استيقظ فزعا... ضرب أسفل وسادته ضربات سريعة باحثا عن الساعة.. وعينه نصف مغمضمه... رأى الوقت... تنهّد بعد أن ظن أنه قد تأخر... قام بكاسل.. تمطى .. تثنّى... عاد إلى وسادته.. نظر حوله.. كأنها المرّه الأولى التي يرى فيها السماء حوله... أخد علبة السجائر بجانبه... أشعل واحده سريعا... وبتوتر لم يكن يبدو عليه قبل أن يحمل العلبة... يده ترتجف وهو يشعلها... اتكأ .. قطب جبينه وهو يجتر بعنف من السجارة في يديه... نظر إلي الجزء الملتهب منها وهو ينفث دخانها عن فمه... بعض الدخان يخرج من أنفه... كان الظل قد أخلى الطريق للشمس وهي تسير ببهاء إلى كبد السماء.. لكنه يضع سريره بحيث يستغل آخر قطعه من الظل... رأي ورود صباح الخير تبادله التحية... أنهى السجاره.. رمى عقبها عبر الحائط.. كأن لا أحد وراء ذاك الحائط.. كأن الشارع مكب نفاياته... أنزل رجله اليسار... اصطدمت بصينيه حوت عشاء الأمس.. فول تيبست حباته... وشطه مبعثره في صحن صغير.. كوز ماء غشاه بعض الغبار... إبريق ماء غسل به فمه بعد ذاك العشاء... لم يعبأ كثيرا بالأشياء المبعثره.. قام من مكانه قدماه تزحفان في الأرض... تنشران غباراً حولهما وعلى رجليه التي لا يغطيها العرّاقي القصير... تصدران صوتاُ يُعلم اهل البيت بأنه قد استيقظ... ذهب إلى أمه في جحرها... إمرأة لا يمكن أن تكون أكبر من هيلاري كلينتون.. لكنها كانت مائدة الدهر.. أكل عليها وشرب.. وأبقى ما أبقى.. دفنت حيّه في هذا الجحر.. تضع صاجاً عريضاً أسود.. فوق كانون غاية في البساطه... ما إن رأته حتى أنزلت صاجها.. ووضعت "كفتيرة" الشاي لتسخن له كوبه... لم يبادرها بتحية الصباح كما هي العادة.. سألها عن شيء.. ربما معجون الأسنان.. هو غمغم بكلمات فقط كي يعلن بداية اليوم.. لم يكن ينتظر ردا على الغمغمه.. ولا حتى استفسار عن كنهها.. بعد أن شرب الشاي.. اتجه نحو برميل الماء... "المساوره" جافة.. ولولا البراميل التي تملؤها أمه لما وجد ماءاً... عبأ جردله الحديدي القديم... واتجه إلى الحمام... استعد للخروج... إلى الجامعة.. أمل أمه في الخروج من رحى الحياة... والراحة في أوارخر العمر... ارتدي بنطالاً يبدو أنه مخيط بخيوط من الشقى والعذاب.. قميص أبيض ... حمل كتاباً.. لبس نظارته .. وضرب وسادته مرّه أخرى ليجب ساعته ويرتديها... خرج...
09-13-2003, 10:34 AM
زوربا زوربا
تاريخ التسجيل: 06-08-2003
مجموع المشاركات: 733
بت الحسين المذهلة نيلينك والابنوس والشوق الجاري عليك
أنقطعت انفاسي وأنا اتابع رحلة (( رجا امه )) للخروج أقتحمني عنوة سوال بنكهة الود أما كان هذا بعض مني في زمن هو ليس للتمني بل للأحتمال ؟؟ أما كان هذا الرجاء كل من غناء عازة الفراق بي طال ؟؟؟ هي ليست للاجابة هي للذهاب قسرا شرقا تجاة وطن ماسورتة كابه هي دوزنه من محبة للكفتيرا وستات الشاي
والريد نيلين
09-13-2003, 06:07 PM
مريم بنت الحسين مريم بنت الحسين
تاريخ التسجيل: 03-05-2003
مجموع المشاركات: 7727
أخونا زروبا... انت ممن أسميهم في هذا البورد... تذكرني كتاباتك.. "التوقوع المنطقي".. هي تعبير قديم رسخ في عقلي للمثقف السوداني، فقد كلمة دون معنى.. أو معنى دون كلمه...... قد لا افهم الكلمات منفصله.. لكنها حين تقرا يمينا.. ثم يسارا.. ثم من أعلى ثم من أسفل.. تجد المعاني تتدفق.. لك الخير... سعيده أن أثرت أسئله... وأسعد أنها ليس للإجابة....
بنت الحسين
09-13-2003, 06:33 PM
زوربا زوربا
تاريخ التسجيل: 06-08-2003
مجموع المشاركات: 733
لقد استمتعت بالقراءة .. وأكثر ما أعجبني تلك الأم الجميلة:
ذهب إلى أمه في جحرها... إمرأة لا يمكن أن تكون أكبر من هيلاري كلينتون.. لكنها كانت مائدة الدهر.. أكل عليها وشرب.. وأبقى ما أبقى.. دفنت حيّه في هذا الجحر..
وتذكرت حنان، الطفلة ذات الصوت الجميل وهي تغني أغنية أمي في ذلك الزمن الذي سبق مولدك:
أمي أمي
أمي يا أجمل كلمة بقولها يا أحلى نشيد يا نغمة جميلة
أمي
أمي حنينة زهورها أنحنا وهي جنينة ....
تخلي حياتنا تملّي جملية
عظمة الأم أنها تعطي بدون مقابل، وتحب بدون مقابل بدليل أن كثيرين لا يعرفون قيمتها إلا عندما يفتقدونها..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مريم بنت الحسين
زوربا
Yasir Elsharif
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست