صمت الحملان و حوار الطرشان و إفاقة السكران

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 06:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-12-2003, 05:36 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صمت الحملان و حوار الطرشان و إفاقة السكران

    تساءل أحدعلماء النفس في أمريكا :
    ماذا كان سيحدث لو أننا أتينا بطفلين في بداية تعلمهما للكلام و حبسناهما في غرفة مع بعضهما دون أن نتحدث معهما و زودناهما فقط بالطعام و كل ما يحتاجان إليه ؟ هل كان بالإمكان أن يخرجا بلغة جديدة أم كانا سيستعملان لغة الإشارة و الهمهمة ؟
    طبعا التجربة لم تتم. و لكن الدنيا تذخر بالهمهمة و الإشارة و حوار الطرشان و صمت الحملان و منطق السكران.
    تعالوا نستمتع بهذا الحوار الذي دار بين حاجة زهرا و حاجة بتول و هما في خريف العمر الذي تساقطت أوراقه :
    حاجة زهرا : كيف أصبحت حاجة بتول.
    حاجة بتول و هى مخلوعة : سجمي ، قلتي لى المات منو ؟
    حاجة زهرا و هي لا تستوعب سبب الخلعة : إنت ماشة السوق ؟
    حاجة بتول و قد هدأت خلعتها : لا. أنا ماشة السوق.
    حاجة زهرا و هي محبطة : معليش. قايلاك ماشة السوق.
    هذا حوار كقضبان السكة حديد ، لا يلتقيان و لو كانت ممدودة إلى آخر الدنيا.

    يعود الرجل إلى بيته بعد عناء العمل و إحباطاته ، مستنجدا بساعة صمت لإراحة عقله المرهق و ممنيا نفسه بإسترخاءة يكللها الهدوء ، فيجد الزوجة التي عانت من الصمت في البيت تنتظره لتفرغ همها و إحباطاتها في ثرثرة لا تنتهي ، و هنا تبدأ أولى شحنات الإحتكاك الزوجي الذي يولد شرارة المشاكل ، فلا الزوج يستطيع التركيز فيسمعها ربع تون و خماسي ، و لا هي ترضى بالسكوت فترفع عقيرتها بسلم سباعي و صوت أوبرالي ( ضعف السامع و المسموع ).
    عندما يفيق الزوج من إغماءته التي حدثت له من جراء العمل و الزوجة ، تكون الزوجة قد حردت الكلام و لوت بوزها و إنتبذت ركنا قصيا ، و عندما تطير سكرة الزعلة و تأتي فكرة المصالحة يكون الزوج قد بدأ يتثاءب إستعدادا للنوم لبدء يوم عمل جديد ، فلا هو إستمتع بالصمت و لا هي كسرت حاجز صمتها بثرثرتها.
    هذا حوار سببه طرش إصطناعي و مقصود و متعمد.
    أذكر أنه قبل قيام سوداتل العملاقة ، طلب زولنا محادثة للقاهرة من الكبانية ليتحدث مع إبنه الذي يدرس هناك ، و بعد طول إنتظار ، جاءته المكالمة ، فلنستمع للحوار اللي زى العسل :
    آلو ، إزيك يا ولدي.
    الحمد لله يا أبوى. إنت كيف و ناس البيت كيف ؟
    كلو تمام . نحمدك يا رب. و الدراسة ماشة تمام؟
    الحمد لله يابوى . أسمع يا بوى ، رسل لي شوية قروش بسرعة.
    و هنا أصاب الأب طرش إصطناعي : قلت شنو ؟ تلفون الجن دة ماواضح يا ولدي.
    قروش يا بوي. أنا ما عندي حتى حق الفطور.
    أنا ما سامعك.
    و هنا تدخل موظف الكبانية شفقة بالولد المفلس في الغربة فقال للأب : يا عمنا ولدك بيقول ليك رسل ليهو قروش بسرعة.
    فقال له الأب و المساخة و الإمتعاض يكادان يقفزان للموظف عبر الأسلاك :
    يا حشري ، أنا سامعو ، إنت الدخلك شنو ؟ رسل ليهو إنت.
    هذا حوار مقطوع بسبب لسعة الطلب المفاجيء الذي لم يكن الأب يضعه في الحسبان.

