محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 08:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-03-2003, 01:23 PM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة

    ذهب محمد القيسى، في موت يشبه حالته لكنه
    بفجاءة لا تشبه قوة حضورة
    ونصه وكتابنه الممتدة في تضاريس شاسعة
    بالخصوبة التي تمنحها الاستمرارية رغم ذهابه المبكر

    لكن لماذا يذهب الشعراء
    ويبقى الزنادقة والطغاة
    يسحقون شعوبهم

    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    كتب : عمر شبانة
    بجريدة الحياة

    محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة
    رحل الشاعر الفسطيني محمد القيسي اول أمس في عمان عن 59 سنة وكان أصيب قبل أيام بجلطة دماغية أوقعته في الغيبوبة. والشاعر ولد سنة 1944 في قرية كفر عانة التي تقع قرب مدينة يافا. بعد هجرة 1948 تنقل القيسي مع أسرته بين عدد من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية حيث تعلم الكثير من الأغاني الشعبية الفلسطينية التي كانت أمه وعدد من النساء يرددنها، وقد تركت هذه الأغاني أثرها في شعره.
    حصل القيسي على البكالوريوس في الأدب العربي وعمل سنوات في سلك التعليم في مدينة الدمام (السعودية) ثم أمضى أربع سنوات متنقلاً بين بغداد ودمشق وبيروت والكويت وبنغازي قبل أن يعود الى عمان عام 1977. يعد القيسي واحداً من الشعراء الغزيري الإنتاج في جيله. ومن دواوينه: "راية في الريح" (196، و"خماسية الموت والحياة" (1971)، و"رياح عز الدين القسّام" (1974)، و"الحداد يليق بحيفا" (1975)، و"إناء لأزهار سارا، زعتر لأيتامها" (1979)، و"اشتعالات عبدالله وأيامه" (1981)، و"كم يلزم من موت لنكون معاً" (1983)، و"الوقوف في جرش" (1983)، و"منازل في الأفق" (1985)، "كل ما هنالك" (1986)، و"كتاب حمدة"، و"عائلة المشاة" (1990)، و"صداقة الريح" (1993)، و"كتاب الابن" (1994)، و"ناي على أيامنا" (1996). وأصدر القيسي أعماله الشعرية في ثلاثة مجلدات عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 1999.
    وله رواية "الحديقة السرية" صدرت عن دار الآداب هذا العام ورواية غير منشورة كان أرسلها الى الدار نفسها قبل يوم من إصابته بالجلطة الدماغية وعنوانها "شرفة في قفص"، وستصدرها دار الآداب قريباً.
    شعر القيسي متنوع يستخدم فيه الشطرتين، ليطعم به نصه، مثلما يستخدم التفعيلة، وقصيدة النثر، وهو يضمن شعره أحياناً إشارات يستمدها من التاريخ والنصوص الأدبية والأغاني الشعبية.
    برز اسم محمد القيسي في الستينات شاعراً من الموجة الثانية من الشعر الفلسطيني المقاوِم، الجيل الذي ضم عزّ الدين المناصرة وفواز عيد وأحمد دحبور ومريد البرغوثي ووليد سيف وسواهم، أي الجيل الذي ظهر بعد الموجة الأولى المتمثلة في جيل توفيق زياد ثم سميح القاسم ومحمود درويش. الموجة الأولى كتب شعراؤها قصائدهم في ظل الاحتلال، فيما كتب شعراء الموجة الثانية قصائدهم في ظلال التشرد والخيام، قبل كتابتها في ظلال البنادق. وكانت هذه الموجة من الشعراء، في الوقت نفسه، تمثل الرعيل الثاني من شعراء قصيدة التفعيلية العربية التي كان من روادها السياب والبياتي والملائكة.
    منذ مجموعته الأولى "راية في الريح"، ثم "خماسية الموت والحياة"، و"رياح عز الدين القسام"، كان واضحاً انتماء قصيدة القيسي إلى شعر المقاومة في وصفها العام ومفرداتها المختلفة... ولا بد من الإشارة إلى أن هذه المجموعات الثلاث تشكل، مرحلة أولى في تجربة القيسي. تليها مرحلة ثانية تبدأ بـ"الحداد يليق بحيفا" و"إناء لأزهار سارا زعتر لأيتامها" و"اشتعالات عبدالله وأيامه"، فيما يمكن اعتبار "كم يلزم من موت لنكون معاً" فاتحة مرحلة ثالثة. ويمكن اعتبار "الوقوف في جرش" نقلة نوعية في هذه التجربة. ثم جاءت مجموعة "منازل في الأفق" لتشكل فاتحة مرحلة قد تكون هي المرحلة التي استمرت. كانت اللغة السائدة في المرحلة الأولى خصوصاً، هي لغة التفجع والندب والتوجع والحنين إلى الوطن والأهل في ليل الغربة والمخيم والمنفى، قبل أن تظهر مفردات المقاومة المسلحة. ومنذ البداية كان قلق الشاعر يتجه بقصيدته نحو الوطن وهمومه وقضاياه، ولم تكن الذات الفردية لتظهر إلا بصفتها واحدة في جمهرة من المنفيين والمشردين، وقد بدأ بقصائد توجه رسائلها إلى الشق الآخر الذي ظل في الوطن تحت الاحتلال، كما يظهر من السطور الأولى في القصيدة الأولى من هذه المجموعة الأولى: "ترى من يخبر الأحباب / أنّا ما نسيـناهم / وأنّـا، نـحـن فـي المـنفـى، / نـعيـش بـزاد ذكراهم".
    وكان القيسي في مجموعته هذه لا يزال يتنفس القهر العام والقلق والغربة من دون التفات إلى الهم الخاص. وكان صوته لا يزال يهمهم ويدوِّم ويهوِّم في آفاق قصيدة الرواد وتأثيرهم الكبير على كل من تبعهم... إن على صعيد الانشغالات أو على مستوى المفردات والخطوط العامة للقصيدة... ثم يظهر تأثير شعراء ما قبل النكبة أمثال عبدالرحيم محمود والكرمي (أبو سلمى)، وبعدهم كان تأثير شعراء المقاومة الأوائل زيّاد ودرويش والقاسم وفدوى طوقان.
    ظلت تسود في شعر القيسي مفردات وعبارات مثل "الغربة السوداء"، "المعذبون في متاهة الضياع"، "غنوتي الأولى مبللة بأحزان الرحيل"، "منسيون، منفيون". ثم نقرأ فجأة إمكان خيارين "يغفو الجرح أو يتفجر البركان" لا نعرف أيهما الأقوى! وتتعالى نبرة غضب خجول من دون أن ترتفع وتيرة القصيدة فنياً، على رغم بروز مفردات ذات مرجعيات ثقافية، وعناصر لجدلية صراع يحتدم بين الفن والقضية. ففي قصيدته "المصلوب" التي يهديها إلى الشاعر خالد أبو خالد، وهي مؤرخة في الكويت 1966، ثمة وعي متقدم على صعيد النظر إلى القضية من زوايا مختلفة، واستعمال لغة وعبارات وصور وتراكيب تؤشر الى بداية اختلاف، حيث تظهر صور وعبارات مثل "قبض الريح كان حصاد ماضينا"، و"قاسية نيوب الجوع..."، ويسأل "أموت/ وهل تموت الشمس لو طالت خيوط الليل؟...".
