كمال الجزولي: أَرْنَبٌ وقُمْرِيَّتانْ

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 11:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-13-2003, 09:39 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كمال الجزولي: أَرْنَبٌ وقُمْرِيَّتانْ

    البيان 13/8/2003

    أَرْنَبٌ وقُمْرِيَّتانْ


    بقلم: كمال الجزولي

    روى لورد ديننج، في واحدة من مقارباته الفقهيَّة الثاقبة لإشكالية (القانون) و(العدالة) كمفهومين متمايزين، أن كبير أساقفة كنتربرى خاطب قضاة بعض المحاكم في إنجلترا، خلال إحدى زياراته لها، قائلاً: «أنا لا أزعم أننى أفهم الكثير في القانون، ولكنني، بالقطع، أستطيع أن أدعى أنني أعرف الكثير عن العدالة»!

    سطعت، فجأة، في ذاكرتى كلمة الأسقف هذه، برواية رجل القانون الانجليزى الشهير، وأنا أطالع الخبر الذي أوردته الصحف السودانية، آخر الأسبوع الماضى، عن متهم أدانته محكمة جنايات الخرطوم شمال بارتكاب جريمة (اصطياد أرنب بريٍّ وقمريَّتيْن بغير رخصة) وقضت من ثمَّ بتغريمه نصف مليون جنيه مع مصادرة الأرنب والطائرين (الأيام، 782003م)


    حسناً! يلزمنا، ابتداءً، الاقرار، من جهة، بأن حماية الحياة البريَّة من مسئوليات الدولة، وأنها قد سنت من القوانين وعيَّنت من الأجهزة الشرطية ما يكفل هذه الحماية بالفعل، بل إن المجتمع المدنى قد خصَّص إحدى منظماته المرموقة ـ جمعية حماية البيئة ـ لتأكيد هذه الحماية، وضمانها، ونشر ثقافتها. كما يلزمنا أيضاً الاقرار، من الجهة الأخرى، بألا تثريب على هذه المحكمة، أو أيَّة محكمة، في أن تمارس عملها المهنى ـ الفنى في تطبيق ما تجد بين يديها من قوانين رتبها المشرِّع لمعالجة الوقائع المعروضة أمامها

    ومن نافلة القول أنه ليس لها أن تستخدم منطق الأولويات لتمتنع عن نظر قضية كبرت أم صغرت، فليس هذا شأنها. وإذا كنا ننتمي إلى مدرسة ترى، بوجه عام، أن تطبيق (القانون) ينبغى أن يستهدف إقامة (العدل)، بدءاً ومُنتهى، وإلا تحوَّل إلى ممارسة شكلية خالية من القيمة المعيارية، فإن الحالة التي نحن بصددها هنا، على وجه التحديد، لا تمثل نموذجاً مناسباً لاختبار مدى سداد هذا النظر في مضمون الممارسة القضائية