    المصريون لديهم مثل يقول : تفضل تعلم في المتبلم ، يصبح ناسي.
    و المتبلم هو صنف من الناس ، تشرح له الموضوع و أنت منفعل و تحاول جهدك و تستدعي كل ملكاتك اللفظية و مخزونك اللغوي و الدارجي و تستعين بحركات اليدين و الأصابع و الكتفين و الحواجب و الجضوم ، لكى يفهم هذا المتبلم ، و هو ينظر إليك مبتسما إبتسامة لا مغزى لها و يقول لك : خلاص فهمت ، و عندما تسأله في الصباح ، يكون قد نسي تماما الموضوع من أصله مما يجعل الدماء تغلي في عروقك لأنه إتضح بأنه لم يكن يصغ إليك ، بل كان فاغرا فمه دون أن يفهمك.
    حكى لي أحد الأصدقاء بأنه في إحدى القرى بالسودان ، جاء أحد المزارعين للعمدة ، و هو مفلوق و الدم ينزف من جبهته ، شاكيا للعمدة من شخص لا يعترف بأدب الحوار حيث أنهى الحوار معه بضربة خطافية أسالت دمه ، فإنحنى العمدة الذي لم يكن مزاجه رائقا ذاك الصباح و كأنه سيعاين الجرح النازف ، إلا أنه ناول المفلوق ضربة في نفس موقع الجرح النازف بعكازه الغليد و قال له : أمشوا خلصوا مشاكلكم بعيد عني ، داهية تاخدك إنت و هو.
    العمدة أيضا يفتقر إلى أدب المحاورة و عكازه لا يضاهيه إلا عكاز أخوى قرجة ، فقد سألتني إبنتي الصغيرة بعد أن رأت الصورة التي بجانب إسم قرجة مرارا كلما أفتح الكمبيوتر :
    أبوى ، الزول دة كل ما تفتح الكمبيوتر نلقاهو ماشي و شايل عكازو . هو ماشي وين ؟
    حكيت هذه القصة لقرجة و سوما ، فقلت للبنت : دة إسمو عمك قرجة. و هو زول شاكال و بيضرب أي زول.
    فقالت ببراءة : طيب ما تشتكوه للشرطة.
    فقلت لها : الشرطة برضو بتخاف من عكازو دة.
    فقالت و فكرة جهنمية تلمع في عويناتا الصغيرة : طيب ما تكلموه يجي يدق لينا معاذ دة.
    و معاذ هذا إبن جارنا الدنقلاوي ، و هو شافع ينهي دائما ونسته مع البنية بضربات غتيتة و يلوذ بحجر أمه التي تحتضنه و تحميه من علقتي و هي فرحة بإبنها القبضاى.
    حتى الأطفال صاروا يضيقون ذرعا بالحوار و ينهونها بسلطة القوة.
    يقولون أن السكران في ذمة الواعي ، فما بالكم لو كان الواعي دة إمرأة ، و على وجه التحديد زوجة السكران ، الذي يأتيها قرب إنبلاج تباشير الصباح ، و نصف قميصه المكرفس خارج البنطلون ، أما لسانه فمحشور في فمه أو ملصوقا في سقف حلقة ، فيتحاوران :
    مش وعدتني الليلة نمشي خطوبة سعاد ؟
    إنت و سعاد طايرات. أنا فاضي لخطوبتها ولا طلاقا.
    لو كانت واحدة من بنات أهلك كنت إتكبكبت و جريت.
    تشتمي أهلي يا بت الذين ..... ( و تزغرد صفعة على خدها ).
    و هنا أدركت الزوجة الصباح فسكتت عن الحوار المباح ، فبدأت في لملمة ثيابها إستعدادا للمغادرة. فيحضنها زوجها و هو مذهول : الله يخرب بيت العزابة ، كل ما أقول ما أشرب هم البحلفوا طلاقات و يمين. أنا سويت شنو أمبارح ؟
    يشرب البعض حتى يغيب عن الوعى تماما ، و عندما يستفيق ، لا يدري ماذا فعل و ماذا قال و من شتم و من أهان.
    كان قبل أربعة سنوات ، لدى جار من دولة أفريقية يعمل بسفارة بلده ، كنا نسكن في فيللا أرضية مقسومة إلى شقتين ، يفصل بيننا باب في ممر يؤدي إلى باب الشقة الخارجي ، تم تغطيته الباب الفاصل بقطعة خشبية تمنع الرؤية و لكن لا تمنع إنسياب أي صوت عالي. صاحبنا في منتهى الأدب و الحياء ، لم يرفع رأسه يوما و هو يزورنا أو يحيينا و هو خارج لعمله ، أما في المساء ، ( بعاتي عديل ) بعد أن يكتح المنكر ، ثم تبدأ سيمفونية من الشتائم بلغته التي لا أفهمها مع زوجته ، ثم بعد قليل يبدأ الضرب و التكسير و الصراخ ، فأذهب و أخبط فيفتح لي الباب ، و يكيل لي شتائم لا أفهمها ، و لكنه رغم سكرته ، يخاف من حجمي الكبير نسبيا مقارنة بحجمه ، فنأخذ الولية أنا و زوجتي تحت سمعه و بصره ، و طول الليل نهدهد فيها و هي تتلوى من ألم الضرب. و بعد ساعة أو ساعتين تقول أنه لا بد أن يكون قد نام ، فتتسلل إلى شقتها و هكذا دواليك. الطريف في الأمر أن إبنتي الصغيرة ، قالت يوما : أبوى ، غريبة الليلة جارنا ما دق مرتو.
    يعني دق المرة بقى زى المسلسل الذي صار توقيته معروفا.
    شاهدت منظرا لا أنساه ، زوج سكران لدرجة كبيرة ، و زوجته تجلس القرفصاء تحتضن وليدها ، و هو يروح و يجيء شاتما إياها ، و الخطير أنه يتأبط سكينا في ذراعه.
    إنتي يا ولية شوم ، من يوم ما عرستك ما مشيت لي قدام.
    لا رد.
    إنتي يا البوم ، أنا لو كنت عرست عيشة حسع كنت بقيت على بصيرة.
    لا رد.
    الله يلعنك و يلعن أبوك الفقر. هو قايل نفسو شنو ؟ و الله تاني يجي يفتح خشمو إلا أفتح كرشو.
    لا رد.
    قلتي شنو ؟ سمعيني كدة.
    هو لم يسمع شيئا ، و لكنع عملا بسياسة الذئب الذي قال للحمل المسكين لماذا تعكر علينا الماء ، يريد سببا مختلقا للهجوم بالضرب.
    و لسوء حظها ، إنتابت الطفل نوبة كحة شديدة ، فقالت مهمهمة : بري يا ود أمي و حشاى.
    فقال الثور الهائج : أنا ود الكلب يا ............؟
    فوجد سببا كسبب العلوج و الطراطير لضرب العراق ، فهجم هجوما يدويا ، أشفقت من أن يستعمل السلاح الذي بذراعه ، هجوما لم يفرق فيه بين جسد زوجته و طفله الذي صمت ربما خوفا أو ربما أسكتته ضربة غير مباشرة من جراء القصف العشوائي.
    و الحق يقال ، نساءنا يخافن العيب ، و يفعلن المستحيل لتحمل الرجل الشرس. فقد حكى لي أحد الأطباء المصريين ، في الصيف الماضي بأن عتريس أو سي السيد ، إعتاد يوميا أن يكون آخر شيء في برنامج زوجته ، علقة قبل أن تنام ، فهو يأتي من الخمارة بعد أن يكون قد عبأ بطنه و نافوخه بنوع رخيص من المنكر ، فتتكوم الزوجة ورمانة بجانب كوم اللحم اللي هم أبناءها و هم ينظرون بشيء من الغل و الكراهية لأبوهم.
    و ذات علقة أو ذات ليلة ، لا تهم التسمية ، أتى كعادته كالثور الهائج ، و مارس حقه الطبيعي و غير الطبيعي ، و ليلتها كان عيار الضرب ثقيلا ، أدمتْ أنف الزوجة و طقطقت عظامها الهشة ، و نام الثور على ظهره و شخيره يملأ الغرفة ضجيجا منفرا. إقتربت منه الزوجة ، و بهدوء لا يشوبه ندم أو رمشة جفن ، صبت في أنفه سمنا مغليا ، و عندما هب مذعورا ، صبت الباقي على رأسه ، و عندما وقع أرضا عاجلته بضربات متتالية من نفس عكازته التي كانت تولول كل ليلة على جسدها ففارق الحياة غير مأسوفا عليه.
    فأحذروا التقليد يا من يأمنون صمت الحملان في السودان.