    بدأت القصيدة تأخذ مسالك جديدة، لكنها ظلت تتأثر خطى كبار الشعراء، وينتبه القيسي مبكراً إلى رمزية قصة "يوسف" ودلالتها على الفلسطيني في علاقته مع إخوته العرب "قيّدني إخواني ورموني في الجبّ/ قتلوني بجواب الصمت". وفي قصيدة "مأساة الصبيّ الأعرج" تظهر بذور إمكانات القصيدة ذات البنية الحوارية (المسرحية) التي سنجدها في قصائد مرحلة مقبلة من تجربة القيسي، ولكن شيئاً من السذاجة في التعبير عن الوعي الطبقي يبرز في النص. ثم تظهر في القصيدة نفسها بوادر الظاهرة السردية في شعره التي ستتطور في ما بعد. وهنا نلتفت إلى ترافق السرد والحوار مع تعقُّد القضية وتشابك الوطني والإنساني فيها. ويظهر الصراع الطبقي في أوضح صوره، حيث البؤس المزدوج، الوطني والاجتماعي.
    وتشكل قصيدة "راية في الريح" نقلة مختلفة في هذه المرحلة الأولى، فعلى رغم أن القصيدة تبدأ بالدمع "بحثت بأدمعي عنكم"، والسؤال الحارق "تُرى ما زلتمُ أحياء؟"، إلا أن النص سرعان ما يلتحم بلحظة وطنية وإنسانية مختلفة. فالأهل على رغم تشردهم لم يتخاذلوا، ولا بانوا عن الأرض، ثم فجأة تنحني القصيدة نحو "وعدتُ إليكمُ عبر الليالي السود من منفايْ/ أقاسي خيبة الآمال...". وتظهر لغة تنعى سلاح الكلمات في زمن باتت فيه "الطريق علامة حمراء/ فكيف أصمّ آذاني وأقعد عن نداء الأرض والشهداء"، وسرعان ما يعلن الشاعر، "أنا القصيدة"، بوضوحٍ لغةَ شعبه الذي ينطوي وراء حروفه.
    بعد ذلك تستمر تجربة القيسي تنهل من مصادر مختلفة، ويظهر حضور لوركا "ليمهلني الموت حتى أصير في قرطبة/ قرطبة البعيدة والوحيدة"، ويبدأ ظهور الموروث الشعبي الفلسطيني الذي سمعه الشاعر من أمّه غناءً وأمثالاً "يا دار، يا دار، لو عدنا كما كنّا/ لطليكِ، يا دار، بعد الشيد بالحِنّا"، ويتعتق الحزن في الجرار، وتصفع المنفيَّ "عيون الغير في المنفى"، ويصر على إعلان هويته "فلسطيني، أجل..."، ويبرز في الأفق "وميض الرفض والإصرار والثورة"... وتظهر بوادر الأمل "الرمح بعدُ ما انكسر" على رغم الهزيمة التي كانت هزيمة للأنظمة الحاكمة وليس للثورة أو المقاومة. وتبدو "العاصفة" هي هذا الأمل، وهي رمز الثورة، كما أنها اسم الفصيل الأساس في المقاومة الفلسطينية آنذاك، آخر الستينات.
    وتتصاعد في شعر القيسي نبرة غضب ورفض يبدو أنها مرتبطة بتفجير المقاومة الفلسطينية وانطلاقتها الثانية والحقيقية العام 1968، وتظهر هذه الموجة الغاضبة في قصيدة "العاصفة"، حيث يعلن الشاعر ثورته التي يكسر فيها صورة الماضي "كسّرنا مرايانا القديمة"، وحين يتيقن من احتضان العاصفة له، يرى ويسمع صوت "رفض المزامير التي بحّت أسى مراً/ ولم تخرسك أجراس الهزيمة". ويتضح مدى ارتباط الشعر والشاعر بواقع المقاومة، من جهة، ورفض الواقع العربي وهزائمه التي يأمل في تجاوزها من جهة مقابلة. (ص 77)
    ويظل حزن الشاعر صورة تعكس حزن الفلسطيني أكثر مما تعكس مشاعر خاصة، ويبرز ذلك من خلال محاولات "أسطرة" الحزن وربطه بما جرى للفلسطيني ربطاً يتبدى في مظاهر عدة، منها هذا المظهر المتميز للحزن بصفته عنصراً من عناصر الثورة والأمل "أن يظل الحزن في الداخل... وعداً كالبذار"، فهو حزن معتق وقديم، ويمكن أن يتحول ثورة. وهنا تحضر صور النضال الفلسطيني منذ بداياته، عبر الغناء الشعبي الذي فجرته ثورات ونضالات سابقة، خصوصاً نضال العشرينات والثلاثينات الذي أطلق أغنية "طلّت البارودة والسبع ما طل" التي يستخدمها الشاعر كأنما ليذكر بزمن ثورة مضى وزمن ثوار قضوا...!
    ومع نهاية المجموعة الأولى هذه، تتكرس ظاهرة كتابة حال الشتات الفلسطيني، عبر التنقل الدائم للشاعر بين عمان والكويت، كما تتمثل في قصيدة "مقاطع من مدائن الأسفار"، فتبدو صارخة غربة الشاعر التي تغدو "غربتي العجوز"، وهي غربة تبدو حكيمة وقوية حين تشير عليه بأن "الدمع يا صديقي الحزين لا يجوز". وعموماً تبدأ تظهر تباشير أمل بالتواصل مع الجناح المغتصب من الوطن والأهل، لأن من عاشوا الشتات ومأساة العراء "يسطِّرون روعة البقاء/ ويجدلون من عذابهم للمجد أغنيات/ ويبسمون رغم قسوة الحياة". (ص 86)
    خماسية الموت والحياة
    في مجموعته الثانية "خماسية الموت والحياة" (ط1، دار العودة، بيروت، 1971)، وتضم قصائد كتبها في العامين 1969 و1970، نلمس استمراراً لتصاعد نبرة المقاومة ومفرداتها، الطابور والخندق، كما نلمس صعوداً للنبرة الغنائية، من دون أن تختفي نبرة الرثاء والحزن والبكاء حدّ العويل أحياناً. وتتسع رقعة التنقل بين عمان وبيروت والكويت، وتعود نغمة التيه "أكابد الإعياء" تعبيراً عن صراع حاد بين ثنائية موت/ حياة.
    وعلى صعيد البنية الشعرية سنرى استخداماً جديداً للأوزان من خلال استخدام مجزوءات البحور الشعرية "تقاسمتكِ الدفوفُ/ عشية الحبُّ ماتا/ فما أفاد الوقوفُ/ ولا مللتُ التفاتا"، هذا الاستخدام الذي يرافقه ميل إلى لغة أشد رقة وشفافية، وصوراً تطوي تلوينات وخطوطاً أغنى من المألوف في قصائده السابقة.
    وتتداخل صور الحاضر بصور الماضي، فيظهر الثائر الفلسطيني من جيل الأب متواصلاً مع صورة ابنه بقميصه الكاكيّ. في قصيدة "بطاقة إلى فراس"، التي تبدو موجهة إلى ابن الشاعر، يظهر تواصل الأجيال مرة أخرى، على نحو يعكس تتابع المأساة والأمل في الخلاص. وتتكرر صور التشرد وتتكاثر في المنفى العربي، ونتوقف لدى قصيدة "أيتها الغربة وداعاً"، التي يوجهها القيسي إلى الشاعر خالد أبو خالد بعد طرده من الكويت. فهنا تقطير وتكثيف للحزن الذي يصفه الشاعر بأنه "خميرتنا يا خالد". ويتخذ الحزن أشكالاً وألواناً، ويتخذ أبعاد المأساة، فهو يظهر في صورة "فقدان المعنى"، و"الأيام الصفراء" و"موت الإنسان الضائع". لكنه لا يلبث أن يغدو غضباً وثورة وسلاحاً "لا يُغمد".
    وارتباطاً مع الأغاني، وغير بعيد من مناخ المقاومة، يبرز "وهم الخلاص"، أو ما يسميه الشعر هنا بـ"الخلاص الموهوم"، وهو ما يحيلنا إلى عمق المأساة التي يعيشها الفلسطيني ويجسدها الشعر، حيث تلتقي مفردات الأمل والوهم في جملة واحدة، إذ يدرك الفلسطيني حاجته إلى الأمل حتى لو كان وهماً.
    وتظهر بيروت آخر الستينات، 1969، مدينة بلا حنان، يعبر فيها الشاعر وقد افتقد "فاطمة"، ويقيم "على ضفاف اليأس"، وتنبعث من الذاكرة الأبعد صورة الحمداني أبي فراس "هنا يموت/ من دون قيد الروم/ ها هنا يموت"، ويفتقد الشاعر أي إلفة، فيلجأ إلى المفردة اللبنانية "قوّستمُ أخي وصاحبي". وكما في بيروت، يظهر وجه عمان وصورتها "غادة ترفض ودّي/ وأنا أبحث في كل الوجوه/ عن يد تسند ظهري". (ص 104)
    المجموعة الثالثة للقيسي كانت "رياح عز الدين القسام" (ط1، وزارة الإعلام - بغداد، 1974)، وقد كتبت قصائدها بين عمان والدمّام. والجديد في هذه المجموعة، هو تطوير لبذرة بدأت في قصائده الأولى، وهي البنية المسرحية في الشعر، خصوصاً في نص "حين قال سامر: لا في المواجهة الأولى..."، وكذلك في "عز الدين القسام: جزء من حديث ذات ليلة باردة".
    في نص "سامر..."، الذي يبدو مكتوباً للفتيان، ثمة بساطة في البناء وفي لغة الحوار، ويستخدم الشاعر من مفردات المسرح شخوصه وجوقته مع المغني. أما في نص "القسام" فنحن أمام نص يلعب فيه الشاعر لعبة بعث الشهيد حياً ليروي ما جرى، من جهة، وليشهد ما يجرى في حاضر الشاعر من جهة ثانية. وهنا نقف على بنية درامية بأبعاد ملحمية، حيث يلعب الخيال والذاكرة والموروث في سياقات متداخلة تخدم رؤية الشاعر للمأساة.
    وتدخل في هذه المجموعة القصيدة ذات البنية المدورة، التي تعتمد التدوير في سطور طويلة تسرد وتحكي وتندب وتدعو للثورة والعصيان.
    الحداد يليق بحيفا
    بدءاً من مجموعة "الحداد يليق بحيفا" (ط1، دار الآداب، بيروت، 1975)، يدخل القيسي مرحلة شعرية جديدة ارتفع فيها سقفه الفني، وبات صوته أشد تميزاً في غنائيته، خصوصاً في القصيدة التي تحمل اسم المجموعة، والتي كتبها الشاعر بعد زيارة له إلى حيفا أيلول (سبتمبر) 1973: "مراسم قهرك جارية/ وأنا أحتفي بجواد التفتُّح والنار/ في ليلك المأتميّ.../ هذا زمان السكون المدوّي...".
    وتتصاعد هذه الغنائية الجماعية، وتبلغ ذروتها في "إناء لأزهار سارا زعتر لأيتامها"، وفي "اشتعالات عبدالله وأيامه" و"كم يلزم من موت لنكون معاً"، وبعده في "الوقوف في جرش"، حيث هذه النبرة الرقيقة العالية من الحنين والأسى والتفجع.
    وضمن الغناء المجروح المملوء بالانكسارات والهزائم، حيث الذات تعبير عن الفقدان المطلق للتواصل... ينطلق القيسي في تجربة جديدة، وهو في كتابته كثير التجريب، تجربة تتناول حقلاً من حقول الذاكرة الفلسطينية، وهي تجربة أيلول الأسود، وتتمثل حدة التجربة في تزويج ألوان من الشعر (الخليلي، والتفعيلة، والنثر) في نص طويل "الوقوف في جرش" يستعيد التاريخ ويصمده في الحاضر ويزوجهما من المستقبل. وفي هذا النص يتساكن النفَس الهادئ المنطلق من الحاضر لاستحضار الماضي، ماضي المكان (جرش)، بما تمثله في تاريخها الحديث، حيث ترتد القصيدة إلى الماضي القريب، وتأتي بأسلوب الشعر القديم: "وقِفا نحكِ على أسوارها/ بعض ما يوجع من أسرارها/ يا خليليّ ولم يبق سوى/ ومضةٍ أو قبس من نارها".
    ثم تنتقل حركة القصيدة إلى الماضي الحاضر في تجربة أيلول:
    "لأقل إن أحبائي ينامون هنا/ وعلى مقربة منّا/ على باب جرش/ سأغني باسمهم هذا النشيد المأتميّ".
    ويغني من وزن آخر بإيقاع جنائزي من الوزن الثقيل الوافر الخليليّ: "دفنّا أجمل الفتيان فيكِ/ وقلنا يا صبيةُ هل نفيكِ/ وقفتُ على طلولكِ في جلالٍ/ أريكِ من الهوى ما لا أريكِ/ لئن طوّفتُ في الآفاق دهراً/ فقد كانت يداكِ هما شريكي".
    وتتنقل القصيدة بين الأزمنة الثلاثة، الماضي والحاضر والمستقبل، وتتدافع الصور، ونتأمل المستقبل في صورة الحاضر:
    "لي أنني أبني على مهلٍ/ كوخي وأرفع من دمي عرشي".
    بعد ذلك، تكاثرت كتب القيسي، بين الشعر والنثر، والرواية مؤخراً، كأن القيسي يسابق الزمن في الكتابة والنشر. فمن "كتاب الفضة" (1986) و"كل ما هنالك" (1986) و"كتاب حمدة" (1987)، و"عازف الشوارع" (198، إلى آخر كتبه الشعرية "منمنمات أليسا" (المؤسسة العربية للدراسات والنشر - 2002)، ورواية "الحديقة السرية" (الآداب - 2002)، ورواية "حدائق عارية" التي نشرها مجزأة في الصحف...
    في المرحلة الممتدة من 1984 إلى المرحلة الأخيرة، باتت نصوص القيسي محكومة بالانفلات على غير صعيد. انفلات من قيود الوزن، ومن قيود الذات الجماعية والهموم الوطنية المباشرة... صار أشبه بالتروبادور عازف الشوارع الوحيد: "ولم يكن وحده/ لكنه بكى/ بكى من الوحدة".
    ظل القيسي قريباً من الموت دائماً، وشديد الهجس به في نصوصه، فها هو تلميذ الشوارع، ينظر فيرى صورته القادمة من المستقبل: "أيتها الشوارع/ غداً تنسينني/ أنا نتوؤك الوحيد/ والمرض الذي يحمل العافية".
    ويميز قصيدة القيسي الطابع الغنائي وكثرة الأوصاف القائمة في المضاف والمضاف إليه. أما الشجى والأسى وغيرهما من مفردات الفضاء المأسوي التي يعد القيسي من أكثر الشعراء الفلسطينيين تكريساً لها، فهي من أكثر عناصر غنائيته بروزاً.
    وإذا كانت مفردات الموت والموات مثل: الذبول، الغياب، الجفاف، الفراغ، السدى، النأي، الخسارات، البين، الغبار... هي من قاموس القيسي قبل هذا الديوان، فقد مرت في لحظات راوحت بين الإطار العام والخاص، وبين أحزان الفرد وأحزان الجماعة... بين خسارات الإنسان الفرد وخسارات الشعب. أما في "كل هذا البهاء وكل شفيف"، فلا حضور لصوت الشعب - الجماعة، بل هو صوت الإنسان - الفرد. هو كما يبدو، صوت الشاعر "لا تمرّ الحياة كما ينبغي/ لا يتلهى على شرفتي غير هذا الخريف/ وخط الشجى بات أطول". أو قوله في وضوح تراجيدي "هل ينقذني أسلوبي/ من آفة نيساني/ .../ آه ما أعماني". أما الخطاب السابق فكان بصوت الجماعة "ذبلت أيامنا عاماً فعاماً".
    وتتصاعد نبرة الإحساس باقتراب نهاية الإنسان، وتحتل حيزاً لم تكن تحتله في تجربة القيسي الشعرية من قبل، وتتشكل في صور عدة إذ تبدو ثمة علاقة بين حضور المرأة والإحساس باستمرار الحياة. وعلاقة أخرى بين حضور المرأة واستمرار الحياة فعلاً. علاقة شرطية: تستمر الحياة بوجود المرأة. وتوجد المرأة باستمرار الحياة. علاقة أساسها الإحساس بالزمن سلباً وإيجاباً، تسارع دقاته أو تباطؤها. هذا الإحساس بوطأة فعل الزمن يجعل الشاعر يصرخ بضمير الغائب: "وهو من كان جواداً للمسافات/ عريس الأرض بدءاً/ صار... عبئاً" ؟





                  

08-03-2003, 02:37 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة (Re: nassar elhaj)

    الأخ نصار شكرا للإضاءة على هذا الراحل الجميل


    محمد القيسي بعد صدور روايته الأولى ( الحديقة السرية ):

    المهم أن نرى ما تعكسه تجاربنا على الورق بعيدا عن مسمياتها

    دمشق ـ ( الوطن): محمد القيسي كاتب اختص بالشعر، لكنه فاجأنا مؤخراً بروايته الأولى ( الحديقة السرية) التي شكلت حلقة مهمة في مسيرته كأديب، عن سبب انجذابه لكتابة الرواية، وعن الفضاءات التي حوتها روايته الأولى كان لنا معه اللقاء التالي .

    * ما السبب وراء خوضك مجال الرواية وأنت شاعرً في الأصل؟

    * * إن طبيعة التجربة المعيشية في الحياة، وتشابكات حياتي مع الأمكنة وانغمار الذات في موضوعها الأساسي، وهو القضية الفلسطينية، دون أن يعني ذلك إدارة ظهري للحياة وتجاربها، ببعدها الذاتي خاصة. وربما كان لحياتي في لندن دور ما في ذلك، وما استتبعته هذه الحياة من مناخات وتفاصيل، كان الدافع والمحرض الأاساس في كتابة روايتي الأولى، وهي ( الحديقة السرية) ، سيما وأنها تعرض لتجربة هذه الحياة كموضوع وذات مأَخوذة بالمرأَة والكتب والأَمكنة، ستجد في الرواية إشارات كثيرة إلى روايات عالمية وعربية وإلى أفكار أو كتب قرأتها شخصيتا الرواية أو اطلعتا عليها، أو انغمرتا في ممارسات تجاربها، بما يعني أن الرواية ليست فقط انعكاسا لحياة وتجربة، بقدر ما هي انعكاس لتحولات فكرية على صعيد الذات، وانجذابات إلى عوالم مختلفة، ربما تبدو غريبة عن الإنسان الملتزم والمنتمي إلى قضية، بمعنى أن الحياة أوسع من القضية الواحدة، هناك عوامل أخرى ربما هي الرغبة في أن أجمل حياتي وأُحرّرها إلى حين من قفص القصيدة الغنائية إِلى أُفق السرد الواسع، انطلاقاً من الاحساس بمحدودية القصيدة الغنائية، كإمكانية لقول الحياة، بكل تناقضاتها وأبعادها، ففعل الروي والقص أكثر قابلية لاحتشاد كل هذه العناصر بتناقضاتها، من هنا وصلت إلى طريق الرواية، وكانت ( الحديقة السرية) روايتي الأولى .

    * وأنت تخوض هذه التجربة الروائية لأول مرة، هل كان الشاعر متخفياً وراءك أو قابعاً إلى جانبك ؟

    ** كان الشاعر يقودني ويتحرك فيّ ، ويحدد مسار الكتابة، الناقد فيصل دراج والناقد د. محمد شاهين أشارا إلى اللغة الشعرية التي تطغى على السرد مثلما أشارا إلى مقاطع وقصائد في الرواية، لا تنضبط للشعر وتخرج على النثر، بمعنى أن الشاعر هو الذي حفر مسار الكتابة، وذهب في السرد بعيدا،ً من هنا ترى الاختلاف في كتابة هذا النص، وخروج ( الحديقة السرية) عن هيكلية العمل الروائي المعروف، عبر هذا الميل الواضح إلى كتابة رواية جديدة لا تنقاد إِلى اتباع المنجز، أَو الأَخذ بالسياق الروائي المعروف، من حيث وحدة المكان والأحداث والشخصيات، هناك تكسير لوحدة الزمن، وتبعثر للمكان، من المكان العربي إلى المكان الأوروبي، وهناك أيضاً تكسير لتسلسل الحدث عبر الشخصيات وتوظيف لفن الرسائل واليوميات والإشارات و الرؤى والأحلام، لتشكّل هذه كلها البنية الأساسية للرواية. وثمة نزوع واضح في الحديقة باتجاه تهديم الحدود الفاصلة ما بين الأَشكال والأَجناس الأَدبية المختلفة ، عبر هذا التقطيع في إِطار البنية السردية للرواية كما تمثلت في ( الحديقة السرية) .

    * وهل كان هذا لصالح الرواية كتجربة خاصة بمحمد القيسي،أم هي إضافة إلى الكتابة الروائية بشكل عام ؟

    ** لا أستطيع الجزم بهذا، وإن كان يمكن الإشارة إلى أنها تنخرط في إطار شكل مختلف يمكن لي أَن أصفه برواية داخل الرواية، ولا أَود الاستشهاد بأَقوال من تعرضوا للرواية وكتبوا عنها وإشاراتهم إلى احتمال أَن تشكل إضافة في الرواية العربية ، تظل ( الحديقة السرية) اقتراحاً جمالياً ما على مسار بنية الرواية العربية، ويمكن لهذا الاقتراح أن يأخذ مداه أو يترك أو لا يترك أثرا .

    * تحدثت عن فتنة السرد ، ألا تخشى من هذه الفتنة على تقلص مساحة الشعر في داخلك؟

    ** ما من خشية في ذلك ويعتقد كثيرون بهذا، فكلما أَعلنت بين حين وآخر عن نيتي بالتوقف عن كتابة الشعر ، قيل لي إن هذا لن يحدث ، حتى لو قررت. ثم لماذا أَخشى حتى لو حدث ذلك؟ كتبت من الأعمال الشعرية ما يكفي، رغم أن عوامل القول ما تزال موجبة. لقد جئت النثر من باب الشعر مثلما جئت الرواية من باب القصيدة، وبالعودة إلى ما ذكرته من تداخل الأجناس وتهشيم الحدود فيما بينها صرت أرى الكتابة كفعل أساسي بغض النظر عن تجنيسها، قصيدة أو قصة قصيرة أو رواية أو مقالة. لم يعد للجنس أَو للشكل الواحد قدسية لدي، هناك نزوع داخلي ألمسه منذ سنوات بعيدة باتجاه تهديم هذه الحدود، باتجاه إلغاء أي قدسية للجنس الواحد في الكتابة، وأرى أن فعل الكتابة نفسها هو الأساس، المهم هو الكتابة، لا مسمَّياتها، من قصة أو رواية أو قصيدة. المهم أن نرى ما يمكن أن تعكسه تجاربنا، خبراتنا ومواهبنا على الورق، بعيداً عن حرص الشكل المسبق وهندسته أَو نوع شكل انفعالاتنا هذه، وما يمكن أن تتجلى عنه هذه الانفعالات من كتابات، بمعنى الإيلاء الأساس لفعل الكتابة، وقد تأتي هذه الكتابة كتصنيف خارج الأَجناس، بالتالي تكون قد اجترحت شكلها الخاص، شكلها الجديد الذي يمكن له أن يكون أكثر تأَثيراً وفعالية في الذات القارئة .

    * يشكل المكان عنصراً أساسياً في العمل الروائي كيف تعاملت معه في روايتك ؟

    ** بالتأكيد المكان يشكل عنصراً أساسياً في كل عمل أدبي بغض النظر عن جنسه، فمثلما هو في الرواية مثلما هو في الأغنية أو الفن التشكيلي أو الشعر وفي اعتقادي منذ ترجم غالب هلسا كتاب باشلار جماليات المكان أخذ موضوع المكان أهميته عبر الكتابة وعبر ما تثيره الصحافة والكتابات الأدبية بشكل عام.

    للمكان علامة ظاهرة وعلامته الخفية في الحياة أو في الكتابة والمكان ربما يكون الأب الشرعي لنفس الكتابة بحد ذاته، وللكاتب أساساً إذ لا شيء ينبت في الفضاء الطلق، ولاشيء يجيء من فراغ فالمكان والزمان هناك علاقة جدلية بينهما عبر الطرف الثالث وهو الإنسان من هنا يترك أثره في التجربة الكتابية مثلما يترك أثره في التجربة الحياتية عبر التنقل والأسفار والتجوال في الأمكنة فيما يتعلق بروايتي ( الحديقة السرية ) لا أستطيع القول ان المكان فيها متخيلاً بقدر ماهو المكان واضحاً ومحدداً ، وإن كان ليس غير صورة مطابقة لما هو عليه الواقع ، ثمة دور ولمسة للمخيلة في صياغة جديدة للمكان وفي لقطات ربما لا تتطابق في الضرورة مع ما هو مشاهد في المكان المحدد، هكذا تظهر بغداد في الرواية بغداد النهر والنخيل المحترق وسعفه بغداد الكآبات التي في العيون والوجوه، بغداد هذه الحرارة الشديدة مع الأسى الكامن في النفوس مثلما عمان وفراغها الذي يحتاج إلى اللمسة الإنسانية التي تضفي على المكان بهاءها الخاص، يأخذ في العمل الروائي مثل يدين خانقتين لحركة العاشق في طرقاتها بينما تبدو المغرب فاس أو الرباط أو طنجة ، مكاناً فسيحاً وأفقا مفتوحا للخطا، بالتالي يكون له أثره في اللغة نفسها وفي صياغة العبارة حتى ناهيك عن الرؤية التي يبعثها المكان في الكتابة حتى إذا ما رأينا لندن الفضاء المفتوح على رحابته التايمز والمكتبات والمتاحف والحدائق والتي تضفي عليها الكتابة جمالية أخاذه وساحرة ربما تفتقر إليها في الواقع وذلك لما تبعثه الحالة النفسية في الكتابة وفي المناخ السردي الذي يطرحه الكتاب بينما نرى غزة أو رام الله كأمكنة لذاكرة أولى غيرها عما كانت عليه في الذاكرة الأولى ذلك أنه مكان أفاجئه ويفاجئني ثلاثين سنة من الغياب، هكذا بدا لي غريباً عن صورته التي فيه مثلما بدت الأشياء على غربة معها ويصعب التماس معها والتعرف عليه باعتبار أني على الأقل أعرف هذا المكان وإن كنت قد تهت في الوصول إلى بيتنا في المخيم، المخيم الذي كان أيضاً فضاء فمن الزيتون والتور إلى حيث هجم العمار والإسمنت والكونكريت في كل هذه الفراغات واكل الطرقات والشوارع والزيتون والشجر كله فلم أتمكن من التعرف على خطاي الأولى فما كان لي إلا أن أغمض عيني وأرى المكان الأول مكان الذاكرة وأمشي على هدي ما تشير إليه صورة الخيال حتى إذا ما وقفت على قطعة بعدها لم أعرف أين أتحرك ولم أعرف أنني أقف بباب البيت الذي اختلفت بوابته وزيدت عليه غرف أخرى واختلف عما كان عليه حتى إذا ما مرت امرأة كبيرة السن حدقت بي وقالت لي أنت ابن حمده أنت محمد ذاك عرفت النقطة التي أقف عليها وقالت لي ذاك هي داركم ولم أستطع الدخول أو الطرق عدت فقالت ادخل قلت سأراها في المرة الأخرى، هكذا المكان بدا لي طارداً مكانا يتحول ويتغير بفعل ما طرأ عليه من أفعال احتلال ومن ممارساته الذي يمنع الفضاء عن الناس والشجر والبيوت، هكذا ابتدعت مكاناً مختلفاً مكان الرواية مكان الأعماق المرتجى والمرغوب فيه وليس المكان الذي أعرف أو المكان الحقيقي لأن المكان الحقيقي تشوه واختلف يظل للمكان أثره في الكتابة نفسها وفي الذات وفيما تتخلق فيه عملية الكتابة من مناخات وعوالم وصور لا تستسلم ولا تتأتى للكتابة المباشرة التي تقول وتوضح بقدر ما الكتابة التي تشير وتدل .

    * إذاً المكان كان مرتبطاً بالعلاقات الإنسانية والحالات المعاشه ؟

    ** نعم المكان مرتبط، هو العلاقات الإنسانية في المكان، ولا يأخذ المكان هويته خارج حركة الإنسان فيه وبالنسبة للمكان هو زمان ما يتفاعل فيه من رؤى وأحداث ومن ذكريات ومن تصورات تحيل إلى الذات وتحيل إلى حلم الذات وصبوات الذات فالمكان هو زمان والمكان هو حركة في الزمان مثلما هو الزمان حركة في المكان .

    * ماذا بعد صدور الرواية ، هل تشعر أنها أوقعت نفسك في مطب الإنتاج الروائي ؟

    * أوقعتني في فتنة السرد، وربطتني أكثر بالنثر، رغم أنني ناثر، ونثري ذو نسب كبير بالشعر، وكتاباتي النثرية حظيت بالتفات نقدي لا بأَس به، من قبل بعض النقاد العرب ، وحتى بعض المستشرقين، كجماعة المترجمين الأَوروبيين، ومنهم الفرنسي غي غونزاليس، والإِيطالية ايزابيلا كاميرا، حيث قاما وأَشرفا على ترجمة مؤلفي ( كتاب الابن - سيرة الطرد والمكان ) في اطار سلسلة ( ذاكرة المتوسط) . الآن أنا أُفكر وأعمل على رواية ثانية لها علاقة بالحديقة السرية وتشكل امتداداً لها، وما قبل ( الحديقة السرية) هناك نص (عائلة المشاة) وهو عمل مزجي نثري وشعري، تم التعامل معه باعتباره عملاً روائياً ، وكان موضوعاً لأطروحة تخرّج في المغرب تحت إشراف الناقد والروائي محمد براده، إلا أنني لا أراه كعمل روائي. أردت أن أشير حسب إلى علاقتي القديمة والوطيدة بالنثر والسرد أساساً .



                  

08-03-2003, 08:56 PM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة (Re: nadus2000)

    العزيز نادوس
    انه حوار بديع هذا الذي تطلعنا عليه مع محمد القيسى
    الذي يضئ عبره تجربة السرد والرواية
    وكانه يريد ان يقول كل شئ بداخله قبل ان يرحل
    لجأ الى السرد ومساحاته الواسعه
    والتصاقه بكافة التفاصيل
    وكانه يريد ان يسرد سيرته الذاتية عبر كل تقاطعاتها وهمومها
    وتشابك الواقع والحياة التي تورط
    في معايشتها بهذه الكثافة من التواصل والممارسة الابداعية
    وقرر هدم الأجناس في لحظة ذهابه الأخير حتى لا يذهب
    بمنجز ابداعي حبيس بداخله لان الجناس التي يتجول فيها لم تسمح له بالكتابة والخروج الى القارئ
    خرج من سلطة الأجناس وكتب هذه الاعمال التي يدور حولها الحوار وقبلها ثلاثية حمدة
                  

08-04-2003, 09:37 AM

Faisal Salih
<aFaisal Salih
تاريخ التسجيل: 10-12-2002
مجموع المشاركات: 477

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة (Re: nassar elhaj)

    رحم الله الشاعرالمبدع محمد القيسي
    واظن ان صديقنا يحي فضل الله لديه الكثير ليقوله عنه
    فهوالتقاه في عمان وحاوره ثم دعاه للقاهرة فامتعنا بامسيات جميلة

    فيصل
                  

08-04-2003, 04:50 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة (Re: nassar elhaj)

    هو من فصيل الشعراء الذين كرسوا نصوصهم-خاصة منمنماته الاخيرة للاحتفاء العالي باللغة والغنائية العذبة.هو من القلائل في الشعر الفلسطيني الذين وردت في نصوصهم الشعرية كلمات مثل ام درمان,الخرطوم والسودان ان لم يكن بذاكرتي بعض من عطب المنافي وهذا مبحث جيد لمن تتوفر لديهم الاعمال الكاملة للقيسي ذلك الشاعر الكبير بحق
    المشاء -
                  

08-04-2003, 05:38 PM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة (Re: osama elkhawad)

    الأصدقاء في البعيد
    فيصل محمد صالح
    و
    اسامة الخواض
    نعم الكثير من الكتابة ومن الابداع
    قد يظل خارج الكتب
    خارج التوثيق
    لكنه محفور في اماكن أخرى
    يقوم باعادة كتابته وتدوينه الاخرون
    فليت عطب المنافي ينأى عنك يا اسامة وتكتب لنا
    كما اتمنى ان يصل نداء فيصل
    اليك يا يحيى فضل الله في الاقاصي الباردة
    وأيضا محمد القيسى قد زار السودان قبل عامين تقريبا
    كما حكى لي هاشم ميرغنى وفتحي البحيري
    لكن الواقع الثقافي الشائه في السودان الان
    حاصره ووضعه في دائرة ضيقة
    وأناس محدودين
    والكثيرون لم يعلموا بحضوره
    واظن صديقي فتحي البحيري يمكن ان يكتب عن ذلك
                  

08-06-2003, 09:43 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد القيسي الشاعر الغنائي الجوال رحل عن 59 سنة (Re: nassar elhaj)

    أصدقائي الذين قاسموني فجيعة رحيله
    -:محمد علي شمس الدين قال عنه في السفير اللبنانية

    -----------------------------------------------------------------
    محمد القيسي والأرابسك الشعري

