|
المقامة الاهداء للاستاذ السر احمد قدور
|
حدث ود الطيب قائلا : خرجتُ ذات صباح أشتري رغيفا ؛ فلقيتُ رجلا سخيفا ؛ قد اجتمع باثنين آخرين على مثاله ؛ و( الطير يقع على أشكاله ) ؛ قد وقفوا نتظارا لدورهم وكنتُ قد وقفتُ في خط سيرهم ؛ فأُجبرتُ على الاستماع إليهم ؛ وفي قلبي ( ما الله به عليمٌ ) عليهم ؛ إذ كانوا يصطرخون في مضمون ؛ أحسبهم جميعا يدرون أنهم به لا يدرون* ؛ فهو لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولا يسكن له روع . ومن عجبٍ ؛ يتحادثون في نفس الوقتِ ؛ في نبرةٍ قد حشيتْ بمقتِ ؛ فلا أدري – والله – كيف لبعضهم يستمعون ؛ حتى يظهر الحقُ فيرجعون ؟! ومابرح كشاف عقلي أن أضاء ؛ يبحثُ في هذه الضوضاء عن لفظٍ سديد وعقلٍ رشيد ؛ فيفض النزاع بحكم السويّة ؛ فإذا ثلاثتهم يكشف عن ساق القدسية ؛ كلٌ يحسبُ أن أحسن الأقوال ما قال ، وأصوب الرأي ما إليه مال ، ولسان الحال ناطقٌ بمقال : (رُفعت الأقلام وجفت الصحف ) فكيف لأحدهم أن يكف ؟! فلما رأيت انعدام النية في إنهاء القضية ، لففتُ العمامة *، وآثرت الابتعاد مع السلامة ؛ وإذ بالزحام ينفض من بين أيديهم ومن خلفهم ، والعميان مايزالون في أماكنهم ؛ فاندفعتُ أشق بينهم آخذا رغيفي مرددا : ( قد علم كل أناسٍ مشربهم ) .. قال ود المقبول: حمدا لله على سلامتك ، وأكرمك الله بجميل رفقتك ؛ فتلك قدسية ممقوتة وسلبية في أعين القبح منحوتة ؛ رزقني الله وإياك الرفقة الصالحة ، ونفعنا منهم بالناصحة
|
|
|
|
|
|