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 08-13-2003, 10:12 AM)

                  

08-13-2003, 00:25 AM

3mk-Tango

تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 2374

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صمت الحملان و حوار الطرشان و إفاقة السكران (Re: ابو جهينة)


    .

    الحبيب ابو جهينة
    راقي كالعادة وسرد جميل وبفكاهة لا تخلو من الحكمة
    الله يديك العافية ويكفينا واياك شرور اكبر الكباير والحظ العاثر والكلام الطاير..والسمن المغلي كمان

    قول امين

    ولك الود

    تنقو

                  

08-13-2003, 00:58 AM

توما
<aتوما
تاريخ التسجيل: 08-07-2003
مجموع المشاركات: 1466

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ابو جهينه (Re: ابو جهينة)

    ابو جهينه
    مواصل في سردك الجميل والممتع..
    لكن جاركم سكران وحقار كمان..ذكرتني قصه واحد فنان جاء البيت نص الليل وتكل العود
    في الحيطه ويدق في الباب..اها مرتو فتحت الباب ودورت الاسطوانه اليوميه..جاي ليه..وكمان سكران..ما فيك فايده..ببرود شديد قال ليها فيك انتي الفايده امشي جيبي العود ده من بره ودخل..في نقتها ديك مرقت تتناول العود الهواء متامر عليها ..قفل الباب..اها دقت ليها زي سنه لحدي ما راجلها
    فتح الباب وتااااخ اداها كف وقال ليها..جايه نص الليل..وكمان معاك العود..
    شكرا لامتاعنا
    توما
                  

08-13-2003, 08:22 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ابو جهينه (Re: توما)

    عزيزي عمك تنقو
    تحياتي و مودتي
    طلاتك بنكهة زيارة يوم العيد العصر. و شكرا للدعاء المستجاب بحول الله. و عافاك الله.
    هناك حملان كثيرة صامتة ، و لكن الويل و الويل من غضبة الحليم.
    تسلم أخي
                  

08-13-2003, 08:25 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ابو جهينه (Re: ابو جهينة)

    الأخت العزيزة توما
    لك تحياتي و تقديري
    ضحكت كثيرا لمنظر الزوجة و هي تاخد الكف ، و هذا حوار طرشان من نوع آخر.
    تشكري كثيرا على الطلة.
    تسلمي توما
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de