|
|
 معيار الحكمة والحمار
|
لجهلي الذي لا يخفى على ذي بصيرة كنت أعتقد وربما لا زلت أن مصدر معيار هو عار من عار الحمار يعير عيرة فهو عائر. ولكم سمعت المتشدقون أصحاب الفصاحة يجمعون بين معيار وجمعها على ما أظن معايير أو معيارات ولفظ الحكمة. وحتى لا يتهمني أهل العجب والصيام في رجب من المستعربين الخلويين بمخالفة الجماعة والزندقة اللغوية التي تصل حد الكفر وتوجب القتل والدفن في غير مقابر اللغويين فقد بذلت جل جهدي في الأتيان بتفسير معقول للعلاقة بين معايير الحكمة والحمار. ولهذه الغاية عصرت بنات أفكاري علها تجود بقطرات نبيذ تطفيء نار ظمأ المعرفة وتحلق بالفكر مكانا عليا في دنياوات تخلو من شرور الأنسان وظلمه لأخيه الأنسان. وقد حاولت أن ألتزم في منهجي الأستقرائي بالمنطق من تمنطق السيف وحكم كمنطق الكيزان أو من صمت دهرا ونطق كفرا كحال معظم الساسة السودانيين. من معايير الحكمة التأني في القول والفعل وكذا الحمار إذا حرد، ومن معاييرها عدم التدخل فيما لا يعني وكذا الحمار لا يعنيه ما يحمل خاصة إن كانت أسفارا تحوي تراهات وحذلقات وفذلكات أو ما يحلو لأهل اللغة تسميتها.ومن معايير الحكمة الأبتعاد عن سفاسف الأمور والصحيح سفائف الأمور من سفة التمباك فماأحقرها وكذا الحمار يعير حين يرى أمرا حقيرا أو فعلا منكرا وأهلنا الشايقية أدرى مني بذلك. كما ترون أي حكيم هو الحمار فقد جمع كل معايير الحكمة لذاته رغم إتهامنا له بالغباء والدمامة. ولا ننسى أن الغباء في عصرنا هذا هو من معاير الحكمة وأسباب النجاح والتوازن العاطفي.
*********
سألني أحد الظرفاء من أصحابي،وقليل جدا من أصحابي هم الظرفاء، عن رأي في مسألة الأحقية والشرعية للأحتفاظ بإسم السودان في حال إنفصاله لا قدر الله إلى دولتين مستقلتين. فكرت مليا وأجبت: إن أردنا اللفظ فالشماليون أحق به لكونه لفظ عربي وهم ذو النسب العربي. وإن أردنا المعنى فالجنوبيون أولى به لكونهم الأكثر سوادا. غير أن إجابتي لم تعجبه فأردفت للجنوبيين الأسم عدلا ولشماليين الأسم معكوسا فهو نادوس وللجبهجية وما شاكلهم سادون .
**********
عملت في بداية حياتي العملية معلما للغة لعربية في قرية نائية خاملة الذكر من بلاد أبو يمن. وفي ذات يوم وبينما كنت أدرس التلاميذ لغة أجدادهم فعلها وفاعلها ومفعولها كان بدوي بقرب الشباك ينظر إلي متعجبا فكيف لجعران مثلي يعلم أبناء القبائل والأعيان لغة يشجب إبن يعرب جد سبأ الأكبر ونسى العربي لبداوته أن جدي عنترة بن شداد. ما أن إنتهيت من الدرس حتى تقدم نحوي يسألني أين تعلمت العربية فقلت له تعلمتها في امدرسة فما كان منه إلا أن بدأ يردد: ذكي ذكي. ثم سألني إن عندنا في السودان سيارات وبيوت مثلهم فأجبت بلى. وأخيرا سألني إن كان عندنا سماء مثلهم، ومن ضجري أجبت بسخرية: عندما خرجت من السودان تركتهم يصبون أعمدتها.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست