع طلب دعم بإسم خلوتنا نفسها وليس غيرها و التي توشك الآن إجراءات توسيعها الى مسجد جامع أن تكتمل بجهود أبناء الحي حتى من غير الكتياب ـ أزعجني وشغلني ذلك الأمر لكثرة ما أسمع من حكايات هنا فأسرعت بالاتصالات للتأكد من الأمر و زادني دهشة أن واحدا ممن تقع عليهم مباشرة هذه المسئولية ـ لا يعلم شيئا عن ذلك و أود هنا أن أوجه هذا النداء إلى أبناء الخلوة كل من الإخوة الآتية أسماؤهم :
1/ الأستاذ صديق مجتبى الكتيابي وزير الدولة للثقافة 2/ مولانا القاضي الطيب عبدالغفور الكتيابي 3/ رجل الاعمال المعروف علي حامد حاج عبد الرحمن الكتيابي 4/ رجال الاعمال أبناء أحمد وعبيد ونعيم عوض الكريم الكتيابي 5/ رجال الاعمال أبناء محمد عبدالله الشيخ الكتيابي 6/ الدكتور عبدالوهاب عبدالله الكتيابي 7/ الأستاذ بكري بشير الكتيابي 8/ الأستاذ الدبلوماسي حسن محمد عبدالله شدروان الكتيابي 9/ الاستاذ محمد مساعد محمد الامين الكتيابي 10/ المقدم معاش ميرغني عبدالرحمن فضل المولى الكتيابي 11/ العميد محمد أحمد حاج فاضل الكتيابي 12 / العميد معاش عثمان حاج فرح الكتيابي 13 / أبناء الحاج بخيت محمد بشير الكتيابي 14 / رجال الأعمال أبناء حسن وميرغني البدوي الكتيابي 15/ العميد معاش محمد موسى الكتيابي 16 الاستاذ هاشم محمد عبدالله شدروان الكتيابي وكيل بوزارة التربية سابقا 17 / الأستاذ عبدالمنعم عبدالله الكتيابي 18 / أبناء وأحفاد المشايخ عبدالوهاب وعبدالواحد القاضي الكتيابي 19 / كل كتياب أم درمان وأبناء الحي جيران( منطقة الخلوة ) المعنية خاصة 20/ الأستاذ حسن فضل المولى الكتيابي ( بوصفه الإعلامي والدبلوماسي الراهن خاصة )
( والطريف أن كل هؤلاء لا يعرفون من هو هذا الشخص ومن الذي خوله بذلك !! كما أنني لم أتحدث معه مطلقا )
هذه الرسالة موجهة في شخوصهم إلى كافة أبناء الكتياب المغتربين منهم والماكثين ( لا أريد التورط في ذكر أسماء أحياء القرية .. وهلم جرا .. ) أقترح عليهم أن يجتمعوا لبحث هذا الامر ومتابعة هؤلاء الذين يستخدمون اسم الخلوة على هذا النحو لما هو معروف عن هذه الخلاوي أنها بعيدة كل البعد عن هذا المنحى ويكفي أن الخلوة الأم في الكتياب نفسها لم تسلك هذا المسلك لمواجهة تكاليف إعاشة الطلاب مع أنها بلغت أعلى نسبة في تخريج الحفظة منذ إنشائها في القرن السابع عشرالميلادي وهي صفة معروفة عنها حيث إن الطلاب لا يكلفون فيها بأية مهام غير الحفظ ( على غير ما هو عليه الحال في كثير من الخلاوي ) ومعروف أن هناك أوقاف دائمة من الزرع والضرع والمخابز من أهل القرية أنفسهم تفي بذلك ورحم الله شيخنا الولي الصالح المحتسب عبدالغفور عبدالوهاب القاضي . ولعلنا على المستوى العام أن نتحدث في غير هذا المقام عن ظاهرة كثرة طلب المساعدات للدور الدينية السودانية بطريقة فردية والتي تفشت في دول الخليج وأصبحت ظاهرة مملة في أروقة الدواويين والجمعيات الخيرية و في ذلك من العجائب والمفارقات ما يشيب له الصبي ، وسؤالنا المشروع هنا ما هو موقف السلطة الرسمية في السودان من ذلك كله وأين تكمن الثغرات التي يتسرب منها مثل هذا التسيب؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة