خالد كودي فنان مدهش يعري صمتهم وصمتنا

أقام الفنان التشكيلي خالد كودي أمس السبت 23/أغسطس/2003 معرضا فنيـًا بمدينة لندن بقاعة بيتهوفن في غرب لندن.

والمعرض مزيج من اللوحات التشكيلية المعبرة عن خيال مدهش لفنان فريد.
و قـد عرض خـالد اعماله التي جسد فيها مذبحة الكــــاودا بجبال النوبة والتي راح ضحيتها 14 تلميذا وأستاذتهم، وأهتم خالد بشخوص هذه الماساة باسمائهم وأحلامهم وأعمارهم، ليجرد الحدث من حيادية الارقام اللا أنسانية.

خالد يمثل جيل جديد من الفنانيين السودانيين الذين يربطون عملهم بقضايا الناس في السودان وحـــلم بناء سودان جديد ولا توجد قضية مهمة اليوم في السودان أكثر من قضية الحرب والسلام والتي حسب وصفه تعدت خطوط ماهو أنساني، وجسد ذلك بأستخدام جماجم تمثل نموذج لرقم 2 مليون والـــذي دائما مايشار اليه في التقارير الخبرية التي تصف الحرب الاهلية في السودان. بهذا التجسيد أصبح كـل رقم عبارة عن فرد وكل فرد له حلمه واسرته وناس يحبونه ويفتقدونه.

استخدم خـالد في بعض أعماله عناصر النار، والرماد، والخضرة، والتحولات التي يحدثها الحريق في إنشاء قرية سودانية ، مرتكزا إلى فكرة الحـريق التي تستخدم عند حرق المزارع لذيادة عملية إخصاب التربة.
ورسم خالد مستخدما النار قرية مليئة بالحياة بقطاطيها ومواشيها وأشجارها وطيورها.

معرض خالد كودي يجسد ذكريات مأساوية يراد لنا نسيانها، وفي عمله الخاص بالتاريخ والذاكرة الذي أهتم فيه بالتحكم في المساحة وبأن يصبح المشاهد جزءا من الحدث، حيث أسقط عمله في جـــدران ومربعات أستخدم فيها أيادي الناس كانوا هم جزء من الاحداث التي سادت في السودان مع بروجيكتور يعكس صــور عـــن الحرب الاهلية ، أعمال خالد غير معنية بأيجاد أجابات بل أثارة أسئلة في ذهن المشاهد.

وفكرته عن أقامة نصب تذكاري يحمل اسماء جميع من راح ضحية لهذه الحرب فردا فردا هو أقل هدية يمكن يهديها فناني السودان للسلام في السودان، ليكون جزء من متحف وليسمي متحــف السلام ليوثق لمـأساة الحرب الاهلية في السودان لكي لا ننسي.
روى محمود درويش طرفة عن شهيد جنين الذي تلفن الى صاحبه طالبا منه ان يروي له نكتة لأنه يجب ان يودع الحياة ضاحكا تلت ذلك فورا قراءة قصيدته:
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
تردد أبريل، رائحة الخبز في الفجر
تعويذة امرأة للرجال
كتابات اسخيلوس
اول الحب
عشب على حجر
امهات يفقن...
وخوف الغزاة من الذكريات

معرض خالد يعري فيه حكامنا وصمتهم وصمتنا وأختفائهم وأختفائنا وراء أرقـام خبرية تجعل متلقي الخبر الذي يجهل مايفعله الحكام بأسمه أكثر قدرة علي تكذيبه من تصديقه وهكذا نجح الغلاة في تخطي حـــاجز ماهو أنساني وجعل أنسان السودان يتصالح مع مأساة لا أنسانية.
هذه الحرب أطول حرب في العالم
راح ضحيتها أكثر من 2 مليون فرد
نزح نتيجتها 4 مليون فرد
هل يعني ذلك أي شئ للفرد السوداني؟
وبذلك يطرح خالد أسئلة تؤرق ذهن وضمير المشاهد.