    محمد علي شمس الدين



    لم يكن مظهر محمد القيسي، الشاعر الفلسطيني الأردني القلِق على رياح كثيرة
    بين عمّان ولندن، لينمّ عن جوهره. وحتّى حين مات وأغمض جفنيه الى الأبد، وهو مسجّى أخيرا في أحد مستشفيات عمّان بعد مروره في غيبوبة لأسابيع، كانت ملامح وجهه تدلّ على غجري أسمر أحرقت ملامحه الشمس بشاربين معقوفين الى أسفل، وشعر خطه الشيب قليلا لكنه بقي كثيفا ومتطايرا، وحاجبين كثيفين، وقسمات تدلّ على القسوة.. لكن صوت محمد القيسي حين يتكلم، كان ناعما رقيقا، تحسبه يطلع من روح ناحلة محبوسة في هيكل فظّ... روح ناحلة كأنين. وقد خان جسد محمد القيسي روحه خيانة الموت، لكن روحه، أراها ترفّ في أشعاره، كالهديل.
    في قصائد القيسي الأخيرة خاصة في الأيقونات والكونشرتو روائح شتات ووجع، ويظهر على صورة روح تحتاج لمن يسندها. هو من فصيلة الشعراء الغنائيين في هذا العالم، أرواحهم واهية كقشّة ونفوسهم ضعيفة كخيط. وأحسبهم يموتون في العشق قبل أن يموتوا في الأوطان او بلايا الجسد، وأنفاسهم طويلة وغنائية مديدة، كأنفاس وحيد المغنية، وتأتي تقنياتهم الشعرية مدموغة بالضرورة بهذه الأحوال، من حيث هي تقنيات غناء وإنشاد بإيقاعات وتفاعيل وعدّة من استدارة واستطالة وشجو وشجن وترداد كمنمنمات شرقية عربية لا تنتهي Arabesque انهم يكتبون أرابسك شعريا. لذا بوسعنا قراءة القيسي دفعة واحدة بنفَس واحد، طال أم قصر، وبمتعة طربية، حتى ولو جلّل السواد قصائده. أما التفاصيل والاحداثيات، الأسماء والأماكن التي يكثر الشاعر من إدخالها في قصائده، فتفاصيل على الجذع الغنائي له... غصون وأوراق نابتة على الجذع.
    الأيقونات والكونشرتو
    الديوان النموذجي للقيسي في حومة نتاجه الغزير، هو، في تصوري ديوان <<الأيقونات والكونشرتو>> الصادر له عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر العام 2001. وأول ما يسم القصائد مناخ أسميه مناخ انعدام الرضى او اختلال الرضى. فيجيء الشعر عنده كمحاولة ليعيد للنفْس اللاراضية شيئا من توازنها وطمأنينتها.
    ولكن: أنّى للقيسي، شاعرا، أن يطمئن؟ وكيف؟ فهو في شغف لا يرتوي وفي ظمأ شاغر. هو في تشرد بلا أمل في استقرار ولا رغبة في هدوء. والرضى في الشعر غير الرضى في الزهد. إنّ مقام الرضى في الزهد مقام ينحل عن كاهل صاحبه الخوف والحيرة وترتحل الهواجس او تغرق ساكنة في سكون الرضى. والأمر شبيه بنشوة <<الزفانا>> في الحكمة الهندية، هنا: لا الشعر له شأن إلا في وصف الحال، ولا المال له شأن او دور، ولا الشهوات والجاه وقلق النهايات... في حين أن الرضى في الشعر يوقف نزف الشاعر الحائر الباحث أبدا عما يحيّره، او الراغب في ما لا يستطيع إدراك كنهه.. لكأن أبا الطيّب المتنبي هو الناطق بلسان حال الشعراء حيث يقول: <<يقولون لي ما أنت في كل بلدة/
    وما تبتغي؟.. ما أبتغي جلّ أن يُسمى>>. فقد يظن الشاعر أنه يفتقد حبا، فإذا عثر عليه، يسأل: وماذا بعد؟
    وقد يفتقد وطنا فإذا عثر عليه يسأل: وماذا بعد؟ وهذا السؤال أساس الشعر والفلسفة معا، بل هو بذرة الشك والقلق الضروريين لحركة الحياة.
    والنقصان الذي يولّد شعرا في الغالب، ولّد لدى القيسي قصائد <<الأيقونات والكونشرتو>>، وهي أنشودات حبّ او غنائيات حب طويلة وقصيرة لامرأة اسمها صفية (على ما يذكر الشاعر في أكثر من موقع)، ولبلاد هي وطن الشاعر ومنبته فلسطين والأماكن المتعددة التي يرسل منها رسائله: لندن، عمّان، غزة، رام الله، بغداد، باريس... تشي بتشرّده او تجواله، وبالتالي توزعه الجسدي والنفسي. وقلق المكان لديه، هو قلق كائن متشرّد ومتصعلك في المدن والمقاهي، كتشرّده في بلاده.
    إن تفاصيل السيرة العشقية لدى القيسي، والتي لا تُستنتج استنتاجا من قصائد وحدها، بل يذكرها هو ويعززها بالكثير من الأسماء والتفاصيل اليومية، وأسماء الأماكن والأشخاص... تشير الى امرأة بعينها من السودان، وكنت شخصيا أظنها من المغرب، لكن القصائد وتفاصيلها دلّت على أنها من السودان، ذات بعل مريض، كما يقول: <<... وصوتك الرملي يأتي مرة او مرتين على مدى الأسبوع يأتي مغلقا ومشوّشا يشكو من البعل المريض>>.. (من قصيدة كلام الليل)، وأن زواجها منه جاء نتيجة صفقة الفراغ العائلي: <<أنت يا أيقونة النيلين قد وهبوك للمنفى وزوّجك الفراغ العائلي الى الفراغ>> (من قصيدة مرثية نوبية)...
    وكونها من السودان، تشير إليه إشارات كثيرة واضحة في القصائد: <<... وصعدت الى وجع الخرطوم على سلّم كفّك>> (من قصيدة غرفة لعاشقين في العراء).. <<بينا تغمسين دمي بموسيقى من السودان>> (من قصيدة كم ليلة ستمر دونك).. ولا تقتصر التفاصيل على هذا الحد، بل تتوغل أكثر فأكثر في شؤون السيرة، فتشير الى أن الحبيبة (صفية)، كانت قد وقعت عليه ووقع عليها وهما في بغداد:
    <<... وأذكر قبل ثلاثة أعوام حين تلاقينا في بغداد>> (من قصيدة غرفة لعاشقين)، وأنها تعمل محامية في لندن، فيحطّ هو <<على صفحات القانون>>، ويخرجها من ملل المحاماة.
    <<... ولم تهتف محامية لعاشقها الغريب هنا: تعال مللت هذا الشغل يغري كل شيء بالخروج الى الشوارع>> (من قصيدة كلام الليل)..
    وذاكرة القيسي النصية ممتلئة بأسماء الشوارع والمقاهي التي ارتادها مع حبيبته، يذكرها باسمها الغربي او العربي: <<هل ذهب القطار بنا الى CRAWLEY>>؟ و<<صباباتنا في جزيرة JERSY>> و<<حمائم SOHO الأليفة>> و<<الليالي الغزيرة في HANSON STREET>>... وهذه هي على العموم بعض تفاصيل سيرة القيسي الشعرية، في قصائد <<أيقونات صفية>>.
    هناك أخيرا قصيدة واحدة قد تشي بأن صفية غادرت او رحلت... هل ماتت؟ يقول في قصيدة <<كلام الليل>>: <<جفّ النهر.. لندن ليست لندن، والمحامية استقالت من وظيفتها الى ما سوف أمسك عنه فلأنطق وأقول لي: يكفي...>>.
    <<... ويكفي أن قبرك فيّ ينتقلُ
    وأن مكانك الأهداب والمُقلُ>>... الخ.
    فيأتي الكلام والنشيد الأخير بمثابة مرثية.
    الوجه الآخر للسيرة
    في الوجه الآخر لسيرة <<الأيقونات والكونشرتو>>، هناك الأمكنة المفتقدة. فالقصائد المكتوبة بين لندن وباريس، وعمّان وبغداد، هي قصائد من أماكن غير ثابتة لإقامة الشاعر... لكأنها محطات او معابر او ما يشبه المنافي على غرار ما هي أماكن قصائد محمود درويش شاعر المنفى الفلسطيني بامتياز، وسميح القاسم.
    اما الاماكن الأخرى الفلسطينية التي يكتب القيسي قصائده منها او إليها، مثل غزّة ورام الله والبيرة وجفنا ومخيم الحلزون وسواها، فأماكن قلقة، زاحلة، قيد التكوّن.. ولهذا تبدو كأنها متخيلة او على الأقل، أماكن غير ناجزة. ولهذا غالبا ما يعود الشاعر الى الذاكرة يستعين بها على صنع مدنه وقراه وأماكنه من جديد. إنه يستلّها من مخيلة الماضي، الى مخيلة الحاضر والمستقبل، مع ما في هذا الاستحضار من حنين وغنائية شبيهين بحنين وغنائية <<الوقوف على الأطلال>> لدى الشاعر العربي القديم:
    <<تغرق غزّة في البحر ولا برّ لها.. لا ساحل للأحلام وغزة عشاق منسيون مرايا منكسرة (من قصيدة أيقونة غزة).
    وربما جاءت الاستعارة جاهلية أحيانا لهذا السبب: <<لم أجد في المكان مكانا أليفا لحزن القطا>>.. (من قصيدة أيقونة شارع المكتبة). فهو كما يقول <<في المكان وخارجه>>. وكأنه يستعير مقولة ادوارد سعيد في كتابه السيرة <<خارج المكان>>.. والخروج الذي لا بد منه للقيسي، كما لإدوارد سعيد ومحمود درويش وسواهما من شعب مشرّد وحزين، كان خروجا حائرا بين الهجرة والتهجير، بين القصد والضرورة، بين الاختيار والطرد. لذا تحوّل هذا الخروج بالنسبة لهؤلاء لطريق من طرق المعرفة.. معرفة الذات والآخر، وسبيل من سبل الوصول الى الوطن عن طريق المنافي. ولا يغيب هذا المعنى عن القيسي فيقول في قصيدة <<أيقونة الخروج>>:
    <<وخرجت لأعرفني وأرى>>.. وفي هذه الدوامة من الحنين والتذكار والحيرة، تتدخل عدة شعر وجداني لا بد منها: تذكار الأمّ (حمدة) واستدعاؤها في أكثر من موقع من القصائد، أشياء وأماكن الطفولة وذكرياتها، الغنائية التي يغرق فيها عمل القيسي بكامله، وعنوانه هو هذا <<غنائيات>>... <<الأيقونات والكونشرتو>>.. ما يذكّر بكمنجات محمود درويش. فهؤلاء الشعراء الفلسطينيون هم <<مرضى الغنائية>>، ونتيجة اختلال الحياة وعلّتها كما يقول القيسي:
    <<ومذ ذاك كنت فقدت الرضى، ورأيت اختلال الحياة وعلّتها (من قصيدة أيقونة جفنا). ففي قصائدهم روائح شتات وأنين، ويظهرون على صورة أرواح تحتاح لمن يسندها في هذا العالم... أرواح واهية كقشّة وضعيفة كخيط...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de