    وإذن، فلا عمل المُشرِّع في سنِّ القوانين، ولا عمل القضاء في تطبيقها، هو مدار فكرتنا الأساسية في باب تعليقنا هذا على واقعة الأرنب والطائرين، بل مدارها هو مفهوم (العدل) في أداء المؤسسة الحاكمة ممَّا يلى جهازها التنفيذى (الحكومة)، بما في ذلك تحريك الاجراءات الجنائية لصون (الحق العام)، وهو عمل تتولاه عنها النيابة العامة التي يقوم على رأسها وزير متخصِّص، ويعتبر من أهم المبادئ التي تراعيها فيه، بل من أوجب واجباتها، التأكد من بسط سيادة حكم القانون على المجتمع كله دون تمييز بين كبير وصغير، أو قويٍّ وضعيف، أو حاكم ومحكوم. ومع أن أهم وجوه التمايز بين مفهومى (القانون) و(العدل) قائم في كون (القانون) أداة ضبط سلطانية تتنزل على الناس دونما اعتبار، في الغالب، لإرادتهم، ومؤسسة إجتماعية، أى شكل تاريخى يتحدَّد بأسلوب الانتاج في المجتمع المعين، وبطابع العلاقات بين مختلف طبقاته وفئاته وشرائحه، ويتوقف قبول المحكومين به واحترامهم له على القدر الذي تنضبط به لديهم معادلة (الحق والواجب)، بينما (العدل) نزوع أصيل للفطرة الإنسانية، وشعور نابع من النفس يشيعه العقل السليم والضمير المستنير، إلا أن هذين المفهومين يتماهيان مع ذلك، إلى أقصى حد، في الذهنيَّة الشعبيَّة العامة المشغولة بمطلوباتها المباشرة لدى مؤسسة الحكم التنفيذية، بحيث يصبح الوفاء، أو عدم الوفاء، باستحقاقات هذا التماهى هو معيار الصلاح أو الفساد، العدل أو الظلم، لدى هذه الذهنية المنفعلة، أصلاً، بالفطرة السليمة، الخصيصة الملازمة لبنى آدم، كل بنى آدم، منذ بدء الخلق والتكوين، فما بالك بالمبادئ والمُثل ومنظومة القيم العقدية التي اكتملت للمسلمين منهم بالرسالة الخاتمة؟!


    إن المرء ليستطيع أن يجزم صادقاً بأن قراءة ذلك الخبر، في ذلك الصباح، لم تصب الناس بالدهشة والحيرة، فحسب، بل والصدمة أيضاً. فثمة جرائم أكبر أثراً، وأعظم خطراً، ثار الكلام حولها ردحاً من الزمن، وتعَّهدت السلطة بالتحقيق فيها وتقديم مرتكبيها للمحاكمة، ثم ما لبث غبار النسيان أن أهيل عليها، افتراضاً لذاكرة جمعية خربة، وذلك أوَّل الوهن! فإن لم يكن ثمَّة تثريب على القضاء أن يفصل، مهنياً، في قضية أرنب وقمْريَّتيْن، فلا تثريب على الناس أيضاً أن يتساءلوا، بحق، عن مصير قضايا كاستيراد محاليل (كور) الوريديَّة الفاسدة، والتجاوزات في شركة الخرطوم للانشاءات، ومشروع واحة الخرطوم، والانهيار المدوِّى لبنك نيما، ومآل أموال صندوق دعم الولايات التي أودعت فيه للاستثمار، بينما لا تزال النقابات تجأر بالشكوى من عدم صرف مرتبات المعلمين والموظفين والعمال في بعض الولايات (بحر الجبل نموذجاً) منذ قرابة العشر سنوات، وإلى ذلك العطاءات الجديدة المطروحة للاستثمار في طريق الانقاذ الغربى قبل اتضاح الرؤية في أمر التسوية التي أبرمت مع المرحوم آدم يعقوب وشركة آركورى، وما أثير في لجنة الحسبة بالمجلس الوطنى، منذ حوالى الثلاثة أعوام، حول عمليات الخصخصة في كثير من مرافق القطاع العام، وما تم بشأن التقرير الذي قدمته، بناءً على طلبها، اللجنة الفنية للتصرف في هذه الممتلكات، حيث اتضح أن إجمالى عائد بيعها للقطاع الخاص الأجنبى والمحلى لم يتجاوز، حتى عام 2000م مبلغ خمسمئة سبعة وخمسين مليون دينار فقط، في حين أن المؤسسة العامة للأقطان التي بيعت لبنك المزارع كانت تدر وحدها على الخزينة العامة أرباحاً سنويَّة تفوق ثلاثة أضعاف هذا المبلغ! كما وأن للناس أن يتساءلوا، عموماً، عن الاجراءات التي اتخذت بإزاء جرائم الاعتداء على المال العام في الوحدات الحكوميَّة المختلفة، مما ظلت تكشف عنه تقارير المراجع العام في حدود ما تيسَّرت له مراجعته، وقد بلغ، وفق آخر تقرير للعام المالى الماضى، مبلغ واحد وثمانين مليار جنيه، يشكل نصيب الجهاز المصرفي منها نسبة تسعة وخمسين بالمائة، مع العلم بأن التقرير قد تم وضعه بناء على بيانات خمسين بالمئة فقط من الوحدات التي تمت مراجعتها، ما يعنى أن المبلغ المعتدى عليه قد يفوق المئة وستين مليار جنيه بالتمام والكمال!

    هكذا، وعلى الرغم من تسليمنا بأهمية حماية البيئة، إلا أن المجتمع الذي يسلخ السنوات الطوال يلوك ويجتر ويتداول أخبار الفساد في جهاز الدولة بهذه الكثافة التي فاحت رائحتها حتى أزكمت الأنوف، والاعتداء الفظ على المال العام مِمَّن يفترض أنهم قد ائتمنوا عليه، ويبقى صابراً مع ذلك يتطلع، دون كلل، لرؤية (العدل) متحققاً، في المقام الأول، على يد النيابة العامة، بفتح البلاغات، وإجراء التحريات، وحصر المتهمين، وتحويلهم، بعد ذلك، للقضاء الجالس في منصَّته المستقلة كى يقول كلمته الفصل فيهم، إذ ليس من شأنه القيام بالاجراءات السابقة على ذلك، ثم لا يصبح، بعد كل هذا الصبر والانتظار، إلا على خبر يتيم عن تحويل قضية صيد غير قانونى لأرنب وقمريَّتيْن بناءً على شكوى من شرطة الحياة البريَّة، فإن ميزان (العدل) يرتجُّ بلا شكٍّ ارتجاجاً عنيفاً في ذهنه ووجدانه الجمعيَّيْن، بحيث لا يعود ثمة حق لدى القائمين بالأمر في مطالبته بالاستمرار في الثقة بجدارتهم، وهو الذي يستهدى مستعربوه المسلمون، بالأخص، علاوة على الفطرة السليمة، بالحديث الشريف: «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد. والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها»


    لقد اتفق أغلب الكاتبين على تفسير سلطة الحق عند علي بن أى طالب، مثلاً، بسداد تعويله على مفهوم (العدل) في أفقه الاجتماعى، لا الفردى، وقد تزامن توليه الأمر مع ظهور فئة راكمت ثرواتها من ظهر بيت المال، إما عن استقواءً بسلطة، أو تنطع بسابقة، أو توسُّل بقرابة، فصعد المنبر، في اليوم التالى من بيعته، متوعِّداً بأن ذلك أجمعه «مردود في بيت المال.. ولو وجدته فرِّق في البلدان لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق.. ألا يقولن رجال منكم غداً ـ وقد غمرتهم الدنيا فامتلكوا العقار، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيل، واتخذوا الوصائف المرققة ـ إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه..: حرمنا ابن أبى طالب حقوقنا.. ألا وأيُّما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله يرى أن الفضل له على سواه بصحبته فإن الفضل غداً عند الله، وثوابه وأجره على الله»


    وكتب إلى مالك الأشتر النخعى حين ولاه على مصر: «واعلم أن الرعيَّة طبقات.. لكل على الوالى حق بقدر ما يصلحه، وليس يخرج الوالى من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلا بالاهتمام والاستعانة بالله، وتوطين نفسه على لزوم الحق، والصبر عليه فيما خفَّ عليه أو ثقل». ولمن أراد استفاضة أن يراجع (نهج البلاغة).أما بعد، فلتقبضوا على (الأفيال) و(الغيلان) و(الضوارى) من نهَّابى مال الشعب وأقوات الفقراء، وأدوية الأطفال، وتقدِّموهم للقضاء، قبل أن تنشغلوا بمطاردة صائدى (الأرانب) و(القمارى).. يرحمكم الله

    http://www.albayan.co.ae/albayan/alarbea/2003/issue197/directions/4.htm
    ===========
    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

                  

08-13-2003, 03:56 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: أَرْنَبٌ وقُمْرِيَّتانْ (Re: sultan)



    شكرا يا سلطان على نشر المقال
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de